السرقة في الطريق العام في ضوء القانون العراقي

السرقة في الطريق العام في ضوء القانون العراقي.

من جرائم السرقة التي شدد عقوبتها المشرع العراقي وعاقب عليها بالسجن المؤبد او السجن المؤقت هي جريمة السرقة التي تقع على شخص في الطريق العام خارج المدن او القصبات او في قطارات السكك الحديدية او غيرها من وسائل النقل البرية او المائية حال وجودها بعيداً عن العمران، اذا ما اقترنت باحدى الحالات الأتية:

1ـ اذا حصلت السرقة من شخصين فأكثر بطريق الاكراه.

2ـ اذا حصلت السرقة من شخصين فأكثر وكان احدهم حاملاً سلاحاً ظاهراً أومخفياً.

3ـ اذا حصلت السرقة من شخص يحمل سلاحاً ظاهراً او مخفياً بين غروب الشمس وشروقها او بطريق الاكراه او التهديد باستعمال السلاح.

وتكون عقوبة هذه الجريمة الاعدام اذا كان الفاعل قد عذب المجني عليه او عامله بمنتهى القسوة (المادة 441 عقوبات)(1).

وهكذا نلاحظ ان المشرع العراقي قد أولى عناية خاصة بهذه الجريمة التي لا تهدد شخص المجني عليه فحسب بل تقوض صرح الطمأنينة والسلامة العامة التي غالباً ما ينقطع فيها العون ويتعذر على الناس استغاثة الملهوف، وهذا مما يدل على خطورة الجاني الذي يغتنم فرصة انفراد المسافر بعيداً عن الناس وعن رجال الشرطة. وقد ساوى المشرع في الحكم بين الطرق العامة البرية وبين الطرق المائية والقطارات وكل وسائل النقل البرية(2).

ولا يشترط ان ترتكب هذه الجريمة من غير المسافرين، بل يمكن ان يكون الجاني احد المسافرين وارتكب هذه الجريمة بشروطها القانونية.    ولكي يعتبر الطريق العام عاماً لا يشترط فيه ان يكون مبلطاً أو معروفاً أو من الطرق التي تسلك عادة، انما الطريق العام كل طريق يسلكه المرء للوصول الى مقصده بعيداً عن المدن والقصبات والطرق حيث تنقطع سبل الاغاثة.

ولا فرق كذلك ان تكون هذه الطرق في البراري أو الجبال او الصحراء. وقد حدد قانون العقوبات المصري الطرق العامة في اعمال المادة (315) منه شارحاً تعريف هذه الطرق ويقصد بالطرق العامة الطرق الواقعة بين المدن والقرى لربطها بعضها ببعض وكذلك الطرق الواقعة داخل المدن والقرى التي تندرج تحت مفهوم الشوارع والحواري، فالطريق العام بهذا المعنى يتصرف الى أي طريق مسموح بالمرور فيه من الجمهور دون تمييز.

وقد كان هناك خلاف في ما اذا كان مفهوم الطريق العام ينصرف الى الطرق البرية وحدها أم انه يشمل ايضاً الطرق المائية. وقد حسم المشرع المصري هذا الخلاف بتعديل المادة (315) بالقانون المرقم 59 لسنة 1970 الذي ساوى بين الطرق البرية والمائية سواء داخل المدن والقرى أم خارجها. وما دامت العبرة في تحديد مفهوم الطريق العام هي السماح بالمرور به من الجميع دون تميز فأن ملكية الطريق لا قيمة لها في تحديد مفهومه، فقد يكون مملوكاً للدولة أو مملوكاً للأفراد.

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأن من المتفق عليه ان الطريق العام هو كل طريق يباح للجمهور المرور فيه في كل وقت وبغير قيد سواء أكانت أرضه مملوكة للحكومة أم للأفراد، فوقوع سرقة على جسر ترعة مباح المرور عليه يقع تحت متناول المارة سواء أكانت هذه الترعة عمومية مملوكاً جسرها للحكومة أم كانت خصوصية ولكن المرور عليها مباح. ويشترط ان تقع السرقة على اشياء في حالة حركة أي في حالة تنقل ولذلك لا تتوافر الجريمة التي نحن بصددها اذا وقعت السرقة على اشياء ثابتة بالطريق العام كالاشجار واعمدة الكهرباء والتماثيل التي تزين الطرق وغيرها من الاشياء الثابتة.

ويستوي ان تقع السرقة على منقولات يحملها المجني عليه أو على اشياء ترافقه في وسيلة نقله. ولكن يشترط ان يكون المجني عليه او من يمثله مرافقاً للمنقولات، ولذلك لا ينطبق نص المادة (315) على السرقات التي تحدث من متعهد النقل على الاشياء المتعهد بنقلها اذا لم يكن المجني عليه مرافقاً لها.

وينطبق النص في حالة السرقة على متعهد النقل ذاته بطبيعة الحال. ويستوي ايضاً ان تقع السرقة من اشخاص مرافقين للمجني عليه أم انهم انقضوا عليه في اثناء سيره. وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية ان حكمة تشديد العقوبة على السرقات التي تقع في الطرق العمومية تتوافر سواء أوقعت السرقة على المجني عليه من لصوص انقضوا عليه في عرض الطريق أم من لصوص رافقوه منذ البداية(3).

ان ارتكاب هذا النوع من الجرائم يتطلب في اغلب الاحيان مساهمة عدة اشخاص ويندر ان يرتكبه شخص واحد وخاصة اذا كان المجني عليه اكثر من واحد اذ تزداد المقاومة ويتعذر على الشخص الواحد القيام بارتكاب هذه الجريمة. وكذلك كثيراً ما يعمد هذا النوع من السراق الى حمل اسلحة نارية او غير نارية ظاهرة او مخفية لاستعمالها عند الضرورة سواء لارغام المجني عليهم للتسليم لا رادتهم او لمساعدتهم على الفرار.

وهذا عنصر آخر من موجبات التشديد للعقوبات على هذا النوع من الجرائم. وكذلك إن هذا النوع من الجرائم نادراً ما يحصل عن طريق الصدفة، بل يعمد السراق الى وضع خطة للعمل بموجبها لتنفيذ جريمتهم. وكثيراً ما يختار السراق منعطفات الطرق ومنحدراتها ويختارون الوقت المناسب حيث تخف حركة السير فيه، وهم يستعملون شتى الطرق لإيقاف واسطة نقل ضحاياهم. فمن الخداع والحيلة الى وضع الموانع في الطريق العام لتلزم الواسطة على الوقوف.

ان ارتكاب هذه الجريمة لا يقتصر كما رأينا على وسائط النقل البرية اذ يمكن ان ترتكب على كل مسافر راجلاً  كان أم راكباً سيارة أو احدى الدواب وكذلك على الطرق المائية والقطارات وغيرها (4).

——————————————————————————————

[1] – صدر قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 1133 في 2/9/1982 بتشديد عقوبة مرتكب الجرائم المنصوص عليها في المواد (442،441) الى الاعدام وذلك في ظروف الحرب، نشر القرار(1133) في جريدة الوقائع العراقية عدد 2902  في 20/9/1982 .

2- عبد اللطيف احمد ، التحقيق الجنائي العملي ، بغداد 1971، ص 108.

3- معوض عبد التواب ، مصدر سابق ، ص 186.

4- راجع الدكتورة فوزية عبد الستار ، مصدر سابق ، ص 772.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *