التجديد التلقائي لعقد الإيجار في القانون المصري

التجديد التلقائي لعقد الإيجار في القانون المصري

 

ماذا يعني التجديد التلقائي للعقد وما الجديد في هذا الحكم المستحدث هل هو نعمة لمصلحة المستاجر حين يعطيه فتره مماثلة اضافية ام نقمة على المستاجرين القدماء الذن ابرموا عقودهم السابقة ، هل ينطبق على كل العقود قبل عام 2000 ام بعده ، هل يمكن ان يسري على العقود السابقة بمعنى هل له اثر رجعي ، هذه اسئلة كثيرة وغيرها يثيرها نص هذه المادة والحكم المستحدث فيها ، وان الاجابة على بعض الاسئلة وتقرير الحكم فيها قد لا يعجب الطرف الاخر ولكن نستطيع القول بان العديد من تلك الاستفسارات يمكن الجواب عليها وبشكل موضوعي ودون تحيز ولكن منها ما قد يصعب الجواب عليه ونفضل الاشارة اليه وترك أمره للقضاء وهو المرجع الرئيس والاخير في البت في المنازعات ان وصل النزاع اليه ،
لقد جاء قانون المالكين والمستأجرين بحكم مستحدث يتعلق بالتجديد التلقائي وهو ما اضافه للفقرة بـ من المادة الخامسة حيث تم اعتبار ماورد في الفقرة (ب) من القانون الأصلي بند (1) واضافة بند (2) اليها بالنص التالي : (اذا نص العقد على تجدده تلقائيا ، فيتجدد العقد بحكم القانون لمدة تعاقديه مماثلة لمرة واحدة ما لم يقم المستأجر باشعار المؤجر بعدم رغبته في التجديد قبل انتهاء المدة الاصلية.)

ابتداء لابد لنا من توضيح ما المقصود بمصطلح (التجديد التلقائي) الوارد في القانون المدني ثم في قانون المالكين والمستأجرين المعدل؟
المقصود بمصطلح يجدد تلقائيا هو ان العقد يجدد او يمدد بنفس الاحكام والشروط السابقة في العقد وقد عالجت المادة 707 من القانون المدني مصطلح التجديد التلقائي واحكامة والتي نصت على ما يلي :
(1. ينتهي الايجار بانتهاء المدة المحددة في العقد ما لم يشترط تجديده تلقائيا.)
يفهم من الفقرة الاولى من المادة 707 ان العقد ينتهي بانتهاء مدته والقيد على هذا الانتهاء هو (ما لم يشترط تجديده تلقائيا) ويفهم من هذا القيد ان وجود هذا الشرط او الاتفاق يجعل العقد غير منتهي ويتجدد تلقائيا وهذا الشرط في حال وجوده الاصل أنه مقرر لمصلحه الطرفين ويستطيع اي من الطرفين ان يتمسك بوجوده ولكن هل يستطيع المالك مثلا ان يقول ان العقد لا يجوز ان يجدد او ان يطلب فسخ العقد عند انتهاء المدة اذا تمسك المستاجر ان الشرط صحيح وانه يجب ان يجدد ، الاصل ان الشرط معتبر ويجب العمل به ما دام ان الشرط فيه نفع لاحد المتعاقدين ولم يمنعه المشرع ولا يخالف النظام العام او الاداب وقد جرى العرف على وضع مثل هذه الشروط وحكم التجديد التلقائي هنا هو ان يبقي العقد متجدد ، وان كان هناك من يرى ان لكل من الطرفين قبل انتهاء مدته ان يطلب فسخه ولم يحسم الاجتهاد القضائي بقرارات نهائية هذا الموضوع الا حديثا بموجب القرار رقم 290 ـ 2007 تاريخ 11 ـ 6 ـ 2007 وبالتالي فان لجوء المستاجرين سابقا الى وضع هذا الشرط كان ترجيحا منهم لتبني هذا الشرط وتفسيره بان يبقى العقد مستمرا وهذا ما أيدته محكمة التمييز الاردنية الموقرة في القرار اعلاه حيث جاء فيه ما يلي (… فاذا كانت مدة الاجارة خمس سنوات تجدد تلقائيا فهي بذلك مدة معلومة لاتفاق الطرفين مسبقا على تجديدها تلقائيا دون التوقف على موافقة أي منهما بعد انتهاء مدة العقد الاولى كما تقضي بذلك المادة 707 من القانون المذكور)

الا انه يجدر الاشارة ومع ان النص على ان العقد يجدد تلقائيا فيمكننا القول بان القانون اخذ بمبدا الاستمرار القانوني المقيد في حالة وجود الشرط فقط ولمره مماثلة واحدة فقط مع الاشارة الى ان وجود هذا الشرط ملزم للمالك والمستأجر معا الا انه ملزم للمالك أكثر اذا رغب المستأجر بالاستمرار في العقد وهو موضوع لمصلحة المستاجر في الغالب ، فالعقد وان كان ملزم للمالك والمستأجر معا اذا ورد هذا الشرط في العقد سندا لقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين ،

الا ان العقود المعتمدة في المكتبات ولدى معظم الناس قد نصت على احقية المستاجر في انهاء العقد وابداء رغبته في عدم التجديد قبل ثلاثة اشهر من انتهاء مدة العقد الاصلية او المجددة وعلى ذلك نستطيع القول بان ما عليه الاتفاق وما جرى عليه العرف ان هنالك حق للمستأجر بالانحلال من ذلك الشرط على ان يعلم المالك بعدم رغبته في التجديد قبل انتهاء المدة الاصلية او الممددة وبخلاف ذلك فهو ملزم بشرط التجديد التلقائي الوارد في العقد واذا اراد انهاء العقد فعليه ان يدفع للمالك بدل الايجار عن السنة المجددة التي لم يرغب هو في اتمامها اذا لم يوافق المالك على انهاء العقد.

هنا يثور تساؤل هل معنى ذلك انه في حال وجود عقد سابق ومبرم قبل 31 ـ 8 ـ 2000 وفيه شرط انه يجدد تلقائيا هل ان هذه المادة لا تطبق عليه وهو ملزم بالاخلاء سندا لنص المادة (5) فقرة (أ) من القانون المعدل التي حددت تواريخ انهاء هذه العقود.
ان القاعدة المتعلقة بالتجديد التلقائي الواردة في المادة (5 ـ ب ـ 2) المعدلة جاء النص فيها عاما ولم يحدد عقدا من العقود بعينه وبالتالي قد يرى البعض ان هذا التعديل يعتبر شاملا لكل عقود الايجار بدون تحديد تواريخ العقود هل هي بعد 31 ـ 8 ـ 2000 ام قبله وان اي عقد يرد فيه نص ان العقد يجدد تلقائي يجدد لمدة تعاقدية مماثلة لمرة واحدة تحسب وتطبق بعد نفاذ القانون عند انتهاء مدة العقد الاصلية او الممددة وبعد سريان التعديل لكن القول بان افراد المشرع لتواريخ الانتهاء في المادة 5 فقرة أ وتحديد تلك التواريخ يعبر عن ارادة المشرع في ان تنتهي تلك العقود في تلك التواريخ وان افتراض انها تجدد تلقائيا يغدو غير وارد.

ولتقريب شرح تلك المواد والاحكام سنفترض عدة عقود بتواريخ مختلفة ولكن جميعها تشترك في وجود شرط التجديد التلقائي وسنحدد متى تنتهي المده الاصلية ومتى تنتهي المدة الممدة وهي كما في الجدول التالي :
ان النظر الى التواريخ السابقة اعلاه يجعل القارىء يرى كيف يطبق النص وكيفية معالجة هذه الواريخ المتفاوتة ويستنتج بشكل واضح ان النص هو تقييد للمستاجر الذي التزم واتفق على ضوء الاحكام القانونية السابقة وللتاكيد على صحة النتائج المستخلصة في هذه الامثلة على ضوء قراءة النص وتطبيق شروطه تؤكد صحة هذه التواريخ على الامثلة المضروبة وساقوم بشرح ذلك كما يلي :
بالنسبة للحالة الاولى والثانية فاننا نرى عدم انطباق النص عليها او بمعنى آخر عدم تجديدها تلقائيا بعد انتهاء الفترات التي حدده القانون اما بالنسبة للحالة الثالثة والرابعة فيطبق عليها وحسب الجدول لان القانون الجديد في 1 ـ 1 ـ 2010 سيكون مطبق وتنهي لذلك بتاريخ 1 ـ 1 ـ 2011 وهذا الامر ينطبق على الحالة الرابعة اي العقد الذي كان تاريخه 1 ـ 1 ـ 2009 جميعها تنتهي بتاريخ 1 ـ 1 ـ ,2011
اما الحالة الخامسة فجميع التواريخ واقعة في ظل القانون الجديد وهي تطبيق واضح على تلك المادة.

على ضوء ما بيناه وبعد شرحنا لمعنى التجديد التلقائي وكيف يطبق على العقود المختلفة لا بد لنا من التعرض كيف يرى المستاجر السابق (ونقصد به المستاجر الذي تعاقد بعد 31 ـ 8 ـ 2000 سندا لاحكام القانون المدني ولقاعدة ان العقد شريعة المتعاقدين) كيف يرى هذا النص ، هل التعديل هو نعمة لمصلحه المستاجر حين يعطيه فتره مماثلة اضافية ام نقمة على المستاجرين القدماء اللذين ابرموا عقودهم السابقة ، هل يمكن ان يسري على العقود السابقة بمعنى هل له اثر رجعي ، هل يمكن لمثل هذا النص ان يقيد ارادة الطرفين أو يعدلها رغم عدم وجود هذا النص عند التعاقد ، هل اردة الطرفين السابقة التي اعتبرت ان العقد يجدد بشكل تلقائي دون قيد على المدة شابها الان عيب من عيوب الارادة التي يمكن القول معها ان المستاجر يستطيع ان يفسخ العقد ، ما حكم الخلو الذي دفعه مستاجر قبل ثلاث سنوات مثلا لعقد اشترط فيه ان يجدد تلقائيا وهل يستطيع استرداد الخلو الذي دفعة ظانا منه انه سيستمر في الماجور سندا لشرط التجديد التلقائي هذه اسئلة كثيرة يثيرها نص هذه المادة والحكم المستحدث فيها.

عند التمعن في هذه الاسئلة ومحاولة منا للاجابة عليها لا بد لنا من استعراض نص المادة (164) من القانون المدني الاردني التي نصت على ما يلي :
(1 ـ يجوز ان يقترن العقد بشرط يؤكد مقتضاه او يلائمه او جرى به العرف والعادة.
2 ـ كما يجوز ان يقترن بشرط فيه نفع لاحد العاقدين او للغير ما لم يمنعه الشارع او يخالف النظام العام او الاداب والا لغا الشرط وصح العقد ما لم يكن الشرط هو الدافع الى التعاقد فيبطل العقد ايضا.)
وبالتالي فيمكن القول بانه واذا استخلصنا من عبارات العقد والظروف المحيطه به والعرف الموجود بين التجار في منطقه معينه او طبيعة تجارة معينه ان المستاجر عندما تعاقد ووضع شرط التجديد التلقائي في العقد واقتنع بانه سيعطيه حق الاستمرار القانوني في الماجور وبنى ارادته على هذا الامر ومقابل وضع ذلك الشرط دفع مبلغ الخلو المتفق عليه في العقد وان هذا الشرط هو الدافع الرئيسي للتعاقد فانه يمكن القول بان تعديل القانون واعطاء المستاجر الحق بالتجديد مرة واحدة فقط بموجب النص المعدل يمكن ان يعتبر اخلالا بارادة ذلك المستاجر وانه يستطيع المطالبة ببطلان العقد لانتفاء ذلك الشرط ولان شرط التجديد التلقائي كان هو الدافع الرئيسي للتعاقد لا سيما وان حكم المادة 164 وارد ضمن البنود المتعلقة بالمحل وبالتالي فالاخلال بهذا الشرط قد مس محل العقد وطبعا القول الفصل في هذا الامر هو للقضاء باعتبار ان له صلاحية الفصل في النزاعات التي تعرض عليه وعلى ضوء الوقائع المتعلقة بكل نزاع على حدى ولكن نقول ان مقتضى الحكم بذلك البطلان هو اعادة الحال الى ما كانت عليه قبل التعاقد وان المستاجر يصبح ملزما بتسليم الماجور للمالك ويستطيع المستاجر مطالبة المالك ببدل الخلو المدفوع من قبله اذا قرر القاضي البطلان والمالك بالمقابل يمكن ان يطالبة ببدل اجر المثل ، هذا التفسير قد نرى ما يؤيده في مسلك المشرع عندما عدل قاعدة التجديد التلقائي وحينما قرر ان الفقرة ب (والتي تناولت العقود بعد 31 ـ 8 ـ )2000 جعلها بند (1) واضاف لها بند (2) وهي المتعلقة بالتجديد التلقائي وجاء النص بشكل عام وهذا يقرب حقيقة ان هذا النص يمكن ان يطبق على العقود بعد 31 ـ 8 ـ 2000 مع الاشارة الى ان النص لم يحدد العقود التي سيشملها او سيطبق عليها ، ومع استذكار قاعدة عدم رجعية القانون وانه يجب ان لا يطبق باثر رجعي فانه يمكن ان نجد من يرى ان هذا النص لا يطبق الا على العقود اللاحقة والمبرمة بعد 1 ـ 12 ـ 2009 وتقرير العقود التي سيطبق عليها هذا القيد أمر بالتاكيد متروك لما سيقرره القضاء في حال الاختلاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *