بحث حول الاختصاص التحكيمي للسلطات الادارية المستقلة

بحث حول الاختصاص التحكيمي للسلطات الادارية المستقلة

الاختصاص التحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة

Arbitration jurisdiction of independent administrative authorities

د. عماد صوالحية، جامعة العربي التبسي، الجزائر.

Imad Soualhia, University Larbi Tbessi, Algeria

بحث منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 37 الصفحة 33.

Abstract:

The Algerian legislator gave the independent administrative authorities several powers that were originally authorized to the administration in its classical sense, but with the introduction of these powers and the expansion of their establishment transferred to the latter and comes at the head of the exercise of arbitration in order to settle the differences between Economic traders, as guaranteed by the latter to keep pace with developments in the economic field, it serves as a system for resolving disputes between different parties in a short and short time, but the practice of this jurisdiction is not broad but is limited by legal controls imposed by the legislator, as it does not grant this The competence of all independent administrative authorities, and its role in exercising this jurisdiction is limited to the adjudication of disputes that arise in the sector charged with controlling it between economic dealers and as such is not a party to the dispute but exercises the role of arbitrator, and separates the dispute that arises between the dealers economists, by issuing arbitral awards of an implementing nature.

Keywords: Independent administrative authorities, dispute, arbitration, administrative decisions, judiciary, agreement.

الملخص:

خول المشرع الجزائري السلطات الإدارية المستقلة عدة صلاحيات، كانت في الأصل مخولة للإدارة بمفهومها الكلاسيكي، لكن ومع إستحداث هذه السلطات والتوسع في إنشائها نقلها لهذه الأخيرة، ويأتي على رأسها صلاحيتها في ممارسة التحكيم من أجل تسوية الخلافات القائمة بين المتعاملين الاقتصاديين بما يضمنه هذا الأخير من سرعة في مسايرة التطورات الحاصلة في الميدان الاقتصادي، فهو بمثابة نظام لحل المنازعات بين الأطراف المختلفة خلال وقت وجيز وقصير، لكن ممارسة هذا الاختصاص ليست واسعة بل هي محددة بضوابط قانونية فرضها المشرع، إذ أنه لا يمنح هذا الاختصاص لجميع السلطات الإدارية المستقلة، ويقتصر دورها عند ممارستها لهذا الاختصاص على الفصل في المنازعات التي تثور في القطاع المكلفة بضبطه بين المتعاملين الاقتصاديين، وبهذه الصفة هي لا تكون طرفا في النزاع بل تمارس دور المحكم، و تفصل في المنازعة التي تنشأ بين المتعاملين الاقتصاديين، من خلال إصدارها قرارات تحكيمية ذات طابع تنفيذي.

الكلمات المفتاحية: السلطات الإدارية المستقلة، النزاع، التحكيم، القرارات الإدارية، القضاء، الاتفاق.

المقدمة:

من أسباب إستحداث السلطات الإدارية المستقلة هو تفعيل الحركة التنافسية بين المتعاملين الاقتصاديين وذلك قصد تحقيق منافسة عادلة بينهم، بغرض فتح بعض القطاعات للخواص، والدخول إلى السوق التنافسية بعدما كانت محتكرة من طرف الدولة، وكان ذلك نتيجة للتغيرات الطارئة على النمط الاقتصادي، فكان لزاما على الدولة التخلي عن فكرة التسيير الإداري المركزي الذي أثبت فشله، وتجسيد هذا من خلال تخويل المشرع للسلطات الإدارية المستقلة لعدة اختصاصات كانت منوطة سابقا بالإدارة التقليدية، فأجازت بعض النصوص القانونية المنشئة لتلك السلطات صلاحية إصدار القرارات التحكيمية من أجل تسوية الخلافات القائمة بين المتعاملين الاقتصاديين، حيث ان هذا الاختصاص كان في الأصل من اختصاص القضاء وحده، لكن وكنتيجة لعجز هذا الأخير عن مسايرة التطورات الحاصلة في الميدان الاقتصادي الذي يقتضي السرعة والتأقلم مع التطورات السريعة، تم تخويل بعض السلطات الإدارية المستقلة بممارسة التحكيم.

ويعتبر التحكيم من أهم الوسائل القانونية التي تمارسها السلطات الإدارية المستقلة، فهو بمثابة نظام لحل المنازعات بين الأطراف المختلفة، إذ بدأ التحكيم بمرحلة التحكيم الفردي الذي يقوم به فرد واحد قد يكون فقيها أو رجل دين ثم إنتقل إلى مرحلة التحكيم الجماعي الذي يقوم به مجموعة من المحكمين ويقوم على أساس المصالح خصوصا المالية التي تمثل تطورا جديدا للتحكيم، وأخيرا وبعد تشابك وتعدد المصالح خصوصا المالية منها، ظهرت الحاجة الماسة إلى منحه للسلطات الإدارية المستقلة، فالتحكيم الذي تمارسه هذه السلطات، يعني عرض خلاف معين بين المتنازعين على أعضاء السلطة الإدارية المستقلة وفق شروط يحددونها لتفصل تلك السلطة في ذلك النزاع بقرار يكون بعيدا عن التحيز لأي طرف، لكن ممارسة الاختصاص التحكيمي ليست واسعة، بل هي محددة بضوابط قانونية فرضها المشرع، إذ أنه لا يمنح هذا الاختصاص لجميع السلطات الإدارية المستقلة، فمثلا لم يمنح المشرع هذا الاختصاص لمجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية، في حين أنه منحه صراحة للجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة، ويقتصر دور السلطات الإدارية المستقلة عند ممارستها للاختصاص التحكيمي في الفصل في المنازعات التي تثور في القطاع المكلفة بضبطه بين المتعاملين الاقتصاديين وبهذه الصفة فهي لا تكون طرفا في النزاع بل تمارس دور المحكم، حيث تفصل في المنازعة التي تنشأ بين المتعاملين الاقتصاديين، من خلال إصدارها قرارات تحكيمية ذات طابع تنفيذي، مما قد ينشأ معها منازعات أخرى، بينها وبين الطرف الذي صدرت في حقه هذه القررات التحكيمية، ما يمنح له الحق في رفع دعوى الإلغاء ضدها أمام مجلس الدولة على إعتبار أن القرارات الفاصلة في المجال التحكيمي قرارات إدارية، وقد إستحدث المشرع على مستوى لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها، غرفة تأديبية وتحكيمية مهمتها الفصل في النزاعات ذات الطبيعة التقنية عن طريق التحكيم، ويتولى المهمة التحكيمية كذلك على مستوى سلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، مجلس السلطة، حيث حصر المشرع اختصاصه التحكيمي في المنازعات التي يكون موضوعها التوصيل البيني، الناتجة عن العلاقة التعاقدية للمتعاملين الاقتصاديين، وكذلك المنازعات المتعلقة بتقاسم منشآت المواصلات السلكية واللاسلكية، وإستحدث المشرع كذلك ضمن لجنة ضبط الكهرباء وتوزيع الغاز، غرفة للتحكيم، تحكم في المنازعات بين المتعاملين في قطاع الكهرباء والغاز.

ويحقق الاختصاص بالتحكيم للسلطات الإدارية المستقلة، بإعتباره وسيلة بديلة لتسوية النزاعات عدة مزايا عملية، فمن جهة يساهم في توفير الوقت والجهد والنفقات على الأطراف المتنازعة بخلاف الهيئات القضائية التي تعاني من البطء وتعقيد الإجراءات وازدحامها بعدد كبير من القضايا، فهذه الوضعية لا تساعد مطلقا عى تطوير المعاملات التجارية التي تتسم بالسرعة وبالتالي لا تحتمل أي تأخير، ولهذا السبب عادة ما يحبذ المتعاملون الاقتصاديون اللجوء إلى الوسائل البديلة كالتحكيم لكونه يسد النقائص التي يعاني منها القضاء، ومن جهة ثانية، فإن الأطراف المتنازعة عادة ما يرغبون في عرض نزاعهم على شخص أكثر دراية وإلمام بملابسات النزاع، فهم يحبذون القاضي المتخصص عندما يتعلق الأمر بموضوع تقني، وبالتالي فالتحكيم أمام سلطة إدارية مستقلة تكون أكثر إحاطة وإلمام بالقطاع الذي تتولى ضبطه من القاضي.

مشكلة الدراسة:

بما أن التحكيم من أهم الوسائل القانونية التي تمارسها السلطات الإدارية المستقلة، فهو بمثابة نظام لحل المنازعات بين الأطراف المختلفة، وهو مسار إستثنائي خاص عن المسار العام لحل المنازعات والمتمثل في القضاء، إذ يتيح إمكانية مباشرة الفصل في النزاع لسلطة إدارية مستقلة محددة بذاتها من طرف المشرع وفقا لقواعد قانونية وإجراءات عملية، بقصد ربح الوقت والتعجيل في فض النزاع، لذلك فمشكلة الدراسة تكمن في السؤال التالي: ما هي الطبيعة القانونية لاختصاص السلطات الإدارية المستقلة بالتحكيم وما هي شروط ممارسته؟

أهمية الدراسة:

إن هذه الدراسة جاءت نتيجة لبروز السلطات الإدارية المستقلة كظاهرة قانونية جديدة في القانون الجزائري ووسيلة لتفعيل العديد من الإصلاحات الاقتصادية والقانونية داخل المجتمع، فالموضوع هام في ذاته وطبيعته وهذا هو الدافع الأول لإعداد هذه الدراسة، أما الدافع الثاني فيكمن في أهمية الدور التحكيمي الذي تلعبه السلطات الإدارية المستقلة كهيئات مستحدثة في الدولة، لها حدود ومجالات واسعة تختلف وتتغير من زمن لآخر ومن مكان لآخر تبعاً لإختلاف الظروف التي تمر بها الدولة، ولذلك فهي بأمس الحاجة إلى ضبط علمي دقيق، خصوصاً في ظل غياب المعنى الدقيق لها في التشريع الجزائري الذي إكتفى بتناول أهداف السلطات الإدارية المستقلة بصفة غير محددة.

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى ما يلي:

التوصل إلى الطبيعة التي يكتنفها الغموض واختلاف المفاهيم حول القرارت الحكيمة الصادرة عن السلطات الإدارية المستقلة، ويرجع ذلك إلى النتيجة ذات الصفة القضائية التي ينتهي إليها حكم التحكيم.
بيان مسألة احترام الضمانات الأساسية أثناء ممارسة السلطات الإدارية المستقلة للوظيفة التحكيمية.
إبراز الشروط الواجب توافرها في موضوع النزاع الذي تحكم فيه السلطة الإدارية المستقلة.
الإلمام كذلك بالشروط المتعلقة بأطراف هذا النزاع.

منهج الدراسة:

إتبعت في دراستي هذه للاختصاص التحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، على المنهج الوصفي التحليلي، والمنهج المقارن، من خلال تحليل النصوص القانونية التي أخذ بها المشرع الجزائري، والإستعانة بآراء الفقه والقضاء الإداري، وركزت تحديدا على ما وضعه المشرع الجزائري من قوانين وتنظيمات بهذا الخصوص، وتتبع تطورها عن طريق جمع المعلومات من الدراسات والأبحاث والكتب ذات العلاقة بالموضوع فالمنهج الوصفي قائم أساسا على التحليل والتفسير بشكل علمي منظم من أجل الوصول إلى غرض محدد.

هيكلة الدراسة:

تنقسم هذه الدراسة إلى مبحثين:

المبحث الأول: الطبيعة القانونية لاختصاص السلطات الإدارية المستقلة بالتحكيم

المطلب الأول: اعتبار السلطات الإدارية المستقلة هيئات قضائية تصدر أحكاما قضائية

المطلب الثاني: اعتبار السلطات الإدارية المستقلة هيئات إدارية تصدر قرارات إدارية خاصة

المبحث الثاني: شروط ممارسة التحكيم

المطلب الأول: الشروط المتعلقة بموضوع النزاع

المطلب الثاني: الشروط المتعلقة بأطراف النزاع

المبحث الأول: الطبيعة القانونية لاختصاص السلطات الإدارية المستقلة بالتحكيم

منح المشرع اختصاص الفصل في النزاعات لعدد محدود من السلطات الإدارية المستقلة والذي تجسد من خلال شكله الرئيسي والمتمثل في التحكيم، فالمشرع كرس الطابع الإداري للسلطات الإدارية المستقلة، إلا أنه في المقابل مكنها من اختصاصات قضائية تتعلق بالتحكيم لفض النزاعات بين المتعاملين أو مع المستعملين وهو الاختصاص الذي تم الإعتراف به لكل من سلطة ضبط البريد والمواصلات، لجنة ضبط الغاز والكهرباء ولجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة، ونص المشرع بالنسبة لبعض سلطات الضبط على إنشاء هيئات تحكيمية داخلية تتولى الفصل في النزاعات وتتخذ تشكيلة مغايرة للتشكيلة الأصلية لسلطة الضبط على غرار ما هو عليه الحال بالنسبة لكل من الغرفة التأديبية والتحكيمية بلجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وغرفة التحكيم بلجنة ضبط الغاز والكهرباء.[1]

من خلال منح صلاحية التحكيم لهذه السلطات الإدارية المستقلة، يكون المشرع قد حول صلاحيات قضائية هي في الأصل من اختصاص القاضي في ظل إجراءات وضمانات معينة، إلى هذه السلطات، بحكم أنها سلطات ضابطة لقطاعات واسعة من النشاط الاقتصادي والمالي والإتصالات، لكن صلاحية التحكيم الممنوحة لهذه السلطات الإدارية المستقلة، قد منحت لها من طرف المشرع وليست ناتجة عن إتفاق اطراف النزاع، بمعنى أنه لا وجود لعقد ينظم هذا الإجراء، ولكنه سلطة تمارسها السلطات الإدارية المستقلة بواسطة القانون مباشرة، وتمارسها كذلك بموجب النصوص القانونية المنشئة لها، وأولى المشرع عناية واهتمام بصلاحية التحكيم الممارسة من قبل هذه السلطات، و أفرد لها العديد من النصوص القانونية التي تنظم إجراء هذا التحكيم وبين تشكيلة غرف التحكيم والإجراءات أمامها ولو في نصوص مستقلة كالتنظيم مثلا أو الأنظمة أو نظامها الداخلي.[2]

ومجالات التحكيم الذي تمارسه السلطات الإدارية المستقلة محصور في البورصة والأسواق المالية وقطاع الكهرباء والغاز وقطاع البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، وكذلك النشاط السمعي البصري والتي منحها المشرع صراحة صلاحية ممارسة التحكيم،[3] ويرجع السبب في منح السلطات الإدارية المستقلة لصلاحية التحكيم للعديد من الإعتبارات، منها ما يتعلق بتراجع دور القاضي الإداري في الفصل في القضايا الاقتصادية نظرا لعدم تأهيل القاضي للنظر في مثل هذه القضايا وكذلك لطول وبطء الإجراءات وتعقيدها وطول المدة الزمنية للفصل فيها في مواجهة مسائل تتعلق بالإستثمار والإقتصاد الذي يقتضي السرعة والمرونة في الفصل، وهو ما يجعل من السلطات الإدارية المستقلة الأكثر كفاءة في الفصل في القضايا عن طريق التحكيم، ويرجع السبب كذلك لمواجهة قواعد عالية التقنية والتخصص تتعلق بمسائل ضبط القطاعات التي تتميز بالتغير والتطور لاعتبارات الملاءمة والتكيف مع واقع شديد التركيب، مما يحتم تدخل السلطات الإدارية المستقلة للفصل في النزاعات التي تثور بشأنها نظرا لقدرتها التقنية واختصاصاها في مثل تلك المسائل.

تعتبر أهم ميزة للتحكيم وأهم عامل لتفضيله عن القضاء الذي يعاني من البطء، هي قلة الشكلية وسرعة الفصل في النزاع، حيث يتفادى أطراف العلاقات الخاصة من خلال التحكيم تعدد درجات التقاضي وإضاعة الوقت أمام المحاكم لفترات طويلة قد تصل إلى عدة شهور أحيانا، فمن خلال التحكيم يحصلون على عدالة خاصة سريعة قدر الإمكان،[4] فالتحكيم يقلل من النزاعات الواردة إلى القضاء ويحقق الفعالية في فض النزاعات نظرا للسرعة المطلوبة ونظرا لتحكم السلطات الإدارية المستقلة في المسائل الاقتصادية والمالية وغيرها في إطار القطاعات الواقعة تحت إشرافها من خلال التجربة المهمة التي تتمتع بها هذه السلطات وكذلك من خلال الخبرة التي تحوزها، بينما القاضي الذي يفصل في مثل هذه النزاعات يجد نفسه ملزما باحترام القواعد المفروضة في الاتفاقية المبرمة بين الأطراف ولا يملك السلطة التقديرية الممنوحة للسلطات الإدارية المستقلة، بالإضافة إلى عنصر المرونة الذي يوفره الفصل في النزاع أمام هذه السلطات سواء من حيث القواعد أو الإجراءات مقارنة بالتطبيق الصارم من طرف القاضي للقانون، وكذلك لعدم تلاؤمها مع تكوين القضاة الذي يعنى أكثر بالنزاعات التقليدية.[5]

واقتصر المشرع منح صلاحية التحكيم في البداية على ثلاث سلطات إدارية مستقلة، حيث أنشأ أجهزة داخلية للتحكيم على مستوى لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة ولجنة ضبط الكهرباء والغاز، بينما منح سلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية اختصاص التحكيم دون النص على إنشاء جهاز داخلي منفصل عنها للتحكيم، ومؤخرا وبصدور قانون السمعي البصري منح المشرع سلطة ضبط السمعي البصري صلاحية التحكيم، وسلك المشرع الجزائري بخصوص كيفية تنظيم وتشكيلة الغرف التحكيمية على مستوى لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة ولجنة ضبط الكهرباء والغاز مسلكين مختلفين، فالبنسبة للغرفة التأديبية والتحكيمية على مستوى لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها فقد حدد المشرع تشكيلتها بعضويين إثنين منتخبين من بين أعضاء اللجنة طوال مدة عهدتهم، وقاضيين إثنين معينين من طرف وزير العدل مختارين لكفاءتهما في المجالين الاقتصادي والمالي، ورئيس اللجنة رئيسا لهذه الغرفة،[6] أما بالنسبة للجنة ضبط الكهرباء والغاز فتتكون من ثلاثة أعضاء من بينهم الرئيس وثلاثة أعضاء إحتياطيين معينين من الوزير المكلف بالطاقة لمدة ست سنوات قابلة للتجديد وقاضيين إثنين يعينهما الوزير المكلف بالعدل،[7] والملاحظ هو الاختلاف والتباين بين أعضاء اللجنتين التحكيميتين، حيث أن أعضاء لجنة ضبط الكهرباء والغاز من خارج السلطة الإدارية المستقلة تماما وهذا في الحقيقة فيه ضمان للحياد الكلي على خلاف لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة، حيث أن الرئيس والأعضاء من بين أعضاء اللجنة في حد ذاتها باستثناء القاضيين فهما يعينان من خارج اللجنة وهذا لا يشكل ضمانا لمبدأ الحياد فهو يبقى نسبيا،[8] أما بالنسبة لسلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية فقد منحها المشرع صلاحية التحكيم في المنازعات المتعلقة بالتوصيل البيني والتحكيم في النزاعات القائمة بين المتعاملين أو مع المستعملين،[9] ومنح سلطة ضبط السمعي البصري صلاحية التحكيم في النزاعات،[10] وتختلف مجالات الفصل في النزاعات بين هذه السلطات، فبالنسبة للجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة يشمل اختصاصها الفصل في النزاعات بواسطة تحكيم النزاعات التقنية الناشئة عن تفسير وتنفيذ القوانين والتنظيمات التي تحكم سير البورصة، ولم ينص القانون على الإجراءات المتبعة في مجال التحكيم بل اكتفى فقط بتحديد للمتظلمين لدى اللجنة.[11]

أما بالنسبة للجنة ضبط الكهرباء والغاز فيشمل اختصاص الفصل في النزاعات عن طريق التحكيم[12] النزاعات الناشئة بين المتعاملين بناء على طلب احد الأطراف باستثناء الخلافات المتعلقة بالحقوق والواجبات التعاقدية ويتعلق الأمر بالنزاعات المتعلقة بدخول أو إستعمال الشبكات العمومية لنقل أو توزيع الكهرباء، منشآت نقل أو توزيع الغاز الطبيعي او منشآت التخزين للغاز الطبيعي، بالإضافة لاختصاص الفصل في مثل هذه النزاعات تختص الغرفة التحكيمية في حالتين، تتعلق الحالة الأولى برفض موزع الكهرباء أو الغاز بواسطة القنوات، لأسباب شرعية تقديم الكهرباء أو الغاز لطالبيه،[13] أما الحالة الثانية فتتعلق بعدم الاتفاق على التكاليف الباهضة الناتجة عن أشغال الترميم أو الهدم أو الزيادة في العلو أو الإحاطة أو البناء وغيرها،[14] ويحال النزاع بطلب من المتعامل أو صاحب الملكية لغرفة التحكيم، وفي إطار وظيفتها التحكيمية يمكن لهذه الأخيرة القيام بالتحقيقات اللازمة والاستعانة بخبراء وكذلك سماع الشهود والأطراف المعنية، ولضمان استمرارية سير الشبكات يمكنها اتخاذ تدابير تحفظية في حالة الاستعجال.

أما فيما يخص سلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية،[15] فهي مختصة في حالتين فقط وهما الفصل في النزاعات المتعلقة بالتوصيل البيني والتحكيم في النزاعات بين المتعاملين أو المستعملين، وتتمحور هذه النزاعات في رفض التوصيل البيني أو فشل المفاوضات التجارية وعدم الاتفاق على نتيجة او تنفيذ اتفاقية التوصيل البيني أو إخلال أحد أطراف الاتفاقية بالشروط المالية أو التقنية، وكذلك النزاعات المتعلقة بتقاسم منشآت المواصلات السلكية واللاسلكية أو النفاذ إلى شبكة المواصلات السلكية واللاسلكية،[16] وفيما يخص منازعات التوصيل البيني فالمشرع قد اتجه إلى منح اختصاص الفصل فيها لسلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية بناء على الخصوصية المتعلقة بالتوصيل البيني نظرا لاحتوائها على تقنية عالية لا يتوفر عليها القضاء، ومنح لها المشرع كذلك صلاحية التحكيم في المنازعات بين الأشخاص المعنوية التي تستغل خدمة اتصال سمعي بصري سواء فيما بينها أو مع المستعملين.[17]

وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن الاختصاص التحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة وسيلة بديلة لتسوية النزاعات بين المتعاملين الاقتصاديين بعيدا عن العدالة الرسمية، فأمام العجز والقصور الذي يعتري القضاء التقليدي كان لزاما على المشرع إيجاد أسلوب جديدي يتماشى مع التطورات التي يشهدها الحقل الاقتصادي، ويتميز التحكيم المسند لمختلف هذه السلطات عن ذلك المنظم في قانون الإجراءات المدنية والإدارية في العديد من الجوانب، فخصوصيته تبرز في عدم الأخذ بتقنيات التحكيم الكلاسيكي الذي تعد إرادة الأطراف أساس وجوده بينما التحكيم الممنوح للسلطة الضابطة قوامه هو إرادة المشرع.[18]

وعلى أساس ذلك احتلت طبيعة التحكيم الصادر عن السلطات الإدارية المستقلة حيزا لا بأس به من اهتمام الفقه وحاول العديد من الفقهاء التوصل إلى الطبيعة القانونية التي يكتنفها الغموض واختلاف المفاهيم ويرجع هذا الاختلاف إلى الأساس الإتفاقي الذي يقوم عليه التحكيم والنتيجة ذات الصفة القضائية التي ينتهي إليها المحكم، أي حكم التحكيم.

فالتحكيم الذي تمارسه السلطات الإدارية المستقلة يتكون من عمليتين، الأولى هي اتفاق يبرمه طرفا النزاع والثانية هي الحكم الصادر عن السلطة الإدارية المستقلة، فهذه التركيبة الوظيفية للتحكيم خلفت آراء متباينة حول طبيعته.[19]

ونحن بصدد دراسة هذه الطبيعة القانونية لوظيفية السلطات الإدارية المستقلة في التحكيم، يبقى السؤال المطروح على إعتبار أنها هيئات إدارية، فهل تتغير طبيعة هذه السلطات عندما تمارس اختصاصات تحكيمية وكيف يمكن تكييف القرارات الناتجة عنها عند تحكيمها في تلك النزاعات؟

وللإجابة على هذا التساؤل برز هناك اتجاهين، حيث اعتبر الاتجاه الأول أن هذه السلطات تتمتع بالطبيعة القضائية وبالتالي فقرراتها هي أحكام قضائية، واتجاه ثان، إعتبر أن السلطات الإدارية المستقلة تمارس وضيفة ضبطية وتعتبر قرراتها في مجال التحكيم، قرارات إدارية خاصة.

المطلب الأول: إعتبار السلطات الإدارية المستقلة هيئات قضائية تصدر أحكام قضائية

أخذت طبيعة التحكيم الذي تصدره السلطات الإدارية المستقلة حيزا لا بأس به من اهتمام الفقه، أساساه محاولة التوصل إلى الطبيعة التي تكتنفها الغموض واختلاف المفاهيم، ويرجع ذلك إلى النتيجة ذات الصفة القضائية التي ينتهي إليها المحكم أي حكم التحكيم، فالتحكيم كإجراء إختياري لفض النزاعات خارج المحاكم والهيئات الرسمية يلجأ إليه أطراف النزاع بعد الإتفاق فيما بينهم، ومنه فالمحكم يملك اختصاصه بناءا على إرادة الأطراف من خلال اتفاقهم[20] ذلك على اللجوء للمحكم في حالة النزاع وليس القاضي، وطبقا لذلك يجب إبرام اتفاقية مكتوبة طبقا لما نص عليه قانون الإجراءات المدنية والإدارية،[21] وعلى أساس ذلك فإن إتفاق التحكيم مقيد بشرط اتفاق أطراف النزاع، لكن بالنسبة للسلطات الإدارية المستقلة فإن التحكيم لا يحتاج إلى اتفاق لأن الاختصاص ممنوح لها بموجب النصوص القانونية المنشئة لها، وعلى أساس ذلك فالمشرع هو من منح هذا الاختصاص لها، وفي حقيقة الأمر هذه الوظيفة هي وظيفة قضائية تعود في الأصل للقضاء ومصطلح التحكيم جاء للدلالة على وظيفة الفصل في النزاع بصفة عامة بعيدا عن تقنية التحكيم بالمعنى الدقيق للمصطلح، حيث يطلق مصطلح التحكيم على العديد من الإجراءات التي تعد طرقا خاصة للفصل في النزاعات في غياب اتفاق واضح وصريح بين أطرافها.[22]

لكن البعض من الفقه لجأ إلى تشبيه التحكيم الذي تقوم به هذه السلطات بما تقوم به الهيئات القضائية الحقيقية، ويقوم هذا الرأي على أساس مستمد من أن أصل الوظيفة التي يقوم بها السلطة الإدارية المستقلة بصفتها محكم هي ذاتها التي يقوم بها القاضي وبالتالي فإن عملها يكون عملا قضائيان وبالتالي فقراراتها التحكيمية هي أحكام قضائية، فإذا كانت السلطات الإدارية المستقلة تقوم بالوظيفة ذاتها التي يقوم بها القضاء، وهي حسم النزاع وتحقيق العدالة بين المتنازعين، فإنه يكتسب بالضرورة الطبيعة القضائية ومن ثم فنظر النزاع أمامها يمر بذات الإجراءات التي يمر بها أمام القاضي وينتهي بحكم مماثل لحكم القاضي، سواء فيما تعلق بالطعن فيه أو فيما يتعلق بقابليته للتنفيذ.[23]

الملاحظ أنه هذا الإتجاه الفقي لجأ إلى تكييف السلطات الإدارية المستقلة بناءا على المعيار الوظيفي، على إعتبار أن الصفة القضائية تستخلص من الاختصاصات المادية وترتبط بالأهداف الوظيفية لهذه السلطات، فمن يحكم يجب أن يكيف كقاض،[24] ومن ناحية سير عملية التحكيم فالملاحظ أن التحكيم والقضاء يسيران في ركاب قواعد إجرائية تكون واحدة في جوهرها وإن اختلفت في مصادرها، فنجد قواعد تقديم الإدعاء وإعلان الخصومة وبدء الخصومة ووقفها، وانقطاعها وفحص أسس ومشروعية الإدعاء وفحص الأدلة واحترام ضمانات التقاضي كالمساواة بين الخصوم وحماية حقوق الدفاع واحترام مبدأ المواجهة وضمان مبدأ الحياد وغيرها من الضمانات الأخرى، وهذا ما دفع البعض إلى التشكيك في الطبيعة الإدارية للسلطات الإدارية المستقلة لصالح تمتعها بالطبيعة القضائية وذلك كما قلنا بناء على العناصر المشتركة بينها وبين القضاء والمتعلقة أساسا بطريقة الإنشاء بنص تشريعي أو بالتشكيلة الجماعية لهذه السلطات على غرار الهيئات القضائية وكذلك لطغيان القواعد الإجرائية المطبقة أمام القضاء في النزاعات المعروضة أمام سلطات الضبط وإما بناءا على الصلاحيات التي تملكها هذه السلطات في فرض للعقوبات وإصدار للأوامر والفصل في النزاعات.

وحتى بالنسبة لنهاية التحكيم فتكون بصدور حكم تتوفر فيه سائر خصائص وسمات الأحكام القضائية من ناحية شكله وكتابته وتسبيبه وتوقيعه، ومن ناحية محتواه أي بيان عناصر الإدعاء والقواعد القانونية المطبقة،[25] وهو يحسم النزاع ويحول دون طرحه مجددا أمام القضاء، فهو يحوز بمجرد صدوره حجية الأمر المقضي به ويكون واجب التنفيذ وفقا للقواعد المقررة قانونا.[26]

ويستنفذ المحكم ولايته بمجرد إصداره حكم التحكيم فلا يملك بعد ذلك أن يعدله أو يرجع فيه أو أن يصدر ما يخالفه،[27] وهذا هو جوهر الوظيفة القضائية للتحكيم، فخلاصة أنصار هذا الإتجاه أنهم نظروا إلى التحكيم من زاوية أنه قضاء ملزم للخصوم متى اتفقوا عليه وأن التملص منه لا يجدي وأنه يحل محل قضاء الدولة الإجباري وأن عمل المحكم ما هو إلا شكل من أشكال ممارسة العدالة التي تمارسها الدولة، فإذا رخصت للأطراف اللجوء للتحكيم فإن مهمة المحكم تنحصر في ممارسة وظيفة قضائية وبالتالي فعمل المحكم عمل قضائي لتوفر مقومات العمل القضائي وهي الإدعاء والمنازعة والشخص الذي يخوله القانون حسم النزاع، كما أن حكم المحكمين يعتبر عملا قضائيا بالمعنى الدقيق من حيث الشكل والموضوع وبنفس إجراءات إصدار الأحكام القضائية ومن ناحية الموضوع فالمحكم غالبا ما يطبق قواعد القانون الموضوعي ويفصل في نزاع حقيقي بين الخصوم ويلتزم باحترام حقوق الدفاع،[28] فبالنسبة لحقوق الدفاع نجد البعض منها مكرس أمام لجنة ضبط الكهرباء والغاز بموجب القانون رقم 2002-01، كما رسمها أيضا القرار المتعلق بإجراءات تسوية النزاعات في حالة التوصيل البيني وفي حالة التحكيم أمام سلطة ضبط البريد والمواصلات، لكن على العكس من ذلك لا نجد لها أي أثر أمام غرفة التحكيم في مجال البورصة.

أما بخصوص مسألة احترام الضمانات الأساسية أثناء ممارسة السلطات الإدارية المستقلة للوظيفة التحكيمية، فهناك العديد من الفقهاء الذين أثاروا العلاقة بين هذه السلطات وفكرة المحاكمة العادلة من منطلق أن هذه السلطات استولت على اختصاص القاضي وهو ما يستوجب احترام الضمانات الإجرائية الأساسية أثناء ممارستها للتحكيم، فكما هو معروف فإن وظيفة التحكيم بين مختلف المتعاملين والمتعاقدين لا تتم دون ضابط أو قيد، ودون معقب، بل تخضع لرقابة القضاء، وهو ما يفسر بأن سلطة المحكم ليست مطلقة، بل هي سلطة تقديرية تقوم طبقا لما يقدره المحكم لتحقيق المصلحة العامة، وهو ذات الأمر بالنسبة للسلطات الإدارية المستقلة، فبالنسبة لهذه الأخيرة فلا توجد إجراءات موحدة في مجال التحكيم الذي تمارسه، لكن هناك عدد من الخطوط العريضة والقواعد الرئيسية والتي تستخلص سواء من النصوص التشريعية أو النصوص المنشئة لها، أو من المبادئ العامة للقانون والتي أرساها القضاء الإداري والدستوري، والإجراءات في هذا المجال لها ذاتيتها الخاصة، حيث أن التحكيم يتم بإعتباره قرارات إدارية من جانب واحد لكن بصفة توافقية وإتفاقية، له ميزة الأسبقية وله طابع تنفيذي، بمعنى أنها يجب أن تنفذ من قبل المخاطب بها، دون أن تكون هناك حاجة للسلطة الإدارية المستقلة للجوء للقضاء، ويتعين تنفيذ حكم التحكيم بمجرد النطق به.

وبما أن وظيفة الضبط تقتضي ضمان المحافظة على التوازانات الأساسية في السوق بين الحقوق والحريات، فإنها تتطلب لأجل ذلك منح السلطات الإدارية المستقلة الضابطة للقطاعات المختلفة مجموعة من الصلاحيات المتعددة والمختلفة، والتي يأتي على رأسها، عملية التحقيق والبحث عن الأدلة والمعلومات والوقائع التي كانت سببا لنشوء النزاع،[29] لكن المشرع لم يمنح صلاحية التحكيم لجميع السلطات، إنما كان ذلك المنح بشكل تلقائي، ويبدو أن الإعتبار الأساسي في هذا التمييز لا يخرج عن الأهمية التي يحتلها القطاع ومجال النشاط، مثل الإتصالات البورصة والأسواق المالية، النقد والقرض والكهرباء والغاز، والمناجم، ولعل أهم المبررات التي جعلت المشرع يخول صلاحية التحكيم إلى هذه السلطات المستحدثة يتعلق بالبحث عن أفضل وأكثر الطرق فعالية لإتمام وظيفة رقابة النشاطات الاقتصادية في مختلف القطاعات والفصل في النزاعات في أسرع وقت.

المطلب الثاني: إعتبار السلطات الإدارية المستقلة هيئات إدارية تصدر قرارات إدارية خاصة

للسلطات الإدارية المستقلة المحكمة دور قضائي كونها تصدر حكما تراعي فيه مقتضيات العدالة ولكونها كذلك تتمتع بسلطة قضائية تمكنها من الفصل في النزاعات بحكم ملزم للأطراف،[30] وهو ما جعل بعض الفقهاء يقولون بطبيعتها القضائية وبإصباغ القرارات التحكيمية التي تصدرها بالصبغة القضائية وإعتبارها أحكاما قضائية، لكن الأستاذ رشيد زوايمية يرى أن هذه الخصوصية ترتبط بالوظيفة التنازعية التي تمارسها تلك السلطات في إطار مهامها الضبطية ولا ترقى لإعتبارها هيئات قضائية.[31]

وأرجع الأستاذ رشيد زوايمية عدم قبوله لتكييف السلطات الإدارية المستقلة أثناء تحكيمها في النزاعات المختلفة بالهيئات القضائية نظرا لطبيعة القرارات التي تصدرها هذه السلطات والتي لا تتمتع بالقوة القانونية نفسها التي تتمتع بها الأحكام القضائية والتي تصدر دائما في ذات المجال التحكيمي، حيث أن الأحكام القضائية تكون حائزة لقوة الشيء المقضي فيه أما السلطات الإدارية المستقلة فقراراتها تنفيذية فقط وفي إطار إمتيازات السلطة العامة لا غير،[32] وكذلك ومن ناحية أخرى يرى الأستاذ زوايمية أن الاجراءات المتبعة من طرف السلطات الإدارية المستقلة هي من وضعتها سواء من خلال نظامها الداخلي أو من خلال التنظيم، فالمشرع لم ينص في قوانين إنشائها على تلك الإجراءات بل ترك لها هي المجال لوضعها، والعكس من ذلك نجده أمام القضاء حيث نجد أن المشرع تكفل بوضع النصوص القانونية والمتعلقة بإجراءات التقاضي، ويرى الأستاذ زوايمية كذلك أن سبب تبني الإتجاه الفقهي القائل بالطبيعة القضائية للسلطات الإدارية المستقلة في مجال التحكيم دائما قد خلط بين الوظيفة القضائية وبين الوظيفة التنازعية، حيث أن الوظيفة التنازعية يمكن أن تمارسها هيئات إدارية والعامل المشترك الوحيد بينهما هو موضوع النزاع حيث أن كلاهما يمكنه الفصل فيه،[33] وهو ما يؤكد أن إستعمال تسمية الاختصاص التحكيمي من قبل المشرع ليس لغاية سوى الدلالة على اختصاص السلطات الإدارية المستقلة بالفصل في بعض النزاعات المحددة قانونا وبالنتيجة فإن الاحتكام الى هذه السلطات لا يعني أن القضاء لم يعد له أي دور في تلك القطاعات، بل يظل حاضرا للفصل في النزاعات التي تخرج من دائرة اختصاص السلطات الإدارية المستقلة وكذلك من خلال فرض رقابته على القرارات الصادرة عنها عند إعمالها وممارستها للاختصاص التحكيمي.

واعتراف المشرع بسلطة التحكيم والفصل في النزاعات لبعض السلطات الإدارية المستقلة يعد مجرد أسلوب جديد لأداء الدولة للدور الاقتصادي المنوط بها في ظل سياسة التوجه الحر والذي يتمحور أساسا حول حماية المنافسة وترقيتها،[34] ففي ظل غياب نظام قانوني موحد لممارسة الاختصاص التحكيمي ومع التوسع كذلك في إنشاء السلطات الإدارية المستقلة في مجالات النشاط الاقتصادي والمالي، وتزويدها كذلك بسلطات عديدة أدى إلى خلق العديد من القواعد الجديدة والمتخصصة، والتي تختلف من سلطة لأخرى، حيث نجد أن الضمانات الأساسية المقررة للأفراد والمتعاملين والمتعاقدين المعمول بها أمام القضاء ليست معممة ومطبقة أمام كل السلطات، وقد يكون هذا القصور في تكريس الضمانات القانونية سببه المرونة والسرعة لضمان فعالية الضبط الاقتصادي، لكن في الأساس هذه الظاهرة تمس بحقوق المعنيين بالتحكيم من طرف هذه السلطات المستحدثة، غير أن ممارسة هذه الاخيرة للوظيفة التحكيمية هي نوع من الحلول الأكثر موضوعية من غيره من الحلول الأخرى كالصلح، وطمأنة للأعوان الاقتصاديين بأنه توجد قواعد قانونية أخرى يمكن اللجوء إليها في تسوية النزاعات، وبالتالي فهذه السلطات تقوم بدور القضاء في فض النزاعات، إذ أن السلطات الإدارية المستقلة تستعمل دائما وكقاعدة عامة الأساليب والطرق الوقائية في القيام بأعمالها، فنجد أن القرارات الصادرة بالتحكيم تكون محاطة بجملة من الضمانات الوقائية، كما أن الطابع الإجرائي لها يعتبر في حد ذاته ضمانة أكيدة بالنسبة للمخاطبين به، فقد يشترط المشرع أو القانون المنشئ للسلطة الإدارية المستقلة، لصحة ممارسة الوظيفة التحكيمية، أخذ رأي جهة أو لجنة يحددها وكذلك إخطار صاحب الشأن، والهدف من كل ذلك هو إصدار قرار تحكيم ذو قيمية قانونية هامة بالنسبة لمختلف الأطراف الذين يطمئنون إلى القرار التحكيمي.[35]

و في الأخير ما يمكن استخلاصه هو أن الطابع الإداري للسلطات الإدارية المستقلة هو ما يجعل قرارات التحكيمية عبارة عن قرارات إدارية ذات طابع خاص، فكما هو معروف فإن السلطات الإداري المستقلة لا تقوم بالإدارة المباشرة لمرفق من المرافق العامة ولكنها تقوم بوظائف خاصة، إذ تسهر على تطبق القانون في المجال الخاص المعهود إليها ضبطه، فالفقه الفرنسي، يرى أن هذه السلطات لا يمكن تصنيفها ضمن الهيئات الإدارية التقليدية، إلا أنها تشكل فئة جديدة ضمن الهيئات الإدارية، والأساس في ذلك هو طبيعة القرارات الصادرة عنها وكذلك اختصاص القضاء الإداري فيما يخص المنازعات المتعلقة بها، وقد أكد مجلس الدولة الفرنسي، الطابع الإداري للسلطات الإدارية المستقلة، وذلك بالإعتماد على طرق الطعن في قراراتها و السلطات المخوّلة لها والمعترف بها أساسا للسلطات الإدارية التقليدية.[36]

أما بالنسبة للمشرع الجزائري فلقد نص صراحة على الطابع الإداري لبعض هيئات الضبط في النصوص المنشئة لها، كما هو الحال بالنسبة لمجلس المنافسة الذي كيفه الأمر 03-03 المتعلق بالمنافسة “بسلطة إدارية”،[37] وكذلك الأمر بالنسبة لسلطتي الضبط في المجال المنجمي، اللتين يكيفها المشرع بصريح العبارة بسلطة إدارية مستقلة.

المبحث الثاني: شروط ممارسة التحكيم

يشكل الاختصاص التحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة الوسيلة المثلى لجعل القاعدة القانونية تتكيف مع التطورات التقنية التي تشهدها القطاعات الخاضعة للضبط من طرف السلطات الإدارية المستقلة، فهذه الأخيرة عندما تسعى إلى حل النزاع المعروض أمامها فإنها تضع نصب عينيها مسألة حماية جميع الحقوق والحريات للمتحاكمين، ومن أجل تحقيق هذه الغاية فإنها تقوم بكل ما هو ضروري ولازم لتتماشى مع الخصوصيات التي يتميز بها كل من القطاع المعني والنزاع المرفوع أمامها، وهذه المهمة يعجز القاضي عن القيام بها وذلك لعدة أسباب تتمثل في نقض الخبرة والدراية بالمسائل الاقتصادية التي تتسم بالطابع التقني وانحصار وظيفته في حسن تطبيق القانون دون الاهتمام بمسائل أخرى كحماية المنافسة وترقيتها مثلا.

وعلى هذا النحو فإن هذا الاختصاص يلعب دورا هاما في تكريس المنافسة الحرة وتشجيع المبادرة وبالتالي فهو يساهم في تحقيق الدور الاقتصادي الجديد للدولة، و هو ما جعل المشرع الجزائري يعمد إلى تقييد ممارسة الوظيفة التحكيمية التي تمارسها السلطات الإدارية المستقلة، كون ذلك التحكيم هو نتيجة لعدة إرادات اتجهت إلى عرض النزاع الثائر بينها لتفصل فيه السلطة الإدارية المستقلة دون عرضه على القضاء.

وكما هو معروف، فإن التحكيم هو قضاء خاص لكونه لا يدخل في تشكيله قضاة وينعدم نفوذ الدولة فيه رغم تطبيق قوانينها، فالمشرع الجزائري أعطى وسيلة أو اختصاص ممارسة التحكيم لأربعة سلطات إدارية مستقلة كما سبق تناوله والمتمثلة في لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وسلطة ضبط الكهرباء والغاز بواسطة القنوات، وسلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، وسلطة ضبط السمعي البصري، وقد عمل المشرع الجزائري من خلال الأحكام القانونية المنظمة للسلطات الإدارية المستقلة على وضع جملة من الشروط التي تنظم الوظيفة التحكيمية ومن هذه الشروط ما يتعلق بموضوع النزاع، ومنها ما يتعلق بأطراف النزاع، وقيد المشرع ممارسة السلطات الإدارية المستقلة لهذا الاختصاص بعدة شروط منها ما يتعلق بموضوع النزاع ومنها ما يتعلق بأطراف النزاع .

المطلب الأول: الشروط المتعلقة بموضوع النزاع

يتميز التحكيم بانه نظام اتفاقي أساسه إرادة الأطراف واختيارهم له طريقا لحسم منازعاتهم، فبإرادتهم يوجد التحكيم وبها ينقضي، فهم يملكون حرية وضع وبيان الإجراءات التي يتم وفقها، وقد اعترفت جل التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية ولوائح مراكز التحكيم الدائمة بحرية الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على اجراءات التحكيم، فالمشرع الجزائري الذي يفرق بين التحكيم الداخلي والتحكيم التجاري الدولي، قد كرس حرية الأطراف في اختيار القانون الذي ينظم إجراءات التحكيم، ففي شأن التحكيم الداخلي أعطى المشرع الأطراف حرية إختيار القواعد الاجرائية التي يرونها مناسبة لتنظيم خصومتهم، حيث نصت المادة 1019 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، على أنه تطبق على الخصومة التحكيمية الآجال والأوضاع المقررة أمام الجهات القضائية ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك”،[38] فالمشرع الجزائري أعطى الأولوية لاتفاق الأطراف في تحديد القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم، أما في حالة تخلف اتفاق الأطراف عن تحديد هذا القانون فلم يعطي المشرع الجزائري للجهة المحكمة سلطة تحديد القانون واجب التطبيق على الاجراءات وتصدى لهذا الفراغ الذي يخلفه غياب اتفاق الأطراف، حيث ألزم الجهة المحكمة بتطبيق قانون المرافعات الجزائري وذلك من خلال نصه في المادة السالفة الذكر على أنه تطبق على الخصومة التحكيمية الآجال والأوضاع المقررة أمام الجهات القضائية، وبالتالي فالسلطة الإدارية المستقلة التي تمارس هذه الوظيفة التحكيمية تتقيد بهذا النص وتكون ملزمة بالأخذ به[39]

قيد المشرع الجزائري النطاق الوظيفي لممارسة المهمة التحكيمية باختلافه من سلطة إلى أخرى، وذلك بحصر مهمتها في حل النزاعات التي تنشأ في القطاع الذي تضبطه وفقا لما حدده المشرع في النصوص القانونية المنشئة لها، ولذلك نحاول فيما سيأتي تناول الشروط المتعلقة بكل سلطة منوطة بممارسة الوظيفة التحكيمية على حدى:

أولا: غرفة التأديب والتحكيم في مجال بورصة القيم المنقولة:

وبالرجوع للجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة التي تأسست بموجب المرسوم التشريعي رقم 93-10 المؤرخ في 23 ماي 1993،[40] الذي إعتبرها سلطة ضبط مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي تتولى تنظيم سوق القيم المنقولة وشفافيتها، وتمارس هذه اللجنة الاختصاص التحكيمي عن طريق غرفة التأديب والتحكيم،[41] حيث تنص المادة 51 من المرسوم المنشأ لها “تنشأ ضمن اللجنة، غرفة تأديبية وتحكيمية تتألف زيادة على رئيسها من:

عضوين منتخبين من بين أعضاء اللجنة طوال مدة انتدابها.
قاضيين يعينهما وزير العدل ويختاران لكفاءتهما في المجالين الاقتصادي والمالي.
يتولى رئيس اللجنة رئاسة الغرفة”.

قيد المشرع لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة بالنزاعات ذات الطابع التقني الناتجة عن تفسير القوانين واللوائح المنظمة لعمليات البورصة،[42] وهو ما يعني أن اللجنة لا يسمح لها بالتدخل في باقي المجالات وتتقيد فقط بالطابع التقني، حيث نصت المادة 52 من المرسوم 93-10 على” تكون الغرفة المذكورة أعلاه مختصة في المجال التحكيمي لدراسة أي نزاع تقني ناتج عن تفسير القوانين واللوائح السارية على سير البورصة”.

من خلال نص المادة أكد المشرع صراحة على إلزام اللجنة بالتحكيم في المجال التقني لا غير ولا يجوز لها التحكيم في غيره تماما، وهو ما يعني أن النزاعات الأخرى يكون اختصاص النظر فيها للقضاء، ويشمل اختصاصها النزاعات القائمة بين الوسطاء في عمليات البورصة، وبين الوسطاء وشركة إدارة البورصة، وبين الوسطاء والشركات المصدرة للقيم المنقولة، وبين الوسطاء والآمرين بالسحب في البورصة.

أما بالنسبة لتركيبتها العضوية فإن المشرع يفصل بين تركيبة اللجنة وتركيبة الغرفة،[43] ولا ينص المشرع على الإجراءات المتبعة أمام الغرفة فيما يتعلق بوظيفتها التحكيمية، بل إكتفى فقط من خلال المرسوم التشريعي رقم 93-10 بالنص على طرق الإخطار، مع العلم أنه لم يحيل إجراءات التحكيم للسلطة التنظيمية لتحديده، فالمشرع لم يبين لنا كيفية ممارسة هذا الاختصاص بأي نص قانوني سواء في إطار المرسوم التشريعي رقم 93-10 أو حتى التعديلات التي لحقته.[44]

والمشرع كذلك أغفل طرق الطعن في حكم التحكيم الذي تصدره غرفة التأديب والتحكيم وبالتالي فإن المشرع لم يبين لنا من خلال النصوص القانونية كيفية إجراء التحكيم ولا كيفية تنفيذه وأيضا أغفل التطرق إلى إلزاميته، وقد يرجع سبب ذلك إلى نوع النزاع الذي تفصل فيه غرفة التأديب والتحكيم كما سبق تناوله إذ أن النزاع تقني بحت، حيث ينصب على الإختلاف في تفسير القوانين واللوائح فقط، ولكن وبالنظر لأهمية دور غرفة التأديب والتحكيم في فصل النزاعات دون اللجوء للقضاء، يجب الرجوع إلى القواعد العامة في التحكيم أي أنه في حالة غياب إجراءات تنظم التحكيم بعد نشأة النزاع يجب إبرام إتفاقية للتحكيم.

ومن خلال نص المادة 57 من المرسوم التسريعي 93-10 فإن غرفة التأديب والتحكيم تقضي بأنه ” تعد قرارات الغرفة الفاصلة في المجال التأديبي قابلة للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة”،[45] لكن السؤال المطروح هنا، هل القرارات الصادرة بشأن تحكيمي هي الأخرى قابلة للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة أم يتم الرجوع إلى القواعد العامة في التحكيم؟

من خلال دراستنا هذه للتحكيم في مجال البورصة توصلنا إلى أن هناك نقائص حالت دوت تجسيد الوظيفة التحكيمية لسلطات الضبط ميدانيا، وهذه النقائص تتمثل في عدم صدور نصوص تطبيقية تبين مختلف إجراءات ممارسة الاختصاص التحكيمي في هذا المجال على اعتبار أن المشرع ترك مسألة تنظيمه للسلطة التنفيذية، ولهذا السبب لم يسبق للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها المجسدة في غرفة التأديب والتحكيم أن فصلت في نزاع قام بين متعاملين في القطاع الذي تسهر على ضبطه.

ثانيا: غرفة التحكيم في مجال الكهرباء والغاز:

في مجال ضبط الكهرباء والغاز، أخذ المشرع بنفس الآلية عن طريق إنشاء غرفة التحكيم والتي تتولى الفصل في الخلافات التي يمكن أن تنشأ بين المتعاملين في قطاع الكهرباء والغاز بناءا على طلب أحد الأطراف ويستثنى صراحة من مجال اختصاصها التحكيمية النزاعات المتعلقة بالحقوق والواجبات التعاقدية التي تبقى خاضعة للقضاء.[46]

وفصل المشرع بين تركيبة غرفة التحكيم العضوية وتركيبة اللجنة، حيث أن جميع أعضاء الغرفة من خارج أعضاء اللجنة ويعينهم الوزير المكلف بالطاقة نظرا لكفاءتهم، وهو ما يضمن الحياد في التحكيم، كما خرجت من نطاق اختصاص غرفة التحكيم كل الخلافات الناجمة عن تطبيق التنظيم لا سيما المتعلقة بإستخدام الشبكات والتعريفات ومكافأة المتعاملين بإعتبارها تخضع لإجراء المصالحة.[47]

فالملاحظ أن المشرع هنا قد بين وبدقة إجراءات التحكيم وتشكيلة غرفة التحكيم وألزامها بإتخاذ قرارها مبررا بعد الإستماع إلى الأطراف، ويمكن لها أن تقوم بكل التحريات بنفسها أو بواسطة غيرها كما يمكنها تعيين خبراء عند الحاجة وأن تستمع إلى الشهود وتنص المادة 136 من نفس القانون على “تحدد القواعد الإجرائية المطبقة أمام غرفة التحكيم عن طريق التنظيم” وتنص المادة 137 من نفس القانون ” قرارات غرفة التحكيم غير قابلة للطعن فيها وبهذه الصفة فهي واجبة التنفيذ”.[48]

ومن ناحية أخرى ألم يكن من الواجب على المشرع الحذو بنفس الإجراءات التحكيمية مع غرفة التأديب والتحكيم وكان لزاما عليه تنظيم الإجراءات التحكيمية بصفتها وسيلة قانونية موكلة للسلطات الإدارية المستقلة بصفة أكثر وضوحا لأن الهدف الأساسي منها هو السرعة في معالجة النزاعات؟.

ثالثا: سلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية:

اعترف المشرع لسلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية بممارسة التحكيم بحد ذاتها دون إنشاء غرفة للتحكيم كباقي السلطات،[49] ولإنعقاد الاختصاص التحكيمي لهذه السلطة، إشترط المشرع أن يكون موضوع التحكيم منصبا على النزاعات المتعلقة بالتوصيل البيني، وكل إخلال بإتفاقية التوصيل البيني سواءا تعلق الأمر بشروطها المالية أو التقنية، وكذلك النزاعات المتعلقة بتقاسم منشآت الإتصالات السلكية واللاسلكية.[50]

لقد أقر المشرع لكل متعامل جديد النفاذ إلى الشبكات العمومية وكل تصرف يصدر عن كل متعامل قوي يحول دون نفاذ أي متنافس إلى الشبكة أو يرفض طلب التوصيل بالشبكات العمومية يؤدي إلى نشوب نزاع بينهما والذي يستدعي بالضرورة تدخل سلطة الضبط لحل مثل هذه النزاعات طبقا لأحكام نص المادة الأولى من المقرر رقم الصادر بتاريخ 08 جويلية 2002،[51] والجدير بالذكر أن المشرع لم يوجد أي نص قانوني يلزم الأطراف المتنازعة في عرض نزاعهم على سلطة الضبط بإستثناء الحالة المتعلقة بالتوصيل البيني نظرا لجانبها ذي التقنية العالية، بمعنى للأطراف كامل الحرية في اختيار جهة الفصل سواء القاضي أو سلطة الضبط.[52]

وما لاحظناه بخصوص الوظيفة التحكيمية التي تمارسها سلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية أنها على العكس من لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها المجسدة في غرفة التأديب والتحكيم، قد تصدت للفراغ القائمة حول تنظيم الوظيفة التحكيمية عن طريق تنظيمها لكافة الاجراءات الواجب اتباعها سواء من الأطراف المحتكمة إليها أو من قبل السلطة التحكيمية نفسها من أجل تسوية النزاعات في حالة التوصيل البيني أو في حالة التحكيم، ولقد كان لها الفرصة في العديد من المناسبات لتسوية الخلافات من خلال إصدارها لقرارات ذات طابع إلزامي وبهذا تكون سلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية قد ساهمت في تحقيق الهدف العام الذي أرساه القانون رقم 2000-03 والمتمثل أساسا في حماسة المنافسة وترقيتها في مجال البريد والمواصلات.

رابعا: سلطة ضبط السمعي البصري:

أسند المشرع الجزائري لسلطة ضبط السمعي البصري صلاحية التحكيم من خلال القانون رقم 14-04 المتعلق بالنشاط السمعي البصري، حيث تمارس وظيفة التحكيم في النزاعات بين الأشخاص المعنويين الذين يستغلون خدمة اتصال سمعي بصري سواءا فيم بينهم أو مع المستعملين،[53] كما تمتد هذه الوظيفة إلى مجال الانترنيت كذلك وفقا لما تنص عليه االمادة 56 من نفس القانون، والمشرع منح صلاحية التحكيم لسلطة ضبط السمعي البصري كسلطة ولم يمنحها صلاحية إنشاء غرفة للتحكيم كباقي السلطات الأخرى، كما قيد هذه السلطة بالنزاعات المتعلقة فقط بخدمة السمعي البصري وكذلك خدمة الأنترنيت، وتضم خدمة السمعي البصري بصفة عامة كل من: الاتصالات، الاتصال السمعي البصري، عمل السمعي البصري، خدمة البث التلفزيوني أو القنوات، خدمة البث الإذاعي وقناة الخدمة العمومية للسمعي البصري، القنوات العامة، القنوات المشفرة، قناة موضوعاتية أو خدمة موضوعاتية، خدمة اتصالات راديوية، الخدمة الإذاعية، اتصال موجه للجمهور بوسيلة الكترونية، ناشر سمعي بصري، دمج القنوات، الاستماع العلني، تخصيص تردد الراديو أو قناة راديوية، توزيع نطاق الترددات، الموجات الراديوية أو الموجات الهرتزية، نظام نهائي للبث، الخدمة الإذاعية، موزع المحتوى، إظهار المنتوج، إشهار خدمات الوسائل السمعية البصرية حسب الطلب، اقتناء عبر التلفزيون،[54] والملاحظ من خلال ما تضمه خدمة السمعي البصري أنها ذات تقنية عالية ولذلك أعطى المشرع لها الاختصاص بالتحكيم لكونها الأقدر والأكفء على الفصل في المنازعات التي تثور في هذه المجال التقني، وهذه السلطة تقوم بالتحكيم كطريقة بديلة للتسوية، وفي هذا الصدد يرى الاستاذ زوايمية أن المشرع بحاجة لضبط الوظيفة التحكيمية التي تمارسها هذه السلطة تجعلها تبدو كقاضي مدني.[55]

المطلب الثاني: الشروط المتعلقة بأطراف النزاع

يكتسب التحكيم اهمية خاصة، فقد أصبح موازيا لقضاء الدولة، بإعتباره طريقا لفض المنازعات بقرار ملزم لأطرافها، ناهيك عن الاعتبارات العملية التي تدعو دائما إلى اللجوء إلى التحكيم لطرح المنازعات على أشخاص محل ثقة الخصوم بدلا من طرحها على القضاء، إما للإستفادة من خبرتهم الفنية وإما لتجنب طول الاجراءات القضائية وتعقيدها ولرغبتهم في حسم النزاع بسرعة بعيدا عن بطء الإجراءات القضائية أو طبقا لمبادئ وقواعد أكثر مرونة من تلك التي يتضمنها قانون الدولة، فلتحكيم مزايا عديدة وهو ما يفسر الإقبال المتزايد عليه ورجحان كفته على القضاء وليس في هذا انتقاص من قيمة القضاء، لكن الاختلاف الوحيد بينهما هو أن المشرع بالنسبة للقضاء جعل التحكيم مفتوحا وغير مقيد ولم يضع أي شروك تقيد أطراف النزاع، على العكس من السلطات الإدارية المستقلة التي قيدها المشرع بالمجال التقني و حدد كذلك صفة الأطراف الذين تحكم بينهم في النزاعات المعروضة أمامها، إذ عمد المشرع إلى حصر دائرة الأشخاص الذين تتدخل ضمنهم كل من لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وسلطة ضبط الكهرباء والغاز بواسطة القنوات، وسلطة ضبط البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، وسلطة ضبط السمعي البصري، كل حسب اختصاصها لفض النزاعات عن طريق التحكيم، وهذه الفئات من الأشخاص محددين قانونا من خلال النصوص المنشئة لتلك السلطات.

أولا: غرفة التأديب والتحكيم للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها:

حيث تتدخل غرفة التأديب والتحكيم ضمن دائرة أطراف محددة ودون ذلك تكون غير مختصة، فلكي ينعقد اختصاص الغرفة في المجال التحكيمي لابد ان يكون تحكيم هذه الغرفة في النزاعات الناشئة بين أطراف محددين قانونا،[56] حيث تنص المادة 52 من المرسوم التشريعي 93-10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، صراحة على أن غرفة التأديب والتحكيم تتدخل فيما يأتي:[57]

بين الوسطاء في عمليات البورصة.
بين الوسطاء في عمليات البورصة وشركة إدارة بورصة القيم.
بين الوسطاء في عمليات البورصة والشركات المصدرة للأسهم.
بين الوسطاء في عمليات البورصة والامرين بالسحب في البورصة.

ويتضح جليا من خلال نص المادة أن اختصاص الغرفة التحكيمي مقيد بأن يكون الوسيط في عمليات البورصة هو أحد اطراف النزاع وإلا كانت غير مختصة ويتمثل الوسطاء في عمليات البورصة في كل من:[58]

بنك الفلاحة و التنمية الريفية.
بنك التنمية المحلية.
البنك الخارجي الجزائري.
البنك الوطني الجزائري.
بنك بي أن باريبيا الجزائر.
بنك التوفير و الاحتياط.
القرض الشعبي الجزائري.
سوسيتي جنرال الجزائر.
بنك تل ماركتس الجزائر.

أما فيما يخص الخلافات التي تنجر عن الشركات المصدرة للأسهم وشركة تسيير بورصة القيم المنقولة وغيرها من الخدمات، فهي تخرج من نطاق اختصاص الغرفة التأديبية والتحكيمية.[59]

وعن عمل الغرفة فإنها تتحرك بناءا على إخطار صادر من لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها أو بطلب من مراقب اللجنة او بناءا على تظلم أي طرف له مصلحة في ذلك.[60]

ثانيا: سلطة ضبط السمعي البصري:

قيد المشرع سلطة ضبط السمعي البصري بالتحكيم في النزاعات التي تثور فقط بين الأشخاص المعنويين فيما بينهم وكذلك بين هاته الفئة وباقي المستعملين، ومصطلح المستعملين يفتح مجالا واسعا لضم فئة كبيرة من الأشخاص، يعني أن كل مستعمل لهذه الخدمة يمكن ان يكون طرفا في النزاع والأمثلة على ذلك عديدة كالأفراد العاديين الذين يستعملون خدمة السمعي البصري والانترنيت وكذلك المستثمرين من رجال الأعمال وأصحاب القنوات الفضائية والتلفزية وبالتالي فالمشرع ترك المجال مفتوحا لإدخال العديد من الأطراف في مثل هذه المنازعات.

وباعتبار أن سلطة ضبط السمعي البصري تهتم بإحدى أهم الحريات المكرسة دستوريا والمتمثلة في حرية الإعلام والحق في التعبير كان لابد أن تستجيب مسألة التحكيم في المنازعات الناشئة في القطاع بإعتباره إجراء تنازعي إلى وجوب استقلالية أعضاء هيئة التحكيم والتزامهم بمبدأ الحياد، لاسيما أنهم يمكن ان يكونوا عرضة لتهديد المتعاملين المتدخلين في السوق بغية التحكم في قراراتها والتأثير عليهم لإصدار قرارات لصالحهم هم،[61] وبالرجوع لتشكيلة سلطة ضبط السمعي البصري نجد أنها تتكون من خمسة أعضاء بما فيهم الرئيس يختارهم رئيس الجمهورية، وعضوان غير برلمانيين يقترحهما رئيس مجلس الأمى وعضوان غير برلمانيين يقترحهما المجلس الشعبي الوطني، ويتم إختيارهم بناءا على كفاءتهم وخبرتهم واهتمامهم بالنشاط السمعي البصري، وتحدد عهدتهم بستة سنوات غير قابلة للتجديد،[62] ففي هذا الشأن وباعتبار قطاع الإعلام والإتصال قطاع جد حساس تتدخل فيه سلطة الضبط لإيجاد توازن بين حق المبادرة والإتصال فإن هذه التركيبة التداولية تعد ضمانا لمبدأ حياد عمل هذه السلطة ويساهم في صدور قرار تحكيم حيادي.

ثالثا: سلطة ضبط البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية:

ينعقد الاختصاص بالتحكيم لمجلس سلطة ضبط البريد والإتصالات السلكية واللاسلكية، في النزاعات التي تثور بين متعاملي قطاع المواصلات السلكية واللاسلكية وفي إطار النشاطات التنافسية المتعلقة بتقاسم منشآت والاتصالات وكذلك النزاعات القائمة بين متعاملين إقتصاديين فيما بينهم بما فيها النزاعات القائمة بين المتعاملين وأحد مستعملي الخدمة،[63] والمستعمل هو كل شخص طبيعي او معنوي يستفيد من خدمات المواصلات السلكية واللاسلكية، وعلى ذلك فقائمة الأطراف الذين قد يكونون طرفا في النزاع طويلة وتضم العديد من الفئات والأشخاص.

الاختصاص التحكيمي المسند لسلطة ضبط البريد والاتصالات جاء ليجسد الهدف العام الذي يرمي أليه القانون رقم 2000-03 والمتمثل في فتح سوق البريد والإتصالات، والسماح بدخول العديد من المتعاملين إلى هذا القطاع، والملاحظ ان المشرع الجزائر قد أنشأ ضمن لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها غرفة خاصة تتولى القيام بالوظيفة التحكيمية فإن يكون قد خالف هذا التنظيم على مستوى سلطة ضبط البريد والاتصالات ولم يستحدث جهاز أو لجنة خاصة بالتحكيم، وتتشكل هذه السلطة من مجلس ومدير عام، ويعتبر مجلس السلطة بمثابة هيئة تداولية لسلطة الضبط فهو يتمتع بكل الصلاحيات الضرورية للقيام بالمهام المسندة لها أما المدير العام فيتولى تسيير سلطة الضبط، ويتكون مجلس السلطة من سبعة أعضاء يختارهم من بينهم الرئيس يعينهم رئيس الجمهورية،[64] وهو ما يدل على اهمية هذه السلطة في مؤسسات الدولة ودورها الكبير في حل النزاعات وضبط السوق.[65]

رابعا: غرفة التحكيم للجنة ضبط الكهرباء والغاز:

ينعقد الاختصاص بالتحكيم، لغرفة التحكيم على مستوى لجنة ضبط الكهرباء والغاز، ويشترط أن يكون طرفي هذا النزاع متعاملين في قطاع الكهرباء والغاز، دون إدراج المنتفعين من خدمات القطاع بمعنى ان الزبائن لا يمكن أن يكونوا طرفا في النزاع الذي يخضع للتحكيم، ويبقى أمامهم في حالة نشوب نزاع التوجه للقضاء لأن هذا الأخير لا يتعتع بصفة متعامل كونه لا يساهم في أي نشاط سواء كان توزيع أو نقل أو إنتاج أو تسويق للكهرباء والغاز وبالتالي ينعقد الاختصاص فيه للقضاء، وتتولى غرفة التحكيم الفصل في النزاع بناءا على طلب أحد الأطراف، وتستعمل كل الوسائل والطرق القانونية المتاحة للفصل في النزاع كسماع الشهود أو إجراء تحقيق كما يمكنها أن تعين خبير، أما عن القواعد الإجرائية المطبقة أمام غرفة التحكيم فقد أحالنا المشرع على التنظيم وتكون قراراتها غير قابلة للطعن وواجبة التنفيذ.[66]

القانون رقم 02-01 قد أمد غرفة التحكيم بكل الأدوات القانونية والوسائل المادية لتمكينها من فرض سلطتها التحكيمية في مجال اختصاصها على كل متعاملي القطاع وجعل قراراتها غير قابلة للطعن وبذلك فهي واجبة التنفيذ،[67] وما يلفت الانتباه في هذا الشأن هو أن هذا التحكيم كأداة لفض النزاع أحال المشرع قواعده الإجرائية للتنظيم وهذا من شأنه أن يوفر ضمانة لجميع الأطراف من التعسف في الإجراءات أو الحياد عنها.

رغم أن إعطاء صلاحية التحكيم للسلطات الإدارية المستقلة قد يكون فيه تعد على اختصاص القضاء، كون سلطة التحكيم محصورة تقليديا بيد القضاء لكن المصلحة العامة اقتضت منح هذه الصلاحية وهذا الإمتياز لمثل هذه السلطات والملاحظ أن القرارات التحكيمية الموقعة من هذه الأخيرة تشترك مع تلك الموقعة من القضاء في صفة فض النزاع حيث أن توقيعها يكون على كل مالمتحكمين دون تطلب توافر رابطة خاصة بينه وبين السلطة الإدارية المستقلة أو القضاء.

وتقوم هذه السلطات الإدارية المستقلة كما رأينا بإصدار قراراتها التحكيمية المختلفة في كل القطاعات التي تنظمها، لكنها تخضع كذلك لنفس النظام الاجرائي المتبع أمام القضاء فهي ملزمة بإحترام مبدأ الحق في الدفاع وتلتزم الحياد والاستقلالية وتكرس نظام الامتناع الذي يمنع أي عضو في السلطة الإدارية المستقلة من المشاركة في المداولات المتعلقة بأي حالة محل التحكيم إذا كانت تربطه رابطة شخصية به إلى جانب ذلك فإن القرارات التحكيمية التي تصدرها السلطات الإدارية المستقلة هي قرارات إنفرادية ووجب إخضاعها لرقابة القضاء،[68] إضافة إلى ضرورة إحترام مبدأ المواجهة، [69] بما فيه من وجوب مواجهة الخصوم لبعضهم البعض بإدعاءاتهم ودفعوهم ويلتقي الخصوم أمام السلطة الإدارية المستقلة المحكمة، ولا يجوز لها الفصل في النزاع ما لم يحضر الخصم الموجه له الادعاء لسماعه وإبداء آراءه فيه، ولايجوز سماع خصم إلا بحضور خصمه وبعد استدعائه، ويبقى الإعتراف للسلطات الإدارية المستقلة بسلطة ممارسة الاختصاص التحكيمي تجسيدا لمقولة الفقه الإداري بأنه ليس في الأنظمة الحرة ما يحول دون الإعتراف للسلطات الإدارية المستقلة بأحقية ممارسة الاختصاصات التحكيمية التي تكفل تنفيذ القوانين بشرط أن يكون ذلك في نطاق محدود ومقيد بالنصوص القانونية.

وما يمكن قوله عموما هو أن ممارسة السلطات الادارية المستقلة للوظيفة التحكيمية فرضه ذلك التطور التكنولوجي والتقني في العالم، فليس بجديد القول إننا نعيش في أعقاب مرحلة جديدة، الغلبة فيها لمجتمع المعلوماتية على غرار الثورة الصناعية التي مرت بها البلدان المتقدمة خلال القرن الماضي، فبعد شيوع استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات في إنجاز الأعمال الإلكترونية، وإبرام العقود وتنفيذها عبر شبكة الإنترنت، اتجه التفكير إلى استخدام هذه التقنيات الإلكترونية نفسها لتسوية ما قد ينشأ عن هذه الأعمال من منازعات، بمعنى أن إجراءاتها تجرى عبر شبكات الوسائل الإلكترونية، من دون حاجة لوجود أطراف هذه المنازعة في مكان واحد، وهذا الوضع الجديد يقتضي تطوير نظام قانوني ملائم ومواز يحكم هذه العملية، فالقاضي لا يستطيع القيام بهذه المهمة ولا يستطيع كذلك ذلك التحكيم التقليدي المتعارف عليه دوليا في حل منازعات التجارة الدولية رغم أنه سريع وغير مكلف ماديا بالنسبة للأطراف، إلا أن هذا التحكيم يبقى بالنسبة لمعاملات التجارة الإلكترونية بطيئا ومكلفا، وذلك بسبب ضآلة المبالغ المادية أو التعويض المطالب به في غالب الأحيان، وقد يؤدي ذلك البطء والتكاليف إلى تقاعس الأفراد والمستهلكين وحتى التجار عن المطالبة بحقوقهم، إضافة إلى ما يتطلبه من تبادل مادي للبيانات والطلبات والدفوع من الأطراف والاستماع المباشر للشهود وغير ذلك من الأمور، وفي هذه الوضعية فلا يبقى غير الاعتراف للسلطات الإدارية المستقلة للقيام بهذه المهمة نظرا لما تتمتع به من تقنية فنية عالية تؤهلها لذلك في حدود اختصاصها ومجالات عملها وأبرز مثال على ذلك هو قطاع الاتصالات.

الخاتمة:

الاختصاص التحكيمي الذي تمارسه السلطات الإدارية المستقلة له قيمة قانونية وإقتصادية غاية في الأهمية، يتجلى ذلك من ناحية أولى بالنسبة للمستثمر الأجنبي الذي يجد الطمأنينة في القرار التحكيمي، ومن ناحية ثانية انه يمثل حل للمنازعات في وقت أسرع وأكثر موضوعية من الحلول القضائية الأخرى، إلا أن هذا الاختصاص التحكيمي لا زال في أطوراه الأولى ولازال مقيدا جدا، حيث أن التشريعات العربية وعلى مختلف أنواعها ومسمياتها حصرت الاختصاص التحكيمي الذي تماريه السلطات الإدارية المستقلة في المجالات التقنية الناتجة عن تفسير القوانين واللوائح السارية في المجال المالي والبورصة او بعض المجالات التقنية البحتة، مما يضيق من مجال ممارسة هذا الاختصاص.

وقد توصلنا إلى جملة من النتائج وأفردنا معها بعض الإقتراحات والمتمثلة في:

النتائج:

منح السلطات الإدارية المستقلة الاختصاص بممارسة التحكيم، ساهم في الحل السريع والفعال للعديد من النزاعات القائمة بين المتعاملين بعيدا عن طول المدة أمام المحاكم الإدارية.
تكريس ممارسة الوظيفة التحكيمية للسلطات الإدارية المستقلة يجسد دولة القانون، ويعزز حماية الحقوق الفردية والجماعية في آن واحد.

التوصيات:

العمل على تقليص اختصاصات القضاء الإداري في القطاع الاقتصادي نظرا للدور الكبير الذي تلعبه مختلف السلطات الإدارية المستقلة في فض النزاعات من خلال الوظيفة التحكيمية المخولة لها قانونا.
ضرورة إخضاع ممارسة الاختصاص أو الوظيفة التحكيمية التي تمارسها السلطات الإدارية المستقلة للقواعد العامة في التحكيم لأن المشرع أغفلها تماما وهذا من شأنه ضمانة رقابة صارمة ومستمرة للقرارات التحكيمية الصادرة عنها.

قائمة المصادر والمراجع:

أولا: باللغة العربية

الكتب:

حسان نوفل، التحكيم في منازعات العقود الإدارية – دراسة مقارنة – دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2016
حنفي عبد الله، السلطات الإدارية المستقلة-دراسة مقارنة- دار النهضة العربية،القاهرة،2000،
عبد العزيز عبد المنعم خليفة، إجراءات التقاضي والإثبات في الدعوى الإدارية، توزيع منشأة المعارف، القاهرة، 2008
عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية القسم الثاني، الطبعة الخامسة، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر،2017
لحسين بن شيخ آث ملويا، قانون الاجراءات الادارية – دراسة قانونية تفسيرية – دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2017
لزهر بن سعيد، التحكيم التجاري الدولي – وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية والقوانين المقارنة – دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2012
مبروك حسين، المدونة الجزائرية للبورصة، الطبعة الأولى، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2006
محمد كولا، تطور التحكيم التجاري الدولي في القانون الجزائري، منشورات البغدادي، 2008.
وليد بوجملين، قانون الضبط الاقتصادي، دار بلقيس، الجزائر،

الرسائل والمذكرات الجامعية:
رسائل الماجستير:

جميلة يا، سلطة ضبط السمعي البصري، مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجستير في القانون العام، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، 2018
مخلوف باهية، الاختصاص التحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، 2010
مشيد سليمة، النظام القانوني للإستثمار في مجال المواصلات السلكية واللاسلكية في الجزائر، مذكرة لنيل شهادة ماجستير في القانون، فرع قانون الأعمال، جامعة الجزائر 2004
نوبال لزهر، المركز القانوني للجنة ضبط الكهرباء والغاز في الجزائر، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الإداري، فرع الإدارة العامة وإقليمية القانون، جامعة منتوري، قسنطينة،2012.

أطروحات الدكتوراه:

تواتي نصيرة، ضبط سوق القيم المنقولة الجزائري – دراسة مقارنة – أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في القانون العام، جامعة تيزي وزو، 2013
خرشي إلهام، السلطات الإدارية المستقلة في ظل الدولة الضابطة، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة سطيف 2، 2015.

المجلات والدوريات:

بن بخمة جمال، الاختصاص الاستشاري والتحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، مجلة أبحاث قانونية وسياسية، العدد الثاني، جامعة جيجل، 2016.
عسالي عبد الكريم، لجنة ضبط قطاع الكهرباء والغاز، الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال الاقتصادي والمالي، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، 2007.

النصوص القانونية:

المرسوم التنفيذي رقم 02-194 المؤرخ في 28 ماي 2002، والمتضمن دفتر الشروط المتعلق بشروط التموين بالكهرباء والغاز بواسطة القنوات، الجريدة الرسمية، العدد 39 لسنة 2002.
المرسوم التشريعي رقم 93-10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، الجريدة الرسمية، العدد 34 لسنة 1993
القانون رقم 2000-03 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، الجريدة الرسمية، العدد 48 لسنة 2000.
القانون رقم 02-01 المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات، الجريدة الرسمية، العدد 08 لسنة 2002
القانون رقم 04-14 المؤرخ في 24 فيفري 2014 المتعلق بنشاط السمعي البصري، الجريدة الرسمية، العدد 16، لسنة 2014
القانون رقم 2000-03 المؤرخ في 05 جمادى الأولى 1421 الموافق 5 غشت سنة 2000، يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد والموصلات السلكية و اللاسلكية، الجريدة الرسمية، العدد8 4، لسنة
القانون رقم 08-09 المؤرخ في 25 فيفري 2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية المعدل والمتمم، الجريدة الرسمية، العدد 21 لسنة 2008.

ثانيا: باللغة الفرنسية:

Ouvrages:

Zouaimia Rachid, les autorités de régulation indépendantes face aux exigences des la gouvernance Edition BELKEISE, 2013,
Zouaimia Rachid, les instruments juridiques de la régulation économiques en Algérie, Edition BELKEISE, 2012

Articles:

ZOUAIMIA Rachid, L’autorité de régulation de l’audiovisuel, Revue Académique de la Recherche Juridique, vol. 17, n°1, 2018.

Jurisprudences:

Documents:

Décision n n°33/sp/pc/arpt/05 du 28 aout 2005, Relative au litige concernant le paiement de soldes Des factures d’interconnexion On entre les opérateurs Orascom telecom Algérie et Algérie télécom.
Décision n 3/sp/pc/2002 du 08/07/2002 relative aux procédures en cas de litige en matière d’interconnexion et en cas d’arbitrage.

ثالثا: مواقع الانترنيت:

sgbv.dz
joradp.dz
arpt.dz

[1] – وليد بوجملين، قانون الضبط الإقتصادي، دار بلقيس، الجزائر، 2015، ص ص:61-62.

[2] – خرشي إلهام، السلطات الإدارية المستقلة في ظل الدولة الضابطة، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة سطيف 2، 2015، ص: 270.

[3]- ZOUAIMIA Rachid, L’autorité de régulation de l’audiovisuel, Revue Académique de la Recherche Juridique, vol. 17, n°1, 2018, P : 782.

[4]- حسان نوفل، التحكيم في منازعات العقود الإدارية – دراسة مقارنة – دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2016، ص ص:80-81.

[5]- جميلة يا، سلطة ضبط السمعي البصري، مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجستير في القانون العام، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، 2018، ص: 136.

[6]- المادة 51 من المرسوم التشريعي رقم 93-10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، الجريدة الرسمية، العدد 34 لسنة 1993.

[7]- المادة 134 من القانون رقم 02-01 المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات، الجريدة الرسمية، العدد 08 لسنة 2002.

[8] – مخلوف باهية، الإختصاص التحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام، جامعة عبدالرحمان ميرة، بجاية، 2010،ص ص:15-19.

[9]- المادة 13 من القانون رقم 2000-03 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، الجريدة الرسمية، العدد 48 لسنة 2000.

[10]- المادة 54 من القانون رقم 04-14 المؤرخ في 24 فيفري 2014 المتعلق بنشاط السمعي البصري، الجريدة الرسمية، العدد 16، لسنة 2014.

[11]- المادة 52 والمادة 54 من المرسوم التشريعي رقم 93-10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، المرجع نفسه.

[12]- عسالي عبد الكريم، لجنة ضبط قطاع الكهرباء والغاز، الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال الإقتصادي والمالي، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، 2007، ص: 166.

[13]- المادة 03 من المرسوم التنفيذي رقم 02-194 المؤرخ في 28 ماي 2002، والمتضمن دفتر الشروط المتعلق بشروط التموين بالكهرباء والغاز بواسطة القنوات، الجريدة الرسمية، العدد 39 لسنة 2002.

[14]- المادة 162 من قانون الكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات، مرجع سابق.

[15]- المادة 13 من القانون رقم 2000-03 المؤرخ في 05 جمادى الأولى 1421 الموافق 5 غشت سنة 2000، يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد والموصلات السلكية و اللاسلكية، الجريدة الرسمية، العدد8 4، لسنة 2000.

[16]- المادة 13 الفقرة 02 من القانون رقم 2000-03 المتعلق البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية.

[17]- المادة 54 من القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري، مرجع سابق.

[18] – مخلوف باهية، الإختصاص التحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، مرجع سابق، ص:118.

[19] – لزهر بن سعيد، التحكيم التجاري الدولي – وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية والقوانين المقارنة – دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2012، ص: 18.

[20]- اتفاق التحكيم هو تصرف قانوني مستقل، يتخذ شكل اتفاق مكتوب ويحدد فيه الطرفان موضوع النزاع وأسماء المحكمين ومكان وإجراءات التحكيم وقد يحددون كذلك القانون الذي يطبقه المحكمون وعادة ما يكون اتفاق التحكيم لاحقا على نشوب النزاع، أنظر محمد كولا، تطور التحكيم التجاري الدولي في القانون الجزائري، منشورات البغدادي، 2008، ص: 93.

[21]- المادة 1007 والمادة 1011 من القانون رقم 08-09 المؤرخ في 25 فيفري 2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية المعدل والمتمم، الجريدة الرسمية، العدد 21 لسنة 2008.

أنظر كذلك عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية القسم الثاني، الطبعة الخامسة، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر،2017، ص ص:170-183.

و لحسين بن شيخ آث ملويا، قانون الاجراءات الادارية – دراسة قانونية تفسيرية – دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2017، ص ص:483- 490.

[22]- خرشي إلهام، السلطات الإدارية المستقلة في ظل الدولة الضابطة، مرجع سابق، ص: 279.

[23] – لزهر بن سعيد، التحكيم التجاري الدولي – وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية والقوانين المقارنة – مرجع سابق، ص: 21.

[24] – Rachid Zouaimia, les instruments juridiques de la regulation economiques en Algérie, Edition BELKEISE, 2012. P : 129.

[25] – محمد كولا، تطور التحكيم التجاري الدولي في القانون الجزائري، مرجع سابق، ص ص:236-245.

[26] – لحسين بن شيخ آث ملويا، قانون الاجراءات الإدارية، مرجع سابق، ص ص:491- 493.

[27] – إنتهاء مهام الهيئة التحكيمية بصدور الحكم التحكيمي يطرح إشكالين: الأول يتعلق بمدى إمكانية الهيئة التي أصدرت الحكم التحكيمي تفسيره أو تصحيحه؟ والإشكال الثاني يتعلق بمدى إمكانية الهيئة إعادة النظر في الحكم التحكيمي الذي يتعرض إلى البطلان من طرف الهيئات القضائية المختصة؟ فموقف المشرع الجزائر بخصوص هاتين النقطتين غير صريح ويكتنفه الغموض بهذا الشأن.

[28] – لزهر بن سعيد، التحكيم التجاري الدولي – وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية والقوانين المقارنة – مرجع سابق، ص: 23.

[29] – مخلوف باهية، الإختصاص التحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، مرجع سابق، ص:115.

[30] – حسان نوفل، التحكيم في منازعات العقود الإدارية في القانون المقارن، مرجع سابق، ص: 99.

[31] – Zouaimia Rachid, les autorités de régulation indépendantes face aux exigences des la gouvernance Edition BELKEISE, 2013, PP : 148-153

[32] – Zouaimia Rachid, les instruments juridiques de la régulation économiques en Algérie , Op. Cit, PP : 129-131.

[33] – Zouaimia Rachid, les autorités de régulation indépendantes face aux exigences des la gouvernance, op.cit, PP : 148-153.

[34] – مخلوف باهية، الإختصاص التحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، مرجع سابق، ص ص: 118-119.

[35] – بن بخمة جمال، الاختصاص الاستشاري والتحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، مجلة أبحاث قانونية وسياسية، العدد الثاني، جامعة جيجل، 2016، ص: 154.

[36] – حنفي عبد الله، السلطات الإدارية المستقلة-دراسة مقارنة- دار النهضة العربية، القاهرة،2000 ، ص ص: 66-67.

[37] – المادة 13 من أمر 03-03 المؤرخ في 19 جويلية 2003 والمتعلق بالمنافسة، الجريدة الرسمية، العدد 46 لسنة 2003.

[38] – القانون رﻗﻢ 08 – 09 اﻟﻤﺆرخ ﻓﻲ 25 ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2008، المتضمن ﻗﺎﻧﻮن اﻹﺟﺮاءات اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ واﻹدارﻳﺔ الجريدة الرسمية، العدد 21 لسنة 2008.

[39] – لزهر بن سعيد، التحكيم التجاري الدولي – وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية والقوانين المقارنة – مرجع سابق، ص ص: 244-246.

[40] – المرسوم التشريعي رقم 93-10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، مرجع سابق.

[41] – مبروك حسين، المدونة الجزائرية للبورصة، الطبعة الأولى، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2006، ص: 110.

[42] – بن بخمة جمال، الإختصاص الإستشاري والتحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، مرجع سابق، ص: 151.

[43] – المادة 51 من المرسوم التشريعي رقم 93-10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، مرجع سابق.

[44] – مخلوف باهية، الإختصاص التحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، مرجع سابق، ص ص:14-17.

[45] – مبروك حسين، المدونة الجزائرية للبورصة، مرجع سابق، ص: 111.

[46] – المادة 133 من القانون 02-01 المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات، مرجع سابق.

[47] – المادة 132 من القانون 02-01 المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات، المرجع نفسه.

[48] – المواد 136 و137 من القانون رقم 02-01 المتعلق بالكهرباء و الغاز بواسطة القنوات، مرجع سابق.

[49] – المادة 13 من القانون رقم 2000-03 المتعلق بالقواعد العامة للبريد والاتصالات السلكية واللاسلكية، مرجع سابق.

[50] – Décision n n°33/sp/pc/arpt/05 du 28 aout 2005, Relative au litige concerna nt le paiement de soldes Des factures d’interconnexion On entre les operateurs Orascom Télécom Algérie et Algérie Télécom.

[51]- Décision n 3/sp/pc/2002 du 08/07/2002 relative aux procédures en cas de litige en matiere d’interconnexion et en cas d’arbitrage.

[52] – مخلوف باهية، الإختصاص التحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، مرجع سابق، ص: 20.

[53] – المادة 55 من القانون رقم 14-04 المتعلق بالنشاط السمعي البصري، مرجع سابق.

[54] – المادة 07 من القانون رقم 14-04 المتعلق بالنشاط السمعي البصري، المرجع نفسه.

[55] – ZOUAIMIA Rachid, L’autorité de régulation de l’audiovisuel, Revue Académique de la Recherche Juridique, vol. 17, n°1, 2018.

C’est le législateur qui confère à de telles autorités le pouvoir de régler les différends entre opérateurs et ce, en l’absence de toute manifestation de la volonté des parties. A ce titre, c’est par excès de langage que le législateur fait référence aux fonctions arbitrales dévolues à l’Autorité de régulation de l’audiovisuel. Il s’agit en réalité de fonctions contentieuses qui apparentent le régulateur « à un juge civil».

[56] – مبروك حسين، المدونة الجزائرية للبورصة، مرجع سابق، ص: 110.

[57] – المادة 52 من المرسوم 93-10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، مرجع سابق.

[58] – الموقع الالكتروني لبورصة الجزائر بورصة الجزائر www.sgbv.dz تاريخ زيارة الموقع 20 فيفري 2019 على الساعة 21.30.

[59] – تواتي نصيرة، ضبط سوق القيم المنقولة الجزائري – دراسة مقارنة – أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في القانون العام، جامعة تيزي وزو، 2013، ص ص:332-333.

[60] – بن بخمة جمال، الإختصاص الإستشاري والتحكيمي للسلطات الإدارية المستقلة، مرجع سابق، ص: 151.

[61] – جميلة يا، سلطة ضبط السمعي البصري، مرجع سابق، ص: 143.

[62] – المادة 57، 59 و60 من القانون رقم 14-04 المتعلق بالنشاط السمعي البصري، مرجع سابق.

[63] – المادة 13 الفقرة 08 من القانون رقم 2000-03 الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، مرجع سابق.

[64] – المادة 15 من القانون رقم 2000-03 الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، المرجع نفسه.

[65] – مشيد سليمة، النظام القانوني للإستثمار في مجال المواصلات السلكية واللاسلكية في الجزائر، مذكرة لنيل شهادة ماجستير في القانون، فرع قانون الأعمال، جامعة الجزائر 2004، ص: 03.

[66] – المادة 133، 135، 136 و137 من القانون رقم 02-01 المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات، مرجع سابق.

[67] – نوبال لزهر، المركز القانوني للجنة ضبط الكهرباء والغاز في الجزائر، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الإداري، فرع الإدارة العامة وإقليمية القانون، جامعة منتوري، قسنطينة، 2012 ، ص: 56.

[68] – المادة 03 الفقرة الثالثة من القانون رﻗﻢ 08 – 09 اﻟﻤﺆرخ ﻓﻲ 25 ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2008، المتضمن ﻗﺎﻧﻮن اﻹﺟﺮاءات اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ واﻹدارﻳﺔ 2008، مرجع سابق، ” يلتزم الخصوم والقاضي بمبدأ الوجاهية”.

[69] – يقصد بمبدأ المواجهة أن تسير كافة إجراءات الدعوى في مواجهة جميع الأطراف، بحيث توضع جميع العناصر والمستندات المقدمة من أحد الأطراف في الدعوى تحت نظر الطرف الآخر للإطلاع عليها وإبداء ملاحظاته بشأنها، أنظر عبد العزيز عبد المنعم خليفة، إجراءات التقاضي والإثبات في الدعوى الإدارية، توزيع منشأة المعارف، القاهرة، 2008، ص ص:364-365، و هذا المبدأ من أهم المبادئ التي تقوم عليها الخصومة وتضمنه المادة 3 من قانون الاجراءات المدنية والادارية :”… يلتزم الخصوم والقاضي بمبدأ الوجاهية…..”. و هذا معنا وجوب مواجهة الخصوم لبعضهم البعض بادعاءاتهم ودفعوهم ويلتقي الخصوم أمام المحكمة و لا يجوز للمحكمة الفصل بحكم ما لم يحضر الخصم الموجه له الادعاء لسماعه و إبداء آراءه فيه و لا يجوز سماع خصم إلا بحضور خصمه و بعد استدعائه، ورفضه الحضور يترتب عن هذا المبدأ استحالة الخصومة بين حاضر و غائب، كما ان المادة 3 في فقرتها 3 ألزمت القاضي بهذه الوجاهية وليس الأطراف فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *