توضيح لعمليات الإئتمان الإلكترونية لدى البنوك

توضيح لعمليات الإئتمان الإلكترونية لدى البنوك.

 من المتفق عليه أن البنوك تقوم بدوراً هاماً في عمليات الائتمان وتتخذ هذه الأخيرة صوراً متعددة في الأنظمة التقليدية والإلكترونية للبنوك مثل القرض المصرفي والكفالة المصرفية والخصم وأيضاً الأعتمادات المصرفية وتلك جميعها لها تأثيرتها الاقتصادية على النظام الاقتصادي. وتأسيساً على تلك الأهمية فأننا سنتناولها من زاوية آلية تحولها للنظام الإلكتروني بإبراز البدائل الإلكترونية للنظم التقليدية السابقة حتى يمكننا التعرف على تأثيرتها الاقتصادية على مدار المطالب التالي عرضها.

أولاً: القرض المصرفي الإلكتروني:

وذلك هو العقد الذى بمقتضاه يقوم البنك بتسليم عميله المقترض مبلغاً من النقود على سبيل القرض أو يقيدها في الجانب الدائن لحسابه في البنك وقد يكون مضموناً بتأمينات أو معتمدا على الثقة في أمانة العميل على أن يقوم العميل بسداد مبلغ هذا القرض خلال مدة معينة([1]).

يكافئ هذا النظام الورقي في النظام الإلكتروني مايسمى ببطاقات الائتمان Credit cards، وفيها يقوم البنك بتقديم ائتمان للعميل يسمح له بالوفاء بواسطة هذه البطاقة بالقيمة النقدية المطلوب الوفاء بها حتى ولو لم يكن له حساب في البنك أو كان له حساب ولكن لايغطى القيمة النقدية المطلوبة، على أن يلتزم خلال مدة معينة يتم تحديدها بينه وبين مصدر البطاقة على سداد كافة المبالغ التى قام بدفعها مستخدماً هذه البطاقة([2])،

ويعتبر هذه الأخيرة أداة ائتمان ووفاء حقيقية، تحصل الجهة المصدرة لها على فوائدها مقابل توفير ذلك، ولكنها لاتمنح ذلك الائتمان إلا بعد الحصول على ضمانات عينية وشخصية([3]).

أما عن أن القرض يكون في حدود نطاق مالي معين فإن العميل يقوم باستخدام بطاقة الائتمان في الحدود الائتمانية المتفق عليها مادام العميل منتظماً في سداد الفوائد المستحقة شهرياً، حيث أن هذه البطاقة يكون التسديد فيها على دفعات منتظمة أو غير منتظمة وما يجدر الأشارة إليه أن هذه البطاقات من أكثر أنواع البطاقات إنتشاراً خاصة في الدول الصناعية([4]).

ثانياً: الكفالة المصرفية الإلكترونية:

ومؤداها أن يتعهد البنك بالوفاء بدين العميل قبل الغير إذا لم يقوم العميل بذلك، مما يؤدي لزيادة الثقة والائتمان في العميل قبل الغير. ومصلحة البنك في ذلك هو الحصول على عموله لا تقل عن المستحقة في حالة الأعتماد أو القرض وتقوم هذه الكفالة على التضامن بين البنك والعميل([5]). ذلك في النظام التقليدى.

المكافئ لتلك العملية في النظام الإلكتروني هو مايسمى ببطاقات ضمان الشيكات. وفي هذا النوع من البطاقات يضمن البنك مصدر البطاقة الوفاء بقيمة الشيكات التى يصدرها العميل حامل البطاقة حيث تحتوى البطاقة على أسم ذلك الأخير وتوقيعه ورقم حسابه والحد الأقصي الذى يلزم البنك بالوفاء به في كل شيك يحرره العميل. وعند كتابة الشيك يبرز العميل البطاقة للمستفيد والتوقيع أمامه على الشيك، ليضمن له بذلك فاء البنك بقيمة الشيك وتكون هذه البطاقة بذلك نوع من أنواع الضمان والكفالة التى يمنحها البنك للعميل صادرة في شكل مستقل([6]).

ومن المتصور تأسيساً على الحالات السابقة لصور المعاملات البنكية عبر الشبكة أن تتم عملية التعامل عن طريق بطاقة ضمان الشيكات بدلاًمن الكفالة المصرفية عبر شبكة الأنترنت، ويتم تعميمها على كافة صور الكفالة المصرفية المتمثلة في:-

أ) توقيع البنك كضمان للعميل للوفاء ببضعة أوراق تجارية يقوم بإصدارها العميل دفعة واحدة.

ب) إبرام البنك لعقد مستقل بالكفالة المصرفية.

ج) وكذلك قد تحل محل خطابات الضمان([7]).

وبذلك تتحول الكفالة المصرفية لصورة إلكترونية تتمثل في خطابات ضمان الشيكات.

ثالثاً: الخصم الإلكتروني:

خصم الأوراق التجارية بصفة عامة مؤاده: هو إتفاق بين البنك وخاصم الورقة التجارية على ان يقوم حامل الورقة التجارية بإستيفاء قيمتها من البنك قبل حلول أجلها المتفق عليه، مع خصم مبلغ من قيمتها الأسمية يمثل فائدة مبلغ الورقة عن الفترة مابين تاريخ الخصم وتاريخ الأستحقاق. ويسمى هذا المبلغ بعد أستنزاله سعر الخصم([8]). وتنتقل بعد ذلك ملكية الورقة للبنك.

كان ذلك عن طريق التسليم يد بيد، ولكن في حالة الخصم الإلكتروني يكون عن طريق إرسال الكمبيالة الإلكترونية إلى البنك الذى سيتم التعامل معه عبر جهاز الكمبيوتر قبل موعد أستحقاقها مقترنة بطلب الخصم، ثم يقوم البنك بالتوقيع إلكترونياً عليها بقبول الخصم، ثم تتم عميلة الخصم بالقواعد المنصوص عليها في القانون، ويتم التسديد عن طريق التحويل الإلكتروني، حيث يقيد قيمة الكمبيالة في الجانب الدائن لحساب المستفيد في البنك الذى يحدده([9]). ويتملك البنك الكمبيالة.

رابعاً: الأعتمادات المصرفية الإلكترونية:

وتنقسم هذه الأعتمادات إلى الأعتماد المصرفي البسيط والأعتماد المستندي وسيلى تفصيل كلاً منهم في الآتي:-

1- الأعتماد المصرفي الإلكتروني البسيط:

في النظام التقليدي فالأعتماد المصرفي البسيط هو عقد يلتزم البنك بمقتضاه بأن يضع تحت تصرف المستفيد وسائل دفع في حدود مبلغ معين، بحيث يكون من حق العميل سحب هذا المبلغ دفعة واحدة أو على دفعات متتالية خلال مدة معينة كما قد يتفق على الكيفية التى يستفيد بها العميل من الأعتماد، إما بقبض المبلغ نقداً، أو بسحب شيكات، أو كمبيالات عليه، أو بإصدار أوامر نقل مصرفي وسحب هذا المبلغ يكون مقابل عمولة للبنك وفوائد([10]).

في النظام الإلكتروني فإن وسيلة التعاقد ستكون هي شبكة الأنترنت حيث يتم الأيجاب بوسيلة اتصال مسموعة أو مرئية أو مسموعة مرئية من خلال وسائل تكنولوجية متعددة بالتفاعل بين أطراف العقد([11]). ويتم وضع المبلغ بعد الأتفاق في الجانب الدائن لحساب المستفيد، ويتم سحب المبلغ بوسائل إلكترونية أيضاً سواء كان عن طريق مايسمى بمحفظة النقود الإلكترونية

والتى هي عبارة عن كارت او بطاقة بلاستيكية مثبت عليها من الخلف كمبيوتر صغير مزود بذاكرة إلكترونية، ويقوم العميل عند الرغبة في أستعمال البطاقة بتحميل الكارت عدداً من الوحدات الإلكترونية من مكينات الصرف الآلي (ATM) وذلك بعد إدخاله للرقم السري الخاص ببطاقته. وتتكون هذه البطاقة من الكارت الذكى، الوحدات التى يتم شحنها على الكارت وتسمى النقود الإلكترونية أو الوحدات الإلكترونية، وبطاقة الدفع المسبق([12]). ذلك لو كان العميل يريد سحب المبلغ نقداً يمكنه استخدام هذه المحفظة.

أما لو كان العميل يريد السحب باستخدام الأوراق التجارية كالشيك والكمبيالة أو أوامر النقل المصرفي فإنه يمكنه أن يستخدم الشيك الإلكتروني أو الكمبيالة الإلكترونية أو أوامر النقل المصرفي بصورتها الإلكترونية كما سبق الأشارة لوسيلة استخدامها خلال التفصيل السابق.

2-الأعتماد المستندى الإلكتروني:

عقد يتعهد بمقتضاه البنك بفتح أعتماد بناءاً على طلب أحد عملائه (ويسمى الأمر) لصالح شخص آخر (ويسمى المستفيد) بضمان مستندات تمثل بضاعة منقولة أو معدة للنقل .بحيث يلتزم البنك بدفع القيمة للمستفيد بمجرد تقديمه مستندات مطابقة لشروط الأعتماد([13]).

الأعتماد المستندي أداة تمويل تستعمل ليس فقط في تمويل عمليات التجارة الخارجية بل والداخلية أيضاً عندما يكون حجم الأعتماد كبير([14]).

وكان هذا الأعتماد يصدر بمناسبة تنفيذ عقد البيع بين الطرفين، فيشترط البائع على المشتري في عقد البيع أن يطلب إلى بنك بعينة أن يتعهد أمامه بدفع الثمن أو قبول الكمبيالة التى يقوم بسحبها عليه بالثمن متى سلمه المستندات الخاصة بتنفيذ عقد البيع والتى بها يتسلم المشتري البضاعة من الناقل البحري([15]).

أما في ظل استخدام تقنية الحاسب الآلي في مجال المعاملات المصرفية، فأن المستورد يقوم بإرسال طلبه لأصدار الأعتماد المستندى عن طريق جهاز الكمبيوتر، وعندما يوافق البنك مصدر الأعتماد على طلب العميل فأنه يقوم بإرسال نص الأعتماد إليه عن طريق الكمبيوتر أيضاً، وقبل أنتهاء الأجل المحدد في الأعتماد فإن المستفيد يقوم بإرسال كافة الفواتير المتعلقة بالشحن واللازمة للحصول على قيمة الاعتماد عن طريق الكمبيوتر أيضا،

ويطلب من كافة الأطراف المشاركة في المعاملة بأن يقوموا بإصدار مستنداتهم المتعلقة بالعملية للبنك مصدر الأعتماد إلكترونياً أيضاً، ويتم فحص هذه الرسائل عند تعددها للتأكد من مطابقتها لشروط الأعتماد المستندى ويتم ذلك إلكترونيا أيضاً، فإذا وجد أن المستندات مطابقة لما جاء في شروط الأعتماد،

فإن البنك يقوم بالدفع للمستفيد بصورة إلكترونية عن طريق التحويل الإلكتروني للمبالغ إلى حسابه وإجراء قيد عكس في حساب العميل طالب فتح الأعتماد بذات الطريقة الإلكترونية، أما إذا لم يكن هناك تطابق بين المستندات المقدمة من المستفيد وبين ماهو مبين في شروط الأعتماد، فإن البنك يقوم بإخطار المستفيد بذلك بطريقة إلكترونية([16]).

وبذلك تحولت الطريقة التى كان يتم بها الأعتماد المستندى من الصورة التقليدية إلى الصورة الإلكترونية ليكون الحاسب الآلي هو وسيلة التعامل بدلاً من التسليم باليد.

بعد هذا العرض نكون قد أنتهينا من تناول المطلب الأول والذى تضمن عرض لآلية عمل المصارف الإلكترونية، وتناول بعض جوانب الأعمال المصرفية لتحويلها إلى الصورة الإلكترونية مركزاً على أهم الجوانب التى سيؤثر تغيرها على فعالية السياسة النقدية، التى لو أمكنها تحقيق الأستقرار النقدى لأدى ذلك لأزدهار حركة المعاملات التجارية خاصة في مجال التجارة الإلكترونية، وبالتبعية الأستثمار كما سيلي تفصيله على غرار العرض التالي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) أنظر، د/ فايز نعيم رضوان، القانون التجاري، المرجع السابق، ص508، بند 134.

([2]) أنظر، د/ فياض ملقي القضاة،مسئولية البنوك الناتجة عن استخدام الكمبيوتر كوسيلة وفاء، المرجع السابق، ص5.

([3]) ومن أمثلتها من البطاقات والمنتشرة الاستخدام عالمياً بطاقة الفيزا،الماستر كارد، الأكس، أنظر، د/ بلال عبد المطلب بدوى، المرجع السابق، ص1957.

([4]) أنظر، د/ مبارك جزاء الحربي، بطاقات الأئتمان، بحث مقدم لمؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقانون،السابق الأشارة إليه،ص2160، د/عبد الفتاح بيومى حجازى، النظام القانوني لحماية التجارة الألكترونية،الكتاب الأول، نظام التجارة الألكترونية وحمايتها مدنياً، دار الفكر الجامعى، الأسكندرية، سنة 2002، ص114.

([5]) أنظر، د/ فايز نعيم رضوان، القانون التجاري، المرجع السابق، ص510، بند 136.

([6]) أنظر، د/ بلال عبد المطلب بدوى، المرجع السابق، ص1958.

([7]) لمزيد من التفصيل راجع، د/ عبد الفضيل محمد أحمد، الأوراق التجارية وعمليات البنوك،المرجع السابق، ص488، بند 359.

([8]) أنظر في نفس المعنى، د/ عبد الفضيل محمد أحمد، المرجع السابق، ص480، بند 153، د/ مبارك جزاء الحربي، بطاقات الأئتمان، مؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقانون، المرجع السابق، ص2175.

([9]) أنظر في هذا المعنى، د/ مبارك جزاء الحربي، بطاقات الأئتمان نفي المرجع السابق، ص1961.

([10]) أنظر، د/ فايز نعيم رضوان، القانون التجاري،المرجع السابق، ص522، بند 153.

([11]) أنظر، د/ صالح جاد عبد الرحمن المنزلاوى، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الألكترونية، رسالة دكتوراه كلية الحقوق جامعة المنصورة، دار النهضة العربية، بدون سنة نشر، ص18.

([12]) أنظر، د/شريف محمد غنام، محفظة النقود الألكترونية (رؤية مستقبلية)،دارالنهضة العربية، بدون سنة نشر، ص14، ومابعدها، بند 6. وفي نفس المعنى ؛ د/ فياض ملقي القضاه، مسئولية البنوك الناتجة عن أستخدام الكمبيوتر كوسيلة وفاء، مؤتمر القانون والكمبيوتر والأنترنت تنظمة كلية الشريعة والقانون بالتعاون مع مركز الأمارات للدراسات والبحوث الأستراتيجية ومركز تقنية المعلومات بالجامعة، الفترة من 1-3 مايو 2000، جامعة الأمارات العربية المتحدة،ص4.

([13]) لمزيد من التفصيل، أنظر، د/ عبد الفضيل محمد أحمد، الأوراق التجارية وعمليات التجار، المرجع السابق، ص508، ومابعدها،بند 379.

([14]) أنظر، نفس المرجع السابق، نفس الموضع.

([15]) أنظر، د/ على جمال الدين عوض، الأعتمادات المستندية،دراسة للقضاء والفقه المقارن وقواعد سنة 1983، الدولية، دارالنهضة العربية، القاهرة 1989، ص4.

([16]) أنظر، د/ بلال عبد المطلب بدوى، البنوك الألكترونية (ماهيتها، معاملاتها، المشاكل التى تثيرها)، مؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقانون، المرجع السابق، ص1959 ومابعدها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *