متى يقع عقد البيع باطلا في نطاق القانون المدني المصري

متى يقع عقد البيع باطلا في نطاق القانون المدني المصري

 

أولا:ـ
يتلاحظ أن عقد البيع له أطراف وشروط وأركان.
ـ فأطراف عقد البيع هم البائع والمشتري والضامن إن وجد والطرفان الأساسيان هما البائع والمشتري وأن يتوافر الأهلية القانونية لهم

ثانيا:ـ
شروط عقد البيع:
أ ـ أن يكون المبيع مما يجوز التعامل فيه بالبيع والشراء كالمنقولات والأوراق
المالية والأراضي والعقارات(كالأشياء المادية ) ـ ولا يكون أشياء معنويةكالشرف والكرامة والأمانة وهو أن يكون بين المبيع شيء قابل للتعامل فيه.
ب ـ سلامة الرضا.
جـ ـ عدم الغلط في صفات المبيع.
د ـ عدم وجود غبن أو استغلال أو غش أو تدليس.

ثالثا:ـ
أركان عقد البيع:ـ
1ـ أن يكون المبيع معين بذاته وموصوف بذاته ومعلوم لدى طرفي التعاقد.
2ـ أن يكون المبيع مملوك للبائع.
3ـ أن يدفع ثمن المبيع من المشتري للبائع.

رابعا:ـ
البيع ككل عقد يتم بالتقاء الإيجاب والقبول من طرفيه يقصدان إلىإبرام عقد بيع كل والقواعد التي تحكم هذا الالتقاء هي ذات القواعد العامةالتي تنطبق على كل العقود.
والإيجاب والقبول شرطان أساسيان لانعقاد عقد البيع و لصحته لانصراف نيةالبائع والمشتري لإتمام صفقة البيع فإذا تخلف احدهما فإن صفقة البيع لاينعقد لها الإتمام.
فلابد من انصراف نية البائع والمشتري لإتمام الصفقة المتفق عليها فيما بينهم.
ـ فإذا ما كان الإيجاب بالبيع للمبيع من قبل البائع ولم يلقى قبول من قبل المشتري فإن الصفقة لا تتم.
ـ وإذا ما كان القبول بشراء المبيع دون إن يكون هناك إيجاب وانصراف نية البائع لبيع المبيع لقابل الشراء فإن الصفقة لا تتم.
ـ وبإنزال هذه القواعد على عقد البيع المؤرخ / / سند الدعوى الراهنة نجد آنالعقد تخلف في ركن الإيجاب والقبول فلم نجد أن العقد كان قد ذيل بتوقيعصحيح منسوب صدوره للبائع حتى يتحقق الإيجاب أي الرغبة والرضا في بيع المبيعمحل هذا العقد وقد قضى برد وبطلان هذا العقد.
ـ كما انه لا يتوافر لهذا العقد القبول فلم نجد أن العقد كان قد ذيل بتوقيعللمشتري وبذلك لا يتوافر قبول المشتري بالشراء وبذلك ينتفي عن هذا العقدركنين هامين وهما ركن الإيجاب والقبول لانعقاد صحة هذا العقد محل هذهالدعوى فالعقد قد خلى تماما من انصراف نية البائع والمشترى لإتمام صفقةالبيع محل هذا العقد المطعون عليه والمحكوم برده وبطلانه.

خامسا:ـ
التوقيع المزور عن البائع مذيل تحت كلمة المقر بما فيه وهذا يدلناعلى أن هذه الورقة كانت على بياض وكانت بمثابة إقرار لصحة واقعة معينة اوالاعتراف بشهادة معينة وليست تحت عبارة البائع.
ولم نجد أن العقد قد ذيل بعبارة المشترى او توقيع المشترى مما يؤكد ويبرهنعن انعدام واقعة البيع وانعدام صحة هذا العقد من أساسه أما توقيعات الشهودفنجد أنها بنوعية أقلام مختلفة وبأحبار مختلفة ويتضح هذا بالنظر بالعينالمجردة دون فحص كما أن العقد حكم بردة وبطلانه
وحيث أن الدعوى المرفوعة والتي نحن بصددها هي دعوى صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ في / /
وحيث انه كان قد طعن على هذا العقد بالتزوير وورد التقرير الفني يؤكد تزوير توقيع البائع

ـ وبذلك فإن دعوى صحة التعاقد تجمع عدة خصائص:
الخاصية الأولى: هي إنها دعوى شخصية تستند إلى حق شخصي وذلك أن المشترييستند فيها إلى حقه الشخصي المتولد عن عقد البيع الابتدائي فهو ل يطالبصراحة بثبوت ملكيته على الشيء ( لأنه غير مالك للمبيع طالما أن المبيع لميسجل ) وإنما هو يطالب بتنفيذ التزام شخصي في مواجهة البائع.
الخاصية الثانية: هي دعوى عقارية تهدف في النهاية إلى ثبوت حق عقاري عنطريق الحصول على حكم بثبوت عقد البيع الابتدائي يقوم مقام عقد البيع المسجلويرفعها المشترى أو ورثته على البائع أو ورثته كما يجوز أن يرفعها دائنالمشترى باسم المشترى عن طريق الدعوى غير المباشرة ( المادة 235مدني)
الخاصية الثالثة:ـ هي دعوى موضوعية تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب تتعلقبعقد البيع الابتدائي من حيث الوجود أو الانعدام ومن حيث الصحة أو البطلانلأن إجابة طلب صحة البيع يقتضي أن يستوفي العقد أركانه القانونية وهي الرضاوالمحل والسبب [المواد 89 ـ 137 مدني ]

ـ وقد قضت محكمة النقض في حكم حديث لها بأن دعوى صحة ونفاذ العقد هي دعوىموضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه وتستلزمأن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قامتسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحةالعقد وبالتالي فإن صحة تلك الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب تتعلقبوجود العقد وانعدامه وبصحته او بطلانه ومنها انه غير جدي أو حصل التنازلعنه أو من شأن هذه الأسباب لو صحت أن يعتبر العقد غير موجود قانونا فيحولذلك دون الحكم بصحته ونفاذه0

ـ كذلك فإن دعوى صحة التعاقد تتسع لتكييف ماهية عقد البيع الابتدائيالمطلوب الحكم بصحته ونفاذه فلا يجوز للمحكمة الأعراض عما يثار حول تكييفالعقد من نزاع إذ يتوقف على هذا التكييف معرفة الأحكام القانونية التي تطبقعليه من حيث الصحة والنفاذ.
وكذلك فإن دعوى صحة التعاقد ودعوى البطلان وجهان لنزاع واحد فإذا رفعالمشتري دعوى صحة التعاقد ودفع فيها بالبطلان فإن دعوى صحة التعاقد تتسعلبحث هذا الدفع ويتعين على المحكمة أن تتعرض له وأن تقضي فيه إذ أن القضاءفي أمر هذا الدفع يكون ذو حجية في شأن طلب صحة التعاقد.
ولشروط قبول دعوى صحة التعاقد منها ألا ينكر البائع توقيعه او يطعن عليهبالتزوير فانه يحدث في الحياة العملية إذا رفع المدعى “المشتري” دعوة صحةالتعاقد أن يدفع المدعى عليه “البائع” هذه الدعوى بإنكار توقيعه وقد لايقتصر الأمر على الدفع بإنكار التوقيع فيصل إلى حد الطعن بالتزوير على عقدالبيع الابتدائي صلبا وتوقيعا. وفي هذه الحالة تكون المحكمة أمام دعوىالتزوير الفرعية والمنصوص عليها في [ المادة 30 من قانون الإثبات 25/68].

ـ وفي هذا الصدد فإن مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات قد نصت على انه لايجوز الحكم بصحة الورقة أو بتزويرها وفي الموضوع معا ـ بل يجب أن يكونالقضاء في الادعاء بالتزوير سابقا على الحكم في موضوع الدعوى.
ـ كما يدفع المدعى عليهم ببطلان عقد البيع المؤرخ فالبطلان نظام قانونيمؤداه اعتبار التصرف القانوني غير قائم وانه لم يقم أبدا وذلك بسبب اختلالبتموينه فالتصرف الباطل يعتبر انه لم يقم نتيجة عدم توافر احد أركانه أواختلال هذا الركن اختلالا أدى إلى انهياره فالبطلان يؤدي إلى انعدام التصرفوهو يؤدي إلى انعدامه بأثر رجعي يستند إلى تاريخ إبرامه أي انه قد ولدميتا.
ـ ويقع العقد باطلا إذا تخلف ركن من أركانه أو اختل اختلالا يؤدي إلى عدمالاعتداد به أصلا وأركان العقد هي الرضا والمحل والسبب وطرفي العقد وصحةأهليتها فضلا عن الشكل في العقود الشكلية فإذا لم يتوافر الرضا بأن كانتإرادة احد العاقدين صادرة عن وعي ولكنها لم تتطابق مع إرادة العقد الأخرفإن العقد لا يقوم ويبطل العقد كذلك إذا لم يكن لأحد الالتزامات المتولدةعنه محل أو كان محل مستحيلا أو غير محدد أو غير مشروع ويبطل العقد أيضا إذاتخلف فيه السبب أو اتسم بعدم المشروعية

ـ تلك هي الحالات التي يقع فيه باطلا وفقا لما تقتضيه القواعد القانونيةالعامة وقد يقع العقد باطلا في حالات أخرى متباينة إذا قضى القانون نفسهبذلك بمقتضى نص خاص كما هو الشأن في بيع الوفاء [مادة 465 مدني ] وكما هوالحال في بيع أموال الدولة الخاصة بغير طريق المزاد عند اللزوم وفي التصرفالذي من شانه أن يؤدي إلى تجاوز الحد الأقصى للملكية.

ـ وإذا كان العقد الباطل لا ينعقد أصلا فإن البطلان يقع من تلقاء نفسه ولكنقد يحتاج الأمر إلى تقرير البطلان إذا نوزع فيه وهنا يرفع الأمر إلىالمحكمة ويجوز التمسك ببطلان العقد الباطل لكل ذي مصلحة بل أن للمحكمة أنتقتضى به من تلقاء نفسها [ مادة 141/1 مدني ].

ـ كما أن العقد لا يصحح بالتقادم فمهما طال عليه الأمر فهو عدم والعدم لايصير شيئا بفوات الزمن ولكن إذا كان البطلان الذي يلحق العقد لا يزول عنهبمضي المدة فإن دعوى البطلان ذاتها تسقط بمضي خمسة عشر سنة من تاريخ العقدأصبح صحيحا فهو لا يزال باطلا. كل ما في الأمر أن دعوى البطلان ذاتها تصبحغير مقبولة إذا رفعت بعد خمسة عشر سنة من تاريخ إبرام العقد وهكذا نصبحأمام عقد باطل دون أن يكون من الممكن تقرير بطلانه عن طريق الدعوى.

ـ غير أن يمكن التمسك بهذا البطلان عن طريق الدفع مهما طال الزمن ويترتبعلى حكم البطلان أن يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانت عليها قبل العقد.

ـ وترتيبا على ما تقدم يجوز للبائع أو لورثته أن يدفع دعوى صحة التعاقدبجميع أوجه البطلان المتقدمة فإذا تبين للمحكمة أن الدفع في محله وأن العقدقد لحقه البطلان قضت برفض الدعوى.
{ انظر المشكلات العملية في دعوى صحة التعاقد وتنفيذ عقد البيع وحلولهاالقانونية للمستشار عز الدين الناصوري والدكتور عبد الحميد الشواربي ص172وما بعده }

ـ وحيث أن المدعى كان قد استأنف الحكم الصادر برد وبطلان عقد البيعالابتدائي المؤرخ وحيث انه من المقرر وفقا لنص المادة 212 مرافعات أن أيحكم صادر قبل الحكم الختامي المنهى بالخصومة كلها لا يقبل الطعن المباشرإلا إذا كانت من الأحكام التي حددتها هذه المادة على سبيل الحصر وهيالأحكام الوقتية ـ والمستعجلة ـ والصادرة بوقف الدعوى ـ والأحكام القابلةللتنفيذ الجبري وبذلك لا يجوز الطعن في الحكم الصادر في الادعاء بالتزويراستقلالا إلا عند صدور الحكم في موضوع الدعوى كلها .

وذلك انه من المقرر أن الخصومة التي ينظر إلى إنهائها وفقا لهذا النص هيالخصومة الأصلية المنعقدة بين طرفيها لا تلك التي تثار بشأن مسألة فرعيةمتعلقة بدليل من أدلة الإثبات لا يعدو أثرها بالنسبة للموضوع والاستفادةبدليل أو استبعاده ـ ومقتضى ذلك أن الحكم الصادر في الادعاء بالتزويروبقبوله أو برفضه أو بسقوطه أو بعدم قبوله لا يجوز الطعن فيه إلا مع الحكمالصادر في موضوع الدعوى.
ـ وقد قضت محكمة النقض بعدم جواز الطعن بالاستئناف استقلالا في الحكم الصادر برفض الادعاء بالتزوير ( نقض سنة 24ص 224 )
{ راجع في ذلك التعليق على قانون الإثبات عز الدين الناصوري وعكاز طبعة 77ص 97 وما بعدها }
ومما تقدم نلتمس برفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *