الأسباب التي يستند عليها الطعن بعدم دستورية القانون

الأسباب التي يستند عليها الطعن بعدم دستورية القانون

 

الدستور هو الذي يؤسس السلطات في الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وهو الذي يحدد لها اختصاصاتها وطريقة ممارسة تلك الاختصاصات وينظم رقابة كلا منها على الاخرى وحدودة ونظامة ، فضلا عن ما يتضمنه من قواعد متعلقة بحقوق وحريات المواطنين وواجباتهم وكذا علاقة الحاكم بهم وحدودها .

ومن جانب اخر يضع الدستور قواعد عامة وموجهات وقيود ينبغي ان تراعيها سلطة التشريع وهي بصدد تشريع القوانين، وهذه القيود قد تكون قيودا شكلية تتعلق بالشروط والاجراءات الشكلية التي يجب مراعاتها عند تشريع القوانين واصدارها ، او هي قواعد وموجهات وقيود موضوعية تتعلق بموضوع القانون ومحتواة . وتُعبر القواعد والموجهات الموضوعية عن القيم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية السائدة وقت وضع الدستور فضلا عن طبيعة نظام الحكم وطريقة تداول السلطة.

فان حادت سلطة التشريع عن مقتضى تلك الموجهات والقيود وهي بصدد سن تشريع،أو حادت عن حدود الاختصاصات التي رسمها لها أو تحللت من القيود التي وضعها او انها خالفت بقانون أصدرته مبدأً أو نصاً دستورياً، فانها تكون بذلك قد تجاوزت اختصاصاتها وحدود سلطتها ، ويعد ما أصدرتة معيبـا وباطـلاً لمخالفته الدستور، ويتحقق  معة سبب من اسباب الطعن بعدم الدستورية ، ويسرى نفس الحكم على التصرفات المشوبة بعيب عدم الدستورية الصادرة من السلطة التنفيذية او من السلطة القضائية.

فلا يكفي ان يراعي القانون الصادر من السلطة التشريعية الشكل الذي يتطلبه الدستور في القانون ، وإنما يجب أيضا ان يكون متفقاً مع القواعد الموضوعية التي جاء بها الدستور وروح الدستور، وينطبق هذا ايضا على الأنظمة والتعليمات التي تصدرها السلطة التنفيذية ، التي تعرف بالتشريعات الفرعية ، ينبغي ان تكون متوافقة مع القانون والدستور من حيث الشكل والموضوع ايضا.

وعليه فان أسباب الطعن هي اما عيوب شكلية او عيوب موضوعية :

العيوب الشكلية :

الشكلية الدستورية يقصد بها مجموعة الاجراءات والأوضاع التي تطلبها الدستور واوجب على سلطة التشريع اتباعها ومراعاتها وهي بصدد اصدار التشريع .
وتتطلب الدساتير عادة ، ان تمر عملية سن التشريع بسلسلة من الاجراءات الشكلية التي يتعين على سلطة التشريع مراعاتها حتى يكون التشريع دستورياً، ويترتب على عدم مراعاة قواعد الاجراءات الشكلية ان يكون التشريع محلا للطعن علية أمام المحكمة الدستورية اذا ما تعلق الأمر بمخالفة جوهرية لتلك القواعد والاجراءات .

ومن أمثلة الاجراءات الشكلية التي تتطلبها الدساتيرب صفة عامة ، تحقق نصاب انعقاد البرلمان سواء بالاغلبية المطلقة او الأغلبية البسيطة ، وجهة تقديم مشاريع القوانين او اقتراحها ،وجوب ادراج مشروع القانون في جدول الأعمال قبل مناقشته،والاجراءات الواجب اتباعها لقراءة مشاريع القوانين،والنصاب اللازم للموافقة على سن التشريع وتصديق الجهة المخولة صلاحية التصديق والاصدار،وان يصدر التشريع بموافقة الاغلبية البرلمانية التي حددها الدستور.

العيـوب الموضوعيـة:

عيب عدم الاختصاص

عدم الاختصاص هو عدم توفر الصلاحية القانونية للقيام بتصرف معين. وتقوم فلسفة الطعن بعدم الدستورية في هذا المقام على مبدأ أساسي هو مبدأ الفصل بين السلطات .فالسلطة التشريعية هي صاحبة الاختصاص الاصيل في التشريع ولا يجوز الخروج على هذا الاصل الا بنص صريح في الدستور فليس للسلطة التشريعية ان تفوض السلطة التنفيذية للقيام باعمال التشريع كليا اوجزئيا الا اذا تضمن الدستور نصاً يمنحها هذا الحق .

عيب محل التشريع

محل التشريع هو موضوعه، وموضوع التشريع هو المركز القانوني الذي تتجه ارادة المشرع الى احداثه، وهو أنشاء حالة قانونية معينة أو تعديلها أوالغائها ،فالتشريع الذي يسن بشأن الخدمة العامة يكون مضمونه خلق مراكز قانونية متعددة منها المركز القانوني للموظف العام والرئيس الاداري وطبيعة سلم التدرج الوظيفي وواجبات الموظف العام وحقوقه،وغير ذلك ،ويتعين أن يكون محل التشريع متفقا مع مضمون الدستور ومبادئه العامة ملتزما بالضوابط والقيود التي تضعها القواعد الدستورية. ومنها مبدأ مساواة المواطنين امام القانون ، ومبدأ لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون ، او مبدأ استقلال القضاء ، او مبدأ لا ضريبة الا بقانون ، وغير ذلك من مبادئ دستورية .  فان منح القانون،على سبيل المثال، موظفي جهة ادارية معينة امتيازات وحقوق تفوق ما منح لغيرهم من موظفي ادارات الدولة الاخرى، من دون مبرر واقعي او قانوني فان المشرع يكون بذلك قد خرج على مبدأ دستوري مهم هو مبدأ مساواة المواطنين امام القانون .

عيب الانحراف بالسلطة التشريعية

اعلانات ومواثيق حقوق الإنسان ومقدمة الدستور (المبادىء الدستورية )
تعتبر تلك المواثيق ومقدمة الدستور القانون الاسمى للدولة ، واحكامها واجبة الاتباع ، ويتقيد بها القضاء اثناء فصله في أي نزاع وتتفوق على النصوص الدستورية ذاتها . فمقدمة الدستور تتضمن الاسس والمباديء التي يسن على هديها الدستور مما يفرض على السلطة التي تضع الدستور التزاماً باحترام هذه المبادئ وعدم مخالفتها . فهى تعتبر ملزمة لواضعي الدستور، وتأخذ مرتبة أعلى منه ، لأنها تمثل الاتجاهات الكبرى التي ارتضاها الشعب، وتتضمن المبادئ الدستورية المستقرة في الضمير الإنساني للمجتمع. ومن ثم وجب أن يتقيد بها المشرع الدستوري والمشرع العادي على حد سواء ، ولذلك أطلق عليها البعض ” دستور الدساتير “.
عيب الانحراف التشريعي يتعلق أساسا بالغاية من التشريع وهي المصلحة العامة دائما، وينبغي على المشرع ان يستهدف المصلحة العامة دون سواها، فان انحرف عنها واستهدف غيرها مثل تحقيق مصلحة فردية أو مصلحة حزب من الأحزاب،فان المشرع يكون قد انحرف بسلطته التشريعية.
ولقد كان للفقيه الأستاذ الدكتورعبدالرزاق السنهوري فضل السبق في ابراز هذه الفكرة من خلال بحثه ( مخالفة التشريع للدستور والانحراف في استعمال السلطة التشريعية) .
وقد تبنى الاستاذ السنهوري وضع معيار الانحراف التشريعي قياسا على معيار الانحراف الاداري، حيث يقول (اذا قسنا الانحراف في استعمال السلطة الادارية لقلنا بان المشرع يجب ان يستعمل سلطته التشريعية لتحقيق المصلحة العامة، فلا يتوخى غيرها،ولا ينحرف عنها إلى غاية اخرى،وإلا كان التشريع باطلا،والمعيار هنا ذا شقين، ذاتي وموضوعي ، والشق الذاتي يتعلق بالنوايا والغايات التي أضمرتها السلطة التشريعية وقصدت الى تحقيقها باصدارها تشريعاً معيناً والشق الموضوعي هو المصلحة العامة التي يجب ان يتوخاها المشرع دائماً في تشريعاته،وكذلك الغاية المخصصة التي رسمت لتشريع معين . واتجه الاستاذ السنهوري،بعد ان استبعد فكرة الغايات الشخصية في تصرفات السلطة التشريعية،الى تبني معيار موضوعي يتمثل في المصلحة العامة التي يجب ان يهدف اليها المشرع .

ويرأى السنهورى ان تقصي الانحراف يكون من خلال الفروض التالية:

اولا: الرجوع الى طبيعة التشريع ذاتها باعتبارها معياراً موضوعياً ،ذلك ان التشريع يتضمن بطبيعته قواعد عامة مجردة،فان اصدرت السلطة التشريعية تشريعاً معيناً لا يطبق إلا على حالة فردية فإن مثل هذا التشريع يعتبر معيباً بعيب الانحراف في استعمال التشريعية.

ثانيا : مجاوزة التشريع للغرض المخصص له فاذا قرر المشرع الدستوري غرضا معينا لتشريع قانون ما ، فان مجاوزة المشرع العادي لهذا الغرض يعيب تشريعه بعيب الانحراف بالسلطة التشريعية.

ثالثا : كفالة الحريات والحقوق العامة في حدودها الموضوعية فيرى السنهوري انه يمكن ان تقسم الحقوق والحريات العامة الى نوعين ،الاول لا يقبل التقييد بطبيعته ومن أمثلة ذلك حق المساواة،وحظر ابعاد المواطن عن بلاده ، وحظر المصادرة العامة للاموال ، فإذا ما صدر تشريع يقيدها كان باطلاً وذلك لمخالفة ذلك التشريع للدستور.

اما النوع الثاني فإن المشرع يتدخل في تنظيمها وذلك بقصد تمكين الافراد من التمتع بها دون اعتداء على الغير ،ومن أمثلة هذه الحقوق والحريات، حرية الرأي وحق التملك، كذلك اذا صدر تشريع يفرض قيوداً كبيرة على حرية القيام بالشعائر الدينية كان هذا التشريع باطلاً.

الاثر المترتب على الحكم بعدم الدستورية:

1- قضاء المحكمة الدستورية العليا

ذهبت المحكمة الدستورية في حكم حديث لها الى قصر الاستثناء من الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية في حالة واحدة فقط وهي حالة الحقوق والمراكز التي استقرت بحكم قضائي بات ( وليس حكماً نهائياً ) ، وفي ذلك قررت المحكمة الدستورية أنه ” وحيث أن قانون المحكمة الدستورية العليا – ضماناً لصون الحرية الشخصية التي كفلها الدستور واعتبرها من الحقوق الطبيعية التي لا يجوز الإخلال بها عدواناً – قد نص في المادة ( 49 ) منه ، على أنه إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي ، فإن أحكام الإدانة الصادرة استناداًً إليه ، تعتبر كأن لم تكن ، وهو ما يعني سقوطها بكل آثارها ، ولو صار الطعن فيها ممتنعاً لتفارقها قوة الأمر المقضي التي قارنتها .  وتلك هي الرجعية الكاملة التي أثبتها قانون المحكمة الدستورية العليا لأحكامها الصادرة بإبطال النصوص العقابية ، وهي بعد رجعية لا قيد عليها ولا عاصم منها ، بل يكون أثرها جارفاً لكل عائق على خلافها ولو كان حكماً باتاً فإذا كان قضاؤها مبطلاً لنص غير جنائي ، فإن أثره الرجعي يظل جارياً ، ومنسحباً الى الأوضاع والعلائق التي اتصل بها مؤثراً فيها حتى ما كان منها سابقاً على نشره في الجريدة الرسمية ، ما لم تكن الحقوق والمراكز التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي توافر فيه شرطان ، أولهما : أن يكون باتاً وذلك باستنفاده لطرق الطعن جميعها ، وثانيهما : أن يكون صادراً قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا ، ومحمولاً على النصوص القانونية عينها التي قضى ببطلانها “

حكم الدستورية العليا في القضية رقم 37 لسنة 9 ق ” دستورية ” بجلسة 19/5/1990 وفي نفس المعنى حكمها الصادر في القضية رقم 16 لسنة 3 ق ” دستورية ” بجلسة 5/6/1982 ، وحكمها الصادر في القضية رقم 48 لسنة 3 ق ” دستورية ” بجلسة 11/6/1983 .
حكم النقض الصادر في القضية رقم 1348 لسنة 50 ق جلسة 29/4/1984 .
حكم النقض الصادر في الطعن رقم 1980 لسنة 52 ق جلسة 31/1/1993 .
حكم النقض في الطعن رقم 368 لسنة 58 ق جلسة 3/12/1993 .
حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 30/11/1996 في القضية رقم (22) لسنة (18) ق ” دستورية ” .

2- قضاء محكمة النقض

اتجهت محكمة النقض أيضاً الى اشتراط أن يكون الحكم القضائي المقيد للأثر الرجعي حكماً باتاً وليس نهائياً . وفي ذلك قررت محكمة النقض ” وحيث أن من المقرر –  في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها ، كما يجوز للخصوم والنيابة العامة ، إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ، ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ، ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن ، وكان من المقرر أن مفاد نص المادة ( 29 ) من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا يدل على أن الشرعية الدستورية تقتضي أن تكون النصوص التشريعية الواجبة التطبيق على أي نزاع مطابقة لأحكام الدستور فلا يجوز لأية محكمة أو هيئة اختصها المشرع بالفصل في نزاع معين – أياً كان موقعها من الجهة القضائية التي تنتمي إليها – إعمال نص تشريعي لازم للفصل في النزاع المعروض عليها إذا بدا لها مصادمته للدستور ، ومن باب أولى ، إذا قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته ، فهذا القضاء واجب
التطبيق على جميع المنازعات التي تخضع لتطبيق هذا النص القانوني ما دام الحكم بعدم دستوريته قد لحق الدعوى قبل أن يصدر فيها حكم بات ، وهذا الأمر يتعلق بالنظام العام ويتعين على محكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها ، كما يجوز إثارته لأول مرة أمامها وذلك باعتبارها من المحاكم التي عنتها المادة ( 29 ) المشار إليها ولا يجوز التحدي في هذا الشأن بأن سلطة محكمة النقض قاصرة على مراقبة صحة تطبيق القانون ، إذ أن مطابقة النص القانوني للقواعد الدستورية هو أيضاً من مسائل القانون ، ويتعين أن تكون الشرعية الدستورية متكاملة حلقاتها ، وأن تكون لأحكام الدستور الصدارة على ما دونها في المرتبة ، إذ لا يسوغ القول بصحة تطبيق محكمة الموضوع لنص قانوني وهو مخالف للدستور سيما إذا كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بعدم دستوريته والمقرر – وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا – أن مفاد نص المادة ( 49) من قانون هذه المحكمة ، أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية لا تنحصر حجيتها في خصوم الدعوى الدستورية ، بل تمتد الى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها ويتم إعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز ، فلا يجوز تطبيق النصوص الدستورية المحكوم بعدم
دستوريتها اعتباراً من اليوم التالي لنشر الأحكام الصادرة بشأنها في الجريدة الرسمية ، ولا يعني هذا أن لهذه الأحكام أثراً مباشراً لا تتعداه ، خاصة إذا كان قضاؤها مبطلاً لنص غير جنائي ، بل إن أثره الرجعي يظل جارياً ومنسحباً الى الأوضاع والعلائق التي اتصل بها ، مؤثراً فيها حتى ما كان منها سابقاً على نشره في الجريدة الرسمية ، بافتراض أن النص الباطل منعدم ابتداءً لا انتهاءً ، فلا يكون قابلاً للتطبيق أصلاً منذ أن نشأ معيباً ما لم تكن الحقوق والمراكز التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي توافر فيه شرطان : أولهما : أن يكون باتاً ، وذلك باستنفاده لطرق الطعن جميعها ، وثانيهما : أن يكون صادراً قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا ومحمولاً على النصوص القانونية عينها التي قضى ببطلانها ” . *
* نقض مدني بجلسة 29/5/1997 ، الطعن رقم 2489 لسنة 56 ق .
* نقض مدني بجلسة 4/4/1999 ، الطعن رقم 3141 لسنة 64 ق .
* نقض مدني بجلسة 23/5/1999 ، الطعن رقم 3264 لسنة 64 ق .

موقف الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض

أخذت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بنفس مبدأ المحكمة الدستورية العليا، فقررت ” وحيث إن الدائرة المختصة رأت بجلستها المعقودة بتاريخ 10 / 12 / 1998 إحالة الطعن الى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 لتضارب الأحكام في شأن إعمال الأثر المترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص لازم للفصل في الطعون المنظورة أمام محكمة النقض إذ ذهبت بعض الأحكام الى أن هذا الأثر لا ينسحب إلى الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبت بموجب حكم نهائي سابق في صدوره على نشر الحكم بعدم الدستورية ، ولو أدرك هذا الحكم الأخير النزاع أمام محكمة النقض ، بينما ذهبت أحكام أخرى الى إعمال أثر ذلك الحكم على الطعون المنظورة أمام محكمة النقض وحيث أن النص في المادة ( 49 ) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أنه :
( أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة والكافة .. ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ، ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر ، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر ) . يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون غير ضريبي أو لائحة ، عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها ، حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته ، بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون من اليوم التالي لنشره لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض ، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها لما كان ذلك ، وكانت بعض أحكام هذه المحكمة قد ذهبت الى عدم تطبيق الحكم بعدم دستورية نص لازم للفصل في النزاع ، إذا صدر بعد صدور الحكم المطعون فيه، فإنه يتعين العدول عن هذا الرأي والأخذ بالرأي الأول ، وإعمال ذلك الحكم اعتباراً من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية على الطعون المنظورة أمام محكمة النقض “.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *