عدم إتفاق الشركاء على طريقة إدارة المال المشاع وكيف تصدى المشرع المصري لهذه الإشكالية

عدم إتفاق الشركاء على طريقة إدارة المال المشاع وكيف تصدى المشرع المصري لهذه الإشكالية

 

تكتظ المحاكم بملايين القضايا المتعلقة بالشراكة أو الورثة من خلال إقامة «دعوى القسمة» أو «دعوى الفرز والتجنيب»، والقسمة تُعد من أهم العقود وأكثرها شيوعا فى ساحة القضاء، فهى على خلاف الأصل و القياس، على اعتبارات القسمة استثناءا عارضا، إذ الأصل هو الشياع أو المشاع و هو أصل من الأصول المقررة فى مختلف المذاهب إذ شرعت القسمة لدفع ضرر الشركة و الشياع وليستقل كل شريك بنصيبه المفرز به كيف يشاء.

مخاطر المال الشائع
وللشركة على الشياع مخاطر و أضرار تنتج عنها مشاكل كبرى تتمثل فى عدم اتفاق الشركاء فى بعض الأحيان على طريقة معينة لإدارة المال المشاع، و كذا تقييد حرية كل شريك فى استغلال ما يملكه كما يشاء، مما يؤدى إلى إهمال هذا المال و تقصير الشركاء فى المحافظة عليه الأمر الذى يكون له أثر سلبى على مردوديته، وتفكيك الروابط الأسرية خاصة الناتجة عن الإرث، لأنه غالبا ما يثار نزاعات عائلية مالية لا حصر لها.

ونظام الشياع يتسبب أيضا فى عرقلة تداول الأموال العقارية حيث يلاحظ فى غالبية الأحيان بقاء هذه الأموال جامدة وبعيدة عن أى تداول، والذى يعتبر إحدى المقومات الأساسية لكل نشاط إقتصادي، وبالتالى أضحت وضعية الشياع لا تتوافق و طموحات الأفراد، لأجل ذلك منح الفقه و القانون لكل شريك حق المطالبة بقسمة المال المشاع و تمكينه من حصته، ولا حق لباقى الشركاء فى إرغامه على البقاء معهم فى حالة الشياع، أو بيع حصته وحده لأن النصيب الشائع غالبا ما لا يجد إقبالا عليه من طرف المشترى الذى يتهرب من ضرر الشركة

ونحن نلقى الضوء على إشكالية الفروق الجوهرية بين دعوى القسمة والفرز والتجنيب التى تواجه ملايين المواطنين سواء الشركاء أو الورثة وكيفية تحقق حالة الشيوع وإنهائها والمقصود بالقسمة النهائية للمال الشائع، والفرق بين القسمة القضائية والرضائية وقسمة المهايأة

دعوى «الفرز والتجنيب»
دعوى «الفرز والتجنيب» فى الحقيقة تواجه مشكلة محددة هى وجود مال شائع، أيا كان مصدر أو سبب هذا الشيوع سواء كان «ميراث – بيع – وصية – هبة – تقادم المكسب للملكية» والمطلوب إنهاء هذه الحالة ونعنى حالة شيوع الملكية واستئثار كل مالك على الشيوع بنصيب «مفرز».

كيف تتحقق حالة الشيوع ؟
تتحقق حالة الشيوع طبقا لنص المادة 825 من القانون المدنى إذا ملك إثنان أو أكثر شيئا غير مفرزة حصة كل منهم فيه، فهم شركاء على الشيوع، وتحسب الحصص متساوية إذا لم يقم دليل على غير ذلك، والمال الطبيعى لحالة الشيوع الانتهاء.

كيف تنتهى حالة الشيوع ؟
ءؤتنتهى حالة الشيوع بقسمة المال الشائع، قسمة تؤدى إلى اختصاص كل شريك بمال «مفرز» وهى قسمة كما سيلى ترد على الملكية فتؤدى إلى ميسور يصبح كل شريك على الشيوع مالك لجزء مفرز، وقد يكتفى الشركاء على الشيوع – مؤقتا – بقسمة منافع المال المشترك تمهيدا للقسمة النهائية فيما بعد، يمكننا القول وعليه ميسور قسمة المال الشائع نوعين:

قسمة نهائية ترد على الملكية قسمة مهايأة ترد على منافع الشيء
القسمة النهائية :
يقصد بالقسمة النهائية للمال الشائع، قسمته بحيث يتعين جزء «مفرز» من هذا المال لكل شريك بقدر حصته لينفرد بملكيته دون باقى الشركاء فى المال الشائع، فالقسمة النهائية ووفق هذا التعريف هى الوسيلة القانونية التى تنتهى بها حالة الشيوع بتجزئة الملكية وفق أنصبة محددة ومعلومة سلفا حسب مصدر الشيوع «ميراث وهى الحالة الأكثر شيوعا – الشراء – الهبة ».والقسمة النهائية بما تعنى قسمة المال الشائع بحيث يختص كل شريك بجزء «مفرز» قد تتم بشكل رضائى أى اتفاقي، كما قد تتم هذه القسمة عن طريق القضاء وعلى ذلك فإن القسمة النهائية تنقسم أيضا إلى نوعين:

قسمة رضائية قسمة قضائية:
القسمة الرضائية للمال الشائع:
تنص المادة 835 من القانون المدني: «للشركاء إذا انعقد إجماعهم، ميسور يقتسموا المال الشائع بالطريقة التى يرونها، فإذا كان بينهم من هو ناقص الأهلية وجبت مراعاة الإجراءات التى يفرضها القانون».

القسمة القضائية للمال الشائع
تنص المادة 834: «لكل شريك أن يطالب بقسمة المال الشائع ما لم يكن مجبرا على البقاء فى الشيوع بمقتضى نص اقتراحات للاتفاق، ولا يجوز بمقتضى الاتفاق أن تمنع القسمة إلى أجل يجاوز خمس سنين، فإذا كان الأجل لا يجاوز هذه المدة نفذ الاتفاق فى حق الشريك وفى حق من يخلفه ».

وتنص المادة 836 من القانون المدني: «1- أختلف الشركاء فى أقسام المال الشائع فعلى من يريد الخروج من الشيوع ميسور يكلف باقى الشركاء الحضور إمام المحكمة الجزئية، 2-وتندب المحكمة آن رأت وجها لذلك خبيرا أو أكثر لتقويم المال الشائع حصصا وقسمته إن كان المال يقبل القسمة عينا دون أن يلحقه نقص كبير فى قسمته».

والقسمة الرضائية وكما يتضح من مسماها لا تثير إلا عدداً نادراً من المشكلات فيما يتعلق بطريقة تقسيم المال الشائع ، على خلاف القسمة القضائية فإنها تثير مشكلة هامة تتعلق بطريقة تقسيم المال الشائع إذا كان المال الشائع غير قابل بطبيعته للقسمة أو كان فى القسمة ضرراً بالمال الشائع لذا فإن القسمة القضائية تنقسم وفق طريقة قسمة المال الشائع إلى طريقين :

قسمة المال الشائع بطريقة عينية قسمة المال الشائع بطريقة التصفية
قسمة المهايأة:
قسمة المهايأة هى قسمة مؤقتة لا تنهى حاله الشيوع، وإنما تقتصر على تنظيم الانتفاع بالشيء بحيث يحصل كل شريك – فى المال الشائع – على قدر من منافعه يتناسب مع حصته، وتستهدف قسمة المهيأة تخلص الشركاء من مشاكل الكلمات الدالة إدارة المال الشائع وما يحيط بهذه الإدارة من صعوبات، وقد قضى نقضا «النص فى الفقرة الأولي» من المادة 846 من القانون المدنى يدل على أن للشركاء على الشيوع فى الملكية ميسور يتفقوا على قسمة المهيأة لمدة معينة فيقتسمون المال بينهم قسمة منفعة لا قسمة ملك فيختص كل منهم بجزء مفرز يعادل حصته فى المال الشائع فيستقل بإدارته واستغلاله والانتفاع به سواء بنفسه اقتراحات أو بواسطة غيرة دون باقى الشركاء طبقا للطعن 1030 لسنة 52 ق جلسة 6/12 /1989 .

وقسمة المهيأة نوعين :
قسمة مهايأة زمنية قسمة مهيأة مكانية

قسمة المهايأة المكانية :
تعنى قسمة المهايأة المكانية اتفاق الشركاء – على الشيوع – على أن يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يوازى حصته فى المال الشائع، متنازلا لشركائه فى مقابل ذلك عن الانتفاع بباقى الأجزاء.

قسمة المهايأة الزمنية :
تعنى قسمة المهايأة الزمنية اتفاق الشركاء على أن يتناوبوا الانتفاع بجميع المال المشترك ، كل منهم لمدة تتناسب مع حصته .

النصوص القانونية التى تعالج موضوع قسمة المهايأة:
مادة 846 :
1-فى قسمة المهايأة يتفق الشركاء على أن يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يوازى حصته فى المال الشائع، متنازلا لشركائه فى مقابل ذلك عن الانتفاع بباقى الأجزاء، ولا يصح هذا الاتفاق لمدة تزيد على خمس سنين، فإذا لم تشترط لها مدة أو انتهت المدة المتفق عليها ولم يحصل اتفاق جديد، كانت مدتها سنة واحدة تتجدد إذا لم يعلن الشريك إلى شركائه قبل انتهاء السنة الجارية بثلاثة أشهر أنه لا يرغب فى التجديد .
2-وإذا دامت هذه القسمة خمس عشرة سنة، انقلبت قسمة نهائية، ما لم يتفق الشركاء على غير ذلك، وإذا حاز الشريك على الشيوع جزءا مفرزا من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة، افترض أن حيازته لهذا الجزء تستند إلى قسمة مهيأة .

مادة 847: تكون قسمة المهايأة أيضا بأن يتفق الشركاء على أن يتناوبوا الانتفاع بجميع المال المشترك، كل منهم لمدة تتناسب مع حصته .

مادة 848: تخضع قسمة المهايأة من حيث جواز الاحتجاج بها على الغير ومن حيث أهلية المتقاسمين وحقوقهم والتزاماتهم وطرق الإثبات لأحكام عقد الإيجار، مادامت هذه الأحكام لا تتعارض مع طبيعة هذه القسمة .

مادة 849 :
1-للشركاء أن يتفقوا أثناء إجراءات القسمة النهائية على أن يقسم المال الشائع مهايأة بينهم وتظل هذه القسمة نافذة حتى تتم القسمة النهائية .
2-إذا تعذر اتفاق الشركاء على قسمة المهايأة، جاز للقاضى الجزئى إذا طلب منه ذلك أحد الشركاء أن يأمر بها ، بد الاستعانة بخبير اقتضى الأمر ذلك .

الطرق الأخرى لانقضاء الشيوع
ينقضى الشيوع – بمعنى انتهاء حالة الملكية الشائعة والتحول إلى الملكية المفرزة – إذا اتحد المالك للمال الشائع، كأن يشتـرى يكتسب أحد الملاك على الشيوع ملكية باقى أنصبة شركاء الشيوع «البيع – الميراث – الوصيـة – الهبـة – التقادم المكسب للملكيـة – …الخ».

السبب الأساسى لظهور الملكية الشائعة
أدى نظام الميراث إلى انتشار الملكية الشائعة فى مصر، إذ تنتقل ملكية أموال التركة إلى الورثة على الشيوع وكثيراً ما يستمر الورثة فى هذا الشيوع ولمدد طويلة، وهذه المدد الطويلة تسمح بتزايد عدد الشركاء بسبب موت بعضهم وحلول ورثتهم محلهم ، ويؤازر بقاء الشيوع ما اتسم به ريف مصر من التضامن والتكتل الأسرى والتفاخر بالملكيات الكبرى.

وهناك آمرين يجب الإجابة عليهما فى مسألة الفرز والتجنيب هل يتم الفرز والتجنيب بناء على المساحة أم القيمة؟ ومن يدفع أمانة الخبير فى قضية الفرز والتجنب؟ رافع الدعوى أم جميع الشركاء؟ وإذا كان دفاع خمسة شركاء من الستة هو رفض التقسيم لأنه سيضر بالحصص ويفقدها قيمتها لأن كل حصة ستصبح عبارة عن جزء من وحدة…هل يجبر الخمسة على دفع أمانة الخبير بالرغم من رفضهم الخبير والتقسيم؟

بالنسبة للسؤال الأول العقارات المبنية لا تقبل القسمة وإنما يتم تقسيمها بالثمن وعرضها للبيع بالمزاد العلنى ثم يتم توزيع الثمن على الشركاء، أما بالنسبة للسؤال الثانى فيتحمل أمانة الخبير رافع الدعوى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *