مبحث مبسط عن القانون الإداري

مبحث مبسط عن القانون الإداري

 

مفـهـوم القانـون الإداري
يعتبر القانون الإداري من أهم فروع القانون في الجزائر، و يظهر هنا واضحا عند تفحصنا للجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، فعندما نطلع على هذه الأخيرة من الاستقلال إلى يومنا هذا، فإننا نجد إن عدد النصوص المتعلقة بالقانون الإداري ،كبيرا جدا، فلا يكاد يصدر عدد إلا ويحتوي على نص يتعلق بالقانون الإداري.

هذه الوضعية ليس فقط في الجزائر ولكن توجد حتى في بعض الدول الأخرى، أدت ببعض الفقهاء التحدث عن تضخم في النصوص القانونية.

إن هذا التطور السريع في القانون الإداري والمؤسسات الإدارية، كالتطور الحاصل في الجزائر للقانون العام بصفة عامة والقانون الإداري بصفة خاصة، فهو راجع إلى تأثره بالوضعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد ولدراسة القانون الإداري والمؤسسات الإدارية في الجزائر سنقوم بدراسة النقاط التالية :

تعريف القانون الإداري :
القانون الإداري هو فرع من فروع القانون العام الذي ينظم الإدارة، وحسب بعض الفقهاء هناك صعوبة لتعريف مصطلح الإدارة، وذلك لكونها نشأت وتطورت مرتبطة ومتداخلة مع العديد من النشاطات كالسياسية والقانون والاقتصاد والتسير…

إن كلمة الإدارة لغة مشتقة من كلمة أدار يدير أي يخطط وينظم ويوجه ويراقب أنشطة أعمال الناس الذين يجتمعون حول مهمة أو هدف معين.

ونخلص إلى التعريف التالي ” القانون الإداري هو مجموعة القواعد القانونية المتميزة عن قواعد القانون الخاص التي تحكم وتنظم النشاط الإداري للأشخاص العمومية.

مكانة القانون الإداري في النظام القانوني :
ينقسم القانون إلى عام وخاص ، ويضيف بعض الفقهاء قانون مختلط.

فالقانون العام هو القانون الذي يحكم العلاقات التي تدخل في وجودها أطراف تمارس مظاهر السيادة (السلطات السياسية و الإدارية) وتستهدف هذه العلاقات تحقيق المصلحة العامة.

أما القانون الخاص ، فهو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الأفراد على أساس مبدأ سلطات الإرادة أي مبدأ المساواة بين أطرافها والتكافؤ في الصفة والمراكز القانونية لأطرافها ومن فروعه القانون المدني، القانون التجاري….

أما القانون المختلط فهو عند ما تتداخل في بعض الأحيان قواعد القانون الخاص بالعام ومن أمثلة قانون التعمير والبناء، قانون التأمينات، قانون النقل.
فواضح إذن ، أن القانون الإداري هو فرع من فروع القانون العام الداخلي الذي هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقات الداخلية، أما القانون العام الدولي أو الخارجي فينظم العلاقات الخارجية التي تكون الدولة طرفا فيها.

علاقة القانون الإداري بفروع القانون الأخرى :
إن القانون الإداري له علاقة بفروع القانون الأخرى سواء كانت متعلقة بالقانون العام (الدستوري، المالي،….) أو بالقانون الخاص (المادي، التجاري،….) فعلى سبيل المثال:

علاقته بالقانون المدني :
إن القانون الإداري يتبنى في بعض الأحيان القواعد القانونية ذات الطابع المدني وأحسن مثال على ذلك : العقد ، إدارة ما تزيد الحول على عقار، فتستعمل عقد الكراء كوسيلة من وسائل القانون المدني عوض التسخير الذي هو وسيلة من وسائل القانون الإداري.

المبادئ الأساسية للقانون الإداري :
للتوضيح المبادئ العامة للقانون سنقوم بمحاولة تعريفها تم تحديد مصدرها، فتحديد قيمتها القانونية وأخيرا إعطاء بعض الأمثلة لهذه المبادئ العامة للقانون.

المبادئ العامة للقانون مصدرا رسميا غير مكتوب من مصادر القانون الإداري، فحسب الأستاذ عمار عوابدي يمكن تعريف المبادئ العامة للقانون بأنها مجموعة قواعد قانونية ترسخت في ضمير الأمة القانوني، يتم اكتشافها بواسطة القضاء، ويعلنها هذا الأخير في أحكامه، فتكتسب قوة إلزامية وتصبح بذلك مصدر من مصادر الشرعية.

وحسب الأستاذ فؤاد مهنا يقصد بالمبادئ العامة للقانون، المبادئ القانونية التي لاتستنيد إلى نص مكتوب وهذه المبادئ مصدرها القضاء.

المصدر :
البعض يرى أنه ينتج عن الضمير الجماعي وتولد بصورة عرفية ، وترتبط هذه المبادئ بنوع من القانون العام الذي يظهر تاريخيا في عدد من النصوص كإعلان حقوق الإنسان والمواطن 1789 ومقدمة الدساتير، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان المؤرخ في 10/12/1948 .

أما البعض الأخرى فيرى أن أصلها هو القضاء فقط وخاصة مجلس الدولة الفرنسي الذي قام بتكريس وجودها، وهي الدليل الملموس على خلق القاضي للقانون الذي يغرض على الإدارة بنفس القوة التي يتمتع بها القانون أي التشريع العادي.

من هنا أن الفكرتين لا تتعارضان إلا في الظاهر، فالأول تستنتج القيمة القانونية من التاريخ والتقاليد والوسط الاجتماعي (المصادر المادية) بينما الفكرة الثانية تستنتج من تدخل القاضي (المصدر الشكلي).

القيمة القانونية :
فحسب الأستاذ فؤاد مهنا فإن المبادئ التي ينشؤها القضاء الإداري تكون لها قوة القانون بمعنى أنها تكون ملزمة لا للأفراد والجماعات الخاصة فقط، ولكنها تلزم السلطات الإدارية أيضا فلا يجوز لهذه السلطات تبعا لذلك أن تضع لوائح إدارية تخالف المبادئ القانونية العامة.
فهي تعتبر مصدرا من مصادر القواعد القانونية بصفة عامة، ومصدر لمبدأ الشرعية والقانون الإداري بصفة خاصة فهي قواعد قانونية عامة ومجردة وملزمة غير مكتوبة.

أمثلة عن المبادئ العامة للقانون :
من بين هذه المبادئ التي أقرها القضاء الإداري في كل من فرنسا ومصر الأمثلة التالية : مبدأ المساواة أمام القانون – مبدأ المساواة أمام الوظائف العمومية – مبدأ مساواة المنتخبين بخدمات المرافق العمومية.

وفيما يخص المبادئ العامة القانون في الجزائر فنجدها في دستور 1976 حيث صنفها الأستاذ أحمد محيو ومنها على سبيل الحصر- مبادئ تقليدية ذات محتوى جديد ومنها المساواة أمام حق التعليم ، المساواة أمام الحق في الصحة – المساواة أمام الحق في العمل…

 مصادر القانون الإداري (النصوص) :
يقصد بمصدر القانون المادة الأولية التي يتكون منها هذا القانون ومن هذا المنظور فالمادة الأولية تستمد من الوضع الاجتماعي و الاقتصادي لمجتمع من فتسمى بالمصادر المادية.

وقد يقصد بمصادر القانون الطرق أو الوسائل التي تتكون بواسطتها هذه المبادئ والقواعد أو التي تستخدم في إخراج هذه القواعد والمبادئ إلى مجال التطبيق والتنفيذ ويطلق على مصادر القانون بهذا المعنى المصادر الشكلية، والمعنى الثاني هو الذي يهمنا، وفيما يخصنا فسنتناول مصادر القانون الإداري حسب وضعها في هرم النظام القانوني في الدولة وهي المصادر النصية الآتية:

الدستور :
الدستور أو ما يسمى كذلك بالتشريع الأساسي، هو النص الذي يحكم المؤسسات السياسية، فهو يحتوى القواعد المتعلقة بتنظيم السلطات المختلفة في الدولة واختصاصات كل منها، وبين حقوق الأفراد وحريتهم، ولا يعنى الإدارة بالمفهوم الضيق أي الإدارة العمومية، إلا أن بعض مبادئ القانون الإداري مصدرها نصوص الدستور، كمبدأ الفصل بين السلطات الإدارية والقضائية.

وقد عرفت الجزائر أربع (04) دساتير :
دستور 10-09-1963 .
– دستور 19 نوفمبر 1976.
– دستور 23 فبراير 1989.
– دستور 28 نوفمبر1996.

المعاهدات :
إن المعاهدات الدولية الموافق عليها والتي نشرت بصفة قانونية تعتبر ملزمة بالنسبة للإدارة، إن دستور 1989 يعترف للمعاهدات بسلطة أعلى من سلطة القانون، بحيث تنص المادة 123 من هذا الدستور على ما يلي :

(المعاهدات التي تصادق عليها رئيس الجمهورية حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور، تسمو على القانون).

القانـون :
القانون أو ما يسمى كذلك بالتشريع العادي هو مجموعة القواعد القانونية التي تقوم السلطة التشريعية أساسا لوضعها في حدود اختصاصها الذي يبينه الدستور، وهو مصدر نصي هام، ويستخدم كأساس للمراقبة التي يقوم بها القاضي، على مشروعية العمل الإداري.

اللوائح أو القرارات الإدارية التنظيمية :
وتسمى كذلك بالتشريع الفرعي ويصدر عن السلطات التنفيذية، وبصفة عامة نستطيع أن نقسمها إلى نوعين:
المراسيم :
تصدر عن السلطة التنفيذية وهي من اختصاص رئيس الجمهورية (المراسيم الرئاسية ) ورئيس الحكومة (المراسيم التنفيذية) وهذا حسب دستور 1989.

القرارات :
إن هذا النوع من اللوائح يصدر عن السلطات التالية :
– الوزير أو عدة وزراء
– الوالي.
– رئيس المجلس الشعبي البلدي أو رئيس المندوبية التنفيذية.
فالقرارات الإدارية التنظيمية مصدرا من مصادر الشرعية، فالإدارة العمومية ملزمة بها كالتزامها بالقوانين الصادرة من المسلطة التشريعية المختصة (A.P.N ).
فهي المصدر الأمم من مصادر القانون الإداري.

الخـاتمـة :
إن الإدارة والقانون الإداري في الجزائر يظهران وكأنهما ميدان لقوى تتداخل فيه العوامل السياسية والاقتصادية و التاريخية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *