بطاقة الإئتمان الإلكترونية ووضعها القانوني

بطاقة الإئتمان الإلكترونية ووضعها القانوني.

لكي يكون في مقدورنا من بيان نطاق الحماية الجزائية لبطاقة الائتمان الإلكترونية في ظل التشريعات الجزائية العربية، علينا أن نحدد أولاً طبيعتها القانونية. وقد أثار عدم التنظيم القانوني للعقود التي تعد الأساس القانوني للوفاء ببطاقة الائتمان خلافاً محتوماً حول طبيعتها القانونية لوجود مزج كبير لصور ومفاهيم قانونية لهذا العقد بسبب الصياغة المتبعة لها والتي تنفرد بها، بهدف ضمان استيفائها لحقوقها كاملة.

يوجد هنـاك أكثر من رأي بصدد تحديد الوصف القانوني لبطاقة الائتمان الإلكترونية:

الرأي الأول:

يرى أن التعامل ببطاقة الائتمان الإلكترونية مع الغير سواء أكانوا تجاراً أو شركات يعتبر وكالة يتم بمقتضاها توكيل حامل البطاقة البنك الذي أصدر البطاقة في دفع ثمن السلعة أو الخدمة التي حصل عليها ثم يخصمها البنك من حسابه الموجود لديه. إذن هذا الرأي يرى بوجود عقد وكالة، الموكل هو حامل البطاقة والوكيل هو البنك، وهذا هو رأي القضاء الإنكليزي في طبيعة الوفاء ببطاقة الائتمان([1]). إلا أن هذا الرأي منتقد للأسباب التالية:

1- إن هذا الوصف يخالف ما هو معمول به في التداول ببطاقة الائتمان وتحديداً مع بعض القوانين التي خصصت نصوصاً قانونية لحماية بطاقة الائتمان من أي اعتداء.

2- إن بعض القوانين ومنها القانون الفرنسي لا يجيز الرجوع في أمر الدفع إلا في الحالات التي تفقد فيها البطاقة، أو تسرق، أو في حالة التصفية القضائية، بالإضافة إلى أن طبيعة الحوالة تمكن الآمر بالدفع أن يلغي الحوالة متى أراد، إلا أن هذه الميزة لا توجد عند استخدام بطاقة الائتمان. ومن ثم يعد الدفع عن طريق بطاقة الائتمان باعتبارها وكالة لا شك أن فيه مخالفة للواقع العملي والميداني والقانوني([2]).

الرأي الثاني:

يذهب هذا الرأي إلى القول بأن بطاقة الائتمان الإلكترونية هي نقود إلكترونية تشبه العملات الأخرى كالنقود الورقية والمعدنية المعترف بها في التداول قانوناً وتعاملاً ([3])، إلا أن هذا الرأي منتقد لأنه يتجاهل الصفة الذاتية للنقود باعتبارها أداة للوفاء والتعامل والقبول الإلزامي بين الأفراد وهي قابلة أيضاً لإعادة الاستعمال من عدة أشخاص. وهذا مالا يتلاءم وبطاقة الائتمان التي تعد من النقود المكتوبة ويتم تداولها بطريقة آلية عن طريق استعمالها بأدوات إلكترونية حديثة ومن ثم فهي غير قابلة للتداول.

الرأي الثالث:

يذهب إلى القول بأن بطاقة الائتمان الإلكترونية هي أداة للوفاء بطبيعتها مستحقة الدفع بمجرد الإطلاع عليها ولا يجوز الرجوع فيها إلا وفقاً للحالات المحددة على سبيل الحصر في الاتفاق والمتمثلة في فقدانها أو سرقتها أو انتهاء العمل بها بين العميل والبنك، وهي بذلك تتشابه مع الشيك كأداة للوفاء بمجرد الإطلاع لا يجوز تحويله إلى أداة ائتمان فقط. ويمكن القول بعدم إمكانية إخضاع بطاقة الائتمان الإلكترونية لنفس أحكام الشيك لاختلاف كل منهما شكلاً وموضوعاً وحماية قانونية، مما يستدعي خضوع كل منهما لقواعد خاصة به من حيث التجريم والمسؤولية.

الرأي الرابع:

إن بطاقة الائتمان لها طبيعة خاصة مميزة، فعقد بطاقة الائتمان هو مزيج من الوكالة والضمان والتعهد عن الغير والقرض، وان جانب الضمان أو الكفالة هو الأغلب، لأن ذمة العميل حامل البطاقة تبرأ أمام التاجر بثمن المشتريات بمجرد تقديم البطاقة بضمان وكفالة مصدر البطاقة الذي يقوم بالوفاء فيما بعد([4]).

 

——————————————————————————————

([1]) Howard Johson, credit cards. International Banking Law, Nov. 1988, pp. 82-83.

([2]) د. جميل عبد الباقي الصغير، مصدر سابق، ص109؛ د. محمد صبحي نجم، المسؤولية الجزائية عن الاستخدام غير المشروع لبطاقة الائتمان، بحث مقدم إلى مؤتمر الأعمال المصرفية الإلكترونية بين الشريعة والقانون لكلية الشريعة والقانون وغرفة تجارة وصناعة دبي الذي عقد في دولة الإمارات العربية المتحدة للفترة من 10-12/5/2003، ص1163.

([3]) Tronche, La monaie electrinique, Revue de La association nationale en Droit, No. 42, 1982, p. 3.

([4]) د. ابو الوفا محمد ابو الوفا ابراهيم، مصدر سابق، ص2047.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *