دراسة حول التعاقد بالعربون في ضوء القانون المصري

دراسة حول التعاقد بالعربون في ضوء القانون المصري

الصورة العملية للبيع بالعربون : 

أكثر ما يقع الاتفاق على العربون (arrhes) في البيع الابتدائي في الصورة  التي بسطنا أحكامها فيما تقدم . فيبرم المتعاقدان بيعاً ابتدائياً ، ويحددان ميعاداً لإبرام البيع النهائي ، ويتفقان في البيع الابتدائي على عربون يدفعه المشتري للبائع .

فإذا امتنع المشتري عن إبرام البيع النهائي في الميعاد المحدد ، خسر العربون الذي دفعه للبائع ، وسقط البيع الابتدائي . وإذا كان الذي امتنع عن إبرام البيع النهائي هو البائع ، ترتب على امتناعه نفس الجزاء المتقدم ، فيسقط البيع الابتدائي ، ويخسر البائع قيمة العربون بأن يرد للمشتري العربون الذي أخذه منه ومعه مثله .

أحكام البيع بالعربون :

 وقد ورد نص في التعاقد بالعربون بوجه عام ، فقد نصت المادة 103 من التقنين المدني على أن (( 1 – دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه ، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك .

– فإذا عدل من دفع العربون فقده ، وإذا عدل من قبضه رد ضعفه ، هذا ولو لم يترتب على العدول أي ضرر )) . ونتولى $87 الآن تطبيق هذا النص على عقد البيع بالذات ، بعد أن شرحناه فيما يتعلق بالتعاقد بوجه عام .

والذي يقع عادة هو أن يعطي المشتري للبائع مبلغاً من النقود يسميه عربوناً ، ويعتبره مبدئياً جزءاً من الثمن . ويكون غرض المتبايعين حفظ الحق لكل منهما في العدول عن البيع في نظير أن يدفع قيمة العربون للطرف الآخر ، وإما أن يكون الغرض هو تأكيد العقد والبت فيه عن طريق البدء في تنفيذه بدفع العربون فلا يكون لأحد من المتباعين حق العدول عن البيع .

ولم يكن التقنين المدني السابق يشتمل على نص يغلب إحدى هاتين الدلالتين على الأخرى عند الشك ، فكان القضاء المصري يتردد بينهما ويفسر نية المتبايعين بحسب العرف الجاري . والعرف في مصر يجعل دلالة العربون في البيع الابتدائي جواز العدول ، وفي البيع النهائي التأكيد والبت () .

 ثم جاء التقنين المدني الجديد بالنص الذي قدمناه – م 103 مدني – يقيم قرينة قانونية تقبل إثبات العكس . وتقضي هذه القرينة بأن الأصل في دفع العربون أن تكون له دلالة جواز العدول عن البيع ، إلا إذا اتفق الطرفان صراحة أو ضمناً أن دفع العربون معناه البت والتأكيد والبدء في تنفيذ العقد .

وقد قدمنا أن العربون لا يدفعه المشتري عادة للبائع إلا عند توقيع البيع الابتدائي ، أما عند توقيع البيع النهائي فالذي يدفع هو الثمن إذا كان معجلاً أو قسط منه إذا كان مقسطاً أو لا يدفع منه شيء أصلاً إذا كان مؤجلا . فنقتصر على الصورة العملية التي يدفع فيها المشتري العربون للبائع عند توقيع العقد الابتدائي .

فإذا لم يتبين من العقد الابتدائي ماذا قصد المتبايعان من حيث دلالة العربون ، فهناك قرينة قانونية كما قدمنا على أن العربون يراد به أن يكون لكل من المتبايعين $89 حق الرجوع في البيع وعدم إبرام البيع النهائي . وفي هذه الحالة يستطيع المشتري أن يرجع في البيع . فيخسر العربون الذي دفعه إلى البائع ولا يسترده منه في نظير هذا الرجوع 

. ولا يعتبر العربون تعويضاً عن ضرر أصاب البائع ، بل هو جزاء حتمي يدفعه من عدل عن البيع للطرف الآخر ، حتى لو لم يترتب على العدول أي ضرر كما هو صرح النص .

كذلك يستطيع البائع أن يرجع في البيع ، ويكون الجزاء على هذا العدول هو كما قدمنا أن يدفع للمشتري قيمة العربون ، فيرد له أولا العربون الذي أخذه منه ثم مقداراً معادلا له هو الذي يستحقه المشتري فوق استرداده لما دفعه . وهذه القرينة القانونية التي استحدثها التقنين الجديد تسري من وقت العمل بهذا التقنين ، فلا يعمل بها إلا في قيود البيع التي تمت منذ 15 أكتوبر سنة 1949 .

وقد يبين البيع الابتدائي دلالة العربون . فإذا بينها على أنها لجواز العدول عن البيع ، كان الحكم الذي قدمناه . وإذا بينها على أنها للبت والتأكيد ، لم يجز لأي من المتبايعين الرجوع في البيع ، واعتبر العربون المدفوع جزءاً من الثمن ، وجاز لأي من الطرفين إلزام الطرف الآخر بإبرام البيع النهائي .

 وقد يبين البيع الابتدائي أن للعربون دلالة العدول بالنسبة إلى أحد المتعاقدين دون الآخر . فيجعل للبائع وحده الحق إما في إلزام المشتري بإبرام البيع النهائي ، وإما في الاقتصار على أخذ العربون مع إسقاط البيع . وكذلك قد يجعل البيع الابتدائي هذا الحق للمشتري وحده ، فيجوز له إما إلزام البائع بإبرام البيع النهائي وإما الاقتصار على استرداد العربون ومقدار مثله .

 التكييف القانوني للعربون

 قدمنا أنه إذا كانت دلالة العربون جواز الرجوع في البيع ، فإن العاقد الذي يرجع يلتزم بدفع قيمة العربون للعاقد الآخر . ولكن هذا الالتزام ليس تعويضاً عن الضرر الذي أصاب الطرف الآخر من جراء العدول ، فإن النص صريح في أن هذا الالتزام موجود حتى لو لم يترتب على العدول أي ضرر .

فالعربون إذن معناه في نظر المشرع أن المتبايعين قد أرادا إثبات حق الرجوع لكل منهما في نظير الالتزام بدفع قيمة العربون ، فجعلا العربون مقابلا لحق الرجوع . ومن ثم لا يجوز تخفيض العربون إذا تبين أن الضرر الذي أصاب الطرف الآخر أقل من قيمته ،

كما لا تجوز زيادته إذا تبين أن الضرر أكبر ، ما لم يكن هناك تعسف في استعمال حق الرجوع فتكون الزيادة تعويضاً عن التعسف لا تعويضاً عن الرجوع في ذاته . ولا يجوز عدم الحكم بالعربون حتى إذا تبين أنه ليس هناك أي ضرر ، كما سبق القول .

فالعربون إذن هو مقابل للرجوع في البيع ، أي بدل عن هذا الرجوع .

 فيمكن تكييفه بأنه البدل فى التزام بدلى . ويكون المدين ـ بائعاً كان أو مشترياً ـ ملتزماً أصلا بالالتزام الوراد فى البيع ودائناً فى الوقت ذاته باحلق الذى يقابل هذا الالتزام الوارد فى البيع ودائناً فى الوقت ذاته بالحق الذى يقابل هذا الالتزام .

وكلن تبرأ ذمته من الالتزام ـ ويسقط بداهة الحق المقابل تبعاً لذلك ـ إذا هو أدى العربون . ويترتب على ذلك أن العربون بدل مستحق بالعقد ـ فدفعه إنما هو تنفيذ للعقد وليس فسخاً له.

 ويختلف العربون فى كل ذلك عن الشرط الجزائى . فان الشرط الجزائى تعويض ، اتفق على تقديره المتعاقدان ، عن الضرر الذى ينشأ عن الإخلال بالعقد . ومن ثم جاز للقاضى تخفيض هذا التقدير إذا كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة ،

بل جاز له ألا يحكم به أصلا إذا لم يلحق الدائن أى ضرر ، وهذا كله بخلاف العربون كما سبق القول . فالتكييف القانونى للشرط الجزائى هو $93 نفس التكييف

القانونى للتعويض ، ولا يجوز القول بأن التعويض بدل فى التزام بدلى ، لأن المجين لا يملك أن يؤديه بدلال من تنفيذ الالتزام الأصلى تنفيذا ً عينياً إذا كان هذا التنفيذ ممكناً وطالب به الدائن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) أنظر في تاريخ هذا النص الوسيط جزء أول فقرة 140 في الهامش .

([2]) الوسيط جزء أول فقرة 140 – فقرة 142 .

([3]) الوسيط جزء أول فقرة 141 – وقد قضت محكمة النقض بأن العربون ما يقدمه أحد العاقدين إلى الآخر عند إنشاء العقد . وقد يريد المتعاقدان بالاتفاق عليه أن يجعلا عقدهما مبرماً بينهما على وجه نهائي ، وقد يريدان أن يجعلا لكل منهما الحق في إمضاء العقد أو نقضه . ونية العاقدين هي وحدها التي يجب التعويل عليها في إعطاء العربون حكمه القانوني . وعلى ذلك إذا استخلص الحكم من نصوص العقد أن نية عاقدية انعقدت على تمامه ، وأن المبلغ الذي وصف فيه بأنه عربون ما هو في الواقع إلا قيمة التعويض الذي اتفقا على استحقاقه عند الفسخ المسبب عن تقصير أحد المتعاقدين في الوفاء بما التزم به ، وكان ما استظهرته محكمة الموضوع من نية المتعاقدين على هذا النحو تفسيراً للعقد تحتمله عباراته ، فذلك يدخل في سلطتها التقديرية التي لا تخضع فيها رقابة محكمة النقض ( نقض مدني 21 مارس سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 52 ص 132 ) .

   وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن العربون في العقد الابتدائي دليل على جواز العدول ، وفي العقد النهائي دليل على البتات ( 30 أكتوبر سنة 1916 م 29 ص 22 – 7 فبراير سنة 1917 م 29 ص 204 – 11 أبريل سنة 1917م 29 ص 352 – 17 ديسمبر سنة 1919م 32 ص 74 – 4 نوفمبر سنة 1925م 38 ص 11 – 5 أبريل سنة 1938 م 50 ص 215 – وأنظر أيضاً في هذا المعنى : استئناف مصر 21 فبراير سنة 1924 المجموعة الرسمية 26 رقم 39 ص 65 – 21 نوفمبر سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 90 ص 136 ) . وهناك أحكام تقضي بأن العربون في حالة الشك يدل على جواز العدول ( استئناف مصر 31 أكتوبر سنة 1939 المحاماة 21 رقم 26 ص 35 – القضاء المستعجل 28 مارس سنة 1940 المحاماة 21 رقم 26 ص 111 – استئناف مختلط 15 أبريل سنة 1944 م 56 ص 103 – 31 مارس 1948م 60 ص64 ) ، وأحكام تقضي على العكس من ذلك بأن العربون في حالة الشك يكون دليلا على البتات ويكون بمثابة شرط جزائي ( استئناف مصر 28 فبراير سنة 1922 المحاماة ، رقم 122 / 3 ص 486 – 25 أبريل سنة 1932 المحاماة 13 رقم 132/7 ص 292 ) .

     وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن دلالة العربون ، وقد تكون لتأكيد العقد لا لجواز العدول عنه ، تترك لتفسير نية المتعاقدين ( 3 ديسمبر سنة 1935 م 48 ص 45 – 25 مايو سنة 1947م 59 ص 157 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا كان العربون دليل العدول لوقت معين ، لم يجز العدول بعد انقضاء هذا الوقت . أما إذا لم يعين وقت لجواز العدول ، جاز العدول إلى وقت التنفيذ . ولا تجوز إساءة استعمال الحق في العدول ، فالبائع الذي أظهر نيته في أن يمضي في العقد دون استعمال حقه في العدول ، وأخذ يقوم بالإجراءات اللازمة لإتمام العقد حتى أوشك على إتمامها ، ثم عدل بعد ذلك فجأة ، لا يقتصر على خسارة العربون ، بل يجب أيضاً أن يدفع تعويضاً لإساءة استعمال حقه في العدول ( 5 أبريل سنة 1938م 50 ص 215 وقد سبقت الإشارة إليه ) . وقضت محكمة استئناف مصر الوطنية بأنه وإن كان لكل من الطرفين حق الخيار في الرجوع مع خسارة قيمة العربون ، إلا أنه لا يجوز التمادي في ذلك الحق إلى أجل غير محدود ، فإن كان المتعاقدان قد حددا ميعاداً لنقض البيع مقابل ترك العربون فلا دوام لهذا الحق إلا لغاية الأجل المضروب بحيث إذا انقضى الميعاد سقط حقهما في النقض . فإن لم يكن ثمة ميعاد فيدوم خيار النقض ، إما إلى حين تنفيذ العقد كما لو سلم البائع للمشتري أو دفع المشتري للبائع أقساطاً من الثمن ، وإما إلى أن يكلف أحد المتعاقدين الآخر تكليفاً رسمياً بتنفيذ الاتفاق أو إبداء رغبته في نقضه مقابل خسارة العربون ، حتى لا يبقى التعاقد معلقاً إلى أجل غير مسمى ( 8 فبراير سنة 1948 المجموعة الرسمية 50 رقم 114 ) .

([4]) وهذا على أن يكون رجوعه في المدة المتفق عليها إذا حددت مدة للرجوع ، فإذا انقضت هذه المدة سقط حق الرجوع وتأكد العقد ، وأصبح العربون جزءاً من الثمن . أما إذا لم تحدد مدة للرجوع ، فللمشتري الرجوع في أي وقت إلى يوم التنفيذ ، وجزاء رجوعه هو خسارة العربون كما قدمنا ( استئناف مختلط 5 أبريل سنة 1938 م 50 ص 215 – 8 يونيه سنة 1948 م 60 ص 139 ) . على أن المشتري ، حتى في خلال المدة التي يجوز له الرجوع فيها ، إذا أظهر نيته في إمضاء العقد وتنفيذه ، اعتبر أنه قد أساء استعمال حقه في الرجوع إذا رجع بعد ذلك ، وكان مسئولتا عن تعويض فوق خسارته للعربون ( استئناف مختلط 5 أبريل سنة 1938م 50 ص 215 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) .

([5]) ويعتبر دفع العربون تنفيذاً جزئياً يجب استكماله . ونجري على العقد الذي أبرم القواعد العامة التي تجري على سائر العقود من جواز المطالبة بالتنفيذ العيني أو بالتعويض أو بالفسخ . وإذا فسخ العقد وترتب على الفسخ تعويض فليس من الضروري أن يقدر التعويض بمقدار العربون ، فقد يكون أكثر أو أقل بحسب جسامه الضرر ( الوسيط جزء أول فقرة 142 ص 264 ) .

    هذا وقد كان المشرع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص هو المادة 153 من هذا  المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : (( 1 – إذا نفذ الالتزام الذي من أجله دفع العربون خصم العربون من قيمة هذا الالتزام ، فإذا استحال تنفيذ العقد لظروف لا يكون أحد من المتعاقدين مسئولا عنها ، أو إذا فسخ العقد بخطأ من المتعاقدين أو باتفاق بينهما )) . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة لإمكان الاستغناء عنه اكتفاء بتطبيق القواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 80 – ص 82 في الهامش ) . وبديهي أنه إذا تقرر تنفيذ البيع الذي دفع فيه العربون فأصبح العربون تنفيذاً جزئياً لهذا البيع ، ثم طرأ بعد ذلك ما جعل البيع يستحيل تنفيذه لسبب أجنبي ، فإن العقد ينفسخ ويجب رد العربون . وكذلك يكون الحكم لو فسخ العقد بخطأ من المتبايعين كليهما أو باتفاق بينهما ، فليس أحدهما أولى بالمسئولية من الآخر ، فيرد العربون لمن دفعه ( بودري وسينيا فقرة 83 ) .

([6]) وإذا كان العربون مقترناً بوعد بالبيع أو بالشراء ملزم لجانب ، فهذا هو الالتزام البدلى المحض . إذ الواعد ـ وهو الذى دفع العربون ـ يلتزم بإبرام العقد النهائى إذ ظهرت رغبة الآخر فى إبرامه ، وله بدلا من ذلك أن يترك العربون وهذا هو البدل ( قارن سينيا فقرة 88 ) .

       أنظر أيضاً محاضرات الأستاذ حسن الدنون فى نظرية العقد فى القانون المدنى العراقى فى معهد الدراسات العربية العالية فقرة 26 ص 33 ، وهو يتفق معنا فى هذا الرأى . ويعترض الأستاذ سليمان مرقس على تكييف العربون بأنه التزام بدلى بأن (( الالتزامات التى ينشئها البيع البات فى ذمة البائع متعددة ولكل منها محله الخاص ، ويجوز للبائع فى البيع بالعربون أن يبرأ منها جميعاً بمجرد عدوله عن البيع على على أن يحل محلها التزام آخر مغاير لها هو البيع بقيمة العربون ، فلا يستقيم إعتبار ذلك التزاماً بدلياً )) ( البيع فقرة 42 ص 62 ) . ولا نرى ما يمنع من أن يكون الحل الأصيل فى الالتزام البدلى محالا متعددة ، بينما يكون البديل محلا واحداً .

([7]) وفى الفقه الفرنسى يذهب بعض الفقهاء إلى أن البيع بالعربون بيع معلق على شرط فاسخ ، فينفذ البيع فى الحال ولكن يجوز لكل من المتباعين فسخ البيع فيخسر العربون ( كولميه دى سانتير 7 فقرة 11 كررة تاسعاً وعاشراً ـ جيوار 1 فقرة 23 ) . ويذهب بعض آخر إلى أنه بيع معلق على شرط واقف ، فلا ينفذ إلا إذا انقضت المدة المحددة ولم يرجع أحد المتبايعين فى البيع ، ومن ثم يقف انتقال الملكية إلى أن يتحقق الشرط الواقف ولكن إذا تحقق انتقلت بأثر رجعى ، وتكون تبعة هلاك المبيع قبل تحقق الشرط الواقف على البائع لا على المشتري ( بودرى وسينينا فقرة 80 ـ كولان وكابيتان 2 فقرة 828 ـ جوسران 2 فقرة 1068 ـ وقارن بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 209 ص 246 ) . وسواء اعتبر البيع معلقاً على شرط واقف أو على شرط فاسخ ، فأنه يصعب تعيين مصدر الالتزام بدفع العربون ما دام البيع يزول بأثر رجعى بتحقق الشرط الفاسخ أو بعدم تحقق الشرط الواقف .

       أنظر فى معنى الشرط الواقف فى الفقه المصرى الأستاذ أنور سلطان فقرة 90 الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 106 ص 160 .

       وانظر فى أن البيع بالعربون يتضمن اتفاقين متميزين ، أولهما الاتفاق على البيع مقترناً بشرط واقف أو فاسخ بحسب قصد المتعاقدين ، والثانى اتفاق على تعيين ثمن لاستعمال احلق فى العدول يلتزم بمقتضاه من يستعمل هذا الحق أن يدفع مبلغاً يوازى قيمة العربون ويعتبر هذا الاتفاق الأخير باتا الأستاذ سليمان مرقس فقرة 42 ص 63.

([8]) ويرجع فيما إذا كان ما اتفق عليه المتعاقدان هو شرط جزائى أو عربون إلى نيتهما مستظهرة من ظروف الدعوى ووقائعها ، مما يجخل فى سلطة قاضى الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض . وقد قضت محكمة النقض بأن لقاضى الموضوع أن يستخلص من نص عقد البيع ومن ظروف الدعوى وأحوالها أن العاقدين قصدا به أن يكون البيع بيعاً باتاً منجزاً بشرط جزائى ولم يقصدا أن يكون بيعاً بعربون أو بيعاً معلقاً على شرط فاسخ ( نقض مدنى 5 يناير سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 91 ص 163 ـ وانظر أيضاً نقض مدنى 21 مارس سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 52 ص 132 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) .

       وإذا كان ثابتاً أن كل ما دفعه المشترى ، سواء أكان للبائع أم لدائنيه المسجلين على العقار المبيع ، إنما هو من الثمن المتفق عليه لا مجرد عربون يضيع عند اختيار الفسخ ، وأن المتعاقدين أكدا نيتهما هذه بتصرفاتهما التالية للعقد ، كان البيع باتا خالياً من خيار الفسخ ، وأن المتعاقدين أكدا نيتهما هذه بتصرفاتهما التالية للعقد ، كان البيع باتا خالياً من خيار الفسخ ( نقض مدنى 20 أبريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 122 ص 230 ) .

       وإذا كانت المحكمة لم تبين فى أسباب حكمها فى خصوص المبلغ المدفوع للبائع بموجب عقد البيع إن كان عربوناً فيفقده المشترى كفدية يتحلل بها عند نكوله عن إتمام العقد سواء اعتبر المبلغ المدفوع عربوناً أو جزءاً من الثمن ، دون أن تمحص دفاع المشترى ومؤداه أن عدوله عن إتمام الصفقة كان بسبب عيب خفى فى المنزل المبيع سلم له به البائع ، وبسببه اتفق وإياه على التفاسخ وعرض المنزل على مشتر آخر ، وكان هذا الدفاع جوهرياً يتغير به وجه الرأى فى الدعوى ، فإنه كان لزاماً على المحكمة أن تتعرض له وتفصل فيه ، وتبين ما إذا كان المبلغ المدفوع من المشترى هو فى حقيقته عربون أو جزء من الثمن لاختلاف الحكم فى الحالتين ، وإذ هى لم تفعل يكون حمها قد شابه فصور يبطله ويستوجب نقضه ( نقض مدنى 12 فبراير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 72 ص 495 ) .

       ولمحكمة الموضوع أن تستظهر نية المتعاقدين من ظروف الدعوى ووقائعها ومن نصوص العقد لتتبين ما إذا كان المبلغ المدفوع هو بعض الثمن الذى انعقد به البيع باتا ، أو أنه عربون فى بيع مصحوب بخيار العدول ، إذ أن ذلك مما فى سلطتها لاموضوعية متى كان مقاماً على أسباب سائغة ( نقض مدنى 22 مارس 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 55 ص 359 ) . سائغة (نقض مدنى 22 مارس 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 55 ص 369 ) .

       ومتى كان قد نص فى عقد البيع صراحة على أن المشترى دفع عربوناً وحدد مقداره والحالة التى تبيح للمشرى

([9]) الوسيط جزء أول فقرة 142 ص 263 و ص 264 هامش رقم 1 . 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *