مبدأ سريان القانون من حيث الزمان ومفهوم الإستدراك التشريعي

مبدأ سريان القانون من حيث الزمان ومفهوم الإستدراك التشريعي

 

سريان القانون من حيث الزمان :

“إن النص في المادة 188 من الدستور على أن ” تنشر القوانين بالجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالى لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر ” يدل ـ على أن نشر القانون بالجريدة الرسمية بعد إصداره من السلطة المختصة هو الطريق الوحيد الذى رسمه الدستور ليتوافر للمخاطبين بأحكامه العلم به ولا يعذر أحد بعد ذلك بجهله به إلا أن افتراض علم الكافة بالإجراءات التى أوجبها ذلك القانون مرهون بعدم قيام أسباب تحول حتماً دون قيام هذا الافتراض ـ مما مفاده ـ أن علم المخاطبين بأحكام القانون يعتبر شرطاً لأنبائهم بمحتواه وكان نفاذه يفترض إعلامهم به من خلال نشره بالجريدة الرسمية بعد إصداره من السلطة المختصة باعتباره الطريق الوحيد الذى رسمه المشرع ليتوافر للمخاطبين بأحكامه العلم به وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانه “.

الاستدراك التشريعى:

“المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أنه إذا اكتنف نشر القانون بالجريدة الرسمية أخطاء مادية أو مطبعية فإنه من المتعين التزاماً بوجوب قرينة العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة ـ حسب ما أصدرها المشرع ـ تصويب هذه الأخطاء بنشرها بالجريدة الرسمية التزاماً بالأصل العام طالما أن هذه الأخطاء لا أثر لها في العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة ،

وهو ما يطلق عليه اصطلاحاً ” الاستدراك التشريعى ” فإذا كانت هذه الأخطاء المادية أو المطبعية المنشور بشأنها الاستدراك قد ترتب عليها غموض أو تجهيل أو لبـس بالنص المراد استحداثه أو تعديله وتؤثر في المركز القانونى للمخاطبين بأحكام القانون ، فإن قرينة العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة المستحدثة أو المعدلة لا يمكن افتراضها ومن ثم يتعين في هذه الحالات وجوب توافر العلم بالقاعدة القانونية الصحيحة التى أصدرها المشرع حتى يحاج بها الكافة وبالتالى فإن الاستدراك ـ استثناءاً من الأصل العام ـ لا يسرى إلا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية ولا يطبق إلا على التصرفات اللاحقة لذلك دون تلك التى تمت في ظل النص قبل تصويبه ونشره “.

“إذ كان المشرع حال إصداره للقانون رقم 76 لسنة 2007 بمضاعفة الكفالة الواردة بنص المادة 254/1 مرافعات إلى مثلها ولدى نشره للقانون بالجريدة الرسمية أورد خطأ مادياً ترتب عليه تجهيل ولبس بالنص المراد تعديله عند تقريره مضاعفة الكفالة الواردة بنص المادة 354/1 مرافعات ، مما حدا به إلى تدارك ذلك بنشره بجعله 254/1 مرافعات ، ومن ثم توافر للمخاطبين بأحكامه العلم به من ذلك التاريخ الأمر الذى يتعين معه اعتبار نشر الاستدراك بالجريدة الرسمية هو التاريخ المعول عليه . استدراكاً بالعدد رقم 27 بالجريدة الرسمية بتاريخ 3/7/2008 بتصحيح ذلك النص “.

“إذ كان الطاعنون قد أقاموا الطعون الثلاثة المطروحة بتاريخ 2/1/2008 قبل نشر الاستدراك ـ الذى أزال اللبس ( ورود خطأ مادى لدى نشره القانون رقم 76 لسنة 2007 بالجريدة الرسمية ) في خصوص رقم المادة سالفة البيان ـ وأودعوا خلال الأجل المقرر لهم كفالة مقدارها 125 جنيه لكل طعن وهى التى يتعين عليهم إيداعها في هذا التاريخ باعتبار أن تاريخ نشر الاستدراك في 3/7/2008 هو المعّول عليه بشأن مضاعفة الكفالة إلى 250 جنيه،

ومن ثم يضحى ما أثير حول عدم سداد الطاعنين فيها كامل الكفالة قائماً على غير أساس ، ويتعين بالتالى الاعتداد بصحة ما سدده الطاعنون من كفالات في الطعون الثلاثة بتاريخ 2/1/2008 قبل نشر الاستدراك التشريعى في 3/7/2008 بشأن مضاعفة الكفالة المنصوص عليها في المادة 254/1 مرافعات ، وإذا استوفت هذه الطعون الثلاثة أوضاعها الشكلية المقررة في القانون بما يوجب القضاء بقبولها شكلاً “.

(الهيئة العامة للمواد المدنية- الطعن رقم 52 / 78 بتاريخ16-5-2010)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *