دراسة مقارنة عن التشرد والانحراف في قانون الاحداث العراقي والاردني

دراسة مقارنة عن التشرد والانحراف في قانون الاحداث العراقي والاردني

التشرد والانحراف في قانون الأحداث العراقي والأردني: دراسة مقارنة

أكرم زاده الكوردي ماجستير في القوانين المقارنة، محقق قضائي في مجال التحقيق مع الأحداث،

وعضو محكمة أحداث دهوك سابقاً

الملخص:

يتناول هذا البحث التشرد والانحراف في قانون الأحداث العراقي والأردني. والغرض منه هو بيان أوجه التشابه والاختلاف بينهما فيما يتعلق بموضوع الدراسة، بهدف الاستفادة من نقاط القوة في كل قانون. وفي سبيل تحقيق ذلك، استخدم الباحث المنهج الاستقرائي التحليلي، المقارن والنقدي. واختتم البحث بنتائج وهي: التشابه بينهما في بعض المسائل، مثل نوعية التدابير التي تتخذ بحق الأحداث، والاختلاف في مسائل أخرى.وبخصوص مسائل الخلاف، فإن كفة الرجحان كانت لصالح القانون الأردني في بعض المسائل، مثل شمول الأحداث المحتاجين للحماية أو الرعاية بالرعاية اللاحقة. وفي مسائل أخرى، كفة الرجحان كانت لصالح القانون العراقي، مثل اتخاذ التدابير بحق المشردين والمنحرفين من قبل المحكمة بمجرد إحالة الأوراق إليها دون شرط تحريك الأوراق (الشكوى) من قبل أشخاص أو جهات معينة. وعليه، بإمكان المشرع الأردني الاستفادة من المشرع العراقي، والعكس صحيح.

الكلمات الإفتتاحية: التشرد، الانحراف، الحماية، الرعاية، الأحداث، العراق، والأردن.

Abstract:

This research deals with displacement and deviation in the Iraqi and Jordanian juvenile law. Its purpose is to clarify the similarities and differences between the law of juveniles of both countries in relation to the subject matter of the study, in order to take advantage of the strengths of each law. To achieve this, the researcher used the analytical, comparative, and analytical inductive method.The study concluded with results: the similarity between the two laws on certain issues, such as the quality of measures taken against juveniles, and differences in other issues. On the issues of disagreement, the case for argument was in favor of Jordanian law on certain issues, such as the inclusion of juveniles in need of protection or care for subsequent care. On other issues, the balance was the odds in favor of Iraqi law, such as taking measures against displaced and deviation persons by the court once the papers were transferred to it without the requirement to move the papers (complaint) by certain persons or entities. Thus, the Jordanian legislature can benefit from the Iraqi legislator, and vice versa where the Iraqi legislator can benefit from the Jordanian legislator.

key words: displacement, deviation, protection, care, juveniles, Iraq and Jordan.

مقدمة

أصبح التشرد والانحراف في أيامنا هذه ظاهرة عالمية غير مقتصرة على دول وشعوب معينة، ونسبتها تختلف من دولة لأخرى حسب الظروف الاقتصادية ومدى توفر السلم والأمن وقدرة الدولة على توفر المستلزمات الأساسية لمواطنيها. فدولة العراق التي مرّت بحروب طاحنة منذ الثمانينات، ابتداءً بحرب الخليج الأولى مع جارتها إيران، ومن ثم احتلالها لدولة الكويت، ومن ثم اندلاع حرب الخليج الثانية بقيادة التحالف الدولي ضد العراق وإخراجها من الكويت في التسعينات، واحتلالها من قبل أمريكا والحلفاء عام 2003م بحجة امتلاكها السلاح النووي، وإسقاط النظام البعثي الحاكم فيها، والعنف الطائفي بين مكوناته.وأخيراً حربها ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما يسمى بـــــ (داعش)التي ظهرت في العراق والتي تم تأسيسها من قبل أجندات دولية وإقليمية.

يمكن القول بأن العراق منذ أكثر من 30 سنة يمّر بحروب مدمرة أهلكت الحرث والنسل، العباد والبلاد، خلّفت العديد من القتلى وخاصة الرجال، وتركت العديد من النساء أرامل، وأصبح ملايين الأطفال يتامى لا سند لهم ولا مأوى. ولغرض توفير لقمة العيش والمأوى لأنفسهم ولعائلاتهم حسب الحالة، أصبح هؤلاء الأطفال مشردين ومنحرفين، وتم استغلالهم من قبل العصابات بشتى الوسائل، وقسم منهم احترفوا الجريمة وشكّلوا عصابات خاصة بهم. ففي آخر إحصاء لعدد المشردين في العراق، حسب ما نقلته وسائل إعلام عراقية مختلفة أنه يوجد حوالي (5.000.000) خمسة ملايين طفل مشرد في العراق، رغم أن الجهات الحكومية ترفض هذا العدد وتقول أنه مبالغ فيه[1].

المشرع العراقي بدوره أصدر عدداً من القوانين الخاصة بالأحداث لغرض معالجة هذه الظاهرة والحد من انتشارها، وكان آخرها قانون رعاية الأحداث رقم 76 لعام 1983م الذي أجريت عليه تعديلات فيما بعد.

أما دولة الأردن الجارة، فرغم بعدها عن الحروب التي جرت في المنطقة، يلاحظ من خلال الدراسات الميدانية والتصريحات الإعلامية، أن ظاهرة تشرد الأطفال متفشية فيها أيضاً[2]، لكن ليس بالحجم المخيف الموجود في العراق، وأن المشرع الأردني هو الآخر، حاول علاجها من خلال التشريعات الخاصة بالأطفال، وكان آخرها قانون الأحداث رقم 32 لعام 2014م، ويرى المختصون أنه يتضمن نصوصا جيدة بخصوص علاج ظاهرة التشرد والحد منها.

ونظراً لعمل الباحث في مجال الأحداث منذ سنوات سواء في محكمة الأحداث أو في محكمة التحقيق في مجال الأحداث، ولكون الأردن دولة جارة للعراق وصدر قانونها حديثاً عام 2014م مقارنة بالقانون العراقي الذي صدر 1983م، يرى الباحث بأن إجراء مقارنة بين قانون أحداث البلدين في هذا الخصوص، فيها فائدة لايستهان بها.

أهمية البحث:

تكمن أهمية هذا البحث في كونه جديداً من نوعه في هذا المجال، حيث لم يجد الباحث أية بحوث أو دراسات معمّقة في هذا الخصوص بالتحديد، وإن وجدت فإنها ضمن مواضيع أخرى وتم الإشارة إليها بصورة سطحية أو مستعجلة، كما أنه ومن خلال هذا البحث يمكن التعرّف على تشرد وانحراف الأحداث في قانون الأحداث العراقي والأردني، والتطلع على مكامن القوة فيهما بغية الاستفادة منها، وكذلك الكشف عن مكامن الخلل فيهما بغية إصلاحها وتحسينها.

تساؤلات البحث:

يسعى الباحث إلى الإجابة عن الأسئلة الآتية:

ما هي أوجه الاختلاف والاتفاق بين تشرد وانحراف الأحداث في قانون الأحداث العراقي والأردني.
ما هو فيصل التفاضل بين تشرد وانحراف الأحداث في قانون البلدين.

منهجية البحث:

ارتأى الباحث أن يعتمد على المنهج الاستقرائي لتشرد وانحراف الأحداث في قانون البلدين. والمقارنة بينهما وتحليلها تحليلاً قانونياً بطريقة نقدية بغية الوقوف على نقاط القوة والضعف في كل قانون.

أهداف البحث:

يهدف هذا البحث إلى التعرف على أوجه التشابه والاختلاف بين تشرد وانحراف الأحداث في قانون الأحداث العراقي والأردني، وكذلك البحث والتحري عن نقاط القوة والتفاضل بينهما بغية افادة المشرعين من الجانبين.

خطة البحث:

ولغرض الإجابة عن تساؤلات البحث، سيتم عرض ومناقشة موضوع البحث من خلال ثلاثة مباحث. في المبحث التمهيدي، سنعرّف بعض المصطلحات التي لها صلة وثيقة بمفردات البحث. وفي المبحث الأول، سنتناول تشرد وانحراف الأحداث في قانون الأحداث العراقي والأردني. وفي الثاني، سنتطرق إلى التدابير التي تصدرها محاكم الأحداث بحق المشردين والمنحرفين.

المبحث التمهيدي: تعريف المصطلحات.

قبل الدخول في حيثيات البحث من الضروري التعرّف على بعض المفردات التي لها صلة وثيقة بموضوع الدراسة، ومعرفة المقصود منها من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية، وهذه المفردات هي ما يلي:

الصغير لغةً: جاء من المصدر صغر والصغر ضد الكبر وقد صغر بالضم فهو صغير وصغار بالضم وأصغره غيره وصغره تصغيراً واستصغره عده صغيراً وقد جمع الصغير في الشعر على صغراء والصغرى تأنيث الأصغر والجمع الصغر[3].

أما اصطلاحاً: فهو الشخص العاجز عن التصرف بنفسه، والذي لم يبلغ الحلم ذكراً كان أو أنثى، وهو نوعان (مميّز، وغير مميّز)[4]. وبموجب المادة الثالثة من قانون الأحداث العراقي فهومن لم يتم التاسعة من عمره، أما المشرع في إقليم كوردستان، فعرفه بأنه ذلك الشخص الذي لم يتم الحادية عشرة من عمره.أما المشرع الأردني فلم يعرّفه.

الحدث لغةً: هو الشخص الذي جاوز حد الصغر أو هو فتي السن[5] أو هو رجل حدث بفتحتين أي شاب،فإن ذكرت السن قلت حديث السن، وغلمان حدثان أي أحداث[6].أما اصطلاحاً:فهو صغير السن،وتحديد سن الصغير يختلف من دولة لأخرى، وعادة يحدّد هذا السن بين سن التمييز وسن الرشد،ومما لاشكّ فيه أن لتحديد سن الرشد عوامل مرتبطة به كالعوامل الطبيعية والاجتماعية والثقافية[7]. وبموجب القانون العراقي، فإن الحدث هو ذلك الشخص الذي أتم التاسعة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة.أما المشرع الكوردستاني فعرفه بأنه ذلك الشخص الذي أتم الحادية عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة من عمره.أما الحدث في القانوني الأردني: فهو من أتم 12سنة ولم يتم 18 من عمره[8].

ويلاحظ بأن جميع مشرعيّ قوانين الأحداث أو بالأحرى أغلبيتهم، قاموا بتقسيم الأحداث إلى فئات عمرية مختلفة، ومنهم المشرع العراقي حيث قسم فئة الأحداث إلى:

1- الصغير: وهو من لم يتم التاسعة من عمره. وفي إقليم كوردستان من لم يتم الحادية عشرة.

2- الحدث الصبي:وهو الحدث الذي أتم التاسعة من عمره ولم يتم الخامسة عشرة. وفي الإقليم من أتم الحادية عشرة من عمره كما ذكرنا.

3- الحدث الفتى:وهو الحدث الذي أتم الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة.

أما القانون الأردني فقد قسم الأحداث إلى الفئات العمرية الآتية:الحدث المراهق، من أتم 12 سنة ولم يتم 15 سنة، والحدث الفتى، من أتم 15سنة ولم يتم 18 سنة[9].

يستنتج بأن الصغير في القانون الأردني هو من لم يتم 12 سنة من عمره. ويلاحظ، بأن الحدث المراهق في القانون الأردني يقابل الحدث الصبي في القانون العراقي، رغم الاختلاف بين القانونين فيسن الحد الأدنى لهذه الفئة العمرية. أما فيما يتعلق بالحدث الفتى، فلا خلاف بين القانونين بصدده، سواء من ناحية التسمية أو العمر.

المشرد: لغةً: له معانٍ عدة منها: المستعصي على أوامر وليّه، الخارج عن طاعة وليّه، المطرود من قبل وليّه، والذي ذهب بوجهه في الأرض وفي نفس المعنى السائر في البلاد[10]. أما اصطلاحاً، فيختلف المفهوم القانوني لمصطلح(المشرد) عن مفهومه اللغوي وإن كان قريباً منه[11]، وهذا سيتضح أكثر عند تناول حالات التشرد في قانون الأحداث العراقي والأردني.

منحرف السلوك:لغةً: يقصد به الشخص الذي مال عن جادة الصواب، وحاد عن الطريق المستقيم[12]، وأن هذا السلوك يختلف من مجتمع إلى آخر، حسب الأعراف والتقاليد والثقافة.أما اصطلاحاً: هو الشخص الذي ارتكب فعلاً غير مألوف اجتماعياً وغير متعارف عليه في مجتمع معين وإن لم يرد نص تجريمي أو عقاب محدد بصدده[13].

الولي لغةً: كل من ولي أمراً أو قام به، يستوي فيه الذكر والأنثى، وقد يؤنث بالهاء، فيقال ولية[14]. أما اصطلاحاً: فهو من له ولاية التصرف على غيره في النفس أو المال، لصغر سنه أو غير ذلك، لحين زوال السبب[15].ويعتبر ولياً للصغير والحدث بموجب الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من قانون الأحداث العراقي كل من:الأب، الأم، أي شخص ضمّ إليه صغير أو حدث بقرار من المحكمة، أي شخص عهد إليه بتربية صغير أو حدث بقرار من المحكمة (الحاضن).

أما القانون الأردني فلم يعرّف الولي رغم ذكره لهذا المصطلح بكثرة في نصوصه، وكأنه ترك ذلك للأحكام والمبادئ العامة للقانون، لكنه في الوقت نفسه عرّف كل من الوصي والحاضن في المادة الثانية منه، باعتبارهما من بين المسؤولين عن رعاية الحدث، حيث جاء فيها:الوصي هو كل شخص غير الولي يتولى أمر العناية بالحدث أو الرقابة عليه وفق التشريعات النافذة. أما الحاضن: فهو أي شخص أو أسرة عهد إلى أي منهما رعاية الحدث بناء على قرار صادر عن المحكمة المختصة وفق التشريعات النافذة.

المبحث الأول: حالات التشرد والانحراف في القانون العراقي والأردني.

في هذا المبحث سنتطرق إلى بيان حالات التشرد والانحراف في قانون رعاية الأحداث العراقي، وكذلك حالات الأحداث المحتاجين إلى الحماية أو الرعاية في القانون الأردني، ثم نختم بدراسة تحليلية مقارنة بين الحالات المذكورة في القانونين من خلال ثلاثة مطالب.

المطلب الأول: حالات التشرد والانحراف في القانون العراقي.

يلاحظ عند قراءة نصوص قانون رعاية الأحداث العراقي بأن المشرع قد ميّز بين التشرد والانحراف، حيث خصص لكل واحد منهما مادة خاصة، تناول من خلالهما الحالات التي تعتبر الصغير أو الحدث فيها مشرداً أو منحرف السلوك. فبموجب المادة 24 من قانون الأحداث يعتبر الصغير أو الحدث مشرداً في الحالات الآتية:

أ – إذا وجد متسولاً في الأماكن العامة أو تصنّع الإصابة بجروح أو عاهات أو استعمل الغش كوسيلة لكسب عطف الجمهور بهدف التسول. علماً أن هذه الحالة تعتبر جريمة بحد ذاتها بالنسبة للبالغين بموجب المادة 390 من قانون العقوبات.

ب – إذا مارس متجولاً صبغ الأحذية أو بيع السكاير أو أية مهنة أخرى تعرضه للجنوح، وكان عمره أقل من خمس عشرة سنة. هنا المشرع لم يحدد المهن الأخرى التي تعرض الصغير أو الحدث للجنوح، وبذلك ترك الباب مفتوحاً أمام الاجتهادات لاعتبار مهنة ما معرضة للجنوح أم لا. ويضيف إلى ذلك، أن الحدث الفتى لا يعتبر مشرداً في هذه الحالة لكونه قد أكمل 15 من عمره، فالنص يشمل الصغير والحدث الصبي فقط.

جـ – إذا لم يكن له محل إقامة معين أو اتخذ الأماكن العامة مأوى له.

د – إذا لم تكن له وسيلة مشروعة للتعيّش وليس له ولي أو مرب.وعليه، فإنه يعتبر مشرداً وإن كان له وسيلة مشروعة للتعيّش ما دام ليس له شخص يعيش في كنفه يقوم بتربيته ورعايته.

هـ – إذا ترك منزل وليّه أو المكان الذي وضع فيه بدون عذر مشروع.

وزاد المشرع حالة أخرى بالنسبة للصغير واعتبره مشرداً وهي: إذا مارس أية مهنة أو عمل مع غير ذويه.

وتجدر الإشارة بأن القرار رقم 685 لعام 1989 أجاز تشغيل الحدث لأغراض الإعداد والتدريب وتنمية الحرفة دون التقيد بعمر محدد ويتم تحديد أجور تشغيل الحدث حسب الاتفاق مع رب العمل. كما أن القرار رقم 368 لعام 1990 هو الآخر أجاز بتشغيل الأحداث الذين لا تقل أعمارهم عن الثانية عشرة من العمر في مشاريع القطاع الخاص والمختلط والتعاوني.

أما المادة 25 من قانون الأحداث فاعتبرت الصغير أو الحدث منحرف السلوك في الحالات الآتية:

أولاً – إذا قام بأعمال في أماكن الدعارة أو القمار أو شرب الخمور.

ثانياً – إذا خالط المشردين أو الذين اشتهر عنهم سوء السلوك.

ثالثاً – إذا كان مارقاً على سلطة وليّه.

ويرى الخبير القانوني عبد الوهاب الصائغ أن مفهوم التشرد (أو بالأحرى حالات التشرد والانحراف)، المنصوص عليه في القانون يسمح للقضاء بإيداع نصف أطفال العراق في دور المشردين بتهمة التشرد، ويستمر في كلامه ويقول: أن المشردين في العراق يختلفون عن المشردين في بقية دول العالم، إذ أن 5 % منهم فقط يفتقدون للعائلة بشكل كامل، فيما يمتلك الآخرون أهلاً وأقارب يمكن للمحاكم إجبارهم على تولي مسؤولياتهم بشكل سليم بدلاً من إلقاء كل العبء على كاهل الدولة، كما أن سميرة الموسوي رئيسة لجنة المرأة والطفولة في البرلمان العراقي هي الأخرى تدعم رأي السيد الصائغ حول سوء تعريف مفهوم (المشرد)[16]. حقيقة، الباحث يتفق مع هذا الرأي في شق ويختلف معه في آخر. فنسبة المشردين والمنحرفين الذين ليس لديهم أهل وأقارب قليلة جداً هذا ما أتفق معه، لكن أتسأل:وهل تلجأ المحاكم إلى تدبير الإيداع مباشرة دون اللجوء أولاً إلى تسليم المشرد إلى وليه أو أحد أقربائه، حيث أن القانون أصلاً نص على التدابير بشكل تدرّجي وأن الإيداع هو آخر تدبير تلجأ إليه المحاكم، وهذا ما سيتّضح أكثر عندما نتناول التدابير في المبحث الثالث.

المطلب الثاني: حالات الأحداث المحتاجين إلى الحماية أو الرعاية في القانون الأردني.

جاءت نصوص قانون الأحداث الأردني رقم 32 لعام 2014م خالية من مصطلحي (التشرد، الانحراف) ومشتقاتهما، وبدلاً من ذلك نصّ على الحالات التي يعتبر فيها الحدث محتاجاً للحماية أو الرعاية، وهي نفس الحالات التي يعتبر فيها الحدث مشرداً أو منحرفاً. وهذا يعتبر موقفاً حسناً من المشرع الأردني، إذ الإصلاح لا يبدأ باتخاذ التدابير وإنما بالكلمات والمصطلحات الليّنة غير الخشنة أو الجارحة للنفس أولاً، ومن ثم بالتدابير المناسبة، لكون الإنسان كائن مكرّم ومعزّز منذ خلقيته، قال تعالى (ولقد كرّمنا بني آدم)[17].

وبموجب المادة 33 يعتبر الحدث محتاجاً إلى الحماية أو الرعاية في أي من الحالات التالية:

‌أ. إذا كان تحت رعاية شخص غير مؤهل للعناية به ، لاعتياده الإجرام أو إدمانه السكر أو المواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو انحلاله الخلقي أو أدين بارتكاب جرم مخل بالآداب مع أي من أبنائه أو أي من المعهود إليه برعايتهم.

‌ب. إذا قام بأعمال تتعلق بالدعارة أو الفسق أو إفساد الخلق أو القمار أو أي أعمال غير مشروعة أو خدمة من يقومون بهذه الأعمال أو خالط الذين اشتهر عنهم سوء السيرة أو استغل بأي منها بما في ذلك أعمال التسول أو الاستجداء.

‌ج. إذا لم يكن له محل مستقر أو كان يبيت عادة في الطرقات.

‌د. إذا لم تكن له وسيلة مشروعة للعيش أو لم يكن له عائل مؤتمن وكان والده أو أحدهما متوفين أو مسجونين أو غائبين.

هـ. إذا كان سيء السلوك وخارجاً عن سلطة أبيه أو وليه أو وصيه أو أمه أو كان الولي متوفياً أو غائباً أو عديم الأهلية.

و‌. إذا كان يستجدي، ولو تستر على ذلك بأي وسيلة من الوسائل.

ز‌. إذا كان بائعاً متجولاً أو عابثاً بالنفايات.

ح‌. إذا تعرض لإيذاء مقصود من والديه أو أي منهما بشكل تجاوز ضروب التأديب التي يبيحها القانون والعرف العام.

ط‌. إذا كان معرضاً لخطر جسيم حال بقائه في أسرته.

ي‌. إذا لم يتم الثانية عشرة من عمره وارتكب جنحة أو جناية.

ك‌. إذا كان حدثا عاملاً خلافاً للتشريعات النافذة.

ويمكن القول بأن المشرع الأردني أضاف حالتين إلى الحالات المذكورة أعلاه حسب المادة 34 من قانون الأحداث الأردني، وهاتين الحالتين خاصة بالأحداث المحكومين الذين انتهت مدة محكوميتهم، وتم اخضاعهم للسلطة التقديرية لقاضي تنفيذ الحكم لكي يقرر شمولهم بالرعاية أو الحماية من عدمه، بعد أن يرفع إليه تقرير مدير المديرية[18] المستند على تقرير مراقب السلوك، والحالتين هما:

1.إذا كان الحدث محتاجاً للحماية أو للرعاية وفقاً لأحكام المادة (33) من قانون الأحداث.

2.إذا لم يتم الحدث مدة التعليم أو التدريب في البرامج التي التحق بها.

ويرى قاضي محكمة صلح الاحداث سابقاً السيد سهير طوباسي، أنه قد حصل تحول كبير لصالح المشرد، ففي السابق المشرع كان ينظر إليه بأنه متهم بارتكاب جريمة، ويعاقب إذا ثبتت تهمة التشرد ضده ويعتبر جانحاً بعد الإدانة، لكن بعد التعديل يعتبره ضحية ويحتاج إلى الحماية والرعاية[19].

في نهاية هذا المطلب نود الإشارة، بأن الحدث إن وقع في حالات التشرد والانحراف المذكورة أعلاه في القانونين، ولم يتم معالجته فإن ذلك سوف يؤدي به إلى ذروة الانحراف وبالتالي ارتكاب جرائم[20]، وهذا ما أثبتته التحقيقات الميدانية[21].

المطلب الثالث: قراءة تحليلية مقارنة.

سنحاول في هذا المطلب المقارنة بين حالات التشرد والانحراف في القانون العراقي وحالات الحاجة للحماية أو الرعايةفي القانون الأردني، وإبداء ملاحظاتنا، كما يلي:

لقد أبدع المشرع الأردني في القانون الصادر عام 2014م حينما استبدل عبارة (حالات التشرد والانحراف) بـ (حالات الحاجة للحماية أو الرعاية)، حيث لم يعد يستعمل المصطلحات (التشرد، الانحراف، المشرد، المتشرد، المنحرف) في أدبيات قانون الأحداث الأردني، وسيكون لهذا التغيير، مردود جيد في إصلاح الأحداث.

ويمكن القول، أن جميع المشردين والمنحرفين يحتاجون إلى الحماية والرعاية، لكن ليس جميع المحتاجين إلى الحماية والرعاية هم من المشردين والمنحرفين، فالنص على (حالات الحاجة إلى الحماية والرعاية) أوسع وأفضل من النص على (حالات التشرد والانحراف). وعليه، فإن المشرع العراقي مدعو لموقف مماثل للمشرع الأردني.

نص المشرع العراقي على ست حالات للتشرد، وثلاث حالات للإنحراف، بينما نص المشرع الأردني على ثلاثة عشر حالة يكون الحدث فيها محتاجاً للحماية أو الرعاية، وهذا يعني بأن نطاق دائرة المستفيدين من الحماية والرعاية في القانون الأردني أوسع من القانون العراقي.
في العراق إذا ارتكب الصغير (الذي لم يتم التاسعة من عمره) جريمة مهما كانت جسامتها يعتبر متهماً، ولكن نظراً لصغر سنه وعدم مسؤوليته الجزائية، يتم غلق التحقيق بحقه وإخلاء سبيله وتدوين افادته بصفته شاهد في القضية على سبيل الاستدلال، وتسليمه إلى وليّه ليقوم بتنفيذ ما تقرره المحكمة من توصيات للمحافظة على حسن سلوكه بموجب تعهد مقترن بضمان مالي، لكن من الناحية العملية لا تلجأ محاكم التحقيق عادة إلى هذا الإجراء الأخير (التسليم للولي مقابل ضمان مالي) التي تعتبر من إحدى التدابير التي تتخذ بحق المشردين أو منحرفي السلوك.لذا، فإن ما سار عليه القانون الأردني، من جعل الصغير (الذي لم يتم الثانية عشر من عمره) محتاجاً للحماية أو الرعاية (إذا ارتكب جنحة أو جناية)، أفضل لكون القاضي ملزم باتخاذ تدبير مناسب بحقه، لكن ما يعيب القانون الأردني في هذا الصدد هو سكوته عن ارتكاب الصغير جريمة المخالفة. ويعتقد بأن السبب وراء عدم لجوء القاضي العراقي إلى اتخاذ تدبير(التسليم) بحق الصغير مرتكب الجريمة هو عدم التخصص، حيث أن قضاة تحقيق الأحداث في الوقت نفسه يقومون بالتحقيق مع البالغين أو ربما يعود إلى الجهل بهذا الإجراء.
بخصوص عمل الحدث، فهو يعتبر محتاجاً للرعاية والحماية حسب القانون الأردني في حالتين فقط: إذا كان بائعاً متجولاً مهما كانت نوعية مبيعاته، وإذا عمل خلافاً للتشريعات النافذة. أما في العراق فحدد المشرع بيع السكائر وصبغ الأحذية، وأية مهنة أخرى تعرضه للجنوح، إذا كان الحدث صغيراً أو صبياً، أما الفتى فغير مشمول بالحظر، ثم جعل عمل الصغير مع غير ذويه من حالات التشرد، ثم اصدر قرارين بخصوص العمل، أحدهما يسمح بعمل الحدث دون التقييد بعمر معين إذا كان لغرض التدريب، والثاني، أجاز العمل في القطاع الخاص والمختلط والتعاوني إذا كان عمره لا يقل عن 12 سنة.

عند المقارنة بين القانونين العراقي والأردني، يلاحظ بأن موقف المشرع العراقي متشابك ومتداخل،وربما متناقض أيضاً حيث حظر بعض الأعمال على فئات معينة من الأحداث، ثم رجع عن موقفه وأجاز لهم العمل بشروط، بعكس المشرع الأردني، فالأخير منع الحدث بكافة فئاته (الصغير، المراهق، والفتى) من العمل كبائع متجول، ثم أحال بقية الحالات إلى التشريعات النافذة مثل قانون العمل والقوانين الأخرى المتعلقة بالموضوع. لهذا، فإن موقف المشرع الأردني هو الراجح،لكونه واضح جداً، وعلى قاضي التحقيق الرجوع إلى التشريعات النافذة لمعرفة الأعمال والمهن والحرف المسموحة والمحظورة بحق الأحداث.

ومن المآخذ الأخرى بحق القانون العراقي هو نصه على:” أية مهنة أخرى تعرضه للجنوح”، فهذا النص مرن، وسيسبب صدور قرارت متناقضة من القضاء، لكونه قابل للتفسير ويسمح بصدور اجتهادات مختلفة.

إذا أدين الشخص القائم برعاية الحدث بجريمة مخلة بالآداب مع أي من أبنائه أو أي من المعهود إليه برعايتهم، أو إذا تعرض لإيذاء مقصود من والديه أو أي منهما بشكل تجاوز ضروب التأديب، عندها يعتبر الحدث محتاجاً للرعاية والحماية بموجب القانون الأردني. أما في ظل القانون العراقي، فلا تعتبر هذه الحالات من حالات التشرد أو الانحراف، وإنما تعتبر من حالات سلب الولاية على الحدث حسب المادتين 31 و32 من قانون الأحداث.

رغم نص المشرع العراقي على سلب الولاية (وجوبية، جوازية) في هذه الحالات من قبل المحاكم المختصة (محاكم الجنح والجنايات)، إلا أنه من الناحية العملية لا تصدر قرار سلب الولاية من المحاكم المذكورة، هذا من جانب.ومن جانب آخر،فإن قرار سلب الولاية نفسه قد يضر بالحدث لأنه ربما يكون من مصلحته بقائه تحت كنف وليّه،رغم أن قرار سلب الولاية لا تصدر حسب القانون إلاّ بعد تسلم المحكمة تقرير مكتب دراسة الشخصية التي تتضمن أحوال الحدث الاجتماعية والطبية والنفسية والعقلية ومدى تأثير قرار سلب الولاية عليه، لكن المشكلة هي أن هذا المكتب ليس له وجود أصلاً، وأن القائمين بعمله لا يقومون به بشكل سليم.وعليه، فلو جعل المشرع العراقي هذه الحالات والحالات الأخرى المنصوص عليها في المادتين 31 و32 من ضمن حالات المحتاجين للرعاية والحماية مثلما عليه الحال في القانون الأردني لكان أفضل.

ما نصّ عليه الشطر الأول من الفقرة (أ) من المادة 33 من القانون الأردني ” إذا كان تحت رعاية شخص غير مؤهل للعناية به ، لاعتياده الإجرام أو إدمانه السكر أو المواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو انحلاله الخلقي”، موقف حسن من المشرع، حيث أن الحدث ربما يتوفر لديه كل ما يحتاج إليه، لكن وجوده تحت رعاية شخص هكذا، يحتاج فعلاً للحماية والرعاية، لأن هذا الشخص نفسه ربما يعتدي عليه في يوم من الأيام، أو يدفعه إلى عالم الإجرام. ولهذا، فإن المشرع العراقي مدعو لاتخاذ موقف مشابه للمشرع الأردني لهذه الحالة.
الفقرة (ط) من المادة 33 من القانون الأردني التي تنص على” إذا كان معرضاً لخطر جسيم حال بقائه في أسرته”، فقرة مرنة قابلة للتأويل بحيث يمكن لكل شخص تفسيرها حسب ما يراه، وأنها قد تسبب صدور قرارات متناقضة بخصوصها. ومن جهة أخرى، فإن ما ورد في بقية فقرات المادة 33 وخاصة الفقرتين (أ، ح)، تجعل الفقرة (ط)، فقرة زائدة ولم يكن هناك داعٍ للنص عليها، لكون هذه الفقرات تستوعب هذه الفقرة ضمناً.
عدا الفروقات المذكورة أعلاه، هناك تشابه كبير بين القانونين العراقي والأردني في هذا الخصوص.

المبحث الثاني: التدابير المتخذة في القانونين العراقي والأردني

في هذا المبحث سنتطرق إلى التدابير التي تتخذ بحق المشردين ومنحرفي السلوك في القانون العراقي، وكذلك التي تتخذ بحق الأحداث المحتاجين إلى الحماية أو الرعاية في القانون الأردني، ثم نختم بدراسة تحليلة مقارنة بين التدابير المذكورة في القانونين من خلال ثلاثة مطالب.

المطلب الأول: التدابير التي تتخذ بحق المشردين ومنحرفي السلوك في القانون العراقي.

إذا وجد الصغير أو الحدث في إحدى حالات التشرد أو الانحراف المنصوص عليها في القانون، يجب إيصاله إلى قاضي التحقيق لكي يقوم بدوره بإحالته إلى محكمة الأحداث التي ستصدر قرارها النهائي بشأنه. وأن المشرع لم يبيّن الجهة التي تقوم بإيصال هؤلاء المشردين ومنحرفي السلوك إلى قاضي التحقيق،ولكن يستنتج من مهام مراكز شرطة الأحداث التي نص عليها القانون بأنهم المخاطبين بهذا العمل وعليهم البحث والتحري عن هؤلاء المشردين والمنحرفين من الصغار والأحداث، ولكن نظراً لندرة هذه المراكز حيث لا يوجد سوى مركز واحد للأحداث في كل محافظة بأكملها لذا يتوجّب على مراكز الشرطة العادية ومكاتب مكافحة الإجرام القيام بهذا الواجب الإنساني والقانوني في آنٍ واحد.

وإذا دعت التحقيقات الاحتفاظ بالمشرد أو المنحرف لأيام لحين إحالة أوراقه إلى محكمة الأحداث، فإنه بامكان قاضي التحقيق إيداعه دار تأهيل الأحداث، وهو المكان الذي يودع فيه الحدث المشرد أو منحرف السلوك بقرار من محكمة الأحداث إلى حين إتمامه الثامنة عشرة من عمره، ويلحق به جناح الشابات البالغات تودع فيه الشابة المشردة أو منحرفة السلوك أو التي انتهت مدة إيداعها والفاقدة للرعاية الأسرية لحين:أ. بلوغها 22 سنة.ب-إيجاد حل لمشكلتها إما:1. بالزواج. 2. أو بتسليمها إلى ذويها. 3. أو إيجاد سبيل عمل مناسب لها[22].

هذا الدار يتكون من “ثلاثة أقسام وهي قسم الإناث وقسم الصبيان وقسم الفتيان وفيها جناح خاص للشابات البالغات ولا يجوز اختلاط الإناث بالذكور نهائياً، وكذلك لا يجوز اختلاط الصبيان والفتيان من الذكور إلاّ في أوقات الدراسة أو التدريب والطعام”[23].

وبخصوص إحالة الحدث المشرد أو المنحرف إلى محكمة الأحداث، فإن قانون الأحداث “قرر اتخاذ إجراءات خاصة بالحدث حيث جعل مهمة – محكمة- التحقيق فقط إحالة الأوراق إلى محكمة الأحداث دون إجراء التحقيق فيها ماعدا تدوين أقوال وسبب تواجده –المشرد، المنحرف- والتأكد من عمره وحضور الولي”[24]، بمعنى يجب على محاكم التحقيق في مراكز المحافظات وحتى في الأقضية والنواحي إحالة أوراق التشرد والانحراف إلى محاكم الأحداث حصراً[25].

وفيما يتعلق بتشكيلة محكمة الأحداث عند النظر في حالات التشرد والانحراف، فإن رئيس المحكمة الذي هو بدرجة قاضي ينظر في هذه القضايا بوحده دون تشكيل الهيئة، مثل دعاوي الجنح والمخالفات والقضايا الأخرى التي نص عليها القانون[26]، وفي هذه الحالة على محكمة الأحداث أن لا تصدر قرارها إلاّ بعد تسلم تقرير مكتب دراسة الشخصية.

أما التدابير التي تتخذ بحق الصغير أو الحدث (المشرد أو منحرف السلوك) فهي ما يلي[27]:

1 – تسليم الصغير أو الحدث إلى وليّه ليقوم بتنفيذ ما تقرره المحكمة من توصيات على ضوء تقرير مكتب دراسة الشخصية لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي مناسب.

2 –تسليم الصغير أو الحدث عند عدم وجود ولي له أو عند إخلاله بالتعهد المنصوص عليه في النقطة السابقة إلى قريب صالح له بناء على طلبه ليقوم بتنفيذ ما تقرره المحكمة من توصيات على ضوء تقرير مكتب دراسة الشخصية لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي مناسب. وتجدر الإشارة، بأن المشرع أجاز للمحكمة تكليف مراقب السلوك بمتابعة تنفيذ التعهد المنصوص عليه في حالتي التسليم.

من التدابير الآنفة الذكر يتبين مدى أهمية مكتب دراسة الشخصية حيث لا يجوز للمحكمة إصدار قرارها النهائي إلاّ بعد تسلم تقرير المكتب المذكور وعلى ضوئه يتم إصدار توصياتها للشخص المتعهد سواء كان ولياً أو قريباً،لذلك نرى ضرورة أن يقوم المكتب بكل جدية وإتقان وتنظيم تقرير كامل بشأن الحدث أو الصغير لكي تكون توصيات المحكمة للولي أو القريب في محلها.

كما أودّ الإشارة بأن عبارة (قريب صالح) التي وردت في القانون موقف جيد لأنه منع الأقرباء السوء من محاولة استغلال هذه الفرصة وذلك بأخذ الصغير أو الحدث لغاية غير مشروعة في أنفسهم، ولكن المشرع لم يبيّن الطريقة التي تثبت فيها صلاح القريب، ومن وجهة نظري يمكن التأكّد من ذلك من خلال الشهود، ومن الأفضل أن يكون هؤلاء الشهود من الجيرة، كما بإمكان المحكمة إضافة إلى ذلك طلب صحيفة سوابقه من مكتب الأدلة الجنائية. أما بالنسبة للتعهد المالي فإن القانون ترك تقديره للقاضي وبذلك فإن مقداره سوف يختلف من حالة إلى أخرى وفق قناعة المحكمة.

3- إذا تعذّر على المحكمة تسليم الصغير أو الحدث إلى الولي أو القريب الصالح فبإمكانها إيداعه في دور الدولة المخصصة المنصوص عليها في قانون الرعاية الاجتماعية أو أية دار اجتماعية أخرى معدة لهذا الغرض[28].

ولدى الرجوع إلى القانون المذكور تبين بأن دور الرعاية الاجتماعية هي مايلي:

أولاً – دور الدولة للأطفال، وهي مخصصة لرعاية الأطفال لحين إتمامهم السنة الرابعة من العمر.

ثانياً – دور الدولة للصغار، وهي مخصصة لرعاية الأطفال من السنة الخامسة لحين إتمامهم السنة الثانية عشرة.

ثالثًا – دور الدولة للأحداث، وهي مخصصة للأحداث من السنة الثالثة عشرة لحين إتمامهم الثامنة عشرة. ويجوز تمديدها سنة أخرى، إذاكان الشاب أو الشابة في الصف المنتهي من الدراسة الاعدادية[29].

وهنا نودّ أن نشير، بأن المشرع في الوقت الذي عرّف دار تأهيل الأحداث في المادة العاشرة من القانون بأنه “المكان الذي يودع فيه الحدث المشرد أو منحرف السلوك بقرار من محكمة الأحداث…”، لم ينص صراحة على هذا الدار ضمن دور الدولة التي بامكان المحكمة إيداع الحدث فيها كتدبير، ولهذا لم أجد أيّة تدبير صادر من محكمة أحداث دهوك تقضي بإيداع الحدث المشرد أو المنحرف في هذا الدار وإنما تودع في دور الرعاية الاجتماعية. ولهذا أرى بأن المشرع العراقي مدعوا لسد هذه الثغرة وذلك بالنص على إدراج هذا الدار جنباً إلى جنب مع دور الرعاية الإجتماعية.

4- أما إذا تبين للمحكمة بأن الصغير أو الحدث المشرد مصاباً بتخلف عقلي، فعلى محكمة الأحداث أن تقرر إيداعه إحدى المعاهد الصحية أو الاجتماعية المعدة لهذا الغرض[30]. وأن المشرع العراقي جعل تهيئة تلك المعاهد لاستقبال أولئك الأحداث من عمل وواجبات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية،أما تقديم الخدمات الطبية لها جعل من واجبات وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية[31].

يلاحظ، بأن قاضي التحقيق قد يقوم بغلق التحقيق بحق الصغير المشرد أو منحرف السلوك بسب صغر سنه، أي لكونه لم يكمل التاسعة من عمره في العراق أو الحادية عشر من عمره في إقليم كوردستان. والحقيقة، أن هذا القرار غير سليم وفي غير محله، لأسباب:

حالات التشرد أو الإنحراف لا تعتبر جرائم، وعليه فإذا وقع الصغير أو الحدث في حالة من هذه الحالات فإنه لا يعتبر متهماً بارتكاب جريمة وإنما هو مشرد أو منحرف السلوك، وبالتالي فهو غير مسؤول جزائياً، مهما كان سنه.وباختصار المحكمة ليست بصدد قضية جزائية.
من إحدى أهداف قانون رعاية الأحداث هي وقاية الأحداث من الجنوح. وإيماناً من المشرع العراقي بأن وقوع الصغير أو الحدث في حالات التشرد أو الإنحراف لدلالة واضحة على إقترابه من الوقوع في منبع الجريمة، لذا نص في المادة 26 من قانون الأحداث بشكل واضح وصريح جداً على الإجراءات التي تتخذ بحق الطفل المشرد ومنحرف السلوك سواء كان صغيراً أي لم يكمل سن المسؤولية الجزائية أو حدثاً أكمل سن المسؤولية، ولم يعط لقاضي التحقيق الحق باصدار أي قرارات مصيرية في هذه المسائل مثل غلق التحقيق بحق الحدث أو الصغير. وما على محاكم التحقيق – سواء كانت داخل مركز المحافظة أو الأطراف- سوى تدوين افادات المشردين أو المنحرفين وتدوين إفادات أولياء امورهم والشهود وربط تقريري الباحث الإجتماعي ومكتب دراسة الشخصية وإحالة الأوراق إلى محاكم الأحداث بأسرع وقت ممكن لكي تصدر هي التدابير المناسبة بحقهم.

ومن التطبيقات القضائية:قررت محكمة أحداث دهوك بتاريخ 29/5/2008 في القضية المرقمة 101/جنح/2008 بتسليم المشردين الحدثين كل من (ك.ج.ر) و (م.ج.ر)إلى والدهما (ج.ر.أ) وأن يتعهد برعايتهما ومنعهما من التسكع في الأسواق لقاء تعهد مالي قدره مائة ألف دينار لكل واحد منهما،وإشعار مراقب السلوك بمتابعة أمور المشردين أعلاه وتقديم تقرير إلى هذه المحكمة، وصدر القرار حضورياً قابلاً للتمييز استناداً لأحكام المادتين 25 و 26 من قانون الأحداث.

كما قررت بتاريخ 13/5/2008 في القضية المرقمة 106/جنح/2008بتسليم الحدث إلى وليّه م.أ.م على أن يتعهد بحسن تربيته ولا يدفعه إلى التشرد والعمل لقاء تعهد مالي قدره (100.000) مائة ألف دينار وذلك استناداً لأحكام المواد 24/أولاً و 26/أولاً من قانون رعاية الأحداث رقم 76 لعام 1983، وفتح قضية مستقلة بحق ولي أمر الحدث المدعو م.أ.م وفق المادة 29/ 2 من قانون رعاية الأحداث وإشعار محكمة تحقيق دهوك لإتخاذ الإجراءات القانونية بحقه حكماً حضورياً قابلاً للتمييز.
أما قرارات محكمة الأحداث التي تصدرها بحق الولي أو القريب المخل بشروط التعهد بموجب المادة 26/ثانياً من قانون الأحداث فهي ما يلي:

ا – إلزام المتعهد بدفع مبلغ الضمان كلاً أو جزءاً.

ب – أخذ الصغير أو الحدث من المتعهد وإيداعه في إحدى دور الدولة المخصصة لكل منهما المنصوص عليها في قانون الرعاية الاجتماعية التي ذكرناه لكم آنفاً أو أية دار اجتماعية أخرى معدة لهذا الغرض.

ومن التطبيقات القضائية في هذا المجال: أصدرت محكمة أحداث دهوك في القضية المرقمة 96/جنح /2009 في 17/11/2009 قرارها الآتي:تشكّلت محكمة أحداث دهوك بتاريخ 17/11/2009من قاضيها السيد … المأذون بالقضاء بإسم الشعب وأصدرت القرار الآتي:

المشتكي/ الحق العام

المتهمين / (ع. ز. ك )و (ف. ع. ا) وكيلهم المحامي المنتدب السيد / ع. م. ع

المادة القانونية / 24 ق رعاية الأحداث.

أحال محكمة تحقيق دهوك بقرارها المرقم 1069/إحالة/ 2009 فى 4/8/2008 المتهمين (ع. ز. ك)و (ف. ع. ا) مكلفين إلى هذه المحكمة بدعوى غير موجزة وفق االمادة 24 من ق.رعاية الأحداث قررت المحكمة إجراء محاكمتهما بدعوى موجزة واطلعت على تقريري مكتب الدراسة الشخصية والباحث الاجتماعى بحق المتهمين واستمعت المحكمة إلى إفادة المتهمين (ع. ز. ك )و (ف. ع. ا) واطلعت المحكمة على الإضبارة العائدة للمتهم (ف. ع. ا) بالعدد75/جنح/2008فى 3/3/2008 والتي بموجبها تم تسليم الحدث (ف. ع. ا) إلى والده (ع. ا) لقاء تعهد مالي بمبلغ 100 ألف دينار بعدم السماح لابنه بالتسكع فى الشارع وقد خالف هذا التعهد وعملاً بأحكام المادة 26 من قانون الأحداث:

1- قررت المحكمة تسليم المتشرد (ع. ز. ك ) إلى والده لقاء تعهد مالي 100 ألف دينار وعدم السماح لابنه (ع) بالتسكع فى الشارع والبقاء خارج داره.

2- واستناداً إلى المادة 26/2 قرر إلزام ولي أمر الجانح (ف) والده (ع.ا) بدفع مبلغ 100 ألف دينار إلى صندوق هذه المحكمة نتيجة إخلاله بتعهده فى القضية المرقمة75/جنح / 2008 فى 3/3/2008يستحصل منه بالطرق التنفيذية بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية.

3- تسليم المتشرد (ف. ع. ا) إلى دار الرعاية الاجتماعية لتربيته وتوجيهه لحين طلب أحد ذويه استلامه والتعهد بالمحافظة عليه وعدم الرجوع إلى التسول .

4- تقدير أجرة للمحامى المنتدب ع. م. ع مبلغ قدره 60000 ألف دينار وفق المادة 36/1 من قانون المحاماة.

التعليق على القرار:

من مادة الإحالة (24 ق.أحداث) يتّضح بأن القضية هي تشرد وليست دعوى جزائية أيّ لم يرتكب الحدث جريمة. إذ ” أن المشرع لم يجعل هذه القضايا جرائم بل ظاهرة اجتماعية تستلزم الرعاية والعناية”[32]. وعليه، فإن تسجيل قضايا التشرد تحت مصطلح (الجنح)إجراء غير موفق من قبل محكمة الأحداث.
إحالة المشردين إلى محكمة الأحداث بصفة متهمين من قبل محكمة التحقيق انتهاك لحق الحدث، لأن الحدث لم يرتكب جريمة حسب قانون الأحداث وإنما وقع في حالة من حالات التشرد بموجب القانون.
كان من المفروض فتح قضية بحق ولي أمر المشرد (ف.ع.ا) من قبل محكمة الأحداث بموجب المادة 29 ق.أحداث، وعدم الإكتفاء بإلزامه بدفع مبلغ التعهد، لأن رجوع ولده المشرد إلى التشرد مرة أخرى دليل قاطع على إهماله وتقصيره.

إذا تم إيداع الصغير أو الحدث (مشرد أو منحرف السلوك) دور الدولة، فما هي الإجراءات المتّبعة لإخراجه حسب المادة 27من قانون رعاية الأحداث:

1) إذا ظهر للصغير أو الحدث المودع قريب له وطلب تسليمه إليه، فعلى محكمة الأحداث بعد مراعاة مصلحة الحدث أن يسلّمه إليه لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي مناسب، ويجوز لمحكمة الأحداث أن تراقب تنفيذ التعهد بواسطة مراقب السلوك أو الباحث الإجتماعي لمدة تنسبها.

2) إذا طلب شخص مليء حسن السيرة والسلوك متحد في الجنسية والدين مع الصغير أو الحدث تسليمه إليه لتربيته وتهذيبه، فلمحكمة الأحداث أن تسلمه إليه لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي مناسب، وعلى المحكمة أن تراقب تنفيذ التعهد بواسطة مراقب سلوك أو باحث اجتماعي لمدة تنسبها. وتجدر الإشارة، بأنه يمكن تسليم الصغير أو الحدث في هذه الحالة إلى الشخص المليء الذي طلبه إذا لم يظهر للصغير أو الحدث قريب،بمعنى أنه في حالة ظهور القريب فإنه أولى من هذا الشخص المليء.

لم يكن المشرع موفقاً في الفقرة الأولى عندما نص على (فعلى محكمة الأحداث) وبعد ذلك نص على (بعد مراعاة مصلحة الحدث)، فالعبارة الأولى تدل على الوجوب والثانية تدل على الجواز،فالمحكمة قد ترى بأنه ليس من مصلحة الحدث تسليمه، فيرفض الطلب لذا كان الأجدر بالمشرع جعل هذه الحالة جوازية والنص على (لمحكمة الأحداث) بدلاً من (فعلى محكمة الأحداث ). إضافة إلى ذلك،هنا لم يتطلب أية صفة في القريب الذي يطلب تسليم الصغير أو الحدث إليه بعكس موضوع التدابير التي سبق أن تناولناها، حيث لم يجز المشرع تسليمه إلى أي قريب له وإنما اشترط أن يكون قريباً صالحاً، وكان الأولى بالمشرع أن يشترط هنا القريب الصالح أيضاً لأن الصغير أو الحدث في هذه الحالة أصلاً في أمان لكونه مودع في دور الدولة.

أما بالنسبة للشخص الغريب أو الأجنبي عن الصغير أو الحدث، فقد أوجب المشرع العراقي توفّر صفات معيّنة فيه وهي: أن يكون مليء أي غني وحسن السيرة والسلوك إضافة إلى صفتي الجنسية والدين، فهذه الصفات ضرورية جداً في هذا الشخص الغريب،لأنه إن لم يكن حسن السيرة والسلوك سوف يكون حال الحدث أو الصغير أسوأ، فبدلاً من التشرد والإنحراف قد ينتقل إلى مرحلة الجنوح أي ارتكاب الجريمة، وإذا لم يكن متحد الجنسية فإنه قد يأخذه إلى بلاده وبالتالي لا تستطيع المحكمة مراقبته، وفي حالة عيشه هناك بعيداً عن الوطن قد يتم تربيته على عداوة شعبه ووطنه، أما بالنسبة للدين فإنه إذاكان غير متحد معه في الدين فهذا يشكل خطراً عليه خاصة بالنسبة للمسلم حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانهِ أو يُنَصِّرَانهِ أو يُمَجِّسَانهِ كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ)[33]،فخطر الإختلاف في الدين واضح جداً في الحديث النبوي الشريف، وبموجب أحكام الحضانة في الفقه الإسلامي وبالتحديد شروط الحاضن فإنه يشترط فيه أن يكون دينه متحد مع دين المحضون وخاصة إن كان المحضون مسلماً وفق الرأي الراجح.

وقد جاء في قرار لمحكمة تمييز العراق، تحت العدد 653 / هيئة عامة / 1979 في 16/12/1980:”إذا كان دين الحاضنة يختلف عن دين المحضون فتكون غير أمينة على دينه وتفقد بذلك أحد شروط الحضانة”[34]، فرغم خلو القانون العراقي من شرط(اتحاد دين الحاضن والمحضون)، فالمحكمة في قرارها هذا فسّرت الاختلاف في الدين تهديداً على دين المحضون، وبذلك حرمت الحاضنة من الحضانة.

علماً أن متابعة تنفيذ التعهد من قبل مراقب السلوك أو الباحث الإجتماعي إلزامية، وعلى محكمة الأحداث إصدار قرارها بهذا الخصوص، بعكس الحالة الأولى أي حينما يسلم الحدث أو الصغير إلى أحد أقاربه، فإنها مخيرة في ذلك.ونعتقد، أنه من الأفضل النص على مراقبة تنفيذ التعهد في جميع حالات تسليم الحدث أو الصغير إلى غير والديه.

ويلاحظ بأن المشرع الجنائي العراقي قد أفرد سياسة خاصة لحالات التشرد والانحراف، وهي إعادة النظر في القرارات الصادرة بخصوص التشرد والإنحراف، حيث أجاز المشرع بموجب المادة 28 من قانون رعاية الأحداث، لمحكمة الأحداث أن تعيد النظر في قراراتها التي أصدرتها بموجب المادة 26 الخاصة بموضوع الصغير أو الحدث (المشرد أو منحرف السلوك)،وأن تعدّل فيها بما تتلاءم ومصلحة الحدث، لكن بناء على:1. تقرير مقدم من قبل مدير الدار المودع فيها الصغير أو الحدث. 2. أو بطلب من الحدث. 3.أو بطلب من قريبه. 4. أو بطلب من الشخص المتعهد بتربيته.

هذه السلطة والصلاحية التي تتمتع بها محكمة الأحداث بخصوص حالات التشرد والانحراف لا توجد لها مثيل في المحاكم الجزائية الأخرى، وإن هذه الخاصية لمحكمة الأحداث إن دلّت على شيء فإنها تدلّ على أنها مؤسسة اجتماعية تهدف لغاية إصلاحية تقويمية وليست محكمة جزائية بالمعنى الحرفي.

ومن التطبيقات القضائية التي تؤكد هذه السياسة:قررت محكمة أحداث دهوك بتاريخ 29/6/2009في القضية المرقمة 77/جنح/2009 ما يلي:

المشتكي/ الحق العام.

المتهم/ ع / وكيله المحامي المنتدب السيد (ص).

المادة القانونية/25 قانون رعاية الأحداث.

أحالت محكمة تحقيق (…..) بموجب كتابها المرقم 506في 24/6/2009المتشرد (ع) لإجراء محاكمته وفق أحكام المادة 25ق.رعاية الأحداث واطلعت المحكمة على تقرير الطبابة العدلية بالعدد419 في 23/6/2009 المتضمن وجود آثار لواطة قديمة وحديثة للمتشرد (ع)واستمعت المحكمة إلى إفادته وإفادة وليّ أمره وطلب عضو الإدعاء العام تسليم المتشرد إلى دور الرعاية الاجتماعية وطلب وكيل المتشرد المحامي (ص) تسليمه إلى وليّه لقاء تعهد مالي، ولثبوت تشرده واختلاطه مع أصدقاء السوء ومنحرفي السلوك واحتمال قيام والده بالإنتقام منه قررت المحكمة استناداً لأحكام المادتين 25/2, 26 /ثانياً/ب:

1-إيداع المتشرد (ع) إلى إحدى دور الرعاية الاجتماعية لضمان تربيته وبغية تأهيله على أن يقدم مراقب السلوك تقرير شهري إلى هذه المحكمة.

2-إشعار محكمة تحقيق (..) بفتح قضية مستقلة بحق ولي أمره (ش) وفق المادة 29/ أولاً من قانون رعاية الأحداث لثبوت إهماله بتربية وتوجيه ابنه (ع) الذي أدّى به إلى تشرده وانحراف سلوكه بعد إكتساب القرار الدرجة القطعية.

3- تقدير أجرة للمحامي المنتدب (ص) مبلغاً قدره 60000 ستون ألف دينار وفق المادة 36/1 من قانون المحاماة رقم 17لسنة1999المعدل يدفع له من خزينة حكومة الإقليم بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية .وصدر القرار حضورياً قابلاً للتمييز استناداً لأحكام المادتين 25/2 ,26/ثانياً/ب من قانون رعاية الأحداث وأفهم في 29/6/2009.

وتم تصديق القرار تمييزاً من قبل محكمة استئناف منطقة دهوك بصفتها التمييزية تحت العدد/4/ت ج ح/2009 في 13/7/2009 حيث جاء في القرار ما يلي:”لدى التدقيق والمداولة وجد أن الطعن التمييزي واقع ضمن المدة القانونية قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه صحيح وموافق للقانون لأن الثابت من إفادة المتشرد وتقرير مديرية الطب العدلي المرقم 9/4 في 23/6/2009 أنه يمارس اللواطة منذ مدة وأن ذويه أهملوا في رعايته، لذا يعتبر متشرداً يستوجب وضعه تحت الرعاية الاجتماعية، عليه قرر تصديق الحكم المميز ورد اللائحة التمييزية وصدر القرار بالإتفاق في 13/7/2009.

التعليق على القرار:

1- أحيل الحدث إلى محكمة أحداث دهوك استناداً لأحكام المادة 25 من قانون الأحداث، وجاء في حكم المحكمة كلمتي (المتهم، والمتشرد)، كما أن محكمة الاستئناف هي الأخرى استخدمت كلمة (المتشرد) وأعتبر الحدث متشرداً وصدقّت حكم محكمة الأحداث. لكن لو رجعنا إلى المادة 25 من قانون الأحداث، لوجدنا أن هذه المادة مخصصة لمنحرفي السلوك وليس للمشردين، لذا كان من المفروض تصديق القرار من قبل محكمة الاستئناف مع تنويه محكمة الأحداث بتغيير كلمتي (المتشرد) و (المتهم) إلى(منحرف السلوك).

2- محكمة الأحداث لم تكن موفقة حينما أصدرت حكمها استناداً لأحكام المادة 26/ثانياً/ب، لأنه ليس للمحكمة اللجوء إلى الفقرة ثانياً من المادة 26 مباشرة إلاّ بعد تطبيق الفرعين (أ ، ب) من الفقرة الأولى من المادة نفسها، ولهذا السبب تم الطعن بحكم المحكمة أمام محكمة الاستئناف من قبل وكيل الحدث. لكن السبب وراء تطبيق الفقرة الثانية مباشرة وتخطّي الفقرة الأولى من المادة 26 من قبل المحكمة نستنتجه من العبارة الآتية الواردة في ديباجة الحكم “ولثبوت تشرده واختلاطه مع أصدقاء السوء ومنحرفي السلوك واحتمال قيام والده بالإنتقام منه قررت المحكمة استناداً لأحكام المادتين 25/2, 26 /ثانياً/ب”.أي أن ما دفع المحكمة إلى تطبيق الفقرة الثانية هو المحافظة على حياة المنحرف.

وبوجهة نظري المتواضعة أرى أن اتجاه محكمة الأحداث ومحكمة الاستئناف في هذه القضية غير موفق، لأن المادة 26 في فقرتها الثالثة تنص :”إذا تعذر على المحكمة تسليم الصغير أو الحدث وفقاً لأحكام الفقرة (أولاً) من هذه المادة طبقّت بشأنه أحكام البند (ب) من الفقرة ( ثانياً ) منها” وفي الحالة التي نحن بصددها (التعذر) موجود وهو عدم إمكان تسليم المنحرف أعلاه إلى الولي والأقارب استناداً لما جاء في حكم محكمة الأحداث “ولثبوت تشرده واختلاطه مع أصدقاء السوء ومنحرفي السلوك واحتمال قيام والده بالإنتقام منه ” ولِما جاء في قرار محكمة الاستئناف ” أنه يمارس اللواطة منذ مدة وأن ذويه أهملوا رعايته لذا يعتبر متشرداً يستوجب وضعه تحت الرعاية الاجتماعية”. وعليه،كان بإمكان محكمة الأحداث الاستناد إلى الفقرة ثالثاً من المادة نفسها، وكذلك كان بإمكان محكمة الاستئناف تصديق القرار من حيث النتيجة وتصحيح مادة الإسناد من المادة 26/ثانياً إلى المادة 26/ ثالثاً أو إضافة الفقرة (ثالثاً) إليها.

وفي نفس القضية أصدرت محكمة الأحداث القرار الآتي: إلحاقا بقرارنا المؤرخ 29/6/2009 حول إيداع المشرد (ع) إلى دار الرعاية الاجتماعية وبناء على تقارير الباحث وكتاب مديرية العامة للرعاية الاجتماعية بالعدد 1012 في 13/8/2009 حيث تبين بأن المودع (ع) سلوكه يؤثر على بقية المودعين في دار الرعاية الاجتماعية من اليتامى و المعوقين عليه واستناداً إلى الفقرة أولاً-أ من المادة 26 من قانون رعايةا لأحداث يسلم منحرف السلوك (ع) إلى ولي أمره والده (ش) لقاء تعهده بتربيته وتحسين سلوكه على أن يتم متابعة سلوكه من قبل مراقب السلوك وتقديم تقرير شهري من قبل مراقب السلوك حول سلوكه ولقاء تعهد مالي مبلغ قدره خمسة ملايين دينار لقاء المحافظة عليه وتوجيهه وإرشاده ومنعه من العودة إلى انحراف السلوك صدر القرار حضورياً قابلاً للتمييز وأفهم في 13/8/2009.

وبتاريخ 16/8/2009 تراجعت المحكمة عن قرارها أعلاه وأصدرت قراراً آخر:إلحاقا بقرارنا المؤرخ 13/8/2009 حول تسليم الحدث (ع) لوالده ولكون القرار المذكور جاء بعد مرور فترة قصيرة من إيداعه دار الرعاية الاجتماعية ولكون الحدث يسكن في قرى ذات طابع عشائري وخوفاً من تأثر والده بالطابع العشائري وقيامه بالانتقام من ابنه الحدث (ع) قررت الرجوع عن قرارنا وعدم تسليمه إلى والده في الوقت الحاضر وصدر القرار حضوريا قابلاً للتمييز وأفهم في 16/8/2009.

ولعدم قناعة عضو الإدعاء العام المنتسب أمام محكمة الأحداث بالقرار المذكور ميّزه بلائحته المرقمة 43/2009 في 18/8/2009 طالباً نقض القرار المؤرخ في 16/8/2009 لكونه قد صدر مخالفاً للقانون ولنص المادة 225 من الأصول الجزائية التي تنص على:لا يجوز للمحكمة أن تتراجع عن الحكم أو القرار الذي أصدرته أو تغير أو تبدل فيه إلا لتصحيح خطأ مادي على أن يدون ذلك حاشية له ويعتبر جزءاً منه. و للأسباب الأخرى التي أوردتها في لائحته المذكورة.

تم تصديق القرار المؤرخ 16/8/2009 الصادر من محكمة الأحداث تمييزاً من قبل محكمة استئناف منطقة دهوك تحت العدد/6/ت ج ح/2009 في 24/8/2009 حيث جاء في القرار ما يلي:لدى التدقيق والمداولة وجد أن الطعن التمييزي واقع ضمن المدة القانونية قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على القرار المميز المؤرخ 16/8/2009 وجد أنه صحيح وموافق للقانون لأن تراجع محكمة الأحداث عن قرارها المؤرخ 13/8/2009 مبني على سبب وجيه وهو عدم إقناع المحكمة بأن ولي الحدث قادر وأمين على رعايته ولم نجد ما يشير إلى وجود تعهد مالي مناسب عن وليّه للحفاظ عليه وحسن تربيته وسلوكه استناداً للمادة 26/1 من قانون رعاية الأحداث، كما أن إعادة النظر في القرار المؤرخ 13/8/2009 و في 16/8/2009 جاء استناداً للمادة 28 من قانون رعاية الأحداث. عليه قرر تصديق القرار المميز ورد الطعن التمييزي وصدر القرار بالاتفاق في 24/8/2009.

التعليق على القرار:

1- إن قرار محكمة الأحداث الملحق الصادر بتاريخ 13/8/2009 صحيح وموافق للقانون ولنص المادة 28 بالتحديد، لأنها أعادت النظر في قرارها المؤرخ 26/6/2009 بناء على تقارير الباحث الاجتماعي ومدير دار رعاية الأحداث وكتاب المديرية العامة للرعاية الإجتماعية .

2- أما تراجع المحكمة عن قرارها المؤرخ 13/8/2009 في 16/8/2009، والطعن فيه تمييزاً من قبل عضو الإدعاء العام في 18/8/2009 استناداً لأحكام المادة 225 من قانون الأصول الجزائية على أساس أنه لا يجوز للمحكمة أن تتراجع عن الحكم أو القرار الذي أصدرته أو تغير أو تبدل فيه إلاّ لتصحيح خطأ مادي، فنودّ توضيح ما يلي:

أ- لايجوز لمحكمة الأحداث التراجع عن قرارها أو حكمها التي أصدرته في موضوع التشرد والإنحراف إلاّ بناءً على: (تقرير مقدم من قبل مدير الدار المودع فيها الصغير أو الحدث،أو بطلب من الحدث،أو بطلب من قريبه،أو بطلب الشخص المتعهد بتربيته) وهنا محكمة الأحداث تراجعت عن قرارها من تلقاء نفسها دون أي تقرير أو طلب.

ب- إن طعن عضو الإدعاء العام بالقرار استناداً للمادة 225 طعن غير موفّق أيضاً، لأن القانون الخاص (قانون رعاية الأحداث) يقيد القانون العام (قانون الأصول الجزائية) وبموجب قانون الأحداث يحق لمحكمة الأحداث التراجع عن قراراتها الصادرة بموجب المادة 26 من نفس القانون ولكن بالشروط التي ذكرناها آنفاً.

وبتاريخ 15/9/ 2009 أصدرت محكمة الأحداث آخر قراراتها القاضية بتسليم المنحرف (ع) إلى ولي أمره وكما يلي:إشارة إلى كتاب المديرية العامة للرعاية الاجتماعية في دهوك العدد 1094 في 8/9/2009 المتضمن حسن سلوك المنحرف (ع) وقبوله النصائح والإرشادات وضرورة دمجه مع عائلته وعدم تمكين دار رعاية الأيتام من بقاء الجانح المذكور لتأثيره على الأيتام الصغار وبناء على الطلب المقدم من ولي أمره بتسليم الحدث له واستناداً إلى المادة 26/أولاً من قانون رعاية الأحداث قررت المحكمة تسليمه إلى ولي أمره (والده) لقاء تعهد مالي قدره ثلاثون مليون دينار عراقي لمدة سنتين مصدقة على أن يتعهد بحسن تربيته وتوجيهه ومنعه من معاودة انحراف سلوكه والمحافظة عليه وعدم الاعتداء عليه وبعكس ذلك أن يتحمل كافة الإجراءات القانونية وصدر القرار قابلاً للتمييز وأفهم في 15/9/2009 .

وفي ختام هذا المطلب، سنشير إلى العقوبات التي نصّ عليها المشرع الجنائي العراقي في المادتين (29، 30) من قانون رعاية الأحداث بحق الأولياء المقصرين والمهملين في رعاية أولادهم أو الذين هم تحت مسؤوليتهم:

1 .إذا أهمل الولي رعاية الصغير أو الحدث و أدّى به إلى التشرد أو انحراف السلوك يعاقب بغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على 500 دينار .

2.إذا نجم عن هذا الإهمال ارتكاب الحدث جنحة أو جناية عمدية تكون العقوبة بغرامة لا تقل عن مائتي دينار ولا تزيد على ألف دينار. وعليه، حتى يمكن معاقبة الولي يجب أن يكون الحدث قد ارتكب جنحة أو جناية عمدية ، وأن يكون سبب ارتكاب الحدث الجريمة هو إهمال الولي.

3 .إذا دفع الولي الحدث أو الصغير إلى التشرد أو انحراف السلوك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على خمسمائة دينار.

من استقراء العقوبات أعلاه، يتبين بأن المشرع لم يتطرق إلى عقوبة الولي في حالة ارتكاب الحدث جريمة المخالفة رغم معاقبته للولي عندما يهمل رعاية الصغير أو الحدث ويؤدي هذا الإهمال إلى التشرد وانحراف السلوك والتي هي حالات لا تصل إلى مستوى الجريمة أصلاً ،لذا كان الأولى بالمشرع النص على معاقبة الولي في حالة ارتكاب الحدث جريمة المخالفة أيضاً، وفتح قضية بحقه وإن عاقبه بعقوبة خفيفة لغرض الردع.

بشكل عام العقوبات المذكورة خفيفة ولا تتناسب مع المهام الملقاة على عاتق الأولياء، ومن أجل ردع الأولياء ودفعهم إلى الاهتمام بتربية ورعاية أولادهم أو من هم تحت مسؤوليتهم من الصغار والأحداث بشكل جيد وتقليل ظاهرة التشرد والانحراف والجنوح من الضروري تشديد العقوبات الواردة في الفقرتين الأولى والثانية مع حذف فقرة الغرامة الواردة مع عقوبة الحبس في الفقرة الثالثة.

ومن التطبيقات القضائية بخصوص معاقبة الأولياء، جاءت في الفقرة السادسة من قرار فرض التدبير في القضية المرقمة121/جنايات/2008في19/11/2008لمحكمة أحداث دهوك والمصدق تمييزياً بالعدد32/الهيئة الجزائية/أحداث/2009 في 12/3/2009:إشعار محكمة تحقيق … بفتح قضية مستقلة بحق ولي أمر الجانح والده (ك . ت) وفق المادة 29/2 من قانون رعاية الأحداث وتنفيذها بحقه بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية.

كما جاء في قرار لمحكمة تمييز الإقليم تحت العدد/ 176/هـ.جـ/أحداث/2009 في 6/10/2009 ما يلي:بعد التدقيق والمداولة… وتصديق سائر القرارات الفرعية الأخرى لموافقتها للقانون ماعدا الفقرة الثانية من قرار فرض التدبير حيث تقرر نقضه لأن الجريمة التي ارتكبها الجانح أعلاه ليست من الجرائم العمدية المنصوص عليها في المادة 29/2 قانون رعاية الأحداث وصدر القرار بالاتفاق….) .

وجاء في الفقرة الأولى من قرار الحكم بالعقوبة في القضية المرقمة 165/ج/2009 في 15/2/2009 لمحكمة جنح دهوك والمكتسب الدرجة القطعية: (1- حكمت المحكمة على المدان ش.م.ظ بغرامة قدرها (100.000) مائة ألف دينار وفق المادة 29/2 من قانون رعاية الأحداث وعند عدم الدفع حبسه بسيطاً لمدة ستة أشهر). كما قررت في القضية المرقمة 81/ج/2009 في 8/3/2009 والمكتسب الدرجة القطعية: لدى التدقيق والمداولة تبين أن المتهم (أ. ح. م) لم يكن مقصراً في تربية ورعاية ولده الجانح (د)…ولعدم كفاية الأدلة ضده عليه قررت المحكمة إلغاء التهمة الموجهة إليه والإفراج عنه وإلغاء الكفالة المأخوذة منه…).

المطلب الثاني: التدابير التي تتخذ بحق الأحداث المحتاجين للحماية أو الرعاية في القانون الأردني.

تعتبر شرطة الأحداث[35] رغم عدم تغطيتها لكافة المناطق والمحافظات[36]، ومن ثم المراكز الأمنية من الجهات الرسمية التي عليهما البحث عن الأحداث المحتاجين للحماية أو الرعاية، لغرض عرضهم على المحاكم المختصة وإصدار تدابير مناسبة بحقهم، لتجنبهم من الوقوع في مستنقع الجريمة.

كما أن المشرع الأردني، أوجب على مراقب السلوك وأي شخص آخر يعمل في المجالات الصحية والتعليمية والاجتماعية تبليغ شرطة الأحداث أو أقرب مركز أمني، إذا وجد حدثاً أثناء ممارسته لوظيفته في أي من الأحوال المشار إليها في المادة (33).[37]

أما فيما يتعلق بالإحالة فإن الحدث المحتاج يتم إحالته إلى محكمة صلح الأحداث من خلال مراقب السلوك المختص الذي يقدم تقرير مفصل عن الحدث للمحكمة[38]، ويجوز لهذه الأخيرة اتخاذ تدبير مؤقت ومستعجل لصالح الحدث إذا دعت الحاجة إلى ذلك، مثل إيداعه دار رعاية الأحداث[39] لحين مراجعة وليّه أو وصيّه للمحكمة، على أن تبيّن الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ مثل هذا القرار. أما بخصوص التدابير التي تصدرها محكمة صلح الأحداث[40] بحق الأحداث المحتاجين للحماية أو الرعاية، فإنه ليس بإمكان المحكمة إصدار أية تدابير بحقهم إلاّ بعد توفر ثلاثة شروط، وهي:

أولاً: أن تكون الحالة المعروضة عليها بناء على شكوى من أحد الأشخاص الذين ذكرتهم المادة 35 من قانون الأحداث وهم: (الحدث نفسه أو أحد والديه أو وليه أو وصيه أو الشخص الموكل برعايته أو الضابطة العدلية).

ثانياً: استلام تقرير مفصّل حول أوضاع الحدث وظروفه وأسرته وبيئته وظروفه الصحية، منظّم من قبل مراقب السلوك.

ثالثاً: الاستماع إلى الحدث ووالديه أو أحدهما أو وليه أو وصيه أو الشخص الموكل برعايته[41].

أما التدابير التي تصدرها محكمة صلح الأحداث بحق الأحداث المحتاجين بموجب المادة 37 من القانون، فهي ما يلي:

تأمر والده أو وليه أو وصيه أو الشخص الموكل برعايته والعناية به بصورة لائقة والتوقيع على تعهد يضمن تقديم هذه العناية. وبموجب القانون السابق، كان بإمكان المحكمة اتخاذ هذا التدبير مع تغريم الوالد أو الوصي أيضاً[42].
إحالته إلى دار رعاية الأحداث أو إلى أي مؤسسة مماثلة معتمدة شريطة موافقة تلك المؤسسة على ذلك لمدة لا تزيد عن سنتين ويجب على مراقب السلوك تقديم تقرير تفصيلي لقاضي تنفيذ الحكم كل ثلاثة أشهر لمراجعة هذا القرار. نص القانون غير واضح، هل مراجعة القرار تعود لمحكمة الأحداث أم لقاضي التنفيذ، لكن يعتقد أنه يعود لقاضي التنفيذ، لكون الأخير لديه الصلاحية في إخراج الحدث من الدار، وهذا ما سنتطرق إليه لاحقاً.

ويجوز لمراقب السلوك بموافقة مدير المديرية أن يحضر أمام قاضي تنفيذ الحكم أي محتاج للحماية أو الرعاية يوشك أن ينهي المدة التي صدر التدبير بأن يقضيها بأي مؤسسة إذا وجد بأنه سيناله ضرر فيها لو أفرج عنه حين انتهاء مدة بقائه في المؤسسة، فيصدر قاضي التنفيذ قراره بالتمديد لحين بلوغ الحدث سن الثامنة عشر من عمره في أي من الحالتين التاليتين :أولاً: اعتياد أحد والديه أو وليه أو وصيه أو الشخص الموكل برعايته السكر أو فساد الخلق ، أو الإجرام.ثانياً:لعدم وجود من يعتني به عناية كافية أو عجزه عن العناية بنفسه.

كما أجاز القانون لقاضي التنفيذ أن يمدد إقامة الحدث في المؤسسة إذا لم يتم مدة التدريب في الحرفة أو المهنة التي شرع بتدريبه عليها وذلك إلى أن ينهي التدريب أو يبلغ سن العشرين شريطة موافقة من أتم الثامنة عشر من عمره.

وضعه تحت رعاية شخص مناسب أو أسرة مناسبة للمدة التي تقررها المحكمة شريطة موافقة أي منهم على ذلك.
وضع الحدث المحتاج تحت إشراف مراقب السلوك لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن خمس سنوات.

و بموجب القانون، فإن المسؤول عن الحدث وإن قدم التعهد برعايته وعنايته في التدبير الأول، يجوز للمحكمة إلزام مراقب السلوك بالإشراف على تنفيذ التعهد. وهذا بالنسبة للتدبير الثالث، فحينما يتم وضع الحدث في أسرة بديلة أو لدى شخص مناسب، يجوز للمحكمة إلزام مراقب السلوك بمتابعة أحوال الحدث في بيئته الجديدة.

وتجدر الإشارة أن وزيرة التنمية الاجتماعية الأردنية، أكدّت أن المحصلة النهائية لبرامج الدمج الأسري (الذي يقوم على إلحاق طفل فاقد لسنده الأسري في أسرة بديلة قادرة على تنشئته ورعايته) أن الرعاية الأسرية البديلة للأطفال أفضل من نظيرتها المؤسسية لأثرها الإيجابي في تطوير خصائصهم النمائية[43].

أما فيما يتعلق بخروج الحدث من الدار المودع فيها بصورة مؤقتة، فنص المشرع على ثلاث حالات، وهي كما يلي[44]:

‌أ. حالة وجوبية: على مدير الدار التي يقيم فيها الحدث المحتاج للحماية أو الرعاية السماح له بأن يلتحق بالبرامج التعليمية أو التدريبية في مؤسسة مختصة على أن يعود إلى الدار يومياً .

‌ب. حالة جوازية: لمدير دار رعاية الأحداث بموافقة مدير المديرية منح الحدث المحتاج للحماية أو الرعاية إجازة لزيارة أهله في الأعياد والمناسبات والعطل لأيام محددة ويعود بعدها إلى الدار وفقاً لتعليمات تصدر لهذه الغاية.

‌ج. حالة جوازية: لمدير المديرية بموافقة المحكمة أن يسمح لمن يراه مناسباً باستضافة الحدث المحتاج للحماية والرعاية المقيم في إحدى دور رعاية الأحداث في الأعياد والمناسبات والعطل لأيام يحددها على أن يعود الحدث بعدها للدار .

حقيقة، المشرع كان موفقاً حينما جعل الحالة الأولى من الحالات الوجوبية، لأنها متعلقة بمصير ومستقبل الحدث، فاكتساب الحدث حرفة أو مهنة معينة من خلال الدورات التعليمية أو التدريبية لدى إحدى المؤسسات المختصة قد تساعده على عدم الوقوع في حالات الحماية أو الرعاية مرة أخرى، ويسهّل عليه الحصول على العمل والعيش بطريقة سوية. كما أن موقفه كان حسناً حينما ألزمت مدير الدار الحصول على موافقة المحكمة قبل السماح باستضافة الحدث من قبل شخص ليس من أهله –الحدث-، خلال الأعياد والمناسبات والعطل، لكون الأجنبي لا يحل محل الأهل في أغلب الأحيان.

أما نفقة إعالة الحدث المودع في دار الرعاية، فإنها تقع على عاتق الشخص المسؤول عن نفقته، إن كان في وسعه دفعها، وإلاّ فإنها من مسؤولية إدارة الدار نفسها[45].

وفيما يتعلق بالسياسة الخاصة التي اتبعها المشرع الأردني بخصوص تدبير الإيداع في دار الرعاية، فإن المشرع أعطى صلاحية خاصة لقاضي التنفيذ دون قاضي الأحداث، في أن يخرج أي حدث محتاج عهد به إلى أي دار رعاية الأحداث، وفق شروط يحددها لهذه الغاية إذا رأى أن مصلحة الحدث المحتاج للحماية أو الرعاية تقتضي ذلك[46].ويعتقد أن العلة من وراء هذه الصلاحية لقاضي التنفيذ دون قاضي الأحداث، هي أن الأول أكثر اطلاعاً على وضع الحدث المودع من الأخير، ولهذا فإنه أولى من منحه هذه الصلاحية الاستثنائية.

ونود الإشارة، بأن قانون الأحداث الأردني من أجل أن تؤدي دار الرعاية دورها في توفير الحماية والرعاية للأحداث المودعين فيها وإصلاحهم، نصّت على عقوبات بحق كل من يساعد أو يحرّض الحدث المودع على الهروب من الدار، أو يقوم بإيواء أو إخفاء المودع الهارب، أو يمنعه من الرجوع إلى الدار،حيث جاءت في الفقرة (ج) من المادة (42) على:”يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة دينار كل من :

ساعد أو حرض أي حدث محتاج إلى الحماية أو الرعاية على الهروب من دار رعاية الأحداث .
آوى أو أخفى من هرب من دار الرعاية أو منعه من الرجوع إلى تلك الدار أو ساعده على ذلك وهو يعلم بذلك .

وإيماناً من المشرع الأردني بأن لتأهيل الآباء والأمهات لهم دور كبير في الحد من حالات المحتاجين للرعاية أو الحماية، فقد ألزمت وزارة التنمية الاجتماعية بإصدار تعليمات خاصة بالبرامج التأهيلية لوالدي الحدث المحتاج إلى الحماية أو الرعاية وذلك بموجب المادة 44 من قانون الأحداث. ويفهم من ذلك، بأن هؤلاء الآباء والأمهات ملزمين بالمشاركة في هذه الدورات، بغية تحسين قدراتهم وتأهيلهم بشكل أفضل، وهذا موقف حسن من المشرع.

وأخيراً، فإن المحتاجين وبعد انتهاء مدة ايداعهم في دار الرعاية، ولضمان اندماجهم في المجتمع وحمايتهم من الوقوع في الحالات الخاصة بالرعاية أو الحماية، أو الوقوع في الجنوح شملهم القانون بالرعاية اللاحقة أُسوة بالأحداث الجانحين.

المطلب الثالث: قراءة تحليلية مقارنة.

نص كل من القانونين العراقي والأردني على أربع تدابير من حيث العدد، لكن عند النظر بتمعّن في التدابير التي نصّ عليها المشرع العراقي، يلاحظ بأن التدبيرين الثالث والرابع الخاصة بالإيداع في دور الدولة هي واحدة، حيث أن التدبير الرابع مجرد إيداع خاص بالمشردين أو المنحرفين مختليّ العقل.
يشترك كلا القانونين في التدابير (التسليم للولي، التسليم لأسرة بديلة أو شخص مناسب، والإيداع في دور الدولة). في حين ينفرد القانون الأردني بتدبير آخر لم ينص عليه القانون العراقي ألا وهو، وضع الحدث تحت إشراف مراقب السلوك كتدبير مستقل عن بقية التدابير.
التدابير التي نصّ عليها المشرع العراقي، هي تدابير متدرجة بحيث لا يجوز للمحكمة القفز على تدبير دون اللجوء إلى التدبير الذي يسبقه أو وجود مانع يحول دون تطبيقه، بينما في الأردن لها مطلق الصلاحية في اختيار التدبير المناسب، وهذا ما يرجحه الباحث ويفضله.
في العراق، بمجرد أن يتم إحالة أوراق المشرد أو المنحرف إلى محكمة الأحداث، لها الحق في فرض تدبير مناسب بحقه. أما في الأردن، فليس لها هذا الحق ما لم تكن الأوراق احيلت إليها بناء على شكوى من أشخاص محددة.وعليه، نرجح ما ذهب إليه القانون العراقي، لكونه يوسع من صلاحيات المحكمة في الحد من ظاهرة التشرد والانحراف.
في الوقت الذي أفرد المشرع العراقي سياسة خاصة في موضوع التشرد والانحراف، وذلك بمنح محكمة الأحداث السلطة التقديرية في التراجع عن قراراتها. المشرع الأردني ضيّق هذه السلطات الاستثنائية وأعطى هذه الصلاحية لقاضي تنفيذ الحكم دون محكمة الأحداث، ولتدبير الإيداع دون بقية التدابير.
قانون الأحداث العراقي نصّ على عقوبات بحق أولياء المشردين والمنحرفين أو المسؤولين عنهم في حالة إثبات إهمالهم أو دفعهم إلى التشرد أو الانحراف، بينما القانون الأردني لم يتضمن أية مادة تنص على هذه العقوبات.وهنا، نودّ الاستماع إلى الناطق الاعلامي لوزارة التنمية الاجتماعية الأردنية حيث قال: “أجرت دراسة ميدانية على عيّنة من الأطفال المتواجدين بالشوارع بغرض التسول في بعض المحافظات وعينة أخرى من المتسولين المضبوطين أظهرت نتائجها أن ممارستهم للتسول يعود إلى توجيه أسرهم لهم للتسول للحصول على المال من خلال استجدائهم للمارة في الشوارع وعلى الإشارات الضوئية وتخوفهم من وقوع العنف عليهم من قبل أرباب أسرهم في حال عدم جلبهم للمال المتوقع من تسولهم”[47]. وعليه، يرجح الباحث القانون العراقي، رغم أن العقوبات غير رادعة.
عند المقارنة بين القانونين يلاحظ بأن القانون الأردني عاقب الشخص الذي يساعد أو يحرّض الحدث المودع على الهروب من الدار، أو يقوم بإيواء أو إخفاء المودع الهارب، أو يمنعه من الرجوع إلى الدار، بينما خلا قانون رعاية الأحداث العراقي على نص مماثل أو مشابه،لكن المشرع الجنائي في قانون العقوبات اعتبر هذه الأفعال جرائم ونص على عقوبات بحق مرتكبها، ولهذا يتم تطبيق قانون العقوبات في هذه الحالات وليس قانون الأحداث.
لا يوجد نص في القانون العراقي بخصوص خروج الحدث من الدار المودع فيها بصورة مؤقتة كما هو منصوص عليه في قانون الأردني فيما يتعلق بأيام العطل والمناسبات وغير ذلك، لكن هذا لا يعني بأن المشرع العراقي، تغافل أو تجاهل عن ذلك، حيث أنه نظّم هذه المسألة من خلال أنظمة وتعليمات تصدرها جهات مختصة ذات العلاقة.
إن مشاركة آباء وأمهات الأحداث في دورات لغرض تأهيلهم في كيفية التعامل مع أولادهم المحتاجين للحماية أو الرعاية كما جاء في القانون الأردني، يعتبر نقطة قوة له وينفرد بها عن القانون العراقي الذي أغفل ذلك.
المحكمة في كلا البلدين لا يجوز لها إصدار التدابير إلاّ بعد الاستماع الى أقوال الولي أو المسؤول عن الحدث، والاطلاع على تقرير مكتب دراسة الشخصية ومراقب السلوك، الذي يتضمن أحوال الحدث الاجتماعية والصحية والعقلية.
في الأردن، حينما تقرر المحكمة تسليم الحدث إلى شخص مناسب أو أسرة بديلة لم يشترط القانون صفة القرابة في هذا الشخص أو الأسرة، بينما القانون العراقي اشترط ذلك، حيث اشترطت القرابة والصلاح.
بموجب القانون العراقي، إذا خالف الولي التعهد المأخوذ منه، تصدر المحكمة حكماً بأخذ مبلغ التعهد منه جزءاً أو كلاً، ويودع الحدث في دور الدولة. أما المشرع الأردني فلم ينص على أية إجراءات بحق الولي المخالف.
في العراق، حينما يصدر تدبير الإيداع من محكمة الأحداث بحق الحدث فإنه غير مقترن بمدة، بينما هذا التدبير مقترن بمدة حينما يصدر من محكمة صلح الأحداث في الأردن.

لكن عند قراءة نصوص القانون العراقي بتمعّن يلاحظ، بأن الحدث المودع في دار تأهيل الأحداث أو دور الرعاية الاجتماعية في العراق، لا يجوز له البقاء في هذه الدور إذا تجاوز عمره 18 سنة إن كان ذكراً، أما الأنثى فلها البقاء لمدة أطول في حالات خاصة، وقد سبق وأن تطرقنا إليها بشكل مفصّل.

والمشكلة التي تظهر في هذه الحالة هي: ما العمل إذا تم طرد الحدث من هذه الدور وكان فاقد الرعاية الأسرية وليس لديه مأوى يلجأ إليه سوى الشوارع والأماكن العامة، ولم يكن له أي عمل يقتات منه؟ ففي تحقيق ميداني أجرته (ميادة داود) لصالح شبكة الصحافة الاستقصائية العراقية (نيريج)، ثبت لها أن الأحداث كل من (أ ر) الذي ينام في الحدائق العامة في وسط بغداد ليلاً ويقوم ببيع المياه في النهار، و(ن ع) الذي هو الآن محكوم لمدة ثلاث سنوات بتهمة انتمائه لعصابة تقوم بسرقة سيارات، و(أ م) المعتقل حالياً بتهمة الإرهاب وغيرهم من الأحداث، كانوا ضحايا (تشرد قسري) فرضه إصرار الحكومة على تطبيق قانون رعاية الأحداث الصادر عام 1983م،والذي يقضي بعدم السماح لمن تجاوز سن الـ18 عاماً بالبقاء في دار تأهيل الأحداث، حتى لو كان مأواه البديل هو شوارع المدن العراقية الملتهبة بالعنف، والتي تصفها بعض التقارير بأنها من أخطر المدن في العالم[48].

وفي هذا الصدد، قد يظن البعض أن المشرع العراقي قد عالجت هذه المشكلة مثل المشرع الأردني، من خلال الباب السابع من قانون الأحداث عند تناوله موضوع الرعاية اللاحقة[49]، لكن هذا الرأي بعيد عن الصواب، فالمادة (99) أشارت بكل وضوح أن هذه الرعاية خاصة بالأحداث المودعين في المدارس التأهلية، بمعنى لا يشمل المودعين في الدور التأهلية، وهناك فرق شاسع بين المدارس والدور، فالمدارس التأهيلية خاصة بالأحداث الجانحين الذين ارتكبوا جرائم وتم إيدانتهم، أما الدور التأهيلية فهي المكان التي تودع فيها الأحداث المشردين أو المنحرفين.

ونعتقد، حتى لو أجري تعديل القانون وشمل المشردين والمنحرفين بالرعاية اللاحقة كما هو عليه في القانون الأردني، فإن النصوص الحالية لا تفي بالغرض وتحتاج هي الأخرى إلى تعديل، كما نحتاج إلى تفعيل قسم الرعاية اللاحقة نفسه، فهو رغم النص عليه قسم غير نشط، وربما لا وجود له في بعض إصلاحيات الأحداث.

في كلا البلدين لا تغطي مراكز شرطة الأحداث كافة المناطق، أي لا يتم التغطية الجغرافية بشكل كامل، ولهذا السبب يتم اتخاذ الإجراءات بحق الأحداث من قبل مراكز الشرطة العادية ومكاتب مكافحة الإجرام ابتداءً وبعد ذلك يتم إحالتهم إلى مركز شرطة الأحداث، هذا فيما يتعلق بالعراق. أما في الأردن، فحتى في الأماكن التي توجد فيها مراكز شرطة الأحداث، فإن المراكز الأمنية بإمكانها التعامل مع قضايا الأحداث، ولهذا السبب دعت منظمة أرض العون القانونية الأردنية، السلطات المختصة بضرورة توفر مراكز شرطة الأحداث بكثرة، وجعل التعامل مع قضايا الأحداث من اختصاصات شرطة الأحداث الحصرية[50].

الخاتمة:

في ختام هذه الدراسة توصل الباحث إلى وجود أوجه تشابه واختلاف بين القانونين. وبصدد أوجه الاختلاف، فإن كفة الرجحان في بعض المسائل كانت لمصلحة القانون العراقي، وفي مسائل أخرى كانت لصالح القانون الأردني. وعليه، بإمكان المشرع في كلا البلدين الاستفادة من نقاط القوة في قانون البلد الآخر، وهذا ما تهدف إليه هذه الدراسة.

أولاً: من أوجه التشابه بين القانونين: أغلبية حالات التشرد والانحراف، والمحتاجين للحماية أو الرعاية متشابهة في القانونين،وجود تشابه كبير بين التدابير التي تصدر من محاكم الأحداث بحق المشردين والمنحرفين والمحتاجين، عدم جواز صدور التدابير بحق الأحداث من قبل المحكمة قبل استلام تقرير حول أوضاع الحدث الاجتماعية والصحية المنظم من قبل مكتب دراسة الشخصية أو مراقب السلوك، عدم وجود عدد كافي لمراكز شرطة الأحداث بحيث يغطي كافة المنطقة الجغرافية، أو على الأقل المناطق المكتظة بالسكان، وعدم جواز إصدار التدابير بحق الأحداث إلاّ من قبل محاكم الأحداث حصراً.

ثانياً: من أوجه الاختلاف بين القانونين، والتي تكون كفة الرجحان لصالح القانون الأردني:تسمية المشردين والمنحرفين، بالمحتاجين للحماية أو الرعاية، اتساع دائرة نطاق المستفيدين من الحماية أو الرعاية، شمول المحتاجين للحماية أو الرعاية بالرعاية اللاحقة بشكل واضح، إدخال أولياء أمور الأحداث في دورات تأهيلية، والسلطة التقديرية لمحكمة الأحداث في اختيار التدبير المناسب بحق الحدث دون إلزامه بالتدرج في اتخاذ التدابير.

ثالثاً: من أوجه الاختلاف بين القانونين، والتي تكون كفة الرجحان لصالح القانون العراقي:النص على عقوبات بحق الأولياء المهملين والمقصرين، اشتراط صفات معينة عند تسليم الحدث إلى غير وليّه، إعطاء السلطة التقديرية لمحكمة الأحداث في التراجع عن أي من قراراتها بخصوص حالات التشرد والانحراف دون حصرها في تدبير معين، حق المحكمة في إيقاع التدبير بحق المشرد أو المنحرف بمجرد إحالة الأوراق إليها، دون شرط تحريك الأوراق ابتداءً من قبل أشخاص أو جهات معينة، النص على إجراءات خاصة بحق الولي أو الشخص الذي خالف التعهد المأخوذ منه.

قائمة المراجع

القرآن الكريم.
البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، ج 2، (د.م: دار طوق النجاة، ط 1، 1422هـ).

المراجع اللغوية:

ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، ج 2، ج 3،) بيروت:دار صادر للنشر،ط3، 1414ه).
أبو حبيب، سعدي، القاموس الفقهي لغةً واصطلاحاً، (دمشق: دار الفكر،ط2، 1988م).
الرازي، محمد بن أبي بكر، مختار الصحاح، تحقيق: محمود خاطر، ج1،(بيروت: مكتبة ناشرون، طبعة جديدة، 1995م).
عمر، أحمد مختار عبد الحميد وآخرون، معجم اللغة العربية المعاصرة، ج 1، (د.م: عالم الكتب، ط 1، 2008م).
وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويتية، الموسوعة الفقهية الكويتية،ج 2،(الكويت:دار السلاسل، ط2، 1983م).
وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويتية، الموسوعة الفقهية الكويتية، ج 45، (الكويت، طبع الوزارة، ط 1، 2006م).

مراجع القانون العراقي:

الحسني، عباس، فعاليات جمعية صحة وتنظيم الأسرة العراقية وأثرها في استئصال الإجرام وجنوح الأحداث والمشرين، (بغداد: مطبعة الارشاد، د.ط، 1972م).
خوشناو، سردار عزيز، النظام القضائي المختص بالأحداث في العراق، (كوردستان: د.د.ن، ط1،2006م).
داود، ميادة، المشردون في العراق: قانون هزيل وعجز حكومي يدفع بالمشردين الى الانخراط في العنف والانحراف والجريمة.تاريخالزيارة: 11:00 AM، 9/11/2017.

http://www.nirij.org/?p=635

دنحا، عبدالأحد متي، ظاهرة أطفال الشوارع في العراق، موقع قناة عشتار الفضائية، تاريخ الزيارة: 12:54 PM، 9/11/2017

http://ishtartv.com/viewarticle,37863.html

الزبيدي، خولة، ظاهرة عمالة أطفال الشوارع في العراق، موقع إيلاف، تاريخ الزيارة: 12:50 PM، 9/11/2017.

http://elaph.com/Web/opinion/2014/6/918721.html

فرمان،عباس حكمت، التحقيق والمحاكمة في جنوح الأحداث، مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والإدارية، المجلد 2، العدد 13، 2009م.
عبد، بيداء كريم، الحقيقة الشرعية والقانونية للحضانة، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الحقوق بجامعة النهرين العراقية، 2004م.

مراجع القانون الأردني:

بشناق، سهير، العنف أسلوب جديد للمتسولين و(التنمية) تواصل ملاحقتهم، عمان، موقع وزارة التنمية الاجتماعية الاردنية. تاريخ الزيارة: 12:26 PM، 9/11/2017.

http://www.mosd.gov.jo/index.php?option=com_content&view=article&id=2218:2017-01-08-09-56-17&catid=95:95&Itemid=86

ثلاثة آلاف طفل متسول من بداية العام، موقع وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية، تاريخ الزيارة: 12:46 PM، 9/11/2017.

http://www.mosd.gov.jo/index.php?option=com_content&view=article&id=2209:2016-12-06-10-48-11&catid=95:95&Itemid=86

الدليل الإجرائي للتعامل مع الأحداث، (الأردن: مطبوعات يونسيف، د.ط،2004م).
الرعاية الأسرية البديلة للأطفال أفضل من نظيرتها المؤسسية لأثرها الإيجابي في التنمية الأسرية، موقع وزارة التنمية الاجتماعية الاردنية، تاريخ الزيارة 12:29 PM، 9/11/2017.

http://www.mosd.gov.jo/index.php?option=com_content&view=article&id=2254:2017-08-22-09-23-14&catid=95:95&Itemid=86

طوباسي، سهير أمين محمد، قانون الأحداث الأردني: دراسة تحليلية من واقع التطبيق العملي مقارنة بالاتفاقيات الدولية، (عمان: من مطبوعات ميزان وهي هيئة أردنية غير حكومية، د.ط، 2004م).
الدائرة القانونية، منظمة أرض العون القانوني، ورقة رأي قانوني حول قانون الأحداث رقم 32 لسنة 2014م، (د.م: د.د.ن، د.ط، 2015م).

القوانين:

قانون الأحداث الأردني رقم 32 لسنة 2014م.
قانون رعاية الأحداث العراقي رقم 76 لسنة 1983م.
قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969
قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقية رقم (23) لسنة 1971

[1] للمزيد من المعلومات راجع: دنحا، عبدالأحد متي، ظاهرة أطفال الشوارع في العراق، موقع قناة عشتار الفضائية، تاريخ الزيارة: 12:54 PM، 9/11/2017:http://ishtartv.com/viewarticle,37863.html

الزبيدي، خولة، ظاهرة عمالة أطفال الشوارع في العراق، موقع إيلاف، تاريخ الزيارة: 12:50 PM، 9/11/2017.

http://elaph.com/Web/opinion/2014/6/918721.html

[2] ثلاثة آلاف طفل متسول من بداية العام، موقع وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية، تاريخ الزيارة: 12:46 PM، 9/11/2017.

http://www.mosd.gov.jo/index.php?option=com_content&view=article&id=2209:2016-12-06-10-48-11&catid=95:95&Itemid=86

[3] الرازي، محمد بن أبي بكر، مختار الصحاح، تحقيق: محمود خاطر، ج1، بيروت، مكتبة ناشرون، طبعة جديدة، 1995م،ص 152.

[4] انظر وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويتية، الموسوعة الفقهية الكويتية، ج 45، الكويت، طبع الوزارة، ط 1، 2006م، ص 160-161.

[5] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، ج 2، ط3، دار صادر للنشر، بيروت، ص 132.

[6] الرازي، محمد بن أبي بكر، المرجع السابق، ص 53.

[7] انظر خوشناو، سردار عزيز، النظام القضائي المختص بالأحداث في العراق، كوردستان، د.د.ن، ط1، 2006م، ص46.

[8] م 2 ق. أحداث أردني رقم 32 لسنة 2014م.

[9] م 2 ق. أحداث أردني. وراجع أيضاً، الدليل الإجرائي للتعامل مع الأحداث، الأردن، مطبوعات يونسيف، د.ط، 2004م،ص5.

[10] انظر ابن منظور، محمد بن مكرم، المرجع السابق، ج3، ص 237.

[11] انظر الحسني، عباس، فعاليات جمعية صحة وتنظيم الأسرة العراقية وأثرها في استئصال الإجرام وجنوح الأحداث والمشرين، بغداد، مطبعة الارشاد، د.ط، 1972م،ص12-13.

[12]انظر عمر، أحمد مختار عبد الحميد وآخرون، معجم اللغة العربية المعاصرة، ج 1، د.م، عالم الكتب، ط 1، 2008م، ص 475.

[13] انظر خوشناو، سردار عزيز، المرجع السابق،ص50.

[14] أبو حبيب، سعدي، القاموس الفقهي لغةً واصطلاحاً، دمشق، دار الفكر، ط2، 1988م، ص 390.

[15]انظر وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويتية، الموسوعة الفقهية الكويتية، ج 2، الكويت، دار السلاسل، ط 2، 1983م، ص 383.

[16] انظر داود، ميادة، المشردون في العراق: قانون هزيل وعجز حكومي يدفع بالمشردين الى الانخراط في العنف والانحراف والجريمة. تاريخ الزيارة: 11:00 AM، 9/11/2017. http://www.nirij.org/?p=635

[17] القرآن الكريم، سورة الإسراء: آية 70.

[18] م 2 ق. أحداث أردني. المديرية يقصد بها: الوحدة التنظيمية المختصة في الوزارة بمتابعة شؤون الأحداث.

[19] انظر طوباسي، سهير أمين محمد، قانون الأحداث الأردني: دراسة تحليلية من واقع التطبيق العملي مقارنة بالاتفاقيات الدولية، عمان، من مطبوعات ميزان وهي هيئة أردنية غير حكومية، د.ط، 2004م، ص 38.

[20]انظر خوشناو، سردار عزيز، المرجع السابق، ص 50.

[21]راجع المراجع الآتية: دنحا، عبدالأحد متي، مرجع سابق (ألكتروني). الزبيدي، خولة، مرجع سابق (ألكتروني). داود، ميادة، مرجع سابق (ألكتروني). ثلاثة آلاف طفل متسول من بداية العام، مرجع سابق (ألكتروني). بشناق، سهير، العنف أسلوب جديد للمتسولين و(التنمية) تواصل ملاحقتهم، عمان، موقع وزارة التنمية الاجتماعية الاردنية. تاريخ الزيارة: 12:26 PM، 9/11/2017.

http://www.mosd.gov.jo/index.php?option=com_content&view=article&id=2218:2017-01-08-09-56-17&catid=95:95&Itemid=86

[22] م 10 ق.أحداث العراقي.

[23] خوشناو، سردار عزيز، المرجع السابق، ص235.

[24] خوشناو، سردار عزيز، المرجع السابق،ص143.

[25] راجع م 233/ج و235/ب ق. أصول، م53 و 66/أولاً وثانياً و 79/ثانياً ق.أحداث العراقي.

[26] راجع م 54و56 ق.أحداث العراقي، م 24/أولاً وثالثاً ق السلطة القضائية لإقليم كوردستان رقم 23 لسنة 2007

[27] م 26 ق.أحداث العراقي.

[28] م 26/ثالثا ق.أحداث العراقي.

[29] م 32ق. الرعاية الاجتماعية.

[30] م 26/رابعا ق.أحداث العراقي.

[31] م 109 ق.أحداث العراقي.

[32] عباس حكمت فرمان، التحقيق والمحاكمة في جنوح الأحداث، مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والإدارية، المجلد 2، العدد 13، 2009م، ص 328.

[33] البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله، صحيح البخاري، ج 2، د.م، دار طوق النجاة، ط 1، 1422هـ، ص 94.

[34] عبد، بيداء كريم، الحقيقة الشرعية والقانونية للحضانة، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الحقوق بجامعة النهرين العراقية، 2004م، ص 96.

[35]م 3 ق. أحداث أردني.

[36]انظر الدائرة القانونية، منظمة أرض العون القانوني، ورقة رأي قانوني حول قانون الأحداث رقم 32 لسنة 2014م، د.م، د.د.ن، د.ط، 2015م، ص 2.

[37]م 36/ج ق. أحداث أردني.

[38]انظر طوباسي، سهير أمين محمد، مرجع سابق، ص 38.

[39]م 2 ق أحداث أردني. دار رعاية الأحداث: الدار المنشأة أو المعتمدة لغايات إيواء الأحداث المحتاجين للحماية أو الرعاية وتعليمهم وتدريبهم. وراجع أيضاً، الدليل الإجرائي للتعامل مع الأحداث، المرجع السابق، ص 5.

[40]م 15 / د ق. أحداث أردني. تشكل محكمة صلح الأحداث في كل محافظة على الأقل ، وتختص بالنظر في المخالفات والجنح التي لا تزيد عقوبتها عن سنتين وتدابير الحماية أو الرعاية .

[41]م 36 ق. أحداث أردني.

[42]انظر طوباسي، سهير أمين محمد، مرجع سابق، ص 39.

[43]الرعاية الأسرية البديلة للأطفال أفضل من نظيرتها المؤسسية لأثرها الإيجابي في التنمية الأسرية، موقع وزارة التنمية الاجتماعية الاردنية، تاريخ الزيارة 12:29 PM، 9/11/2017.

http://www.mosd.gov.jo/index.php?option=com_content&view=article&id=2254:2017-08-22-09-23-14&catid=95:95&Itemid=86

[44]م 38 ق. أحداث أردني.

[45]م 39 ق. أحداث أردني.

[46]م 40 ق. أحداث أردني.

[47]بشناق، سهير، مرجع سباق (ألكتروني).

[48]انظر داود، ميادة، مرجع سابق (ألكتروني).

[49]انظر المرجع نفسه.
[50]انظر الدائرة القانونية، منظمة أرض العون القانوني، مرجع سابق، ص3.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *