السكوت في التعبير عن الإرادة في القانون المصري 

السكوت في التعبير عن الإرادة في القانون المصري 

 

التعبير عن الإرادة قد يكون إيجابًا بالتعاقد وقد يكون قبولا له. والسكوت وضع سلبي لا يتصور أن يكون تعبيرا عن الإيجاب وذلك لأن الإيجاب عرض صادر من شخص لآخر، السكوت لا يمكن أن يستخلص منه مثل هذا الغرض. وكذلك الأصل أن لا يعتبر السكوت قبولا، لأن القبول تعبير عن الإرادة والساكت لا يعبر عن إرادته وهذا ما أكدته المادة ( 67 ) من المجلة العدلية حيث نصت على أنه ” لا ينسب إلى ساكت قول ” لأنه لو ألزمنا كل شخص الرد على ما قد يعرض عليه من إيجاب لكان في هذا ضيق وحرج على من عرض عليه الإيجاب وهذا هوالسكوت المجرد. والاستثناء من ذلك اعتبار السكوت تعبيرًا عن القبول وذلك في حالة إذا كان السكوت موصوفًا أو ملابسًا.

والسكوت الموصوف هو السكوت الذي لحقه وصف من الأوصاف سواء بالاتفاق أو بنص القانون بحيث ترجح دلالة القبول على دلالة الرفض أو العكس . ومن الأمثلة على

السكوت الموصوف بنص القانون ما جاء في المادة ( 2/411 ) مدني مصري والتي نصت على انه ” إذا عين البائع للمشتري مدّة لتجربة السلعة وانقضت هذه المدة وسكت المشتري عن إعلان قبوله أو رفضه للمبيع خلال هذه المدة مع تمكينه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولا وهذا ما نص عليه المشرع الأردني في المادة ( 1/471 ) مدني والتي نصت على انه ” إذا انقضت مدة التجربة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبو ً لا ولزم البيع” وهذا النص يطابق نص المادة ( 2/435 ) من مشروع القانون المدني الفلسطيني.

ومن الأمثلة على السكوت الموصوف باتفاق المتعاقدين صحة الاتفاق الذي يقر فيه المقترض والكفيل بصحة قيود البنك وحساباته إذا لم يعترض عليها خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إرسالها إليهما من البنك

أما السكوت الملابس فهو الذي تحيط به ظروف ملابسة من شانها أن تجعله يدل على الرضا، هذا السكوت خلافًا للسكوت المجرد يمكن أن يحظى حسب الأحوال بقيمة التعبير الضمني لأنه من الممكن أن يدل على الإرادة استدلالا من الظروف المحيطة بالمتعاقدين، ولذلك يعتبر السكوت الملابس دائمًا وسيلة من وسائل التعبير الضمني عن الإرادة وقد نص المشرع المصري في المادة ( 98 ) مدني على حالات السكوت الملابس وقد وردت على سبيل المثال والحالات هي:

1. إذا جرى العرف على اعتبار السكوت دليلا على الرضا.

2. إذا اقتضت طبيعة المعاملة باعتبار السكوت قبولا.

3. إذا تمخض الإيجاب نفعًا خالصًا للموجه إليه وهذا ما نص عليه المشرع المدني الفلسطيني في المادة ( 2/80 ) والتي نصت ” لا ينسب إلى ساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة قبول وكذلك يعد السكوت قبولا بوجه خاص في حالة:

1. إذا نص القانون على ذلك.

2. إذا كان هناك تعامل سابق واتصل إيجابه بهذا التعامل وسكت من وجه إليه الإيجاب عن الرد وكذلك إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه وإذا كانت طبيعة المعاملة أو العرف أو غير ذلك من الظروف تدل على أن الموجب لم ينتظر تصريحا بالقبول ولم يتم رفض الإيجاب في وقت مناسب “

أما المشرع الأردني فقد نص في المادة ( 95 ) مدني على:

1- لا ينسب إلى ساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان ويعتبر قبولا “

2- يعتبر السكوت قبولا بوجه خاص إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل أو إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه.”

وهذا ما أكدته المادة ( 67 ) من مجلة الأحكام العدلية والتي جاء فيها ” لا ينسب إلى ساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان “

وبهذا يختلف التعبير الضمني عن الإرادة عن التعبير عن طريق السكوت في أن التعبير الأول وضع ايجابي تفسره بعض الوقائع. أما السكوت فهو موقف سلبي، يتخذه من يوجه إليه الإيجاب، ويقصد بالموقف السلبي ” عدم الإجابة على السائل أو المنشئ لا بقول ولا بفعل أي لا بلفظ ولا بإشارة وقد أكدت على ذلك محكمة النقض المصرية حينما نصت على أن السكوت على الرد ليس تعبيرًا عن الإرادة، واعتباره قبولا شريطة تعلقه بتعامل سابق بين المتعاقدين واتصاله بالإيجاب

 

مؤيد عيسى محمد دغش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *