تنفيذ أحكام التحكيم طبقا للنظام السعودي

تنفيذ أحكام التحكيم طبقا للنظام السعودي

 

تنفيذ أحكام التحكيم لا تتمُ على الفور بمجرد صدور الحكم، وإنما يلزم لذلك أن تنقضي أولا مواعيد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم، ثم تصدر بعد ذلك صيغة تنفيذية من صاحب الاختصاص في ذلك وهو الجهة القضائية المنوطُ بها القيام بهذا الإجراء. واستكمالا لما سبق ذكره، فإن حكم التحكيم لا يعدُ قابلا للتنفيذ إلا بعد تذييله بأمرِ التنفيذ من محكمة الاستئناف صاحبة الاختصاص بنظر النزاع.

أما إذا كان التحكيم تجاريا دوليا سواء أجري في داخل المملكة أو في خارجها، فإن الاختصاص في هذه الحالة ينعقد لمحكمة الاستئناف المختصة بنظر النزاع في العاصمة الرياض أو من تندبه للقيام بذلك. وفي هذا الصدد فقد حددت المادة (53) من نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/34) وتاريخ 1433/5/24هـ، الجهة التي تختصُ بإصدار أمر تنفيذ أحكام التحكيم إذ أشارت إلى أن الاختصاص ينعقد في هذه الحالة إما إلى المحكمة المختصة، أو من تندبه المحكمة المختصة بإصدار أمر تنفيذ حكم المحكمين،

واشترطت لذلك أن يقدم طلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم مشتملا على بعض المرفقات وهي: أصل الحكم أو صورة مصدقة منه، وصورة طبق الأصل من اتفاق التحكيم، وترجمة لحكم التحكيم إلى اللغة العربية مصدق عليها من جهة معتمدة إذا كان صادرا بلغة أخرى، وما يدلُ على إيداع الحكم لدى المحكمة المختصة.

وبعد أن يحصل طالب التنفيذ على الأمر بتنفيذ حكم التحكيم يصبح في هذه الحالة حكم التحكيم بمثابة سند تنفيذيٍ يستطيع طالب التنفيذ بموجبه التوجه نحو محكمة التنفيذ المختصة لبدء إجراءات التنفيذ الجبري. وهذا يعني أن الجهة صاحبة الاختصاص في تنفيذ أحكام المحكمين هي قضاء التنفيذ سواء أكانت أحكامُ التحكيم محلية أو دولية. وفي هذا الصدد نصت المادة (9) من نظام التنفيذ الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/53) وتاريخ 1433/8/13هـ على أنه: «لا يجوز التنفيذ الجبريُ إلا بسند تنفيذي لحق محدد المقدار حال الأداء، والسندات التنفيذية هي: 2/ أحكام المحكمين المذيلة بأمر التنفيذ وفقا لنظام التحكيم… 6/ الأحكام والأوامر القضائية وأحكام المحكمين والمحررات الموثقة الصادرة في بلد أجنبي».

وجدير بالذكر أن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية يخضع إلى مبدأ المعاملة بالمثل، ويعني ذلك أن المحاكم الوطنية لدولة ما لا تقبل تنفيذ الأحكام الأجنبية إلا إذا كانت الأخيرة تقبل تنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم هذه الدولة بالقدر ذاته وفي الحدود نفسها. وبالتالي فإن تنفيذ الأحكام الأجنبية داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها يخضع لمبدأ المعاملة بالمثل، وفقا للاتفاقات الدولية، وذلك وفقا لما نصت عليه المادة (11) من نظام التنفيذ التي نصت على أنه: «مع التقيد بما تقضي به المعاهدات والاتفاقيات لا يجوز لقاضي التنفيذ تنفيذ الحكم والأمر الأجنبي إلا على أساس المعاملة بالمثل…».

وهناك مجموعة من الشروط يلزم توافرها قبل تنفيذ حكم التحكيم نصت عليها المادة (55) من نظام التحكيم وهي: انقضاءُ ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم -وهو الستون يوما التالية لتاريخ التبليغ بحكم التحكيم- وعدم تعارض حكم التحكيم مع حكم صدر مسبقا من المحاكم أو اللجان أو الهيئات القضائية السعودية في ذات موضوع النزاع؛ منعا لحدوث تضاربٍ بين الأحكام وما يترتب على ذلك من إهدار لحجية وقيمة الأحكام الصادرة من القضاء،

وعليه فإذا تم التقدم إلى المحكمة المختصة بطلب لتنفيذ حكم التحكيم فاتضح لها أنه قد سبق وأن صدر حكم من القضاء المحلي يتعارض مع حكم التحكيم، ففي هذه الحالة تمتنع المحكمة عن إصدار أمرٍ بتنفيذ الحكم المراد تنفيذه. ومن الشروط الأخرى اللازم توافرها عدم تعارض حكم التحكيم مع أحكام الشريعة الإسلامية أو النظام العام، كأن يصدر حكم التحكيم بإباحة مسألة من المسائل التي تحرِمها الشريعة، أو أن يصدر حكم التحكيم بعد إخلاله بالإجراءات المتبعة، كما هو الحال لو صدر حكم التحكيم بدون تسبيب،

أما إذا ثبت اشتمال جزء من حكم التحكيم على مخالفة أحكام الشريعة أو النظام العام وأمكن تجزئة هذا الحكم ففي هذه الحالة يجوز تنفيذ الحكم في الجزء الباقي غير المخالف. وهناك شرط آخر في حال عدم تحققه فيجب الامتناع عن تنفيذ حكم التحكيم وهو عدم إعلان المحكوم عليه إعلانا صحيحا بتنفيذ الحكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *