مسئولية حارس البناء في القانون المدني المصري

مسئولية حارس البناء في القانون المدني المصري 

 

ماده 177

 (1)حارس البناء ولو لم يكن مالكاً له، مسئول عما يحدثه إنهدام البناء من ضرر، و لو كان إنهداماً جزئياً، ما لم يثبت أن الحادث لا يرجع سببه إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه.

 (2)و يجوز لمن كان مهدداً بضرر يصيبه من البناء أن يطالب المالك بإتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية لدرء الخطر، فإن لم يقم المالك بذلك جاز الحصول على إذن من المحكمة في إتخاذ هذه التدابير على حسابه.

الاعمال التحضيرية:
لم يعرض التقنين المصرى (الملغى) للمسئولية عن البناء، ولذلك جرى انقضاء المصرى بشأنها على تطبيق القواعد العامة، وجعل من الخطأ الثابت أساسا لها ولو انه لم يتشدد كثيرا فيما يتعلق بجسامة هذا الخطأ،

اما المشروع فقد اثر تأسيس هذه المسئولة على الخطأ المفروض، والقى بعئها على عاتق حارس البناء دون مالكه، على خلاف ما اختار النقنين الفرنسى، لتظل مسئولية الحارس قائمة ما لم يثبت ان تداعى البناء لا يرجع الى إهمال فى صيانته او قدم او عيب فى انشائه،

اما التقنين الفرنسى فيلزم المضرور، على النقيض من ذلك بإقامة الدليل على إهمال الصيانة او القدم او العيب فى انشاء البناء، فإذا تم له تحصيل هذا الدليل، اصبح مفروضا ان تداعى البناء يرجع الى احد هذه الأشياء ، ويكون اذن ناشئا عن خطأ المالك.

وقد احتذى المشروع مثال بعض التقنيات الاجنبية فقرر بين أحكام المسئولية عن البناء قاعدة خاصة بشأن ما يتخذ من التدابير الوقائية التى لا تنطوى على معنى التعويض، ويكفى لاعمال هذه القاعدة ان يتحقق معنى التهديد بوقوع الضرر من جراء البناء دون ان يقع فعلا، فلمن يتهدده هذا الضرر ان يكلف المالك دون الحارس بإتخاذ ما يلزم من التدابير لدره الخطر، فإذا لم يستجب مالك البناء لهذا التكليف، جاز المحكمة ان تأدن لمن يتهدده الضرر بإتخاذ هذه التدابير على حساب المالك

(انظر فى هذا المعنى : المادتين 98/90 من النقنين التونسى والمراكش).

)مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – الجزء 2 –ص 431)

يتبين من نص المادة 177 مدنى ان مسئولية تهدم البناء تتحقق بتوافر شرطين:

 (1) حراسة البناء

 (2)ان يكون تهدد البناء هو الذى احدث الضرر.

 فلا تتحقق المسئولية اذا تولى شخص حراسة بناء، ولا تعتبر المصاعد بناء.

ويجب ان يكون الضرر ناجما من تهدم البناء تهدما فعليا.

وتقوم مسئولية الحارس عن تهدم البناء على خطأ مفترض فى جانبه.

 ويكلف المضرور بإثبات ان الضرر نجم من تهدد البناء، وان المدعى عليه هو حارس البناء الذى تهدم، فإذا ما أثبت المضرور ذلك كان على حارس البناء حتى يدفع مسئوليته عن طريق نفى الخطأ ان يثبت ان تهدم البناء لا يرجع سببه الى إهمال فى الصيانة او قدم فى البناء او عيب فيه.

 ومن ثم فإن مسئولية حارس البناء تقوم على خطأ مفترض فى جانبه هو الإهمال فى صيانة البناء او فى تجديده او فى إصلاحه حتى تداعى البناء او تهدم فأصاب الغير بالضرر.

هذا الخطأ المفترض فى جانب حارس البناء خطأ ذو شقين: الاول- يقوم على ان التهدم بسببه إهمال فى صيانة البناء او تجديده او اصلاحه، والافتراض هناك قابل لإثبات العكس والثانى- يقوم على ان الإهمال منسوب الى خطأ الحارس، والافتراض هنا غير قابل لإثبات العكس.

)الوسيط-1 للدكتور السنهوريص1066 وما بعدها ، وكتابة : الوجيز ص 439 وما بعدها(

كما تعددت المذاهب فى الشرائع الغربية الحديثة فى شأن، مسئولية مالك البناء تعددت ايضا فى تقنيات البلاد العربية،

فمنها ما التزم فى هذا الشأن حكم القواعد العامة، فاشترط ثبوت الخطأ المالك مع تسهليه إثبات هذا الخطأ الى حد كبير (كالتقنين المدنى العراقى فى المادة 229 منه)،

ومنها ما اخذ بحكم القانون الفرنسى بأكمله (كتقنين الالتزامات اللبنانى فى المادة 133 منه)، ومنها ما اخذ بالحكم الاخير مع تعديله بحيث لا يجعل المسئولية ملازمة للملكية بل قابلة للإنتقال الى من يتولى العناية بالنباء (كالتقنين التونسى والمراكشى فى المادة 97/89 منها)،

ومنها ما لم يكتف بالقرينة التى اخذ بها التقنين الفرنسى بل ذهب الى ابعد من ذلك فقلب عبء الإثبات كلية اى انه اعفى المصاب من إثبات نقص الصيانة او عيب التشييد، وكلف المالك ان ينفى ذلك، ثم خفف عن المالك بأن جعل هذه المسئولية غير ملازمة للملكية بل مرتبطه بالحراسة، ومن هذا الفريق الاخير النقتين المصرى (م177 منه) والنقنين السورى  (م178منه) والتقنين الليبى (م180 منه).

)المسئولية المدنية في تقنينات البلاد العربية – للدكتور سليمان مرقص – القسم الثاني 1960-ص122 وما بعدها (

لا يستقيم تأسيس مسئولية حارس البناء على أساس موحد هو افتراض الخطأ فى جانبه فالحارس لا يستطيع ان يدفع المسئولية عن نفسه بإثبات انه شخصيا لم يرتكب اى خطأ، بل يجب ان يثبت السبب الاجنبى الذى ترتب عليه انهدام البناء او الذى حال دون القيام بأعمال الصيانة اللازمة ام الذى ادى الى انهدام البناء الى احداث الضرر.

فالحارس الحالى للبناء يبقى مسئولا طالما لم يثبت ان الحادث لا يرجع سببه الى إهمال فى الصيانة او قدم فى البناء او عيب فيه، والإهمال فى الصيانة قد يكون إهمال من الحارس الحالى وقد يكون إهمالا من حارس سابق ولكن الحارس الحالى يبقى مسئولا قبل المضرور فى الحالتين،

وعيب البناء يرجع فى الغالب الى خطأ المهندس او المقاول الذى اقام البناء، وقد يكون عيبا خفيا لا يعلم به الحارس ولم يكن يستطيع ان يعلم به، ومع ذلك فهو يبقى مسئولا قبل المضرور، فإقامة المسئولية على أساس افتراض خطأ الحارس وحده اذن لا يستقيم.

 ولذلك فإن الرأى الاول بالقبول هو الذى يقيم مسئولية حارس البناء على أساس مددود: فالقانون يجعل الحارس الحالى مسئولا، طالما لم يثبت السبب الاجنبى، على أساس انه اما ان يكون قد إرتكب خطأ هو الذى نتج عنه الحادث واما ان يكون الخطأ قد صدر من حارس سابق اهمل فى صيانة البناء او اهمل فى تشييده، فالقانون يجعل الحارس فوق مسئوليته عن خطئه الشخصى ضامنا خطأ غيره.

 وبذلك تتضح الرابطة الوثيقة بين المسئولية عن البناء، والمسئولية عن الحيوان والأشياء التى تتطلب حراستها عناية خاصة، ولذلك فإن المنطق يقضى بأن تصاغ نصوص موحدة للمسئولية عن الأشياء عامة بدلا من افراد نص خاص للمسئولية عن الحيوان (م176). وللمسئولية عن البناء (م177)، وللمسئولية عن الالات الميكانيكية والأشياء التى تتطلب حراستها عناية خاصة.

) النظرية العامة للالتزام- الفعل الضار للدكتورإسماعيل غانم-1968-ص 470و471(

أساس المسئولية عن سقوط البناء فى القانون الفرنسى خطأ مفترض فى جانب المالك فرضا لايقبل إثبات العكس، فمتى أثبت المضرور العيب او النقض فى تعهد البناء بالصيانة فليس عليه ان يثبت بعد ذلك خطأ فى جانب المالك فإن الخطأ مفروض فى جانبه، وللاخير ان يدفع المسئولية بإقامة الدليل على وجود حادث جبرى او قوة قاهرة او سبب اجنبى لا دخل لارادته فيه.

اما فى مصر فإن أساس المسئولية خطأ مفترض فى جانب الحارس فالمضرور هو المكلف بإثبات ان الضرر الذى اصابه نشأ عن تهدم البناء وان المدعى عليه هو حارس البناء الذى تهدم.

فإذا أثبت المضرور ذلك كان على الحارس حتى يدفع مسئوليته عن طريق نفى الخطأ ان يثبت ان التهدم لا يرجع سببه الى إهمال فى الصيانة او قدم فى البناء او عيب فيه،

فإذا لم يستطع إثبات ذلك افترض القانون ان التهدم سببه إهمال فى الصيانة او قدم البناء او وجود عيب فيه، وان هذا الإهمال او القدم او العيب منسوب الى خطأ الحارس، فهو الذى قصر بأن لم يعن العناية الواجبة لصيانة البناء او لتجديده باصلاحه، فترتب على هذا التقصير ان تهدم البناء.

 ومن ثم نرى ان مسئولية حارس البناء تقوم على خطأ مفترض فى جانبه هو الإهمال فى صيانة البناء او فى تجديده او اصلاحه حتى تداعى البناء وتهدم فأصاب الغير بالضرر.

)المسئولية عن تهدم البناء-مقال المستشار مصطفي أبو علم-مجلة إدارة قضايا الحكومة-السنة 2- العدد 4ص 5 وما بعدها(.

نص المادة 177/1 من القانون المدنى قد نظم مسئولية حارس البناء عن الأضرار الناشئة عن تهدمه بسبب قدمه أو عيب فيه أو الإهمال فى صيانته, وكانت نصوص القانون رقم 49 لسنة 1977 – التى خلت من النص صراحة على إلغاء تلك المادة – لم تتضمن تنظيماً لأحكام تلك المسئولية بل اقتصرت على تحديد الإجراءات و الاحتياطات الواجب إتباعها فى شأن المنشآت الآيلة للسقوط أو تلك التى تحتاج الى ترميم أو صيانة وطرق الطعن فى القرارات الصادرة بشأنها وهو ما لا يحول دون إعمال هذه القواعد وقاعدة مسئولية حارس البناء معاً  كل فى مجاله الخاص فى التطبيق فإن نصوص القانون رقم 49 لسنة 1977 لا تكون ناسخة لنص المادة 177/1 من القانون المدنى.

 )الطعن رقم 3869 –  لسنــة 61 ق  –  تاريخ الجلسة 24 / 05 / 1997 –  مكتب فني 48 –  رقم الجزء  1 –  رقم الصفحة 783 – تم رفض هذا الطعن)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *