الشروط الخاصة للحراسة القضائية

 الشروط الخاصة للحراسة القضائية.

الحراسة القضائية بصفتها أحد مواضع القضاء المستعجل تستلزم تحقق شرطي القضاء المستعجل وهي الإستعجال وعدم التصدي لأصل الحق وهذه ما تسمى بالشروط العامة للقضاء المستعجل وإضافة لذلك فإن لها شروط خاصة وهي المصلحة ووجود النزاع والمال محل الحراسة والخطر العاجل مع بقاء المال تحت يد الحائز, فإذا تحققت هذه الشروط وضع القاضي المال تحت الحراسة وهذا هو الدور الأول للحراسة, أما الدور الثاني فهو تعيين الحارس القضائي.  اما الشروط الخاصة للحراسة القضائية :-

الشرط الأول – المصلحة: 

تعرف بـ (الفائدة العملية المشروعة التي يسعى الشخص للحصول عليها من وراء إتخاذه إجراءاً قضائياً) وتعرّف كذلك بأنها: (الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى من الحكم له بطلباته الواردة في الدعوى), ويقال كذلك: (المنفعة المشروعة التي يراد تحقيقها بالإلتجاء إلى القضاء), وهي كذلك: (الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى من الحكم له), ويقال: (هي الفائدة التي تعود على المدعي من الحكم له بطلباته في الدعوى).

أما قانون المرافعات المدنية فلم يُورد تعريف للمصلحة وترك ذلك إلى الفقه والقضاء إلا أنه عندما جاء على ذكر المصلحة, ذكرها باعتبارها شرطاً من شروط الدعوى, حيث قال: (يشترط في الدعوى أن يكون للمدعى به مصلحة معلومة وحالة وممكنة ومحققة ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي إن كان هناك ما يدعو إلى التخوف من إلحاق الضرر بذوي الشأن …), فهذا الشرط هو ما تتطلبه دعوى الموضوع, أما في المسائل المستعجلة فإن للقاضي أن يتلمس المصلحة من ظاهر المستندات والأوراق المقدمة للمحكمة ومن دون المساس بأصل الحق, فأن تأيد له وجود المصلحة وضع المال تحت الحراسة وبخلافه عليه رد الطلب, كما في حالة شريكين وضعا المحل العائد لهما تحت يد عدل فلا يجوز لأحدهما طلب وضع المال تحت الحراسة القضائية ما دام يد العدل قائم بواجباته ولكون الأخير يقوم بوظيفة تماثل الوظيفة التي يقوم بها الحارس القضائي, لذا لا مبرر لتعيين حارس قضائي مع وجود يد العدل.

هذا ومن المعلوم أن للمصلحة خصائص عدة, فالخاصية الأولى أن تكون قانونية, ويقصد بذلك حماية الحق مع البقاء على المركز القانوني للخصوم, وبعبارة أدق أن يكون للمصلحة سند من القانون إضافة للخاصية القانونية فهي يجب أن تكون مباشرة وتعبر عن شخص طالبها وهذا يعني عدم جواز قبولها إذا رفعت من شخص غير ذي صفة, إضافة إلى الخاصية الثالثة التي تقول أن المصلحة ممكن أن تكون محتملة, لأن واحدة من مهام القضاء المستعجل هو القيام بتهيئة الدليل لدعوى الموضوع وخشية ضياعه عند حدوث نزاع في المستقبل.

الشرط الثاني – وجود نزاع: 

لم يورد قانون المرافعات المدنية تعريف للنزاع, وترك أمر تقصيه للقاضي ولما لديه من سلطة تقديرية التي تمكنه الاستدلال عليه من ظاهر المستندات والأوراق المقدمة له, وكلمة النزاع هنا غير محددة بموضوع معين بل هي أي نزاع يتعلق بمنقول أو عقار أو حق ملكية فكرية أو مجموع من المال, فتحقق النزاع يثبت به الشرط الثاني لوضع المال تحت الحراسة من أجل المحافظة على الحقوق, سواء كانت تلك الحقوق عينية أو شخصية, والنزاع يتخذ صور شتى كالنزاع على إدارة المال الشائع أو النزاع بشأن واضع اليد على المال مصـدره عقـد مشاركة وغيرها من صور النزاع الأخرى.

ولا يكفي أن هناك نزاع وحسب بل يشترط أن يكون ذلك النزاع جدياً يتحقق فيه أسباب المصلحة والصدق, لذا فإن النزاع المفتعل أو النزاع الإتفاقي المقصود منه الإضرار بأطراف أخرى يخرج من موضوع الحراسة القضائية لتخلف شرط النزاع الجدي, وأن المعيار المتخذ لبيان جدية النزاع من عدمه أمر متروك لسلطة القاضي التقديرية عليه استنباطه مما تقدم إليه من مستندات وما يوحي إليه ظاهرها, وله اعتبار ذلك النزاع جدياً فيضع المال تحت الحراسة وبخلافه يرد الطلب, وهذا ما استقرت عليه الأحكام.

الشرط الثالث – المال محل الحراسة: 

إن الأموال التي يجوز وضعها تحت الحراسة هي المنقول والعقار وقد شرحت الأسباب الموجبة لقانون المرافعات معنى المنقول والعقار بالقول بأنهما الأموال بشكل عام والمال كما يعرفه القانون هو كل حق له قيمته المادية, ومع ذلك ولكي يوضع المال تحت الحراسة يجب أن تتوفر فيه الشروط التالية:

1- أن يكون قابلاً للتعامل فيه.
2- الأموال التي لا يمكن إدارتها من قبل الغير.
3- أن يكون المال متقوماً.
4- لايجوز وضع المال تحت الحراسة إذا كان تحت اليد.

الشرط الرابع – الخطر العاجل مع بقاء المال تحت الحائز: 

للحراسة القضائية شروط خاصة بها إضافة إلى الشروط العامة للقضاء المستعجل وقد بينا معنى الخطر العاجل عند تناول الشروط العامة للقضاء المستعجل, وفي موضوع شرط الإستعجال, أما الشرط الخاص هنا لوضع المال تحت الحراسة القضائية فهو الخطر العاجل مع بقاء المال تحت يد حائزه يعتبر واحداً من أهم شروط قبول الحراسة القضائية والمتمثل بالضرر الواقع الذي يهدد مصلحة طالب وضع المال تحت الحراسة من تركه تحت يد الحائز.

ولقاضي المسائل المستعجلة وسائل عدة للوصول إلى القناعة المطلوبة لوضع المال تحت الحراسة القضائية على وفق مفهوم هذا الشرط بعد تدقيق ظاهر المستندات والأوراق المقدمة إليه, ومن تلك الوسائل التي تلجئه لذلك هي الخشية من تلف المال أو ضياعه في حالة بقائه تحت يد الحائز أو إستحواذ بعض الشركاء على عائد العين مهددة بالتلف والضياع ذاتها, وفي ضوء القناعة التي يستنبطها القاضي وتقدير الوسائل المستخدمة من ظاهر المستندات فله أن يضع المال تحت الحراسة وفي خلاف ذلك يقرر رد الطلب وذلك لكون الخطر العاجل ليس حالة ثابتة أو مستقرة فهو يختلف باختلاف الموضوع المعروض على القضاء المستعجل الأمر الذي تركه المشرع لسلطة القاضي التقديرية.

إن الخطر العاجل مع بقاء المال تحت يد الحائز ناتج من طبيعة الحق المطالب به, لذا لا يجـوز إضفـاء صفـة الإستعجال خلافاً لطبيعة الحق حتى ولو اتفق الأطراف على ذلك لأن الاتفاق على الوصف لا يغير تلك الطبيعة.  وخلاصة القول فإن قاضي المسائل المستعجلة ملزم بوضع المال تحت الحراسة إذا كان وجود المال تحت يد الحائز يهدد مصلحة صاحب الحراسة سواء كان صاحب اليد غاصباً أو مسلوب الإرادة أو غير مؤتمن أو مهملاً أو قام بأعمال الغش والتدليس والاضرار بمصلحة طالب الحراسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *