حالات زوال العقد تطبيقا للتقنين المصري

حالات زوال العقد تطبيقا للتقنين المصري

 

 كيف يزول العقد:
العقد يزول بالانقضاء ( extinction )
والانحلال ( dissolution )
والإبطال ( annulation ) .

العقد يزول بالانقضاء ( extinction ) والانحلال ( dissolution ) والإبطال ( annulation ) . فهو ينقضي بتنفيذ الالتزامات التي ينشئها ، وهذا هو مصيره المألوف .
فهو ينقضي بتنفيذ الالتزامات التي ينشئها ، وهذا هو مصيره المألوف .

ولكنه قد يزول قبل تمام تنفيذه ، أو قبل البدء في تنفيذه ، فينحل ، الفرق إذن بين انحلال العقد وانقضائه أن الانحلال يكون قبل أن ينفذ العقد أو قبل أن يتم تنفيذه ، والانقضاء لا يكون إلا عند تمام التنفيذ .

وانحلال العقد غير إبطاله ، كلاهما زوال ( disparition ) للعقد ، ولكن الانحلال يرد على عقد ولد صحيحاً ثم ينحل بأثر رجعي أو دون أثر رجعي ، أما الإبطال فيرد على عقد ولد غير صحيح ثم يبطل بأثر رجعي في جميع الأحوال . والعقد ، في حالة الأبطال وفي حالة الانحلال بأثر رجعي ، لا يزول فحسب ، بل يعتبر كأن لم يكن .

 انقضاء العقد:
يجب التمييز هنا بين العقد الفوري والعقد الزمني .
فالعقد الفوري ، ولو كان مؤجل التنفيذ ، ينقضي بتنفيذ ما ينشأ عنه من الالتزامات . فالبيع مثلا ينقضي بنقل ملكية المبيع إلى المشتري وتسلمه للعين ودفع الثمن والوفاء بالضمان وجميع ا لالتزامات الأخرى التي تنشأ عن العقد . وكل هذه الالتزامات ، عندما يحل وقت الوفاء بها ، تنفذ فوراً ، جملة واحدة أو على أقساط .

والعقد الزمني انقضاؤه معقود بانقضاء الزمن ، لأن الزمن كما قدمنا عنصر جوهري فيه . فالإيجار ينقضي بانتهاء المدة المحددة ، فإذا لم تحدد له مدة انقضى بإنهائه من أحد المتعقادين مع مراعاة ميعاد الأخطار الذي يعينه القانون أو الاتفاق . وكالإيجار الشركة وعقد العمل( [1] ) .

انحلال العقد:
وينحل العقد قبل انقضائه ، بل وقبل البدء في تنفيذه في كثير من الأحيان ، باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون . فالانحلال باتفاق الطرفين هو التقايل ( resiliation conventionnelel ) . أما الأسباب التي يقررها القانون لانحلال العقد فأهمها الإلغاء بارادة منفردة ( resiliation unilaterale ) والفسخ ( resolution ) .

 التقايل:
قد يتقايل المتعاقدان بأن يتفقا على إلغاء العقد . والتقايل يكون بإيجاب وقبول ، صريحين أو ضمنيين كما هو الأمر في العقد الأصلي ( [2] ).

والأصل أن التقايل ليس له أثر رجعي ، فيكون هناك عقدان متقابلان . فإذا تقايل المتبايعان البيع ، كان هناك عقد بيع أول من البائع إلى المشتري ، يعقبه عقد بيع ثان من المشتري إلى البائع . وقد يتراضى المتبايعان على أن يكون للتقايل أثر رجعي ، فيعتبر البيع بهذا التقايل كأن لم يكن .

وسواء كان للتقايل أثر رجعي أو لم يكن له هذا الأثر ، فهو على كل حال ، بالنسبة إلى الغير ثم بالنسبة إلى التسجيل ، عقد ثان اعقب العقد الأول . ويترتب على ذلك إنه إذا كان العقد الذي حصل التقايل فيه قد نقل ملكية عين ورتب من انتقلت إليه الملكية حقوقاً للغير على هذه العين ، فالتقايل لا يمس حقوق الغير ، وترجع العين إلى مالكها الأصلي مثقلة بهذه الحقوق . كذلك يجب تسجيل التقايل كما سجل العقد الأصلي حتى تعود الملكية إلى صاحبها الأول

 الالغاء بإرادة منفردة:
وقد يجعل القانون لأحد المتعاقدين الحق في أن يستقل بإلغاء العقد . نص القانون على ذلك في عقود نذكر منها الوكالة والعارية والوديعة والمقاولة والقرض والايراد المؤبد وعقد التأمين والهبة والشركة .
ففي الوكالة ، يجوز للموكل في أي وقت أن ينهي الوكالة ( م 715 ) ، كما يجوز للوكيل أن ينزل في أي وقت عن التوكيل ( م 716 ) .

وفي العارية ، يجوز للمستعير أن يرد الشيء المعار قبل انقضاء العارية ( م 643 فقرة 3 ) ، ويجوز للمعاير أن يطلب إنهاء العارية قبل انقضائها في أحوال معينة ( م 644 ) .

وفي الوديعة ، يجب على المودع عنده أن يسلم الشيء إلى المودع بمجرد طلبه إلا إذا ظهر في العقد أن الأجل عين لمصلحة المودع عنده ، وللمودع عنده أن يلزم المودع بتسليم الشيء في أي وقت إلا إذا ظهر من العقد أن الأجل عين لمصلحة المودع ( م 722 ) .

وفي المقاولة ، لرب العمل أن يتحلل من العقد ويقف التنفيذ في أي وقت قبل اتمامه ، على أن يعوض المقاول عن جميع ما انفقه من المصروفات وما أنجزه من الأعمال وما كان يستطيع كسبه لو أنه اتم العمل ( م 663 فقرة 1 ) .

وفي القرض ، إذا اتفق على الفوائد كان للمدين إذا انقضت ستة أشهر على القرض أن يعلن رغبته في إلغاء العقد ورد ما اقترضه ، على أن يتم الرد في أجل لا يجاوز ستة أشهر من تاريخ هذا الإعلان ، وفي هذه الحالة يلزم المدين باداء الفوائد المستحقة عن ستة الأشهر التالية للإعلان ( م 544 ) .

وفي الدخل الدائم ، يجوز استبدال الدخل في أي وقت شاء المدين بعد انقضاء سنة على إعلانه الرغبة في ذلك ( م 546 ) .

وفي عقد التأمين على الحياة ، يجوز للمؤمن له الذي التزم بدفع أقساط دورية اني تحلل في أي وقت من العقد باخطار كتابي يرسله إلى المؤمن قبل انتهاء الفترة الجارية ، وفي هذه الحالة تبرأ ذمته من الاقساط اللاحقة ( م 759 ) . ويجوز له أيضاً ، متى كاىن قد دفع ثلاثة أقساط سنوية على الأقل . أن يصفى التأمين بشرط أن يكون الحادث المؤمن منه محقق الوقوع ، هذا ما لم يكن التأمين مؤقتاً ( م 762 ) .
وفي الهبة ، يجوز للواهب أن يرجع إذا قبل الموهوب له ذلك ، وهذا يعتبر تقايلا . فإذا لم يقبل الموهوب له ، جاز للواهب أن يطلب من لاقضاء الترخيص له في الرجوع ، متى كان يستند في ذلك إلى عذر مقبول ، ولم يوجد مانع من الرجوع ( م 500 – 503 ) . والرجوع في هذه الحالة الأخيرة أقرب إلى الفسخ ، لأنه يقع بترخيص من القضاء ويترتب عليه أن تعتبر الهبة كأن لم يكن .

وفي الشركة . يجوز للمحكمة أن تقضي بحلها بناء على طلب أحد الشركاء لسبب خطير يسوغ الحل ، وهذا ضرب من الفسخ كما يجوز لاي شريك إذا كانت الشركة معينة المدة أن يطلب من القضاءي اخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة ، وفي هذه الحالة تنحل الشركة ما لم يتفق الشركاء على استمرارها ( م 531 ) ، وهذا أيضاً ضرب من الفسخ لأنه لا يتم إلا بحكم القضاء ( [3] ) .

 الفسخ ووقف التنفيذ:
وفي العقود الملزمة للجانبين . إذا لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه ، جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب من القاضي فسخ العقد ، وللقاضي سلطة تقدير هذا الطلب ( [4] )
. ويجوز للمتعاقد أيضاً أن يقف تنفيذ العقد من جانبه حتى يوقم الطرف الآخر بالتنفيذ ، وهذا هو الدفع بعدم تنفيذ العقد .

ونقف عند الفسخ والدفع بعدم التنفيذ لاهميتها ، ونفصل ما يتعلق بهما من الأحكام .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( [1] ) أنظر في الإيجار م 563 ، وفي الشركة م 529 ، وفي عقد العمل م 694 فقرة 2 – هذا وقد يبقى العقد حتى بعد انتهاء مدته ، ويكون هذا إجراء استثنائياً يقضي به القانون في ظروف استثنائية ، كما في التشريعات الخاصة بعقود إيجار المباني عند اشتداد أزمة المساكن عقب حرب أو نحو ذلك . وقد ينقضي العقد حتى قبل انتهاء مدته بموت أحد المتعاقدين إذا روعيت شخصيته عند التعاقد ، كما في الشركة والمزارعة والإيجار الذي تراعى فيه شخصية المستأجر .
( [2] ) وقد قضت محكمة النقض بأن التفاسخ ( التقايل ) كما يكون بإيجاب وقبول صريحين يكون بإيجاب وقبول ضمنين ، وبحسب محكمة الموضوع إذا هي قالت بالفسخ الضمني أن تورد من الوقائع والظروف ما اعتبرته كاشفاً عن ارادتي طرفي التعاقد ، وأن تبين كيف تلاقت هاتان الارادتان على حل العقد ( نقض مدني في 16 أكتوبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 221 ص 470 ) . وقضت أيضاً بأن حصول التفاسخ من المسائل الموضوعية التي يستقل قاضي الموضوع بتقديرها ، فإذا كانت المحكمة قد استخلصت حصول التفاسخ من عبارات واردة في أوراق الدعوى مؤدية إليه ، فلا سبيل عليها لمحكمة النقض فإذا كان كل ما شرطه المشتري في انذاره البائع لقبول التفاسخ هو عرض الثمن المدفوع مع جميع المصاريف والملحقات عرضاً حقيقياً على يد محضر في ظرف أسبوع ، وكانت هذه العبارة لا تدل بذاتها على أن الإيداع أيضاً في ظرف الأسبوع كان شرطاً للتفاسخ : وكان الثابت بالحكم أن المشتري تمسك بأن العرض لا يتحقق به فسخ البيع مستنداً في ذلك إلى أن المبلغ المعروض لم يكن شاملا الرسوم التي دفعت توطئة للتسجيل دون أية إشارة إلى شرط الإيداع في الأسبوع ، فإنه لا يجوز للمشتري أن يأخذ على الحكم أنه قد أخطأ إذ قال بصحة العرض في حين أن إيداع المبلغ المعروض لم يتم في الأسبوع ( نقض مدني في 15 أبريل سنة 1 948 مجموعة عمر 5 رقم 301 ص 601 ) .

( [3] ) وقد تضمن المشروع التمهيدي ثلاثة نصوص في إلغاء العقد ، حذفتها لجنة المراجعة جميعاً في المشروع النهائي لأنها تطبيق للقواعد العامة ، ويمكن الاستغناء عنها بالمادة 213 من هذا المشروع ( تقابلها المادة 147 من القانون الحالي ) .
وهذه النصوص هي :

م 255 من المشروع التمهيدي : لا يجوز إلغاء العقد إلا باتفاق المتعاقدين جميعاً ، وذلك فيما عدا العقود التي تنتهي بموت أحد المتعاقدين .

م 226 من المشروع التمهيدي : 1 – ومع ذلك يجوز أن ينفرد أحد المتعاقدين بإلغاء العقد إذا كان هذا الحق قد اشترط في العقد أو نص عليه في القانون . 2 – فإذا كان من أعطى الحق في إلغاء العقد قد تسف في استعمال هذا الحق جاز الرجوع عليه بالتعويض .
م 227 من المشروع التمهيدي : إذا ألغى العقد فلا ينتهي إلا من يوم انحلاله دون أن يكون لذلك أثر رجعي .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي :
” والأصل أن إلغاء العقود لا يقع إلا بتراضي المتعاقدين ، فيجوز مثلا إلغاء عقد الإيجار إذا كان محدد المدة قبل انقضاء الأجل المعين له باتفاق المؤجر والمستأجر على ذلك ، ولكن يجوز أن يقع الإلغاء دون حاجة إلى التراضي في أحوال ثلاث : أولاها حالة العقود التي تكون فيها شخصية المتعاقد ملحوظة لذاتها كالزراعة ، فيقع الغاؤها بموت من كانت شخصيته محلا للاعتبار . والثانية حالة العقود التي يحتفظ فيها أحد المتعاقدين لنفسه بحق الالغاء ، فيكون له أن يلغى العقد بارادته المنفردة ، ويكون للعاقد الآخر أن يقتضي ما يجب له من التعويض عند اساءة استعمال هذا الحق . أما الحالة الثالثة فهي حالة العقود التي ينص القانون بصددها على تخويل حق الإلغاء بارادة منفردة ، والأصل في هذه العقود أن تكون غير محددة المدة ( كالشركة والإجارة ) ، أو أن تكون قابلة للنقض بطبيعتها ( كالوكالة ) ، ويقع الإلغاء في هذه الحالة بالإرادة المنفردة التي خولها القانون ذلك ، في غير إخلال بما يكون للعاقد الآخر من حق في التعويض عند الاساءة في استعمال الحق ” .

( أنظر في كل هذا مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 331 – ص 332 في الهامش ) .
هذا ويتبين مما نقلناه من نصوص المشروع التمهيدي ومذكرته الإيضاحية أن إلغاء العقد بارادة منفردة قد يكون مشترطاً في العقد ذاته ، لا آتياً من نص في القانون ، فيستمد من له حق إلغاء العقد بارادته المنفردة هذا الحق من اتفاق سابق . وهذا ضرب من التقايل يتم باتفاق ارادتين سابقتين مقرونتين بصدور إرادة لاحقة ، ويشترط فيه ألا يتعسف صاحب حق الإلغاء في استعمال حقه .
( [4] ) والفسخ هو انحلال العقد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *