صيغة مذكرة دفاع في نقض مدني – انهاء أو امتداد عقد الايجار

صيغة مذكرة دفاع في نقض مدني – انهاء أو امتداد عقد الايجار.

محكمة النقض
الدائرة المدنية
مذكرة
مُقدمة في يوم …………………….. الموافق ………../ ………../ ………..م
بدفاع/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته. (المطعون ضده الأول)
ضــد
السيد/ زكريا ********** وآخرين. (طاعنون)
في الطعن (بالنقض المدني) رقم 16946 لسنة 79 قضائية.

أولاً- الوقائع
نستأذن عدالة المحكمة الموقرة في الإحالة فيما يخص وقائع الطعن الماثل إلى ما جاء بالحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي، وإلى سائر الأوراق لا سيما مذكرات دفاعنا وحوافظ مستنداتنا، منعاً من التكرار وحفاظاً على ثمين وقت عدالة المحكمة الموقرة.
إلا أننا نلخص الموضوع في أنه: إذ انتهى عقد إيجار الطاعنين في تاريخ 31/10/2007، وإذ عزمت هيئة الأوقاف المصرية (المؤجرة، المطعون ضدها الأولى) على طرح أطيان التداعي للتأجير من جديد، ومن ثم أخطرت هيئة الأوقاف المصرية الطاعنين، بموجب خطاب مسجل بعلم الوصول الرقيم 862/14ر في تاريخ 26/3/2007 (أي قبل سبعة أشهر من التاريخ المحدد لانتهاء عقد إيجارهم لأطيان التداعي) وقد جاء في هذا الخطاب ما نصه: “نتشرف بأن نحيط علم سيادتكم بأنه قد تحدد يوم الأربعاء الموافق 11/4/2007 موعداً لإجراء الممارسة المحدودة لتأجير المزرعة المتخصصة لإنتاج الموالح (رمسيس سابقاً) بديوان عام الهيئة، والتي ينتهي عقد تأجير سيادتكم لها في 31/10/2007، فيرجى من سيادتكم الحضور لديوان عام الهيئة لشراء كراسة الشروط الخاصة بالممارسة ودفع التأمين اللازم حسب ما جاء بكراسة الشروط …”.
كما قامت هيئة الأوقاف المصرية بتعزيز ذلك الإخطار بفاكس أرسلته للطاعنين، تخطرهم فيه بموعد الجلسة المحددة لتأجير أطيان التداعي من جديد، ودعتهم للحضور لديوان عام هيئة الأوقاف لشراء كراسة الشروط الخاصة بتلك الممارسة ودفع التأمين اللازم. إلا أن الطاعنين (رغم إخطارهم بخطاب مسجل بعلم الوصول وبالفاكس المذكورين) لم يحضروا ولم يشتروا كراسة الشروط ولم يدفعوا مبلغ تأمين دخول الممارسة ولم يدخلوا في الممارسة المحددة لتأجير أطيان التداعي من جديد بعد انتهاء مدة عقد إيجارهم لها.
وعليه، أنذرت هيئة الأوقاف المصرية الطاعنين بتسليمها أطيان التداعي بعد انتهاء مدة إيجارهم لها، وبالفعل قام الطاعنون بتسليم أطيان التداعي لهيئة الأوقاف المصرية في تاريخ 24/12/2007.
وكانت قد عقدت جلسة ممارسة في تاريخ 11/4/2007 (التي تخلف الطاعنون عن حضورها رغم إخطارهم ودعوتهم للحضور) وقد رست الممارسة على تأجير أطيان التداعي إلى شركة الجبالي فروت (المطعون ضده الثاني)، وتحرر عقد إيجار لتلك الشركة الأخيرة بتاريخ 21/7/2007 على أن تبدأ مدة الإيجار من 1/11/2007 لمدة ثلاث سنوات ثم تجدد بعد ذلك لمدة سنتين أخريين بزيادة 10% من آخر قيمة ايجارية. وذلك عن كامل مساحات الحدائق بقيمة ايجارية للفدان الواحد تبلغ 12355.00جم (اثنا عشر ألف وثلاثمائة وخمسة وخمسون جنيهاً للفدان الواحد) أي أزيد من ضعف القيمة الايجارية التي كانت مقدرة في عقود الإيجار السابقة بما فيها عقد الطاعنين.
وفي تاريخ 24/12/2007 (تاريخ تسليم الطاعنين لأطيان التداعي لهيئة الأوقاف) قام الطاعنون بتحرير محضر اتفاق مع المستأجر الجديد (شركة الجبالي فروت، المطعون ضده الثاني) اتفقوا فيه على التزام المستأجر الجديد بالمحافظة على ثمار تلك الحدائق، من تاريخ تحرير ذلك المحضر وحتى تاريخ 15/5/2008 وهو تاريخ نهاية جمع تلك الثمار، وقد وقع على ذلك المحضر السيد/ زكريا حامد شمس عن جميع المستأجرين.

ثانياً- الدفاع
في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفاع الدفوع المبداة منا أمام محكمة أول وثان درجة، ونعتبرهم جميعاً جزءاً لا يتجزأ من دفاعنا الراهن، ونضيف إلى ما سبق ما يلي:

جحد كافة الصور الضوئية المقدمة من الطاعنين:
قدم الطاعنون صوراً ضوئية لمستنداتهم بحوافظ مستنداتهم المقدمة في الطعن الماثل، وهيئة الأوقاف تجحد كافة تلك الصور الضوئية المُقدمة منهم.
ولما كان من المقرر في قضاء النقض أنه: “لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع”. (نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية – جلسة 19/12/1982. والطعنان رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية – جلسة 28/2/1984. والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية – جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).
وهدياً بما تقدم، ولما كان الطاعنون قد جاءت مُستندات طعنهم الماثل خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المطعون ضدها الأولى قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات، بما كان يتعين معه الالتفات عن تلك المُستندات المجحود صورها الضوئية.

إعذار الطاعنين وإخطارهم والتنبيه عليهم بإنهاء عقد إيجارهم:
لما كان “الإعذار” هو: إرادة منفردة، تصدر من الدائن، ويعلن بها المدين، وتفرغ في شكل خاص. ويشترط فيمن يصدر عنه الإعذار أهلية الإدارة دون أهلية التصرف.
ولما كانت المادة 219 مدني تنص على أن: “يكون إعذار المدين بإنذاره أو بما يقوم مقام الإنذار، ويجوز أن يتم الإعذار عن طريق البريد على الوجه المبين في قانون المرافعات، كما يجوز أن يكون مترتباً على اتفاق يقضي بأن يكون المدين معذراً بمجرد حلول الأجل دون حاجة إلى أي إجراء آخر”.
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في هذا الصدد ما يأتي: “اقتصر المشروع في شأن الإعذار بوجه عام على ضبط حدود بعض الأحكام ضبطاً قصد به إلى علاج ما يعتور من نصوص التقنين الحالي (السابق) من اقتضاب مخل. ويراعى بادئ ذي بدء أنه لم يأت على وجه الإطلاق جديد فيما يتعلق بقاعدة وجوب الإعذار أو ما يرد عليها من استثناءات. على أن ذلك لم يصرفه عن استحداث أحكام أخرى، قد يكون أهمها ما يتصل بإصلاح الإجراءات المتبعة في إعذار المدين، فقد قضى المشروع بجواز الاكتفاء بمجرد طلب كتابي في المواد المدنية. وهو بهذا يخالف ما جرى عليه القضاء المصري دفعاً لحرج الغلو في التشبث بشكلية الإجراءات”. (مجموعة الأعمال التحضيرية – الجزء الثاني – صـ 544).
والأصل في إعذار المدين أن يكون بإنذاره، ولكن ليس الإنذار هو الطريق الوحيد لإعذار المدين، فهناك ما يقوم مقام الإنذار، وأية ورقة رسمية(1) يظهر منها بجلاء رغبة الدائن في أن ينفذ المدين التزامه – تقوم مقام الإنذار، من ذلك (على سبيل المثال لا الحصر) التنبيه الرسمي الذي يسبق التنفيذ ومحضر الحجز وأيضاً صحيفة الدعوى ولو رفعت أمام محكمة غير مختصة. (المصدر: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثاني – طبعة 2006 – بند 465 – صـ 750).
ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “الإعذار هو وضع المدين في حالة المتأخر في تنفيذ التزامه، ويكون ذلك بإنذاره بورقة رسمية من أوراق المحضرين، أو ما يقوم مقامه، وتعتبر المطالبة القضائية ذاتها إعذاراً”. (نقض مدني في لطعن رقم 1414 لسنة 53 قضائية – جلسة 3/2/1991).
كما تواتر قضاء النقض على أن: “الأصل في الإعذار أن يكون بإنذار المدين على يد محضر، بالوفاء بالتزامه الذي تخلف عن تنفيذه، ويقوم مقام الإنذار كل ورقة رسمية يدعو فيها الدائن المدين إلى الوفاء بالتزاماته ويسجل عليه التأخير في تنفيذه، ولا يتطلب القانون أن تتضمن الورقة فوق ذلك تهديد المدين بطلب فسخ العقد في حالة عدم وفائه بالتزامه، ذلك لأن الفسخ والتعويض كليهما جزاء يرتبه القانون على تخلف المدين عن الوفاء بالتزاماته في العقود الملزمة للجانبين وليس بلازم أن ينبه المدين إليها قبل رفع الدعوى بطلب أيهما”. (نقض مدني في الطعن رقم 1110 لسنة 49 قضائية – جلسة 6/2/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 398. وفي الطعن رقم 1164 لسنة 48 قضائية – جلسة 12/3/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – 645. وفي الطعنين رقمي 523 و 524 لسنة 29 قضائية – جلسة 12/11/1964 مجموعة المكتب الفني – السنة 15 – صـ 1028).
لما كان ما تقدم، وكان البند الثالث من عقد إيجار أعيان التداعي ينص على أنه في حالة رغبة أياً من الطرفين في عدم التجديد يتم إخطار الطرف الآخر قبل نهاية العقد بفترة لا تقل عن ستة أشهر بخطاب مسجل بعلم الوصول، ولما كانت الهيئة المؤجرة قد أخطرت الطاعنين بموجب خطاب مسجل بعلم الوصول في أواخر شهر مارس 2007 (أي قبل نهاية مدة العقد بسبعة أشهر كاملة) وذلك بموجب الخطاب المسجل بعلم الوصول رقم 862/14ر بتاريخ 26/3/2007 وهذا نصه: “نتشرف بأن نحيط علم سيادتكم بأنه قد تحدد يوم الأربعاء الموافق 11/4/2007 موعداً لإجراء الممارسة المحدودة لتأجير المزرعة المتخصصة لإنتاج الموالح (رمسيس سابقاً) بديوان عام الهيئة، والتي ينتهي عقد تأجير سيادتكم لها في 31/10/2007، فيرجى من سيادتكم الحضور لديوان عام الهيئة لشراء كراسة الشروط الخاصة بالممارسة ودفع التأمين اللازم حسب ما جاء بكراسة الشروط …”. وهذا ثابت كذلك من شهادة الإدارة العامة لبريد الجيزة عن مصير المسجل رقم 862/14ر المرسل من هيئة الأوقاف المصرية إلى المدعين بأنه قد تم تسليم هذا المسجل للمدعين في تاريخ 26/3/2007.
فمن ثم يكون هذا الإخطار قد تضمن التنبيه بانتهاء العقد ودعوة الطاعنين إلى التمارس على تأجيرها من جديد إن هم رغبوا في ذلك، إلا أن الطاعنين لم يتقدموا للتمارس على تأجيرها من جديد بل سلموا أطيان التداعي بناء على إنذار الهيئة لهم بتسليمها إليها بعد انتهاء عقد إجارتها لهم، فيكون – والحال كذلك – قد تحقق الغرض من الإخطار في إنهاء العلاقة الايجارية، وعليه يكون طلب الطاعنون إلزام هيئة الأوقاف المطعون ضدها الأولى بتحرير عقد إيجار لهم عن المدة التي تجدد وأمتد إليها العقد تكون قد جاءت على غير سند صحيح من القانون خليقة بالرفض. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويكون النعي عليه لهذا السبب غير سديد.
فضلاً عن أنه يغني عن الإخطار بخطاب بعلم الوصول الفاكس المرسل إلى المدعين والذين أقروا باستلامه.
مع ملاحظة أن السيد/ زكريا حامد قد وقع العقد بصفته المستأجر الأصلي عن نفسه وعن أولاده، كما أنه في محضر تسليم أطيان التداعي للهيئة بعد انتهاء عقد إيجارها لهم وقع عن جميع المستأجرين، كما أنه أخطر هيئة الأوقاف المصرية بأن أية مكاتبات أو مخاطبات بشأن عقود إيجارهم لأطيان التداعي تكون له هو وعلى العنوان الذي حدده.

شكل التنبيه والإخطار بالإنهاء:
من المسلم به قانوناً أنه ليس للتنبيه شكل خاص، فيجوز أن يكون بإنذار على يد محضر، أو بكتاب مسجل بعلم الوصول، أو بكتاب عادي، بل ويجوز أن يكون شفوياً. ولكن من صدر منه التنبيه يحمل عبء إثباته.
ويجوز إعطاء التنبيه على المخالصة بالأجرة، كما يجوز توجيهه في برقية إذا تبين جلياً من البرقية اسم المرسل. ويكون التنبيه بالإنهاء أو الإخطار بالإخلاء صحيحاً، حتى ولو كان الإنذار الرسمي الذي تضمن هذا التنبيه باطلاً لعيب في الشكل مثلاً.
وهذا لا يمنع المتعاقدين من أن يشترطا شكلاً خاصاً للتنبيه، كأن يحتما أن يكون التنبيه على يد محضر أو بكتاب مسجل، ويرجع إلى نية المتعاقدين في معرفة ما إذا كان قد أرادا بهذا الشكل الخاص ألا يكون للتنبيه وجود قانوني بدونه، أو أنهما أراداه لمجرد إثبات التنبيه. وفي الحالة الأخيرة يكون التنبيه موجوداً ولو لم يحصل بالشكل المشترط، إلا أن إثباته لا يكون إلا بالإقرار أو اليمين عند عدم حصوله بالشكل المتفق عليه.
وإذا اتفق المتعاقدان على شكل خاص للتنبيه، ولم يتبين هل قصدا أن يكون هذا الشكل للانعقاد أو للإثبات، اعتبر الشكل المتفق عليه للإثبات لا للانعقاد، لأن الأصل في العقود والتصرفات القانونية أن تكون رضائية. (المصدر: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء السادس: “عقد الإيجار والعارية” – طبعة 2006 القاهرة – بند 511 – صـ 729 و 730).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “التنبيه بالإخلاء هو تصرف قانوني صادر من جانب واحد يتضمن رغبة صاحبه استناداً إلى إرادته المنفردة في إنهاء العقد، فيجب أن يشتمل التنبيه على ما يفيد – بغير غموض – الإفصاح عن هذه الرغبة ولا يلزم احتواء التنبيه الموجه من أحد طرفي العقد إلى الطرف الآخر لإخلاء المكان المؤجر لانتهاء مدته على ألفاظ معينة أو تحديد السبب الذي حمل موجه التنبيه إلى طلب الإخلاء، مما مؤداه أنه يكفي لتحقق الأثر المترتب على التنبيه دلالة عباراته في عمومها على القصد منه وهو إبداء الرغبة في اعتبار العقد منتهياً في تاريخ معين إعمالاً للحق المستمد من العقد أو نص القانون، فتنحل بذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة وينقضي العقد فلا يقوم من بعد إلا بإيجاب وقبول جديدين”. (نقض مدني في الطعن رقم 1776 لسنة 55 قضائية – جلسة 24/1/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 252. وفي الطعن رقم 1504 لسنة 54 قضائية – جلسة 21/12/1989. وفي الطعن رقم 941 لسنة 51 قضائية – جلسة 25/5/1988. المصدر: المرجع السابق – نفس الموضوع وهوامشها).
لما كان ما تقدم، وكان المُقرر بنص المادة 598 من القانون المدني أن الأصل أن عقد الإيجار ينتهي بانتهاء مدته، غير أن المتعاقدين بالعقد سند الطعن الماثل قد اتفقا في البند الثالث منه على امتداد عقد الإيجار ما لم ينبه أحدهما على الآخر برغبته في إنهاء عقد الإيجار قبل نهايته بستة أشهر أي في موعد أقصاه 30/4/2007 وكانت هيئة الأوقاف المصرية حسبما هو ثابت بالأوراق قد أخطرت الطاعنين المستأجرين القدامى برغبتها في عدم تجديد العقد وطرح أطيان التداعي في ممارسة محدودة وذلك بكتابها إليهم بالمسجل بعلم الوصول والذي تم تسليمه إليهم في 26/3/2007 ومن ثم تكون هيئة الأوقاف قد التزمت أحكام البند الثالث من العقد ويكون عقد الإيجار قد انتهى في أجله دون تمديد أو تجديد، وتكون هيئة الأوقاف بذلك قد أثبت تخالصها من الالتزام الذي محله عقد الإيجار عملاً بنص المادة الأولى من قانون الإثبات، ومن ثم تكون الدعوى قد جاءت على غير سند من صحيح القانون خليقة برفض الطلب الأصلي ورفض ما أدمج به من طلبات مترتبة عليه. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.

أثر التنبيه والإخطار بالإنهاء:
لما كان ما تقدم، وكان من المسلم به أن التنبيه بإنهاء عقد الإيجار يعتبر عملاً قانونياً لأنه إرادة تتجه إلى إنهاء عقد الإيجار، وهو عمل قانوني يصدر من جانب واحد لأنه تكفي فيه إرادة واحدة أي لا يحتاج فيه إلى قبول الطرف الآخر. فهو يتم بمُجرد إعلان أحد الطرفين إلى الآخر رغبته في إنهاء الإيجار وبلوغه إلى علم الطرف الآخر سواء قبل ذلك الطرف إنهاء العقد أو لم يقبله. ويترتب عليه بمُجرد تمامه أي بمُجرد إعلانه إلى الطرف الآخر إنهاء العقد دون توقف على إرادة من وجه إليه التنبيه. (المرجع: “الوافي في شرح القانون المدني” – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثالث: “في العقود المُسماة” – المُجلد الثاني: “عقد الإيجار” – الطبعة الرابعة 1993 القاهرة – بند 262 ، 263 – صـ 682 : 685).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “التنبيه بالإخلاء هو تصرف قانوني صادر من جانب واحد يتضمن رغبة صاحبه استنادا إلى إرادته في انتهاء الإيجار ويتحقق أثره بمجرد أن يعلن عن هذه الإرادة في انتهاء العقد إلى المتعاقد الآخر فتنحل تبعاً لذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة بينهما”. (نقض مدني في الطعن رقم 735 لسنة 54 قضائية – جلسة 29/1/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 329).
وقد تواتر قضاء النقض على أن: “التنبيه بانتهاء مدة عقد الإيجار هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – عمل قانوني من جانب واحد، يتحقق أثره بمجرد أن يعلن مُوجهه عن إرادته في إنهاء العقد إلى المتعاقد الآخر، فتنحل تبعاً لذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة بينهما، وأنه ولئن كان ميعاد التنبيه وتحديد المدة التي ينتهي العقد فيها مقرراً لمصلحة الطرف الموجه إليه التنبيه إلا أنه لا وجه للقول ببطلان التنبيه الذي يخالف فيه موجهه ميعاد توجيهه أو تحديد تاريخ انتهاء العقد لانتفاء مبرر البطلان”. (نقض مدني في لطعن رقم 8529 لسنة 65 قضائية – جلسة 22/12/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 1616).
وهدياً بما تقدم، ولما كان الإخطار بالإنهاء قد تحقق على النحو السالف ذكره، ومن ثم تنحل تبعاً لذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة هيئة الأوقاف المصرية وبين الطاعنين. ويلتزم تبعاً لذلك الطاعنون برد أطيان التداعي إلى هيئة الأوقاف المُؤجرة بعد انتهاء مُدة الإيجار، وبالحالة التي تسلمها عليها، طبقاً لنص المادة 591/1 مدني والتي تنص على أنه: “على المُستأجر أن يرد العين المُؤجرة بالحالة التي تسلمها عليها”. علماً بأن المستأجر ملزم قانوناً باحترام بنود العقد (الذي هو شريعة المُتعاقدين طبقاً لنص المادة 147 من القانون المدني) وتطبيقها بما يتفق مع حسن النية (طبقاً لنص المادة 148 من القانون المدني) وإخلاء عين التداعي وردها بحالتها التي كانت عليها عند التعاقد.

عدم ضرورة الإعذار:
وفضلاً عما تقدم، ولما كان من المُقرر قانوناً أن إعذار المدين واجب في التنفيذ العيني إذا كان المقصود أن يكون هذا التنفيذ قهرياً بطريق الإجبار، أما إذا كان التنفيذ العيني يتحقق بحكم القانون، أو قام به المدين مختاراً غير مجبر، فظاهر أنه لا حاجة إلى الإعذار في هاتين الحالتين. (المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثاني – طبعة 2006 – بند 411 – صـ 695 وما بعدها).
وهدياً بما تقدم، ولما كان إنهاء العقد بعد الإخطار يتحقق بحكم القانون بمجرد إعلان الطاعنين بالإنهاء بدون حاجة إلى قبول منهم، ولما كان الطاعنون قد سلموا أطيان التداعي لهيئة الأوقاف المصرية عندما طالبتهم بتسليمها استناداً لانتهاء عقد إيجارها بعد أن أنذرتهم بالتسليم، فإنه لا يجوز بعد ذلك للطاعنين التذرع بعدم إعذارهم بإنهاء عقد الإيجار إذ أن تسليمهم لأطيان التداعي مختارين يفيد رضائهم – ولو ضمنياً – بإنهاء عقد الإيجار، فضلاً عن أن الإنهاء يتحقق بحكم القانون بمجرد إعلان التنبيه بالإنهاء وبدون حاجة لرضاء أو قبول الطاعنين، ومن ثم يكون زعمهم بتجديد ذلك العقد لعدم الإعذار، تكون قد جاءت على غير سند من القانون خليقة بالرفض. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. ويكون النعي عليه في غير محله.

رفض طلب بطلان الممارسة، وعدم قبوله لرفعه من غير ذي صفة ولانتفاء المصلحة فيه:
لما كان من المستقر عليه إن طلب الإبطال يكون لطرفي التعاقد دون غيرهما، بل تنص الماد 138 مدني على أنه إذا جعل القانون لأحد المتعاقدين حقاً في إبطال العقد فليس للمتعاقد الآخر أن يتمسك بهذا الحق. بينما الغير الذي ليس طرفاً في هذه العلاقة فكل ما له هو أن يطلب عدم نفاذ ذلك التصرف في حقه ولكن ليس له أن يطلب إبطال التصرف ذاته.
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “لا يجوز للطاعن أن يتحدى ببطلان التنازل الصادر من المطعون ضده السابع بصفته ولياً طبيعياً عن الأطيان المملوكة للقاصر بدعوى أنه لم يحصل بشأنها على إذن من محكمة الأحوال الشخصية إذ أن هذا البطلان نسبى شرع لمصلحة القاصر وحده دون الغير. كما أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا شأن له بالنظام العام إذ هو مقرر لمصلحة من وضع لحمايته فلا يحق لغيره أن يحتج بهذا البطلان”. (نقض مدني في الطعن رقم 1083 لسنة 52 قضائية – جلسة 6/2/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – الجزء الأول – صـ 185).
ومن ثم يكون طلب بطلان الممارسة قد جاء على غير سند من صحيح القانون، لا سيما وأنه سبق إيضاح عدم أحقية الطاعنين في تجديد عقد إيجار أطيان التداعي على النحو السالف ذكره. إذ بعد انتهاء عقد إيجار المدعين فلا صفة ولا مصلحة قانونية مباشرة لهم في صحة أو بطلان إعادة تأجير تلك الأطيان للغير، فأياً كان وجه الرأي في إعادة التأجير فهو لن يؤثر على المركز القانوني للطاعنين الذين انتهت عقود إيجارهم بالفعل على النحو السالف بيانه.
ومن ثم يحق لهيئة الأوقاف المصرية الدفع بعدم قبول طلب بطلان جلسة الممارسة أو بطلان العقد المبرم مع الشركة الجبالي فروت لرفعه من غير ذي صفة وعدم قبوله لانعدام المصلحة فيه.

عدم خضوع صفقة تأجير أطيان التداعي لقانون المناقصات والمزايدات:
تنص المادة 5 من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن: “تتولى الهيئة، نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية، إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالاً خاصة”.
هذا، وقد قضت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة (والمنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة) بأن: “التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف، نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية، في شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها، تعد من التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص ، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات التي تتفرع عنها”. (الطعن رقم 3096 لسنة 35 قضائية “إدارية عليا” – بجلسة 6/5/1999).
هذا، وقد تواتر قضاء المحكمة الإدارية عليا على أن: “القانون ناط بوزارة الأوقاف القيام على شئون الأوقاف الخيرية وخلفتها في ذلك هيئة الأوقاف المصرية التي أنشئت بالقانون رقم 80 لسنة 1971 فتختص بإدارة واستثمار والتصرف في أموال الأوقاف الخيرية نائبة عن وزير الأوقاف بوصفة ناظر الوقف ـ الوقف من أشخاص القانون الخاص وتقوم هيئة الأوقاف نيابة عن وزير الأوقاف بهذه الأعمال بوصفها شخص من أشخاص القانون الخاص ولا تعتبر قراراتها في هذا الشأن قرارات إدارية. وما يثور بشأنها لا يدخل في عموم المنازعات الإدارية ـ مؤدى ذلك: عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في هذه الدعاوى والمنازعات ـ تطبيق”. (الطعن رقم 4021 لسنة 41 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 20/6/2001 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – القاعدة رقم 262 – صـ 2227 وما بعدها).
وقد كانت تلك الأسانيد والحقائق القانونية سالفة الذكر نفسها سنداً للمحكمة الدستورية العليا في قضائها “بعدم دستورية البند (ح) من المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المُعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 فيما تضمنه من النص على جواز إتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بما يكون مُستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً من إيجارات للأعيان التي تديرها الوزارة، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مُقابل أتعاب المُحاماة”. (في الطعن رقم 104 لسنة 23 قضائية “دستورية” – بجلسة 9/1/2005).
وقد أوردت المحكمة الدستورية العليا في حكمها ذلك ما نصه أن: “أموال الأوقاف تعتبر بصريح نص المادة 5 من القانون رقم 80 لسنة 1971 أموالاً خاصة مملوكة للوقف باعتباره – عملاً بنص المادة 52/3 من القانون المدني – شخصاً اعتبارياً، وهو يدخل بحسب طبيعته في عِداد أشخاص القانون الخاص، ولو كان يباشر النظر عليه شخصاً من أشخاص القانون العام، إذ يظل النظر – في جميع الأحوال – على وصفه القانوني مُجرد نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص”.
وحيث أن أشخاص القانون الخاص والأموال الخاصة لا يخضع كليهما لأحكام قانون المناقصات والمزايدات. حيث تواتر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن: “المادة الأولى من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983. (المقابلة لنص المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 89 لسنة 1998 بتنظيم المناقصات والمزايدات). لا يسري قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه على الجهات الخاصة ومنها الجمعيات التعاونية الزراعية ـ مؤدى ذلك: عدم إلزام تلك الجمعيات باتباع أحكامه عند التصرف في أموالها ـ لا يغير من ذلك أن إدارة التعاون الزراعي بمديرية الزراعة هي التي تولت بيع الأرض المملوكة للجمعية المذكورة ـ أساس ذلك: أن قيام الجهة الإدارية المذكورة ببيع الأرض كان بناء على تفويض صادر لها من الجمعية التعاونية الزراعية ـ ليس من شأن ذلك تغيير المركز القانوني للجمعية أو تعديل طبيعة أموالها والتي تظل أموالاً خاصة لا تخضع لأحكام القانون رقم 9 لسنة 1983 المشار إليه”. (الطعنان رقما 980 و 1494 لسنة 36 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 5/3/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 39 – القاعدة رقم 99 – صـ 1031).
كما أفتت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بـ: “سريان أحكام اللوائح الخاصة بهيئة الأوقاف المصرية على التصرفات التي تجريها الهيئة بوصفها نائبة عن ناظر الوقف؛ وتطبيق قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 على التصرفات التي تجريها بوصفها هيئة عامة في غير أموال الوقف”. ( ملف الفتوى رقم: 54 / 1 / 355 في تاريخ 23/12/2001 ).
وفضلاً عما تقدم، وتأييداً لما تقدم، فقد نصت الفقرة “د” من المادة 4 من المرسوم بقانون رقم 1141 لسنة 1972 بتنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية على أن: “مجلس إدارة الهيئة هو السلطة المُهيمنة على شئونها وتصريف أمورها واقتراح السياسية العامة التي تسير عليها وله أن يتخذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله وعلى الأخص: … إصدار اللوائح والقرارات الداخلية في المسائل المالية والإدارية والفنية التي تسير عليها الهيئة، وذلك دون التقيد بالقواعد الحكومية “.
كما ينص البند “و” من الفقرة الثانية من المادة 11 من ذات المرسوم بقانون سالف الذكر على أنه: “… ويجوز للهيئة الاستبدال أو البيع بالممارسة في الأحوال الآتية: … في الحالة التي تدعو إليها مصلحة الهيئة في إدارة أموالها واستثمارها …”.
وإذا كان هذا هو الحال في الاستبدال أو البيع، وهو تصرف في حق الرقبة، وجميع عناصر حق الملكية، فمن باب أولي يطبق هذا النص في حالة الإيجار، وهو من أعمال الإدارة، التي تنصب على حق المنفعة فقط دون الرقبة، لأن من يملك الكل يملك الجزء من باب أولى.
وهدياً بما تقدم، فطالما إن التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف المصرية (المطعون ضدها الأولى)، في شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها، تعد من التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص، وطالما إن أموال الوقف هي أموال خاصة دائماً وليست أموال عامة ولا مملوكة للدولة، لذا فإن قيام هيئة الأوقاف المصرية بإدارة أموال الوقف الخيري كشخص من أشخاص القانون الخاص يدير أموال خاصة فتخضع بهذه المثابة لأحكام القانون المدني الشريعة العامة وليس لأحكام قانون المناقصات والمزايدات، ومن ثم يكون طلب بطلان الممارسة استناداً لمزاعم بمخالفتها لقانون المناقصات والمزايدات، يكون – والحال كذلك – قد جاء على غير سند من صحيح القانون خليقة بالرفض، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويكون النعي عليه لهذا السبب غير سديد.
علماً بأن القيمة الايجارية في عقد الإيجار الحالي مع شركة الجبالي فروت يزيد عن إجمالي القيمة الايجارية لجميع العقود السابقة بمبلغ يربو على الـ 28000000جم (ثمانية وعشرون مليون جنيهاً) في العام الواحد x مدة خمس سنوات = نجد أن الفرق فيها يزيد على مبلغ 140000000جم (مائة وأربعون مليون)، فلمصلحة من يتم إهدار هذا المبلغ الذي يستخدم لخدمة أغراض البر والنفع العام للمسلمين ولنشر الثقافة والدعوة الإسلامية والتي تقوم عليها هيئة الأوقاف المصرية ووزارة الأوقاف، وإذا كان الطاعنون يرغبون في استئجار أطيان التداعي فلما لم يتقدموا للتمارس عليها في الممارسة المحدودة التي أخطروا بها ودعوا إلى حضورها ولكنهم لم يحركوا ساكناً ثم يأتوا الآن بعد إبرام عقد الإيجار الحالي بزيادة عظيمة في القيمة الايجارية ليطالبوا بتجديد عقدهم وبطلان مزعوم للممارسة التأجير التي حققت أعلى عائد لجهة الوقف الخيري الذي هو على ملك الله تعالى.

الدعوة للتفاوض:
لما كان من المُقرر قانوناً أن المفاوضة ليست إلا عملاً مادياً، لا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني، فكل متفاوض حر في قطع المفاوضة في الوقت الذي يريد دون أن يتعرض لأية مسئولية أو حتى يُطالب بيان المبرر لعدوله، كما لا يترتب هذا العدول أي مسئولية على من عدل.
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “المفاوضة ليست إلا عملاً مادياً لا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني فكل متفاوض حر في قطع المفاوضة في الوقت الذي يريد دون أن يتعرض لأية مسئولية أو يطالب بيان المبرر لعدوله ولا يترتب هذا العدول مسئولية على من عدل إلا إذا اقترن به خطأ تتحقق معه المسئولية التقصيرية إذا تنج عنه ضرر بالطرف الأخر المتفاوض وعبء إثبات ذلك الخطأ وهذا الضرر يقع على عاتق ذاك الطرف ومن ثم فلا يجوز اعتبار مجرد العدول عن إتمام المفاوضة ذاته هو المكون لعنصر الخطأ أو الدليل على توافره بل يجب أن يثبت الخطأ من وقائع أخرى اقترنت بهذا العدول ويتوافر بها عنصر الخطأ اللازم لقيام المسئولية التقصيرية”. (نقض مدني في الطعن رقم 167 لسنة 33 قضائية – جلسة 9/1/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 334).
لما كان ذلك، وكانت لإدارة المشروعات بالإدارة العامة للزراعة بهيئة الأوقاف المصرية قد قامت بمخاطبة الطاعنين (المستأجرين السابقين) – في تاريخ 6/3/2007 – تطلب فيه منهم الحضور لمقر ديوان عام هيئة الأوقاف المصرية “لمناقشة بنود العقد الجديد”؛ فإن هذه الدعوة – وفق التكييف القانوني السليم لها – ليست إيجاباً وإنما هي دعوة للتفاوض، لا سيما وأن هذا الخطاب لم يتضمن أي شيء عن مدة العقد ولا عن الأجرة.
ولما كانت المفاوضة ليست إلا عملاً مادياً، لا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني، فكل متفاوض حر في قطع المفاوضة في الوقت الذي يريد دون أن يتعرض لأية مسئولية أو حتى يُطالب ببيان المبرر لعدوله، كما لا يترتب هذا العدول أي مسئولية على من عدل. وإذ خالف الطاعنون هذا النظر وأقاموا دعواهم على زعم إن هذا الخطاب الموجه إليه من هيئة الأوقاف بمثابة إيجاب صادف قبول منه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله وتكون دعواه الماثلة قد جاءت على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون خليقة بالرفض، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويكون النعي عليه لهذا السبب غير سديد.

الإيجاب والقبول:
لما كان من المُقرر قانوناً أن العقد يتم قانوناً بمجرد أن يتبادل طرفاه التعبير عن ارادتين متطابقتين (طبقاً لنص المادة 89 من القانون المدني). وهذا ما يطلق عليه “التراضي” ويقصد به تطابق ارادتين على إحداث أثر قانوني معين. فلابد لتمام العقد من صدور “إيجاب” من أي من المتعاقدين، يعقبه “قبول” له من المتعاقد الآخر.
والقبول يجب أن يكون مُطابقاً للإيجاب، أما إذا كان غير مُطابق له، بل اختلف عنه زيادة أو نقصاً أو تعديلاً، فإن العقد لا يتم ويعتبر مثل هذا القبول رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً، فإذا طلب البائع ثمناً للمبيع ألفاً تدفع فوراً، وقبل المشتري أن يدفع الألف على أن يزيد البائع في المبيع، أو قبل أن يدفع في المبيع وحده ثمانمائة، أو قبل أن يدفع فيه وحده ألفاً ولكن بالتقسيط، لم يتم البيع، واعتبر هذا القبول إيجاباً جديداً من المشتري، وهذا الحكم هو الذي تنص عليه المادة 96 من القانون المدني إذا تقضي بأنه: “إذا اقترن القبول بما يزيد في الإيجاب أو يقيد منه أو يعدل فيه، اعتبر رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً”.
ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: “يجب لتمام الاتفاق وانعقاده أن يكون القبول مُطابقاً للإيجاب أما إذا اختلف عنه زيادة أو نقصاً أو تعديلاً فإن العقد لا يتم، ويعتبر مثل هذا القبول رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً”. (نقض مدني في الطعن رقم 354 لسنة 30 قضائية – جلسة 9/11/1965 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 986).
كما قضت محكمة النقض بأن: “تقديم الطاعن عطاء متضمن شرطاً بتحديد مدة العقد بسنة واحدة لا تقبل الزيادة إلا باتفاق جديد، قبول الشركة المطعون ضدها هذا الإيجاب بإصدار أمر توريد متضمناً تعديل مدة العقد بتقرير حقها في وقف التوريد دون أن يكون للطاعن حق الرجوع عليها، اعتبار هذا القبول رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً، انتهاء الحكم المطعون فيه إلى قيام التعاقد بين الطرفين وقضاؤه بمسئولية الطاعن عن عدم تنفيذه رغم رفض الأخير للإيجاب الجديد، مُخالف للثابت بالأوراق ومخالفة للقانون”. (نقض مدني في الطعنين رقمي 1696 و 1865 لسنة 70 قضائية – جلسة 23/1/2001. المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ أحمد عبد الرزاق السنهوري – تحديث وتنقيح المستشار/ أحمد مدحت المراغي – الجزء الأول: “نظرية الالتزامات – مصادر الالتزام” – طبعة 2006 القاهرة – بند 111 – صـ 182 وما بعدها وهوامشها).
وإذ قامت إدارة المشروعات بالإدارة العامة للزراعة بهيئة الأوقاف المصرية بمخاطبة الطاعنين (المستأجر السابق) – في تاريخ 6/3/2007 – تطلب فيه منهم الحضور لمقر ديوان عام هيئة الأوقاف المصرية “لمناقشة بنود العقد الجديد”؛ وكان هذا الخطاب ما هو إلا دعوة للتفاوض ومناقشة بنود العقد الجديد المزمع إبرامه مع المدعي، وهو وحده الذي تتلاقى فيه ومن خلاله إرادة الطرفين على ترتيب وإنشاء الحقوق والالتزامات المتبادلة. لا سيما وأن هذا الخطاب لم يتضمن أي شيء عن مدة العقد ولا عن الأجرة.
وإذ رد الطاعنون على ذلك الخطاب المذكور، بكتابه المؤرخ في 18/3/2007 والذي أبدى فيه رغبته في تمديد عقد الإيجار السابق؛ وإذ كان هذا الكتاب من الطاعنين، هو في حقيقة الأمر، إيجاباً موجه إلى هيئة الأوقاف المصرية.
وإذ ردت هيئة الأوقاف على خطاب الطاعنين، وذلك بتأشيرة على أصل خطاب الطاعنين وإرساله لهم بالفاكس في تاريخ 19/3/2007، هذا نصه: “حيث تقدم أكثر من طلب لاستغلال الحدائق، وعرض قيمة مرتفعة، ولصالح الهيئة، سيتم إجراء التمارس بين السادة المتقدمين، ويخطر المستأجر الحالي بموعد التمارس وبقيمة أساسية 12000 جنيه”. فإن هذا الرد من جانب هيئة الأوقاف على إيجاب المدعي لا يتضمن قبولاً من الهيئة وإنما رفضاً له وإخطاره بأنه سيتم تأجير أطيان التداعي بطريق الممارسة بين أكثر من متقدم لاستئجارها. وكان ليس في كل ما تقدم ما يفيد صحة مزاعم الطاعنين في صحيفة افتتاح دعواهم الابتدائية من انعقاد العقد بإيجاب وقبول متطابقين، ومن ثم تكون تلك الدعوى قد جاءت على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون خليقة بالرفض، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويكون النعي عليه لهذا السبب غير سديد.

قرارات مجلس الإدارة:
وفضلاً عما تقدم، ولما كانت القواعد المتبعة في خصوص محاضر اجتماعات مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية أن المجلس يعقد جلسة واحدة على الأقل في كل شهر، ويصدر توصياته في جلسة الاجتماع، ثم تعتمد تلك التوصيات من السيد وزير الأوقاف (الذي له حق الاعتراض عليها أو إقرارها أو تعديلها)، ثم يتم التصديق على تلك التوصيات المعتمدة في جلسة الاجتماع التالية للمجلس (في الشهر التالي).
فعلى سبيل المثال: نجد أن أول بند في محضر اجتماع مجلس إدارة الهيئة رقم 209 المنعقد في 19/2/2007 هو التصديق على محضر وتوصيات اجتماع مجلس الإدارة رقم 207 المنعقد في 15/1/2007 (الجلسة الصباحية) والتصديق على محضر وتوصيات اجتماع مجلس الإدارة رقم 208 المنعقد في ذات اليوم (الجلسة المسائية).
وكذلك أول بند في محضر اجتماع مجلس إدارة الهيئة رقم 210 المنعقد في 23/4/2007 هو التصديق على محضر وتوصيات اجتماع مجلس الإدارة رقم 209 المنعقد في 19/2/2007.
وهكذا، فأول بند في محضر اجتماع مجلس إدارة الهيئة رقم 212 المنعقد في 18/6/2007 هو التصديق على محضري وتوصيات الاجتماعين رقمي 210 المنعقد في 23/4/2007 والاجتماع رقم 211 المنعقد في 2/5/2007 وهكذا دواليك.
مع الأخذ في الاعتبار أن تلك التوصيات – حتى وإن تعلق بها حقوقاً للغير – لا تكسب هؤلاء الغير أية حقوق أو ترتب عليهم أية التزامات إلا بعد إخطارهم بها رسمياً بعد اعتمادها من السيد/ وزير الأوقاف والتصديق عليها من مجلس الإدارة في اجتماعه التالي.
وبتطبيق ذلك على وقائع الطعن الماثل يتضح جلياً أن مجلس إدارة الهيئة في اجتماعه رقم 209 المنعقد في 19/2/2007 في البند السادس عشر منه، في خصوص المذكرة المعروضة عليه من إدارة الزراعة، أوصى بتأجير مزرعة رمسيس، والتي تنتهي عقود إيجارها في 1/11/2007، بتجديد عقود إيجارها لمدة سنتين أخريين بزيادة قدرها 50% من الإيجار السابق عن كل وحدة سنوياً ثم يجدد لمدة سنتين أخريين بتقدير جديد بمعرفة الهيئة. ورغم أن هذه التوصية تم اعتمادها من السيد الدكتور وزير الأوقاف إلا أنها لم تخرج عن كونها توصية غير واجبة النفاذ إلى حين التصديق عليها من مجلس إدارة الهيئة في اجتماع لاحق وهو ما تم في حالتنا الماثلة حيث أن مجلس إدارة الهيئة في اجتماعه رقم 210 (وهي الجلسة التالية لتوصيته الصادرة بالجلسة السابقة رقم 209) قام بتعديل هذه التوصية السابقة ضمن سلطاته واختصاصاته ولم يتم اعتماد هذه التوصية الأخيرة (الصادرة بجلسة 210) إلا في جلسة المجلس رقم 212، أي أنه لم يتم التصديق على تلك التوصية الأولى من مجلس إدارة الهيئة في اجتماعه التالي رقم 210 وبدلاً من ذلك عرض على المجلس أنه قد تم إخطار المستأجرين (السابقين) للحضور لديوان عام الهيئة لمناقشة بنود العقد الجديد، إلا أنه ورد الطلب المقدم من شركة الجبالي فروت بالرغبة في تأجير المزرعة بمبلغ 12000جم (اثنا عشر ألف جنيه) للفدان الواحد في العام الواحد، وقد أشر السيد/ وزير الأوقاف على ذلك الطلب بما نصه: “السيد رئيس الهيئة لاتخاذ اللازم طبقاً لهذا العرض، والإفادة”. وعليه، تم إخطار المستأجرين (السابقين) بتحديد جلسة للتمارس على تأجير تلك المزرعة بسعر أساسي قدره 12000جم (اثنا عشر ألف جنيه) للفدان الواحد في العام الواحد، وذلك بموجب خطابات مسجلة بعلم الوصول وكذلك بطريق الفاكس، بغرض دعوتهم للاشتراك في تلك الممارسة. علماً بأن شركة الجبالي فروت قد قدمت شيكاً بنكياً لهيئة الأوقاف بمبلغ 5000000جم (خمسة ملايين جنيه) على سبيل إثبات جدية رغبتها في تأجير تلك المزرعة، وعلى أن يتم احتساب مساحة المنافع بمبلغ 500جم (خمسمائة جنيه) للفدان. وقد تم عرض تلك الإجراءات على مجلس الإدارة كما تم إخطاره بأنه في حالة حدوث مستجدات أخرى سيتم العرض عليه بها.
ولا أدل من أن مجلس الإدارة لم يصدق على محضر اجتماعه رقم 209 بشأن تأجير مزرعة التداعي، أن البند الخاص بهذه المسألة، قد أعيد عرضه عليه في اجتماعه رقم 210 (والذي صدق فيه على توصياته الأخرى في اجتماعه السابق رقم 209 والتي اعتمدت من السيد/ وزير الأوقاف) قد أدرجت في جدول الأعمال التي عرضت عليه وليس في بند التصديقات على توصياته في الاجتماع السابق (رقم 209). وقد أوضح المجلس في اجتماعه رقم 210 – عند بحثه لهذا البند – أن القرار الذي اتخذه المجلس في جلسته السابقة كان المقصود به أن يتم التجديد بالممارسة وأن يحدد السعر الأساسي للممارسة بزيادة قدرها 50% من الإيجار السابق مع استكمال باقي الإجراءات الخاصة بالتأجير وفقاً للقواعد المعمول بها في الهيئة؛ وقد تم التصديق على محضر اجتماع مجلس الإدارة 210 (المنعقد في 23/4/2007) في محضر اجتماع مجلس إدارة الهيئة رقم 212 (المنعقد في 18/6/2007).
ومن ثم فلا مجال للزعم بأن محضر اجتماع مجلس الإدارة رقم 209 يمثل “إيجاباً”، ولا مجال للزعم كذلك بأن هذا الإيجاب المزعوم “قد وجه إلى الطاعنين”، حيث أنه في حقيقة الأمر ليس إلا توصية تعرض على الوزير لاعتمادها وإذا اعتمادها الوزير يصدق عليها مجلس الإدارة ومن هذه اللحظة يصبح التعبير عن إرادة الهيئة نهائياً صالحاً لترتيب أثره القانوني ويخطر به ذوي الشأن رسمياً، ولكن طالما أن هذه التوصية لم تعتمد من الوزير، حيث عرض عليه عرض أفضل لتأجير مزرعة التداعي فأعيد بحث الموضوع في اجتماع مجلس الإدارة التالي رقم 210 الذي أوضح بجلاء إرادته في تأجير تلك المزرعة عن طريق التمارس ودعوة المستأجرين السابقين وطالب التأجير وغيرهم للتمارس على تأجيرها بسعر أساسي حدده المجلس.

متى ينتج التعبير عن الإرادة أثره:
لما كان ما تقدم، وكان التعبير عن الإرادة – سواء كان صريحاً أو ضمنياً، وسواء اعتد فيه بالإرادة الباطنة أو بالإرادة الظاهرة – لا ينتج أثره إلا في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه، وهذا ما تقضي به المادة 91 من القانون المدني بنصها على أن: “ينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه”.
فهناك تمييز بين وجود التعبير وجوداً “فعلياً” ووجوده وجوداً “قانونياً”. فالتعبير يكون له وجود فعلي بمجرد صدوره من صاحبه، ولكنه لا يكون له وجود قانوني إلا إذا وصل إلى علم من وجه إليه. والعبرة في التعبير هي بوجوده القانوني، لأن هذا الوجود وحده هو الذي يترتب عليه الآثار القانونية للتعبير، وهذا هو المعنى المقصود من إنتاج التعبير لأثره ( efficacité ). (المصدر: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول – طبعة 2006 – بند 81 – صـ 152 وما بعدها).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “مؤدى المادتين 91 و 93 من القانون المدني أن التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إلا من وقت اتصاله بعلم من وجه إليه. فإذا كان الموجب قد التزم فى إيجابه بالبقاء على هذا الإيجاب مدة معينة فإن هذا الإيجاب لا يلزم الموجب إلا من وقت اتصال علم من وجه إليه به وإلى هذا الوقت يعتبر أن الإيجاب لا يزال فى حوزة الموجب فله أن يعدل عنه أو يعدل فيه لأن التعديل ما هو إلا صورة من صور العدول لا يملكه إلا فى الفترة السابقة على وصول الإيجاب إلى علم من وجه إليه”. (نقض مدني في الطعن رقم 97 لسنة 24 قضائية – جلسة 10/4/1958 مجموعة المكتب الفني – السنة 9 – الجزء الثاني – صـ 359).
فإذا كان التعبير عن الإرادة إيجاباً “مثلاً” فإنه لا ينتج أثره إلا إذا وصل إلى علم المتعاقد الآخر الذي يوجه إليه الإيجاب. فحتى إذا افترضنا جدلاً أن قرار مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية كان تعبيراً نهائياً عن إرادة الهيئة وليس توصية، وحتى إذا افترضنا جدلاً أن هذا القرار هو بمثابة إيجاب، فطالما أن هذا القرار لم يبلغ رسمياً إلى الطاعنين، فإننا في هذا الفرض نكون بصدد وجود التعبير عن الإرادة “فعلياً” وليس “قانونياً”، على النحو السالف بيانه، وهذا الوجود الفعلي والغير قانوني لا تترتب عليه أية أثار قانونية طالما لم يتصل بعلم من وجه إليه بطريق رسمي وقانوني.
علماً بأنه يُشترط في انعقاد عقد الإيجار أن يتم التوافق بين العاقدين على طبيعة العقد وعلى العين المؤجرة ومدة الانتفاع بها والأجرة، أي أن توجد إرادة التأجير وإرادة الاستئجار وأن تتوافق الارادتان على العين المؤجرة ومدة الانتفاع بها والأجرة. وهو ما لم يحدث في حالة الطعن الماثل، لا سيما من ناحية عدم تحديد الأجرة عن مدة التجديد المقترحة بأكملها.
يضاف إلى ما تقدم، أن هيئة الأوقاف المصرية وهي تدير أموال الوقف نيابة عن وزير الأوقاف فإنها تباشر هذه النيابة وفقاً لأحكام القوانين واللوائح المنظمة لعملها والتي حددت كيفية وأسلوب التأجير من خلال المزاد العلني أو الممارسة لا تملك التحلل من ذلك وهو الأمر الذي يوجب أن يفسر ما يصدر عنها من إرادة في ضوء هذه الأحكام الملزمة.

التصديق على العقود من الجهة التي تملكه:
وإذا كان الأصل أن العقد الرضائي ينعقد بتوافق ارادتين ودون حاجة إلي إثباته في محرر، إلا أنه يستثنى من ذلك أن تكون قائمة شروط التعاقد أو القوانين أو اللوائح تجعل العقد معلقاً على تصديق جهة معينة، ففي تلك الحالة لا ينعقد العقد إلا بتصديق هذه الجهة. فإذا صدقت الجهة المعنية على العقد أنعقد العقد بهذا التصديق وإلا انقضى برفض التصديق.
لما كان ذلك، وكانت اللوائح المعمول بها في شأن تأجير الأموال الخاصة المملوكة للحكومة أو للهيئات العامة أو للأوقاف الخيرية تجعل العقود التي تبرمها تلك الجهات معلقة على التصديق عليها واعتمادها من السلطة المختصة بذلك، وهو في حالة دعوانا الماثلة السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته، والذي له حق اعتماد هذه العقود أو رفضها دون إبداء الأسباب وذلك في ضوء ما قرره مجلس إدارة الهيئة باعتباره السلطة المُهيمنة على شئون الهيئة ومصلحة الوقف الخيري باعتبارها الهدف الأسمى من إنشاء هيئة الأوقاف المصرية.
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن: “التعاقد بشأن بيع الأملاك الخاصة بالدولة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يتم إلا بالتصديق عليه ممن يملكه”. (نقض مدني في الطعن رقم 2366 لسنة 52 قضائية – جلسة 16/11/1983. وفي الطعن رقم 922 لسنة 52 قضائية – جلسة 19/3/1986).
وأنظر كذلك نقض 9/11/1977 مجموعة أحكام النقض 28 – 1639 – 282. وأيضاً نقض 30/10/1988 في الطعن رقم 2113 لسنة 57 قضائية وقد جاء فيه:
“ولما كان مفاد نصوص المواد 8 و17 و18 من لائحة شروط بيع أملاك الدولة الخاصة أن لا يتم ركن القبول فيها إلا بالتصديق على البيع من وزارة المالية، مما مفاده أن الاختصاص بالبيع على أملاك الدولة الخاصة في نطاق المدن والقرى صار معقوداً للمحافظين دون سواهم، كل في دائرة اختصاصه. وليس لمدير الإسكان صفة أو اختصاص في هذا التصديق، ولا تعتبر الإجراءات التي تقوم بها الجهة البائعة من مفاوضات مع راغبي الشراء والممارسة على الثمن وسداده إيجاباً، بل يكون ذلك إيجاباً من قِبل راغب الشراء ولا يتم التعاقد بينه وبين الجهة البائعة إلا بالتصديق على البيع من المحافظ المختص”. وفي هذا المعنى أيضاً نقض 30/10/1988 في الطعن رقم 202 لسنة 55 قضائية، ونقض 22/2/1989 في الطعن رقم 938 لسنة 53 قضائية.
أي أنه لابد ما اعتماد العقد من رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية أو من يُنيبه. وفي حالة عدم التصديق على التعاقد فلا يتم العقد قانوناً، وبالتالي تكون مطالبة الطاعنين بإلزام هيئة الأوقاف بتحرير عقد إيجار لهم بناء على مزاعم بصدور إيجاب من الهيئة لها، تكون تلك المطالبة قد جاءت على غير سند من صحيح القانون خليقة بالرفض، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.

قرار مجلس الإدارة فيما يخص تأجير أطيان التداعي ليس قرار إداري:
فضلاً عن أن قرار مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية فيما يخص تأجير أطيان التداعي لا يعد بمثابة قرار إداري، يصدر بالإرادة المنفردة لهيئة الأوقاف، ويصبح بعد اعتماد وزير الأوقاف له قراراً نهائياً متحصناً ضد الإلغاء أو السحب أو التعديل.
حيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن: “القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة، بما لها من سلطة بمقتضى القوانين، بقصد إحداث مركز قانوني معين، متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً، وكان الباعث عليه مصلحة عامة”. (نقض مدني في الطعن رقم 2062 لسنة 51 قضائية – جلسة 5/12/1982).
لما كان ذلك، وكان من المسلم به أن أموال الأوقاف أموال خاصة، وأن هيئة الأوقاف عندما تدير هذه الأموال لحساب ناظر الوقف يعتبر كلاهما شخص من أشخاص القانون الخاص.
حيث تنص المادة 5 من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن: “تتولى الهيئة، نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية، إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالاً خاصة”.
هذا، وقد قضت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة (والمنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة) بأن: “التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف، نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية، في شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها، تعد من التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص ، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات التي تتفرع عنها”. (الطعن رقم 3096 لسنة 35 قضائية “إدارية عليا” – بجلسة 6/5/1999).
ومن ثم فإن قرار مجلس إدارة هيئة الأوقاف فيما يخص تأجير أطيان التداعي لا يعد قراراً إدارياً، لأنه لم يعبر عن إرادة الهيئة الملزمة ولم تصدره الهيئة بوصفها سلطة عامة وليس الباعث عليه مصلحة عامة، بل مصلحة خاصة هي مصلحة الوقف الخيري باعتباره شخصاً من أشخاص القانون الخاص. ومن ثم فلا مجال إذن للحديث عن تحصن قرار مجلس الإدارة (سواء قبل اعتماده أو بعد اعتماده من وزير الأوقاف)، وبالتالي يتعين الرجوع حتماً في هذا الشأن إلى قواعد الشريعة العامة للمعاملات المنصوص عليها في القانون المدني من وجوب التراضي وتوفق الإيجاب والقبول عند إبرام التصرفات. وهذا القواعد المسلم بها لم تنطبق في حالتنا الماثلة على النحو السالف بيانه عند الحديث عن الإيجاب بوصفه تعبيراً عن الإرادة ومتى يحدث أثره (بوصوله إلى من وجه إليه) والتصديق على التعاقد من السلطة المختصة بعد إبرام العقد، كما سلف بيانه. وإلا لو صدقنا وجارينا الطاعنين في مزاعمهم وأباطيلهم لانتهى بنا القول بأن تجديد عقده قد تم بالإرادة المنفردة للهيئة المطعون ضدها الأولى؟؟!!! وهذا كله محض افتراء وتخبط قانوني أو بالأقل عدم وضوح الرؤية القانونية السليمة لمن يقول بتلك المزاعم الباطلة ويطلقها على أنها قواعد قانونية مستقرة متخيلاً أن هناك من سيصدقه؟؟!!!
وإضافة إلى ما تقدم، وإذا افترضنا جدلاً – وكما زعم الطاعنون – أن ما صدر عن مجلس إدارة الهيئة في هذا الشأن هو قرار إداري تحصن ضد السحب والإلغاء، فإن مؤدى هذا الافتراض – وهو خلاف الواقع والقانون – أن تنتهي عدالة المحكمة الموقرة إلى القضاء بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى الماثلة وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، وهو أمر لا يتفق وصحيح حكم القانون.

ملاحظات هامة:
· إذا كان الطاعنون ينعون على قرار هيئة الأوقاف تأجير أطيان التداعي لشركة الجبالي “بطريق الممارسة”، ويزعموا أن هذا التعاقد لا يكون إلا “بطريق المزاد العلني”، فكيف يأتوا في هذه الدعوى ليطلبوا التعاقد معهم هم “بطريق الأمر المباشر”؟!! أليس في ذلك تناقض واضح وتخبط وقع فيه الطاعنون، كما وقعوا فيه مرة أخرى عندما طالبوا مرة بتجديد العقد استناداً لقرار مجلس الإدارة المزعوم ومرة أخرى استناداً إلى بند 3 من عقد الإيجار الأول!!!
· علماً بأن القيمة الايجارية في عقد الإيجار الحالي مع شركة الجبالي فروت يزيد عن إجمالي القيمة الايجارية لجميع العقود السابقة بمبلغ يربو على الـ 28000000جم (ثمانية وعشرون مليون جنيهاً) في العام الواحد x مدة خمس سنوات = نجد أن الفرق فيها يزيد على مبلغ 140000000جم (مائة وأربعون مليون)، فلمصلحة من يتم إهدار هذا المبلغ الذي يستخدم لخدمة أغراض البر والنفع العام للمسلمين ولنشر الثقافة والدعوة الإسلامية والتي تقوم عليها هيئة الأوقاف المصرية ووزارة الأوقاف، وإذا كان الطاعنون يرغبون في استئجار أطيان التداعي فلما لم يتقدموا للتمارس عليها في الممارسة المحدودة التي أخطروا بها ودعوا إلى حضورها ولكنهم لم يحركوا ساكناً ثم يأتوا الآن بعد إبرام عقد الإيجار الحالي بزيادة عظيمة في القيمة الايجارية ليطالبوا بتجديد عقدهم وبطلان مزعوم للممارسة التأجير التي حققت أعلى عائد لجهة الوقف الخيري الذي هو على ملك الله تعالى.

نطلب ضم عدة دعاوى معاً للارتباط وليصدر فيهم حكماً واحداً:
لما كان من المُقرر في قضاء النقض: “إن كان الأصل أن ضم الدعاوى المختلفة سبباً وموضوعاً لنظرها معاً لا يفقد أي منها استقلالها إلا أنه إذ كان الموضوع في كل منها هو مجرد وجه من وجهي نزاع واحد أو كان أساسها واحداً فإنه يترتب على ضمها اعتبارها خصومة واحدة فتفقد كل منها استقلالها ويضحى الطلب المقام به أيا منها مجرد شق في دعوى واحدة فلا يجوز الطعن على استقلال في الحكم الذي يفصل في إحداها دون أن تنتهي به الخصومة في الدعوى كلها ما لم يكن من الأحكام التي أجازت المادة 212 من قانون المرافعات ـ استثناءاً ـ الطعن فيها على استقلال”. (نقض مدني في الطعن رقم 6130 لسنة 64 قضائية – جلسة 6/2/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 308 – فقرة 3).
كما تواتر قضاء النقض على أن: “مناط استقلال كل من القضيتين المنضمتين عن الأخرى أن تكون القضيتان مختلفتين سبباً أو موضوعاً، أما حيث يكون الطلب في إحدى القضيتين هو ذات الطلب في القضية الأخرى فلا تستقل إحداهما عن الأخرى بل تندمجان وتفقد كل منهما استقلالها”. (نقض مدني في الطعن رقم 896 لسنة 54 قضائية – جلسة 18/12/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – 1905).
وكذلك قضت محكمة النقض بأن: “المُقرر أنه ولئن كان ضم دعويين تختلفان سبباً وموضوعاً إلى بعضهما تسهيلات للإجراءات لا يترتب عليه إدماج إحداهما في الأخرى بحيث تفقد كل منهما استقلالها، إلا أن الأمر يختلف إذا كانت الطلبات في كل منهما – مع وحدة الموضوع والخصوم والسبب بينهما – متقابلة بحيث تقوم إحداهما ردا على الأخرى فإنهما يندمجان معا وتفقد كل منهما استقلالها”. (نقض مدني في الطعن رقم 692 لسنة 63 قضائية – جلسة 21/6/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 1085 – فقرة 2)
كما تواتر قضاء النقض على أن: “المُقرر في قضاء هذه المحكمة “أنه وإن كان ضم الدعويين المختلفتين سبباً وموضوعاً إلى بعضهما تسهيلا للإجراءات لا يترتب عليه اندماج الواحدة في الأخرى بحيث تفقد كل منهما استقلالها ولو اتحد الخصوم فيهما إلا أن الأمر يختلف إذا كان الطلب في إحدى الدعويين المضمومتين هو ذات الطلب في الدعوى الأخرى ـ فضلا عن اتحادهما سبباً وخصوماً فإنهما يندمجان وتفقد كل منهما استقلالهما، لما كان ذلك وكان الثابت أن موضوع الاستئنافين 2698 لسنة 98 قضائية القاهرة و2014 لسنة 99 قضائية القاهرة يتمثل في مدى استحقاق الطاعن لزيادة الأجرة القانونية لعين النزاع التي يطالب بها نظير قيام المطعون ضدها بتغيير الغرض من استعمال هذه العين التي تستأجرها منه وتأجيرها مفروشة من الباطن إعمالا لنص المادتين 22 و 45من القانون 49 لسنة 1977 وإذا اتحد هذان الاستئنافان سبباً وخصوماً فانهما يكونان وجهين لعملة واحدة ويترتب على ضمهما اندماجهما ويفقد كل منهما استقلاله، هذا بالإضافة إلى أن موضوع النزاع المردد فيهما لا يقبل التجزئة ولا يحتمل الفصل فيهما إلا حلا واحدا بعينه، ولازم ذلك أن قضاء الحكم المطعون فيه بتعديل الحكم المستأنف ينصرف إلى موضوع الاستئنافين معاً ولا يغير من ذلك خطأ محكمة الاستئناف في التعبير عن مرادها بعبارة رفض استئناف المطعون ضدها التي وردت في المنطوق طالما كانت هذه العبارة غير مقصودة لذاتها ولا تعبر عن المقصود الحقيقي للمحكمة حسبما أفصحت عنه أسباب الحكم المطعون فيه”. (نقض مدني في الطعن رقم 885 لسنة 54 قضائية – جلسة 31/1/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 370).
كما استقر قضاء النقض على أنه: “المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن ضم دعويين إذا كان محل الطلب في كل منهما مجرد وجه من وجهي نزاع واحد وإن اتخذ وجهين مختلفين أو كان أساسهما واحداً، ففي هاتين الحالتين ينشأ من اقتران الطلبين قيام خصومه واحدة تشملهما معا فيندمج الطلبان بضمهما ليكونان طلباً واحداً”. (نقض مدني في الطعن رقم 2400 لسنة 59 قضائية – جلسة 2/12/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 301 – فقرة 5).
وهدياً بما تقدم، ولما كانت الخصومة في الدعاوى أرقام 2942 و 2943 و 2944 لسنة 2007 مدني كلي شمال الجيزة، هم وجهان لعملة واحدة، ويستندوا لسبب واحد، ويتحد الخصوم في أغلبها، وموضوع النزاع المردد فيها لا يقبل التجزئة، ولا يحتمل الفصل فيهم إلا حلاً واحداً بعينه، فضلاً عن تسهيل الإجراءات، وتيسير تقديم أصول المستندات الواحدة فيها جميعاً (حيث لا يوجد إلا أصل واحد رغم تعدد الخصومات)، فإنه يكون من المتعين – والحال كذلك – ضم تلك الدعاوى المذكورة لبعضها البعض، وذلك للارتباط وليصدر فيهم حكماً واحداً. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويكون النعي عليه لهذا السبب غير سديد.

أحقية محكمة الموضوع في ضم عدة دعاوى معاً للارتباط وليصدر فيهم حكماً واحداً:
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض: “إن كان الأصل أن ضم الدعاوى المختلفة سبباً وموضوعاً لنظرها معاً لا يفقد أي منها استقلالها إلا أنه إذ كان الموضوع في كل منها هو مجرد وجه من وجهي نزاع واحد أو كان أساسها واحداً فإنه يترتب على ضمها اعتبارها خصومة واحدة فتفقد كل منها استقلالها ويضحى الطلب المقام به أيا منها مجرد شق في دعوى واحدة فلا يجوز الطعن على استقلال في الحكم الذي يفصل في إحداها دون أن تنتهي به الخصومة في الدعوى كلها ما لم يكن من الأحكام التي أجازت المادة 212 من قانون المرافعات ـ استثناءاً ـ الطعن فيها على استقلال”. (نقض مدني في الطعن رقم 6130 لسنة 64 قضائية – جلسة 6/2/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 308 – فقرة 3).
كما تواتر قضاء النقض على أن: “مناط استقلال كل من القضيتين المنضمتين عن الأخرى أن تكون القضيتان مختلفتين سبباً أو موضوعاً، أما حيث يكون الطلب في إحدى القضيتين هو ذات الطلب في القضية الأخرى فلا تستقل إحداهما عن الأخرى بل تندمجان وتفقد كل منهما استقلالها”. (نقض مدني في الطعن رقم 896 لسنة 54 قضائية – جلسة 18/12/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – 1905).
وكذلك قضت محكمة النقض بأن: “المُقرر أنه ولئن كان ضم دعويين تختلفان سبباً وموضوعاً إلى بعضهما تسهيلات للإجراءات لا يترتب عليه إدماج إحداهما في الأخرى بحيث تفقد كل منهما استقلالها، إلا أن الأمر يختلف إذا كانت الطلبات في كل منهما – مع وحدة الموضوع والخصوم والسبب بينهما – متقابلة بحيث تقوم إحداهما ردا على الأخرى فإنهما يندمجان معا وتفقد كل منهما استقلالها”. (نقض مدني في الطعن رقم 692 لسنة 63 قضائية – جلسة 21/6/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 1085 – فقرة 2)
كما تواتر قضاء النقض على أن: “المُقرر في قضاء هذه المحكمة “أنه وإن كان ضم الدعويين المختلفتين سبباً وموضوعاً إلى بعضهما تسهيلا للإجراءات لا يترتب عليه اندماج الواحدة في الأخرى بحيث تفقد كل منهما استقلالها ولو اتحد الخصوم فيهما إلا أن الأمر يختلف إذا كان الطلب في إحدى الدعويين المضمومتين هو ذات الطلب في الدعوى الأخرى ـ فضلا عن اتحادهما سبباً وخصوماً فإنهما يندمجان وتفقد كل منهما استقلالهما، لما كان ذلك وكان الثابت أن موضوع الاستئنافين 2698 لسنة 98 قضائية القاهرة و2014 لسنة 99 قضائية القاهرة يتمثل في مدى استحقاق الطاعن لزيادة الأجرة القانونية لعين النزاع التي يطالب بها نظير قيام المطعون ضدها بتغيير الغرض من استعمال هذه العين التي تستأجرها منه وتأجيرها مفروشة من الباطن إعمالا لنص المادتين 22 و 45من القانون 49 لسنة 1977 وإذا اتحد هذان الاستئنافان سبباً وخصوماً فانهما يكونان وجهين لعملة واحدة ويترتب على ضمهما اندماجهما ويفقد كل منهما استقلاله، هذا بالإضافة إلى أن موضوع النزاع المردد فيهما لا يقبل التجزئة ولا يحتمل الفصل فيهما إلا حلا واحدا بعينه، ولازم ذلك أن قضاء الحكم المطعون فيه بتعديل الحكم المستأنف ينصرف إلى موضوع الاستئنافين معاً ولا يغير من ذلك خطأ محكمة الاستئناف في التعبير عن مرادها بعبارة رفض استئناف المطعون ضدها التي وردت في المنطوق طالما كانت هذه العبارة غير مقصودة لذاتها ولا تعبر عن المقصود الحقيقي للمحكمة حسبما أفصحت عنه أسباب الحكم المطعون فيه”. (نقض مدني في الطعن رقم 885 لسنة 54 قضائية – جلسة 31/1/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 370).
كما استقر قضاء النقض على أنه: “المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن ضم دعويين إذا كان محل الطلب في كل منهما مجرد وجه من وجهي نزاع واحد وإن اتخذ وجهين مختلفين أو كان أساسهما واحداً، ففي هاتين الحالتين ينشأ من اقتران الطلبين قيام خصومه واحدة تشملهما معا فيندمج الطلبان بضمهما ليكونان طلباً واحداً”. (نقض مدني في الطعن رقم 2400 لسنة 59 قضائية – جلسة 2/12/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 301 – فقرة 5).
وهدياً بما تقدم، ولما كانت الخصومة في الدعاوى أرقام 2942 و 2943 و 2944 لسنة 2007 مدني كلي شمال الجيزة، اللذين كانوا متداولون أمام محكمة أول درجة، هم وجهان لعملة واحدة، ويستندوا لسبب واحد، ويتحد الخصوم في أغلبها، وموضوع النزاع المردد فيها لا يقبل التجزئة، ولا يحتمل الفصل فيهم إلا حلاً واحداً بعينه، فضلاً عن تسهيل الإجراءات، وتيسير تقديم أصول المستندات الواحدة فيها جميعاً (حيث لا يوجد إلا أصل واحد رغم تعدد الخصومات)، فإنه كان من المتعين – والحال كذلك – ضم تلك الدعاوى المذكورة لبعضها البعض، وذلك للارتباط وليصدر فيهم حكماً واحداً. وإذ التزم الحكم الابتدائي – المؤيد بالحكم الاستئنافي المطعون فيه – هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويكون النعي عليه لهذا السبب غير سديد.

رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، لانتفاء محله:
رغم أن الطاعنين تخبطوا – وبالغوا في التخبط – في متاهات الضلالة القانونية على مدار صحيفة طعنهم الماثل، ومن قبل على مدار تداول دعواهم الموضوعية، إلا أنهم بلغوا الذروة، في التخبط والضلالة، فيما يتعلق بطلبهم “وقف تنفيذ حكم قاضي برفض الدعوى”؟!!
أي تنفيذ يقصدون؟!! وهل الحكم القاضي برفض الدعوى، هو حكم إلزام يقبل التنفيذ الجبري؟!! وهل يجوز وضع الصيغة التنفيذية على حكم قاضي برفض الدعوى؟!! يطلبون وقف تنفيذ ماذا؟!!
إن إبداء هذا الطلب في صحيفة الطعن، يقتضي من عدالة محكمة النقض، التأكد من أن من كتب هذه الصحيفة وأبدى هذا الطلب ووقع عليه، حاصل على “ليسانس الحقوق”؟!!
اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.. إن هذا الطلب الظاهر البطلان، جدير بعدم الالتفات إليه بأكثر من هذا، والقضاء برفضه لانتفاء محله. كما أنه لا يعيب المحكمة الالتفات عن دفع ظاهر البطلان وعدم الرد عليه.

ثالثاً- الطلبات
لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها في الطعن بالنقض الماثل: ” برفضه، مع إلزام رافعيه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي “.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

(1) والورقة الرسمية – كما عرفتها الفقرة الأولى من المادة العاشرة من قانون الإثبات – هي: كل محرر يثبت فيه موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه.

نموذج مذكرة دفاع في نقض مدني – انهاء أو امتداد عقد الايجار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *