حجز مال المدين لدى الغير – بحث قانوني متكامل

حجز مال المدين لدى الغير – بحث قانوني متكامل

 

تعريف الحجز لدى الغير:
إجراء يلجأ إليه الدائن الحاجز لحماية حقه فيتعرض بين يدي المحجوز لديه على المبالغ والقيم المنقولة التي يحوزها هذا الأخير لفائدة المدين المحجوز عليه منعا له من التصرف فيها تصرفا يضر بحقوقه .

ويتم إيقاع الحجز لدى الغير بواسطة كتابة الضبط في حالة وجود سند تنفيذي أو بناء على أمر يصدره رئيس المحكمة وهو من حيت الطبيعة القانونية يعتبر طريقا من طرق التنفيذ الجبري ويبدأ دائما كحجز تحفظي يقصد به حبس أموال المدين في يد وذمة الغير الذي يمنع من الوفاء بها للمحجوز عليه تم يتحول إلى إجراء تنفيذي عند مرحلة تصحيحه فيتأتى للحاجز بعد حصوله على الحكم بالتصحيح أو المصادقة أن يتسلم من المحجوز لديه المبالغ المحجوزة .

1- اجراءات الحجز لدى الغير:
1-1 إيقاع الحجز لدى الغير:
يتم إيقاع الحجز لدى الغير بناء على أمر من رئيس المحكمة ) الابتدائية – التجارية – الإدارية كل في حدود اختصاصه النوعي ( أو بناء على سند تنفيذي ) حكم / أمر مذيل بالصيغة التنفيذية الفصل 488 من ق . م . م .(

1-2 تبليغ الحجز لدى الغير:
يفتح ملف بمكتب الحجز لدى الغير بهذه المحكمة بناء على طلب يتقدم به المستفيد من إيقاع الحجز لدى الغير ويرفق طلبه بالنسخ التبليغية الكافية والنسخة التنفيذية وحامل لتأشيرة المفوض القضائي * جرت العادة بهذه المحكمة أن تحال إليه – مكتب الحجز لدى الغير – ملفات التنفيذ التي تنجز بها محاضر الحجز لدى الغير بناء على طلب صاحب المصلحة .

ا – طرق التبليغ :
يتم التبليغ طبقا للفصول 37/38/39 من ق . م . م . لكونه هو الأصل ) الفصل 492 من ق . م . م جاء عاما ولم يوضح إجراءات تبليغ الحجز لدى الغير بالتفصيل

أي بواسطة احد أعوان كتابة الضبط أو المفوض القضائي تم الطريق الإدارية أو الدبلوماسية تم بواسطة البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل أو عن طريق مسطرة القيم , ولكي ينتج أثاره القانونية يجب أن يتم تبليغه وفق الشكليات والطرق المحددة قانونا تحت طائلة البطلان الذي قد يتمسك به المبلغ إليه .

مسطرة القيم تطبق في حق المحجوز عليه فقط ففي حالة تعذر تبليغ المحجوز لديه يكون الحجز غير ذي محل ويتعين التصريح ببطلانه ولاحظنا ان العديد من الملفات بهذه المحكمة لا يعمل أصحابها على مواصلة إجراءات التبليغ فيتم تحفيظها .

تنبه إلى مسالة أولوية التبليغ المشرع الفرنسي والمصري فأوجبا تبليغ المحجوز لديه أولا تم بعد ذلك المحجوز عليه على اعتبار ان الهدف من الحجز هو السرعة حتى لا يصل الخبر إلى المدين فيقوم بسحب أمواله .

ب – بيانات المحضر :
عادة يجب أن يتوفر محضر الحجز لدى الغير على بعض البيانات الأساسية :

– تاريخ تحرير المحضر
– أسماء الأطراف وعناوينهم والأساس الذي استصدر به الحجز
– رقم حساب الموظف ان وقع الحجز لدى الخزينة العامة و الاجتهاد القضائي استقر على ان الحاجز لا يلزم بالإدلاء برقم الحساب البنكي
– بيانات اصل المبلغ المطلوب حجزه والفوائد والمصاريف ان وجدت
– نهي المحجوز لديه عن الوفاء بما في يديه إلى المحجوز عليه اوتسليمه إياه ) فصل 489 من ق . م . م .( أو تكليفه بالإدلاء بالتصريح بما في ذمته تحت طائلة الحكم عليه بأداء الاقتطاعات التي لم تقع والمصاريف ) ف .494 من ق . م . م .

بهذه المحكمة يتم مراقبة إجراءات التبليغ بصورة تلقائية فلا تدرج بجلسة الاتفاق الودي الا الملفات الجاهزة .

1-3 جلسة محاولة الاتفاق:
يستدعى الأطراف لجلسة قريبة وذلك خلال الثمانية أيام الموالية للتبليغات المنصوص عليها في الفصل 492 ) فصل 494 من ق . م . م . (* اجل الثمانـية أيام يصعب احترامه والمشرع بدوره لم يرتب عليه أي جزاء .

واشترط المشرع المغربي ضرورة إجراء محاولة التوفيق الودي بين الأطراف فالصلح خير من المنازعة التي قد تطيل أمد الخصومة فتتراكم الدعاوى على القضاء . وتنتج عن الجلسة حالتين :

ا – حالة اتفاق الأطراف :
(منصوص عليها في فقرة 2 من الفصل 494 من ق . م . م .)
بعد الاتفاق على صحة الدين ومقداره وعلى التصريح الايجابي المدلى به يحرر محضر بهذا الاتفاق وتسلم قوائم التوزيع فورا وإذا تعدد للدائنون يوضح في المحضر المبالغ الواجبة لكل واحد من الحاضرين وهذا المحضر كاف للدائنين الحاجزين لتسلم ديونهم مباشرة من المحجوز لديه متى كانت المبالغ كافية لسداد ديونهم ولايمكن للأطراف الحاضرين الرجوع فيه او المنازعة في مضمونه ولا يعرض بعد تحريره على أنظار القضاء للبث فيه وعادة لايكتفى بالمحضر ويصدر القاضي أمرا يضمنه اتفاق الأطراف والمبالغ الواجبة لكل واحد من الحاضرين

ب – حالة عدم اتفاق الأطراف :
(المنصوص عليها في الفقرة 3 من ف 494 ق . م . م .)
عدم الاتفاق يتحقق في احد صورتين :
– تخلف الدائن الحاجز أو المحجوز عليه أو المحجوز لديه أو امتناعه عن الإدلاء بالتصريح .
– حضور الأطراف و تخلف أو حضور المحجوز لديه مع سبق إدلائه بالتصريح فلا يقع الاتفاق ل :
– منازعة المدين في صحة او مقدار الدين
– منازعة الدائن أو المدين في التصريح

1-4 دعوى المصادقة على الحجز لدى الغير:
يقصد بها تحويله من مرحلته التحفظية إلى مرحلته التنفيذية والإذن للحاجز بتسلم المبالغ المحجوزة في حدود مبلغ الدين والفوائد مع تحديد الحصة غير القابلة للحجز لدى الغير مالم يكن قد سبق تحديدها من طرف رئيس المحكمة عند إصدار الأمر بإيقاع الحجز فيتقدم الحاجز بطلب يرمي إلى المصادقة على الحجز لدى الغير فما هي الشروط الإجرائية لدعوى المصادقة :

ا – ضرورة تبليغ الحجز إلى المحجوز لديه والمحجوز عليه
اذ يترتب على عدم التبليغ بطلان كل إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير واعتبار الحجز كان لم يكن وزوال الآثار التي ترتبت عليه فيستطيع المحجوز عليه استرداد أمواله من المحجوز لديه .

ب – ان يكون الدين حالا وثابتا و قابلا للوفاء
وهذا الشرط يكون متوفرا عندما يتأسس الحجز لدى الغير على سند تنفيذي حائز لقوة الشيء المقضي به وأصبح انتهائياوبالتالي ذهب اغلب العمل القضائي إلى اشتراط ان يكون الدين ثابتا بمقتضى سند تنفيذي في حين ذهب بعض العمل القضائي إلى اعتبار قاضي المصادقة هو قاضي الأداء بحجية انه ليس ضمن مقتضيات الفصل 494 ق . م . م . ما يوجب ان يكون الدين ثابتا بمقتضى سند تنفيذي لهذا فقاضي المصادقة مؤهل ومختص بالنظر في الطلب الرامي إلى الأداء والذي صدر الأمر بالحجز ضمانا له .

ج – عدم صدور أمر برفع الحجز لدى الغير
فخلاف ذلك يجعل دعوى المصادقة على الحجز غير ذات موضوع لأنه يأذن للمحجوز عليه بتسليم المبـالغ لدى المحجوز لديه مالم يصدر أمر قضائي بقصر الحجز لأنه يبقي جزا من الأموال محجوزا

د – ان يتم حجز مبالغ مالية بين يدي المحجوز لديه
فبإدلاء المحجوز لديه بالتصريح السلبي أو إنكاره العلاقة بينه وبين المحجوز عليه ولم ينازع في ذلك الحاجز ولا المحجوز عليه أو نازع فيه احدهما ولكن المحكمة ردت منازعته فان الحجز لدى الغير يكون باطلا لانعدام محله .

2- عوارض الحجز لدى الغير
مسؤولية إيقاع الحجز لدى الغير
المشرع المغربي وضع مبادئ عامة ك : حسن النية هو الأصل مادام العكس لم يثبت وممارسة الحقوق يجب ان تتم بحسن نية ولاضرر ولاضرار والضرر يزال … غير ان لجوء الحاجز باستعماله مسطرة الحجز لدى الغير وان كانت حقا مشروعا بشكل تعسفي يرتب عنه ضررا بالمحجوز عليه فيحرم من التصرف في أمواله ويثاتر نشاطه ومركزه التجاري وتسوء سمعته في السوق دفع بالعمل القضائي بالمغرب إلى إلزام الحاجز بتعويض الضرر الذي قد يلحق بالمحجوز عليه واعتباره مسؤولا مدنيا فان ثبت ان كان هناك تعسف في إيقاع الحجز كان يمطر المحجوز عليه بإجراءات مبالغ فيها ليشل حركته المالية أو ان يضر بمصالحه وكان من الممكن ان يتجنب هذا الضرر أو يزيله أو في حالة لجوء الحاجز إلى اغواء القاضي بأدلة كيدية بقصد الأضرار واوقعه في الخطأ .

اما ان لم يثبت تعسف الحاجز فهو لا يعد مسؤولا عن الاضرار التي لحقت بالمحجوز عليه .

دعوى إيقاع الحجز لدى الغير دعوى غير مقيدة بأجل مما قد يفتح المجال أمام إيقاع حجوز كيدية وهذا يستلزم تدخل المشرع لتقييد او رفع هذه الدعوى بأجل محدد

إبطال محضر الحجز لدى الغير
يبطل محضر الحجز لدى الغير طبقا للقواعد العامة التي يتعين توفرها في محضر التبليغ اواذا كان التبليغ باطلا كتخلف بعض البيانات الأساسية :

عدم التنصيص على السند التنفيذي أو الأمر القضائي الصادر بناء عليه أو عدم ذكر المبلغ المراد حجزه

ولكل ذي مصلحة ان يتمسك بالبطلان رغم ان هناك أراء ترى ان :
– المحجوز لديه هو وحده صاحب الصفة لأن بيانات الحجز ذكرت لمصلحة المحجوز لديه وحده
– المحجوز عليه والمحجوز لديه هما صاحبا الصفة لان الحجز مقرر لمصلحتهما فقط

شمول الحكم بالمصادقة على الحجز لدى الغير بالنفاذ المعجل :
ذهب بعض الفقه إلى ان الحكم بالمصادقة لا ينفذ إلا بعد استنفاذ كل طرق الطعن العادية أو الإدلاء بشهادة بعدم التعرض أو الاستئناف طبقا للفصل 437 من ق . م . م . اما بالنسبة للعمل القضائي فهناك ثلاث اتجاهات :

الاتجاه الأول
لا يجيز شمول الحكم بالنفاذ المعجل اعتمادا على الفصل 494 من ق . م . م . الذي ينص صراحة على انه يقع تنفيذ الحكم بمجرد انتهاء اجل الاستئناف ولايمكن إشفاعه بالنفاذ المعجل .

الاتجاه الثاني
يجيز ذلك متى توفرت إحدى الشروط المنصوص عليها في الفصل 147 من ق . م . م . ) وجود سند رسمي / تعهد معترف به / حكم سابق غير مستأنف (

الاتجاه الثالث
في حالة عدم إدلاء المحجوز لديه بالتصريح وعدم توفر الشروط أعلاه أي الفقرة الأولى من فصل 147 من ق . م . م . يجوز للمحكمة ان تأمر بالتنفيذ المعجل بكفالة او غيرها حسب ظروف القضية التي يجب توضيحها استنادا للفقرة الثانية من فصل 147 من ق . م . م .

الالتزام بالتصريح بما في الذمة :
يلتزم المحجوز لديه بالتصريح بما في ذمته حتى يعلم الحاجز ) القضاء ( أموال مدينه فقد يجهل وضعيته المالية أو حتى العلاقة التي تربط المحجوز عليه به لهذا يكشف التصريح عن تلك الوضعية والعلاقة ليتمكن الحاجز من مواصلة إجراءاته .

ويتم تكليف المحجوز لديه في محضر الحجز لدى الغير الإدلاء بالتصريح بما في الذمة ولا يعد الحجز باطلا ان لم يرد بالمحضر هذا التكليف وعادة ما يتم إلزامه بالتصريح أثناء استدعاء الأطراف لأول جلسة

وقد يتمسك المحجوز لديه في المرحلة الاستئنافية بأنه لا يتوفر على أية مبالغ بعد ان لم يسبق له الإدلاء بأي تصريح رغم استدعائه وإشعاره بالإدلاء بالتصريح وهنا قد يرد استئنافه لان عبء إثبات دائنية المحجوز عليه تقع على المحجوز لديه وحده وقد يقبل طلبه على اعتبار ان له الحق في دحض قرينة افتراض ملاءة ذمته بدين المحجوز عليه بكل الوسائل القانونية ) وهذا ما تبناه العمل القضائي بفرنسا ( .

المشرع المغربي لم يحدد اجلا للتصريح بما في الذمة وان ذهب بعض العمل القضائي إلى اعتبار ذلك الأجل محدود بمرحلة عرض النزاع أمام محكمة الدرجة الأولى عكس :

– القانون الفرنسي الذي حدد له أجل ثمانية أيام
– القانون المصري حدد له أجل خمسة عشرة يوما
– القانون التونسي حدد له الأجل إلى غاية رفع دعوى تصحيح الحجز

ويعفى المحجوز لديه من الإدلاء بالتصريح طبقا للفصل 496 من ق . م . م .

مسؤولية المحجوز لديه عن عدم التصريح بما في الذمة:
رتب المشرع مسؤولية على المحجوز لديه لحمله على التصريح بما في ذمته ففي حالة عدم إدلائه بالتصريح أو قام به على غير الوجه الذي يتطلبه القانون فانه يلزم بأداء تعويض للحاجز وهذا ما تنص عليه الفقرتان الثالثة والرابعة من الفصل 494 من ق . م . م . ويلزم لتطبيق هذا الجزاء شروط ان توفرت كان للمحكمة ان تلزم المحجوز لديه بهذا الحق ولو لم يكن الدين ثابت أو كانت المديونية اقل من الحق الذي وقع بسببه الحجز وهي :

ان يكون بيد الحاجز سند تنفيذي
ان يطلب الحاجز من المحكمة إيقاع هذا الجزاء
عدم إدلاء المحجوز لديه بالتصريح مطلقا أو لم يقم به على الوجه المطلوب أو في الميعاد المحدد
إلا يكون الحجز ذاته قد سقط أو اعتبر كان لم يكن أو حكم ببطلانه
لا يشترط حصول ضرر للحاجز فالضرر الذي يصيبه افتراضي

وللمحكمة طبقا لما تراه من ظروف الدعوى وملابساتها السلطة التقديرية فتحكم على المحجوز لديه بمصاريف الدعوى وتلزمه بتعويض الحاجز عن الضرر الذي أصابه من تأخير التصريح أو التقصير فيه وان ذهب العمل القضائي المغربي في اتجاه تشديد الجزاء ولم يعد يكتفي بإدانة المحجوز لديه بأداء الاقتطاعات التي لم تقع ) فصل 494 من ق . م . م .(

المنازعة في التصريح بما في الذمة
التصريح بما في الذمة اقرار قضائي يلزم المحجوز لديه وحده ولا يملك الرجوع فيه إلا ان يشوبه خطا مادي فيجوز له تصحيحه ويجوز لباقي الأطراف ان ينازعوا في التصريح وذلك أثناء جريان دعوى المصادقة وهي غير مقيدة بأجل ) القانون الفرنسي اجل شهر ( وعندما يباشرها الحاجز يعتبرها البعض دعوى غير مباشرة فيحل محل المحجوز عليه ولا يجوز له التمسك إلا بالوسائل التي يجوز ان يحتج بها المحجوز عليه و بعض الفقهاء يعتبرونها دعوى مباشرة ويجوز له إثبات الدين بكافة وسائل الإثبات .

جزاء الوفاء
اعتبر المشرع ان كل وفاء يقوم به المحجوز لديه للمحجوز عليه يعد باطلا باستثناء الحجز على الجزء الغير قابل للحجز ويقصد بالبطلان هنا ليس بمفهومه القانوني المدني الموضوعي بل هو بطلان مسطري من نوع خاص فالحاجز له ان يلزم المحجوز لديه بالوفاء له مرة أخرى وينفذ جبرا على أمواله لاقتضائه حقه وحتى إذا كانت إجراءات الحجز لدى الغير باطلة لأي سبب من الأسباب أو كان ذلك الوفاء لا يسبب ضررا للحاجز فان أي وفاء يكون على مسؤولية المحجوز لديه بحيث ان فرضنا ان القضاء أصدر فيما بعد حكما بصحة ذلك الحجز وجب عليه الوفاء .

إيقاع الحجز على الحجز
يقر الفصل 493 من ق . م . م . صراحة عدم جواز إيقاع حجز على حجز والدائن الثاني غير ملزم بإعادة إجراءات الحجز بل يجوز له التعرض على تسليم المبالغ حتى يتم توزيعها بينهم بالمحاصة ان لم يحصل الاتفاق و كانت المبالغ المحجوزة غير كافية لسداد قيمة جميع التعرضات ويطرح هذا الأمر بعض الإشكاليات كصعوبة وصول الحاجز الثاني إلى كافة المعلومات التي ستفيده في تعرضه كمراجع الملف والمحكمة التي أصدرت الحجز الأول …

والحجز الأول لا ينشا عنه أي امتياز بل هو مجرد وسيلة من وسائل التنفيذ الجبري ولا يعد من الضمانات العينية كما ان إيقاع الحجز لا يترتب عليه خروج المال من يد صاحبه إذ يجوز إيقاع حجوز أخرى على ذات المال .

* ذهب العمل القضائي إلى منع التمسك بالمقاصة بين دين المحجوز عليه ودين المحجوز لديه الذي قد ينشا في ذمة المحجوز عليه بعد الحجز .

أهم حالات الحجز لدى الغير التي أثارت الجدل في الفقه والقضاء:
الحجز على أموال الدولة والمؤسسات العمومية:
لم ينظم المشرع المغربي هذه المسالة فذهب اتجاه إلى القول بعدم جواز إيقاع حجوز على الأشخاص الاعتبارية كالدولة والجماعات المحلية فأموال المرفق العام لا يجوز الحجز عليها لأنها الوسيلة الفعالة التي بمقتضاها تتحقق الخدمات العامة للجمهور وتبعا لذلك لا يمكن الحجز عليها حتى نضمن بمقتضاها استمرارية الخدمات التي يتولى القيام بها إما حق الدائن فتضمنه تلك القاعدة العامة التي تفترض الملاءة في الدولة .

وذهب اتجاه أخر وأجاز الحجز على أموال الدولة وحجته في ذلك انه لا يوجد نص يستثني الدولة من التنفيذ والدولة لا تستثنى من تنفيذ الأحكام ومن المفروض في المؤسسات العمومية الإسراع بتنفيذ الأحكام والرضوخ لها ترسيخا لمبدأ المشروعية وفعالية السلطة القضائية وهذا الاتجاه هو الذي بدا يتبناه القضاء المغربي .

الحجز على أموال البنوك:
استثنى البعض من إمكانية إيقاع الحجز على أموالها لافتراض الملاءة واليسر لا العسر ولكونها مراقبة من سلطة الوصاية التي لا تسمح لها بالمساس بما يسمى الاحتياطي التقني الذي يشكل ضمانا للدائنين اما الرأي المخالف فيرى غياب نص تشريعي يمنع صراحة الحجز على أموال البنوك وقرينة افتراض الملاءة تعطل عند امتناع عن الوفاء بالتزاماتها رضاء مما يلزم معه سلوك طرق التنفيذ الجبري .

الحجز على رصيد الحساب بالإطلاع لدى البنك:
عرفه المشرع المغربي في فصل 493 من مدونة التجارة بقوله : الحساب بالإطلاع عقد بمقتضاه يتفق البنك مع زبونه على تقييد ديونهما المتبادلة في كشف وحيد على شكل أبواب دائنة ومدينة والتي بدمجها يمكن كل حين استخراج رصيد مؤقت لفائدة احد الأطراف .

فيلجا البنك والزبون إلى دمج ديونهما المتبادلة المقيدة على شكل أبواب دائنة ومدينة في كشف واحد وإجراء المقاصة بين الباب الدائن والباب المدين لاستخراج الرصيد النهائي والإشكالية تبرز من جانب ان هذا الحساب لا يحدد بشكل مطلق الجانب المدين من الدائن مما يطرح التساؤل كيف يتم تحديد وعاء هذا الحجز بعد إيقاعه من طرف الدائن .

الرأي الأول
ذهب إلى قبول إجراء الحجز لدى الغير أثناء سير الحساب بالإطلاع واعتبر ان الحجز لا يقع إلا على جزء الرصيد الذي يخص المدين المحجوز عليه عند قفل الحساب فمفعول هذا الحجز يتأجل لغاية قفل الحساب وتحديد الرصيد الدائن .

الرأي الثاني
اعتبر ان الحساب بالإطلاع يتجمد ابتداء من تاريخ إيقاع الحجز ولايتم إيقافه وعلى البنك ان يعمل على تسجيل العمليات اللاحقة لإخطاره بالحجز في كشف جديد في انتظار تحديد الرصيد المؤقت للحساب وذلك داخل اجل ستين يوم – وهو اجل تقديم الشيك الصادر خارج المغرب وعشرون يوما إذا كان صادرا بالمغرب –

الرأي الثالث
يذهب إلى ان إيقاع الحجز يلزم البنك بقفل الحساب مباشرة ليخلص الى رصيد نهائي يقع عليه الحجز إذا كان لفائدة الزبون .

الحجز على أموال مودعة في خزائن خاصة بالبنوك
نقسم الفقه حول الطبيعة القانونية للعقد الذي يربط البنك بعميله حيث يقوم البنك بتقديم خدمة لهم تتمثل في تخصيص خزائن في مكان خاص يعده البنك لهذا الغرض لكل خزنة رقم معين وللزبون حرية الدخول وفتح الخزنة ليأخذ منها ما يشاء دون ان يطلع على ذلك احد بما فيه البنك …. فهناك من اعتبره عقد وديعة أو عقد كراء أو عقد حراسة أو عقد مستقل …

ومن تم انقسم القضاء إلى اتجاهين :
فذهب البعض إلى ان طريق الحجز لدى الغير هو الذي يجب اتباعه بدليل ان البنك هو الحاجز الفعلي للخزانة وهو الذي له الحيازة الفعلية على الشيء المحجوز وبخصوص التصريح بما في الذمة فيصرح البنك بان المدين يستأجر خزنة لديه أم لا وفي حالة الإيجاب يدلي برقم الخزنة .

وذهب البعض الأخر إلى القول بان طريق الحجز الذي يجب اتباعه هو الحجز التحفظي لكون العلاقة التي بين المدين والبنك تحكمها قواعد عقد الكراء البنك يكري جزءا من بنائه وهو الفراغ المشغول بالخزنة تم ان محل الحجز ليس هو الخزانة نفسها فهي مملوكة للبنك ولكن محل الحجز هو ماتحتويه الخزانة نفسها تم ان البنك باعتباره غيرا محجوزا لديه ملزم بالتصريح في حين انه لا يعلم ما يوجد بالخزنة ولا يملك سلطات خاصة ومستقلة على هذه الأموال بل العميل هو من يحتفظ بتلك السلطات .

الحجز بين يدي النفس
لم ينظم المشرع المغربي هذه المسالة بنص خاص واغلب الفقهاء الذين تناولوا هذا الاشكال قالوا بجواز الحجز تحت يد النفس فالدائن يمكنه ان يباشر الحجز بين يديه ان كان مدينا ودائنا في ان واحد وصفة الدائن الحاجز والغير المحجوز لديه تجتمعان في هذه الحالة في يد شخص واحد .

الحجز على أموال فاقدي الأهلية تحت يد ممثله القانوني الولي / الوصي / المقدم
هناك رأيان في هذه الحالة :
رأي يرى ان هؤلاء ) الولي الوصي المقدم ( لا يعتبرون غيرا بالنسبة لفاقد الأهلية وشخصية المحجوز عليه لا تظهر الأمن خلال نائبه وممثله القانوني الذي نص القانون على ضرورة تمثيله لعدم اكتمال شخصيته الحقوقية فهؤلاء مجرد ممثلين لناقصي الأهلية وليست لهم حيازة مستقلة على أموال المحجوز عليه مما يعني انه يجب سلوك مسطرة الحجز التنفيذي او التحفظي .

ورأي أخر يذهب إلى ان عناصر الذمة المالية الخاصة بالمدين ناقص الأهلية والتي توجد بين يدي هؤلاء يتم حجزها بطريق الحجز لدى الغير فهؤلاء يعتبرون أغيارا وهم مستقلون بالحيازة ولا يتبعون المدين فالعلاقة بينهم لا تعتبر علاقة تابع بمتبوع .

الحجز على الأموال التي بين يدي المحامي
سبب الجدل يرجع إلى ارتباط هذه المسالة بالسر المهني الذي يلتزم به المحامي فالقانون البلجيكي مثلا منع إجراء الحجز بين يدي المحامي على أموال موكليه في حين أجاز القانون الفرنسي ذلك .

اما القضاء المغربي فهناك تارجح بين تصورين :
فتقبل في بعض الحالات لان المشرع لم يمنع بنص صريح إيقاعه بين يدي المحامي ومن تم تبقى المسالة جائزة ولو تم التسليم بان لها علاقة بالسر المهني فالابناك أولى والباب سيفتح أمام العديد من المدينين لتهريب أموالهم تم ان المحامي مستقل تجاه موكله ولا تربطه به علاقة تبعية .

وترفض لان من شروط إيقاع الحجز ان يكون المحجوز لديه مدينا للمحجوز عليه بالمبلغ المالي المطالب بحجزه بين يديه

لقد حدد المشرع المغربي على سبيل الحصر في الفصل 488 من ق . م . م . المبالغ التي لا تقبل بصفة عامة الحجز والتحويل وفي حالة تعلق الأمر بمسطرة تنفيذية أي توفر الحاجز على سند تنفيذي انتهائي فلا يمكن إعفاء أي مؤسسة مهما كانت درجة ملاءتها بما فيها الدولة من تنفيذ الأحكام الانتهائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به احتراما لمبدأ الشرعية الذي يجب على الجميع الامتثال له .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *