الإدعاء المباشر ضد هيئات القضاء ومدى جواز القيام بذلك

الإدعاء المباشر ضد هيئات القضاء ومدى جواز القيام بذلك.

(1) الأدعاء المباشر هو رفع المضرور من الجريمة الدعوي الجنائية عن طريق اقامة دعواه المدنية بطلب بطلب التعويض عن اضرار الجريمة أمام المحاكم الجنائية. ويضرب الإدعاء المباشر بجذورة الي ماض سحيق حيث كان المجني عليه هو المنوط به الإدعاء ضد المتهم أمام الحاكم ولكن بعد فترة من الزمن ووجود هيئة عامة ممثلة في النياية العامة تنيب عن أفراد المجتمع في رفع الدعوي اضحي الإدعاء المباشر محل جدل شديد. ويؤسس جمهور الفقه الإدعاء المباشر علي فرض نوع من رقابة المجني عليه المضرور علي تراخي وتقصير النيابة العامة في رفع الدعوي الجنائية إذ يكون بوسع المضرور مواجهه هذا التقصير بتكليف المتهم للحضور أمام القضاء لينال جزائه من خلال المطالبه بتعويض ضرر الجريمة وهو ما تاخذ به محكمة النقض واعتنقته المذكرة الايضاحية لقانون الإجراءات

(نقض ١٩٣٢/٥/٢٣مجموعة القواعد القانونية ج٤رقم ٢٢٤ص٢٣٦).

ولقد حاول المشرع المصري في اكثر من مناسبة الغاء نظام الادعاء المباشر ولما فشل لجأ الي التضييق في نطاقة خشية إساءة استعماله لاسيما ضد بعض الفئات ذوي المناصب الحساسة في الدولة خشية الكيد والتلفيق للنيل منهم. وهذا الحظر قد يكون مطلقا أو مقيد وقد يستخلص الحظر من دلاله عبارة النص أو من دلالة اقتضائه أو دلالة المخالفة. فقد يحظر المشرع الادعاء المباشر متي وقعت الجريمة من شخص معين بسبب الوظيفه أو بمناسبتها وقد يحظر الادعاء المباشر مطلقا لمجرد توافر صفه بعينها في المتهم. وليس في ذلك أي اخلال بمبدأ المساواة أمام القانون لاختلاف المراكز القانونية لاسيما أنه في جميع الأحوال التي يحظر فيها الادعاء المباشر ضد ذوي الصفة بوسع المجني عليه أو المضرور من الجريمة اللجوء الي النيابة العامة كي تحرك وترفع الدعوي الجنائية عن الجريمة.

(٢) ومن هؤلاء الأشخاص المحظور الإدعاء المباشر ضدهم أعضاء هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضاية الدولة ولقد جاء الحظر مطلقا بمعني أنه لايرتهن بكون الجريمة قد وقعت من عضو الهيئة اثناء تأدية وظيفته أو بسببها بل عام علي كل الجرائم ولو وقعت في حياته الخاصة. وقد استخلص هذا الحظر بدلالتي الاقتضاء والمخالفة من نصوص قانونيين النيابة الادارية وهيئة قضايا الدولة اذ حظر المشرع فيهما في غير أحوال التلبس تحريك ورفع الدعوي الجنائية علي عضو الهيئة القضائية إلا بإذن المحامي العام للنيابة العامة وهذا الإذن لا يصدر إلا لمن هو أقل درجه في اعضاء النيابة العامة فدل الشارع بذلك علي قصر تحريك الدعوي الجنائية ضد اعضاء الهيئات القضائية علي النياية العامة بما يعني بدلالة المخالفة أنه فيما عدا الاذن لاعضاء النيابة العامة يحظر رفع الدعوي الجنائية ضد اعضاء الهيئات القضائية كالمدعي بالحق المدني بل ومن راينا قاض التحقيق كذلك لأن التنصيص يفيد التخصيص.

فلقد نصت المادة ٤٠مكررا_٢من قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 والمعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1959و القانون رقم 12 لسنة 1989″علي أنه لا يجوز في غير حالات التلبس بالجريمة القبض على عضو النيابة الإدارية أو حبسه احتياطيا أو اتخاذ أي من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية عليه إلا بعد الحصول على إذن من المحامي العام المختص”. كما نصت المادة 6 مكررا “1” (2) من قانون هيئة قضايا الدولة رقم75لسنه 1963المعدل بالقانون رقم 10لسنه 1986 علي أنه” لايجوز إجراء تحقيق جنائي مع عضو الهيئة ألا بمعرفة احد أعضاء النيابة العامة وفي غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز القبض على عضو الهيئة أو حبسه رفع الدعوى الجنائية ألا بأمر من المحامي العام المختص”.

(٣) ولقد سمح لمحكمة جنح النقض أن تدلي بدلوها في الموضوع بشأن جنحه تبديد منقولات زوجية كانت زوجه قد اقامتها علي زوجها الذي يعمل مستشار بهيئة قضايا الدولة واذ قضي بادانته من محكمة أول درجه الغي الحكم أمام محكمة الجنح المستأنفة وقضت بعدم قبول الدعوى لرفعها علي خلاف احكام القانون اذ لا ترفع الدعوي ضد عضو هيئة قضايا الدولة إلا بإذن من المحامي العام المختص وحينما طعنت المدعية بالحق المدني في الحكم بالنقض رأت محكمة جنح النقض أن مخالفة تحريك الدعوي الجنائية يترتب عليه بطلان رفعها وعدم دخولها حوزه المحكمة الا أن ذلك لا يحول دون اعادة رفعها باجراءت صحيحة.

وقضت تطبيقا لذلك بأنه”لما كانت الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف أنه ارتكب جريمة التبديد طبقاً للمادة 341 من قانون العقوبات ، ومحكمة جنح …. الجزئية قضت غيابياً بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت ، فعارض وقضى فى معارضته باعتبارها كأن لم تكن ، استأنف المحكوم عليه ومحكمة …. الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت بسقوط حقه فى الاستئناف ، فعارض استئنافياً وقضت المحكمة بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغائه وعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون تأسيساً على أن الدعوى رفعت على الطاعن باعتباره عضو بهيئة قضايا الدولة دون إذن من المحامي العام المختص طبقاً للمادة 6/1 مكرر من القانون رقم 10 لسنة 1986 فى شأن تعديل قانون إدارة قضايا الحكومة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 ، وطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض .

لما كان ذلك ، وكانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على الطاعن ممن لا يملك رفعها قانوناً وعلى خلاف ما تقضي به المادة 6/1 مكرر من المادة الثانية من القانون سالف الذكر ، فإن اتصال المحكمة بهذه الدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها ، فإن فعلت ، فإن حكمها وما بنى عليه من الإجراءات يكون معدوم الأثر ، ولا تملك المحكمة الاستئنافية أن تتصدى لموضوع الدعوى وتفصل فيه بل يتعين أن يقتصر حكمها على القضاء ببطلان الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصد دونها إلى أن يتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها ، وهو ما التزمه وقضى به الحكم المطعون فيه .

لما كان ذلك ، وكان الطعن بطريق النقض لا ينفتح بابه إلا بعد أن يكون قد صدر فى موضوع الدعوى حكم منه للخصومة ، وكان الحكم المطعون فيه لا يعد منهياً للخصومة أو مانعاً للسير فى الدعوى ، ذلك أن الحكم المستأنف كان باطلاً بطلاناً أصلياً ، وإذ اتصلت محكمة أول درجة بعد ذلك بالدعوى اتصالاً صحيحاً ، فلها أن تفصل فيها ، وتكون إجراءات المحاكمة مبتدأة . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن بطريق النقض يكون غير جائز .

(الطعن رقم 12647 لسنة 4 جلسة 2014/09/06 س 65 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *