شرط ثبوت الجريمة في المستقبل بإعتبار التلبس صحيحا وما يترتب على ذلك

شرط ثبوت الجريمة في المستقبل بإعتبار التلبس صحيحا وما يترتب على ذلك.

(1) قضاء النقض مطرد علي أن ثبوت الجريمة مستقبلا ليس شرطا لصحة التلبس إذ العبره في قيام التلبس وفقا لمذهب النقض هي بما يدل عليه الظاهر بغض النظر عن حقيقه الواقع. وتبدو اهميه الامر عندما يتوافر التلبس ظاهريا و يقوم مامور الضبط القضائي بناء عليه بالقبض على المتهم وتفتيشه ثم يسفر التفتيش عن ضبط جريمه أخرى اذ في هذه الحاله

و طبقا لقضاء النقض يعتبر التفتيش وما اسفر عنه صحيحين ولو تبين بعد ذلك ان الجريمه الاولى لا اساس لها او ان المتهم لم يرتكبها بوصفه فاعلا ولا شريكا.وتطبيقا لذلك قضت النقض بأن مجرد رؤية المتهم حاملا سلاحا يجعله متلبسا بجريمة حيازة سلاح ناري بدون ترخيص ولو تبين بعد ذلك أنه غير معاقب علي حيازته لكونه مجرد سلاح صوت فإن فتشه رجل الضبط القضائي وعثر معه علي مخدر فإن الضبط يكون صحيحا

(نقض 1969 /2/15 مجموعة أحكام النقض س 20 رقم 293 ص 1422)

كما قضت بأن إذا شاهد رجل الشرطة شخصا دمه ينزف غزيرا ورأي في نفس الوقت ذاته آخر يجري نحو الترام فأعتقد انه القاتل وامسك به فوجد معه مخدر فلا غبار علي هذا التصرف اذا ظهر فيما بعد أن القتيل مات منتحرا أو قضاء وقدر أو بفعل آخر

(نقض 1958 مجموعة أحكام النقض س 9 رقم 3 ص 84 )

وقضت حديثا أن قيام المتهم ببيع اقراص للضابط علي انها مخدرة يحقق التلبس ولو تبين أن الأقراص المباعة دوائية عادية وليس مخدرة

(الطعن رقم 11530 لسنة 86 جلسة 2018/10/27)

وتؤسس محكمة النقض مذهبها علي نظرية ابتدعتها حاصلها أن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجري علي حكم الظاهر ولا تبطل من بعد نزولا علي ما قد ينكشف من أمر الواقع وهذا الاصل-وفقا للنقض-وان لم يقرره نص صريح الا ان المشرع اعمله واداره عليه عديد من نصوصه ورتب احكامه والشواهد عليه فى قانون الاجراءات عديده و حاصلها ان الاخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الاجرائي الذي يتم على حكمه تيسيرا لتنفيذ احكام القانون وتحقيقا للعداله

(نقص1/1/ 1973 مجموعه احكام النقض س24ص 1رقم ١؛ نقص 28/ 3/ 1985س 36،ص460رقم 78؛ نقض1969/6/30س20ص967رقم 139)

ولأن ثبوت الجريمة علي حقيقتها لا يكون إلا بناء علي التحقيقات التي تجري في الدعوى

( قضاء مستقر علي سبيل المثال انظر نقض 1988/10/20 الطعن رقم 3055 لسنه 58 ق؛ نقض 1990 /12/19 الطعن رقم 24518 لسنه 59 ق )

(2) ويؤيد نفر من الفقهاء هذا القضاء مع اشتراط أن يكون الظاهر موضوعيا حرصا علي الحقوق والحريات العامة

(د.عوض محمد عوض-المبادئ العامة في الإجراءات الجنائية-١٩٩٩-ص٢٧٥؛د.محمد زكي أبو عامر-الاجراءات الجنائية-٢٠١٣-ص١٩٥)

أما جمهور الفقه فلا يؤيده بل ينتقده لمخالفته اصلا مستقر حاصله أن الضابط في نشوء السلطة الإجرائية رهن بتحقق السبب المنشيء لها حقيقة وحكما ولا يغني عن ذلك مجرد الاعتقاد بتحقق هذا السبب ومؤدي مذهب النقض أن سند سلطات مأمور الضبط القضائي في القبض والتفتيش لم يعد حاله التلبس وإنما مجرد الاعتقاد بتوافره

(د.محمود نجيب حسني-شرح قانون الإجراءات الجنائية-١٩٩٨-ص٤٨٧؛د.رمسيس بهنام-الاجراءات الجنائية تاصيلا وتحليلا-١٩٨٤-ص٣٢١؛د.مامون سلامة-الاجراءات الجنائية في التشريع المصري-الجزء الاول-٢٠٠٨-ص٥٢١؛د.فوزية عبد الستار-شرح قانون الإجراءات الجنائية-٢٠١٦-ص٣٦٥؛د.محمود مصطفي-شرح قانون الإجراءات الجنائية-١٩٨٨-ص٢٣١؛د.احمد فتحي سرور-الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية-الجزء الأول-٢٠١٦-ص٦٩٨؛د.عبد الفتاح الصيفي-تاصيل الإجراءات الجنائية-٢٠٠٢-ص٣٤٢).

(3) ورأي الجمهور لدينا اصوب لأن من شأن الأخذ بمذهب النقض تشجيع رجل الضبط القضائي علي عدم تحري الدقة في عمله والعسف والاجتراء في تنفيذ الإجراءات فينتهي الأمر الي ان تضحي سلطات مأمور الضبط القضائي مطلقة من كل قيد ولا تستند الي ضابط قانوني.

أما ارتكان النقض الي نظريه الظاهر فمحل نظر لأن هذه النظرية نشأت في رحاب القانون المدني تحت مسمى الأوضاع الظاهرة وان كان يمكن قبول النظرية في العلاقات المدنية علي اعتبار أنها تنظم استقرار الأوضاع الظاهره في المجتمع فإن تطبيقها في الإجراءات الجنائية جد خطير لأن المشرع لايسوغ اتخاذ إجراء جنائي الابنص وبشروط معينه ومن شأن الأخذ بنظرية الظاهر أن يضحي إيجاب المشرع لشروط صحه الإجراء عبثا بل مجرد لغوا وهو ما يتنزه عنه المشرع.

والخلاصة أن التلبس لايقوم بمجرد توافر المظاهر الخارجية التي تحمل علي الاعتقاد بتوافره مادام تبين بعد ذلك أن التلبس لم يكن له وجود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *