مسألة إستيفاء آجل الديون وتوزيع التركة بديونها على الورثة

مسألة إستيفاء آجل الديون وتوزيع التركة بديونها على الورثة

 

تفترض هذه المسألة أن الورثة لم يجمعوا على تعجيل الوفاء بالديون المؤجلة ، وآثروا أو آثر بعضهم أن تبقى مؤجلة للاستفادة من الأجل . عند ذلك تتولى المحكمة المختصة بنظر شؤون التصفية توزيع ديون التركة المؤجلة على الورثة وكذلك توزيع أموال التركة ، بحيث يكون لكل وارث حصة من الأموال وحصة من الديون إذا استنزلت الثانية من الأولى كان الباقي معادلا لصافي حصته في الإرث .

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد:
” وهذه عملية حسابية دقيقة ، قد يستعين القاضي فيها بخبير . وتبقى مشكلة أخرى هي أن الديون المؤجلة بتوزيعها على الورثة فقد تجزأ ضمانها ، فقد كانت كل التركة ضامنة لأي دين منها ، فأصبح الدين بعد أن اختص به وارث معين لا يضمنه إلا جزء من التركة هو الجزء الذي وقع في نصيب هذا الوارث . وهذه نتيجة يجب التسليم بها لأنها تترتب على تجزئة الدين .

ولما كان المفروض أن التركة موسرة ، لأن التركة المعسرة يحل فيها الديون المؤجلة وتوزع كلها على الدائنين ، فالمفروض تبعاً لذلك أن جزء التركة الذي وقع في نصيب الوارث يفي بالدين الذي اختص به .

 استيفاء آجل الديون وتوزيعها على الورثة
تنص المادة 895 مدني على ما يأتي:
” 1 – إذا لم يجمع الورثة على طلب حلول الدين المؤجل ، تولت المحكمة توزيع الديون المؤجلة وتوزيع أموال التركة ، بحيث يختص كل وارث من جملة ديون التركة ومن جملة أموالها بما يكون في نتيجته معادلاً لصافي حصته في الإرث ” .
” 2 -وترتب المحكمة لكل دائن من دائني التركة تأميناً كافياً على عقار أو منقول ، على أن تحتفظ لمن كان له تأمين خاص بنفس هاذ التأمين . فإن استحال تحقيق ذلك، ولو بإضافة تأمين تكميلي يقدمه الورثة من مالهم الخاص أو بالاتفاق على أية تسوية أخرى، رتبت المحكمة التأمين على أموال التركة جميعها “.
” 3 – وفي جميع الأحوال ، إذا ورد تأمين على عقار ولم يكن قد سبق شهره ، وجب أن يشهر هذا التأمين وفقاً للأحكام المقررة في شهر حق الاختصاص ” .

وتنص المادة 896 مدني على ما يأتي:
” يجوز لكل وارث، بعد توزيع الديون المؤجلة، أن يدفع القدر الذي اختص به قبل أن يحل الأجل طبقاً للمادة 894 “. ([1])
وتفترض هذه النصوص أن الورثة لم يجمعوا على تعجيل بالوفاء بالديون المؤجلة ، وآثروا أو آثر بعضهم أن تبقى مؤجلة للاستفادة من الأجل . عند ذلك تتولى المحكمة المختصة بنظر شؤون التصفية توزيع ديون التركة المؤجلة ([2]) على الورثة وكذلك توزيع أموال التركة ، بحيث يكون لكل وارث حصة من الأموال وحصة من الديون إذا استنزلت الثانية من الأولى كان الباقي معادلا لصافي حصته في الإرث .

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد:
” وهذه عملية حسابية دقيقة ، قد يستعين القاضي فيها بخبير . وتبقى مشكلة أخرى هي أن الديون المؤجلة بتوزيعها على الورثة فقد تجزأ ضمانها ، فقد كانت كل التركة ضامنة لأي دين منها ، فأصبح الدين بعد أن اختص به وارث معين لا يضمنه إلا جزء من التركة هو الجزء الذي وقع في نصيب هذا الوارث . وهذه نتيجة يجب التسليم بها لأنها تترتب على تجزئة الدين .

ولما كان المفروض أن التركة موسرة ، لأن التركة المعسرة يحل فيها الديون المؤجلة وتوزع كلها على الدائنين ، فالمفروض تبعاً لذلك أن جزء التركة الذي وقع في نصيب الوارث يفي بالدين الذي اختص به . ولكي يكون الدائن مطمئناً على حقه ، يجوز للقاضي أن يرتب له حق اختصاص على عقارات التركة التي وقعت في نصيب الوارث ، وذلك بالرغم من أن الدين مؤجل ولم يصدر به حكم . بل تجوز مطالبة الوارث بإضافة ضمان تكميلي من ماله الخاص أو مطالبته بأية تسوية أخرى ، كتقديم كفيل عيني أو شخصي أو عقد تأمين لمصلحة الدائن . فإذا لم يكن أن يتحقق للدائن الضمان الكافي ، فإن حقه يبقى غير قابل للتجزئة ، وضمانه هو كل أموال التركة ، ما وقع منها في نصيب الوارث وما وقع في نصيب الورثة الآخرين ، مع مراعاة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإشهار هذا الحق ” ([3]) .

وهناك تعقيبان على ما تقدم:
( 1 ) تقول الفقرة الثانية من المادة 895 : ” على أن تحتفظ ( المحكمة ) لمن كان له تأمين خاص بنفس هذا التأمين ” . فمن كان له من الدائنين منذ البداية تأمين خاص ، كرهن أو امتياز ، يبقى له هذا التأمين كما كان . ويحسن في هذه الحالة أن يكون الوارث الذي وقع في نصيبه العين المثقلة بهذا التأمين الخاص هو الذي يختص بالدين الذي لصاحب هذا التأمين .
( 2 ) قد ترى المحكمة حاجة إلى إضافة ضمان تكميلي يقدمه الوارث من ماله الخاص أو الاتفاق على أية تسوية أخرى ، مع أن المفروض أن نصيب الوارث من أموال التركة يفي بنصيبه من أموال التركة منقولاً ، بل قد لا يقع في نصيبه أي عقار . ففي هذه الحالة يجب عليه أن يقدم ضماناً تكميلياً من ماله الخاص ، كأن يقدم عقاراً يملكه ترتب عليه المحكمة حق اختصاص . وهذا لا يمنع من ترتيب تأمين على المنقولات التي وقعت في نصيب الوارث ، كأن تكون حلياً أو مجوهرات أو أوراقاً مالية يقدمها الوارث رهناً حيازياً للدائن ([4]) .
ويلاحظ أن عملية تأمين الديون المؤجلة بعد توزيعها على الورثة تقتضي أن كثيراً من عقارات التركة ترتب عليها المحكمة حقوق اختصاص لمصلحة الدائنين ، وقد كانت خالية من قبل من أي تكليف عيني .

لذلك أضيفت في لجنة المراجعة إلى المادة 895 فقرة ثالثة تقول:
” وفي جميع الأحوال إذا ورد تأمين على عقار ولم يكن قد سبق شهره ، وجب أن يشهر هذا التأمين وفقاً للأحكام المقررة في شهر حق الاختصاص ” .
فإذا ما اختص الوارث بنصيب من الديون المؤجلة على النحو السابق الذكر ، فقد يرغب أحد الورثة تعجيل الوفاء بالديون المؤجلة التي وقعت في نصيبه .
وقد قدمنا أن الذي دعا إلى توزيع الديون المؤجلة على الورثة دون التعجيل بوفائها هو أن الورثة لم يجمعوا على هذا التعجيل ، فيجوز إذن أن يكون من بينهم من كان يريد تعجيل الوفاء بالديون المؤجلة ومنعه من ذلك عدم انعقاد إجماع الورثة . فيستطيع هذا الوارث الذي كان يريد تعجيل الوفاء بالديون المؤجلة أن يقوم هو بتعجيل الوفاء بما وقع في نصيبه من هذه الديون . ويطلب إلى المحكمة أن تقضي بحلول الدين المؤجل الذي وقع في نصيبه ، وبتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن طبقاً لأحكام المادة 894 التي سبق بيانها ([5]) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ^ تاريخ النصوص :
م 895 : ورد في هذا النص في المادة 1328 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق في مجموعة مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وعدل النص في لجنة المراجعة بما جعله مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 966 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 964 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 895 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 254 – ص 257 ) .
م 896 : ورد هذا النص في المادة 1329 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 967 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 965 . فمجلس الشيوخ تحت رقم 896 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 257 – ص 259 ) .
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 856 – 857 ( مطابق ، فيما عدا أن الفقرة الثالثة من المادة 895 مصري لا نظير لها في المادة 856 سوري ) .
التقنين المدني الليبي م 899 – 900 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل

[2] ^ أما الديون الحالة فإن المصفي يكون قد وفاها قبل توزيع أموال التركة وديونها المؤجلة على الورثة .

[3] ^ مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 258 – ص 259 – وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المسألة أيضاً : ” وهذه هي أدق نقطة في التصفية عالجها المشروع ، ووفق فيها بين مصلحة الدائنين في ألا يتجزأ ضمانهم ومصلحة الورثة في أن تتجزأ عليهم الديون ، وفي أن يكون كل مسئولاً عن الديون الأخرى ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 202 ) .

[4] ^ وقد أضيفت في لجنة مجلس الشيوخ ، في الفقرة الثانية من المادة 895 ، عبارة ” على عقار أو منقول ” بعد عبارة ” وترتب المحكمة لكل دائن من دائني التركة تأميناً كافياً ” الواردة في صدر الفقرة ، لأنه إذا كان من المرغوب فيه بيع المنقولات للوفاء بالديون ، ولكن ” إذا أمكن ترتيب تأمين عليها ، كان ذلك أصلح للورثة والدائنين على السواء ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 257 ) .

[5] ^ أنظر آنفاً فقرة 58 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *