حكم إستثمار الأموال بطريق غير شرعي

حكم إستثمار الأموال بطريق غير شرعي.

تلقى أموال لاستثمارها بالمخالفة للقانون و اضطراب واقعة تلقي الأموال في ذهن المحكمة واختلاف فكرتها عن عناصر الدعوى وعدم استقرارها في عقيدتها يعيب حكمها بالتناقض.

المحكمة:-

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تلقى أموال من الجمهور لتوظيفها على خلاف أحكام القانون وعدم ردها قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يعن ببيان كيفية توجيه الدعوة للجمهور ووسيلة ذلك وعلاقة من تلقى الأموال بأصحابها، وكيفية الترويج للنشاط – الذي نسب إلى الطاعن – والعلانية – التي وقعت منه لتوجيه الدعوة إلى الاكتتاب، وبيان علاقة أصحاب الأموال – وعما إذا كانت الدعوة بدون تمييز بين الجمهور – مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله “أنه في خلال الفترة من شهر أبريل 2004 حتى يناير 2005 قام المتهم ( .. ) بتكوين شركة من عدة أشخاص وتلقى منهم أموالاً بلغ مقدارها مائة وتسعة وثمانون ألف جنيه وذلك بغرض توظيفها واستثمارها في مجال تجارة المواد الغذائية دون أن يكون المتهم قد قام باستخراج ترخيص بذلك النشاط ثم امتنع المتهم عن تقديم أرباح للمجني عليهم عن هذا النشاط كما امتنع عن رد المبالغ التي استحصل عليها من هؤلاء وهم (..) وذلك على النحو المبين بالتحقيقات

ووفقاً لما ورد بتقرير فحص هيئة سوق المال “وعول في الإدانة على أقوال المجني عليهم، و (..) والمقدم (..)، وتقرير الهيئة العامة لسوق المال. لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من القانون 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقى الأموال لإستثمارها قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من الجمهور بأية عملة أو أية وسيلة وتحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً،

كما حظرت على غير هذه الشركات توجيه دعوة للجمهور بأية وسيلة مباشرة أو غير مباشرة للاكتتاب العام أو لجميع هذه الأموال لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها، ونصت المادة 21 من هذا القانون على أنه “كل من تلقى أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن مثلي ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها ويحكم على الجاني برد الأموال المستحقة لأصحابها وتنقضى الدعوى الجنائية إذ بادر المتهم برد المبالغ المستحقة لأصحابها أثناء التحقيق وللمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذ حصل الرد قبل صدور حكم نهائي في الدعوى “

ونصت المادة سالفة الذكر في فقرتها الأخيرة على معاقبة توجيه الدعوى للاكتتاب العام أو لجمع هذه الأموال بالمخالفة لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون ذاته بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد عن مائة ألف جنيه، وكان قضاء محكمة النقض مستقراً على أن الحكم بالإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم،

وكان من المقرر أنه ينبغي ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إيهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو كانت متصلة بعناصر الأدلة على وجه العموم، أو كانت أسبابها يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما يتعلق بموضوع الدعوى أو بالتطبيق القانوني، ويعجز بالتالي محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح،

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة تلقى أموال لإستثمارها بالمخالفة للأوضاع المقررة قانوناً وامتنع عن ردها لأصحابها لم يستظهر كيفية توجيه الدعوة للجمهور ووسيلة ذلك وكيف أن هذه الوسيلة كانت سبباً في جميع تلك الأموال، وكيفية الترويج للنشاط الذي وقع من الطاعن وما العلانية التي وقعت من الأخير لتوجيه الدعوة إلى الاكتتاب وعلاقة أصحاب الأموال به توصلاً لبيان ما إذا كانت تلك الدعوة وتلقى الأموال بدون تمييز بين الجمهور أم كان ذلك على وجه آخر،

فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في البيان، هذا فضلاً عن أن الحكم أورد لدى تحصيله لواقعة الدعوة أو جملة المبالغ التي تلقاها الطاعن من المجني عليهم بلغت مبلغ مائة وتسعة وثمانون ألف جنيه، ثم حصل أقوال المجني عليهم في مدوناته بما مؤداه أن جملة المبالغ التي تلقاها الطاعن منهم بلغت مبلغ ثمانية وتسعون ألف جنيه فقط، ثم عاود وأورد لدى تحصيله لأقوال شاهد الإثبات الرابع أن جملة المبالغ التي تلقاها الطاعن من المجني عليهم بلغت مبلغ مائة وتسعة وثمانون ألف جنيه،

ثم قضى الحكم في منطوقه بإلزام الطاعن برد مبلغ مائة وتسعة وثمانون ألف جنيه على أصحابها دون أن يورد أسباباً لذلك الاختلاف في بيان قيمة المبالغ محل الجريمة أو برفع ذلك التناقض مما ينبئ عن اضطراب الواقعة في ذهن المحكمة واختلال فكرتها عن عناصر الدعوى وعدم استقرارها في عقيدتها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة مما يعيب حكمها بالتناقض في التسبيب ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

(الدائرة الجنائية – الطعن رقم 50683 لسنة 76ق – جلسة 23/3/2008)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *