مسألة ميراث ولد الزنا وما في حكمة في القانون المصري

مسألة ميراث ولد الزنا وما في حكمة في القانون المصري

 

ميراث ولد الزنا واللعان واللقيط ممن لا أب له شرعياً

قد لا يعرف نسب الولد من أبيه الشرعي، مثل هؤلاء، فكيف يرثون ؟

أما ولد الزنا: فهو الولد الذي أتت به أمه من طريق غير شرعي، أو هو ثمرة العلاقة المحرمة.

وأما ولد اللعان: فهو الولد الذي ولد على فراش زوجية صحيحة، وحكم القاضي بنفي نسبه من الزوج بعد الملاعنة الحاصلة بينه وبين زوجته.

ويكون حكم القاضي عند الحنفية بمجرد الملاعنة، ويشترط الجمهور طلب الزوج نفي الولد.

وكل من ولد الزنا وولد اللعان: لا توارث بينه وبين أبيه وقرابة أبيه بالإجماع، وإنما يرث بجهة الأم فقط؛ لأن نسبه من جهة الأب منقطع، فلا يرث به، ومن جهة الأم ثابت، فنسبه لأمه قطعاً؛ لأن الشرع لم يعتبر الزنا طريقاً مشروعاً لإثبات النسب، ولأن ولد اللعان لم يثبت نسبه من أبيه.

فيرث كل منهما عند الأئمة الأربعة من أمه وقرابتها، وهم الإخوة لأم بالفرض لا غير، وترث منه أمه وإخوته من أمه فرضاً لا غير؛ لأن صلته بأمه مؤكدة لا شك فيها، ولا يتصور أن يرث هو أو يورث بالعصوبة، إلا بالولاء أو الولاد، فيرثه من أعتقه أوأعتق أمه، أو ولده بالعصوبة، وكذلك يرث معتقه أو معتق معتقه، أو ولده بالعصوبة أيضاً.

ورأي الشيعة الإمامية أنه لا توارث أيضاً بين ولد الزنا وبين أمه وقرابتها، كما هو الحال بالنسبة إلى أبيه الزاني وقرابته؛ لأن الميراث نعمة أنعم الله بها على الوارث، فلا يجوز أن يكون سببها الجريمة أي الزنا.

أما ولد اللعان فيرث عندهم من أمه، إذ قد يكون أحد الأبوين المتلاعنين كاذباً في ادعائه، فلم تكن الجريمة هي السبب في نفي النسب.

لكن الرأي الأول في ولد الزنا أولى تخفيفاً على الولد، إذ الجريمة جريمة الأم، فلا يعاقب الولد بجريمة أمه؛ أما الأب فالنسب منه غير مؤكد. لذا أخذ به القانون المصري (م 47) والسوري (م 303) ونص المادة فيهما: «يرث ولد الزنى وولد اللعان من الأم وقرابتها، وترثهما الأم وقرابتها» .

وجاء في السنة: «أيُّما رجل عاهر بحرة أو أمة، فالولد ولد الزنا، لا يرث ولايورث» ( رواه الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وفي إسناده أبو محمد عيسى بن موسى القرشي الدمشقي وهو ليس بمشهور ) وعن النبي صلّى الله عليه وسلم : «أنه جعل ميراث ابن الملاعَنَة لأمه، ولورثتها من بعدها» (رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وفيه ابن لهيعة، وفيه مقال معروف) .

وفي حديث المتلاعنين الذي يرويه سهل بن سعد قال: «وكانت حاملاً، وكان ابنها ينسب إلى أمه، فجرت السنة أنه يرثها، وترث منه، ما فرض الله لها» (أخرجه البخاري ومسلم) .
وعلى ذلك لو مات شخص عن: أم وابن غير شرعي، فالتركة كلها للأم فرضاً ورداً، ولا شيء للابن.

ولو مات شخص عن: أم وأخ لأم، وأخ لأب غير شرعي، كان للأم الثلثان فرضاً ورداً، وللأخ لأم الثلث فرضاً ورداً، ولا شيء للأخ لأب؛ لأنه غير شرعي.

وإذا توفي ولد الزنا أو اللعان عن أمه، وأبيها، وأخيها: كانت تركته كلها لأمه: الثلث فرضاً، والباقي رداً، ولا شيء لأبيها (جده لأمه) وأخيها (خاله)؛ لأنهما من ذوي الأرحام.

ولو توفي أحد هذين الولدين عن أم، وأخ لأم، كان للأم الثلثان فرضاً ورداً، وللأخ لأم الثلث فرضاً ورداً.

وأما اللقيط: فهو الطفل المفقود المطروح على الأرض عادة، خوفاً من مسؤولية إعالته، أوفراراً من تهمة الريبة.

وإذا مات اللقيط عن غير وارث، فماله عند الجمهور ما عدا رواية عن أحمد لبيت المال، بناء على قاعدة ( الغرم بالغنم ) فإن بيت المال هو المسؤول عن الإنفاق عليه، وتربيته وتعليمه، فتكون تركته له كالأموال الضائعة التي لا يعرف أصحابها.

ويروى عن أحمد وهو رأي ابن تيمية: أن إرثه لمن التقطه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر :
الدر المختار
الشرح الكبير
القوانين الفقهية
مغنى المحتاج
المغني
نيل الأوطار
الفقه الإسلامي وأدلته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *