مسألة وقوع ظرف الترصد في القتل في حال إرتكاب الجريمة في مأمن المجني عليه

مسألة وقوع ظرف الترصد في القتل في حال إرتكاب الجريمة في مأمن المجني عليه.

(1) من المعلوم أن الترصد ظرف مشدد في جريمة القتل العمد يرفع عقوبتها إلي الإعدام.

وجوهر الترصد انتظار ومكوث الجاني للمجني عليه مدة من الزمن طالت أو قصرت في مكان يتوقع قدومة اليه لمباغتته والغدر به لدى وصوله أو مروره بمكان الانتظار باستخفاء أو بغير استخفاء

(الطعن رقم ٥٣٦٠٣ لسنة ٧٥ قضائيةجلسة ٢٠٠٦/٠٦/١١مكتب فنى سنة ٥٧ -قاعدة ٧٤ -صفحة ٧٢٦؛الطعن رقم ١٠٢٢٦ لسنه ٧١قضائية ٢٠٠٩/١/٢٢)

والراي مستقر علي أن مكان الترصد وطبيعته ليس من عناصرة فلا يوجد ما يمنع أن يكون هذا المكان طريق عام أو مكان خاص بالجاني أو بالمجني عليه مادام أن الجاني مكث وانتظر المجني عليه توصلا للفتك به فجوهر الترصد ليس بالمكان وإنما بالمكث والانتظار.ولهذا نفت محكمة النقض توافر الترصد من تواجد المتهمة بالمسكن محل الواقعة بالاشتراك مع زوجها المجني عليه المقيم فيه معها وتوصلها من خلال ذلك لقتله لكون ما بدر منها من أفعال مغاير لفعل الانتظار والمكوث والتربص اللازم لقيام ظرف الترصد

(الطعن رقم ٤٢١٠٣ لسنة ٧٥ قضائيةجلسة ٢٠٠٦/٠٤/٠٤مكتب فنى سنة ٥٧ – قاعدة ٥٥ – صفحة ٤٧٠)

وايضا نفت الترصد من تواجد الطاعن بغرفة نوم والده المجنى عليه وبجواره في مخدعه وما أن غرق في النوم حتي قتله لمغاير ذلك لفعل الانتظار والمكث والتربص اللازم لقيام ظرف الترصد

(الطعن رقم ٢٨٥٦٥ لسنة ٨٦ قضائيةجلسة ٢٠١٧/٠٥/٠٦)

اي أن الاقامة المشتركة في منزل واحد لا يحقق الانتظار والمكوث اللازم للترصد.

(2)ولكن عرض علي محكمة النقض واقعتين كان الجاني قد سعي فيهما الي منزل المجني عليه ومكث فيه حتي توصل الي مفاجأة و قتله وانتهت محكمة النقض فيهما الي نتائج مختلفه إذ نفت الترصد في واقعة واثبتته في الواقعة الاخري دون فارق يذكر سوي أنه في الواقعة التي انتهت فيها الي توافر الترصد كانت زوجه المجني عليه هي التي سهلت للجاني الدلوف الي المسكن!

وكانت وجه نظر حكم النقض النافي للترصد أنه يستحيل تحقق الترصد بسعي الجاني للمجني عليه في مأمنه لأن هذا المسلك لا يفيد الانتظار والمكوث للاعتداء على المجني عليه لدي وصوله أو مروره بمكان الانتظار.في حين كان وجه نظر حكم النقض الاخر في اثبات الترصد أن الجاني مكث وانتظر المجني عليه في منزله بناء علي اتفاق مع زوجته حتي خلد للنوم فدخل حجرة نومه وقتله.

(3) وقالت النقض في حكمها النافي للترصد بأن “الترصد فقها ولغة وقضاء هو انتظار الجاني للمجني عليه لمباغتته والغدر به لدى وصوله أو مروره بمكان الانتظار وبالتالي لا يتحقق بالسعي إلى المجني عليه في مأمنه مهما توصل الجاني إلى ذلك بوسائل التسلل والتخفي.وجاء بحكم النقض أنه لما كان الحكم قد استظهر قيام ظرف الترصد في قوله

“وحيث إنه عن ظرف الترصد فهو متوافر في حق المتهم من ترصده للمجني عليها صباح كل يوم على مدى حوالي شهرين حاملا سلاحه الناري المعمر بالطلقات مترقبا لها في مكان إقامتها وما أن واتته الفرصة حتى صعد إلى حيث غرفة نومها وظل قابعا خلف عشة دواجن أمامها غسيل منشور مترصدا لها حتى تيقن أنها بمفردها وظفر بها مستلقية على سريرها وانقض عليها وأطلق رصاصاته القاتلة وتوصل بذلك إلى مفاجأتها بالاعتداء عليها ومن ثم يكون ظرف الترصد قد تحقق وتوافر في حق المتهم”.

وكان نصا المادة ١٩٦ من قانونه العقوبات الأهلي قد جرى على أن “الترصد هو تربص الإنسان لشخص في جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة ليتوصل إلى قتل ذلك الشخص أو بإيذائه بالضرب ونحوه”

وقد أبقى على ذات النص بذات الصياغة في المادة ٢٣٢ من قانون العقوبات الحالي, وكانت هذه الصياغة نقلت نصا من التشريع العقابي الفرنسي الذي استخدم مصطلح “CUET APENS” الذي عبر عنه المشرع المصري بكلمة ترصد, واستخدم النص الفرنسي في تعريفه فعل “Attander” ومعناه الانتظار والذي عبر عنه النص المصري بالتربص, وإذ كان الترصد لغة يعني تربص المتهم للمجني عليه على نحو يفاجئه فيه بفعله, كي يقتله أو يؤذيه في بدنه, ويقال ربص بفلان ربصا أي انتظر خيرا أو شرا يحل به, والتربص بالشيء أي المكث والانتظار, ويقال في التنزيل العزيز “قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين”.

وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن الترصد هو تربص الجاني للمجني عليه فترة من الزمن طالت أو قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه, وكان جماع ذلك كله إنما ينصرف إلى اعتبار جوهر ظرف الترصد هو انتظار الجاني للمجني عليه لمباغتته والغدر به ولدى وصوله أو مروره بمكان الانتظار, ولا يتحقق بالسعي إلى المجني عليه في مأمنه على حين غفلة منه مهما توصل الجاني إلى ذلك بوسائل التسلل أو التخفي.

لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أقام عماد استخلاصه لتوافر ظرف الترصد في حق الطاعن عن سعيه إلى منزل المجني عليها وصعوده إلى أعلاه وتخفيه خلف حظيرة للدواجن ثم اقتحامه غرفة نومها ومفاجأته لها حال استلقائها بسريرها وإطلاق النار عليها, وجميعها أفعال تغاير فعل الانتظار والمكث والتربص اللازم لقيام ظرف الترصد, ومن ثم يكون الحكم – وقد استدل بتلك الأفعال التي لا تنتج ذلك الظرف أو تثبته – معيباً بالفساد في استدلاله على ظرف الترصد أيضا

(الطعن رقم ٢٤٧٤٠ لسنة ٧٠ قضائيةالدوائر الجنائية – جلسة ٢٠٠١/١٢/٢٤مكتب فنى سنة ٥٢ – قاعدة ١٩١ – صفحة ١٠٢٧ )

(4) وعلي العكس من ذلك قالت محكمة النقض في حكمها المثبت للترصد بأن دلوف المتهم لمسكن المجني عليه تنفيذاً لاتفاقة مع المتهمة على قتله وانتظاره له به فترة من الزمن حتى عودته ثم توجهه لحجرة نومه وقتله يوفر في حقه ظرف الترصد.

وجاء بحكم النقض أنه لما كان الثابت للمحكمة وعلي ما سلف بيانه أن المتهم الأول دخل مسكن المجني عليه تنفيذاً لاتفاقه مع المتهمة الثانية بأستخدام مفتاح مصطنع وكمن للمجني عليه داخل إحدي حجرات هذا المسكن ترقباً لعودته من الخارج واستمر في مكمنه هذا ما يزيد عن الساعتين حتي غلب علي ظنه أن المجني عليه أخلد للنوم ،

فتوجه إليه من مكمنه إلي حجرة نومه وقتله وهو ما يتوافر به ظرف الترصد في حق المتهمين في مفهوم المادة ٢٣٢ من قانون العقوبات .وحيث إنه من كل ما سلف يكون قد وقر في يقين المحكمة علي سبيل القطع والجزم واليقين واطمأن إليه وجدانها أن كلا من المتهمين : – (١) …… (٢) …… أنهما في يوم ….. بدائرة قسم ….. محافظة ….. .

(١) المتهم الأول : – قتل …… عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية علي قتله وعقد العزم علي ذلك وأعد لهذا الغرض أداة ” مفتاح حديد ” وكمن له بإحدي حجرات مسكنه الذي دخله باستخدام مفتاح مصطنع وما أن ظفر بالمجني عليه مستلقياً علي سريره بحجرة نومه حتي ضربه علي رأسه بهذا المفتاح قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياته .

(٢) المتهمة الثانية : – اشتركت بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول …. علي ارتكاب جريمة قتل زوجها المجني عليه سالف الذكر …. بأن اتفقت معه علي قتله وساعدته علي ذلك بأن سلمته نسخة من مفتاح مسكنها ” مسكن الزوجية ” بعد أن غادرته وأبلغته بموعد عودة المجني عليه فتمت جريمة القتل بناء علي هذا الاتفاق وتلك المساعدة .

ومن ثم يتعين معاقبتهما إعمالا لحكم المادة ٣٠٤ / ٢ إجراءات الجنائية وطبقا لأحكام المواد ٤٠ / ثانياً ، ثالثاً ، ٤١ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ من قانون العقوبات

(الطعن رقم ٢٧٤٨٩ لسنة ٦٨ قضائيةالدوائر الجنائية – جلسة ٢٠٠٤/٠٦/٠٢مكتب فنى سنة ٥٥ – قاعدة ٧٨ – صفحة ٥٥٢ )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *