قراءة تحليلية في مساواة المرأة بالرجل وشبهات القوامة في العصر الحديث
مساواة المرأة بالرجل وشبهات القوامة في العصر الحديث
د.إسماعيل صديق عثمان إسماعيل
جامعة بحري، السودان، كلية العلوم الإنسانية، قسم مقارنة الأديان.
Abstract
The relationship between men and women in the Islamic community and within the family is based on the integration of their roles in life, not full equality – which is called functional integration that is appropriate and suitable for both men and women. It is particularly important to discuss about this lofty legal function, in order to clarify its legitimacy. I have chosen this subject for several reasons, the most important of which are: The enemies of women and the enemies of Islam call for full equality with men and separation become a form of injustice, as well as where many people are violating this issue excessively.
This necessitates the need to know the relationship between women and men and the meanings of guardianship through stands in the Koran and Sunnah purified as well as examining the examination of the topics associated with them. It is the responsibility to take care of the affairs of the life partner, its morals and behavior which includes the sons and daughters. It is the responsibility of making the sons and daughters of the nation and giving the Ummahit’s belonging to preserving the family entity.
In this paper I will follow the analytical descriptive method through the methods of induction. I will divide the research into several topics and I will discuss in the first topic: the concept of stewardship and its purposes. The second topic will be entitled: The competence of men to guardianship without women and wisdom in it. And the third study will be entitled: The legal controls of the man’s safety. I will conclude with the fourth topic: Contemporary suspicions about the legal guardianship of men.
ملخص:
تقوم العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع الإسلامي وداخل الأسرة على أساس التكامل بين أدوارهما في الحياة وليس المساواة الكاملة – وهو ما يسمى بالتكامل الوظيفي-، والحقوق عند المسلمين لا يقررها الرجل ولا المرأة إنما يقررها الله خالقهما، وبذلك فإن وجد في واقع بعض البلاد الإسلامية حيف في الحقوق وإهمال في أداء الواجبات من طرف تجاه آخر؛ فهو نتيجة لانحراف عن الدين، وجهل بأحكامه وضعف إيمان بالله سبحانه وتعالى، والقوامة من تَمام نعمة الله عليْنا، فَّهي ملائمة ومناسبة لكلٍّ من الرَّجُل والمرأة، وما فطرنا الله عليه من صفات جبلّية، ومن استعدادات فطريَّة.
ومما يكسب هذا الموضوع أهمية خاصة الحديث عن هذه الوظيفة الشَّرعيَّة السامية، بِما يوضِّح حقيقتَها الشَّرعيَّة، وقد اخترت هذا الموضوع لعدة أسباب أهمها:إنَّ أعداء المرأة وأعداء الإسلام،ينادون بالمساواة الكاملة لها مع الرجل والمساواة مع الافتراق تغدو شكلا من أشكال الظلم، وكذلك ما يقع فيه كثير من الناس من الإخلال بهذه القضية إفراطا أو تفريطا. مما أوجب ضرورة معرفة العلاقة بين المرأة والرجل ومعاني القوّامة والوقوف عليها في القرآن والسنة النبوية المطهرة وكذلك النظر الفاحص في المواضيع المرتبطة بها. والقِوامة ليست كما يظن البعض مجرد توفير طعام وشراب، وملبس ومسكن، إنها مسؤولية الاضطلاع بشؤون أسرة كاملة، تبدأ من الاهتمام بشؤون شريكة الحياة، أخلاقها وسلوكها، و تشمل الأبناء والبنات، وهي مسؤولية صنع أبناء الأمة وبناتها، وإعطاء الأمة انتماءها بالحفاظ على كيان الأسرة.
سأتبع في هذه الورقة المنهج الوصفي التحليلي من خلال أسلوبي الاستنباط والاستقراء.وسأقسم البحث إلى عدة مباحث وسأتناول في المبحث الأول: مفهوم القوامة ومقاصدها. أما المبحث الثاني فسأجعل عنوانه: اختصاص الرجل بالقوامة دون المرأة والحكمة فيه.والمبحث الثالث سيأتي بعنوان: الضَّوابِط الشَّرعيَّة لقوامة الرَّجُل..وسأختم بالمبحث الرابع متناولا: الشُّبهات المعاصرة حوْل القوامة الشَّرعيَّة للرَّجُل.
مقدمة
تقوم العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع الإسلامي وداخل الأسرة على أساس التكامل بين أدوارهما في الحياة وليس المساواة الكاملة – وهو ما يسمى بالتكامل الوظيفي-،ومن مقاصد هذا التكامل الموافق للفطرة البشرية:حصول السكن للرجل والمودة والرحمة بينهما،قال تعالى:(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)([1]) ، والحقوق عند المسلمين لا يقررها الرجل ولا المرأة إنما يقررها الله تعالى خالقهما،الذي قال:(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) ([2]) .
وبذلك فإن وجد في واقع بعض البلاد الإسلامية حيف في الحقوق وإهمال في أداء الواجبات من طرف تجاه آخر؛ فهو نتيجة لانحراف عن الدين، وجهل بأحكامه وضعف الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وقد حاول خصوم الإسلام من هذا المدخل إيهام الرأي العام العالمي أن المرأة في الإسلام هي مخلوق من الدرجة الثانية وأنها مهيضة الجناح مهضومة الحقوق، وإظهار الرجال المسلمين وفي ذات الوقت كأنهم ظلمة لا عمل لهم سوى ضرب النساء والفتك بهن ليل نهار! ومن مقاصد الدين التي عليها مدار تعاليمه صيانة الفرد، ومنحه الحرية التامة التي لا تتصادم مع مصالح الآخرين، بحيث لا يسيء المسلم إلى نفسه ولا إلى غيره، فالإسلام دين عظيم خاتم للأديان جميعها حفظ الله به الحقوق، والتَّشريع الإسلامي قد أثبت القوامة الشرعيَّة للرَّجل بضوابطها الشَّرعية،قال الله تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}([3]) ، وهذه القوامة من تَمام نعمة الله عليْنا، فَّهي ملائمة ومناسبة لكلٍّ من الرَّجُل والمرأة، وما فطرنا الله عليه من صفات جبلّية، ومن استعدادات فطريَّة. ومما يكسب هذا الموضوع أهمية خاصة الحديث عن هذه الوظيفة الشَّرعيَّة السامية، بِما يوضِّح حقيقتَها الشَّرعيَّة، ويبيِّن زيف تلك الشبه والادِّعاءات التي وجهت لهذا الدين عبر قوامة الرَّجُل الزَّوجيَّة في الشَّريعة الإسلاميَّة. فهذه القيادة التي يسميها القرآن قِوامة، هي من نصيب الرجل، وهي ليست للاستعباد والتسخير، وإنما هي رئاسة إشراف ورعاية تعود فائدتها للمرأة ابتدأً، ولا تعني بحال من الأحوال إلغاء شخصية الزوجة وإهدار إرادتها أو طمس معالم المودة والألفة في الأسرة. بل هي لإدارة هذه المؤسسة – الأسرة – المهمة وصيانتها وحمايتها. وقد اخترت هذا الموضوع لعدة أسباب أهمها:
إنَّ أعداء المرأة وأعداء الإسلام،ينادون بالمساواة الكاملة لها مع الرجل والمساواة مع الافتراق تغدو شكلا من أشكال الظلم، كما أنهم يستهدفون خلخلة هذا المبدأ، ويريدون إخراج المرأة عن قوامة الرجل لتفعل ما يحلو لها ولهم.
ما يقع فيه كثير من الناس من الإخلال بهذه القضية إفراطا أو تفريطا. مما أوجب ضرورة معرفة العلاقة بين المرأة والرجل ومعاني القوّامة والوقوف عليها في القرآن والسنة النبوية المطهرة وكذلك النظر الفاحص في المواضيع المرتبطة بها.
أن الله هيأ المرأة لوظائف وأحالها لأدائها، وهيأ الرجل لوظائف وأحاله لأدائها، وذلك بحكم التكوين الجسدي والنفسي والاجتماعي، فإذا تحوّلت القِوامة من الرجل إلى المرأة كُلّفت المرأة ما لا تطيق، وانحرفت الأسرة عن مسارها. وفي المقابل إن سَلْب الرجل قِوامته على زوجته وأسرته تعرّضت الأسرة لأخطار لا حصر لها.
إن القِوامة ليست كما يظن البعض مجرد توفير طعام وشراب، وملبس ومسكن، إنها مسؤولية الاضطلاع بشؤون أسرة كاملة، تبدأ من الاهتمام بشؤون شريكة الحياة، أخلاقها وسلوكها، و تشمل الأبناء والبنات، وهي مسؤولية صنع أبناء الأمة وبناتها، وإعطاء الأمة انتماءها بالحفاظ على كيان الأسرة.
سأتبع في هذه الورقة المنهج الوصفي التحليلي من خلال أسلوبي الاستنباط والاستقراء.وسأقسم البحث إلى أربعة مباحث أتناول في المبحث الأول: مفهوم القوامة ومقاصدها، أقف فيه عند معانيها في اللغة والاصطلاح وأتناول خصائص القوّامة الناجحة. أما المبحث الثاني فعنوانه: اختصاص الرجل بالقوامة دون المرأة والحكمة فيه. وفيه أذكر النُّصوص الشرعيَّة من القرآن والسنَّة على القوامة، وفقْه تلك النصوص كما سأبحث عن دلالة آية ( الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم) وأستعرض أقوال اللغوييّن وآراء المفسرين حولها.والمبحث الثالث سيأتي بعنوان: الضَّوابِط الشَّرعيَّة لقوامة الرَّجُل.وأقف فيه على معاني تسوية الرَّجل و المرأة في الحقوق والفهم الخاطئ للقوامة.وسأختم بالمبحث الرابع متناولا: الشُّبهات المعاصرة حوْل القوامة الشَّرعيَّة للرَّجُل، والرَّد عليْها.
المبحث الأول: مفهوم القوامة ومقاصدها.
أولا: معنى القوامة في اللغة :
القوامة من الكلماتِ الّتي لها أصلٌ صحيحٌ وقديم في اللغة، وشاعَ استعمالُها في زماننا بكسر القاف وفتح الواو والميم، والّتي تعني: القِيام على الأمر أو المال ورعاية المصالح.والقوامة في اللغة: مِن قام على الشَّيء يقوم قيامًا؛ أي: حافظ عليْه وراعى مصالحَه، ومن ذلك القيم، وهو الَّذي يقوم على شأن شيء ويليه، ويُصْلِحه، والقيِّم هو السيِّد، وسائس الأمر، وقيِّم القوم: هو الَّذي يقومهم ويسوس أمورَهم، وقيِّم المرْأة هو زوْجُها أو وليُّها؛ لأنَّه يقوم بأمرها وما تحتاج إليْه.
والقوَّام على وزن فعال للمبالغة من القيام على الشيء، والاستِبداد بالنَّظر فيه وحفظه بالاجتهاد([4]).
والقوامة في اللغة: من الفعل الثلاثي (قام)؛ بمعنى: انتصَب واقفًا، يُقال: قام الأمر؛ أي: اعتدَل، وقام الحقُّ؛ أي: ظهَر واستقرَّ، وقام على الأمر؛ أي: دام وثبَت، وقام على أهله؛ أي: تولَّى أمرهم وقام على نَفَقتهم، والقوام: هو عماد الشيء ونظامه، وقوام الأمر: ما يقوم به. وقوّامون جمع قوّام، والقوّام صيغة مبالغة، فيقال قيّم وقوّام، والقيّم هو الذي يقوم على الشيء ويرعاه ويصلح من شأنه، والزوج قيّم على زوجته، أمين عليها، يتولى أمرها ويصلح حالها، يحوطها ويعتني بها.
والقوامة: هي القيام على الأمر أو المال، أو ولاية الحكم، ومن ذلك القيِّم الذي يقوم على شأن شيء ويليه ويصلحه([5]).
ثانيا:القوامة في الاصطلاح:
أطلق هذا اللفظ من قبل الفُقهاء على ثلاثة معان، تتمثل في:
المعنى الأول: القيِّم على القاصر، وهي ولاية يعهد بها القاضي إلى شخصٍ رشيد ليقومَ بِما يصلح أمر القاصر في أموره الماليَّة.
المعنى الثاني: القيِّم على الوقف، وهي ولاية يفوض بِموجبها صاحبها بِحِفظ المال الموقوف، والعمل على بقائه صالحًا ناميًا بحسب شروط الواقف.
المعنى الثَّالث: القيِّم على الزَّوجة، وهي ولاية يفوّض بِموجبها الزَّوج تدبير شؤون زوجتِه والقيام بِما يصلحها([6]).
ومما سبق؛ يمكننا القول بأنَّ القوامة الزوجيَّة: ولاية يفوّض بموجبها الزَّوج القيام على ما يصلح شأن زوجتِه بالتدبير والصيانة. ويتبيَّن أنَّ القوامة للزَّوج على زوجتِه تكليف للزَّوج، وتشريف للزَّوجة، حيث أوجب عليه الشَّارع رعاية هذه الزَّوجة التي ارتبط بها برباط الشَّرع واستحلَّ الاستمتاع بها بالعقد الَّذي وصفه الله بالميثاق الغليظ؛ قال تعالى:{…….وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء:21)، فالقوامة إذا تشريفٌ للمرأة وتكريم لها، بأن جعلها تحت قيِّم يقوم على شؤونِها وينظر في مصالحها ويذبُّ عنها، ويبذل الأسباب المحقّقة لسعادتها وطمأنينتِها. ولعلَّ هذا يصحِّح المفهوم الخاطئ لدى كثير من النساء، من أنَّ القوامة قهر للمرأة وإلغاء لها، فالمقصود بالقوامة هنا: أن الزوج أمين على المرأة يتولى أمرها ويصلحها في حالها، ويقوم عليه آمراً وناهياً كما يقوم الوالي على رعيته([7]). وعليه نستطيع أن نقول إن القوامة إنما هي تدبير وحفظ ورعاية للمرأة، وهي قوامة سعيٍ فيما يصلحها،ويعينها ويصونها، وذلك بأن يستفرغ الرجل وسعه في تحقيق مصالح النساء والذود والحفظ لهنَّ.
ثالثا: حول مفهوم القوامة في الإسلام :
مما سبق من تعريفات في اللغة والاصطلاح نستخلص أموراً جديرة بالذكر في هذا المقام منها:
أن القوامة لا تعني القهر والتسلط ومصادرة الحقوق وظلم المرأة والتحكم الجزافي بها، ولا تعني بحال من الأحوال استعباد الرجال للنساء.وأن من يفعل ذلك يُصادم قول الله تعالى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(خَيركُم خيركُم لأهله)([8])، وعن عائشة أنها ذكرت في صفة النبي أنه إذا كان في بيته يكون في مهنة أهله([9])، بمعنى أنه يعينهم ؛ وعن عمر رضي الله عنهأنه قال:(كنَّا في الجاهلية لا نعد النساء شيئاً، فلما جاء الإسلام وذكرهنَّ الله رأين لهن بذلك علينا حقاً)([10])، وفي بعض الروايات:(والله إن كنَّا في الجاهلية ما نعد النساء أمراً حتى أنزل الله فيهنَّ ما أنزل، وقسم لهن ما قسم)([11])،بمعنى أنهم في الجاهلية كانوا يحتقرون المرأة، ولا يرون لها حقاً ولا يرونها شيئاً.
وفي حديث عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من ابتُلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كُنَّ له ستراً من النار)([12])، وفي الحديث المشهور في الصحيحين: (استوصوا بالنساء خيراً)([13]).ولما طاف بآل رسول الله نساء كثير يشكون أزواجهن قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد طاف بآل بيت محمد نساء يشكون أزواجهن، ليس أولائك بخياركم)([14]). وبهذا نعلم أن أولائك الذين يفهمون من القوامة التسلط على المرأة ومصادرة الحقوق وهضم النساء،قد أخطئوا فهمها، وظلموا المرأة وأنفسهم، فالرجل لا يأنف من الأكل مع المرأة سواء كانت زوجة أو أختاً أو بنتاً، والرجل ينادي المرأة باسمها الذي سماها به أبوها، والرجل لا يستنكف من قبول رأي المرأة واقتراحاتها ومشورتها، والرجل لا يدخل بيته مغضب الجبين يسخط ويضرب ويهين المرأة الضعيفة التي لا تملك حولاً ولا طولاً ؛ومن يفعل ذلك فلم يفهم حقيقة القوامة.
هكذا حفظ الإسلام للمرأة كيانها بحيث لا تبقى بيد الرجال يتسلطون عليها ويقهرونها، بل القوامة تعني القيام بوظيفة وتكليف داخل كيان الأسرة لإدارتها، يتحمل الرجل فيه المسئولية الضخمة والتبعة الخاصة، وهذا يعني التعقل والمزيد من التريث والأناة وعدم التسرع في القرار، والسعي في مصالح المرأة، وبذل المال في صداقها وفي النفقة عليها، فالرجل قد أوكلت إليه هذه المهام، فينبغي أن يكون أهلاً للقيام بهذه الحقوق. فالرجل والمرأة من نفس واحدة،يكملان حاجتهما في هذه الحياة، وبعلاقتهما الزوجية يحققان،السكن النفسي المطلوب لهما،ولا يمكن أن يسعد أحدهما بالاستغناء عن الآخر،فكل منهما يكمل الآخر ويسد نقصه ويقضي حاجته،فإذا كان أحدهما ناقصا يكمل بالآخر لأن بينهما تعدد أدوار، ووحدة هدف.وغاية نبيلة،وحق يولد واجب.
خصائص القوّامة :
هنالك عدة خصائص مهمة ينبغي للقوامة أن تختص بها وهي أن يكون حكم الطلاق بيد الزوج وعلى الزوجة أن لا تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها. ولا تدخل في بيته من لا يحب. وكذلك أن تحفظ زوجها في ماله وعرضه ودينه وبيته وولده وشرفه. وأن تطيعه في الفراش،وتوفي حقها وبعهدها من الاستمتاع الذي عاهدته عليه في عقد الزواج. وأن تحفظ زوجها في شرفها وعفّتها ودينها وأنوثتها في جميع الأحوال والأشكال، والسفر والحضر والشدة والرخاء وأن تكون وفيّة لزوجها وتحترمه في كل مكان وزمان. ومن الواجب على الزوج أن يبادلها بنفس المشاعر الصادقة،وزيادة المودة والرحمة.
فوظيفة قوّامة الرجال على النساء تقوم على قاعدة مبالغة القوّامة, بمعنى تليق القوّامة بالرجال الأكفّاء على أساس درجة كفاءتهم،ومقدار نجاحهم وأدائهم بشكل سليم،(والعكس صحيح) بمعنى:تضعف قوّامة الرجال،عندما تضعف كفاءتهم،بمقدار الضعف الحاصل في أداء القوّامة. فالرجل غير الكفؤ لا قوامة له،ولا يعتمد عليه،فهو لا يحسن لنفسه،فكيف يحسن لغيره ؟ ومبالغة القوامة الواجبة على الرجال, تستدعي منهم الكفاءة والنزاهة باستمرار، مع أهم أركان الأسرة وهي الزوجة.
المبحث الثاني:اختصاص الرجل بالقوامة دون المرأة والحكمة فيه
أولا: اختصاص الرجل بالقوامة في الأسرة:
أعطى الله تعالى القوامة للرجل على المرأة، ويستدل على ذلك بما يأتي:
قوله تعالى:( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة…)([15]).
قال تعالى في سورة النساء مصرحا بماهية القوامة وسببها:(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)([16]).
ووجه الدلالة هنا: أن الآية الأولى صرحت بتساوي الرجل والمرأة في الحقوق، وأن للرجل على المرأة درجة، ألا وهي القوامة كما بينت الآية الثانية.
ثانيا: الحكمة من اختصاص الرجل بالقوامة في الأسرة:
ترجع الحكمة في جعل القوامة للرجل لسببين صرحت بهما الآية السابقة، هما:
1- كون الرجل أفضل من المرأة في هذه الوظيفة؛ بمقتضى الفطرة التي فطره الله عليها، وهذا لا يعني كون الرجل أفضل في كل شيء.
2- كون الرجل هو الذي يعمل وينفق من ماله على المرأة؛ إلا أن هذا السبب جاء تابعاً للأول؛ فلا يعني أن تتحول القوامة للمرأة إذا أنفقت على الرجل؛ لأن القضية ليست في الإنفاق فقط؛ بل في النوع الأكثر كفاءة، عقلاً وفكراً واتزاناً، بمقتضى الفطرة والخلق.
ولعل التاريخ خير شاهد على تفوق الرجل على المرأة في أكثر المجالات، من عصر آدم عليه السلام وإلى اليوم([17]).
وهذا التفضيل الذي ذكرناه آنفا يشمل أموراً متعددة، منها:
ما أعطى الله الرجلَ من كمال العقل والتمييز، وقوة الإدراك، والنقل والعقل يشهدان بذلك، فالله حكيم عليم، فلا يشرع شيئاً إلا لحكمة، وهو عليم بخلقه وبما يصلحهم،{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}([18]) ولهذا كانت شهادة الرجل بشهادة امرأتين:{وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى}([19])،فالاستظهار بالأخرى مؤذن بقلة ضبط المرأة.
مما فضل به الرجل على المرأة كمال القوة البدنية؛ فعضلات الرجل مشدودة وقوية، بينما عضلات الفتاة رقيقة ومكسوة بطبقة دهنية كما هو معروف، والمرأة تتسم باللين والضعف بخلاف الرجل، وهي كذلك تختلف تماماً عن الرجل من حيث القدرة على تحمل المشاق والمصاعب، فالرجل مفضل عليها في التكوين الجسدي والقوة، كما أنه أقدر على الكسب والاختراع والتصرف في الأمور.
الرجل أقدر على التدبير واتخاذ القرار والحزم في التطبيق، والشجاعة ورباطة الجأش وقوة القلب، وهذا الأمر لا يكون كذلك بالنسبة للمرأة، والمرأة قد زودها الله عز وجل بخصائص تتناسب مع مهمتها في هذه الحياة من القيام بشئون الزوج وهذا يحتاج إلى أنوثة، ومن الحضانة للنشء والتربية للأولاد فهؤلاء يحتاجون إلى عطف ورقة وحنان مما يتطلب إعداداً عضوياً ونفسياً وعقلياً مرتكزا في كيان المرأة، كما أن الرجل مزود بخصائص تتناسب مع مهمته في هذه الحياة، فتكوينه العضوي والعقلي والنفسي كله ملائم لمهمته.
الشريعة الإسلامية جاءت موافقة للفطرة، فالواقع أن جنس الرجال أكمل من جنس النساء، وإن وُجدت بعض الحالات التي يكون فيها الرجل أضعف من المرأة وأقل قدرة في العقل والتفكير والتدبير من المرأة، ولكن هذا قليل، والقليل النادر شاذ ولا حكم له، وقد جرت الشريعة بحسب الغالب.
الجانب الثاني من التفضيل يتمثل في الإنفاق، يقولتعالى:{وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}([20])، وذلك ببذل الصداق والقيام بنفقات الزواج وسائر النفقات الأخرى، فالرجل هو الذي ينفق على المرأة.
يقول محمد قطب في مسألة القوامة مفترضا فيها أحد أمرين:
الأول: أن تكون القوامة مشتركة، وهذا مستبعد؛ لأن رئيسين لعمل واحد يؤدي للتنازع، والفشل الإداري، ويؤثر على الأولاد بالسلب.
والثاني: أن تكون القوامة إما للمرأة أو للرجل: والمنطق والأبحاث، والواقع والفطرة، كل ذلك يحكم بأن يكون السيد هو الرجل، بل إن المرأة لتحتقر بفطرتها الرجل الذي يخضع لرغباتها، وتحترم الرجل الحازم القوي؛ فترمي بنفسها بين أحضانه.
ومع ذلك فليس معنى القوامة الاستبداد والتعسف؛ بل مبناها على التفاهم والتشاور([21]).وكل هذا غير معمول به في الغرب حتى ضجر النساء من سوء معاملة الرجال وقد عبَّرت عن ذلك إحدى نساء الغرب، وهي الكاتبة الفرنسية دي بوفوار قائلة: (ستظل المرأة مستعبدة حتى يتم القضاء على خرافة الأسرة وخرافة الأمومة والغريزة)([22]).
المبحث الثالث:الضَّوابِط الشَّرعيَّة لقوامة الرَّجُل
أولا: مساواة المرأة مع الرجل
ساوى القرآن بين الرجل والمرأة في أمور كثيرة منها المساواة في القيمة الإنسانية، حيث خلق الله الاثنين من طينه واحدة ومن معين واحد، فلا فرق بينهما في الأصل والفطرة، ولا في القيمة والأهمية.قال تعالى:{والله خلقكم من تراب، ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجاً}([23]). ثم ساواها مع الذكر في المسؤولية الخاصة والعامة وفي الثواب والعقاب قال تعالى:{كل امرئ بما كسب رهين}([24])وقال تعالى:{وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}([25])فالعمل الصالح سواء عمله الذكر أم الأنثى له الثواب والأجر عند رب العالمين عز وجل.
وكذلك نجد نفس الأمر بين الجنسين في العقوبات فلا مفاضلة يقول تعالى:{والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله }([26])وقال تعالى:{الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}([27])كما ساوى القرآن بينهما في الحقوق المدنية على كافة مستوياتها، من تملك وتعاقد وبيع وشراء ورهينة وهبة وحق في توكيل الغير أو ضمانه فللمرأة شخصيتها الكاملة مثل الرجل في الإسلام لها حق التصرف في حالها قبل الزواج وبعده كيفما شاءت في إطار الشريعة الإسلامية.([28])
وهناك المساواة بين الذكر والأنثى في حق إبداء الرأي فالإسلام أعطى المرأة حقها كاملاً من حيث الحوار والمجادلة وإبداء الرأي.([29]) والمساواة بين الذكر والأنثى في حق الانفصال فقد أعطى الإسلام للمرأة هذا الحق، ولكن يفرق بينهما في كيفية وأسلوب هذا الانفصال فهو يسوي بينهما في الحق، ويفرق بينهما في كيفية استخدام هذا الحق، حيث يعطي الرجل حق الطلاق ويعطي المرأة حق الخلع.
وإذا نظرنا لكل مستويات الخطاب القرآني،نجد أن الإنسان ذكراً أو أنثى، رجلاً أو امرأة متضمن هذا الخطاب؛ فالقوم هم ذكور وإناث أو رجال ونساء، والأمة هي رجال ونساء، ذكور وإناث.والأمر للإنسان ذكراً أو أنثى يكون بخطاب كلي يشمل المسائل الإيمانية وخلافها سواء الاجتماعية أو الفكرية أو السياسية أو الأخلاقية أو الاقتصادية للإنسان بصفة عامة دون تمييز للذكر أو الأنثى. وهي مسؤوليات كلها مشتركة للرجال والمرأة؛ وسوى ذلك يأتي الخطاب القرآني جزئياً خاصاً بالمرأة من ناحية تكوينها البيولوجي، وشخصيتها، و مالها وما عليها في إطار هذه الخصوصية التي تختص بها دون الرجل وهذا منتهى العدل والإنصاف في دائرة الحقوق والواجبات التي يعد الاهتمام بها مبتغى حضارة اليوم، من ذلك مثلا خطاب بني أدم { يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}([30])ومنها لخطاب الناس{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ}([31]) وخطاب الأمة{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}([32])وخطاب القوم{هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}([33]) وخطاب الإنسان{إِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}([34]) وخطاب النوع{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}([35]) وخطاب الصفة بالإيمان، أو الكفر{ يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}([36])هذه بعض النماذج من كتاب الله تعالى في خطابه للبشر الرجال منهم والنساء؛ وفي كل مستويات الخطاب القرآني السابقة المرأة حاضرة، بوصفها من بني آدم فالقرآن حريص على بنائها مثل الرجل تماماً، يريد لها لباس التقوى مثلما يريد للرجل كذلك، ويحذرها من فتنة الشيطان كالرجل تماماً. ولا فرق عند الله تعالى بين الرجل والمرأة إنسانيا وحقوقياً وعلمياً. وبهذه الفلسفة المُأخوذة من الفطرة تنحلُّ جميعُ الأحكام المشتركة بينهما و الأحكام الّتي يختصّ بها نوع دون الآخر. ونجد في قوله:{وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَي بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَ لِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْئَلُوا اللَهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَهَ كَانَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمًا}.([37])يريدُ الله بهذا البيان أنّ الأعمال الّتي حَوَّلَت إليهما بالفِطرة هي الأمر الوحيد فيما يختصُ به الرّجل من الفضل؛ فالرّجال قوّامون على النّساء بهذا المعيار الرَّصين.
والخلاصة أن الله سبحانه و تعالى ساوى في كتابه العزيز بين الرجل والمرأة في أصل الخلقة، كما ساوى بين الرجل والمرأة في أصل العبودية له؛ وكذلك في التكاليف الشرعية، ولم يفضل جنسًا على آخر، بل جعل مقياس التفضيل والتكريم والتميز هو التقوى والصلاح قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }([38])، وقد ساوى الله كذلك بين الرجال والنساء في أصل التكاليف الشرعية بامتثال الأوامر والامتناع عن النواهي، والثواب والعقاب على فعلها وتركها، وأيضا ساوى جل وعلا بينهما في أصل الحقوق والواجبات فقال{وَلَهُنَّ مِثْلُ الذي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}([39])،ولم تقتصر نصوص القرآن على المساواة في أصل التكليف فقط؛ أو أصل الحقوق والواجبات، وإنما تعدت ذلك الأمر إلى التوصية بالمرأة، وذلك لرقة طبعها واختلاف تكوينها الذي قد يمنعها أن تطالب بحقوقها ، فأوصت الشريعة الرجال بهن خيرًا وأن يكون التعامل معهن بالمعروف في أكثر من موضع في القرآن الكريم.{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}([40])وقوله تعالى:{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًا عَلَى المُحْسِنِينَ }([41])(البقرة :236)وقوله:{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ}([42])وقوله تعالى:{فأتوهن أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً }([43])وقال:{ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الذي ءَاتَاكُمْ }([44])وقوله:{فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًا كَبِيرًا }([45]) وقوله تعالى:{ يَأَيُّهَا الَّذِينَ امنوا لاَ يَحِلُّ لَكُم أَن تَرِثُواْ النّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعضُلُوهُنَّ لِتَذهَبُواْ بِبَعضِ مَا ءَاتَيتُمُوهُنَّ }([46]) وقوله { فإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا }([47]). وفي مسألة كفالة الإسلام لحقوق المرأة يقول مارسيل بوازار([48]) والفضل ما شهدت به الأعداء ( أثبتت التعاليم القرآنية وتعاليم محمد صلى الله عليه وسلم أنها حامية حمى حقوق المرأة)([49])..
إنَّ الشَّارع الحكيم لمَّا جعل القوامة بيد الرجُل بِحكمته لم يجعل ذلك مطلقًا يستغلُّه الرجال في إذلال النساء والتحكم بهنَّ، وفق أهوائِهم وما تشتهيه أنفسهم؛ بل قيد تلك الوظيفة بضوابطَ وقيود شرعية، من شأنِها أن تكون سببًا في فهْم الرِّجال للقوامة التي أرادها الشَّارع الحكيم، وتنبه النساء إلى ذلك، وترْدع كلَّ مَن يستغلُّ تلك الوظيفة الشَّرعيَّة لإهانة المرْأة والحطِّ من قدرها، وسلْبها حقوقَها.
وهذا – وبكل أسف – هو واقع كثيرٍ من الرِّجال ممَّن جهِلوا الحكم الشَّرعيَّ لتلك الوظيفة الرَّائدة، فعملوا فيها بالجهل الذي هو سببٌ لكلِّ شرٍّ – والعياذ بالله – أو علِموا الحُكْم الشَّرعيَّ؛ بيْد أنَّهم تجاهلوا أو حمَّلوا تلك الوظيفة ما لم تَحتمِل، فجعلوها نافذةً يلِجون من خلالها إلى حقوق المرأة ومكانتها فيعملون فيها بالهدْم والتَّشويه، ونرجو أن تكون هذه الفئة من الرِّجال قليلة، إلاَّ أنَّهم – والحق يقال – كانوا ولا زالوا سببًا رئيسًا لامتعاض المرأة من هذه الكلمة (القوامة)؛ بل حدا الأمرُ كثيرًا من النساء إلى التمرُّد على تعاليم الدين الحنيف بسببها.
والحق الذي لا مِراء فيه: أنَّ الشَّارع الحكيم ضبط تلك القوامة وبيَّنها أحسن بيان، حيث وضَّح الحقوق التي يَجب أن تتوافر للمرأة كاملة غير منقوصة، ووضَّح كذلك حقوقَ الرَّجُل الَّتي تطالب المرأة بتحقيقها؛ ولهذا استحقَّت هذه الشَّريعة المباركة أن توصف بأنَّها شريعة العدل والكمال.
فإنَّ التَّشريع الإسلامي قد أثبت القوامة الشرعيَّة للرَّجل بضوابطها الشَّرعية، قال تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34)، وإنَّ هذه القوامة من تَمام نعمة الله عليْنا، فإنَّها ملائمة ومناسبة لكلٍّ من الرَّجُل والمرأة، وما فطرنا الله عليه من صفات جبلّية، ومن استعدادات فطريَّة.عندما يجعل الشرع في الرجل هذه القوة ليحمي ويدافع فتعيش المرأة في أمان محمية مكفية لا تحتاج إلى الخروج للعمل ولا إلى الاختلاط ولا إلى ذل النفس ولا إلى المهانة ولا إلى إراقة ماء الوجه، ولا إلى ما يخالف حياءها وفطرتها وأنوثتها، فهي مكفية هذا هو الدين، وهذا هو الشرع وهذا هو العقل، وإن من انتكاس الفطرة وقلب الأحكام، تكليف المرأة بإعطاء المهر للرجل والإنفاق عليه كما يحدث في بعض المجتمعات اليوم،
ثانيا:القوامة تتفق مع طبيعة الرجل وطبيعة المرأة
اختار الله الرجل لقيادة الأسرة، وكلفه تكليفاً مباشراً بهذه القوامة والسياسة والرعاية، وذلك لحكم عظيمة، وهذه القوامة تتفق مع طبيعة الرجل وطبيعة المرأة أيضاً التي جبلها الله على ضعفٍ وسرعة تأثر وشدة انفعال وعاطفة جياشّة، سرعة في الانخداع والانهيار،{أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} (الزخرف:18)، وهذا الوصف لا يزال قائماً لأن هذه قضية خلقية وقضية فطرية، تتمثل في رقة المرأة، حياء المرأة، ضعف المرأة، ولذلك رعى الإسلام ما تتميز به المرأة من المشاعر الرقيقة، والأحاسيس الجيّاشة المرهفة، راعى حاجتها إلى رجلٍ له صلابة بدن يحميها، وقوة تحمل يقيها، وسلطان عقل يوجهها ويرشدها. هذه الخصائص التي منحها الله Iللرجل، وهو العليم بما خلق، {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ}(الملك: من الآية14).{الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}(طـه: من الآية50).
هذه الخصائص التي منحها الله للجنسين كل بما يناسبه، وقد أثبتت الدراسات أن النساء أعطف على بعضهن من عطف الرجال على الرجال، وأن علاقة الرجال في كثير من الأحيان تنتابها الندية والقوة، بخلاف علاقة النساء، وأن النساء أقدر على الرؤية في الظلام وسماع الأصوات من الرجال، وأثبتت الدراسات أن المرأة تختلف عن الرجل في كثافة الدماغ، وكمية الدماء والطول والوزن والصفات المختلفة، المسألة مسألة فطرة وخلقة، ولو فرضنا وجود بعض الحالات التي احتاجت فيها المرأة إلى عمل شيء يسد الفراغ، كأرملة على أيتام، فاضطرت أن تأخذ شيئاً من زوجها الميت لأن الوضع اضطراري، أو وجود زوج مشلول أو زوج ضعيف العقل لا يدبر الأمور، فتضطر المسكينة أن تركب مركباً ليست أصلاً مؤهلة له لكن هذا دور اضطراري، يقع في أحكام الاضطرار وليست في أحكام الاختيار وليست هي الأصل، ولذلك كان (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله) لأن الساعي على الأرملة يغطي جزءاً من دور زوجها الميت، هو يغطي نسبة من مهام ذلك الراحل، ولذلك صار في منزلة المجاهد في سبيل الله .
ثالثا: مفهوم القوامة في العصر الحديث
يطالب البعض المرأة بأن تكون لها القوامة الكاملة مناصفة بين الرجل والمرأة، وهو مفهوم يرد في ثنايا مواثيق الأمم المتحدة في العصر الحديث،. وقد تسمع من الكثيرات : إن القوامة اليوم لا مبرر لها، لأن هذه القوامة مبنية على المزايا التي كان الرجل يتمتع بها في الماضي، في مجال الثقافة والمال، وما دامت المرأة استطاعت اليوم أن تتساوى مع الرجل في كل المجالات؛ فلا مبرر للقوامة. وكأن الله لا يعلم ماذا سيحدث في مستقبل الزمان، لو كان الحكم يتغير لبيّنه ، يعلم الغيب{عَالِمُ الْغَيْبِ}(الأنعام: من الآية73) . فهو يعلم ما كان وما سيكون، كيف كان يكون القوامة فطرة، وتنازل الرجل عن هذا يشقي المرأة ولا يسعدها، ويسبب وهناً في الأسرة. فالرجل القوي، ذو الشخصية القوية، صاحب التأثير، القادر على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، هذه فطرة الله تعالى التي فطر الناس عليها، {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}(الروم: من الآية30).
والقلق وقلة السعادة عندما يكون عندها رجل لا يزاول معاني القوامة، تنقصه من صفاتها ما تنقصه، فتجد نفسها تنئ عنه وتريد رجلاً آخر، وهذا الكلام شهد به الغرب، شهد به الكفار، يقول الدكتور “أوجست فوريل” تحت عنوان: “سيادة المرأة”: ” لا يمكن للمرأة أن تعرف السعادة إلا إذا شعرت باحترام زوجها، وإلا إذا عاملته بشيء من التمجيد والإكرام، ويجب أن ترى فيه مثلها الأعلى إما في القوة البدنية، أو الشجاعة، أو التضحية وإنكار الذات، أو في التفوق الذهني.. وإلا فإنه سرعان ما يسقط تحت حكمها وسيطرتها… ولا يمكن أن تؤدي سيادة المرأة إلى السعادة المنزلية؛ لأن في ذلك مخالفة للحالة الطبيعية التي تقضي بأن يسود الرجل المرأة بعقله وذكائه وإرادته، لتسوده هي بقلبها وعاطفتها”. وجعل القوامة بيد الرجل هو الحل الوحيد لتسير الأسرة إلى بر الأمان، وأكثر المشكلات والخلافات الأسرية والعائلية والاجتماعية تنشأ بسبب عدم قوامة الرجل، أو ضعف هذه القوامة، والإلغاء لهذه القوامة الذي ينادى بها اليوم هو تدمير للمجتمع،{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ}(المؤمنون: من الآية71).
رابعا: تأملات في هذه المميزات :
مما سبق رأينا أن المرأة تشترك مع الرّجل في جميع الحقوق الاجتماعيّة و الأحكام التعبدية، فلها الاستقلال في التكسُّب و التملُّك و التعليم و التعلُّم و جلب منافعها و دفع مضارِّها، وللرّجل عليها درجةٌ، و هذه الدّرجة هي درجة التعقّل و البُنيَة، و هي بسطةٌ في العلم و الجسم، فللرّجال عليهنَّ درجةٌ.كما فضّل الله على معيارٍ كلّي كلاً من المجاهدين علي القاعدين درجةً بقوله: فَضَّلَ اللَهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَي الْقَـاعِدينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَهُ الْحُسنى ([50])ومن تأمل في هذه المميزات التي منحها الإسلام للمرأة يعلم مدى الرفعة التي نالتها المرأة في حمى الإسلام وظله ومدى الاحترام كأم وبنت وزوجة وأخت، وكيف أنها نالت كل حقوقها الإنسانية والاجتماعية كما نالها الرجل سواء بسواء، مما لم يسبق في أمة من الأمم أو حضارة من الحضارات.غير أن المهم أن تعلم الفرق بين هذه المساواة الإنسانية الرائعة التي أرستها شريعة الإسلام، والمظاهر الشكلية لها مما ينادى به عشاق العُري اليوم، إنما هي نزوات حيوانية أصيلة يتوخى من ورائها اتخاذ المرأة مادة تسلية ورفاهية للرجل على أوسع نطاق ممكن، دون أي نظر إلى شئ آخر([51]).
المبحث الرابع: الشُّبهات المعاصرة حوْل القوامة الشَّرعيَّة للرَّجُل، والرَّد عليْها
أولا: الأسباب الشَّرعية للقوامة
لقد شرعَ الله القوامة الشرعيَّة للرَّجُل لأجل سببين كبيريْن للقوامة، ويتَّضح ذلك من قوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، فهذه الآية الكريمة هي الأصْل في قوامة الزَّوج على زوجته، وقد نصَّت الآية الكريمة على سببين للقوامة التي جعلها للرِّجال على النساء هما:
السَّبب الأوَّل: قوله تعالى:{بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}، وهذا نصٌّ صريح من الله على تفضيل الرِّجال على النِّساء، بما جعل الله في الرِّجال من صفات وسمات وخصائصَ اقتضت تفْضيل الرِّجال على النساء، سواء أكانت تلك الخصائص والصفات من جهة الخِلْقة التي خَلَق الله عليْها الرجال، أم من جهة الأوامر الشَّرعيَّة التي تطلب من الرِّجال دون النِّساء.
أمَّا من جهة الخِلْقة التي خلق اللهُ عليْها الرِّجال: فإنَّ من المعلوم تفوُّق الرِّجال على النِّساء عموما في العقل والقوَّة والشدَّة، على عكس النِّساء، فهنَّ جُبِلْن على الرقَّة والعطف واللين، وهذا الأمر فضلاً عن كوْنِه مشاهَدًا في الواقع، فإنَّ النَّصَّ القرآني قد جاء بتأييده، كما سبق وأسلفنا.
قال ابن كثير: (وإنَّما أقيمت المرْأتان مقامَ الرجُل؛ لنقصان عقل المرْأة كما رُوِي عن أبي سعيد ألخدري – رضي الله عنه – قال: “خرج رسولُ الله في أضحى أو فطرٍ إلى المصلَّى فمرَّ على النساء، فقال:(يا معشر النِّساء، تصدَّقن فإنِّي أريتكنَّ أكثر أهل النَّار)، فقلن: وبِم يا رسول الله؟ قال:(تكْثِرن اللَّعن وتكفُرن العشير، ما رأيتُ من ناقصات عقل ودين أذْهَبَ للُبِّ الرجُل الحازم من إحداكنَّ)، قلن: وما نقصان دينِنا وعقلنا يا رسول الله؟ قال:(أليس شهادة المرأة مثلَ نِصْف شهادة الرَّجُل؟) قلن: بلى، قال:(فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم؟) قلن: بلى، قال:(فذلك من نقْصان دينها)([52]).وهذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم وشهادة منه على نقصان عقل المرأة ([53]).ومن بتأمُّل حديث النَّبيِّ يَجِدُ أنَّ النَّبيَّ لم يصِف المرأة بالجنون أو السَّفه، بل أخبر عليه الصلاة والسلام أنَّ تركيبها الذي خلقها الله سبحانه وتعالى عليه يستدعي نقْصان العقل والدين مقارنة بالرجال، فالله أعطى الرجُل من قوَّة العقل وحسن التدبير ما لم يعطِه المرأة، وأعطاه من أمور الدين ما لم يعطِه المرأة، وليْس ذلك ينقص من أجرها وثوابها، وإنَّما ذلك يتناسب وفطرتَها التي فطرها الله عليْها.أمَّا من جهة الأمور الشَّرعيَّة التي يطالَب بها الرِّجال دون النِّساء وكانت سببًا في تفضيلِهم، فذلِك نحو: الجهاد وشهود الجُمعة والجماعات، وغيرها من العبادات التي لم تُطلَب من النِّساء.
السبب الثاني: في قوله تعالى: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، حيث جعل إنفاق الرِّجال على النِّساء سببًا لقوامتِهم عليهنَّ؛ إذ إنَّ الرَّجل اكتسب خاصِّيَّة القوامة لكونِه القائم على الزَّوجة من جهة الإنفاق والتَّدبير والحفظ والصيانة، ولا يرد هنا فرضية إنفاق الزَّوجة على زوجها مما يجعلها هي صاحبة القوامة؛ إذ إنَّ ذلك مخالفٌ للأصل الذي جعله الشَّارع، فالأصل أنَّ الإنفاق يكون على الرجُل فهو الذي يقوم بالمهر والنَّفقة والسَّكن لزوجتِه، وأمَّا ما شذَّ عن ذلك فهو مخالف للأصْل، إضافة إلى أنَّ الإنفاق سببٌ من أسباب القوامة، ممَّا يستدعي مراعاة الأسباب الأخرى، ولعلَّ من المناسب في هذا المقام إيراد كلام بعض أئمَّة السَّلف رضوان الله عليهم في أسباب قوامة الرَّجُل على المرأة:
قال ابن كثير في قوله تعالى: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}؛ أي: لأنَّ الرجال أفضل من النساء، والرَّجُل خير من المرأة، ولهذا كانت النبوَّة مختصَّة بالرجال وكذلك الملك الأعظم؛ لقولِه: (لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة)([54])، وكذا منصب القضاء وغير ذلك، وقوله تعالى: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}؛ أي: من المهور والنَّفقات والكلف الَّتي أوجبها الله عليهِم لهنَّ في كتابه وسنَّة نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم فالرَّجُل أفضل من المرأة في نفسِه وله الفضْل عليْها والإفضال، فناسب أن يكون قيِّمًا عليْها؛ كما قال الله: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}([55]).
الخلاصة:
إنَّ قوامة الرجُل على المرأة تكون بسبب الجانب الفطري الذي فطر الله الرجال عليه، من كمال العقل وحسن التدبير، والقوة البدنية والنفسية، وبسبب المسؤولية التي يتحمَّلها الرجال للنساء من النفقة، والقيام على شؤونهن بالحفظ والرعاية.
ثانيا: مفاهيم خاطئة للقوامة
الناس في باب القوامة طرفان ووسط، فبعضهم يفرق ويترك كل شيء للمرأة، وبعضهم يتسلط التسلط البغيض، والفهم الخاطئ لقضية القوامة، يؤدي إلى مشكلات في المجتمع، وليست القوامة كتماً لأنفاس النساء، ليست القوامة منعاً للمرأة من التعبير عمّا في نفسها، ليست القوامة احتقاراً للمرأة وازدراءً لها وإهداراً لكرامتها وانتقاصاً من قدرها، بل هي حفظ ورعاية وصيانة وحماية وتكريم وكفاية وإنفاق، كما قال صلى الله عليه وسلم (استوصوا بالنساء خيراً)، ليست القوامة سباً أو ضرباً أو تقبيحاً، الرجل لا يضرب الوجه ويقول قبح الله وجهكِ، وإذا هجر لا يهجر إلا في البيت، كما جاء في الحديث عنه (وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ)([56])..القوامة ليست هي التحكم الجائر بإصدار الأوامر، مجرد إصدار الأوامر، ولا القهر والاستبداد، ولا الظلم ولا الاستعباد،لأن الله قال{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(النساء:19).القوامة ليست قهراً وإذلالاً، لأن الله -عز وجل- قال بعد مسألة تأديب الزوج للزوجة: {فَلا تَبْغُوا َلَيْهِنَّ}(النساء: 34).نهى عن البغي، وذكّر الزوج:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}(النساء: 34).
ثالثا: النصوص الشرعيَّة الدَّالَّة على القوامة من القرآن الكريم:
الأصل في القوامة قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}(النساء: 34) ، فهذه الآية الكريمة هي الأصل في قوامة الزَّوج على زوجتِه، وقد نصَّ على ذلك جمهور العلماء من المفسِّرين والفقهاء. قال الجصَّاص في تفسير الآية: “قيامهم عليهنَّ بالتَّأديب والتَّدبير والحفظ والصيانة؛ لما فضَّل الله الرَّجُل على المرأة في العقْل والرَّأي، وبما ألزمه الله – تعالى – من الإنفاق عليْها، فدلَّت الآية على معانٍ، أحدُها: تفضيل الرَّجُل على المرأة في المنزلة وأنَّه هو الَّذي يقوم بتدبيرها وتأْديبها، وهذا يدلُّ على أنَّ له إمساكَها في بيتِه، ومنعها من الخروج، وأنَّ عليْها طاعته وقبول أمره ما لم تكن معصية، ودلَّت على وجوب نفقتِها عليه([57]).وقال ابن جرير – رحِمه الله -: “يعنِي بذلك – جلَّ ثناؤه -: الرِّجال أهل قيام على نسائهم، في تأديبهنَّ، والأخذ على أيديهنَّ فيما يجب عليهنَّ لله ولأنفسهنَّ {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}؛ يعني: بما فضل الله به الرِّجال على أزواجِهم من سوْقهم إليهنَّ مهورهنَّ وإنفاقهم عليهن أموالهم، وكفايتهم إيَّاهنَّ مؤنهنَّ، وذلك تفضيل الله إيَّاهم عليهنَّ؛ ولذلك صاروا قوامًا عليهنَّ، نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليْهم من أمورهن([58]).ويذهب ابن كثير في تفسير الآية إلى أن: الرَّجل قيم على المرأة؛ أي: هو رئيسها، وكبيرها، والحاكم عليها ومؤدِّبُها إذا اعوجَّت([59]).
وقال ابن العربي في تفسير الآية: قوله: {قَوَّامُونَ} يقال: قوَّام وقيِّم وهو فعَّال وفعيل مِن قام، والمعنى: هو أمين عليْها، يتولَّى أمرها ويصلحها في حالِها، قاله ابن عباس، وعليْها له الطاعة… وعليْه – أي الزَّوج – أن يبذُل المهْر والنَّفقة يُحْسِن العِشْرة، ويَحميها ويأمُرها بطاعة الله تعالى، ويرغِّب إليْها شعائر الإسلام، من صلاةٍ وصيام، وعليْها الحفاظ لماله، والإحسان إلى أهْله، وقبول قولِه في الطَّاعات ([60]).
رابعا: النُّصوص الشَّرعيَّة الدَّالَّة على القِوامة من السنَّة النبويَّة:
وقد أمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المرْأة بطاعة زوْجِها ما دام ذلك في حدود الشَّرع، وما دام ذلك في حدود قُدْرتِها واستطاعتها، وممَّا يدلُّ على ذلك:
ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إذا صلَّت المرأة خَمسها، وصامَتْ شَهْرَها، وحفِظَتْ فرْجَها، وأطاعتْ زَوْجَها، قيل لها: ادْخُلي الجنَّة من أيِّ أبواب الجنَّة شئت)([61]).
ما رواه الشَّيخان عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحلُّ لِلمرأةِ أن تصومَ وزوجُها شاهد إلاَّ بإذنِه، ولا تأذنُ في بيتِه إلاَّ بإذْنِه، وما أنفقت من نفقةٍ عن غيْر أمْرِه فإنَّه يؤدّى إليه شطره)([62]).قال الحافظ ابن حجر:( وهذا القيْد – أي: وزوجُها شاهد – لا مفهوم له؛ بل خرج مخرج الغالب، وإلاَّ فغيْبة الزَّوج لا تقتضي الإباحة للمرْأة أن تأذن لِمَن يدخل بيته، بل يتأكَّد حينئذٍ عليْها المنع؛ لثبوت الأحاديث الواردة في النَّهي عن الدُّخول على المغيبات([63]).وفي ذلك يقول الشَّوكاني: إنَّ النَّهي في الحديث محمولٌ على عدم العِلْم برضا الزَّوج، أما لو علمت رضاه بذلك؛ فلا حرج([64]).
ما رواه أيضا الشَّيخان عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه : أَنَّ رسولَ الله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعا الرَّجُل امرأتَه إلى فراشِه فأبتْ فبات غضبانَ عليْها، لعنتْها الملائكةُ حتَّى تصبح)([65]).
الحكمة من اختصاص الرجل بالقوامة في الأسرة:
ترجع الحكمة في جعل القوامة للرجل لسببين صرحت بهما الآية المذكورة آنفا وهما:
1- كون الرجل أفضل من المرأة في هذه الوظيفة؛ بمقتضى الفطرة التي فطره الله عليها، وهذا لا يعني كون الرجل أفضل في كل شيء.
2- كون الرجل هو الذي يعمل وينفق من ماله على المرأة؛ إلا أن هذا السبب جاء تابعاً للأول؛ فلا يعني أن تتحول القوامة للمرأة إذا أنفقت على الرجل؛ لأن القضية ليست في الإنفاق فقط؛ بل في النوع الأكثر كفاءة، عقلاً وفكراً واتزاناً، بمقتضى الفطرة والخلق.
ولعل التاريخ خير شاهد على تفوق الرجل على المرأة في أكثر المجالات، من عصر آدم عليه السلامـ وإلى اليوم([66])حتى في أخص خصائص المرأة كالزينة وتفصيلات ملابسها والطبخ.
وفي أكثر الدول حرية للمرأة في الخروج إلى العمل؛ كأوروبا وأمريكا، لا زال تفوق الرجل واضحاً جلياً؛ وما ذلك إلا لأنه الأكفأ في مجال المسئولية، والأفضل بحسب الفطرة التي فطره الله عليها كرجل؛ فإن ظهرت بعض النساء هنا أو هناك فالنسبة لا تقارن بنسب الرجال.
وقد ناقش محمد قطب مسألة القوامة مناقشة طيبة، فافترض أمرين بشأنها:
أحدها: أن تكون القوامة مشتركة، وهذا مستبعد؛ لأن رئيسين لعمل واحد يؤدي للتنازع، والفشل الإداري، ويؤثر على الأولاد بالسلب.
والثاني: أن تكون القوامة إما للمرأة أو للرجل: والمنطق والأبحاث، والواقع والفطرة، كل ذلك يحكم بأن يكون السيد هو الرجل، بل إن المرأة لتحتقر بفطرتها الرجل الذي يخضع لرغباتها، وتحترم الرجل الحازم القوي؛ فترمي بنفسها بين أحضانه.
ومع ذلك فليس معنى القوامة الاستبداد والتعسف؛ بل مبناها على التفاهم والتشاور([67])، والعلاقة بين الرجل وزوجه تكاملية بصور منطقية: الأعمال الداخلية في البيت هي مهمة المرأة، والأعمال الخارجية في الكد والعمل هي للرجل، دون أدنى غضاضة على المرأة في ذلك، ويستحب أن يعين أحدهما الآخر في واجباته، وقد يكون رأي المرأة هو السائد في البيت، بل هو الملاحظ اليوم في مجتمعنا.
مسؤولية الرجل والمرأة في بناء الأسرة
يقول تعالى:( الرّجالُ قَوّامونَ على النساءِ بما فَضّل اللهُ بعضَهُم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم) (النساء: 34).والقوّام: هو من يكثرُ من القيام.( بما فَضّل اللهُ بعضَهُم على بعض فالنّص القرآني في غاية الوضوح، فالرجل مُفضّل على المرأة، والمرأة مفضّلة على الرجل. ومعلوم أنّ الفضل في اللغة هو الزيادة. ولا شك أنّ لدى الرجل زيادة شاءها الخالق الحكيم لتتناسب مع وظيفته. ولدى المرأة زيادة تتناسب مع وظيفتها.
وعليه فلا يمكن أن نُفاضل بين الرجل والمرأة حتى نُحدّد الوظيفة. تماماً كما هو الأمر في الطبيب والمهندس، فإذا كان المطلوب بناء بيت فالمهندس أفضل، والطبيب أفضل لمعالجة الأمراض؛ وهكذا في كل الوظائف المختلفة معلم وقاضي مزارع وتاجر إلى آخره .فالفضل لدى الرجال اقتضى واجباً عليهم تجاه النساء، وفضل النساء اقتضى حقاً لهنّ على الرجال، ففضل الرجل أنتج واجباً، وفضل المرأة أنتج حقاً. ولا شك أنّ بعض جوانب فضل الرجل (زيادته) جعلته الأقدر على الكسب في الواقع الاقتصادي. أمّا فضل المرأة فقد أعاق قدرتها على الكسب. لذا فقد أنتج فضل الرجل في هذا الجانب واجباً، في حين أنتج فضل المرأة حقاً. وبناءً على ذلك كان الرجل هو الأكثر قياماً على شؤون المرأة، لما أنتجه فضلُهُ من واجبات، ولما أنتج فضل المرأة لها من حقوق.
والمعروف أنّ القيام بالواجب يُنتج حقاً يُكافِئ القيام بهذا الواجب. وإذا كان الرجل قوّاماً يؤدّي واجباته ويمارس وظيفته، فلا بد أن يُقابل ذلك ما يُكافئه من الحقوق. والعجيب أنّ معنى القِوامة عند الكثيرين يُرادف معنى الحق الذي هو للرجل على المرأة، في حين أنّ معنى القِوامة في اللغة يشير بوضوح إلى الواجب الذي هو على الرجل تجاه المرأة، أي أنّه حق المرأة وليس حق الرجل. أمّا حق الرجل فهو الأثر المترتِّب على قيامه بواجبه، وهو المردود المتوقّع نتيجة القيام بالوظيفة.([68]) ولهذا شرع الإسلام لكل فرد من أفراد الأسرة حقوقاً معينة ينبغي احترامها وعدم تجاوزها. فلذلك يجب النظر إلى أن مسألة زعامة الأسرة ليست امتيازاً في نظر الإسلام بقدر ما هي مسؤولية تعني إدارة الأسرة وقيادتها في الطريق الصائب، حيث يأتي دور العقل والتضحية والإيثار والصبر.
وهنا نرى رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم يسند شؤون المنزل وإدارته إلى فاطمة الزهراء رضي الله عنها بينما يوكِّل الأعمال خارج المنزل إلى زوجها الإمام علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) .فالإحساس المتقابل بمسؤولية الزوجين تجاه بعضهما البعض له أثره الكبير السير نحو الهدف الأسمى وهو الأسرة السعيدة الراضية فمسؤولية الرجل إذا أن يتحمل إدارة الأسرة وتوفير ما تحتاجه من غذاء وكساء، وحماية في مواجهة الأخطار التي تهدِّد كيانها ومصيرها ،وعليه مسؤولية بناء الأسرة على أسس صحيحة. وأن لا يجعل همَّه الأول هو الحياة الدنيا بل يؤثر ويقدم حاجيات أسرته على حاجياته .أما المرأة فمسؤوليتها عظيمة في الحياة الأسرية، فهي تشكل محور الأسرة، وعليها تقع مسؤولية إدارة المنزل وتربية الجيل تربية صحيحة.وهي بمثابة القلب النابض للأسرة ، فكِلا الدورين يُكمِل أحدهما الآخر في ود وانسجام.
شبهات ضرب الزوج لزوجته.
من المعلوم أن المذاهب والشرائع الوضعية التي كانت تسود العالم قبيل بعثة النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تشرِّعُ العنف ضدَّ المرأة إلى حد القتل! وكانت المرأة في نظر الكنيسة في العصور الوسطى، جرثومة ملعونة ، وهي مصدر الذنوب والآثام([69]) !
أما الإسلام فقد حرّم العنف ضد المرأة، وأباح استخدام الضرب للتأديب في نطاقٍ ضيقٍ جداً ومحدود، وذلك خاصٌّ بالمرأة الناشز التي خرجت عن قوامة زوجها، وشكلت تهديداً لنظام الأسرة، وأصرت عليه، إذ لا يبيح الإسلام اللجوء إلى الضرب إلا بعد استخدام الوعظ كمرحلة أولى، ثم يجرَّب الهجر في المضاجع أثناء النوم بشروط وضوابط فقهية، ولا يهجر إلا في البيت، فإذا لم يجد الوعظ ولا الهجر فلا حرج من اللجوء إلى ضربٍ غير مبرح، هو إلى التهديد أقرب منه إلى التنفيذ، ومثل هذه المرأة التي لم يصلحها وعظٌ ولا هجرٌ والهجر عند النساء أشدُّ من الضرب نفسه؛ لرقتهن وغلبة العاطفة عليهن غالباً ما تكون في حالة شذوذٍ نفسي، وقد ينفع فيه العقاب البدني كحلٍّ أخيرٍ، وهو رغم ما فيه من ضررٍ على المرأة خيرٌ من الطلاق وتمزيق الأسرة، وهي أشبه ما تكون بقاعدة الضرورة التي تباح في بعض الحالات الاستثنائية([70]).
فليس كل الرجال مباحًا لهم أن يضربوا كل النساء،كل الوقت أو في كل الظروف، وهناك ضوابط صارمة لاستعمال هذه الرخصة. فالأم امرأة ورغم هذا فإن إقدام الابن أو البنت على ضرب الأم هو جريمة من أشد الجرائم وذنب من كبائر الذنوب بل لا يجوز مطلقًا أن يؤذى الابن أمه ولو بكلمة، بل بشطر كلمة أف، أو بإظهار الضيق أو النقد أو الغضب في حضورها. وفضلاً عن ذلك عليه أن يرحمها ويلين لها إلى درجة إظهار الذل والخضوع بين يديها ولو كانت كافرة، وهذا كله من المعلوم من الدين بالضرورة. أما ضرب الرجل لأيَّة امرأة أجنبية عنه فهو جريمة شرعية فيها القصاص أو التعويض، وفي تأمل قوله تعالى:{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً }(النساء: 34). نجد أنه قد بدأ بمدح النساء الصالحات، وهؤلاء الصالحات لا يجوز مطلقًا ضربهن،والآية الكريمة تتحدث عن حالة استثنائية نادرة في المجتمع لا يجوز التوسُّع فيها، وهى حالة الزوجة الناشز،وقد أجمع علماء المسلمين في كل العصور على أن الضرب المُرَخَّص فيه للضرورة القصوى يجب ألا يتسبَّب في أيَّ إضرار بصحة أو بدن المرأة، ويكون باستخدام السواك كما قال ابن عباس أو بمنديل ملفوف كما قال آخرون.
ويشترط ألا يكسر لها عظمًا أو يُسبِّب عاهة ، كما يجب تجنب الوجه، وألا يوالى الضرب في مكان واحد كما ورد في أقوال المفسرين والفقهاء. ومما قاله المفسرون شرحا للآية الكريمة: قال الطبري:( لا يهجرها إلا في المبيت في المضجع، ليس له أن يهجر في كلام ولا شيء إلا في الفراش فلا يكلِّفها أن تحبَّه، فإن قلبها ليس في يديها، ولا معنى للهجر في كلام العرب إلا على أحد ثلاثة أوجه، أحدها هجر الرجل كلام الرجل وحديثه، وذلك رفضه وتركه، يقال منه: هجر فلان أهله يهجرها وهجرانًا. والآخر الإكثار من الكلام بترديد، كهيئة كلام الهازئ، يقال منه: هجر فلان في كلامه يهجر هجرًا إذا هذى ومدد الكلمة، وما زالت تلك هجيراه وأهجيراه، والثالث هجر البعير، إذا ربطه صاحبه بالهجار، وهو حبل. قال حيان:حدثنا ابن المبارك. قال أخبرنا يحيى بن بشر سمع عكرمة يقول في قوله:{ وَاضْرِبُوهُنَّ }ضربًا غير مبرح قال: قال رسول الله (واضربوهن إذا عصينكم في المعروف، ضربًا غير مبرح).{ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً } يقول:(فإن أطاعتك فلا تبغ عليها العلل)([71]). وفي كتاب المنتخب:(الزوجات اللاتي تظهر منهن بوادر العصيان فانصحوهن بالقول المُؤَثِّر، واعتزلوهن في الفراش، وعاقبوهن بضرب خفيف غير مُبَرِّح ولا مُهين عند التمرُّد. فإن رجعن إلى طاعتكم بأي سبيل من هذه السبل الثلاث، فلا تتطلبوا السبيل التي هي أشد منها بغيًا عليهن. إن الله فوقكم وينتقم منكم إذا آذيتموهن أو بغيتم عليهن)([72]).
الخاتمة:
في نهاية هذه الدراسة نكون قد وقفنا في مقام القوامة في الإسلام والمرأة في القران الكريم وفيه بينا أن القران الكريم قد صرح بمساواتها مع الرجل وحفظ لها حقوقها في أمور الزواج وخلال العشرة الزوجية. وكذلك وقفنا على النصوص التي وردت في شأن القوامة وضوابطها الشرعية؛ ورأينا حضها على عشرة الزوجة بالمعروف.
هذا وقد ظهرت لي بوضوح هذه النتائج:
P لا فرق عند الله بين الرجل والمرأة إنسانيا وحقوقياً وعلمياً وأخلاقيا وإيمانيا إلا فيما يتعلق بخصوصية (جنس الأنثى) وتكوينها الذي بدونه لا يكتمل العالم.وحديث القرآن الكريم عن المرأة يدور على حفظ حقوقها والنهي عن ظلمها، واحترام ذاتها ورأيها، بل يدعوا إلى حسن التعامل معها، وملاطفتها.
P القوامة الزوجيَّة: ولاية يفوّض بموجبها الزَّوج القيام على ما يصلح شأن زوجتِه بالتدبير والصيانة. وأنَّ القوامة للزَّوج على زوجتِه تكليف للزَّوج، وتشريف للزَّوجة.
P ترجع الحكمة في جعل القوامة للرجل لسببين هما:كون الرجل أفضل من المرأة في هذه الوظيفة؛ بمقتضى الفطرة التي فطره الله عليها، وهذا لا يعني كون الرجل أفضل في كل شيء.وكون الرجل هو الذي يعمل وينفق من ماله على المرأة؛ إلا أن هذا السبب جاء تابعاً للأول؛ فلا يعني أن تتحول القوامة للمرأة إذا أنفقت على الرجل؛ لأن القضية ليست في الإنفاق فقط؛ بل في النوع الأكثر كفاءة، عقلاً وفكراً واتزاناً، بمقتضى الفطرة والخلق..
P الشَّارع الحكيم لمَّا جعل القوامة بيد الرجُل بِحكمته لم يجعل ذلك مطلقًا يستغلُّه الرجال في إذلال النساء والتحكم بهنَّ، وفق أهوائِهم وما تشتهيه أنفسهم؛ بل قيد تلك الوظيفة بضوابطَ وقيود شرعية.
P أكثر المشكلات والخلافات الأسرية والعائلية والاجتماعية تنشأ بسبب عدم قوامة الرجل، أو ضعف هذه القوامة، والإلغاء لهذه القوامة الذي ينادى بها اليوم هو تدمير للمجتمع.
P أن الله هيأ المرأة لوظائف وأحالها لأدائها، وهيأ الرجل لوظائف وأحاله لأدائها، بحكم التكوين الجسدي والنفسي والاجتماعي، فإذا تحوّلت القِوامة من الرجل إلى المرأة كُلّفت المرأة ما لا تطيق، وانحرفت الأسرة عن مسارها. وفي المقابل إن سَلْب الرجل قِوامته على زوجته وأسرته تعرّضت الأسرة لأخطار لا حصر لها.
P ما سبق إيراده في ثنايا هذا البحث من نصوص الشرع من كتاب الله وسنة النبي يؤكد ويدلل على علو مكانة المرأة في التشريع الإسلامي ، وأنه لا يوجد تشريع سماوي ولا أرضي سابق ولا لاحق كرم المرأة وأنصفها وحماها وحرسها مثل ذلك التشريع الإسلامي .
والله تعالى أعلم وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قائمة المراجع :
القرآن الكريم
ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ، بتحقيق الشيخ: محمد فؤاد عبد الباقي، والشيخ: محب الدين الخطيب، د. ط، 1379هـ، دار المعرفة، بيروت،.
الشَّوكاني،نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار ي، ط. الأولى، 1413هـ ، 19993م، دار الحديث، القاهرة.
أحكام القرآن للجصاص، د. ط، 1414هـ = 1993م، دار الفكر، بيروت، ج 2 ص 236.
ابن منظور، لسان العرب ، ط. الأولى، د. ت، دار صادر، بيروت.
الرازي ،مختار الصحاح، ترتيب: السيد محمود خاطر، د. ط، د. ت، دار نهضة مصر للطباعة والنشر، الفجالة، القاهرة
المنتخب في تفسير القرآن الكريم ، تأليف لجنة من كبار علماء الأزهر الشريف ،طبعة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ،مصر .
(أبو الحسين) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، (ت 261هـ)، الجامع الصحيح، طبعة دار الفكر، بيروت، لبنان، (ب.ت).
(أبو داود) سليمان ابن الأشعث السجستاني الأزدي، (ت 275هـ)، سنن أبي داوود، الطبعة الثالثة، دار الفكر، 1979م.
(أبو عبد الله) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري، (ت256هـ)، صحيح البخاري، طبعة عالم الكتب، بيروت، لبنان.
(ابن كثير) ،عماد الدين إسماعيل، تفسير القرآن العظيم كتاب الشعب، مصر، (ب.ت).
(الطبري)، محمد بن جرير طريف بن تميم الطبري، جامع البيان، مطبعة الحلبي، مصر، (ب.ت).
(العسقلاني)، أحمد بن علي بن حجر،(ت 852هـ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، طبعة مناهل العرفان، بيروت، لبنان، (ب.ت)
الإسلام بين الشرق والغرب، علي عزت بيجوفيتش، ترجمة محمد يوسف، مطبعة العلم الحديث، بيروت، ط/1، 1994م، ص 258.
سعيد حوي، الإسلام، راجعه : وهبي سليمان الفاوجي، 233، ط3، 1981م.
د. عبد الكريم زيدان، حقوق وواجبات المرأة في الإسلام، بيروت، مؤسسة الرسالة، طـ1، 2004م.
يوسف القرضاوي، ملامح المجتمع المسلم ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1996م
محمد سعيد رمضان البوطي: فقه السيرة
بسام جرار، نظرات في كتاب الله الحكيم ، مركز نون للدراسات القرآنية، البيرة، فلسطين، ط1، 2004م
مصطفى السباعي،المرأة بين الفقه والقانون، ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3، 1961م.
نور الدين عتر ،ماذا عن المرأة، ، دار الفكر، دمشق، 1979م
مريم جميلة ،تحذير إلى المرأة المسلمة،ترجمة طارق خاطر ط المختار الإسلامي 1992 م 0
أحمد محمد الشرقاوي، حقوق المرأة في السنة النبوية ، ط ،مكتبة الصميعي بالرياض 1428هـ
سنن ابن ماجة ( أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني ت 275 هـ ) ط دار الحديث بالقاهرة
سنن أبي داود ( أبو داود سليمان بن شعث السجستاني الأزدي ت 257 هـ ) ط دار الكتب العلمية بيروت
سنن الترمذي ( أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي ت 297 هـ ) ط دار الفكر 1408هـ
سنن الدار قطني ( على بن عمر الدار قطني ت 385 هـ ) ط دار المحاسن بالقاهرة 1386 هـ
سنن الدرامي ( عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ت 255 هـ ) ط دار الريان للتراث 1407 هـ ط أولى
أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، السنن الكبرى للبيهقي ط دار الفكر بدون تاريخ .
سنن النسائي ( أحمد بن شعيب النسائي ت 303 هـ ) ط دار الكتب العلمية بيروت
السيرة النبوية ، لمحمد بن عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري ت 218 هـ ط الباب الحلبي 1375 هـ
جلال العالم، قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام وأبيدوا أهله، تأليف ط دار المختار الإسلامي.
قصة الحضارة ول ديورانت ط لجنة التأليف والترجمة والنشر 1968 م ، ط 3 0
إميل درمنغم: حياة محمد
محمد علي الخطيب، رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة
مسند الإمام أحمد بن حنبل ط المكتب الإسلامي بدون تاريخ ، ط دار المعارف بتحقيق أحمد شاكر 1957م.
د. عبد الكريم زيدان، حقوق وواجبات المرأة في الإسلام، ص74-88، بيروت، مؤسسة الرسالة، طـ1، 1425 هـ – 2004م.
([1]) الروم :21.
([2]) الأعراف:18
([3]) النساء: 34.
([4])ابن منظور، لسان العرب ، ط. الأولى، ب. ت، دار صادر، بيروت، ج 12 ص 502 وما بعدها، الرازي ،مختار الصحاح، ترتيب: السيد محمود خاطر، د. ط، د. ت، دار نهضة مصر للطباعة والنشر، الفجالة، القاهرة، ص 233.
([5]) المصباح المنير مادة (قوم)..
([6]) الكاساتي ،بدائع الصنائع في ترتيب الشَّرائع ، ط. الثانية، 1406هـ = 1986م، دار الكتب العلمية، بيروت، ج 4 ص 16، والقرطبي ،الجامع لأحكام القُرآن (المعروف بتفسير القرطبي)، بتحقيق/ أحمد عبد العليم البرديني، ط. الثانية، 1372هـ، دار الشعب، القاهرة، ج 5 ص 169.
([7]) الموسوعة الفقهية الكويتية: فصل قوامة (34/77).
([8] ) الترمذي، كتاب: المناقب – باب: فضل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- (3895) (ج 5 / ص 709)، وابن ماجه في كتاب: النكاح – باب: حسن معاشرة النساء (1977) (ج 1 / ص 636).
([9] ) البخاري، كتاب: النفقات – باب: خدمة الرجل في أهله (5048) (ج 5 / ص 2052).
([10] ) البخاري، كتاب: اللباس – باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجوز من اللباس والبُسُط، (5505) (ج 5 / ص 2197) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما.
([11] ) البخاري، كتاب: التفسير- تفسير سورة التحريم (4629) (ج 4 / ص 1866)، ومسلم، كتاب: الطلاق – باب: في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن وقوله تعالى: {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} [(4) سورة التحريم] (1479) (ج 2 / ص 1105).
([12] ) البخاري، كتاب: الزكاة – باب: اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة (1352) (ج 2 / ص 514)، ومسلم، كتاب: البر والصلة والآداب – باب: فضل الإحسان إلى البنات (2629) (ج 4 / ص 2027).
([13] ) البخاري، كتاب: النكاح – باب: الوصاة بالنساء (4890) (ج 5 / ص 1987)، ومسلم، كتاب: الرضاع – باب: الوصية بالنساء (1468) (ج 2/ ص 1090).
([14] ) أبو داود ، كتاب: النكاح – باب: في ضرب النساء (2146) (ج 1 / ص 652)، والدرامي (2219) (ج 2 / ص 198)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (1879).
([15]) البقرة: 238 .
([16]) النساء : 34 .
([17]) العقاد: المرأة في القرآن الكريم،ص 12 .
([18]) الملك:14.
([19]) البقرة:282.
([20])النساء:34.
([21]) شبهات حول الإسلام، سابق، ( 127 ) وما بعدها.
([22])علي عزت بيجوفيتش، الإسلام بين الشرق والغرب، ترجمة محمد يوسف، مطبعة العلم الحديث، بيروت، ط/1، 1994م، ص 258.
([23]) فاطر:11.
([24]) الطور:21
([25])النجم:39
([26])المائدة :38.
([27])النساء:124.
(1)- سعيد حوي، الإسلام، راجعه : وهبي سليمان الفاوجي، 233، ط3، 1401 هـ – 1981م.
(2)- د. عبد الكريم زيدان، حقوق وواجبات المرأة في الإسلام، ص74-88، بيروت، مؤسسة الرسالة، طـ1، 1425 هـ – 2004م.
(3)- الأعراف:26
(4)- البقرة:21
(5)- البقرة:134
(6)- الأعراف:203
(7)- يونس: 12
(8)- آل عمران: 195
(9)- المجادلة: 11
[37])) النساء:32
[38])) الحجرات :13
[39])) البقرة :228
[40])) النساء :19
[41])) النساء:32
[42])) الطلاق:6
[43])) النساء :24
[44])) النور :33
[45])) النساء :34
(96) النساء : 19
(97) البقرة :229
(98) مارسيل بوازار و هو مفكر , وقانوني فرنسي معاصر . أولى اهتماما كبيرا لمسألة العلاقات الدولية وحقوق الإنسان وكتب عددا من الأبحاث للمؤتمرات والدوريات المعنية بهاتين المسألتين . يعتبر كتابه (إنسانية الإسلام) , الذي انبثق عن اهتمام نفسه , علامة مضيئة في مجال الدراسات الغربية للإسلام , بما تميز به من موضوعية , وعمق , وحرص على اعتماد المراجع التي لا يأسرها التحيز والهوى .
([49]) مارسيل بوازار : إنسانية الإسلام ، ص 140
(5) النساء:95
[51]))محمد سعيد رمضان البوطي: فقه السيرة ، 154
[52]))متفق عليه؛ فالبخاري أخرجه في كتاب رقم 6 (الحيض)، باب رقم 6 (ترك الحائض الصوم)، حديث رقم 298، ج 1 ص 116. ومسلم أخرجه في كتاب رقم 1 (الإيمان)، باب رقم 34 (بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات)، حديث رقم 79، ج 1 ص 86.
[53])) ابن كثير، تفسير القرآن ،سابق، ج 1 ص 343.
[54])) حديث صحيح أخرجَه البخاري في كتاب رقم 67 (المغازي)، باب رقم 77 (كتاب النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – إلى كسرى وقيصر)، حديث رقم 4163، ج 1 ص 1610.
[55])) تفسير القرآن لابن كثير، ج 1 ص 503.
[56])) أبو داود برقم : 2142.
[57])) أحكام القرآن للجصاص، د. ط، 1414هـ = 1993م، دار الفكر، بيروت، ج 2 ص 236.
[58])) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري، ط. الأولى، 1405هـ، دار الفكر، بيروت، ج 6 ص 678.
[59])) تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ط. الأولى، 1401هـ، دار الفكر، بيروت، ج 1 ص 503.
[60])) أحكام القرآن لابن العربي، ط. الأولى، د. ت، دار الكتب العلمية، بيروت، ج1 ص 530.
[61])) رواه أحمد (مسند الإمام أحمد، د. ط، د.ت، مؤسسة قرطبة، مصر)، في مسند العشَرة المبشَّرين بالجنَّة، حديث عبدالرحمن بن عوف، حديث رقم 1661، ج 1 ص 191، والحديث صحَّحه الألباني في صحيح الجامع، الحديث 674.
[62])) متفق عليه؛ فالبخاري أخرجه في كتاب رقم 70 (النكاح)، باب رقم 86 (لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه)، حديث رقم 4899، ج 5 ص 1994. ومسلم أخرجه في كتاب رقم 12 (الزكاة)، باب رقم 26 (ما أنفق العبد من مال مولاه)، حديث رقم 1026، ج 2 ص 711.
[63])) فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، بتحقيق الشيخ: محمد فؤاد عبدالباقي، والشيخ: محب الدين الخطيب، د. ط، 1379هـ، دار المعرفة، بيروت، ج 9 ص 207.
[64])) نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار للشَّوكاني، ط. الأولى، 1413هـ = 19993م، دار الحديث، القاهرة، ج 6 ص 238.
[65])) متفق عليه؛ فالبخاري أخرجه في كتاب رقم 63 (بدء الخلق)، باب رقم 7 (إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه)، حديث رقم 3065، ج 3 ص 1182. ومسلم أخرجه في كتاب رقم 1436، ج 2 ص 1059.
( [66] ) انظر العقاد: المرأة في القرآن الكريم ( 12 ).
( [67] ) انظر شبهات حول الإسلام ( 127 ) وما بعدها.
[68])) بسام جرار، نظرات في كتاب الله الحكيم ص58-60، مركز نون للدراسات القرآنية، البيرة، فلسطين، ط1، 2004م
[69])) إميل درمنغم: حياة محمد ، ص 331
[70])) محمد علي الخطيب، رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة، ص50.
[71])) – تفسير الطبري.
[72])) – المنتخب في تفسير القرآن الكريم ، تأليف لجنة من كبار علماء الأزهر الشريف ،طبعة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ،مصر ، ص 137.