إطلالة و مقارنة بين أحكام ضم الصغير في قانون الأحداث لدولة العراق و الأردن 

إطلالة و مقارنة بين أحكام ضم الصغير في قانون الأحداث لدولة العراق و الأردن 

 

تشير التقارير الدولية لعام 2011 أن عدد أيتام العراق بلغت نحو خمسة ملايين طفل، وقد سجّلت نسبته 16% من السكان، كما أعلنت وزارة حقوق الإنسان العراقية في العام نفسه أن العراق لديها أكبر نسبة من الأيتام عند مقارنتها بشقيقاتها من الدول العربية. وأن هذا العدد المخيف جاء نتيجة لفقدان الآباء والأمهات في الحروب وأعمال العنف التي تمرّ بها العراق، كما أن عدد مجهولي النسب هو الآخر في ازدياد بسبب المتغيرات الاجتماعية.لكن مقابل ارتفاع عدد الأيتام ومجهولي النسب، فإن طلبات الضمّ هي الأخرى ارتفعت لأسباب عدة منها: عقم الزوجين أو أحدهما، وروح التكافل الاجتماعي لدى المجتمع العراقي وغيرها.

لكن ما يخيف الجهات المعنية هو استغلال الضم كطريقة للمتاجرة بالأطفال،إذ دعت رئيسة إحدى الجمعيات العراقية الخاصة بالأطفال، الحكومة إلى توفير ضمانات أكيدة لرعاية الأطفال الذين يتم ضمّهم إلى أسر بديلة، بغية إعدادهم إعداداً سليماً بعيداً عن مخاطر الإتجار بهم[1].

وعليه، فإن مشاكل ومعاناة أطفال العراقيين كثيرة، وكل واحدة منها تقتضي دراستها بشكل منفصل عن غيرها، ومن جميع الزوايا، ومنها الزاوية القانونية. ومن خلال هذه الدراسة سنقتصر على حل مشكلة الأطفال اليتامى ومجهولي النسب، من خلال ضمّ الأطفال لأسرة بديلة المنصوص عليه في قانون الأحداث العراقي كوسيلة لوقاية الأطفال من الجنوح.

ولكون دولة الأردن جارة للعراق، ولديها قانون أحداث صدر حديثاً في عام 2014م، وتعليمات خاصة باحتضان الأطفال لعام 2013م تحتوي على نصوص جيدة لا يمكن الاستغناء عنها فيما يخص موضوع الدراسة، يرى الباحث بأن إجراء مقارنة بين قانون البلدين في هذا الخصوص، فيها فائدة لا يستهان بها.

أهمية البحث:
تكمن أهمية البحث في كونه جديداً من نوعه في هذا المجال، إذ لم يجد الباحث أي بحوث أو دراسات معمّقة في هذا الخصوص وبهذا العنوان بالتحديد، وإن وجدت فإنها إما دراسات منفصلة أي تم دراسة الضم في قانون كل دولة بوحده، أو تم تناوله ضمن مواضيع أخرى وتم الإشارة إليه بصورة سطحية أو مستعجلة.كما أنه ومن خلال هذا البحث يمكن التعرّف على أحكام الضم في قانون الأحداث العراقي والأردني، والتطلع على مكامن القوة فيهما بغية الاستفادة منها، وكذلك الكشف عن مكامن الخلل فيهما بغية إصلاحها وتحسينها.

تساؤلات البحث:
يسعى الباحث إلى الإجابة عن الأسئلة الآتية:
ما هي أوجه الاختلاف والاتفاق بين أحكام الضم في قانون الأحداث العراقي والأردني.
ما هو فيصل التفاضل بين أحكام الضم في قانون البلدين.

منهجية البحث:
ارتأى الباحث أن يعتمد على المنهج الاستقرائي لتشرد وانحراف الأحداث في قانون البلدين. والمقارنة بينهما وتحليلها تحليلاً قانونياً بطريقة نقدية بغية الوقوف على نقاط القوة والضعف في كل قانون.

أهداف البحث:
يهدف البحث إلى التعرّف على أوجه التشابه والاختلاف بين أحكام الضم في قانون الأحداث العراقي والأردني، وكذلك البحث والتحري عن نقاط القوة والتفاضل بينهما بغية إفادة المشرعين من الجانبين.

خطة البحث:
لغرض الإجابة عن تساؤلات البحث، سيتم عرض ومناقشة موضوع البحث من خلال سبعة مطالب. في الأول سنتناول: تعريف المصطلحات. وفي الثاني والثالث سنتطرق إلى: الشروط الواجب توافرها في الطفل الذي يجوز ضمّه وفي طالبي الضم. وفي المطلب الرابع سنتناول: الإجراءات المتّبعة والمستمسكات المطلوبة لإصدار قرار الضم.أما في الخامس والسادس فسنتطرق إلى: قرار الضم، والتزامات طالبي الضم بعد صدوره. وفي المطلب الأخير، فسنبيّن: حالات إلغاء قرار الضم.

المطلب الأول: تعريف المصطلحات.
قبل الدخول في حيثيات البحث، من الضروري التعرّف على بعض المفردات التي لها صلة وثيقة بموضوع الدراسة، ومعرفة المقصود بها من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية، وهذه المفردات هي ما يلي:

الضمّ لغةً: ضَمُّكَ الشيء إلى الشيء، وضامَمْتُ فلاناً أي قُمتُ معه في أمر واحد[2].أما اصطلاحاً: فإن المشرع العراقي لم يعرّفه في قانون الأحداث، لكن عند قراءة نص المادة (39) يفهم بأن الضم هو: أن يعهد صغير يتيم الأبوين أو مجهول النسب إلى زوجين قدّما طلباً مشتركاً لمحكمة الأحداث تتوفر فيهما الشروط المنصوص عليها في القانون.

أما قانون الأحداث الأردني، فلم يتطرق إلى الضمّ موضوع هذا البحث بتاتاً، وبعد البحث والاستقصاء عن التشريعات والأنظمة والتعليمات المتعلقة بهذا الموضوع، تبيّن بأنه قد صدر نظام رعاية الطفولة رقم 34 لسنة 1972م، وتعليمات الاحتضان لسنة 2013م بهذا الخصوص. وقد خلا النظام والتعليمات من أي تعريف للاحتضان الذي يقابل الضمّ في القانون العراقي، لكن عند قراءة التعليمات المذكورة بتمعّن يفهم بأن الاحتضان هو: أن يعهد وزير التنمية الاجتماعية احتضان طفل مجهول النسب لأسرة تتوفر فيها الشروط المطلوبة.

عند إجراء مقارنة بين تعريفي الضمّ والاحتضان، يستنتج بأنه في الوقت الذي يصدر قرار ضمّ الصغير من محكمة الأحداث في العراق، يصدر قرار الاحتضان من وزير التنمية الاجتماعية في الأردن. وفيما يتعلق بالطفل مجهول النسب فإنه مشمول بالضمّ في البلدين، أما يتيم الأبوين فغير مشمول في الأردن. كما أن طالبي الضم أو الاحتضان يجب أن يكون أسرة قائمة حال تقديم الطلب في كلا البلدين.

مجهول النسب: لم يعرّف القانون العراقي مجهول النسب لكن ورد في مصنّف للقاضي رحيم العكيلي: بأنه شخص غير معروف الأب أو الأم، أو غير معروف الأبوين[3]. أما التعليمات الأردنية، فقد عرّفته بأنه الطفل الذي لا يعرف له أب أو أم. وعليه، فإن هناك توافق بين تعريف العكيلي والتعريف الوارد في التعليمات.

بعد ذكر التعريفات السابقة، من الضروري تعريف مصطلحات أخرى نظراً لصلتها الوثيقة بموضوع البحث وهي:التبنّي، واللّقيط. فاللّقيط لغةً: هو ما يلقط من الأرض، فهو على وزن فعيل بمعنى المفعول، أي الملقوط، ثم غلب إطلاقه على الصبي الملقى باعتبار أنه يلتقط عادة[4]. أما اصطلاحاً: فهو اسم لحي مولود طرحه أهله خوفاً من الفقر أو الفرار من تهمة الزنا، أو هو كل صبي أو مجنون ضائع لا كافل له، ولا يقدر على دفع المهلكات عن نفسه، ولا يختص بمن نبذه أهله خوفاً من العيلة أو فراراً من تهمة الزنا[5]، بمعنى هو أن يجد الشخص طفلاً لا يستطيع أن يجلب لنفسه نفعاً، ولا يدفع عنه ضراً، فيضمّه إليه، ويكفله مع سائر عياله[6]. أما التبنّي: فيقصد به إلحاق معروف أو مجهول النسب ونسبته إلى ملحقه مع التصريح من هذا الأخير بأنه يتخذه ولداً له حال أنه ليس بولد له حقيقة[7].

المطلب الثاني: الشروط الواجب توافرها في الطفل الذي يجوز ضمّه.
نص القانون العراقي في المادة 39 من قانون الأحداث على الشروط المطلوب توافرها في الطفل الذي يجوز ضمّه، وهي:
أن يكون صغيراً: وقد عرّفت المادة 3 الصغير بأنه الطفل الذي لم يتم التاسعة من عمره، وفي إقليم كوردستان العراق، فهو من لم يتم الحادية عشرة من عمره[8]. وعليه، فإن الصبي والفتى غير مشمولين بالضم.
أن يكون يتيم الأبوين أو مجهول النسب: يفهم من ذلك بأنه لا يجوز ضمّ الصغير في الحالات الآتية:
إذا كان أحد الوالدين حي على قيد الحياة، سواء كان الوالد الحي (الأب أو الأم) حاضراً أم غائباً أو مفقوداً وإن كان فقيراً لا يستطيع إعالة نفسه وولده.
إذا كان معلوم النسب وأن والديه أو أحدهما حي، أما إذا كان والديه متوفيان فإنه يعتبر يتيم الأبوين ويجوز ضمّه، طبقاً للحالة الأولى.
وفيما يتعلق بالطفل مجهول النسب، تثار مسألة أخرى وهي: مسألة الديانة والجنسية. المشرع العراقي حسم ذلك في المادة 45 من قانون الأحداث إذ اعتبر الصغير مجهول النسب: مسلم الديانة وعراقي الجنسية ما لم يثبت العكس[9]، ويمكن إثبات العكس بجميع طرق الإثبات.

أما في الأردن، فيشترط في الطفل الذي يجوز ضمه الشروط الآتية:
بخصوص عمر الطفل، فإنه يجوز احتضانه طالما لم يتم الثامنة عشرة من عمره بموجب المادة 2 من النظام، لكن حسب المادة 4 من التعليمات يجب أن لا يقل عمره عن 5 سنوات إذا كانت الزوجة طالبة الاحتضان تجاوز عمرها 45 سنة، والزوج تجاوز عمره 50 سنة.
أن يكون مجهول النسب: وقد عرّفه المادة 2 من التعليمات بأنه:الطفل الذي لا يعرف له أب أو أم. وعليه، فإن الطفل غير معروف الأبوين يعتبر مجهول النسب بالنتيجة.
أما مسألة ديانة وجنسية الطفل مجهول النسب في الأردن، فإنه يعتبر مسلم الديانة حسب نص المادة 5 من النظام ما لم يثبت العكس.أما جنسيته، فلم يتطرق إليها لا قانون الأحداث الأردني ولا النظام ولا التعليمات.

لو أجرينا مقارنة بين شروط الطفل الذي يجوز ضمّه في البلدين، نستنتج ما يلي:
بخصوص عمر الطفل، فإن دائرة المستفيدين في الأردن أوسع نطاقاً من جارتها العراق. ففي الوقت الذي يجوز احتضان أي طفل لم يكمل 18 من عمره في الأردن سوى حالة واحدة وهي حينما يتجاوز عمر الزوجة طالبة الاحتضان 45 سنة وزوجها 50 سنة إذ اشترط أن يكون عمر الطفل في هذه الحالة أن لا يقل عن 5 سنوات. فإن المشرع العراقي، اشترط عدم تجاوز الطفل 9 سنوات. والباحث يرجّح موقف المشرع الأردني نظراً لكثرة عدد الأطفال المستفيدين، ومن جانب آخر يرجّح موقف المشرع العراقي لأن ضمّ طفل يزيد عمره عن عشر سنوات لعائلة غريبة عنه من الصعب الاندماج والعيش معها. لذا يرى الباحث أن موقف المشرع الكوردستاني الذي جعل عمر الصغير إكمال الحادية عشر من العمر، هو الموقف الأرجح، لكونه يشكّل موقفاً وسطاً بين الاثنين.
أما فيما يتعلق بنسب الطفل، فإنه وبعكس الحالة الأولى فإن دائرة المستفيدين في العراق أوسع نطاقاً من جارتها الأردن. ففي الوقت الذي يجوز ضم أي صغير مجهول النسب أو معلوم النسب بشرط أن يكون يتيم الأبوين في العراق، فإنه لا يجوز احتضان الطفل يتيم الأبوين في الأردن. وعليه، نرجّح موقف المشرع العراقي.
اتفق المشرعان العراقي والأردني على اعتبار مجهول النسب مسلم الديانة ما لم يثبت العكس،وهو موقف موافق للشريعة الإسلامية إذا وجد الطفل في بلاد المسلمين[10].
حسم المشرع العراقي مسألة جنسية الصغير مجهول النسب واعتبره عراقي الجنسية ما لم يثبت العكس. أما المشرع الأردني فلم يتطرق إليها، ويعتريه فراغ تشريعي بهذا الخصوص.

المطلب الثالث: الشروط الواجب توافرها في طالبي الضم.
نص القانون العراقي في المادة 39 من قانون الأحداث على الشروط المطلوب توافرها في طالبي الضم، وهي:
تقديم طلب مشترك من الزوجين.
عراقيا الجنسية، لذا فإن عراقية أحد الزوجين غير كافية، وإنما يجب أن يكون كلاهما عراقيان. لكن المشرع لم يشترط أن تكون جنسيتهما أصيلة أم مكتسبة، فكلتاهما مقبولة.
معروفان بحسن السيرة والسلوك. هناك من يرى، بأنه كان على المشرع أن يشترط (عدم المحكومية بجريمة مخلة بالشرف)، بدلاً من شرط (حسن السيرة والسلوك)، لأنه بإستطاعة المحكمة في هذه الحالة، مخاطبة مكتب الأدلة الجنائية وطلب صحيفة سوابق طالبي الضم والتأكد من سيرتهما بوثائق رسمية[11]. ونعتقد،بأن النص الحالي يسمح للمحكمة التأكيد من سيرة وسلوك طالبيّ الضمّ بكافة الطرق ومنها طلب صحيفة السوابق من المكتب. ومن الناحية العملية، تلجأ محكمة الأحداث إلى شهادة الشهود في هذا الخصوص.
أن يكون الزوجان عاقلان، أي غير مصابين بأمراض أو عاهات عقلية.
أن يكون الزوجان سالمان من الأمراض المعدية. يمكن للمحكمة تأكيد هذا الشرط والشرط السابق من خلال عرض الزوجين على اللجان والجهات الطبية المختصة.
أن يكون الزوجان قادران على إعالة الصغير. هذا الشرط متعلق بالإمكانية المالية للزوجين، ويمكن إثبات ذلك بكل سهولة من خلال المستمسكات الرسمية.
أن يكون الزوجان قادران على تربية الصغير. مسألة القدرة على تربية الصغير، فيها تفاصيل وخلاف بين الآراء، ويمكن التعرّف عليها من خلال الرجوع إلى الفقه الإسلامي، وبالتحديد عند تناول الفقهاء شروط الحاضن[12].
توفر حسن النية لدى الزوجين. و هذا الشرط صعب الإثبات، كما لا تستطيع المحكمة أن تقضي بتوفره حال تقديم الطلب.ورغم ذلك سنبيّن في المطالب القادمة الطريقة التي تمّكن المحكمة من معرفة توفر هذا الشرط من عدمه.

أما شروط طالبي الاحتضان بموجب المادة الرابعة من التعليمات سنة 2013م فهي ما يلي:
أن يكون طالبي الاحتضان أسرة قائمة مكونة من زوجين،وأن يقيمان في مكان إقامة مشترك.
أن تكون ديانة طالبيّ الاحتضان الإسلام أو أن يكون قد مضى على إسلامهما 3 سنوات كحد أدنى معزّزة بحجة إشهار الإسلام.
عدم قدرة الزوج أو كلاهما على الإنجاب.
أن يكون عمر الزوج ما بين (35-55) سنة،وعمر الزوجة ما بين (30-50) سنة.
مضي مدة لا تقل عن 5 سنوات على زواج طالبي الاحتضان.
أن يكون الدخل الشهري للأسرة لا تقل عن 500 دينار أردني كحد أدنى.
على طالبي الاحتضان أن توفّر للمحضون كافة أشكال الرعاية (التربوية، الصحية، النفسية، المادية، والاجتماعية).
أن يتمتع الزوجان بأوضاع صحية وجسدية ونفسية تمكنها من القدرة على تنشئة الطفل تنشئة سليمة.
أن يكون الزوجين غير محكومين بجناية أو جنحة مخلة بالآداب والأخلاق العامة من ذوي الأسبقيات.
أن تكون العلاقة الزوجية بين طالبي الاحتضان تتسم بالمودة والترابط والانسجام.
طالبي الاحتضان ملزمان بتحقيق الحرمة الشرعية للطفل بحيث إن كان الطفل ذكراً يتم إرضاعه من قبل إمرأة من طرف الزوجة، أما إذا كان الطفل أنثى فيجب إرضاعها من قبل إمرأة من طرف الزوج.
بعد بيان شروط طالبي الضم والاحتضان في البلدين العراق والأردن، تبين لنا أنه توجد أوجه خلاف وتشابه بينهما، وهي كما يلي:

مشرعي البلدين اشترطا إستمرارية العلاقة الزوجية بين طالبي الضم أو الاحتضان وهذا موقف حسن، لكن المشرع الأردني كان أدق،إذ أوجب أن يكون محل إقامتهما واحدة، وهذا ما تغافل عنه المشرع العراقي، إذ من الممكن أن يعيش كل زوج في محل إقامة خاص به، رغم استمرار العلاقة الزوجية بينهما. لذا نرّجح موقف المشرع الأردني.
المشرع العراقي لا يجيز تقديم الطلب من قبل غير العراقيين بنص صريح، بينما خلت التعليمات الأردنية من أيّ نص يشير إلى ذلك.ورغم الفراغ التشريعي، لا يعتقد قبول التقديم من قبل الأجانب من الناحية العملية.
فيما تتعلق بديانة طالبي الاحتضان، فإن التعليمات الأردنية جاءت مشدّدة بهذا الخصوص، إذ لا تقبل تقديم الطلب إلاّ من زوجين مسلمين، أو من زوجين اعتنقا الإسلام ومرّت على إسلامهما مدة لا تقل عن 3 سنوات، على أن يكون إشهار إسلامهما موثق بحجة صادرة من الجهة المختصة، والسر وراء ذلك يعود إلى أن ديانة الطفل (مجهول النسب)هي الإسلام ما لم يثبت العكس، لذا لا تقبل تعهّد طفل مسلم إلى غير مسلم. لكن من جانب آخر، فإن التعليمات ونظام الطفولة، لا تقبلان تقديم الطلب من زوجين غير مسلمين وإن ثبت أن الطفل غير مسلم؟.
أما المشرع العراقي، فإنه لم يتطرق إلى ديانة طالبي الضم،لكن طالما الصغير مجهول النسب يعتبر مسلم الديانة قانوناً وشرعاً، فلا يجوز للمحكمة ضمّه إلى طالبي الضم من غير المسلمين، قياساً على نص الفقرة الثانية من المادة 27 من قانون الأحداث[13]، أما إذا كان معلوم الديانة وكان غير مسلم فإنه والحالة هذه يجوز ضمّه إلى زوجين مسلمين وكذلك إلى زوجين من أهل ديانته أيضاً، فمثلاً إذا كان الصغير من ديانة أهل الكتاب، كالمسيحية أو اليهودية فيجوز ضمّه إلى زوجين مسلمين أو مسيحيين أو يهوديين ولا يجوز ضمه إلى زوجين من ديانة غير سماوية، ولهذا لا يجوز ضم صغير مسيحي أو يهودي الديانة إلى زوجين من ديانة الصابئة أو اليزيدية والعكس جائز.علماً، هناك اختلاف فقهي بخصوص شرط الديانة بين الحاضن والمحضون في كتب الفقه الإسلامي، وبالإمكان الرجوع إليها لمعرفة المزيد[14].

بناء على ما تقدّم يرى الباحث، أن موقف المشرع الأردني مشدّد في هذا الخصوص، ومن الأفضل إعطاء المجال للزوجين من غير المسلمين طلب احتضان طفل ثبت أنه من ديانتهما على الأقل. أما المشرع العراقي، فإنه مطالب بتناول ديانة الزوجين طالبي الضم بصورة صريحة وعدم فسح المجال للاجتهادات.

عدم قدرة الزوج أو كلاهما على الإنجاب، شرط آخر يجب توافره في طالبي الاحتضان حسب التعليمات. وعليه، فإذا كانا قادرين على الإنجاب فلا يحق لهما تقديم الطلب. أما المشرع العراقي، فلم يشترط هذا الشرط في طالبي الضم، فحتى إن كان لهما أطفال ولا زالا قادرين على الإنجاب فلهما الحق في تقديم الطلب. وعليه، نرجّح موقف المشرع العراقي، لكن من الأفضل إعطاء الأولوية لطالبي الضم غير القادرين على الإنجاب في حالة تزاحم الطلبات.
بموجب قانون الأحداث العراقي الملغي رقم (64) لسنة 1972 فإن المشرع العراقي اشترط في طالبي الضم أن يكون قد مضى على زواجهما أكثر من 7 سنوات ولم ينجبا طفلاً،وأجازت للمحكمة أن لا تتقيد بهذه المدة إذا ثبت لها بدليل طبي عقم الزوجين أو أحدهما[15]، لكن في ظل القانون النافذ فإنه لم يشترط مرور أي مدة زمنية على زواجهما.

أما التعليمات الأردنية، فسارت على نهج قانون العراقي الملغى، إذ اشترطت مرور مدة لا تقل عن 5 سنوات على زواجهما. عليه، نرجّح القانون العراقي، لأنه ودون شكّ لم يتراجع عن موقفه إلاّ بعد تعرضه للنقد، واتضاح عدم جدوى هذا الشرط، لكن ومثل الشرط السابق، من الأفضل إعطاء الأولوية لطالبي الضم اللّذين مضى على زواجهما مدة أطول عند تعدد الطلبات، وهذا ما يتم مراعاته فعلاً من الناحية العملية اجتهاداً من المحاكم وتحقيقاً للعدالة.

التعليمات الأردنية وضعت حد أدنى وأقصى لعمر طالبي الاحتضان، بحيث لو أن عمر أحدهما أو كلاهما أقل من الحد الأدنى أو تجاوز الحد الأقصى فلا يسمح لهما بتقديم الطلب. أما المشرع العراقي فلم يشترط فترة عمرية معينة لطالبي الضم، فبمجرد أن يكونا متزوجين، يجوز لهما تقديم الطلب، وهذا ما نرجّحه، لأن هذا الشرط لا يعتبر الشرط الوحيد، إذ لا بدّ أن تتوفر فيهما شروط أخرى. ونتسأل: ألا يعتبر إجحافاً بحق الزوجين إذا كانا في العشرينيات من العمر، وألزمناهما بالانتظار لحين أن تبلغ الزوجة 30 سنة والزوج 35 سنة رغم ثبوت عقم أحدهما أو كلاهما ؟.
في العراق، طالبي الضم يجب أن يكونا معروفان بحسن السيرة والسلوك، دون أن يبيّن المشرع الطريقة التي تثبت من خلالها هذا الشرط، لكن المحاكم تلجأ إلى الشهود لهذا الغرض. أما في الأردن، فيشترط فيهما:أن يسود المودة والترابط والانسجام في علاقاتهما الزوجية، وكذلك عدم المحكومية بجريمة مخلة بالآداب والأخلاق العامة. والباحث يرى أنه من الأفضل دمج هذه الشروط الثلاثة في شرط واحد، لأن عدم المحكومية غير كافية لإثبات حسن سيرة وسلوك الشخص، فالعديد من الأشخاص ليست لديهم محكومية، ورغم ذلك يصعب التعامل والعيش معهم.
التمتّع بصحة جسدية وعقلية ونفسية جيدة، والسلامة من الأمراض المعدية شرط آخر من ضمن الشروط الواجب توافرها في طالبي الضم أو الاحتضان في كلا البلدين. وهذا شرط في محله، لأن المصاب بعاهة عقلية، أو اعتلال جسدي، أو مرض نفسي، غير قادر على تربية الطفل المحضون بالشكل الصحيح، كما أن إصابته بمرض معدي يعتبر خطراً على حياة الطفل.
قانون الأحداث العراقي اشترط في طالبي الضم القدرة على إعالة الصغير، دون تحديد حد أدنى لدخلهما الشهري. أما التعليمات الأردنية، فحدّده بمبلغ لا تقل عن 500 دينار أردني. والسؤال المطروح هنا: ماذا لو نزل هذا الحد فيما بعد، هل سيأخذ الطفل منهما؟ وكما هو معلوم دوام الحال من المحال، فغنيّ اليوم قد يصبح فقير الغد، والعكس صحيح. لذا، نرجّح القانون العراقي.
توفّر كافة أشكال الرعاية التربوية، الصحية، النفسية، المادية، والاجتماعية، من قبل طالبي الاحتضان للطفل المحضون شرط آخر في دولة الأردن. أما في العراق، فاختصر المشرع هذا الشرط في عبارة (القدرة على تربية الصغير)، وكلمة الـ (تربية) تشمل جميع أشكال الرعاية المذكورة. لكن ما يجب الانتباه هنا هو: أن تربية الطفل المحضون في العراق من وظيفة طالبي الضم، أما في الأردن فيمكن القيام بها من قبل آخرين مثل الخدم، لأن النص على (توفّر كافة أشكال الرعاية)، لا يعني بالضرورة تقديمها من قبل طالبي الاحتضان أنفسهما. وهناك خلاف فقهي في هذه المسألة، عند تناول الفقهاء شرط (القدرة على تربية المحضون) لدى الحاضن، إذ هناك آراء فقهية تجيز تربية المحضون من غير الحاضن[16].
في الوقت الذي نصّ المشرع العراقي على شرط غير منطقي وغير قابل للإثبات عند تقديم الطلب والذي هو: (توفّر حسن النية لدى الزوجين). نصّت التعليمات الأردنية على شرط لا يمكن الاستغناء عنه، ويعبّر بكل وضوح عن هوية الدولة (الإسلامية)، وعن تجذّر ورسوخ الدين الإسلامي في الشعب الأردني وسلطته التشريعية، إذ نصّت: “على الأسرة الحاضنة أن تحقق الحرمة الشرعية للطفل بحيث إن كان الطفل المحتضن ذكر يتم إرضاعه من سيدة من طرف الزوجة، أما إذا كانت الطفلة المحتضنة أنثى يتم إرضاعها من سيدة من طرف الزوج”. والتساؤل المطروح هنا: كيف يكون الحال كان إذا الضم بعد سن الرضاعة؟[17] حقيقة، لا يمكن تحقيق الحرمة الشرعية في هذه الحالة، لكن ذلك لا يبرّر أن نقول أن مدارك المشرع الأردني أقل من نظيره العراقي، لأنه وكما هو معروف، يأخذ المشرع بغالب الأحوال، وأن الطفل الذي يضمّ إلى طالبي الضم غالباً ما يكون في سن الرضاعة[18]. و عليه، فالمشرع العراقي مدعو للإقتداء بالمشرع الأردني في هذا الشرط.

المطلب الرابع: الإجراءات المتّبعة والمستمسكات المطلوبة لإصدار قرار ضمّ الصغير.
أولاً: في العراق:تقدّم طلب مشترك موقّع من الزوجين (طالبي الضم)إلى محكمة الأحداث المختصة،أما محاكم الجنح في الأقضية والنواحي فلا يجوز لها قطعاً قبول هذه الطلبات، لأن إصدار قرارات الضم من اختصاص محاكم الأحداث الحصرية. وعادة يدرج في الطلب إسم الجهة المودّع فيها الطفل المطلوب ضمّه.والمحكمة بدورها تخاطب رسمياً تلك الجهة للتأكد من وجود الطفل عندها من عدمه،وبعد أن يتم التأكد من وجود الطفل هناك يكون طالبي الضم ملزمان بتقديم جميع المستسمكات المطلوبة التي تثبت توفّر الشروط فيهما.

لم تدرج لدى المشرع العراقي المستمسكات المطلوبة التي يجب تقديمهما من قبل طالبي الضم في قانون الأحداث، ولهذا اجتهد القانونيون العراقيون في بيانها، ومن ضمنهم المحامي جمعه سعدون، إذ أدرج في مصنّف له المستمسكات الآتية:

طلب معنون إلى قاضي محكمة الأحداث من قبل الزوجين طالبي الضم.
شهادة الجنسية العراقية لكلا الزوجين.
سند الملكية للمسكن إن وجد أو عقد إيجار الدار.
تأييد من دائرة الزوجين بالعمل والراتب الكلي إن كانا من الموظفين.
تقارير طبية تؤيد السلامة من الأمراض السارية والمعدية والأمراض العقلية على أن تكون مصدقة من مستشفى أو لجنة طبية رسمية.
تأييد من مختار المحلة يؤيد حسن السيرة والسلوك للزوجين بشهادة شاهدين عدلين.
عقد الزواج إن وجد أو صورة القيد مؤشراً عليها زواجهما.
هوية الأحوال المدنية للزوجين[19].

علماً، إذا اقتضى الحصول على إحدى هذه المستمسكات مفاتحة جهة معنية، فسيتم مخاطبتها رسمياً من قبل المحكمة. ومن ضمن الجهات التي تتم مخاطبتها في كل طلب ضمّ هي دائرة الإدعاء العام، وذلك لبيان رأيها في ضمّ الطفل إلى طالبي الضم، رغم أن رأيها غير ملزم للمحكمة. وبعد أن تتم تكملة ملف طالبي الضم بحيث يحتوي على جميع المستمسكات المطلوبة وجواب الجهات التي تت مخاطبتها، والتأكد من توفّر جميع الشروط فيهما، تصدر محكمة الأحداث قرارها الابتدائي ومن ثم النهائي بخصوص ضمّ الصغير، لكن من الناحية العملية قد يحصل تعدد الطلبات على طفل واحد، فما موقف المحكمة في هذه الحالة ؟ التطبيقات القضائية أدناه سوف تبيّن موقفها:
أولاً: جاء في قرارٍل محكمة أحداث دهوك تحت العدد: 1 /ضم/ 1998 في 29/3/1998: بالنظر لظروف كون المستدعيين كل من (م) و (ن) لهما أطفال عددهم خمسة من الأولاد والبنات وأن هناك طلبين آخرين لأشخاص لا توجد لهم أولاد، عليه قرر رد طلب المستدعيين المذكورين ورفض طلبهما.

ثانياً: جاء في قرار آخر لها تحت العدد: 3/ضم/1998 في 14/10/1998: بعد تقديم الزوجين كل من (ر) و (م) وبعد إرسالهما إلى الفحص الطبي إلا أنهما تأخرّا ولم يراجعا هذه المحكمة وكان هناك طلب آخر مقدم من زوجين آخرين بهذا الصدد وقد أنجزت تلك المعاملة في حين بقيت هذه المعاملة الخاصة بالزوجين أعلاه ولم يراجعا إلى الساعة الحادية عشر قبل الظهر وبينما المعاملة الأخرى قد أنجزت. استنتجت من ذلك المحكمة، بأن الزوجين غير جديين في ضمّ الطفلة. عليه قرر رفض طلبهما وأفهم علناً في 14/10/1998.

ثالثاً: جاء في قرارها المرقم: 3/ضم/1999: قدّم إلينا الزوجان (س) و (ي) طلباً بضمّ طفلة موجودة في مستشفى آزادي العام بدهوك وبعد تقديم المستمسكات المطلوبة تبين بأن هناك طلب آخر مقدم إلى هذه المحكمة من قبل الزوجين هما (أ) و (ن) وسجّل طلبهما تحت العدد 4/ضم/1999 ولدى تدقيق الإضبارتين تبين بأن الطلب الثاني المقدم من قبل (أ) و (ن) قد مضى على زواجهما أكثر من تسع سنوات بينما الزوجين (س) و (ي) قد تزوجا بتاريخ 1997 حسب نموذج عقد الزواج المرفق طي الإضبارة والمرقمة 568/1997 والمؤرخة 21/12/1997 وبذلك يكون الزوجين (أ) و (ن) أكثر استحقاقاً ومصلحة الطفلة متحققة لديهما أكثر، عليه قررت المحكمة رفض الطلب المقدم من خلال الزوجين (س) و (ي) استناداً لأحكام المادة 39 من قانون رعاية الأحداث وأفهم في 23/1/1999.

أخيراً: جاء في القرار المرقم: 6/ضم/1999 لنفس المحكمة: قدمت إلينا طلب الضم 6و7/ضم/1999 بتاريخ 10/6/1999 لضم طفل لقيط موجود في المستشفى بدهوك من طالبي الضم كل من (خ) و(س) والزوجين (س) و(ز) وتبين للمحكمة بأن طالبي الضم في الطلب 7/ضم/1999 متزوجان منذ عام 1978 وإنهما من سكنة دهوك ولم يرزقا بطفل منذ تاريخ زواجهما وأن الزوجان في الطلب 7/ضم/1999 متزوجان أكبر سناً من الزوجين في الطلب 6/ضم/1999 وتبين كذلك بأن طالبي الضم في الطلب 6/ضم/1999 كل من (خ) و(س) هما أصغر سناً وأنه لا يوجد ما يمس أخلاقهما وحالتهما المادية ولكن لديهما فرصة إنجاب الأطفال أكثر ما هو موجود لدى الزوجين (س) و(ز) عليه قررت المحكمة رد طلب الزوجين (خ) و(س) للأسباب المبينة أعلاه وضم الطفل اللّقيط إلى كل من (س) و(ز) وصدر القرار 13/6/1999[20].

يستنتج من التطبيقات أعلاه، أن المحكمة تحاول قدر الإمكان تحقيق العدالة بين طالبي الضم في حالة تزاحم الطلبات، وذلك من خلال مراعاة بعض المعايير رغم عدم اشتراط توافرها في الزوجين، وهو عين العدالة. ومن المعايير التي استندت إليها المحكمة في هذه التطبيقات: وجود الأطفال لطالبي الضم من عدمه، جدّيتهما في تمشية معاملة الضم، المدة الزمنية بعد إبرام زواجهما، وعمر الزوجين.

تجدر الإشارة، بأن ما ذكر أعلاه خاص بطالبي الضم داخل العراق، لكن هل يجوز تقديم طلب من قبل زوجين عراقيين يقيمان خارج البلد؟ هذا ما لم يتطرق إليه المشرع، ونرى جوازه من الناحية القانونية لأن القانون لم يشترط إقامة طالبي الضم العراقيين في العراق حصراً، لكن ستكون هناك عراقيل من الناحية العملية، ولغرض تخطّيها يفترض عودتهما إلى العراق والإقامة فيه لمدة ستة أشهر لغاية سنة حسب كل حالة لحين انتهاء مدة التجربة وصدور القرار النهائي.

وأخيراً، نود الإشارة إلى مسألة هامة، وهي: هل يجوز لطالبي الضم، الحق في تقديم طلب ضم آخر بعد حصولهما على طفل سابقاً؟ المشرع العراقي لم يشر إليها، ولم يضع أية قيود في هذا الخصوص، وبالتالي فهي جائزة قانوناً.

ثانياً: في الأردن:يقدّم طلب احتضان مشترك موقع من الزوجين إلى مديرية التنمية الاجتماعية في محل إقامة الزوجين، التي بدورها ترسل الطلب إلى لجنة الاحتضان في وزارة التنمية الاجتماعية المؤلفة من (مدير مديرية الأسرة والطفولة في الوزارة، رئيس قسم الاحتضان، ممثل الدائرة القانونية، وأي شخص آخر يرى الوزير ضرورة إنضمامه للجنة)،بعد أن تتأكد من توفّر الشروط في طالبي الاحتضان. وبعد وصول الطلبات للّجنة المذكورة، تقوم هي مرة أخرى بتدقيق ودراسة الطلبات، للتأكد من توفّر الشروط والمستمسكات فيها وإجراء المقابلات مع طالبي الاحتضان بقدر الحاجة، وترفعها للوزير من خلال الأمين العام للوزارة، لغرض صدور قرار الاحتضان من عدمه.

أما إذا كان طالبي الاحتضان مقيمان خارج الأردن، فعليهما تقديم طلبهما المشترك إمّا إلى: السفارة أو القنصلية الأردنية في ذلك البلد، وهذه الجهات بدورها ترسل الطلب مع المستمسكات المطلوبة إلى وزارة الخارجية الأردنية، أو ترسل الطلب والمستمسكات مباشرة إلى مديرية الأسرة والطفولة في الوزارة بواسطة الفاكس، ثم يقوم رئيس قسم الاحتضان في المديرية المذكورة بدراسة وتدقيق الطلب، وبعد ذلك يعرض على لجنة الاحتضان، ليمر ببقية المراحل التي أشرنا إليها.

وقد أدرجت المادة السابعة من التعليمات الأردنية لعام 2013م المستسمكات الواجب إرفاقها بالطلب وهي:
صورة بطاقة الأحوال المدنية ودفتر العائلة.
صورة مصدقة عن عقد الزواج.
صورة خلو أمراض معتمدة من المراكز التابعة لوزارة الصحة.
تقرير طبي يبين عدم قدرة الزوج أو كلا هما على الإنجاب من قبل طبيب مختص في أمراض العقم.
حجة إسلام الأسرة التي دخلت في الإسلام صادرة عن الجهات المعنية.
وثيقة تبيّن طبيعة عمل الزوج ومقدار الدخل الشهري وأي مصدر آخر للدخل مصدق حسب الأصول مثل (أراضي، عقارات، رصيد في البنك، محلات تجارية ..الخ) .
شهادة عدم محكومية لكلا الزوجين .
صورتان شخصيتان لكلا الزوجين .
أي وثيقة أخرى تدعم وضع الأسرة .
إذا وافق الوزير خطياً على الطلب، فتقوم مديرية الأسرة والطفولة في الوزارة بإبلاغ طالبي الاحتضان بالقرار وإعلامهما بترتيبهما التسلسلي في قائمة الانتظار، وحينما يحين موعدهما حسب القائمة، يتم استدعاؤهما وإبلاغهما بتكلمة إجراءات الاحتضان. أما المقيمان خارج البلاد فتقوم المديرية المذكورة بالاتصال بهما وإبلاغهما بقرار الموافقة والالتزامات المترتبة عليهما تجاه الطفل المحتضن.

وتجدر الإشارة، بأن لطالبي الاحتضان اللذين سبق وأن حصلا على طفل، تقديم طلب احتضان طفل آخر فقط، بعد مرور سنتين على احتضان الطفل الأول، شريطة على أن يكون من نفس جنس الطفل الأول، ويعاملان معاملة طالبي احتضان جديدين،وعليهما مثل غيرهما الانتظار لحين يأتي دورهما حسب ترتيب القائمة.

بعد تناول الإجراءات المتّبعة في كلا البلدين، وبيان المستسمكات المطلوبة الواجب إرفاقها بالطلب، سنقارن بينهما للتعرف على أوجه التشابه والاختلاف بينهما:

في كلا البلدين يجب تقديم طلب مشترك موقع من الزوجين، وهذا موقف حسن لكونه يبيّن إلى حد ما رغبتهما في ضم أو احتضان الطفل إليهما.
في العراق، يقدّم الطلب إلى محكمة الأحداث مباشرة، وهي التي تدقّق الطلب بنفسها وتتأكد من توفر الشروط في طالبي الضم والمستسمكات المطلوبة، ثم تصدر قرارها المناسب في الطلب. أما في الأردن، فيقدّم إلى مديرية التنمية الاجتماعية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، ومن ثم يمر الطلب بعدد من الجهات داخل الوزارة نفسها، لغرض تدقيقه ودراسته ومن ثم يصل لمكتب الوزير، لكي يصدر الأخير قراره بخصوص طلب الاحتضان.
يرجّح الباحث موقف المشرع الأردني، لكونه يخفّف من أعباء محاكم الأحداث، ويفسح لها المجال لكي تركّز جلّ اهتمامها بالجانب الجزائي للأطفال. إضافة إلى ذلك، محاكم الأحداث نفسها تستعين بالباحث الاجتماعي التابع للوزارة المذكورة لغرض متابعة شؤون الطفل المحضون. وعليه، فإن إسناد مسألة ضم أو احتضان الطفل لوزارة التنمية الاجتماعية يحقّق الأهداف المرجوة أكثر من إسنادها لمحكمة الأحداث.

في الوقت الذي تطرّق المشرع الأردني إلى مسألة تقديم طلب الاحتضان من زوجين أردنيين مقيمان خارج الأردن، ونصّ على الإجراءات المتّعبة في هذه الحالة. سكت القانون العراقي عن هذه المسألة، ولم يبيّن موقفه.
في الأردن، المستسمكات المطلوبة لغرض تقديم طلب الاحتضان منصوص عليها في التعليمات بصورة واضحة وصريحة. أما في العراق، فإن المشرع لم ينص عليها إذ جاءت نصوص قانون الأحداث خالية من أي إشارة إليها. وعليه، فإن المشرع العراقي مطالب بالتدخل والنص عليها بشكل جلي وعدم تركها للاجتهادات.
في حالة تعدد الطلبات،محكمة الأحداث في العراق تختار طلباً وتقضي برفض أو رد بقية الطلبات، استناداً لبعض المعايير وإن توفّرت جميع الشروط والمستمسكات المطلوبة في هذه الطلبات. وعليهم تقديم طلبات أخرى، إن أرادوا ضم طفل إليهم. بينما في دولة الأردن الجارة، لا يقضي الوزير برد أو رفض الطلبات إن توفرّت فيها الشروط والمستمسكات، وإنما يوافق على جميعها، ويتم درج أسماء جميع أصحاب الطلبات في قائمة الانتظار، ويتم الاتصال بهم حينما يحين دورهم حسب القائمة، وهذا هو عين العدالة. والمشرع العراقي مطالب للإقتداء به.
جاءت التعليمات الأردنية بنص صريح يشير إلى حق طالبي الاحتضان بتقديم طلب آخر لغرض الحصول على طفل آخر فقط بعد مرور سنتين من استلامهما الطفل الأول، وعلى أن يكون جنسه من نفس جنس الطفل الأول. أما قانون الأحداث العراقي، فجاء خالياً من أي نص يشير إلى ذلك. لكن من الناحية العملية، فإن هذا الحق مضمون لهما،ولاتفرض عليهما شروط أخرى، في حالة تقديمهما طلب الضم الثانية أو الثالثة وغيرها.

وعليه، نرجّح التعليمات من ناحية، لأن تنظيم مثل هذه المسائل بنصوص أفضل من عدم الإشارة إليها. كما يتفق الباحث مع الشروط التي وضعتها، فشرط مضي مدة سنتين، تمّكن الوزارة من معرفة مدى اهتمام وجدّية طالبي الاحتضان بالطفل الأول، وحسن نواياهما. أما شرط الجنس فهو الآخر شرط مهم، فلكون الطفلين غير محرمين لبعضهما البعض، فإنه من الأفضل أن يكونا من نفس الجنس، وهذا موقف حسن. أما شرط عدم السماح لهما بالحق في احتضان طفل ثالث، فهذا ما لا يتفق معه الباحث،إذ طالما هناك أسرة راغبة في احتضان طفل ثالث ورابع وتتوفر فيها كافة الشروط ولديها كافة المستمسكات المطلوبة، وثبتت جدّيتها واهتمامها بالأطفال التي سبق وأن احتضنتها فليس هناك مبرر أو علّة للنص على هذا الشرط.

وعليه، ندعو المشرع العراقي بتناول هذه المسألة بصورة صريحة مثل التعليمات الأردنية، والنص على شرطي المدة والجنس، دون الشرط الثالث المتعلق بعدد الأطفال الذين يجوز ضمّهم، حيث نرى ضرورة ترك ذلك لرغبة طالبي الضمّ مادام تتوفر فيهما الشروط، لأن ذلك يحقق مصلحة الطفل والمجتمع من جانب، ورغبة طالبي الضم من جانب آخر، ولا ضير من ذلك إذ الفائدة تعمّ الجميع.

المطلب الخامس: قرار ضمّ (احتضان)الصغير والإجراءات التي تعقبه.
أولاً: في العراق:قرار ضمّ الصغير في القانون العراقي يمرّ بمرحلتين، مرحلة مؤقتة وأخرى دائمة. ففي البداية، تصدر محكمة الأحداث قرار ابتدائي، وبعد ذلك تصدر قرارها النهائي. فما المقصود بهذين القرارين.

القرار الابتدائي: هو القرار الذي يصدره محكمة الأحداث بصفة مؤقتة بضمّ الصغير إلى طالبي الضم لفترة تجريبية أمدها ستة أشهر قابلة للتجديد لنفس المدة أي قد تمتد هذه الفترة لمدة سنة واحدة ولكن على مرحلتين.

بعد إصدار القرار الابتدائي تلزم المحكمة الباحث الاجتماعي بزيارة دار الزوجين مرة واحدة في الأقل كل شهر للتحقق من رغبتهما في ضمّ الصغير ومن رعايتهما له ويقدّم بذلك تقريراً مفصلاً إلى المحكمة. علماً، المحكمة ومن خلال تلك التقارير تستطيع معرفة مدى توفر شرط حسن النية لدى الزوجين. وأدناه نموذج من القرار الابتدائي:

تشكّلت محكمة أحداث دهوك بتاريخ…..من قاضيها السيد……المأذون بالقضاء باسم الشعب وأصدرت القرار الآتي:
بناء على الطلب المقدم من قبل الزوجين كل من السيد (س) والسيدة (ص) والمتضمن بضمّ الطفل اللّقيط مجهول النسب والموجود حالياً في مستشفى……..ولعدم وجود مانع صحي أو قانوني ولتحقق الشروط في طالبي الضم، عليه قررت المحكمة ضمّ الطفل اللّقيط إلى طالبي الضم بصفة مؤقتة ولفترة تجريبية أمدها ستة أشهر ويجوز تمديدها لستة أشهر أخرى وإرسال الباحث الاجتماعي إلى دار الزوجين مرة واحدة على الأقل كل شهر للتأكد من رغبة الزوجين في ضم الطفل اللّقيط ورعايته رعاية جيدة وعلى أن يقوم الباحث الاجتماعي بتقديم تقرير مفصّل إلى هذه المحكمة مرة واحدة على الأقل كل شهر وصدر القرار استناداً لأحكام المواد 39 و40و41و42و43و44و45و46 من قانون رعاية الأحداث المعدل وأفهم علناً في……. [21].

أما القرار النهائي:فهو القرار الذي يصدره محكمة الأحداث بضمّ الصغير إلى طالبي الضم بعد انتهاء مدة التجربة إذا وجدت بأن مصلحة الصغير متحققة برغبة طالبي الضم الأكيدة في ضمّه إليهما. وأدناه نموذج من القرار النهائي:

تشكّلت محكمة أحداث دهوك بتاريخ…..من قاضيها السيد……المأذون بالقضاء باسم الشعب وأصدرت القرار الآتي:
كانت هذه المحكمة قد أصدرت بتاريخ……قراراً ابتدائياً بتسليم الطفل مجهول النسب إلى طالبي الضم كل من الزوجين (س) و (ص) لفترة تجريبية أمدها ستة أشهر عملاً بأحكام المادة 56 من قانون رعاية الأحداث المعدل، وقد وجدت المحكمة بعد انتهاء فترة التجربة بأن طالبي الضم يرغبان رغبة جدية بضم الطفل مجهول النسب وأن مصلحة الصغير متحققة كما تبين ذلك من تقارير الباحث الاجتماعي المقدم إلى هذه المحكمة خلال فترة التجربة، لذا قررت المحكمة إنهاء فترة التجربة ورعاية الطفل مجهول النسب من قبل طالبي الضم المشار إليهما أعلاه والإنفاق على الصغير إلى أن يتزوج أو يعمل وإلى أن يصل الغلام الحد الذي يكسب فيه أمثاله ما لم يكن طالب علم أو عاجز عن العمل لعلة في جسمه أو عاهة في عقله ففي هذه الحالة يستمر الإنفاق عليه لحين حصول طالب العلم على الشهادة الإعدادية كحد أدنى أو بلوغه السن التي تؤهله الحصول عليها وحتى يصبح العاجز قادراً على الكسب والإيصاء للصغير بما يساوي حصة أقل وارث على أن لا تتجاوز ثلث التركة وتكون واجبة لا يجوز الرجوع عنها وبناءً على طلب الزوجين المشار إليهما أعلاه والمقدم إلى هذه المحكمة بتاريخ…….بإقرارهما بنسب الطفل مجهول النسب لذا قررت المحكمة ضم وثبوت نسب الطفل مجهول النسب إلى الزوجين المشار إليهما أعلاه ويعتبر مسلم عراقي وذلك استناداً لأحكام المواد 40و41و42و43و44و45و46 من قانون رعاية الأحداث المعدل وأفهم في….[22].

علماً، في نهاية قرار الضم تدرج جدول تتضمن الحقول الآتية: اسم المولود، اسم الأب المتبني، اسم الأم المتبنية، الجنس، الديانة،الجنسية، تاريخ ومحل الولادة.

بعد صدور القرار النهائي،على المحكمة إرسال نسخة من قرارها النهائي بالضم أو بالإقرار بالنسب إلى مديرية الجنسية والأحوال المدنية العامة لقيده في سجلاتها، ويتم تسجيل طالبي الضم كوالدين للصغير إن كان مجهول النسب وهذا واضح من حقول الجدول، أما إذا كان يتيم الأبوين، فإنه يبقى على اسم والديه الحقيقيين المتوفيين،ويتم تأشير قرار ضمّ الصغير إليهما فقط، لأن النسب من النظام العام.

وتجدر الإشارة، بأن الإقرار بنسب الصغير(مجهول النسب) من اختصاص محاكم الأحداث حصراً بموجب المادة 44 من قانون الأحداث المعدل،ولا يجوز لغيرها من المحاكم النظر فيه، وهي تطبق بشأنه قانون الأحوال الشخصية[23]، أما عدا ذلك من المسائل المتعلقة بالنسب فإنها تدخل في اختصاص محاكم الأحوال الشخصية ومحاكم المواد الشخصية.

وأخيراً، فإن الطعن في قرارات محكمة الأحداث بخصوص ضمّ الصغير،من اختصاص محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية، على اعتبار أن رئيس محكمة الأحداث ينظر معاملات الضم لوحده دون تشكيل الهيئة، لكن محكمة تمييز العراق يعتبر الطعن في هذه القرارات من اختصاص محكمة التمييز، إذ جاء في قرارها تحت العدد: 80/موسعة ثانية/1990 في 22/7/1990:” أن القرارات الصادرة من محاكم الأحداث بشأن طلب ضمّ الصغير وفق المواد 39 و40 و41 من قانون رعاية الأحداث يعتبر الطعن فيها من اختصاص محكمة التمييز لأنها لا تعتبر من القرارات الصادرة في دعوى جنحة الذي أعطى قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 104 لسنة 1988 صلاحية النظر في الطعون المقدمة بشأن القرارات والأحكام الصادرة من محاكم الجنح والأحداث إلى محاكم الاستئناف للنظر فيها بصفتها التمييزية”[24].

ثانياً: في الأردن:يمكن تعريف قرار الاحتضان بأنه: القرار الذي يصدره وزير التنمية الاجتماعية بتعهّد طفل مجهول النسب إلى طالبي الاحتضان لمدى الحياة، ما لم تظهر أسباب إلى الوجود تجعل من استمرارية بقاء الطفل لديهما غير ممكنة. أما فيما يتعلق بنموذج قرار الاحتضان فلم يتسنَ للباحث الحصول عليه، ولهذا لم نستطع إدراجه هنا.

عند قراءة المادة الثامنة من التعليمات الأردنية والتمعّن في الصياغة التي كتبت بها فقرات هذه المادة، يستنتج بأن هناك عدّة إجراءات يجب القيام بها بعد صدور قرار الموافقة من الوزير، الأولى والثانية منها خاصة بطالبي الاحتضان المقيمان داخل البلد، والبقية خاصة بالمقيمين خارج الأردن.

بخصوص الإجراءات الخاصة بطالبي الاحتضان المقيمين داخل البلد، فإن مديرية الأسرة والطفولة في الوزارة تقوم بإبلاغ طالبي الاحتضان بالقرار وإعلامهما بترتيبهما التسلسلي في قائمة الانتظار، وحينما يحين موعدهما حسب القائمة، يتم استدعائهما وإبلاغهما بتكملة إجراءات الاحتضان، وهذا ما أشرنا إليه سابقاً.

أما فيما تتعلق بالإجراءات الخاصة بطالبي الاحتضان المقيمين خارج البلد، فإن المشرع قد فصلّت فيها، ونصّت على عدد من الإجراءات يجب تنفيذ أغلبيتها، وهي كما يلي:
مديرية الأسرة والطفولة تقوم بإبلاغ طالبي الاحتضان بقرار الموافقة والالتزامات المترتبة عليهما تجاه الطفل المحتضن.
بعد حضورهما من الخارج يتم تحويلهما إلى مؤسسة الرعاية الاجتماعية لاختيار طفل لهما من بين الأطفال الموجودين هناك، على أن يتم مراعاة الأصول الإدارية في المؤسسة المذكورة. علماً، عملية الاختيار تحصل حينما يكون هناك أكثر من طفل، وإلاّ عليهما أخذ الطفل الموجود.
يحق لهما الاطلاع على الملف الصحي للطفل بواسطة طبيب المؤسسة المشرف على الطفل، ويحق لهما أيضاً عرض الطفل على طبيب خاص على نفقتهما،على أن يرافقهما ممرضة من المؤسسة أو من يقوم مقامها.
تحويلهما إلى دائرة الأحوال المدنية والجوازات لغرض إصدار شهادة ميلاد الطفل، ودفتره العائلي، وجواز سفره على أن لا ينسب الطفل إلى طالبي الاحتضان،ولهما الحق في الحصول على كتب رسمية لتسهيل أمر حصول الطفل على تأشيرة السفر وإجراءات مغادرة الأردن.
يجب عليهما تزويد مديرية الأسرة والطفولة في الوزارة بصورة من شهادة الميلاد الصادرة للطفل من دائرة الأحوال المدنية والجوازات ليتسنى لهما استلام الطفل من المؤسسة.
عليهما التكفّل بنفقات سفر الموظف المختص في السفارة الأردنية في مكان إقامتهما في البلد الأجنبي، بهدف إجراء الدراسة الاجتماعية أو اعتماد الدراسة الاجتماعية المعدة من قبل الجهة المختصة في شؤون الاحتضان في ذلك البلد.
عليهما توقيع التعهد الخطي وفق النموذج المعتمد من قبل وزارة التنمية الاجتماعية.
تبيّن فيما سبق، بأن المادة 8 من التعليمات في الوقت الذي بيّنت تفاصيل الإجراءات التي يجب القيام بها من قبل طالبي الاحتضان المقيمان خارج الأردن بعد حضورهما، نصّت فقط على تبليغ طالبي الاحتضان المقيمان داخل البلد بقرار الموافقة واستدعائهما بتكملة إجراءات الاحتضان، دون بيان ماهية تلك الإجراءات.

وعند قراءة الإجراءات السبعة المذكورة أعلاه الخاصة بالمقيمين خارج الأردن، والتي تعتبر بعضها حقوقاً وليست بإجراءات لازمة، يعتقد بأن هناك إشكالية في صياغة نص المادة 8، لأن العقل والمنطق يقتضيان شمول طالبي الاحتضان المقيمان داخل الأردن بجميع الإجراءات والحقوق السبعة المذكورة أعلاه، سوى الإجراء السادس، وإلاّ سيكون هناك تمييز بين المواطنين الأردنيين، إذ يستشعر من تلك الإجراءات بتفضيل المقيمين خارج البلد على المقيمين داخله، والعدالة تقضي العكس.

وتجدر الإشارة، بأنه وبعد صدور قرار الاحتضان تجري المتابعة لأسرة طالبي الاحتضان مرة واحدة كل سنة من تاريخ إسلامهما الطفل أو عند الحاجة، وذلك للتأكد من مدى اهتمامهما بالطفل والتحقّق من أشكال الرعاية الاجتماعية المختلفة التي تقدم إليه وذلك حسب الفقرة الأولى من المادة التاسعة من التعليمات، ويجوز للوزير بموجب المادة 12 من نظام رعاية الطفولة، إعادة النظر في قرار الاحتضان ووضع الطفل في مكان آخر، بناء على دراسة اجتماعية يعدّها موظف مختص في الوزارة.

أما فيما يتعلق بالطعن في القرارات الصادرة بمسائل الاحتضان، فإن التعليمات لم تنص عليها ولكن نظراً لكون القرارات تصدر من الوزير، فإنها خاضعة لأحكام القانون الإدراي لهذا البلد.

بعد بيان موقف قانون الأحداث العراقي والتعليمات الأردنية من قرار الضم والاحتضان والإجراءات المتّبعة بعده، سنحاول المقارنة بينهما، للتعرف على أوجه التشابه والاختلاف بينهما، وترجيح الأفضل:

قرار الضم يصدر على مرحلتين في العراق. ففي البداية، يصدر قرار ابتدائي لمدة ستة أشهر، قابل للتجديد لنفس المدة، تتأكد المحكمة خلالها عن مدى رغبة طالبي الضم في ضمّ الطفل إليهما، فإذا ثبت لها رغبتهما الأكيدة تصدر قرارها النهائي بالضم. أما في الأردن، فقرار الاحتضان يصدر دفعة واحدة. عليه، نرجّح موقف المشرع العراقي لسببين، أولاً: يحقق مصلحة للطفل، فهو لا يضمّ إلاّ لأسرة صادقة في ضمّه إليها. ثانياً: تجنب تنفيذ الإجراءات والتبعات التي يخلفه صدور القرار.
الباحث الاجتماعي في كلا البلدين يقوم بزيارة أسرة طالبي الضم أو الاحتضان بعد استلامها الطفل، وتقدّم تقرير شامل إلى الجهات المعنية، وهذا موقف حسن منهما. لكن الاختلاف بينهما يأتي من حيث العدد والمدة. ففي العراق، الباحث يزور أسرة طالبي الضم ستة أشهر الأولى فقط من صدور القرار الابتدائي، وفي كل شهر يقوم بزيارة واحدة تقدم عنها تقرير لمحكمة الأحداث، ويجوز للمحكمة تمديد هذه المدة على أن لا تتجاوز ستة أشهر أخرى. أما في الأردن، فإن الباحث يزور أسرة طالبي الاحتضان مرة واحدة كل سنة لغاية إكمال الطفل الثامنة عشرة من عمره، لأنه بوصوله لهذا السن يصبح بالغاً ولا يعد طفلاً حسب المواثيق الدولية. وعليه، نرى أن فترة التجربة التي نصّت عليها القانون العراقي والزيارات الشهرية خلال تلك الفترة، موقف حسن. لكن الزيارات السنوية المنصوص عليها في التعليمات الأردنية هي الأخرى موقف جيد. لذا نرى الدمج بينهما لتحقيق أفضل مصلحة للطفل، ويكون على الصورة الآتية: تكون الزيارات شهرية خلال ستة الأشهر الأولى أو السنة الأولى في حالة التمديد، وبعد ذلك ولغاية إكمال الطفل 18 سنة من عمره يكون الزيارات سنوية.
من أهم المسائل التي تناولها القرار النهائي للضم هي: مسألة النسب. فالطفل مجهول النسب يتم تبنّيه من قبل طالبي الضم، بعد إقرارهما بنسبه إليهما، وهذا واضح جداً من نموذج القرار ومن الحقول المدرجة فيه (اسم الأب المتبني، اسم الأم المتبنية). أما في دولة الأردن الجارة، فهذا غير جائز إذ نصّت الفقرة السادسة من المادة الثامنة من التعليمات بكل وضوح على: “شريطة أن لا ينسب إلى الأسرة طالبة الاحتضان”. وعليه، نرجّح موقف المشرع الأردني، ونرفض بشدة موقف القانون العراقي لكونه يجيز التبنّي، المخالف للشريعة.
وتجدر الإشارة، بأن موقف المشرع العراقي من هذه المسألة جعل من أحد الباحثين يقول: يعتبر القانون العراقي في هذا المجال، القانون الوحيد من بين قوانين الدول العربية الذي أجاز تبني اللّقيط أو مجهول النسب، أما تلك القوانين فأقرّت بأن يكون لكل مولود اسم يميزه عن غيره من الأشخاص، وأن معظم التشريعات العربية جعلت انتساب الابن غير الشرعي (الناتج عن علاقة محرمة) انتسابه إلى أمه، مستندة إلى أحكام الشريعة الإسلامية[25].

ولغرض التأكد من أن موقف القانون العراقي مخالف للشرع الإسلامي الحنيف،نذكر لكم فتوى من قطاع الإفتاء الكويتي، وأخرى من الأزهر الشريف.
أولاً: فتاوى قطاع الإفتاء بالكويت:”وأما التبني: (وهو إدعاء رجل أو امرأة ببنوة مجهولِ النسب لم يولد على فراش الزوجية فإنه حرام) لقوله تعالى{وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ، ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فإن لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأتم بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وكان اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[26].…على أن هذا لا يمنع التكفّل باللّقيط والقيام بحاجاته على سبيل المعروف مع معاملته معاملة الأجنبي بالنسبة لزوجة المتكفل وأولاده ولا توارث بين اللّقيط ومن قام بتربيته، ولو أن أحداً تبنى طفلاً فالتبني باطل ولا أثر له شرعاً”[27].وجاء في فتوى آخر:”لا يجوز للمستفتي أن يتبنى هذا الطفل بمعنى أن ينسبه إليه ويدعيه ابناً له سواء في المحررات الرسمية أو غيرها، كما أنه لا يجوز لهذا الطفل إذا بلغ أن يرى من زوجة المستفتي إلاّ ما يراه منها الرجال الأجانب لأنه أجنبي عنها، ولا يجوز له كذلك الخلوة بها”[28].

ثانياً:فتاوي الأزهر:”إذا لم يثبت نسب الطفل إلى والديه أو الأم وحدها على الأقل لم ينسب لأسرة ما، لكون النسب في الإسلام من حقوق الله تعالى التي تقابل التعبير القانوني الآن (النظام العام)، ولكنه مع هذا يعتبر مواطناً له كل الحقوق المكفولة من الدولة. فالدولة هي الملزمة برعاية الأطفال اللقطاء وتلحقهم بأسر بديلة تتكفّل بتربيتهم حتى ينشئوا نشأة أسرية، غير أن الشريعة الإسلامية مع هذا لا تقر التبني وتحرمه، لأن التبني يقصد به إلحاق معروف أو مجهول النسب ونسبته إلى ملحقه مع التصريح من هذا الأخير بأنه يتخذه ولداً له حال أنه ليس بولد له حقيقة- وأن التبني بهذا المعنى- أمر محرّم في الإسلام ثبت تحريمه وإبطاله”[29].

وقد ورد في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ)[30]، كما ورد في صحيح مسلم: (وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)[31]. وبناء على ما تقدم، فإن المشرع العراقي مطالب وبشدة بمراجعة موقفه، والاقتداء بالمشرع الأردني في مسألة نسب الصغير مجهول النسب.

علماً، هناك آراء تقول بجواز الإقرار نسب مجهول النسب من باب الاستحسان حتى لا يلحق به العار مدى حياته ويحاسب على جرم لم يرتكبه، لكن لا نتفق مع هذا الرأي، للأسباب المذكورة في الفتاوى المذكورة أعلاه.

نصت التعليمات الأردنية على جميع الإجراءات المتّبعة بعد صدور القرار بصورة جليّة. بينما القانون العراقي لم ينص سوى على إجراء واحد ألا وهو إلزام محكمة الأحداث بإرسال نسخة من قرارها النهائي بالضم أو بالإقرار بالنسب إلى مديرية الجنسية والأحوال المدنية العامة لقيده في سجلاتها. ومن الناحية العملية، يتم تسليم القرار لطالبي الضم لإيصاله للمديرية المذكورة، وهذا الإجراء غير سليم لأن المفروض هو إرساله من قبل المحكمة نفسها. وعليه، نرجّح التعليمات رغم ما يعتريه فقرات المادة 8 من صياغة لغوية تحتاج إلى تصحيح، لأن النص على هذه الإجراءات والحقوق، يعتبر دليل ومرشد عمل لكلا الطرفين (طالبي الاحتضان) و(الجهات الرسمية)، وبالنتيجة لا يستطيع أي منهما التنصل بالتزاماته، بعكس القانون العراقي، الذي يعتريه فراغ تشريعي في هذه المسألة. وعليه، يتعذر علينا إجراء المقارنة بين هذه الإجراءات والحقوق الواردة في التعليمات التي يؤيدها الباحث، وبين القانون العراقي.

المطلب السادس: التزامات طالبي الضم بعد صدور القرار النهائي بالضم.
نص المشرع العراقي في المادة 43 من قانون الأحداث على التزامات طالبي الضم وهي ما يلي:
أولاً:النفقة على الصغير إلى أن تتزوج الأنثى أو تعمل، وإلى أن يصل الغلام الحد الذي يكسب فيه أمثاله ما لم يكن طالب علم أو عاجز عن الكسب لعلّةٍ في جسمه أو عاهةٍ في عقله، ففي هذه الحالة يستمر الإنفاق عليه لحين حصول طالب العلم الشهادة الإعدادية كحد أدنى أو بلوغه السن التي تؤهله للحصول عليها وحتى يصبح العاجز قادراً على الكسب، وهي نفس حقوق الأولاد على أبيهم بموجب المادة 59 من قانون الأحوال الشخصية العراقي[32].
أولا: الايصاء للصغير بما يساوي حصة أقل وارث على أن لا تتجاوز ثلث التركة وتكون واجبة لا يجوز الرجوع عنها.

أما التعليمات الأردنية، فقد نصّت على جملة من الالتزامات أو المسؤوليات الواقعة على عاتق طالبي الاحتضان حسب المادة التاسعة منها، وهي:
أولاً: توفير كافة أشكال الرعاية الاجتماعية للطفل،والتي تتمثل في التنشئة الأسرية البديلة والعلاج والتعليم والإنفاق والى غير ذلك من الأمور.ويتم التحقق من ذلك، من خلال الزيارات السنوية أو الطارئة (عند الحاجة) للباحث الاجتماعي لأسرة طالبي الاحتضان.

ثانياً: القدرة على إعداده لمواجهة ظروف الحياة المتعددة من مختلف النواحي حتى يكون قادراً على الاعتماد على نفسه.

ثالثاً: التزام طالبي الاحتضان بإعلام الطفل لمواجهة ظروف الحياة المتعددة من مختلف النواحي حتى يكون قادراً على الاعتماد على نفسه بواقعه الاجتماعي عند بلوغه سن الخامسة،وذلك بالتنسيق مع مديرية الأسرة والطفولة.

رابعاً: إبلاغ وزارة التنمية الاجتماعية بكافة التغيرات التي تطرأ على محل إقامتهما وعلاقتهما بالطفل.

خامساً: أية أمور أخرى يحددها الوزير لتحقيق المصلحة الفضلى للطفل.

لو أجرينا مقارنة بين التزامات طالبي الضم والاحتضان في البلدين، سنتوصل إلى ما يلي:

في الوقت الذي ألزم المشرع العراقي طالبي الضم بـ (الإنفاق) على الطفل المضموم إليهما، نصتّ التعليمات الأردنية على جميع صور الرعاية الاجتماعية التي يجب تقديمها للطفل المحتضن ومن ضمنها الإنفاق. في الحقيقة، أن ما نصّ عليه القانون والتعليمات بخصوص الإنفاق وصور الرعاية، هي مجرد تأكيد على ما جاءت في الشروط الواجب توافرها في طالبي الضم والاحتضان، لذا لم يكن هناك داعٍ لذكره مرة أخرى. لكن ما يجعلنا نقبل موقف المشرع العراقي وترجيحه هو: أنه في المادة 43 أوضحت تفاصيل الإنفاق على الطفل المضموم ولم يكتفِ بمجرد التأكيد على مصطلح (الإنفاق) مثل التعليمات. إضافة إلى ذلك،فإنه نظر إلى الطفل المضموم كأنه ولد لطالبي الضم، ولهذا ألزمهما بالإنفاق عليه، مثل إنفاقهما على أولادهما.
الالتزام الثاني والثالث المذكورتين في التعليمات الأردنية، هي الأخرى تأكيد لشروط طالبي الاحتضان، وأن ذلك لا يعدّ إلاّ حشوا في النصوص، وكان على المشرع الأردني تجنّبه. لذا نرجّح القانون العراقي، الذي اكتفى بذكرها في الشروط فقط، وعدم تكرارها ضمن التزامات طالبي الضم.
إلزام طالبي الاحتضان بتبليغ الوزارة في حالة قيامهما بتغير محل إقامتهما أو حصول تغير في علاقتهما بالطفل المحضون، موقف حسن لأن ذلك يمكّن الباحث الاجتماعي من القيام بالمتابعة الأسرية لطالبي الاحتضان في موعده المحدد، وبالتالي تتمكّن الوزارة من الإطلاع ومعرفة أحوال الطفل المحضون باستمرار ودون عراقيل. أما القانون العراقي، فقد خلا من أي نص يلزم طالبي الضم، بهذا الالتزام. وعليه، نرجّح موقف المشرع الأردني.
الالتزام المثير الذي تناوله المشرع العراقي دون المشرع الأردني هو (الوصية الواجبة). إذ ألزم طالبي الضم بالإيصاء للصغير بما يساوي حصة أقل وارث على أن لا تتجاوز ثلث التركة وتكون واجبة لا يجوز الرجوع عنها.

هذا الموقف جعل من أحد الباحثين يقول: القانون العراقي هو القانون الوحيد من بين قوانين الدول العربية الذي أجاز التوارث بين اللّقيط والملتقط[33]، لكن هذا الرأي بعيد عن الصواب، لأن القانون العراقي لم يجز التوارث وإنما ألزم طالبي الضم (الملتقط) بالإيصاء للصغير (اللّقيط) بما يساوي حصة أقل وارث على أن لا تتجاوز ثلث التركة وتكون واجبة لا يجوز الرجوع عنها، وهناك فرق شاسع بين أن يكون الشخص وارثاً وبين أن يكون مجرد صاحب حصة في تركة شخص ما، لأن لكل واحد منهما (الوصية، الميراث) أحكام خاصة في القانون والشريعة.إضافة إلى ذلك، لا يوجد في القانون العراقي أي نص يشير إلى حق الملتقط (طالبي الضم) في أن يكون وارثاً أو صاحب حصة في تركة اللّقيط (الصغير المضموم) بعد وفاة الأخير.

ونود الإشارة، بأن موضوع الوصية بحد ذاته موضوع شخصي، يجوز لأي شخص كان في أن يوصي لشخص معين بنسبة معينة من ماله بعد وفاته على أن لا تتجاوز ثلث التركة. وعليه، فإذا كان طالبي الضم أوصوا بالوصية بإرادتهما، فهذا جائز ولا مانع لدى الشرع، أما جبراً فهذا غير جائز[34]. وكما أن الوصية الإجبارية غير جائزة في الشريعة الإسلامية فإن التوارث بين الملتقط واللّقيط هي الأخرى غير جائزة في الشريعة إذ لا يعتبر أحدهما وارثاً للآخر بأي شكل من الأشكال.

وقد ذهب القاضي (تترخان عبد الرحمن) إلى: أن طالبي الضم رضوا بشرط الوصية للصغير المضموم وأن المؤمنون عند شروطهم، عليه يرى بأن القانون العراقي أكثر عدلاً وإنصافاً ورحمةً من غيره من القوانين، وأن المشرع العراقي ذو رؤية واسعة للأمور[35]. لكن الباحث لا يتفق مع هذا الرأي، لأن إرادة طالبي الضم معيبة وهناك شبه إكراه في هذه الحالة، إذ المشرع قد استغل حاجتهما، وأنهما لم يقبلا بالشرط إلاّ لكونهما مضطرّان لضمّ الطفل إليهما.

وبناءً على ما تقدم نرى، ضرورة تعديل القانون وذلك بجعل الوصية جوازية وليست وجوبية وإن كان قصد المشرع منها معرفة النيّة الحقيقية لطالبي الضم، لأنه بدلاً من أن ينص المشرع على إلزام الدولة بتقديم المساعدات لطالبي الضم مقابل إحسانهما للطفل المتبني ومساعدتهما الدولة في بقاء المجتمع نظيفاً خالياً من المشاكل الاجتماعية والجرائم، عاقبهما بوجوب الإيصاءلصالح الطفل.

المطلب السابع: إلغاء قرار الضم وانتهاء قرار الاحتضان.
أولاً: إلغاء قرار الضم في القانون العراقي.
عند قراءة المواد الخاصة بمسألة ضمّ الصغير من (39 ولغاية 46)، يفهم بأن إلغاء قرار الضم يشمل القرار الابتدائي الخاص بفترة التجربة فقط دون القرار النهائي، إذ بعد أن تناول المشرع القرار الابتدائي في المادة 40 تناول مباشرة موضوع إلغاء قرار الضم في حالتين، وفي المادة 41 تناول القرار النهائي. وعليه، فإن القرار الأخير، غير قابل للإلغاء بأي شكل من الأشكال، والعلّة وراء ذلك تكمن في الالتزامات المترتبة على عاتق طالبي الضم كما يعتقده المشرع، لكن الباحث لا يؤيد وجهة نظر المشرع، لأنه يتوقّع وقوع حالات، إلغاء القرار النهائي فيها، أفضل للطفل المضموم من بقائه لديهما.

أما الحالتين التي نصّت عليهما المادة 41 من قانون الأحداث، والتي تستوجبان إلغاء القرار الابتدائي، فهي ما يلي:

إذا عدل الزوجان أو أحدهما عن رغبته في ضمّ الصغير خلال فترة التجربة.
إذا تبيّن للمحكمة أن مصلحة الصغير غير متحققة في بقائه لدى طالبي الضم. ويتم معرفة ذلك من خلال التقارير الشهرية التي يقدّمها الباحث الاجتماعي للمحكمة والتي سبق وأن تناولناها.
أما مصير الصغير في هاتين الحالتين، فإنه على المحكمة تسليم الصغير إلى أي مؤسسة اجتماعية معدة لهذا الغرض والتي هي عادة دور الرعاية الاجتماعية.

ومن التطبيقات القضائية في هذه المسألة: جاء في قرار لمحكمة أحداث دهوك تحت العدد: 5/ضم/1999 في 20/3/1999 ما هو آتٍ: بناء على الطلب المقدّم إلينا من قبل طالبة الضم (ص) والمتضمن عدم قدرتها على تربية الطفلة اللّقيطة التي ضمّها إليها وإلى زوجها (ي) وعدم رغبتها في ضمّ الصغيرة أعلاه، عليه واستناداً إلى أحكام المادة 41 من قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 قررت المحكمة إلغاء قرار الضم الابتدائي المرقم 5/ضم/1999 في 3/2/1999 وتسليم الصغيرة أعلاه إلى مستشفى أزادي قسم الخدج للاحتفاظ بها لحين اتخاذ قرار لاحق بهذا الصدد وصدر القرار في 20/3/1999[36].

ثانياً: انتهاء قرار الاحتضان في التعليمات الأردنية.
رغم أن قرار الاحتضان يصدر لمرة واحدة وبصورة نهائية في آنٍ واحد إلاّ أن التعليمات ومن خلال المادة العاشرة نصّت على عشر حالات ينتهي بها الاحتضان بقرار من الوزير أو المحكمة المختصة،وهذه الحالات هي ما يلي:

ثبوت نسب الطفل إلى والديه الحقيقيين بموجب قرار صادر من محكمة مختصة.
ثبوت إصابة طالبي الاحتضان أو أحدهما بمرض جسدي أو عقلي، أو أصبحا فاسدي الأخلاق بحيث تعتبر استمرارية احتضانهما للطفل غير مناسب.
التخلي عن الطفل على نحو يكون سبباً في ضياعه أو انحرافه الأخلاقي، أو ثبوت الإساءة إليه.
ردة طالبي الاحتضان أو أحدهما عن الإسلام .
وفاة طالبي الاحتضان أو أحدهما. وفي هذه الحالة، أجازت التعليمات لأحد أقاربهما التقدّم بطلب احتضان جديد.
عند وقوع الطلاق بين طالبي الاحتضان، لكن يحق لأحدهما الاستمرار في احتضان الطفل إن أراد ذلك من خلال دراسة اجتماعية جديدة، كما يجوز لأحد أقاربهما التقدّم بطلب احتضان جديد وحسب الأصول على أن لا يتعارض ذلك مع مصلحة الطفل المحضون.
يحق لطالبي الاحتضان احتضان طفل آخر في حالة وفاة الطفل الأول بصورة طبيعية، وليست بإهمال منهما وذلك بموجب تقرير صادر عن الطب الشرعي.
إذا ظهر للطفل بعد احتضانه من قبل طالبي الاحتضان إعاقة معينة أو مرض مزمن،فيحق لهما التقدّم بطلب إعادته مع ضمان حقهما في احتضان طفل آخر إن أرادا.
رغبة الأسرة الحاضنة بإعادة الطفل لأسباب يقتنع بها وزير التنمية وتحقق في نفس الوقت مصلحة الطفل، لكن يشترط في هذه الحالة أن لا يتجاوز عمر الطفل18 سنة.
فقدان أي شرط من شروط الاحتضان.
عند قراءة هذه الحالات يشعر القارئ بأن الوزارة كانت غير موفقة عند إصدارها لهذه التعليمات، إذ فيها حشو زائد ولم تكن هناك حاجة للنص على جميع هذه الحالات. فالحالة الأخيرة التي هي فقدان شرط من شروط الاحتضان تغطي الحالات (2، 3، 4) أيضاً، لأن الحالات المذكورة هي في حقيقتها فقدان لشرط من شروط الاحتضان لو تم قراءتها بدقة وتمعّن، هذا من جانب. ومن جانب آخر، فحتى الحالتين الخامسة والسادسة هي الأخرى تعتبر من حالات فقدان شروط الاحتضان، إذ بوفاة طالبي الاحتضان أو أحدهما، أو الطلاق بينهما لم تعد هناك أسرة قائمة من زوجين، التي هي من إحدى شروط الاحتضان.

ويلاحظ، بأن مشرع التعليمات قد وقع في تناقض بخصوص حالتي وفاة أحد طالبي الاحتضان والطلاق بينهما.فرغم وقوع الطلاق بينهما بإرادة أحدهما أو كليهما أعطى الحق لأي واحد منهما الاستمرارية في احتضان الطفل، من خلال دراسة اجتماعية جديدة، بينما الوفاة يقع خارج إرادتهما ورغم ذلك لم يعطِ هذا الحق للحيِّ منهما، إذ أعطت هذا الحق في هذه الحالة لأحد أقاربهما.والتساؤل المطروح هنا: ماذا لو أبدى كلا المطلقين الرغبة في استمرارية الاحتضان، الطفل سيكون من نصيب أي منهما؟ التعليمات لم تعالج هذه المسألة.

أما فيما يتعلق بالحالة السابعة، فحتى صياغتها لا توحي بوقوع حالة تنتهي بها الاحتضان، وإنما يفهم منها بأنها تنص على حق من حقوق طالبي الاحتضان و الذي هو الحق في تقديم طلب احتضان طفل آخر في حالة وفاة الطفل المحتضن لديهما وفاة طبيعية. علماً، ليس هناك داعٍ للنص على انتهاء الاحتضان بوفاة الطفل المحتضن، لأنه يعتبر مدار الاحتضان، فبوفاته ينتهي الاحتضان بشكل طبيعي.

بعد أن سجّلنا الملاحظات المذكورة أعلاه حول حالات انتهاء قرار الاحتضان، نرى بأن الحالات (1، 8، 9، 10)، هي التي تستحق الذكر، ولهذا حينما نقارن أدناه بين قانون الأحداث العراقي والتعليمات الأردنية بخصوص حالات إلغاء قرار الضم وانتهاء قرار الاحتضان، سنقصر كلامنا على هذه الحالات فقط دون غيرها، وهي:

إلغاء قرار الضم في العراق يقتصر على القرار الابتدائي فقط دون القرار النهائي، في حين انتهاء قرار الاحتضان في الأردن الذي يعتبر القرار الوحيد والنهائي في مسألة الاحتضان معرّض للإنتهاء بمجرد تحقّق أية حالة من حالات الانتهاء المنصوص عليها في التعليمات. وعليه، نرجّح موقف المشرع الأردني، لأنه يدفع طالبي الاحتضان الاهتمام بالطفل ورعايته وعدم التقصير بحق من حقوقه لحين إكماله 18 من عمره، بعكس القانون العراقي الذي يركّز على فترة التجربة فقط والتي هي غالباً ما تكون ستة أشهر فقط من صدور القرار الابتدائي.
يشترك القانون والتعليمات على إلغاء وانتهاء القرار، إذا أبدا طالبي الضم أو الاحتضان رغبتهما في العدول عن الضم أو الاحتضان. لكن ما يفرّق بين الاثنين هو: أن القانون العراقي أجاز لأحدهما العدول أيضاً، ولا يشترط أن تكون هناك أسباب مقنعة للعدول مثلما عليها التعليمات الأردنية، وإنما بمجرد تقديم طلب مشترك منهما، أو من أحدهما إلى محكمة الأحداث، تقرر المحكمة إلغاء القرار. والتساؤل المطروح هنا: هل ستتحقق مصلحة الطفل: إذا لم يرغب أحد الزوجين الاستمرار في حضانة الطفل؟ أو إذا رغب كلاهما بالعدول عن الطفل، لكن رفضت الأسباب لعدم قناعة الوزير بها؟ بكل تأكيد سيكون الجواب بالنفي. وعليه، نرجّح القانون العراقي، لأنه وبمجرد أن يعدل أحد الزوجين عن الطفل، فهذا يعتبر مبرراً كافياً لإلغاء قرار الضم، ولا داعي لإلزامهما أو أحدهما ببيان الأسباب.
الحالة الثانية والأخيرة التي نصّ عليها القانون العراقي لإلغاء قرار الضم هي: ثبوت عدم تحقق مصلحة الطفل لدى طالبي الضم من خلال التقارير الشهرية التي تقدّم للمحكمة من قبل الباحث الاجتماعي. أما التعليمات الأردنية فجاءت خالية من النص على هذه الحالة، لكن نظام رعاية الطفولة رقم 34 لسنة1972م قد تدارك ذلك، إذ نصّ في المادة 12 على جواز إعادة النظر في أمر الطفل المحضون ووضعه في مكان آخر مناسب له إذا اقتضت الضرورة،بناء على الدراسة الاجتماعية التي تجريها الباحث الاجتماعي. وعليه، فإن إعادة النظر هذه قد تكون سبباً في انتهاء قرار الاحتضان. وعليه، فإن موقف المشرعين العراقي والأردني كلاهما موقف حسن.
يرى الباحث بأن حالة فقدان أي شرط من شروط الاحتضان المنصوص عليها في التعليمات من أهم الحالات. فحتى حضانة الأطفال في قوانين الأحوال الشخصية والفقه الإسلامي، تسقط بفقدان الحاضن شرط من شروط الحضانة[37]. وعليه، ندعو المشرع العراقي بالنص على هذه الحالة أيضاً.
نصّت التعليمات الأردنية على حالة أخرى تنتهي بها الاحتضان، لكنها جوازية ومتوقفة على إرادة طالبي الاحتضان، وهي حالة ظهور إعاقة معينة أو مرض مزمن لدى الطفل بعد احتضانه. وهذا موقف حسن، لأن هذه الإعاقة أو المرض قد تسببان في أن يتكبّد الزوجان أموال طائلة، رغم إمكانياتهما المالية الضعيفة، ولهذا فبدلاً أن يقوما بترك الطفل وعدم علاجه وتعرض حياته للخطر، منحت التعليمات الحق لهما في إعادة الطفل لكي تتكفّل الدولة في علاجه ورعايته، وهذا هو عين الصواب. والمشرع العراقي مطالب بالنص على مثل هذه الحالة وعدم إجبار طالبي الضم على كفالة الطفل في هذه الحالة من خلال إلزامهما بالإنفاق عليه في قرار الضم النهائي.

تبيّن لنا من خلال الشروط الواجب توافرها في الطفل، بأنه لا يجوز احتضانه أو ضمّه إلاّ إذا كان مجهول النسب بموجب قانون الأحداث العراقي وكذلك التعليمات الأردنية. ولهذا من الطبيعي أن تنتهي الاحتضان بثبوت نسبه، وهذا ما نصّت عليه التعليمات بكل وضوح ضمن حالات انتهاء الاحتضان، أما القانون العراقي فسكت عن ذلك. وعليه، نرجّح الموقف الأردني.
في ظل القانون العراقي الذي سكت عن بيان موقفه من ثبوت نسب الطفل، يطرح تساؤل نفسه وهو: إذا ثبت نسب الصغير، فمن له الحق في بقائه معه، الوالدين أم طالبي الضم ؟بالرجوع إلى نص المادة 39 من قانون الأحداث يتبين بأن الصغير الذي يجوز ضمّه هو صغير يتيم الأبوين أو صغير مجهول النسب (اللّقيط)، وبمجرد ثبوت نسب الصغير فإنه يعتبر معلوم النسب وبالتالي لا يجوز ضمه إلى أحد. والوالدين أو أحدهما في هذه الحالة أحقّ في أن يعيش في كنفه ولده الصغير الضائع منهما إلاّ إذا تنازل الوالدين برغبتهما في بقاء ولدهما لدى طالبي الضم، لكن تأشير نسب الصغير إلى والديه الحقيقيين لدى مديرية الجنسية والأحوال المدنية العامة شيء حتمي لا تنازل أو رجوع عنه لأنه بمجرد إصدار قرار النسب من المحكمة ترسل نسخة من قرارها إلى هذه الدائرة المعنية وجوبياً لكون النسب يتعلق بالنظام العام ولا يجوز لأحد مخالفته. أما إذا كان القائم بهذا الإدعاء أحد أصول أو فروع أو حواشي الوالدين وأثبتوا انتساب الصغير إلى والديه وكان الوالدين متوفيين أي أن الصغير يتيم الأبوين، فإنه والحالة هذه يصحّ بقاء ضمّ الصغير لأنه مجرد تحوّل من حالة إلى أخرى، فبعد أن كان الصغير مجهول النسب أصبح معلوم النسب ولكنه يتيم الأبوين، وهكذا يبقى الصغير في كنف طالبي الضم وأنهما أحقّا من أقرباء الصغير في بقاء الضم لأنه ما زال هناك حق قانوني لهما في هذه الحالة[38].

وقد يطرح تساؤل آخر نتيجة لثبوت نسب الصغير إلى والديه، ورجوعه إلى حضنهما وهو: هل يجوز لطالبي الضم مطالبة الوالدين بالتعويض بموجب القانون العراقي والتعليمات الأردنية؟في الفقه الإسلامي لا يحق لهما ذلك، لأنه في الأصل يتم الإنفاق عليه من ماله إن كان معه مال وإلاّ فإن نفقته من بيت المال، وإذا لم يكن هناك مال متوفر في بيت المال وصرّف طالبي الضم عليه برغبتهما دون إذن من القاضي فإنه يعدّ تبرعاً أو هبةً. كهذا، فإنه ليس لهما شيء إلاّ إذا رجع الوالدين أو أحدهما جميع أو بعض المال برضاه دون أي ضغط أو إكراه مقابل إحسان طالبي الضم في تربية ورعاية صغيرهما، ويجب أن لا ننسى بأن التقاط الصغير ورعايته وتربيته في الشريعة الإسلامية فرض كفاية فإذا لم يقم بهذا الفرض بعض المسلمين فإن الأمة الإسلامية بأسرها ستكون مقصرة ومذنبة، وبذلك فإن طالبي الضم قد أديّا فرضاً عليهما ومن جانب آخر فإنهما قد حصلا على أجر أخروي[39]. ولكن هناك رأي يقول بجواز الرجوع على الأب بعوض ما أنفقه على ولده وذلك إن طرحه الأب عمداً[40].أما القانون العراقي والتعليمات الأردنية، فكلاهما لم يتناولا هذه المسألة ومن الضروري حسمها من خلال النص عليها، وبيان حقوق طالبي الضم أو الاحتضان بشكل واضح وصريح.ويرى القاضي (تترخان عبد الرحمن) أن إنفاق طالبي الضم على الصغير يكون من باب التبرع والهبة، عليه لا يحق لهما المطالبة بأي مصاريف[41].

الخاتمة:
في ختام هذه الدراسة توصل الباحث إلى وجود أوجه تشابه واختلاف بين القانونين. وبصدد أوجه الاختلاف، فإن كفة الرجحان في بعض المسائل كانت لمصلحة القانون العراقي، وفي مسائل أخرى كانت لصالح التعليمات الأردنية. وعليه،بإمكان المشرع في كلا البلدين الاستفادة من نقاط القوة في قانون البلد الآخر، وهذا ما تهدف إليه هذه الدراسة.
أولاً: من أوجه التشابه بين القانونين: شمول الطفل مجهول النسب بالضم (الاحتضان)، أغلبية شروط الضمّ هي نفسها في القانونين، المتابعة الأسرية لطالبي الضم من قبل الباحث الاجتماعي بعد صدور القرار، إعادة النظر في قرار الضم استناداً لتقرير الباحث الاجتماعي، إمكانية إلغاء قرار الضم أو انتهاء الاحتضان في حالات خاصة، وإلزام طالبي الضم أو الاحتضان بمسؤوليات معينة بعد صدور قرار الضم.

ثانياً: من أوجه الاختلاف بين القانونين، والتي تكون كفة الرجحان لصالح القانون العراقي:اتساع نطاق دائرة الأطفال المستفيدين من الضم نظراً لشموله الصغير يتيم الأبوين بالضم أيضاً، اتساع نطاق دائرة طالبي الضم الذين لهم الحق في تقديم طلب الضم وذلك لعدم التشديد في الشروط الواجب توافرها فيهما، الدقة في صياغة النصوص وعدم الحشو، صدور قرار الضم بمرحلتين، مرحلة مؤقتة (القرار الابتدائي) وأخرى دائمة (القرار النهائي)، المتابعة المكثّفة لأسرة طالبي الضم من قبل الباحث الاجتماعي خلال فترة التجربة، عدم اشتراط ديانة الإسلام في طالبي الضم إذا ثبت أن الصغير غير مسلم.

ثالثاً: من أوجه الاختلاف بين القانونين، والتي تكون كفة الرجحان لصالح القانون الأردني: ضيق الفراغ التشريعي، إسناد معاملات الاحتضان للوزارة المعنية وإفساح المجال لمحكمة الأحداث للاهتمام بالقضايا الجزائية للأطفال،اتساع نطاق دائرة الأطفال المستفيدين من الاحتضان نظراً لشموله الأطفال لغاية عمر 18 سنة بالاحتضان، المتابعة الأسرية المستمرة لطالبي الاحتضان من قبل الباحث الاجتماعي لغاية إكمال الطفل 18 سنة من عمره، وإمكانية انتهاء الاحتضان على طول هذه المدة، النص على المستمسكات المطلوبة لتقديم طلب الاحتضان، النص على الإجراءات الواجب إجرائها من قبل طالبي الضم بعد صدور قرار الاحتضان وكذلك حقوقهما، تناول مسألة تقديم طلب الاحتضان من قبل طالبي الاحتضان المقيمين خارج البلد، عدم إلزام طالبي الاحتضان بالوصية الواجبة للطفل المحتضن، اتساع نطاق حالات انتهاء الاحتضان. وأهم نقطتي قوة، هي: عدم نسبة الطفل مجهول النسب إلى طالبي الاحتضان، وتحقيق الحرمة الشرعية للطفل داخل الأسرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:

القرآن الكريم.
البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، المحقق: محمد زهير بن ناصر، الجزء الخامس، دار طوق النجاة، د.م، ط1، 1422هـ.
النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، الجزء الثاني، دار إحياء التراث العربي: بيروت، د.ط، د.ت.
أحمد، الخليل، العين، د.م، د.ت، د.ط، ج 2.
الحسيني، أحمد، اللقطاء بين شريعة الإسلام والقوانين الوضعية،
حمدان، عبد المطلب عبد الرزاق، أحكام اللقيط في الفقه الإسلامي، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2006.
الربيعي، جمعة سعدون، الدعوى الجزائية وتطبيقاتها القضائية، بغداد، 1996م.
سابق، السيد، فقه السنة، جزء 3، ط 21، مطبعة دار الفتح للاعلام العربي، القاهرة، 1999.
الشيخلي، سها، وخالد، نورا، التبني روح التكافل الاجتماعي في المجتمع العراقي،
عبد اللطيف، براء منذر، السياسة الجنائية في قانون الأحداث العراقي، عمان: دار حامد، ط1، 2009م.
العكيلي، رحيم حسن، دروس في تطبيقات القوانين، ط1، بغداد، 2007م.
عبده، محمد والنواوي، حسونة وسليم، عبد المجيد وقراعة، عبد الرحمن وبخيت، محمد ومخلوف، حسنين ومأمون، حسن، الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، الجزء الثاني، القاهرة: إصدارات وزارة الأوقاف، د.ط، 1980م.
القاضي تترخان عبد الرحمن حسن، نائب رئيس محكمة استئناف منطقة دهوك حالياً، مراسلة، 30/7/2018.
قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية الكويتية، فتاوى قطاع الإفتاء بالكويت، الجزء الثاني، الكويت: إصدارات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط1، 1997م.
قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية الكويتية، فتاوى قطاع الإفتاء بالكويت، الجزء السادس، الكويت: إصدارات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط1، 2001م.
القضاء، مجلة حقوقية فصلية تصدرها نقابة المحامين في الجمهورية العراقية، السنة السادسة والأربعون،1991م، العددان الأول والثاني.
الكبيسي، أحمد، الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون، ج 1، العاتك: القاهرة، 2007.
الكوردي، أكرم زاده، أحكام الحضانة في قانون الأحوال الشخصية العراقي: دراسة مقارنة، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية أحمد إبراهيم للحقوق/الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، 2014م.
الكوردي، أكرم زاده، شرح قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 المعدل وتطبيقاته العملية، أربيل: مطبعة شهاب، ط1، 2010م.
المتون القانونية:

قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959م المعدل.
قانون الأحداث العراقي الملغي رقم (64) لسنة 1972م.
قانون الأحداث العراقي النافذ رقم 76 لسنة 1983م.
قانون رقم 14 لسنة 2001م الصادر من برلمان إقليم كوردستان.
قانون الأحوال المدنية العراقي رقم 65 لسنة 1972.
قانون الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006م.
نظام رعاية الطفولة الأردني رقم 34 لسنة 1972م.
تعليمات الاحتضان الأردني لسنة 2013م.
[1]انظر الشيخلي، سها، وخالد، نورا، التبني روح التكافل الاجتماعي في المجتمع العراقي.

[2]أحمد، الخليل،العين،د.م، د.ت، د.ط،ج 2، ص 64.

[3]العكيلي،رحيم حسن، دروس في تطبيقات القوانين،ط1، بغداد، 2007، ، ص 104.

[4]العكيلي،رحيم حسن، مرجعسابق،ص 101-102.

[5]انظر الكبيسي،احمد، الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون، ج 1،العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة، 2007، ص 369.

[6] العكيلي، المرجع السابق، ص 101-102.

[7]عبده، محمد والنواوي، حسونة وسليم، عبدالمجيد وقراعة، عبد الرحمن وبخيت، محمد ومخلوف، حسنين ومأمون، حسن، الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، الجزء الثاني، القاهرة: إصدارات وزارة الأوقاف المصرية، د.ط، 1980م، ص231-232.

[8]القانون رقم 14 لسنة 2001م الصادر من برلمان كوردستان.

[9] م32/2، م3/2 ق. أحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972، و م 3 ق الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006،و م45 ق. أحداث.

[10]انظر سابق، السيد، فقه السنة، جزء 3، ط 21، مطبعة دار الفتح للاعلام العربي، القاهرة، 1999، ص 167. وراجع أيضاً المادة 5 من تعليمات اللقطاء رقم 7 لسنة 1965.

[11]انظر عبداللطيف، براء منذر، السياسة الجنائية في قانون رعاية الأحداث العراقي، عمان: دار حامد للنشر والتوزيع، ط1، 2009م،ص 65.

[12]للمزيد انظر الكوردي، أكرم زاده، أحكام الحضانة في قانون الأحوال الشخصية العراقي: دراسة مقارنة، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية أحمد إبراهيم للحقوق/الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، 2014م، ص123.

[13]مادة 27: أولاً:إذا ظهر للصغير أو الحدث المودع وفقا لأحكام المادة ( 26 ) من هذا القانون قريب له وطلب تسليمه اليه، فعلى محكمة الأحداث بعد مراعاة مصلحة الحدث أن تسلمه إليه لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي مناسب ويجوز لمحكمة الأحداث أن تراقب تنفيذ التعهد بواسطة مراقب سلوك أو باحث اجتماعي لمدة تنسبها.ثانياً:إذا لم يظهر للصغير أو الحدث قريب وطلب شخص مليء حسن السيرة والسلوك متحد في الجنسية والدين مع الصغير أو الحدث تسليمه إليه لتربيته وتهذيبه فلمحكمة الأحداث أن تسلمه إليه لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي مناسب وعلى المحكمة أن تراقب تنفيذ التعهد بواسطة مراقب سلوك أو باحث اجتماعي لمدة تنسبها.

[14]للمزيد انظر الكوردي، أكرم زاده، أحكام الحضانة في قانون الأحوال الشخصية العراقي، مرجع سابق، 128-130.

[15] م 55 من قانون الأحداث العراقي الملغي رقم (64) لسنة 1972.

[16]للمزيد انظر الكوردي، أكرم زاده، أحكام الحضانة في قانون الأحوال الشخصية العراقي، مرجع سابق، ص 35-51، 123.

[17]القاضي تترخان عبد الرحمن حسن، نائب رئيس محكمة استئناف منطقة دهوكحالياً، مراسلة، 30/7/2018.

[18]عمل الباحث في محكمة أحداث دهوك حوالي ثلاث سنوات، خلال هذه الفترة فإن جميع الأطفال الذين تم ضمّهم، كان أعمارهم تتراوح بين أيام وشهور.

[19] الربيعي،جمعة سعدون، الدعوى الجزائية وتطبيقاتها القضائية، بغداد، 1996م، ص 106.

[20]الكوردي، أكرم زاده، شرح قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 المعدل وتطبيقاته العملية، أربيل: مطبعة شهاب، ط1، 2010م، 106-108.

[21]الكوردي، أكرم زاده، شرح قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 المعدل وتطبيقاته العملية، مرجع سابق، ص 129-130.

[22]المرجع السابق نفسه، ص 130-131.

[23]نصوص قانون الأحوال الشخصية المتعلقة بالنسب:مادة 51: ينسب ولد كل زوجة إلى زوجها بالشرطين التاليين:1. أن يمضي على عقد الزواج أقل مدة الحمل 2. أن يكون التلاقي بين الزوجين ممكنا.مادة 52 :1. الإقرار بالبنوة –ولو في مرض الموت- لمجهول النسب يثبت به نسب المقر له إذا كان يولد مثله لمثله 2. إذا كان المقر امراة متزوجة أو معتدة فلا يثبت نسب الولد من زوجها إلاّ بتصديقه أو بالبينة.مادة 53: إقرار مجهول النسب بالأبوة أو بالأمومة يثبت به النسب إذا صدق المقر له وكان يولد مثله لمثله.مادة 54: الإقرار بالنسب في غير البنوة والأبوة والأمومة لا يسري على غير المقر إلاّ بتصديقه.

[24]القضاء، مجلة حقوقية فصلية تصدرها نقابة المحامين في الجمهورية العراقية،السنة السادسة والأربعون،1991م، العددان الأول والثاني، ص 176.

[25]انظر الحسيني، أحمد، اللقطاء بين شريعة الإسلام والقوانين الوضعية، مقالة منشورة

[26] الأحزاب آية 4و5 .

[27]قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية الكويتية، فتاوى قطاع الإفتاء،ج2، الكويت: إصدارات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط1، 1997م، ص21.

[28]المرجع نفسه، ج 6، ط1، 2001م، ص 178.

[29]عبده، محمد، وآخرون، مرجع سابق، ص231-232.

[30]البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، المحقق: محمد زهير بن ناصر، الجزء الخامس، دار طوق النجاة، د.م، ط1، 1422هـ، ص 156.

[31]النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، الجزء الثاني، دار إحياء التراث العربي: بيروت، د.ط، د.ت، ص 1147.

[32]المادة 59: 1. إذا لم يكن للولد مال فنفقته على أبيه ما لم يكن فقيرا عاجزاً عن النفقة والكسب.2. تستمر نفقة الأولاد إلى أن تتزوج الأنثى ويصل الغلام إلى الحد الذي يكتسب فيه أمثاله ما لم يكن طالب علم .3. الابن الكبير العاجز عن الكسب بحكم الابن الصغير .

[34]انظر السيد، مرجع سابق، ص167.

[35]القاضي تترخان عبدالرحمن حسن، مصدر سابق (مراسلة).

[36]الكوردي، أكرم زاده، شرح قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 المعدل وتطبيقاته العملية، مرجع سابق، ص 117-118.

[37]للمزيد انظر الكوردي، أكرم زاده، أحكام الحضانة في قانون الأحوال الشخصية العراقي، مرجع سابق، ص 286-304.

[38]الكوردي، أكرم زاده، شرح قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 المعدل وتطبيقاته العملية، مرجع سابق، ص 121-122.

[39]انظر سابق،السيد، مرجع سابق، ص167.

[40]انظر حمدان،عبد المطلب عبد الرزاق، أحكام اللقيط في الفقه الإسلامي، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2006،ص 123.

[41]القاضي تترخان عبدالرحمن حسن، مصدر سابق (مراسلة).

أكرم زادة الكوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *