إعتبار التوقيع على ظهر الشيك تظهيراً ناقلاً للملكية

إعتبار التوقيع على ظهر الشيك تظهيراً ناقلاً للملكية. 

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الشرق ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياًً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة بورسعيد الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

فطعن الأستاذ/…… المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض……. إلخ.

المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب. ذلك بأن الطاعن قام على أن تظهير الشيك إلى البنك المدعي بالحقوق المدنية كان توكيلياً وليس ناقلاً للملكية وآزر دفاعه ذاك بمستندات تثبته وبما ورد بالترجمة الرسمية للشيك موضوع الدعوى من أنه ظُهر إلى البنك برسم التحصيل، ولكن الحكم رد على هذا الدفاع رداً لا يواجهه ويخالف صحيح القانون. مما يعيبه بما يستوجب نقضه.

وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت نقلاً من الترجمة الرسمية لبيانات تظهير الشيك ومن المستندات التي قدمها الطاعن أن الشيك موضوع الدعوى صدر أصلاً لصالح شركة…. وأن البنك – المدعي بالحقوق المدنية – يطالب بقيمته برسم التحصيل نيابة عن المستفيد الأصلي، وقد حصل الحكم دفاع الطاعن المشار إليه بوجه الطعن ورد عليه بقوله:

“وحيث إنه عن الدعوى المدنية وكان المتهم قد دفع بعدم قبول الدعوى المدنية على سند من أن الشيك ليس مملوكاً للمدعي بالحق المدني ملكاً خالصاً وإنما كان برسم التحصيل….. وحيث إنه لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجوز تظهير الشيك لإذن تظهيراً توكيلياً، وعلى الوكيل تقديم الشيك للقضاء في المواعيد القانونية، واتخاذ الإجراءات إذا امتنع المسحوب عليه عن دفع قيمة الشيك، وإلا كان الوكيل مسئولاً عن تعويض الضرر الذي قد يلحق المظهر إليه إلا إذا اشترك الوكيل عدم مسئوليته”.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيراً ناقلاً للملكية ما لم يثبت صاحب الشأن أنه أراد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً. وقد جرت العادة على أن المستفيد يظهر الشيك إلى البنك الذي يتعامل معه تظهيراً توكيلياً فيقوم بتحصيل قيمته ويقيدها في حساب العميل. لما كان ذلك، فإن ما رد به الحكم على دفاع الطاعن والذي يدور حول حق البنك المظهر إليه الشيك تظهيراً توكيلياً في اتخاذ الإجراءات القانونية لتحصيله درءاً لمسئوليته في مواجهة المستفيد وإن كان صحيحاً في نطاق العلاقة بين البنك والمظهر إلا أنه لا يعطي للبنك صفة في أن يقيم من نفسه مدعياً بالحقوق المدنية أمام المحاكم الجنائية قبل ساحب الشيك عن جريمة إصداره له بغير رصيد إذ لم يلحقه ضرر مباشر نتج عن هذه الجريمة يسوغ له الادعاء مدنياً عنها أمام المحاكم الجنائية،

ذلك أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية، وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، بمعنى أن يكون طلب التعويض ناشئاً مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة في موضوع الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، فإن ما رد به الحكم فيما تقدم لا يواجه دفاع الطاعن،

ولما كان الثابت بمدوناته وفق ما سلف أن تظهير الشيك إلى البنك المدعي بالحقوق المدنية كان تظهيراً توكيلياً لتحصيل قيمته، وكان دفاع الطاعن المار – وفقاً لما أورده الحكم المطعون فيه بشأنه، هو في حقيقته دفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما من غير ذي صفة، وكان من المقرر أن الدعوى العمومية إذا أقيمت على متهم ممن لا يملك رفعها قانوناً فإن اتصال المحكمة في هذه الحالة بالدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها، فإن هي فعلت كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر

ولذا يتعين عليها القضاء بعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصود دونها إلى أن تتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية وبصحة اتصال المحكمة بالواقعة فيجوز إبداؤه في أية مرحلة من مراحل الدعوى بل على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها، وكان من المقرر أن الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية هي تابعة للدعوى الجنائية،

فإذا كانت الأخيرة غير مقبولة تعين القضاء بعدم قبول الأولى أيضاً. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وقضى بتأييد الحكم المستأنف الذي دان الطاعن بجريمة إعطاء شيك بغير رصيد التي أقامها البنك المظهر إليه الشيك تظهيراً توكيلياً وهو غير ذي صفة، ورتب على ذلك إلزامه بالتعويض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وتصحيحه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية وبعدم قبولهما وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *