توضيح لليمين الحاسمة كقاعدة من قواعد الإثبات في القانون السعودية
قواعد الإثبات
إنّ قواعد الإثبات تتصل في حقيقة أمرها بإثبات مصدر الحق سواءً أكان تصرّفًا قانونيًا أم واقعةً ماديةً، ويعرف الإثبات على أنّه: “الوسيلة التي تستعمل لإقناع القاضي بحقيقة واقعةٍ معينة”، وبالتالي فإنّ محل الإثبات هو مصدر الحق ذاته، وتتنوع طرق الإثبات التي نصّت عليها القوانين: كالكتابة والشهادة والإقرار واليمين والقرائن، وفي ذلك سيتم بيان موضوع الإثبات، واليمين الحاسمة في القانون السعودي، وأثر اليمين الكاذبة.
موضوع الإثبات
إنّ مصدر الإثبات هو مصدر الحق نفسه، حيث تكون الواقعة القانونية أو المادية هي محل الإثبات، فالدائن الذي يريد إثبات التزام في ذمة مدينه عليه أن يثبت مصدر هذا الالتزام هل هو عقد أم إرادة منفردة أم فعل ضار أم إثراء بلا سبب، ومن الممكن أن يكون الإثبات واقعة قانونية يرتب عليها القانون إنشاء إلتزام، وعليه فإن الواقعة القانونية هي مصدر لجميع الحقوق، فإما أن تكون واقعة طبيعية أو واقعة اختيارية، والواقعة الاختيارية إما أن تكون عملًا ماديًا أو عملًا قانونيًا، كذلك فإن العمل القانوني قد يكون عقدًا أو إرادة منفردة.
اليمين الحاسمة في القانون السعودي
تعرف اليمين الحاسمة في القانون السعودي على أنها: “تلك اليمين التي يوجها خصم في الدعوى إلى خصمه يحتكم فيها إلى ضميره من أجل حسم النزاع فيما بينهما”، حيث عندما لا يتمكّن المدعي من إثبات دعواه بجميع طرق الإثبات فإنه يلجأ إلى تحليف المدعى عليه اليمين محتكمًا إلى ضميره، ومن الواجب أن تنصب هذه اليمين على وقائع منتجة في الدعوى وغير مخالفة للنظام العام والآداب العامة، وإذا لم ينازع المدعى عليه باليمين التي وجهت إليه يجب عليه أن يحلفها فورًا أو يردها على خصمه وإلا اعتبر أنه ناكل. وإذا ردّ المدعى عليه اليمين على المدعي فيجب على المدعي أن يقوم بحلفها وإلا خسر دعواه، أما عن آثار اليمين الحاسمة في القانون السعودي بالنسبة للمدعي إذا قام بتوجيهها إلى الطرف الآخر فإنه قد أسقط حقه في جميع أدلة الإثبات الأخرى، أما بالنسبة للمدعى عليه فإذا وجهت إليه اليمين فإن يجب عليه أن يؤديها أو يردها إلى الخصم، فإن حلفها تخلص من الدعوى وإن نكل فقد خسرها.
أثر اليمين الكاذبة
قد يحلف المدعى عليه اليمين، ولكن من الممكن ألّا تكون يمينه صادقة بل كاذبة للتخلص من الالتزام الذي ترتبه الدعوى، وتعدّ اليمين الكاذبة من أشدّ أنواع اليمين التي تغمس صاحبها بالإثم، روى البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص، أن أعرابيًا جَاءَ إِلَى النَّبيِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا رَسولَ الله: مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: “الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ”، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ: “ثُم عُقُوق الوَالِدين”، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ: “الْيَمِينُ الْغَمُوسُ”، قُلْتُ: وَمَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ؟ قَالَ: “الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ”، حيث تعدّ اليمين الكاذبة من الكبائر التي تغمس حالفها بالنار؛ لذلك سميت بيمين الغموس.