إشكال التنفيذ في الأحكام الجنائية – بحث قانوني نابغ

إشكال التنفيذ في الأحكام الجنائية – بحث قانوني نابغ

 

تمهيد:-
نص المشرع على الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي في المواد 524 : 527 من قانون الإجراءات الجنائية.
فالمادة 524 حددت المحكمة التي تختص بنظر الإشكال فنصت على أن:-
“كل إشكال من المحكوم عليه في التنفيذ يرفع إلى محكمة الجنايات إذا كان الحكم صادراً منها – وإلى محكمة الجنح المستأنفة فيما عدا ذلك وينعقد الاختصاص في الحالتين للمحكمة التي تختص محلياً بنظر الدعوى المستشكل في تنفيذ الحكم الصادر فيها”
– ثم جاءت المادة التالية لها المادة 525 من قانون الإجراءات الجنائية وبينت إجراء رفع الإشكال وطرقه والنظر فيه فجاء نصها كما هو آت:-
“يقدم النزاع إلى المحكمة بواسطة النيابة العامة على وجه السرعة، ويعلن ذوو الشأن بالجلسة التي تحدد لنظره وتفصل المحكمة فيه في غرفة المشورة بعد سماع النيابة العامة وذوي الشأن وللمحكمة أن تجري التحقيقات التي ترى لزومها. ولها في كل الأحوال أن تأمر بوقف التنفيذ حتى يفصل في النزاع وللنيابة العامة عند الاقتضاء وقبل تقديم النزاع إلى المحكمة أن توقف تنفيذ الحكم مؤقتاً”
* وتوالت المادة 526 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء نصها:
“إذا حصل نزاع في شخصية المحكوم عليه يفصل في ذلك النزاع بالكيفية والأوضاع المقررة في المادتين السابقتين 524، 525 إجراءات جنائية”
* وتضمنت المادة 527 إجراءات جنائية النص على الإشكال في تنفيذ الأحكام المالية على مال المحكوم عليه في حالة نشوب النزاع من غير المحكوم عليه فنصت:
“في حالة تنفيذ الأحكام المالية على أموال المحكوم عليه إذا قام النزاع من غير المتهم بشأن الأموال المطلوب التنفيذ عليها يرفع الأمر إلى المحكمة المدنية طبقاً لما هو مقرر في قانون المرافعات”( )

تقسيم البحث
الفصل الأول: ماهية الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي وتكيفه القانوني:
– المبحث الأول: ماهي الإشكال في التنفيذ.
– المبحث الثاني: السند والتكييف القانوني للإشكال في التنفيذ.
– المبحث الثالث: الفرق بين الإشكال وما يتشابه معه.

الفصل الثاني: أسباب الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي:
– المبحث الأول: أسباب الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي من حيث قوته التنفيذية.
– المبحث الثاني: أسباب الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي المتعلقة بنطاقه وإجراءاته.

الفصل الثالث: إجراءات إشكال وقف تنفيذ الحكم الجنائي:
– المبحث الأول: المحكمة المختصة بنظر الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائية.
– المبحث الثاني: شروط قبول إشكال تنفيذ الحكم الجنائي.
– المبحث الثالث: إجراءات رفع الإشكال.
– المبحث الرابع: الأثر القانوني المترتب على رفع الإشكال.

الفصل الرابع: الحكم في الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي:
– المبحث الأول: القضاء بالحكم في الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي.
– المبحث الثاني: حجية الحكم الصادر بالإشكال في التنفيذ.
– المبحث الثالث: الطعن في الحكم الصادر في الإشكال وطرق الطعن فيه.

كلمات خالدة
تعلمنا من تقاليدنا أن القضاء هو أمننا وحصننا الحصين ولقد ظل في مصر حتى الآن أملنا وحصننا وهو في ذات الوقت أمان للحكم وحصوله
. أحمد الخواجة .. نقيب المحامين
إن المحاماة وطن
وطعن معنوي تحده وتحوطه قيم الاستقلال والعزة بالله والأمانة والشرف وبأس المواجهة مع الظالمين.
النقيب سامح عاشور .. المحامي بالنقض .. نقيب المحامين
إذا وازنت بين عمل القاضي والمحامي لوجدت أن عمل المحامي أدق وأخطر لأن مهمة القاضي هي الوزن والترجيح أما مهمة المحامي فهي الخلق والإبداع والتلوين.
المستشار عبدالعزيز باشا فهمي رئيس محكمة النقض 1931م
المحاماة هي فن راقي يعزف به المدافع على أوتاره لتحقيق غاية العدالة التي هي من شريعة العدل الذي أوصانا به المولى سبحانه وتعالى.
أحمد شاهر عاشور
المحامي

الفصل الأول: ماهية الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي وسنده القانوني.
المبحث الأول: ماهية الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي
* ماهية الإشكال في التنفيذ: هو نزاع في شأن القوة التنفيذية للحكم من حيث وجود هذه القوة أو من حيث الكيفية التي يتعين أن يجري على نحوها التنفيذ( ).
– ويتضح: من هذا التعريف أن المجال الذي يتبلور فيه الإشكال في التنفيذ هو إجراءات تنفيذ الحكم من حيث جوازها وصحتها، وبناء عليه فإنه لا مجال للإشكال في التنفيذ بصحة الحكم في ذاته أو تفسيره ومن باب أولى – لا شأن للإشكال في التنفيذ بصحة الإجراءات السابقة على الحكم وبمعنى آخر “هو تظلم من إجراء تنفيذ الحكم مبناه وقائع لاحقة على صدور الحكم تتصل بإجراء تنفيذ الحكم( ) وليس هو من طرق الطعن في الأحكام”.

المبحث الثاني: السند والتكييف القانوني للإشكال في التنفيذ
– وسنده القانوني هو حرص المشرع على تنفيذ الأحكام على الوجه المطابق لصحيح
القانون ويتضمن بالتالي تنفيذه على الوجه الذي عنته وقصدته المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم( ).
– وأهمية ذلك تبدو في أنه إذا كانت غاية الدعوى أن يصدر فيها حكم بات فاصل في موضوعها هو أدنى ما يكون إلى الحقيقة القانونية والموضوعية فإن هذه الغاية تكمن في تنفيذ الحكم على الوجه الصحيح المطابق للقانون وبمعنى آخر:- فإن سند نظام الإشكال هو ضمان أن تنقضي الدعوى بحكم صحيح من حيث تنفيذه.

* التكييف القانوني الإشكال في التنفيذ:
الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي هو ذو طبيعة قضائية فقد أسنده المشرع وجعله من اختصاص القضاء وحدد إجراءات قضائية لرفعه وجعل فصله بحكم قضائي يقبل الطعن وله حجيته وقوة الأحكام( ).
– والتكيف الصحيح للإشكال في التنفيذ أنه مرحلة من مراحل الدعوى الجنائية، فإذا سلمنا بأن الدعوى لا تبلغ غايتها إلا بتنفيذ الحكم تنفيذاً صحيحاً مطابقاً لصحيح القانون فإن ذلك الإشكال يهدف إلى الفصل في صحة التنفيذ وهو وسيلة لضمان سير الدعوى في إجراءاتها الأخيرة على الوجه المطابق لصحيح القانون وقد قام قضاء محكمتنا العليا بناء على ما سبق بأن الإشكال في التنفيذ يعتبر من إجراءات المحاكمة “الدعوى” فإنه يقطع تقادم الدعوى الجنائية( ).
– وعليه يختلف الإشكال بطبيعته القضائية عن العقبات المادية التي يضعها المحكوم عليه أو غيره في طريق تنفيذ الحكم ذلك أن النيابة العامة بوصفها السلطة المخولة قانوناً بتنفيذ العقوبات أن تتخطى هذه العقبات بالقوة الجبرية مباشرة دون حاجة إلى تدخل قضائي ولذلك نصت المادة 462 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه “على النيابة العامة أن تبادر إلى تنفيذ الأحكام الواجبة التنفيذ الصادرة في الدعوى الجنائية ولها عند اللزوم أن تستعين بالقوة العسكرية مباشرة”
ولم يرسم القانون لذلك شكلاً خاصاً كصدور أمر كتابي أو تحرير طلب بضبط المحكوم عليه أو نحوه( ).

المبحث الثالث: الفرق بين الإشكال في التنفيذ وما يتشابه معه
1- الفرق بين الإشكال في التنفيذ وبين الطعن في الحكم:
حدد القانون طرق العطن في الأحكام وبينها حصراً وليس الإشكال من فيها وإنما هو تظلم من إجراء تنفيذ الحكم( ).
– والفرق الأساسي فيهما يتعلق بموضوع كل منهما فموضوع الإشكال في التنفيذ هو
إجراءات تنفيذ الحكم ، أما موضوع الطعن فهو الحكم ذاته والإجراءات التي استند إليها ذلك الحكم( ).
– وقد أصلت محكمة النقض هذا الفارق في قولها :
“على أن الإشكال في التنفيذ هو نعي على التنفيذ لا على الحكم”
(نقض 14/3/1967 مجموعة أحكام النقض س 18 رقم 79 ص 422، ونقض 4/3/1981م س 32 رقم 34 ص 214)
– وعلى هذا لا يجوز أن يستند الإشكال في التنفيذ إلى أسباب تعيب الحكم في ذاته كما لو كانت المحكمة غير مختصة ويرد على هذا الأصل تحفظ فتجوز أن يحتوي الإشكال على إنعدام الحكم إذ يعني ذلك عدم وجود سند قانوني للتنفيذ مما يؤثر على صحة إجراءات التنفيذ.
ويترتب على ذلك أن اختصاص محكمة الإشكال لا يجوز أن يمتد إلى تقدير صحة الحكم ولا يجوز لها أن تستمد من الاعتبارات التي تتصل بصحة الحكم مبررات لقبول الإشكال أو رفضه استناداً لذلك الإشكال.
* ويترتب على التفرقة أنه إذا كان الإشكال مرفوعاً من المحكوم عليه تعين أن يكون سنده واقعة لاحقة على صدور الحكم وصيرورته باتاً ذلك أنه إذا كان ما يستند إليه المستشكل هو واقعة سابقة على صدور الحكم فقد كان بوسعه أن يثير ذلك أثناء نظر الدعوى.
– أما إذا كان الإشكال مرفوعاً من غير المحكوم عليه فإنه يجوز أن يستند إلى واقعة سابقة على صدور الحكم أو سابقة على صدوره باتاً ذلك لأنه لم يكن هذا الغير طرفاً في الدعوى التي صدر فيها ذلك الحكم فلم يتمكن من إبداء دفوعه ولم يمكن من الطعن في الحكم.

2- الفرق بين الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي وتفسير الحكم:
الفرق بين تفسير الحكم والإشكال في التنفيذ تضمنته المادة 192 من قانون المرافعات والاختلاف بينهما فموضوع التفسير / هو تحديد قصد المحكمة من منطوق حكمها، وهو ما يفترض أنه قد شابه الغموض أو الإبهام.
– أما الإشكال فموضوعه / القوة التنفيذية للحكم وإجراءات تنفيذه وهو ما يفترض التسليم بوضوح المنطوق.
– ومن المتصور مع ذلك اجتماع طلب التفسير والإشكال وقد تختص بهما محكمة واحدة بنظرهما.
3- الإشكال الوقتي والإشكال القطعي:
الإشكال الوقتي: هو الذي يهدف إلى إيقاف تنفيذ الحكم مؤقتاً حتى يفصل في النزاع على وجه بات في موضوع الدعوى.
أما الإشكال القطعي: فهو يهدف إلى إيقاف تنفيذ الحكم على وجه نهائي وقد يثار على الرغم من صدور حكم بات في الدعوى.
* ويختلف نوعا الإشكال من حيث سند كلاً منهما:
– فسند الإشكال الوقتي واقعة عارضة كما لو كان الحكم لم يصير واجب النفاذ أو أصيب المحكوم عليه بالجنون.
وسند الإشكال القطعي واقعة لن يعرض لها تعديل كما لو استند إلى إنعدام الحكم أو استغرق مدة الحبس الاحتياطي مدة العقوبة المقررة أو مضى مدة إيقاف التنفيذ دون إلغاؤه( ).
ويكون للحكم الصادر في الإشكال القطعي حجية دائمة.

الفصل الثاني: أسباب الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي.
* تمهيد وتقسيم: ترد أسباب الإشكال في التنفيذ كافة إلى عدم جوازه بناء على القانون، سواء في ذاته أو من حيث الكيفية التي تراد بها إجراءاهُ بها.
ويعني ذلك: أن أسباب الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي تنقسم إلى قسمين:
أسباب تتعلق بالحكم في ذاته من حيث صلاحيته سنداً تنفيذاً قانونياً للتنفيذ أي من حيث قوته التنفيذية، وأسباب تسلم بصلاحية الحكم سنداً للتنفيذ – ولكن تجادل في صحة إجراءات التنفيذ.

المبحث الأول: أسباب الإشكال في التنفيذ من حيث قوته التنفيذية
لكي يقوم التنفيذ فلابد من حكم؛ تتضمنه القوة التنفيذية وبناء عليه فإذا لم يوجد حكم أو وجد ولكن لم تكن له القوة التنفيذية – كان التنفيذ غير مقبول قانوناً؛ ومؤدى ذلك أن يعتبر سبباً للإشكال في التنفيذ؛ وإن كان له وجوده القانوني إلا أنه ليست له القوة التنفيذية.
– عدم وجود حكم يصلح سنداً قانونياً للتنفيذ:
وهي أبرز الصور عدم وجود الحكم الإدعاء بأن الحكم الذي يراد تنفيذه هو “حكم منعدم”( ). فالحكم المنعدم ليس له وجود قانوني ولو كان طرق الطعن فيه قد انقضت مواعيدها أو استنفذت ومن ثم فإن الإدعاء به أي بانعدامه يصلح سبب للإشكال في تنفيذه( ).
ويندرج تحت هذه الحالة وجود الحكم إذا كان الحكم موجوداً ولكنه زال بعد ذلك من الوجود قانوناً وتندرج في تلك الحالة فروض عدة:
(1) إذا صدر حكم غيابي من محكمة الجنايات في جناية ثم حضر المحكوم عليه أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة بطل حتماً هذا الحكم “المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية” ويعني بطلان الحكم انتفاء وجوده القانوني فإذا فرضنا بعد حضور المحكوم عليه أن أبقته المحكمة مطلق السراح أو افترضنا أنه بعد القبض عليه أفرجت المحكمة عنه مؤقتاً ثم أريد تنفيذ ذلك الحكم عليه كان التنفيذ غير ذي سند قانوني وصلح ذلك سبباً للإشكال.
(2) إذا صدر حكم غيابي في جنحة أو مخالفة ثم لم يعلن بها في خلال المدة المقررة لتقادم الدعوى الجنائية انقضت الدعوى وزال الحكم باعتباره آخر إجراءاتها( ) وكان التنفيذ لا يرتكن إلى سنده القانوني وصلح ذلك سبباً للإشكال.
(3) إذا صدر حكم يقبل الطعن، وكان ذلك قابلاً للتنفيذ المعجل فإنه إذا ألغي بناء على هذا الطعن فيه، ثم أريد تنفيذه كان التنفيذ في هذا الحالة غير مجد وبدون سنده القانوني وصلح ذلك للإشكال.
(4) ما نصت عليه المادة (557) من قانون الإجراءات الجنائية في قولها : “إذا كانت القضية منظورة أمام محكمة النقض ولم يتيسر الحصول على صورة الحكم تقضي المحكمة بإعادة المحاكمة متى كانت الإجراءات المقررة للطعن قد استوفيت” ويعني قضاء النقض بإعادة المحاكمة زوال الحكم الذي كان قد سبق صدوره بناء على صورته الأصلية بدون صورة رسمية منها فإذا أريد تنفيذه كان التنفيذ على غير ذي سند قانوني وصلح ذلك سبباً للإشكال في التنفيذ( ).
* إنتفاء القوة التنفيذية عن الحكم:
وهذه الحالة تتطلب وجود حكم صحيح ولكنه غير ذي قوة تنفيذية فهو بناء على ذلك لا يصلح سنداً قانونياً للتنفيذ.
* وتتضمن هذه الحالة فروض عدة:
[1] قد يكون الحكم صالحاً في ذاته لاكتساب القوة التنفيذية؛ ولكنه لم يكتسبها بعد فيكون التنفيذ بذلك سابقاً على لحظة اكتسابه قوته التنفيذية ومن ثم يكون تنفيذاً غير مطابق لصحيح القانون وأجلى مثال لذلك: أن يكون الحكم قابلاً للطعن بالمعارضة أو الاستئناف ولم تنقضي مواعيده ولم تتوافر حالات التنفيذ المعجل.
[2] أن تكون للحكم قوته التنفيذية ولكنها معلقة على شرط ونعني بذلك حالات الحكم بالعقوبة مع إيقاف التنفيذ وفقاً لنصوص المواد “55 : 59 من قانون العقوبات” فإذا أريد تنفيذ هذه العقوبة كان للمحكوم عليه أن يستشكل في التنفيذ استناداً إلى إيقاف قوته التنفيذية.
[3] أن تكون للحكم قوته التنفيذية ولكنها زالت عن قضاء غير جائز التنفيذ – ومثاله : الحكم المشمول بإيقاف التنفيذ إذا مضت مدة الإيقاف دون إلغاؤه إذ لا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم كأن لم يكن “المادة 59 من قانون العقوبات”
وما تضمنته المادة الخامسة من قانون العقوبات م 5/2 :
“إذا صدر قانون بعد حكم نهائي يجعل الفعل المجرم الذي حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم وتنتهي بذلك أثاره الجنائية”
وتطبيقاً لذلك ما نصت عليه المادة 4 من قانون المحكمة الدستورية العليا فإذا أعقب صدور الحكم بالعقوبة وصيرورته واجب النفاذ أن صدر حكم بعدم دستورية نص التجريم الذي طبق على الجاني فإن هذا الحكم يزول وتزول آثاره وقوته التنفيذية وصح ذلك سبباً للإشكال في تنفيذه.

المبحث الثاني: أسباب الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي المتعلقة بنطاقه وإجراءاته
نطاق التنفيذ:
يستند الإشكال في التنفيذ إلى نوع العقوبة التي يراد بها ومثاله : أن يستشكل المحكوم عليه بعقوبة الحبس أو السجن مدعياً أنه يراد التنفيذ عليه بعقوبة الأشغال الشاقة أو أن يستشكل المحكوم عليه بالغرامة مدعياً أنه يراد التنفيذ عليه بمصادرة مال معين.
وقد يستند إلى نزاع حول مقدار العقوبة مثاله : أن يدعي المحكوم عليه بالعقوبة السالبة للحرية أنه يراد التنفيذ بمدة تجاوز ما يجب التنفيذ به كأن يدعي أنه لم يحصل خصم من مدة العقوبة المحكوم بها مدة الحبس الاحتياطي أو لم تطبق قاعدة جب الإشغال الشاقة بمقدار مدتها مدة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها تطبيقاً للمادة 35 من قانون العقوبات، أو أنه يراد التنفيذ عليه عند تعدد العقوبات المحكوم بها بما يجاوز الحد الأقصى الذي قررته المادة 36 من قانون العقوبات.
إجراءات التنفيذ:
قد لا يجادل المستشكل في نطاق التنفيذ فيسلم بنوع ومقدار العقوبة ولكنه يدعى بطلان إجراءات التنفيذ التي تتخذ ضده وأهم صور ذلك ما يأتي:
1- الحالة الأولى : النزاع حول شخصية المحكوم عليه:
نصت المادة 526 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه :
“إذا حصل نزاع في شخصية المحكوم عليه يفصل في ذلك النزاع بالكيفية والاوضاع المقررة في المادتين السابقتين ويفترض هذا السبب الإشكال إدعاء المستشكل أنه غير المحكوم عليه في الحكم وأهمية ذلك تكمن في مبدأ شخصية العقوبة”
والفرض في المحكوم عليه أنه المتهم الذي اقترف ذلك الجرم تطبيقاً لمبدأ “تقيد المحكمة بشخص المتهم المادة 307 إجراءات جنائية” ولكن يقبل الإشكال في هذه الحالة إذا كان المنفذ ضده هو غير المتهم المعني بالحكم القضائي ولكن المعني به هو شخص آخر يشتبه معه في اسمه ولقبه. وهو ما عنته المادة 526 من قانون الإجراءات الجنائية.
2- الحالة الثانية : وجود سبب وجوبي لإرجاء التنفيذ:
في هذه الحالة قد يتوافر سبب يقره القانون لإرجاء تنفيذ العقوبة وجوباً أي ينص القانون وجوبياً وفي هذه الحالة يكون التنفيذ على الرغم من وجود هذا السبب مخالفاً للقانون ومن ثم صلح سبباً للإشكال ومثاله: إرجاء تنفيذ الحكم إذا كان المحكوم عليه بالإعدام أنثى وحبلى إذ يتعين إرجاء تنفيذ العقوبة حتى تضع تلك الحبلى حملها ويمضي شهرين من تاريخ الوضع (المادة 476 من قانون الإجراءات الجنائية) أو أن يصاب المحكوم عليه بالجنون إذ يجب أن يوقف تنفيذه حتى يشفى المادة (487 إجراءات جنائية) .
– أما أسباب الإرجاء الجوازية لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية وهي التي ورد النص عليها بالمواد (485، 486، 488) من قانون الإجراءات الجنائية فلا تصح سبباً للإشكال إذ أن القانون خول النيابة العامة سلطة تقديرية في تقدير إرجاء التنفيذ ومن ثم لا تكون إجراءات التنفيذ مخالفة للقانون إذا رأت النيابة العامة أنه لا محل للإرجاء.
3- الحالة الثالثة : مخالفة إجراءات التنفيذ للقانون:
إذا إدعى المحكوم عليه أن التنفيذ يتم بإجراءات مخالفة للقانون مثاله أن يدعى المحكوم عليه بالحبس البسيط أن لم يخول رخصة العمل خارج السجن على نحو ما قررته المادة 18 من قانون العقوبات، 179 من قانون الإجراءات الجنائية، وكذلك أن تدعى المحكوم عليها الحامل أنها لم تعامل معاملة المحبوسين احتياطياً على نحو ما تضمنت المادة 485/2 إجراءات جنائية.
أو أن يدعى المحكوم عليه بالعقوبة السالبة للحرية إنه لم يمنح أجراً لقاء عمله خلافاً لما نص عليه قانون تنظيم السجون المواد (25:28) أو يدعي أنه لم يفرج عنه بالرغم من انقضاء مدة عقوبته.
*لذلك نرى جواز أن يستند الاشكال في التنفيذ إلى أحد الأسباب ذلك أن تنفيذ العقوبة ذو طابع قضائي( ) بطبيعته وبغير ذلك الطابع ماكان المشرع قد عهد بالنظر في الإشكالات إلى القضاء ومن ثم ينبغي أن يكون لهذا القضاء إشراف على التنفيذ العقابي في النظاق الذي تثور فيه اشكالات التنفيذ( ).

الفصل الثالث : إجراءات إشكال وقف تنفيذ الحكم الجنائي:
تقسيم : بدراسة إجراءات الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائي لابد من تحديد المحكمة المختصة بنظر ذلك الإشكال وإجراءات رفعه، وأثره في إيقاف تنفيذ الحكم وسلطة المحكمة التي تنظر في ذلك الإشكال وعلى هذا المنوال نهتدي وبعد.

المبحث الأول: المحكمة المختصة بنظر اشكال تنفيذ الحكم الجنائي
النصوص القانونية:
– المادة 524 من قانون الإجراءات الجنائية “كل إشكال من المحكوم عليه في التنفيذ يرفع إلى محكمة الجنايات إذا كان الحكم صادراً منها وإلى محكمة الجنح المستأنفة فيما عدا ذلك وينعقد الاختصاص في الحالتين للمحكمة التي تختص محلياً بنظر الدعوى المستشكل في تنفيذ الحكم الصادر فيها”
– المادة 527 من ذات القانون سالف الذكر “في حالة تنفيذ الأحكام المالية على أموال المحكوم عليه إذا قام نزاع من غير المتهم بشأن الأموال المطلوب التنفيذ عليها يرفع الأمر إلى المحكمة المدنية طبقاً لما هو مقرر في قانون المرافعات”.
ومفاده في هذين النصين على أن المحكمة المختصة بنظر الإشكال في التنفيذ قد تكون المحكمة الجنائية وقد تكون المحكمة المدنية ونبين فيما يلي حالات اختصاص المحكمة الجنائية وحالات اختصاص المحكمة المدنية بنظر الإشكال :
– اختصاص المحكمة الجنائية المختصة بنظر الاشكال في تنفيذ الأحكام الجنائية:
اختصاص المحاكم الجنائية بنظر الإشكال في تنفيذ الأحكام الجنائية هو اختصاص أصيل إذ ثير تنفيذ هذه الأحكام منازعات ذات طابع جنائي ومن ثم يكون الوضع الطبيعي أن تختص المحاكم الجنائية . وتختص المحاكم الجنائية بنظر الإشكال في تنفيذ الأحكام الجنائية الصادرة عن المحاكم غير الجنائية إذا اختصت استثناءاً بالنظر في جريمة ومثالها الحكم الصادر في شأن جريمة الجلسات من المحكمة المدنية. المادتين “106، 107 من قانون المرافعات”
وإذا ثبت الاختصاص بنظر الإشكال في التنفيذ للمحاكم الجنائية فهنا يثار ويطرح تلك التساؤل بـ ما الضابط في تحديد المحكمة المختصة بنظر تلك الاشكال؟
جعل المشرع الاختصاص العام بنظر الإشكال لمحكمة الجنح المستأنفة فهي تختص بنظر الإشكال في تنفيذ أي حكم جنائي لم يجعل المشرع الاختصاص بنظره لمحكمة أخرى . وقد نص المشرع – إلى هذا الاختصاص العام على اختصاص لمحكمة الجنايات بنظر الإشكال في التنفيذ في المادة 524 من قانون الإجراءات الجنائية إذا كان الحكم صادراً منها أي من محكمة الجنايات فتكون هذه المحكمة مختصة بنظر الإشكال في الحكم الذي أصدرته.
أي أن محكمة الجنح المستأنفة صاحبة اختصاص عام ومحكمة الجنايات صاحبة اختصاص خاص في حالة صدور الحكم المستشكل فيه منها”
– وحدد المشرع المحكمة المختصة محلياً بنظر الإشكال في التنفيذ فجعلها المحكمة التي تختص محلياً بنظر الدعوى والإشكال وهي التي أصدرت الحكم المستشكل في تنفيذه وتبدو أهمية ذلك في أنها الأقدر من سواها على الفصل في هذا الإشكال لأنها أكثر دراية به وهي الأقدر على الفصل في الإشكال وما يثوره من منازعات( ).
وتقرير اختصاص محكمة الجنايات يثور بعض الصعوبات فهذه المحكمة ليست ذات انعقاد دائم وإنما ينعقد في أدوار فإذا أثار الإشكال في التنفيذ فيما بين دوري انعقاد أي في وقت لم تكن فيه المحكمة منعقدة فإنه الغالب أن تكون إحدى المحكمتين الآخرتين في دور انعقادها فيمكن عرض الإشكال عليها وإن لم يكن أي من المحاكم في دور انعقادها . تعين عرض الإشكال في التنفيذ على محكمة الجنح المستأنفة باعتبارها صاحبة الاختصاص العام بنظر الإشكالات في التنفيذ.
– وبالإضافة إلى هذه القواعد العامة في تحديد المحكمة الجنائية المختصة بنظر الإشكال في التنفيذ فقد قرر المشرع قاعدة خاصة بالإشكال في تنفيذ الحكم الصادر من محكمة الأحداث إذا يختص به رئيس محكمة الأحداث التي يجري التنفيذ في دائرتها دون غيره “المادة 139 من قانون الطفل”
– اختصاص المحكمة المدنية بنظر الإشكال في تنفيذ الأحكام الجنائية:
تضمنت المادة 527 من قانون الإجراءات الجنائية اختصاص المحكمة المدنية بنظر الإشكال في تنفيذ بعض الأحكام الجنائية “في حالة تنفيذ الأحكام المالية على أموال المحكوم عليه إذا قام نزاع من غير المتهم بشأن الأموال المطلوب التنفيذ عليها يرفع الأمر إلى المحكمة المدنية طبقاً لما هو مقرر في قانون المرافعات”.
* ومفاد هذا النص أن يتطلب لاختصاص المحكمة المدنية بنظر الإشكال في تنفيذ الحكم الشروط الآتية:
[1] أن يكون الحكم مالياً: والحكم المالي هو حكم ينطق بجراء جنائي أو غير جنائي يتوجب تنفيذه تطبيق قواعد التنفيذ المدنية وهو الحجز الإداري والبيع الجبري وقد عرفته محكمة النقض بأنها( ) “الأحكام الصادرة بالغرامة أو ما يجب رده والتعويضات والمصاريف مما يراد تحصيله عن طريق التنفيذ على أموال المحكوم عليه وهو ذات التنفيذ الذي ينتهي إلى بيع الأموال المنفذ عليها للحصول على قيمة الأحكام المالية المنفذ بها”
– ويفترض هذا الشرط أن تنفيذ الجزاء النقدي يجري بطريقة التنفيذ المدنية وهي كما ذكر سلفاً الحجز والبيع الجبري – أما إذا جرى التنفيذ بطريق الإكراه البدني وهو طريقة تنفيذ جنائي بحت فإن الإشكال فيه يكون من اختصاص المحاكم الجنائية كاختصاص عام وأصيل( ).
[2] يشترط كذلك أن يكون الإشكال مرفوعاً من غير المحكوم عليه وفي هذا الشرط المفترض أن يدعي أن الغير يدعي لنفسه حقوق على أموال المحكوم عليه وأن يرى الغير لنفسه حقوقاً على هذه الأموال أما إذا أورد التنفيذ ابتداء على أموال غير المحكوم عليه كان ذلك نزاعاً في شخصية المحكوم عليه وتختص بنظره المحاكم الجنائية طبقاً للمادة 526 إجراءات جنائية.
[3] أن يكون الإشكال مرفوعاً من غير المحكوم عليه ويفترض في ذلك أن يدعي الغير لنفسه حقوقاً على أموال المحكوم عليه. وتشترط لقبول الإشكال أن يكون التنفيذ متعارضاً مع حقوق الغير أما إذا لم يكن للتعارض وجود فليست للغير مصلحة في رفع الإشكال( ).
– وتختص المحكمة المدنية كذلك بنظر الإشكال في تنفيذ الأحكام المدنية الصادرة عن المحاكم الجنائية، لأن تبعية الدعوى المدنية للجنائية أجلها أن يصدر حكم فيهما معاً وذلك لإقامة قضاء واحد واجب التوحيد فإذا أصدر الحكم في الدعوى المدنية كان له استقلا عن لحكم الفاصل في الدعوى الجنائية وينفذ بالطريق المدني ومن ثم يقتضي المنطق باختصاص المحكمة المدنية بالنظر في الإشكال في تنفيذ وما يشوبه من نزاعات( ).

المبحث الثاني: شروط قبول إشكال تنفيذ الحكم الجنائي
تمهيد: لابد من توافر شروط الدعوى ولأن الإشكال دعوى فلابد من توافر الصفة والمصلحة لدى المستشكل وأن يكون الحكم مما يجوز الإشكال في تنفيذه.
[1] الشرط الأول : الصفة في الإشكال:
خول المشرع رفع الإشكال للمحكوم عليه كما في المادة 524 إجراءات جنائية وكذلك لغير المحكوم عليه إذا حصل نزاع في شخصية المحكوم عليه “المادة 526 من قانون الإجراءات الجنائية” وفي حالة تنفيذ الأحكام والمبالغ المالية المحكوم بها على أموال المحكوم عليه “المادة 527 إجراءات جنائية” ويستنتج من ذلك أنه لم يخول النيابة العامة الإشكال في تنفيذ الحكم وتفسير ذلك أنه عهد إليها تنفيذ الأحكام الجنائية مما يعني أنه ألزمها بذلك الأمر الذي لا يستقي مع الاعتراف لها بصفة في الإشكال( ) وكذلك خولها في حالات إرجاء التنفيذ سواء كان وجوبياً أو جوازي ولها في ذلك السلطة التقديرية في الإرجاء مما يجعلها في غنى عن الإشكال في تنفيذه( ).
[2] الشرط الثاني : المصلحة في الإشكال:
لابد وأن يكون للمستشكل مصلحة عند رفع الإشكال وأن يكون من شأن التنفيذ الذي يجادل في صحته إهدار مصلحة له أو تهديدها بالخطر ولا عبرة بزوالها وقت النظر فإذا تثبت انتفاء المصلحة في الإشكال كان غير مقبولاً لنظره ومثالها/ أن يكون التنفيذ قد تم ولا عبرة لإعادة المال إلى ما كان عليه، أو صار الحكم باتاً.
ولكن اشتراط المصلحة لا يعني بالضرورة أن يكون تنفيذ الحكم قد بدأ فعلاً وإنما يكفي أن يكون تهددت.
[3] الشرط الثالث : أن يكون الحكم المستشكل فيه مما يجوز الإشكال في تنفيذه:
* ولابد من ثمة شرط عام وهو أن يكون الحكم المستشكل في تنفيذه صادراً من محكمة تتبع القضاء العادي وأن يكون قابلاً للطعن بإحدى الطرق المبينة قانوناً.
أما إذا كان الحكم المستشكل فيه صادراً من محكمة أمن الدولة طوارئ “فإن القضاء العادي لا يختص بنظر الإشكال في تنفيذه” ( ) لأنها جهة قضاء استثنائي.
* أما الشرط الخاص فهو يختلف تطبيقه باختلاف إذا ما كان الإشكال وقتياً أو قطعياً.
– فإذا كان الإشكال وقتياً أي يطلب به وقف تنفيذ الحكم مؤقتاً فإنه يشترط أن يكون ميعاد الطعن لم ينقضي أو يكون قد طعن فيه. فإذ انقضت مواعيد الطعن فإن الإشكال يكون غير مقبول.
– إما إذا كان الإشكال قطعياً كما لو كان مبناه انعدام الحكم أو انقضاء العقوبة فإن الإشكال جائز ولو كان الحكم قد صار باتاً إذ التنفيذ ممتنع في أي الأحوال.
ويجوز الإشكال في الحكم من غير المحكوم عليه ولو كان الحكم باتاً ذلك لأنه ليس له الطعن فيه( ).

المبحث الثالث: إجراءات رفع الإشكال
[1] إجراءات رفع الإشكال أمام المحكمة الجنائية:
نصت المادة “525 من قانون الإجراءات الجنائية” بقولها “يقدم النزاع إلى المحكمة بواسطة النيابة العامة على وجه السرعة ويعلن ذوو الشأن بالجلسة التي تحدد لنظره”
ومفاد هذا النص : أن يجب رفع الإشكال وتقديمه إلى النيابة العامة ويجب على النيابة العامة أن تحيله للمحكمة المختصة – على وجه السرعة وتعلن النيابة العامة ذوي الشأن بالجلسة التي تحدد لنظرها الإشكال في الحكم وليست للنيابة العامة سلطة تقديرية في الإحالة ومؤدى ذلك “أن سلطة التقرير بعدم قبول الإشكال هي المحكمة ولا يقبل تقديم الإشكال لقلم كتاب المحكمة إلا المحضر أو ممثل النيابة العامة أثناء إجراء التنفيذ ويعتبر الإشكال مرفوعاً من تاريخ تقديمه للنيابة ولم يشترط القانون حضور المستشكل شخصياً وإنما يكفي حضور وكيل عنه لإبداء وجهة نظره( ).
[2] إجراءات رفع الإشكال أمام المحكمة المدنية:
وهذه الإجراءات مغايرة تماماً لما سبق أمام المحاكم الجنائية ونصت المادة 527 إجراءات جنائية “على أن يرفع الإشكال إلى المحكمة المدنية طبقاً لما هو مقرر في قانون المرافعات” وقد بينت المادة 312( ) من قانون المرافعات طرق رفع الإشكال فنصت:
” إذا عرض عند التنفيذ إشكال كان المطلوب فيه إجراءاً وقتياً فاللمحضر أن يقف التنفيذ أو يمضي فيه على سبيل الاحتياط مع تكليف الخصوم في الحالتين أمام قاضي التنفيذ ولم بميعاد ساعة وفي منزلة عند الضرورة ويكفي حصول هذا التكليف في المحضر فيما يتعلق برافع الإشكال وفي جميع الأحوال لا يحق للمحضر أن يتم التنفيذ قبل أن يصدر القاضي حكمه”
ويستفاد من ذلك أن يرفع الإشكال في هذه الحالة أمام المحضر ويثبت بمحضره.

المبحث الرابع: الأثر القانوني المترتب على رفع الإشكال
تمهيد: الأثر الأهم الذي يترتب على رفع إشكال وقف تنفيذ الحكم الجنائي هو اتصاله بسلطة المحكمة المختصة به والتزامها تبعاً لهذا بالفصل فيه ولا يترتب على مجرد رفع الإشكال إيقاف تنفيذ الحكم المستشكل فيه وإنما لذلك سلطة تقديرية مقررة للمحكمة دون النيابة العامة.
– إنتفاء الأثر الموقف لرفع الإشكال:
ومن خلال مناظرة المادة 525 من قانون الإجراءات الجنائية يستنتج منها أن مجرد رفع الإشكال ليس من شأنه إيقاف تنفيذ الحكم وللمحكمة السلطة التقديرية في تقرير الإيقاف ولها أن تقرره من تلقاء نفسها وتستهدي المحكمة باعتبارين في استعمال هذه السلطة:
احتمال إلغاء الحكم المستشكل فيه بناء على الطعن، والضرر الذي يستحيل جبره إذا تم التنفيذ.
– ونصت المادة 525/2 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه “عند الاقتضاء وقبل تقديم النزاع إلى المحكمة أن توقف تنفيذ الحكم مؤقتاً” وتستعمل النيابة العامة هذه السلطة المخولة لها إذا قررت أن الانتظار إلى حين اتصال المحكمة بالإشكال وتقريرها إيقاف التنفيذ ينطوي على احتمال حدوث ضرر يستحيل إصلاحه وللنيابة تقرير الإيقاف بناء على طلب المحكوم عليه أو من تلقاء نفسها.
– سلطة المحكمة المختصة بنظر الإشكال:
قرر المشرع بعض القواعد المنظمة لنظر الإشكال تنعقد المحكمة في غرفة المشورة في غير علانية وتستمع لأقوال النيابة العامة وذوي الشأن وبصفة خاصة المستشكل أو من ينوب عنه وللمحكمة أن تجري التحقيقات التي ترى لزومها( ) وإذا رأت المحكمة التي تنظر الإشكال أن الفصل فيه يقتضي التفسير ولم تكن هي مختصة بالتفسير فلها أن توقف نظر الإشكال حتى يصدر حكم التفسير.
– التزام محكمة الإشكال باحترام حجية الحكم المستشكل فيه:
الإشكال بطبيعته القضائية لا يعني طريقاً للطعن في الحكم ولكنه كما أوضحنا سلفاً إنما يرد على تنفيذه ويتعين على محكمة الإشكال أن تسلم بصحة الحكم المستشكل فيه وقد قالت محكمة النقض في هذا الشأن “سلطة محكمة الإشكال محدودة بحدود طبيعة الإشكال نفسه الذي لا يرد إلا على التنفيذ بطلب وقفه مؤقتاً حتى يفصل في النزاع نهائياً من محكمة الموضوع وليس لقاضي الإشكال أن يتعرض للحكم فيه بالصحة والبطلان لما في ذلك مساس بقوة الأحكام( ).
وبناء على ذلك لا يجوز للمحكمة أن تفحص الأسباب السابقة على صدور الحكم المستشكل فيه لكي تستمد منه قضاؤها بوقف تنفيذه. ذلك أن المحكوم عليه باعتباره طرفاً في الدعوى كان بوسعه أن يعترض على ذلك أثناء نظر الدعوى الجنائية ويبدئ ما يشاء من دفوعه وأن يطعن عليه ومن ثم فلا وجه لأن تستند إليه محكمة الإشكال في قضاؤها( ) لأن الإشكال ماهو إلا نعي على التنفيذ لا على الحكم ذاته.
– أما إذا كان المستشكل غير المحكوم عليه (الغير): فإنه يجوز للمحكمة أن تستند إلى وقائع سابقة على صدور الحكم المستشكل فيه ذلك لأنه لم يكن طرفاً في النزاع ولم يكن بوسعه إثارة ذلك أمام محكمة الموضوع”.
ويتضح بذلك أن ما يجوز لمحكمة الإشكال أن تنظر فيه الأسباب التي يشير إليها الإشكال في التنفيذ ذاته ويجوز لها أيضاً النظر فيما يثوره المستشكل من اعتبارات الضرورة التي تمثل خطر جسيم يتعذر تداركه إذا تم تنفيذ الحكم على الوجه الذي لا يطابق القانون ويقضي إلى ضرر يستحيل إزالته( ).

الفصل الرابع : الحكم في الإشكال في تنفيذ الحكم الجنائية:
تقسيم : تقتضي دراسة الحكم الصادر في الإشكال في التنفيذ الوقوف على شروط صحة الحكم الصادر في الإشكال وما يقضي به وحجيته – وطرق الطعن في الحكم الصادر بالإشكال.

المبحث الأول: القضاء بالحكم في الإشكال في التنفيذ وشروط صحته
أولاً: يشترط في الحكم الصادر في الإشكال أن يخضع للقواعد العامة التي تتبعها كل الأحكام( ) فيشترط أن يصدر في جلسة علنية وبعد مداولة قانونية وبأغلبية آراء قضاة المحكمة وأن يكون مسبباً وأن يوقع عليه في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور الحكم في الإشكال( ).
ويقضي الحكم الصادر في إشكال وقف تنفيذ الحكم الجنائي بعدم قبوله شكلاً إذا لم تتوافر شروط قبوله كما لو كان المستشكل غير ذي صفة أو غير صاحب مصلحة أو كان الحكم مما لا يجوز الإشكال فيه.
وقد يقضي الحكم في الإشكال بعدم الاختصاص إذا كانت المحكمة التي رفع الإشكال أمامها غير مختصة كما لو رفع الإشكال المختصة بنظره المحكمة المدنية أمام المحاكم الجنائية كما هو مقرر في المادة 527 إجراءات.
– وقد يقضي الحكم برفض الإشكال موضوعاً إذا ثبت عدم صحة السبب الذي استند إليه كما لو إدعى المستشكل أنه مجنون ومن ثم إرجاء التنفيذ حتى يبرأ أو ادعى أن مدة الحبس الاحتياطي قد استغرقت مدة العقوبة ثم ثبت للمحكمة عدم صحة هذا الإدعاء.
وقد يقضي الحكم في الإشكال بقبوله ويتخذ صور القبول إحدى صور ثلاث:
– فيقضي الحكم في الإشكال بإيقاف التنفيذ مؤقتاً إذا كان الحكم المستشكل في تنفيذه مازال قابلاً للطعن أو طعن فيه بالفعل وكان طلبه إيقاف التنفيذ لحين الفصل في الطعن لإحتمالية إلغاؤه أو اعترضت عليه عقبة مؤقتة كجنون المحكوم عليه أو الحمل عند الحكم على الحبلى بالإعدام.
– وقد تقضي المحكمة المختصة بنظر الإشكال بعدم جواز التنفيذ إذا ثبت إنعدام الحكم المستشكل فيه تنفيذه أو زالت عنه قوته التنفيذية بوجه نهائي كانتهاء العقوبة أو القانون الأصلح للمتهم أو عدم الدستورية.
وقد تقضي محكمة الإشكال بتعديل التنفيذ إذا كان المستشكل يقتصر على إثارة النزاع حول نوع العقوبة أو مقدارها أو الإجراءات التي تتبع في تنفيذها إذ تقضي بتعديل التنفيذ بحيث يصير على الوجه المطابق للقانون.

المبحث الثاني: حجية الحكم الصادر في الإشكال في التنفيذ
الحكم الصادر بالإشكال له حجية الأحكام الوقتية فلا يجوز للمحكمة الرجوع فيه طالما لم تتغير الأوضاع التي أصدرت فيها حكمها وللمستشكل إقامة إشكالاً جديداً غير للسبب في الإشكال الأول لأن رفض الإشكال الأول هو رفض السبب الذي استند إليه.
أما إذا كان الحكم في الإشكال القطعي أي كان مستنداً لسبب دائم كانعدام الحكم لإلغاء نص التجريم فإنه يجوز حجية دائمة أمام المحكمة التي أصدرته( ).
وليس للحكم الصادر في الإشكال حجية إزاء المحكمة التي تنظر الطعن في الحكم ولا يقصد به المحكمة( ).

المبحث الثالث: الطعن في الحكم الصادر في الإشكال في التنفيذ
يخضع الطعن في الحكم الصادر في الإشكال في التنفيذ للقواعد العامة للطعن بالأحكام ولما كان الأصل جواز الطعن في جميع القانون في جميع الأحكام مالم يقيد القانون هذا الأصل بنص خاص ولابد من توافر شروط الصفة والمصلحة لدى الطاعن ورفع الطعن بالإجراء الذي يحدده القانون وخلال الميعاد الذي يحدده.
والضابط في تحديد قابلية الحكم في الإشكال بالطعن بطريقة معينة هو بالرجوع إلى الحكم المستشكل فيه من حيث قابليته للطعن بطريقة معينة فإذا كان الحكم المستشكل فيه يقبل الطعن بهذا الطريق كان الحكم في الإشكال قابلاً للطعن فيه.
– وإن كان الحكم المستشكل فيه لا يقبل الطعن فبالمقابل فإن الحكم بالإشكال لا يقبل بدوره الطعن وقد وضعت هذه القاعدة محكمة النقض بقولها “من المقرر أن الحكم الصادر في الإشكال يتبع الحكم الصادر في موضوع الدعوى الجنائية من حيث جواز أو عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض”( ).
وإذا ألغى الحكم المستشكل فيه بناء على الطعن ترتب على ذلك عدم قبول الطعن في الحكم الصادر بالإشكال تبعاً له ذلك أنه قد ألغى السند التنفيذي، فلم يعد للتنفيذ بناء على ذلك محل وبالتالي فلا يكون للإشكال في تنفيذ وجه( ).
ونحن نرى أنه إذا كان الحكم المستشكل فيه قد قضى بعدم جوازه أو قضى بعدم قبوله أو رفض الطعن في الحكم المستشكل فيه فبالتالي يبنى عليه عدم قبول الطعن بهذا الطريق في الحكم في الإشكال في تنفيذ هذا الحكم وقد طبقت محكمة النقض هذه القاعدة فقالت “إذا كان الطعن بالنقض في الحكم المستشكل في تنفيذه قد انتهى القضاء برفضه، فإنه لايكون ثمة وجه لنظر الطعن في الحكم الصادر في الإشكال لعدم الجدوى منه بصيرورة الحكم المستشكل فيه نهائياً وباتاً”( ) وبالتالي لا يكون للإشكال في تنفيذه وجه مبرر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *