عدم جواز الإكراه على الإعتراف بالذنب – دراسة قانونية

عدم جواز الإكراه على الإعتراف بالذنب – دراسة قانونية.

لا يجوز إكراه أي شخص متهم بارتكاب فعل جنائي بالشهادة على النفس أو الإقرار بالذنب، وذلك بناءً على مبدأ افتراض البراءة

الحق في عدم الإكراه على الشهادة على النفس أو الإقرار بالذنب

لا يجوز إكراه أي شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي بأن يشهد على نفسه أو يقر بذنبه. ويتفق هذا الحظر مع مبدأ افتراض البراءة، الذي يضع عبء الإثبات على الادعاء، ومع حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ويعتبر هذا الحق الجوهري مبدأً متأصلاً في المادة 6 من “الاتفاقية الأوروبية”، حتى رغم أنها لم تنص عليه صراحة، حيث أوضحت المحكمة الأوروبية ما يلي: “رغم أنه غير مذكور بالتحديد في المادة 6 من “الاتفاقية [الأوروبية]”؛

إلا أنه ما من شك في أن حق (المتهم) في التزام الصمت أثناء استجوابه، والحق الممنوح له بعدم تجريم نفسه، هما معياران من المعايير المعترف بها دولياً والتي تكمن في صلب فكرة عدالة المحكمة التي تنص عليها المادة 6.

وبتزويد المتهم بهذا اللون من الحماية ضد التعرض لضرب غير لائق من الإرغام من جانب السلطات، فإن هذه الحصانات تسهم في تجنب أي خطأ في تطبيق العدالة وتؤمن أهداف المادة 6″.

وحظر إكراه المتهم على الشهادة ضد نفسه أو الإقرار بذنبه مبدأ عريض. فهو يمنع السلطات من القيام بأي شكل من أشكال الإرغام سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بدني أو نفسي. كما أنه يحظر استخدام التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ويحظر المعاملة التي تنتهك حق المحتجزين في المعاملة على نحو يكفل احترام الكرامة المتأصلة في شخصهم بحكم انتمائهم للأسرة الإنسانية. كما أنه يحظر كذلك فرض عقوبات قضائية بغرض إرغام المتهم على الاعتراف.

الحق في التزام الصمت

يعتبر حق المتهم في التزام الصمت أثناء استجواب الشرطة له، وخلال المحاكمة، متضمناً في حقين من الحقوق المكفولة بموجب المواثيق الدولية، وهما الحق في افتراض البراءة، والحق في عدم الإرغام على الشهادة أو الاعتراف بالذنب.

وحق الفرد في التزام الصمت، حتى عندما يشتبه في ارتكابه لأسوأ الجرائم الممكنة، مثل الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب.

وأوضحت “المحكمة الأوروبية” أن الخروج باستنتاجات سلبية ضد المتهم من جراء التزامه بالصمت انتهاك لمبدأ افتراض البراءة والحق في عدم تجريم النفس، إذا كان الحكم بإدانته يستند فحسب أو في المقام الأول على صمته.

ومع هذا، فقد اعتبرت المحكمة الأوروبية أن الحق في التزام الصمت ليس مطلقاً، ورأت بالأحرى أن مسألة المساس بالحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة، إذا استخلصت المحكمة استنتاجات سلبية ضد المتهم نتيجة لالتزامه الصمت؛

إنما يجب أن تحسم في ضوء جميع ملابسات القضية. وقررت المحكمة المذكورة أنه يجوز للمحكمة أن تستخلص استنتاجات سلبية من صمت المتهم ورفضه تفسير وجوده في مسرح الجريمة أثناء استجواب الشرطة له و خلال المحاكمة، دون أن يمس هذا مبدأ افتراض البراءة أو الحق الموازي له، وهو عدم الإجبار على الشهادة؛

ولكنها اعتبرت أن العوامل التالية حاسمة في هذا المقام: الامتناع عن استخراج أية استنتاجات إلا بعد أن يقدم الادعاء أدلة إثبات كافية ضد المتهم؛ ترك مسألة جواز الخروج أو عدم الخروج باستنتاجات لتقدير القاضي وحده؛ الاكتفاء بالاستنتاجات التي تمليها “الفطرة السليمة” مع توضيح أسباب الخروج بها في منطوق الحكم؛ أن تكون الأدلة ضد المتهم “قاطعة”.

ومع هذا، فقد وجدت المحكمة الأوروبية أن التقاعس عن السماح للمتهم بالتشاور مع محام خلال الثمانية والأربعين ساعة الأولى من احتجازه، أثناء استجواب الشرطة له، في الوقت الذي كان عليه أن يقرر ما إذا كان سيستخدم حقه في التزام الصمت أم لا، إنما هو انتهاك للمادة 6 من “الاتفاقية الأوروبية”.

مزاعم الإكراه

إذا زعم المتهم أنه تعرض لضرب من الإرغام أثناء الإجراءات لحمله على الإدلاء بأقوال أو الاعتراف بذنب، فينبغي أن تكون للقاضي سلطة نظر هذه المزاعم في أية مرحلة من مراحل التقاضي.

ويجب على السلطات المختصة، ومن بينها القضاء، أن تبادر – على وجه السرعة وفي إطار من الحيدة – إلى فحص جميع المزاعم التي تثار حول انتزاع الأقوال عن طريق التعذيب أو أي ضرب آخر من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ولجميع المحتجزين والسجناء ولمحامييهم، وأفراد أسرهم الذين يمثلون مصالحهم، الحق في أن يتقدموا بشكاوى غير علنية إلى السلطات عند تعرض هؤلاء المحتجزون والسجناء للتعذيب أو سوء المعاملة. وينبغي البت في هذه الشكاوى بصورة سريعة والرد عليها دون إبطاء.

وإذا رفضت الشكوى أو تأخر نظرها لفترة طويلة جداً، فيحق للشاكي أن يعرضها على القضاء أو على سلطة أخرى. ويجب عدم المساس بأية صورة بالشاكي نتيجة لشكواه.

وعلاوة على ذلك، فعندما توجد أسباب معقولة تدعو لتصديق أن ضرباً من التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة قد ارتكب، فيجب المبادرة على وجه السرعة إلى إجراء تحقيق نزيه في الواقعة.

ويجب أن تستبعد المحكمة أي دليل، بما في ذلك اعترافات المتهمين، يُنتزع عن طريق التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو بأي ضرب آخر من ضروب الإرغام، إلا عند نظر الدعاوى المرفوعة ضد الأشخاص الذين يزعم أنهم ارتكبوا هذه الضروب من التعذيب أو سوء المعاملة أو الأرغام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *