دراسة حول العنف ضد المرأة والتصدي لهذه الظاهرة بالقانون

دراسة حول العنف ضد المرأة والتصدي لهذه الظاهرة بالقانون

 

مقدمـة

يأتي اهتمامنا بالبحث في الحماية القانونية للمرأة من العنف، بالنظر لاتساع ظاهرة العنف ضد المرأة في بلادنا، والتي باتت تشكل تهديداً خطيراً في مجتمعنا الفلسطيني في إطار تكرار حوادث القتل ضد النساء على خلفيات مختلفة، وكذلك حوادث الاعتداء على المرأة مما يسبب الأذى الجسدي والمادي والمعنوي على مجموع النساء، وهو الأمر الذي يهدد المجتمع بأسره ويقوده إلى استنزاف قدراته وطاقاته، وأصبح من الضرورة بمكان الوقوف بحزم أمام هذه الظاهرة والتصدي لها بكل الوسائل المشروعة، وعلى رأسها تفعيل الحماية القانونية للمرأة من كل أشكال العنف الواقع عليها.

إن ظاهرة العنف ضد المرأة بكافة أشكاله وصوره ظاهرة عالمية تعود إلى أزمان تاريخية سحيقة، ومع تقدم الوعي والإدراك على المستوى العالمي بأهمية دور المرأة في بناء المجتمعات وتقدمها والإقرار بكونها شريك أساسي للرجل في عملية التنمية الشاملة في أي مجتمع، استقطبت ظاهرة العنف ضد المرأة اهتماماً عالمياً انشغل به الباحثون والدارسون، باعتبار أن العنف بأشكاله المختلفة يشكل إهدارا لحقوق المرأة بصفتها إنسان، وبالتالي تجريم كل مظاهرة تحت طائلة القانون.

لقد تنبهت الأمم المتحدة من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى أهمية حماية حقوق المرأة، وانطلاقاً من أهمية دورها تم تخصيص عام دولي لها في سنة 1975م ومن ثم توالى عقد المؤتمرات الدولية التي أكدت على ضرورة القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة والتي تمثلت في الاتفاقية الدولية الصادرة عام 1979م، ودراسة أسباب ونتائج العنف واتخاذ التدابير الوقائية في هذا الصدد وأهمها إعلان بكين الذي نصت الفقرة ” 26 ” منه على ضرورة منع جميع أشكال العنف الموجه ضد المرأة في إطار تقدم نضال الحركات النسائية في العالم والدعوة إلى تجسيد الاعتراف بأن حقوق المرأة هي حقوق إنسان.

وقد صدر عام 1990م قرار الأمم المتحدة رقم ” 150 ” الذي ينص على أن العنف الموجه ضد المرأة سواء في الأسرة أو في المجتمع ظاهرة منتشرة تعدى حدود الدخل والطبقة والثقافة، كما أشار القرار ” 18 ” لعام 1991م إلى ضرورة وضع حد للعنف ضدها وصولاً إلى تخصيص الأمم المتحدة إلى اعتبار الخامس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر من كل عام يوماً عالمياً لمناهضة العنف ضد المرأة، وأصدرت القرار رقم 48/104 لعام 1993م الداعي على التصدي لظاهرة العنف، وتوج إعلان فينا عام 1993م الصادر عن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان التشديد على ضرورة القضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة في الحياة الخاصة والعامة.

ماذا يعنى العنف ضد المرأة

عرف الإعلان العالمي للأمم المتحدة عام 1990م في المادة الأولى العنف ضد المرأة بأنه: ( أي فعل عنيف تدفع إليه “العصبية” عصبية الجنس أو يترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة المرأة سواء من الناحية الجسمية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة).

ولا نود الغوص في التعريفات المختلفة للعنف نظراً لاختلاف تخصصات الباحثين واهتمامهم، حيث نجد أن تعريف العنف في علم النفس أو علم الاجتماع يختلف عن تعريفه في علم السياسة أو القانون.

خلاصة القول فإن العنف ضد المرأة هو سلوك أو فعل يتم بالعدوانية يصدر عن طرف قد يكون فرداً أو جماعة على أساس جنسها، أي أنه تصرف مؤذ أو مهين يرتكب بأي وسيلة وبحق أي امرأة لكونها امرأة يخلق معاناة جسدية وجنسية ونفسية وبطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من خلال العقاب أو الاستغلال أو التهديد أو التحرش أو الخداع أو الإكراه أو الإجبار أو أي وسيلة أخرى، وإنكار كرامتها الإنسانية أو التقليل من أمن شخصها ومن ثم احترامها لذاتها أو شخصيتها أو الانتقاص من إمكانياتها الذهنية والجسدية باعتباره هو عنف يدخل ضمن تهديد حرية الإنسان وكرامته وبالتالي حقوقه كإنسان.

إن الأشكال المختلفة للعنف التي أشرنا إليها والتي تقع على المرأة على أساس الجنس سواء في الحياة العامة أو الخاصة تنقسم إلى نوعين

الأول هو العنف الأسري: والذي يتلخص في الأفعال التي تسبب أذي، والمعاملة السيئة التي تقع ضد المرأة سواء من أبيها أو إخوتها أو من زوجها.

والثاني هو العنف الاجتماعي: وهو أساليب العنف الواقعة ضد المرأة خارج نطاق الأسرة سواء كان في أماكن العمل من قبل الزملاء والرؤساء أو أشخاص غرباء لا يمتون بصلة قرابة للمرأة ويشمل كافة أنواع العنف بدءاً من المضايقات اللفظية وانتهاء بالاغتصاب.

وإزاء ما تتعرض له المرأة الفلسطينية من عنف أسري واجتماعي أخذ أبعاداً خطيرة في مجتمعنا، يثور التساؤل الأهم كيف يمكن أن نحمي المرأة وما هو موقف القانون من أشكال العنف المختلفة ضدها، وهل استطاعت التشريعات الوطنية القائمة أن تقدم الحماية الكافية لها.

والسؤال الآخر هل تقوم السلطة التنفيذية المكلفة بتنفيذ القانون بدورها في تطبيق القانون وحماية المرأة.

وللإجابة على كل هذه التساؤلات ربما يستغرقنا البحث طويلاً ولكن من المهم الإشارة إلى ما ورد في قانون العقوبات الفلسطيني الساري المفعول رقم (74) لسنة 1936م، حيث نص القانون في عدد من مواده على توفير الحماية القانونية للمرأة على التصرفات الغير شرعية والاعتداءات التي يمكن أن تعرض لها بتقرير العقوبة لمرتكبي هذه التصرفات.

أولاً: الاعتداءات الجسدية

وتشكل ضحايا هذه الاعتداءات الجسدية النساء التي خضعت لضربات الأقارب، وكذلك النساء المعتدى عليهن من أشخاص آخرين على النحو الآتي :

1. إذا كان إيذاء المرأة بالضرب أو اللطم أو رميها على الأرض يعاقب مرتكب هذا الفعل بالحبس مدة سنة أو بغرامة قدرها خمسون جنيهاً أو بكلتا هاتين العقوبتين مادة “249”.

2. إذا تعرضت المرأة للاعتداء من قبل شخص آخر وسبب لها أذى جسماني فعلى فيعاقب مرتكب هذه الجريمة بالحبس مدة ثلاث سنوات أو بغرامة مائة جنيه أو بكلتا العقوبتين معاً مادة “47”.

نلاحظ هنا أن العقوبة غير كافية ولا تشكل رادعاً لمرتكب الإيذاء حيث قيمة الغرامة المتدنية أو عقوبة الحبس.

3. إذا جرح شخص امرأة يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة ثلاث سنوات أو بغرامة أو بكلتا العقوبتين معاً مادة “241” ، ويعاقب بنفس العقوبة الذي يتسبب في إعطاء أية امرأة أو يناولها سماً أو شيئاً مؤذياً بوجه غير مشروع قاصداً بذلك إلحاق الضرر أو إزعاجها.

والغريب في هذا القانون أنه اعتبر جرح الحيوان جناية يعاقب عليه بعقوبة الجناية وهى الحد الأدنى للعقوبة بالحبس 3 سنوات، وجرح الإنسان جنحة ويعاقب عليه بعقوبة الجنحة.

4. إذا أوقع أي شخص أذى بليغاً بالمرأة أي أذى يعرض حياتها للخطر أو يلحق بالصحة أو الراحة البدنية ضرراً شديداً أو مستديماً أو يؤدى إلى تشويه أي عضو من أعضاء الجسم الداخلية أو الخارجية أو تشويه أحد أغشية الجسم أو الحواس بصورة دائمة أو إلحاق أذى دائم بها، يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة سبع سنوات مادة “238”.

5. إذا حاول شخص قتل امرأة يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس المؤبد مادة “222”.

6. إذا كانت المرأة ضحية جريمة القتل قصداً فيعاقب مرتكبها بالإعدام مواد “216،215،214”.

ثانياً: الاغتصاب والعنف الجسدي

يعرف الاغتصاب بأنه علاقة جنسية مفروضة وغير مرغوبة فيها، فرضها رجل على امرأة ضد إرادتها وباستعمال العنف.

والاغتصاب يشكل عنفاً فظيعاً وبغيضاً وهو كالتعذيب كما تعرفه معاهدة الأمم المتحدة ضد التعذيب وعملاً وحشياً يسبب آلام نفسية عميقة لا يمحيها الزمن وترافق المرأة طوال حياتها ويولد لديها شعوراً بالذل وإهانة الكرامة الإنسانية.

وقد جرم قانون العقوبات الاغتصاب ومحاولته حماية المرأة في المواد “152-156” وما على المرأة إلا أن يكون لديها الشجاعة لإصدار الشكوى.

فقد نصت المادة “152” على أن : ( من واقع أنثى مواقعة غير مشروعة بدون رضاها وباستعمال القوة أو تهديدها بالقتل أو بإيقاع أذى جسماني بليغ أو واقعها وهى فاقدة الشعور أو في حالة أخرى تجعلها عاجزة عن المقاومة يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة أرب عشرة سنة، ويعاقب بنفس العقوبة كل من واقع أنثى دون ستة عشرة سنة مواقعة غير مشروعة.

وقد نصت المادة “153” على الاغتصاب بالخداع لكل من واقع أنثى مواقعة غير مشروعة وهو عالم بجنونها أو بعتهها أو واقعها برضا منها حصل عليه بتهديدها أو بخداعها يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة عشر سنوات.

أما محاولة الاغتصاب فقد جرمها القانون بالمادة “154” ويعاقب مرتكبها بالحبس مدة سبع سنوات.

ثالثاً: العلاقة غير المشروعة مع البنت غير المتزوجة من الفروع

وهذه تشكل إحدى المحرمات دينياً وأخلاقياً واجتماعياً والتي تمنع منعاً باتاً في جل المجتمعات الإنسانية ويعاقب عليها القانون، وقد تناولتها المادة “155” والتي تنص على ( كل من واقع بنتاً غير متزوجة السنة السادسة عشرة من عمرها ولم تتم الحادية والعشرين غير مشروعة أو ساعد أو عاون غيره على مواقعتها مواقعة غير مشروعة وكانت البنت من فروعه أو فروع زوجته أو كان وليها أو موكلاً يتربيتها أو ملاحظتها يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة خمس سنوات.

رابعاً: الحجز والاختطاف

الحجز: هو عملية حبس أو سجن إنسان ما ضد رغبته في مكان ما والأشخاص المحبوسين في معظم الأحيان فتيات أو نساء من أجل زواجهن بدون رغبتهن وكذلك الزوجات اللاتي يتعرضن للمعاملة السيئة ويمنعن من الخروج من المنزل، ويعاقب مرتكبها بالحبس مدة سنة أو بغرامة قدرها خمسون جنيهاً المادة “262”.

الاختطاف: هو إرغام شخص بالقوة أو تحريضه بأي وسيلة من وسائل الخداع على مغادرة أي مكان والتي قد تقع ضحيتها النساء ويعاقب مرتكبها بالحبس مدة سبع سنوات المواد “252،251”.

خامساً: قيادة النساء بالتهديد أو الغش لإفسادهن

قد تقع المرأة ضحية غش أو تهديد لارتكاب أعمال فاسدة وقد عاقب القانون كل من تسبب في ذلك حماية للمرأة في المواد “163،162”.

أ‌. كل من قاد أو حاول قيادة أنثى بالتهديد أو التخويف لارتكاب المواقعة غير المشروعة في فلسطين أو الخارج.

ب. عاد أنثى ليس بغياً أو معروفة بفساد الأخلاق بواسطة إدعاء كاذب أو بإحدى وسائل الخداع ليوافقها شخص آخر مواقعة غير مشروعة في فلسطين أو في الخارج.

ج- ناول أنثى أو أعطاها أو تسبب في تناولها عقاراً أو مادة أو شيئاً آخراً

قاصداً بذلك تخديرها أو التغلب عليها كي يمكن بذلك أي شخص من مواقعتها مواقعة غير مشروعة، يعتبر أنه ارتكب جنحة.

 الاعتداءات النفسية

1- الذم والقذف:

قد تكون المرأة الضحية للقذف والذم بأي طريقة من الطرق، وجرم قانون العقوبات القذف والذم في مواده “203،202” منه وعاقب عليه بالحبس مدة سنة واحدة وتعرف هذه الجنحة بالذم وليس من الضروري لإثبات القذف أو الذم أن يكون معنى القذف معبراً عنه مباشرة أو بصراحة تامة بل يكفي أن يكون بالإمكان استنتاج معنى القذف وتطبيقه على الشخص الذي يزعم أنه قذف.

2- الزواج بطريق الخداع:

قد تقع المرأة في وضعية غير شرعية بأنها متزوجة ويحرم قانون العقوبات هذه الواقعة في المادة “180” كل من حمل قصداً وبطريق الخداع امرأة ليست متزوجة فيه بصورة شرعية على الاعتقاد بأنها كذلك وعلى معاشرته ومواصلته مواصلة الزواج بناء على هذا الاعتقاد، يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة عشر سنوات.

3- الزواج لفتاة في سن مبكرة:

لقد جرم قانون العقوبات في المادة “182” إجراء عقد زواج هذه الفتاة على الوجه الآتي:

أ- كل من أجرى مراسيم زواج أو كان طرفاً في إجراء تلك المراسيم بصورة لا تتفق مع القانون الذي ينطبق على الزوج والزوجة مع علمه بذلك.

ب- زوج فتاة أو أجرى مراسيم الزواج لفتاة لم تتم السنة الخامسة عشر من عمرها أو ساعد في إجراء مراسيم زوجها بأية صفة كانت.

ج- زوج فتاة أو أجرى مراسيم الزواج لفتاة لم تتم السنة الثامنة عشرة من العمر أو ساعد في إجراء مراسيم زواجها بأية صفة كانت بدون أن يتحقق مقدماً بأن والدي تلك الفتاة أو أوليائها قد وافقوا على هذا الزواج.

يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس ستة أشهر.

 الاعتداءات المادية

قد تعرض النساء اللواتي يعشن وحدهن أو الأرامل أو المطلقات إلى طمع الآخرين بالمضايقات ومحاولة الاعتداء على مالهن أو الاستيلاء عليه.

– فإذا تعرضت الفتاة للاعتداء على مالها كالمنزل التي تسكن فيه بإتلافه أو محاولة وضع اليد عنوة عليه بأية حجج واهية واستغلال لضعفها، فكل من أتلف أو ضرب مالاً قصداً وبوجه غير مشروع يعتبر أنه ارتكب جنحة المادة “326”.

– إذا كان المال المبحوث عنه بيدراً أو آلة زراعية أو بئراً أو سداً أو حاجزاً أو ضفة أو حائطاً أو منفذ ماء معمل أو منفذ ماء بركة أو حاصلات نباتية مزروعة سواء كانت قائمة أم نامية أم مقطوعة أو أشجار أو شجيرات أو مشاتل قائمة أو جسراً أو قنطرة أو قناة أو حوضاً، يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة سبع سنوات، وإذا كان الإتلاف أو الضرر مما يعرض بالفعل حياة أى شخص للخطر يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس المؤبد.

وفي نطاق الحياة الزوجية فقد جرم قانون العقوبات تعدد الزوجات والأزواج في المادة “181” إذا كانت الشريعة تمنع تعدد الزوجات وعاقب مرتكب هذه الجريمة بالحبس مدة خمس سنوات.

وجرمت المادة “156” كل من كان متزوجاً من بنت لم تتم السنة الخامسة عشر من عمرها.

1. واقعها مواقعة الأزواج.

2. حاول تسهيل هذه المواقعة بأية أداة أو وسيلة مادية أخرى يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة سنتين.

الجرائم المخالفة للآداب العامة

وهى الجرائم التي تتعرض لها المرأة وهى الأفعال المنافية للحياء أو محاولة ارتكابها باستعمال القوة والتهديد أو فعل ذلك المجني عليه فاقداً الشعور أو في حالة أخرى يجعله عاجزاً عن المقاومة.

وكذلك بارتكاب الأفعال بدون استعمال القوة أو بخداع المجني عليها وتراوح العقوبات فيها من الحبس خمس سنوات إلى الحبس سنتين أو غرامة مائة جنيه المادة “157”.

وكل من أتى فعلاً منافياً للحياء أو أبدى إشارة منافية للحياء في مكان عام أو في مجتمع أو بصورة يمكن معها لمن كان في مكان عام أن يراه يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة ستة أشهر أو بغرامة قدرها خمسون جنيهاً أو بكلتا العقوبتين،مادة “160”.

ولما كان قطاعاً كبيراً من النساء الفلسطينيات في قطاع غزة يجهلن أحكام قانون العقوبات المذكور الأمر الذي يتسبب في وقوعهن ضحية هذه الاعتداءات لذلك يجب على أن تقدم المرأة المعتدى عليها بشكوى أمام النيابة العامة أو الشرطة.

ويجب أن تتأكد أن شكواها قد سجلت كتابة ويمكن للمشتكية الادعاء بالحق المدني لتعويضها عن الأضرار التي وقعت بها.

ومن خلال استعراضنا للحماية القانونية للمرأة من خلال مواد ونصوص قانون العقوبات الفلسطيني نلاحظ أن القانون لم يوفر الحماية القانونية الكافية للنساء، سواء لتدنى العقوبة في العديد من الحالات أو الجهة وجود نصوص تحتمل أكثر من تفسير بما يترك السلطة التقديرية للقاضي في تحديد العقوبة وتحديد المسؤولية الجنائية، خصوصاً في إعطاء العذر المخفف لمرتكب الجريمة عند الضرورة لمن يرتكب الأذى دفاعاً عن نفسه أو ماله أو شرفه أو مال غيره أو نفسه أو شرفه، حيث يستفيد مرتكبو الجرائم من مثل هذا النص ويعطى عذراً مخففاً كمن يدعى أنه يدافع عن غيره أو شرف غيره، وهنا تقع المرأة ضحية مثل هذه النصوص إذ نلاحظ تزايد جرائم القتل تحت إدعاء أنها على خلفية الشرف في حين لا توجه اتهامات للرجل المرتكب لجرائم الشرف.

من جهة ثانية فإن الجهاز التنفيذي المسؤول عن تلقى الشكاوى سواء الشرطة أو النيابة العامة يحجم عن التعامل بجدية مع شكاوى النساء اللواتي يتعرضن للاعتداء سواء لجهة تعقيد الإجراءات أو لجهة عدم توفر الوعي الكافي للتعامل مع هذه الشكاوى، أو لجهة سيطرة التدخل العشائري في مثل هذه الجرائم والتي تعيق تنفيذ القانون.

التوصيـــــات

من هنا فإن توفير الحماية القانونية للمرأة من العنف يستوجب:

الإجراءات الوقائية:

1. إنشاء قانون عقوبات جديد يضمن توفير حماية فاعلة للمرأة من جرائم العنف الواقعة عليها.

2. إنشاء قانون جديد للأسرة ليتوافق مع مفهوم تحقيق العدالة الاجتماعية ويكفل حماية المرأة مترافقاً مع إنشاء قانون أصول محكمة الأسرة.

3. وضع استراتيجيات وخطط تشكل في مضامينها تدابير وقائية من العنف، لجهة:

– برامج تدريبية في المناهج التعليمية في كل المراحل تؤكد على احترام المرأة كإنسان، وتعلم كيفية تسوية النزاعات بطريقة سلمية بعيداً من العنف.

– وضع برامج تربوية لتأهيل الفتيات والنساء لتعزيز الثقة بالنفس وتمكينها من تقوية احترام الذات.

– توجيه البرامج الإعلامية لتعزيز ثقافة الحوار واحترام أفراد الأسرة لبعضهم البعض ونبذ ثقافة العنف.

– تخصيص حصة في الموازنة العامة للبرامج والأنشطة الخاصة للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة.

4. تدريب أعضاء الجهاز التنفيذي وتوعيتهم إزاء التعامل مع شكاوى النساء ضحايا العنف، وتخصيص دور ملموس للشرطة النسائية للتعامل مع المرأة الطالبة للحماية.

5. توفير مراكز إيواء للنساء ضحايا العنف تضمن حمايتها وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية لها.

6. دعوة المؤسسات النسائية ومؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والنيابية لتقديم الخدمات الإرشادية والتوعوية والقانونية التي تساعد على الحد من انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة.

 

المحامية / إصلاح حسنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *