صيغة استئناف حكم بإلغاء قرار إداري من هيئة أسواق المال الكويتية

صيغة استئناف حكم بإلغاء قرار إداري من هيئة أسواق المال الكويتية.

صحيفة استئناف – قبول الاستئناف شكلاً – الأثر الناقل للاستئناف – وقف تنفيذ القرار الإداري – مخالفة القرار الإداري لمبدأ المشروعية – قاعدة التدرج التشريعي ، وعدم جواز تعديل لائحة لقانون – قاعدة ما بني على باطل فهو باطل – النشر بالجريدة الرسمية ، ونفاذ القانون أو القرار اللائحي – عدم مشروعية القرار الإداري – الإخلال بحق الدفاع – طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفي دفاع جوهري بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانوناً، هو حق له يتعين على محكمة الموضوع إجابته له متى كانت هذه الوسيلة منتجة في النزاع.

الموضــــوع

بموجب هذه الصحيفة، تطعن الشركة الطالبة بالاستئناف على الحكم الابتدائي رقم 000 / 0000 إداري/00 “أسواق مال”، الصادر بجلسة 00/00/0000م، والقاضي في منطوقه:
“حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلاً؛ ورفضها موضوعاً، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة”.
ولما كان هذا القضاء قد جاء مُجحفاً بحقوق الشركة الطالبة، لذا فهي تطعن عليه بالاستئناف الماثل.

الوقائــــــــع

تخلُص وقائع الاستئناف الماثل في أن الشركة الطالبة كانت قد عقدت الخصومة في الدعوى المبتدئة – المستأنف حكمها – بموجب صحيفة موقعة من محام، أودعت إدارة كتاب محكمة أول درجة بتاريخ 00/00/0000م، وأعلنت قانوناً للمدعى عليهما (المعلن إليهما)، طلبت في ختامها الحكم لها:
“أصلياً: بإلغاء القرار الإداري الصادر عن مجلس مفوضي هيئة أسواق المال الصادر في اجتماعه رقم 00/0000 والمعلن بتاريخ 00/00/0000م والقاضي بإلغاء إدراج أسهم الشركة الطالبة، وذلك لبطلانه، كونه صدر من جهة غير مختصة.
واحتياطياً: بإلغاء القرار الإداري الصادر عن مجلس مفوضي هيئة أسواق المال الصادر في اجتماعه رقم 00/0000 والمعلن بتاريخ 00/00/0000م والقاضي بإلغاء إدراج أسهم الشركة الطالبة، وذلك لبطلانه، كونه صدر معيباً بعيب الشكل ومخالفة القانون.
وعلي سبيل الاحتياط الكلي: بندب أحد خبراء وزارة العدل تكون مهمته: الاطلاع على أورق ومستندات الدعوى وما قد يُقدمه له الخصوم، وبيان ما قامت به الشركة الطالبة نحو تقديم كافة البيانات المالية والمدققة خلال المواعيد المقررة سعياً منها لاستئناف تداولها، وعما إذا كان سبب عدم التداول يرجع إلى إخلال من الشركة الطالبة بواجباتها، أم يرجع إلى المدعى عليه الأول (المعلن إليه الأول) وتقصيره في أداء مهامه وبطء الإجراءات بهيئة مفوضي أسواق المال، وبيان سند المدعى عليه الأول (المعلن إليه الأول) فيما زعمه في التظلم المرفوض منه بتاريخ 00/00/0000م بعدم إثبات الشركة الطالبة أنها قد اتخذت الإجراءات اللازمة لاستئناف تداول أسهمها.
مع إلزام المدعى عليهما (المعلن إليهما) بالمصروفات، ومقابل أتعاب
المحاماة الفعلية”.
وبياناً لدعواها وشرحاً لها أوردت الشركة الطالبة بصحيفة افتتاح الدعوى المستأنف حكمها أنه بتاريخ 00/00/0000م وجه المستأنف ضده الأول بصفته كتاباً لممثل الشركة الطالبة يخطره فيه بإلغاء إدراج أسهم الشركة الطالبة في سوق الكويت الأوراق المالية، وذلك استناداً إلى قرار مجلس مفوضي هيئة أسواق المال في اجتماعه رقم 00 لسنة 0000 بشأن الشركات الموقوف أسهمها عن التداول في سوق الكويت للأوراق المالية، وبشكل خاص تلك التي تجاوز إيقافها عن التداول فترة ستة أشهر.
وحيث لم ترتضِ الشركة الطالبة بذلك القرار، لذا فقد تظلمت منه إلى لجنة الشكاوى والتظلمات التابعة للمستأنف ضده الأول بصفته، وذلك بتاريخ 00/00/0000م وللعديد من الأسباب التي فصلتها الشركة الطالبة في هذا التظلم.
إلا أنه بتاريخ 00/00/0000م صدر قرارٌ لجنة الشكاوى والتظلمات رقم: (00/00/0000/00) متضمناً الآتي:
“أولاً: قبول التظلم شكلاً.
ثانياً: رفض التظلم موضوعاً، لعدم إثبات الشركة المتظلمة (الطالبة) اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستئناف تداولها في سوق الكويت للأوراق المالية خلال الفترة القانونية المقررة، وإعمالاً للمادة 25 فقرة 2 من القرار رقم 3 لسنة 2011 بشأن نظام الإدراج في بورصة الأوراق المالية”.
وإذ لم ترتضِ الشركة الطالبة بذلك القرار الصادر في التظلم المذكور، لذا فقد طعنت عليه وعلى قرار إلغاء إدراج أسهمها في سوق الكويت للأوراق المالية بالدعوى المستأنف حكمها (رقم 00/0000 إداري/00 “أسواق مال”) ضد المعلن إليهما بُغية الحكم لها بطلباتها سالفة الذكر.
وتداولت الدعوى بالجلسات، على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 00/00/0000م، قضت محكمة أول درجة:
“بقبول الدعوى شكلاً؛ ورفضها موضوعاً، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة”.
وإذ جاء هذا القضاء مجُحفاً بحقوق الشركة الطالبة، فضلاً عما شابه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، لذا فإن الشركة الطالبة تطعن عليه بطريق الاستئناف لهذه الأسباب، وللأسباب التالية:

= أسبــاب الاستئنــاف =

قبـول الطعـن شكـــلاً:

حيث تنص المادة 129 من قانون المرافعات على أنه: “يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك …”.
وحددت المادة 141 من القانون ذاته ميعاد الطعن بالاستئناف بثلاثين يوماً.
وتنص الفقرة الأخيرة من المادة 108 من قانون هيئة أسواق المال الكويتية (رقم 7 لسنة 2010) على أنه: “ويسري قانون المرافعات المدنية والتجارية – والقوانين المكملة له – على الدعاوى غير الجزائية التي ترفع وفق أحكام هذا القانون، وذلك فيما لم يرد به نص خاص فيه”.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 00/00/0000م فإن آخر ميعاد لقيد الطعن هو 00/00/0000م (حيث إن شهر 0000 واحد وثلاثون يوماً).
وإذ قـُيَّد هذا الطعن في الميعاد القانوني، وأُقيم ممن يملكه، وعن حكمٍ قابلٍ للطعن فيه، ومُوقع عليه من مُحامٍ مقبولٍ أمام محكمة الاستئناف، ومستوف لكافة أوضاعه الشكلية والقانونية المُقررة، ومن ثم فهو مقبول شكلاً.

الأثر الناقل للاستئناف:

تنص المادة 144 من قانون المرافعات على أن: “الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة إلى ما رُفِعَ عنه الاستئناف فقط. وتنظر المحكمة الاستئناف على أساس ما يُقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة، وما كان قد قُدِمَ من ذلك لمحكمة الدرجة الأولى”.
ومن المقرر في قضاء التمييز أن: “النص في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 144 من قانون المرافعات على أن “الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط. وتنظر المحكمة الاستئناف على أساس ما يُقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُدم من ذلك لمحكمة الدرجة الأولى”؛ يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن الدعوى التي كانت مطروحة على محكمة الدرجة الأولى تعتبر مطروحة على محكمة الاستئناف برمتها بكل ما أُبديَ فيها أمام تلك المحكمة من أقوال وطلبات وما قُدم إليها من أدلة ودفوع”.
(الطعن بالتمييز رقم 632 لسنة 1997 تجاري/2 – جلسة 21/6/1998م)
(والطعن بالتمييز رقم 668 لسنة 1997 تجاري/2 – جلسة 8/11/1998م)
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، فإن الشركة المستأنفة تتمسك بكافة وجميع أوجه الدفاع والدفوع والطلبات والأسانيد والأسباب المبداة منها أمام محكمة أول درجة، وتعتبرها جزءاً لا يتجزأ من دفاعها الراهن، وتضيف إلى ما سبق، ما يلي:

= السبـــب الأول = مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله:

حيث إن الحكم المستأنف قضى برفض طلب وقف التنفيذ بزعم إن الفصل فيه يؤدي لاستنفاد المحكمة ولايتها بالنسبة للطلب الموضوعي المتعلق بإلغاء القرار المطعون فيه.
وهذا الذي ذهب إليه الحكم المستأنف يخالف صحيح القانون، حيث إنه من المقرر في قضاء التمييز أن: “الحكم الصادر بوقف التنفيذ، مؤقت بطبيعته، حتى يتم الفصل في طلب الإلغاء، فينتفي وجوده القانوني ويزول كل أثر له إذا قضي برفض الدعوى موضوعاً”.
(الطعن بالتمييز رقم 240 لسنة 1988 إداري – جلسة 13/3/1989م مجموعة المكتب الفني – السنة 2 – صـ 849)
لما كان ما تقدم، وكانت الشركة المستأنفة قد قدمت لمحكمة أول درجة مذكرة بدفاعها بجلسة 00/00/0000م أكدت في الطلبات الختامية بها أن طلب وقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه، إنما هو بصفة “مؤقتة” وذلك فقط لحين الفصل في موضوع الدعوى (بحكم قضائي نهائي).
وعليه، فإن الحكم بوقف التنفيذ، الذي هو بطبيعته “حكم مؤقت” حتى يتم الفصل في طلب الإلغاء، لا تستنفد المحكمة ولايتها بالفصل فيه، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.

= السبـــب الثاني = مخالفة الحكم المستأنف للقانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله، ومخالفته الصريحة لمبدأ الشرعية:

حيث إن مبدأ الشرعية يقضي بـأنه: “لا عقوبة إلا بنص”، فمن المقرر قانوناً، ووفقاً لنص المادة 32 من الدستور، أنه: “لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها”.
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أنه: “من المقرر أنه لا عقوبة إلا بنص يعرف الفعل المعاقب عليه، و يبين العقوبة الموضوعة له، مما مقتضاه عدم التوسع في تفسير نصوص القانون الجنائي، وعدم الأخذ فيه بطريق القياس، والأخذ ــ في حالة الشك ــ بالتفسير الأصلح للمتهم”.
(نقض جنائي في الطعن رقم 151 لسنة 42 قضائية -جلسة 27/3/1972م مجموعة المكتب الفني – السنة 23 – الجزء الأول – صـ 483)
(ونقض جنائي في الطعن رقم 5533 لسنة 54 قضائية -جلسة 17/11/1987م مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – الجزء الثاني – صـ 994)
(ونقض جنائي في الطعن رقم 22227 لسنة 61 قضائية – جلسة 2/10/1994م مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – الجزء الأول – صـ 809)
ومن المقرر قانوناً وفقهاً أن: “الجزاء الإداري ــ شأنه في ذلك شأن الجزاء الجنائي ــ لا يُوقع بغير نص”.
(لطفاً، المرجع: القضاء الإداري ــ الكتاب الثالث: قضاء التأديب ــ للعميد الدكتور/ سليمان الطماوي – صـ 259 وهوامشها)
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، فإنه لا يجوز قانونياً، ولا دستورياً،
ولا فقهاً، ولا قضاءً ــ توقيع عقوبة جنائية أو تأديبية أو إدارية، بخلاف تلك العقوبات المنصوص عليها في القانون والواردة فيه على سبيل الحصر.
لما كان ذلك، وكانت عقوبة “إلغاء إدراج ورقة مالية” من سوق الكويت للأوراق المالية، لم يرد بها نصُّ في القانون المنظم لنشاط سوق الأوراق المالية, ولا في اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
حيث لم ينص القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية، والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 964 – السنة السادسة والخمسون – بتاريخ 28/2/2010م، لم ينص على عقوبة “إلغاء إدراج ورقة مالية” من سوق الكويت للأوراق المالية، حيث لم تتضمن المادة 146 من هذا القانون (والخاصة بالجزاءات التأديبية الجائز توقيعها من المجلس التأديبي) عقوبة “إلغاء إدراج ورقة مالية”، وإنما أشارت فقط في البند “16” منها على جواز: “وقف تداول ورقة مالية لفترة محدودة، أو تعليق أو إلغاء قرار إدراج ورقة مالية قبل نفاذه”؛ وهو ما لم يتحقق في حالة النزاع الماثل.
كما لم تنص اللائحة التنفيذية للقانون المذكور، الصادرة بقرار مجلس مفوضي هيئة أسواق المال رقم 2 – 4 لسنة 2011 بشأن إصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية، والمنشورة بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 1018 -السنة السابعة والخمسون -بتاريخ 13/ 3/2011م، لم تنص تلك اللائحة التنفيذية على عقوبة “إلغاء إدراج ورقة مالية”، حيث لم تتضمَّن المادة 436 من تلك اللائحة (والخاصة بالجزاءات التأديبية الجائز توقيعها من المجلس التأديبي) عقوبة “إلغاء إدراج ورقة مالية”، وإنما أشارت فقط في البند “15” منها على جواز: “وقف تداول ورقة مالية لفترة محدودة، أو تعليق أو إلغاء قرار إدراج ورقة مالية قبل نفاذه”، وهو ما لم يتحقق في حالة النزاع الماثل.
ومن ثم، فإن القرار المطعون فيه، والمستند إلى نص المادة 25 من القرار رقم 3 لسنة 2011م، يكون قد خالف القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية، كما خالف لائحته التنفيذية، وأيضاً خالف المبادئ العامة للقانون.
حيث استند القرار المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء إدراج أسهم الشركة الطالبة، على نص المادة 25 من القرار رقم 3 لسنة 2011 الصادر من مجلس مفوضي هيئة أسواق المال، والذي أضاف جزاءً إلى الجزاءات التي نص عليها القانون ولائحته التنفيذية، وهو جزاء “إلغاء إدراج ورقة مالية”، فيكون – والحال كذلك – قد أضاف جزاء بمقتضى قرار لائحي إلى الجزاءات التي نص عليها هذا القانون ولائحته التنفيذية، وهو ما لا يجوز قانوناً، وفقاً لقاعدة “التدرج التشريعي”.

قاعدة “التدرج التشريعي”:

حيث إنه من المقرر قانوناً، ووفقاً لما نصَّت عليه المادة 72 من الدستور، أنه: “يضع الأمير، بمراسيم، اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما لا يتضمن تعديلاً فيها أو تعطيلاً لها أو إعفاءً من تنفيذها. ويجوز أن يعين القانون أداة أدنى من المرسوم لإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذه”.
ومن المقرر في الفقه أن: “اللائحة التنفيذية تفصل حيث أجمل القانون، وتُفسِّر حيث عمم القانون، وتضع الإجراءات حيث لم يضع القانون إلا القواعد الموضوعية، واللائحة بصفة عامة تُسِّهل على السلطات العامة مهمة تنفيذ القوانين في الدولة. واللائحة إذ تفعل ذلك كله لا يمتد نطاقها – وفقاً للدستور ذاته – إلى حيث تتعارض مع القانون الصادرة هي لتنفيذه، ولا تصل إلى حد تعديل مضمون القانون، ولا يجوز للائحة أن تعفي أحداً من أحكام فرضها القانون، لأن اللائحة في هذه الأحوال جميعها لا تؤدي إلى تنفيذ القانون بل على العكس تؤدي إلى عدم تنفيذه أو تنفيذه على نحو غير النحو الذي قصد إليه المُشرع. ولا يجوز للائحة عن طريق تفسير بعض الأحكام المُجملة في القانون أن تعمد إلى تحوير مضمونه وإضافة أحكام موضوعية جديدة، ذلك أن إضافة أحكام موضوعية جديدة إلى القانون لا يكون إلا بقانون مثله، فإذا عمدت السلطة التنفيذية وهي تضع اللائحة إلى مثل ذلك فإنها تكون قد تعدت النطاق المرسوم لها وتجاوزت اختصاصها واعتدت على اختصاص سلطة التشريع”.
(لطفاً، المرجع: “النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية” -للدكتور/ يحي الجمل – طبعة 1974م القاهرة ــ ص 210 و 211)
وحيث إنه من المقرر قانوناً، وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز، أن: “المقرر أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو أن تعدل قاعدة قانونية وضعتها سلطة أعلى، أو أن تضيف إليها أحكاماً جديدة، إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون”.
(الطعن بالتمييز رقم 862 لسنة 2004 تجاري/3 ــ جلسة 26/11/2005م)
كما تواتر قضاء محكمة التمييز على أن: “اللائحة التنفيذية هي عنصر مكمل للقانون الذي توضع لتنفيذه بما تتضمنه من أحكام تفصيلية لازمة لذلك، فتكون بهذه المثابة تفصيل “لحكم” نص القانون عليه، وتحقق الغرض المقصود منه، فإذا تعدت ذلك فقررت جديداً لم تتضمنه نصوص القانون، أو خالفته، أو حدَّت مما أراد المشرع إطلاقه، كان ما أوردته من نصوص مخالفة باطلاً، ووجب على القضاء الامتناع عن تطبيقه”.
(الطعن بالتمييز رقم 863 لسنة 1997 تجاري/1 ــ جلسة 22/6/1998م)
كما أنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: “حق السلطة التنفيذية – طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها – في إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها أو استحداث ما من شأنه مخالفة غرض الشارع، وهو ما يطلق عليه لائحة أو قرار، وأن معنى هذا الحق ليس نزولاً من السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين إلى السلطة التنفيذية، بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذها، فإذا بان أن هذا القرار أو تلك اللائحة قد خرج عن هذا النطاق التشريعي، أصبح معدوم الأثر، ويكون للقضاء العادي ألا يعتد به في مقام تطبيق القانون الذي صدر القرار تنفيذاً له”.
(نقض مدني في الطعن رقم 645 لسنة 73 قضائية ــ جلسة 9/11/2006م)
كما جرى قضاء محكمة النقض على أنه: “إذ كان قرار المحافظ يقضى بإلقاء مياه بيارات المطاعم والمقاهي والمياه المخلفة عن الرشح والأمطار وانفجار المواسير بما تحتويه من مخلفات في المصرف موضوع النزاع، وكان هذا القرار مخالفاً لما نصت عليه المادة 69 من قانون الصرف والري رقم 74 لسنة 71 من حظر القيام بإلقاء جثة حيوان أو أية مادة أخرى مضرة بالصحة، أو ذات رائحة كريهة في أي مجرى مُعد للري أو الصرف، ولما قضت به المادة 75 من ذات القانون من معاقبة من يخالف ذلك بغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تزيد على ثلاثين جنيهاً، فإنه بذلك يكون قد صدر من شخص لا سلطة له إطلاقاً في إصداره ومشوباً بمخالفة صارخة للقانون بما يجرده من صفته الإدارية ويسقط عنه الحصانة المقررة للقرارات الإدارية، ويكون من حق القضاء العادي أن يتدخل لحماية مصالح الأفراد مما قد يترتب عليه، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن بصفته بالامتناع عن استعمال المصرف موضوع النزاع مقلباً ومستودعاً للمواد البرازية وبعدم إلقاء القاذورات ومياه الكسح به، لم يخالف أحكام الاختصاص الولائي أو مبدأ الفصل بين السلطات”.
(نقض مدني في الطعن رقم 479 لسنة 44 قضائية – جلسة 16/2/1978م مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 502)
لما كان ما تقدم، وكان أي موظف بالدولة – مهما علا منصبه أو رقت درجته على مدارج السلم الوظيفي – لا يملك، وهو يُصدر المراسيم باللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، أن يضمن تلك اللوائح أو القرارات اللائحية أي تعديل في تلك القوانين أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها أو أن يضيف (في القرارات اللائحية) للقانون أو للائحته التنفيذية جزاءات تأديبية عقابية لم يتضمنها ذلك القانون أو تلك اللائحة التنفيذية، وإلا عُدَّ ذلك افتئاتاً منه على السلطة التشريعية، وصار القرار اللائحي الصادر من ذلك الموظف معدوم الأثر، ويكون للقضاء العادي – فضلاً عن القضاء الإداري أو الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية – ألا تعتد به في مقام تطبيق القانون الذي صدر ذلك القرار تنفيذاً له.
وإذ تنكب القرار الإداري المطعون فيه هذا الطريق، بأن استند في توقيعه للجزاء الوارد به على قرارٍ إداري غير مشروع لتضمّنه جزاءاتٍ لم يرد بها نص في القانون ولا في اللائحة، وكان هذا القرار الإداري لا يملك تعديل القانون أو اللائحة بإضافة جزاءات تأديبية عقابية خطيرة الأثر وشديدة الوقع على الاقتصاد الوطني كله.
وكان من المبادئ القانونية المستقرة أن: “ما بُني على باطل فهو باطل” (نقض مدني في الطعن رقم 24495 لسنة 66 قضائية – جلسة 12/11/1998م – المستحدث في قضاء محكمة النقض – صـ 30)؛ ومن ثم فإن استناد القرار المطعون فيه إلى نص المادة 25 من القرار رقم 3 لسنة 2011 وهو قرار باطل على نحو ما أسلفنا، فإن القرار المطعون فيه والمستند إلى القرار المذكور، يكون بدوره باطلاً بل ومنعدماً، مما يستوجب إلغاءه.
ولا سيما أنه من المقرر، وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز أن: “نشاط القضاء الإداري في وزنه للقرار الإداري وإن كان ينبغي أن يقف عند حد المشروعية أو عدمها في نطاق الرقابة القضائية إلا أنه له الحق في بحث الوقائع التي بُني عليها القرار الإداري بقصد التحقق من مطابقته أو عدم مطابقته للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها، وهذه الرقابة تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت هذه النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً و قانونياً أم لا؛ وأنه ولئن كانت الإدارة ملزمة باتباع قاعدة المساواة في مجال القرارات الإدارية والتي تفرض التماثل في المراكز القانونية باعتبار أن الأفراد متساوون أمام القانون، إلا أنه لا يجوز التحدي بهذه القاعدة لإلزام الإدارة باتخاذ قرار معين قياساً على قرار خاطئ أصدرته لآخر، إذ من المقرر أن مجرد صدور القرار المعيب لا يسبغ عليه المشروعية ولا يطهره من العيوب التي شابته، ولا يجوز الاعتداد به عند إصدار قرار آخر، أو إدخاله كعنصر من عناصره، لأن مخالفة القانون لا تبرر التمادي في الخطأ، لمنافة ذلك مع حسن سير الادارة ومبدأ المشروعية”.
(الطعن بالتمييز رقم 206 لسنة 1992 إداري – جلسة 24/5/1993م – المكتب الفني – السنة 3 – صـ 275)
فضلاً عن أن القرار رقم 3/2011، لم ينشر بالجريدة الرسمية مطلقاً:
حيث تنص المادة 178 من الدستور على أن: “تنشر القوانين في الجريدة الرسمية، في خلال أسبوعين من يوم صدورها، ويعمل بها بعد شهر من تاريخ نشرها. ويجوز مد هذا الميعاد أو قصره بنص خاص في القانون”.
كما تنص المادة 179 من الدستور على أنه: “لا تسري أحكام القوانين
إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبل هذا
التاريخ …”.
وحيث إنه من المقرر، وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز أن: “الأصل أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذها، سواء في إنشائها أو في إنتاجها لآثارها أو في انقضائها، ولا يترتب عليها أثر فيما قبلها من تصرفات قبل هذا التاريخ”.
(الطعن بالتمييز رقم 204 لسنة 2001 مدني ــ جلسة 20/5/2002م)
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أن: “نشر القانون بالجريدة الرسمية – بعد إصداره من السلطة المختصة – هو الطريق الوحيد الذي رسمه المشرع ليتوافر للمخاطبين بأحكامه العلم به، ولا يعذر أحد بعد ذلك بجهله به، ولا يغني عن هذه الوسيلة العلم بالقاعدة القانونية بطريق آخر، ولو توافر العلم اليقيني. ولما كانت قرينة العلم بالقانون أو إمكانية العلم به مفترضة – بعد نشر القانون بالجريدة الرسمية – فإذا انتفى ذلك، لم يعد للافتراض مكان، احتراماً للقاعدة الشرعية أنه “لا تكليف بمستحيل”.
(نقض مدني في الطعن رقم 20821 لسنة 77 قضائية ــ جلسة 10/5/2009م)
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أن: “الأصل أن القرار الإداري يعتبر موجوداً قانوناً بمجرد إصداره، وتلزم جهة الإدارة المختصة بتنفيذه، ولو لم يُنشر، غير أنه لا يُحتج به على الأفراد ولا ينتج أثره في حقهم إلا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية أو بعد إعلانهم به، وذلك حتى لا يلزموا بأمور لم يكن لهم سبيل إلى العلم بها، وحتى لا يطبق القرار بأثر رجعى على الماضي وهو ما يتنافى مع مبادئ العدالة والمشروعية ووجوب حماية الحقوق المكتسبة، وما يقتضيه الصالح العام من استقرار معاملات الأفراد والمحافظة على عوامل الثقة والاطمئنان على حقوقهم”.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 43 لسنة 38 قضائية “إدارية عليا” –
جلسة 28/10/1975م مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 1339)
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان القرار الإداري المطعون عليه قد استند فيما قضى به على القرار رقم 3 لسنة 2011 بشأن إصدار نظام الإدراج في بورصة الأوراق المالية، وكان هذا القرار الأخير رقم 3 لسنة 2011 لم يتم نشره في الجريدة الرسمية مطلقاً، ولم يتم إعلان الشركة الطالبة به، ومن ثم فإن هذا القرار يعد غير نافذ في حق الشركة الطالبة ولا يجوز للهيئة المستأنف ضدها الأولى أن تحتج بهذا القرار في مواجهة الشركة الطالبة التي لم تعلم به ولم تُعلن به، ولم يتم نشره بالجريدة الرسمية، ومن ثم فهو غير نافذ قانوناً في حقها، ولا يرتب أي أثرٍ على الوقائع التي تحدث قبل نشره (الذي لم يحدث حتى اليوم).
ولا يؤثر في سلامة ما سبق الزعم بأن القرار الإداري المطعون عليه قد تضمن في متنه الإشارة إلى القرار رقم 3 لسنة 2011، وهو ما يعد تنويهاً للطالبة عن هذا القرار، حيث إن هذا الزعم مردود عليه بالتالي:
– إن الإشارة إلى القرار رقم 3 لسنة 2011 ضمن القرار المطعون عليه لا تعد بأي حال من الأحوال إعلاناً قانونياً عن القرار رقم 3 لسنة 2011 بما تضمنه من نصوص وأحكام وقواعد جوهرية.
ولا سيما أنه يُشترط في العلم بالقرار الإداري أن: “يكون علم صاحب الشأن بالقرار علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً بحيث يكون شاملاً لجميع محتويات هذا القرار ومؤداه، حتى يتيسر له بمقتضى هذا العلم أن يحدد مركزه القانوني من القرار”.
(حكم المحكمة الإدارية في الطعن رقم 201 لسن 18 “إدارية عليا” – جلسة 24/4/1977م مجموعة المكتب الفني – السنة 22 – صـ 58)
– كما أنه وبفرض اتصال علم الطالبة بالقرار رقم 3 لسنة 2011 نتيجة للإشارة إليه ضمن القرار المطعون عليه – وهذا الفرض الجدلي مخالف تماماً للحقيقة والواقع – فإن القواعد العامة تقتضي ألا يطبق القرار المشار إليه على الشركة الطالبة بأثر رجعي (قبل تاريخ إعلانها بذلك القرار)، حيث لا يبدأ أثره إلا من تاريخ نشره قانوناً في الجريدة الرسمية أو من تاريخ إعلانه قانوناً للشركة الطالبة متضمناً أحكامه وقواعده حتى يتيسر لها – بمقتضى هذا العلم وتلك الإحاطة بأحكام وقواعد القرار المذكور – أن تحدد مركزها القانوني منه.
وعليه يكون القرار الإداري المطعون عليه قد صدر مشوباً بعيب مخالفة القانون، لاستناده إلى قرار غير نافذ في حق الشركة الطالبة لعدم نشره في الجريدة الرسمية وعدم إعلانه لها، كما يكون قد جاء مفتقداً لسنده القانوني الصحيح (لمجاوزة مضمونه ومخالفتها للقانون ولائحته التنفيذية)، خليقاً – والحال كذلك – بالإلغاء.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطاء في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.
لا سيما وأن ما أورده الحكم المستأنف – رداً على هذا الدفاع الجوهري الذي يتغير به وجه الرأي في الدعوى وتمسكت به الشركة الطاعنة أمام محكمة أول درجة على وجه الجزم – هو رد مخالف لحقيقة الواقع وصحيح القانون، إذ أورد الحكم المستأنف أن قرار إلغاء الإدراج بحق الشركة المدعية (الطالبة) لا يعدو أن يكون إجراءً تنظيمياً ولا يمثل عقوبة ولم يأتِ كجزاء على مخالفة مرتكبه من قِبل الشركة المدعية (الطالبة)؟؟!!
ويدحض هذا الزعم – الذي زعمه الحكم المستأنف – أن ما تواتر عليه قانون هيئة أسواق المال ولائحته التنفيذية من النص على:
– تنص المادة 42 من قانون هيئة أسواق المال، والمادة 84 من لائحته التنفيذية، على أن: “تُشكل بالبورصة لجنة تختص بالنظر في المخالفات التي يرتكبها أحد أعضائها، وللجنة أن توقع “الجزاءات” التالية: … 7/ وقف تداول ورقة مالية فترة زمنية محددة”.
فإذا كان (وقف تداول ورقة مالية فترة زمنية محددة) هو “جزاء” وفق صريح نص القانون، فكيف يتسنَّى للحكم المستأنف أن يزعم أن إلغاء الإدراج بالكلية هو إجراء تنظيمي وليس جزاءً؟؟!!.
– كما نصت المادة 146 من القانون ذاته، والمادة 436/فقرة 7 وفقرة 8 وفقرة 15 (في الفصل الحادي عشر الخاص بـ”العقوبات والجزاءات التأديبية”) من اللائحة التنفيذية، على أنه: “لمجلس التأديب – بعد التحقق من المخالفة – أن يوقع أياً من “الجزاءات” التالية: … 7/ وقف الترخيص لمدة لا تجاوز ستة أشهر. 8/ إلغاء الترخيص … 16/ وقف تداول ورقة مالية لفترة محدودة، أو تعليق أو إلغاء قرار إدراج ورقة مالية قبل نفاذه …”.
فإذا كان (وقف الترخيص لمدة لا تجاوز ستة أشهر) و (إلغاء الترخيص) و (وقف تداول ورقة مالية فترة زمنية محددة أو تعليق أو إلغاء قرار إدراج ورقة مالية قبل نفاذه) هو “جزاء” وفق صريح نص القانون، فكيف يتسنى للحكم المستأنف أن يزعم أن إلغاء الإدراج بالكلية هو إجراء تنظيمي وليس جزاءً؟؟!!.
– وبنفس المنطق، إذا كان المشرع قد نص صراحة على أن “إلغاء الترخيص” – هو عقوبة وجزاء – فكيف يتسنى للحكم المستأنف أن يخلع عنه هذا الوصف، بزعم أنه من إطلاقات الجهة الإدارية، بدعوى أن من يملك إصدار الترخيص يملك إلغائه؟!
ويدحض هذا الزعم الذي ذهب إليه الحكم المستأنف، ما جرى عليه قضاء التمييز من أنه: “من المقرر أن جهة الإدارة في أدائها لوظيفتها إنما تعبر عن إرادتها بقرارات قد تصدر بناء على سلطة تقديرية حيث يخولها القانون الحرية في أن تتدخل أو تمنح واختيار وقت هذا التدخل وكيفية وفحوى القرار الذى تتخذه، وإما أن تكون سلطتها في شأنه مقيدة ويكون ذلك في المجال الذى لم يترك فيه المشرع لها حرية التقدير من حيث المنح أو الحرمان، فيفرض عليها بطريقة آمرة التصرف الذى يجب عليها اتخاذه متى توافرت الضوابط الموضوعية في خصوصه وقرارها الصادر في هذا الشأن ليس قراراً إدارياً مُنشئاً لمركز قانوني وإنما هو مجرد قرار تنفيذي يقرر الحق الذى يستمده الفرد من القانون مباشرة وليس من القرار الذى يتعين على الجهة المختصة أن تصدره متى توافرت في صاحب الشأن الشروط المتطلبة قانوناً ويقتصر دورها في التحقق من توافر تلك الشروط”.
(الطعن بالتمييز رقم 206 لسنة 1992 إداري – جلسة 24/5/1993م – مجموعة المكتب الفني – السنة 7 – صـ 155)
كما تواتر قضاء التمييز على أنه: “من المقرر أن الجهة الإدارية في أدائها لوظيفتها إما تعبر عن إرادتها بقرار قد تصدر بناء على سلطة تقديرية أو سلطة مقيدة، فيُفرض عليها بطريقة آمرة التصرف الذي يجب عليها اتخاذه متى توافرت الضوابط الموضوعية في خصوصه. وقرارها الصادر في هذا الشأن ليس قراراً إدارياً منشئاً لمركز قانوني وإنما هو مجرد قرار تنفيذي يقرر الحق الذي يستمده الفرد من القانون مباشرة وليس من القرار الذي يتعين على الجهة المختصة أن تصدره متى توافرت في صاحب الشأن الشروط المتطلبة قانوناً ويقتصر دورها في التحقيق من توافر تلك الشروط. وتتمثل في رقابة القضاء في خصوصه في التأكد من مطابقة محل القرار الإداري لأحكام القانون وما إذا كانت الإدارة قد التزمت في تصرفها أحكامه من عدمه”.
(الطعن بالتمييز رقم 211 لسنة 1997 إداري – جلسة 22/6/1998م مجموعة المكتب الفني – السنة 2 – صـ 353)
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كانت سلطة المعلن إليه الأول في شأن إدراج الشركات في بورصة الأوراق المالية سلطة مقيدة فلم يترك المشرع لها حرية التقدير من حيث المنح أو الحرمان، وإنما فرض عليها بطريقة آمرة التصرف الذى يجب عليها اتخاذه متى توافرت الضوابط الموضوعية في خصوصه، ومن ثم فإن قرارها الصادر في هذا الشأن ليس قراراً إدارياً مُنشئاً لمركز قانوني وإنما هو مجرد قرار تنفيذي يقرر الحق الذى يستمده الفرد من القانون مباشرة وليس من القرار الذى يتعين على الجهة المختصة أن تصدره متى توافرت في صاحب الشأن الشروط المتطلبة قانوناً، ويقتصر دورها في التحقق من توافر تلك الشروط، وتتمثل رقابة القضاء في خصوصه في التأكد من مطابقة محل القرار الإداري لأحكام القانون وما إذا كانت الإدارة قد التزمت في تصرفها أحكامه من عدمه، وليس التقرير – كما ذهب الحكم المستأنف – بأن من يملك إصدار الترخيص يملك إلغاؤه.
– كما تنص المادة 147 من ذات القانون، والمادة 443 من لائحته التنفيذية، على أنه: “يجوز لكل من صدر بحقه جزاء من الجزاءات المنصوص عليها في هذا القانون التظلم منه …”.
فإذا كانت هيئة سوق المال قد وقعت جزاءً على الشركة الطالبة، وتظلمت منه الشركة الطالبة، وعند رفض تظلمها، أقامت الدعوى المستأنف حكمها، وقد قبلها الحكم المستأنف شكلاً، فكيف له – بعد كل ذلك – أن يعتبر ما وقع على الشركة الطالبة بمثابة (إجراء تنظيمي) وليس (جزاءً)؟ وهل الإجراءات التنظيمية يتم التظلم منها، وفي حالة رفض التظلم تقام الدعاوى طعناً عليها؟!.
– وفي مسلسل اللا معقول واللا قانوني استطرد الحكم المستأنف في تكيفاته القانونية الخاطئة بزعمه أن “نشر” القرار ليس لنفاذ القرار وإنما هو “لانفتاح مواعيد الطعن” عليه؟!
بينما من المستقر عليه قانوناً أن النشر في الجريدة الرسمية هو الطريق الوحيد الذي رسمه المشرع ليتوافر للمخاطبين بالنصوص العلم بها، ولا يعذر أحد بعد ذلك بجهله بها، ولا يغني عن هذه الوسيلة العلم بذلك النص بطريق آخر، ولو توافر العلم اليقيني. ولما كانت قرينة العلم بالقانون أو إمكانية العلم به مفترضة – بعد نشر القانون بالجريدة الرسمية – فإذا انتفى ذلك، لم يعد للافتراض مكان، احتراماً للقاعدة الشرعية أنه “لا تكليف بمستحيل”.
فإذا كان القرار الإداري يعتبر موجوداً قانوناً بمجرد إصداره، وتلزم جهة الإدارة المختصة بتنفيذه، ولو لم ينشر، غير أنه لا يحتج به على الأفراد ولا ينتج أثره في حقهم إلا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية أو بعد إعلانهم به، وذلك حتى لا يلزموا بأمور لم يكن لهم سبيل إلى العلم بها، وحتى لا يطبق القرار بأثر رجعى على الماضي وهو ما يتنافى مع مبادئ العدالة والمشروعية ووجوب حماية الحقوق المكتسبة، وما يقتضيه الصالح العام من استقرار معاملات الأفراد والمحافظة على عوامل الثقة والاطمئنان على حقوقهم.

عدم مشروعية القرار الإداري:

حيث تواتر قضاء محكمة التمييز على أن: “قضاء الإلغاء هو بالأساس قضاء مشروعية، وذلك من وجهة تسليط رقابة القاضي الإداري على القرارات الإدارية المطعون فيها استظهاراً لمدى انضباطها في إطار المشروعية الحاكمة، وذلك بوزنها بميزان القانون، فيلغيها إن تلمس مجاوزة القرار لهذا الإطار، ووجه ذلك إما مخالفة أحكام القانون، أو تجاوز ما يتعين استواء تصرفات الإدارة على هدي من شرعيته، وإما انحرافه عن جادة الصالح العام الذي هو المبرر والغاية لعمل الإدارة وتدخلها، ومن هذه الوجهة تتحدد الطبيعة العينية للخصومة التي تنطوي عليها دعوى الإلغاء، إذ يتجلى القرار الإداري موضوع الخصومة أصلاً وجوهراً ومحلاً للمنازعة، فتنصرف إليه، وتتحدد بنطاقه، وتدور معه، فتلتحم به ولا تنفك عنه”.
(الطعن بالتمييز رقم 646 لسنة 2002 إداري ــ جلسة 26/5/2003م)
(والطعن بالتمييز رقم 437 لسنة 2002 إداري/1 ــ جلسة 26/5/2003م)
الجزاء على عدم مشروعية القرار الإداري: حيث تواتر قضاء محكمة التمييز على أن: “دعوى الإلغاء هي دعوى عينية، تحمي المراكز القانونية العامة، تبنى أساساً على التصدي للقرار المخالف للمشروعية، ولا تثير خصومة شخصية، ولكنها مخاصمة للقرار غير المشروع في ذاته لرده إلى حكم القانون الصحيح حماية لمبدأ المشروعية”.
(الطعن بالتمييز رقم 233 لسنة 1997 إداري – جلسة 20/4/1998م – المكتب الفني – السنة 2 – صـ 305)
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أن: “إن السحب الإداري والإلغاء القضائي كليهما جزاء لمخالفة مبدأ المشروعية، يؤدى إلى إنهاء القرار بأثر رجعي اعتباراً من تاريخ صدوره”.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1520 لسنة 7 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 2/1/1966م مجموعة المكتب الفني – السنة 11 – صـ 263)
لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن القرار الإداري المطعون فيه قد خالف مبدأ المشروعية، باستناده إلى قرار لائحي مخالف للقانون وللائحته التنفيذية، ولم يتم نشره بالجريدة الرسمية، ومن ثم فهو قرار مفتقد لسنده القانوني الصحيح، لذا يتعين معه – والحال كذلك – القضاء بإلغائه حماية للشرعية وصوناً لمبدأ المشروعية، بما يترتب عليه من آثار باعتباره كأن لم يكن من تاريخ صدوره، مما تكون معه الدعوى الماثلة قد جاءت على سندٍ من حقيقة الواقع وصحيح القانون خليقة بالقبول وإجابة الشركة الطالبة إلى طلباتها فيها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.

= السبـــب الثالث = إخلال الحكم المستأنف بحق الدفاع:

حيث إن الشركة المستأنفة طلبت في صحيفة افتتاح دعواها المستأنف حكمها – على سبيل الاحتياط الكلي – إحالة الدعوى للخبرة الفنية لإثبات وقائع مادية ولإثبات أن عدم تداول أسهمها لم يكن راجعاً إليها وإنما إلى المعلن إليه الأول بصفته وتقصيره في أداء مهامه وبطئ الإجراءات بهيئة مفوضي أسواق المال.
إلا أن الحكم المستأنف رفض ذلك الطلب زاعماً أن المحكمة غير ملزمة بالإحالة إلى الخبرة، ولما كان هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه يُعد إخلالاً بحق الدفاع الذي كفله الدستور والقانون للمتخاصمين، حيث إنه من المقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء النقض – أن: “المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفي دفاع جوهري بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانوناً، هو حق له يتعين على محكمة الموضوع إجابته له متى كانت هذه الوسيلة منتجة في النزاع، كما يجب على محكمة الموضوع أن تعرض لما أستند إليه الخصم من أوراق ومستندات ووقائع وتقول رأيها في شأن دلالتها إيجاباً أو سلباً، وإذ استلزم تأكيد هذه الدلالة أو نفيها الالتجاء إلى أهل الخبرة أو الإحالة إلى التحقيق وطلب الخصم ذلك، فإن عدم استجابتها لهذا الطلب يكون إخلالاً بحق الدفاع”.
(نقض مدني في الطعن رقم 903 لسنة 65 قضائية – جلسة 2/2/2002م)
ولما كانت الوقائع التي تثبت الدفاع الجوهري للشركة المستأنفة بشأن إثبات أن عدم تداول أسهمها لم يكن راجعاً إليها وإنما إلى المعلن إليه الأول بصفته وتقصيره في أداء مهامه وبطئ الإجراءات بهيئة مفوضي أسواق المال، وقد طلبت الشركة المستأنفة من محكمة أول درجة تمكينها من إثبات ذلك بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانوناً، بإحالتها إلى الخبرة الفنية – حيث كان الالتجاء إلى الخبرة هو وسيلتها الوحيدة المتاحة أمامها لإثبات ذلك – وهو حق لها كان يتعين على محكمة أول درجة إجابتها له متى كانت هذه الوسيلة منتجة في النزاع، ومن ثم يعد رفض الحكم المستأنف إحالة الدعوى للخبرة لتمكين الشركة المستأنفة من إثبات عناصر دعواها، إخلالاً بحقها في الدفاع، بما يعيبه ويستوجب إلغاؤه.
فلهذه الأسباب، وللأسباب الأخرى التي سوف تبديها الشركة الطالبة في مرافعاتها الشفهية ومذكراتها المكتوبة، ولما تراه عدالة محكمة الاستئناف من أسباب أصوب وأرشد.

= بنــاءً عليـه =

أنـا منـدوب الإعلان السالف الذكر قـد انتقلت فـي تاريخـه أعلاه إلى حيث مقـر المعلن إليهما، وأعلنتهما، وسلمت لكل واحد منهما صورة من صحيفـة هذا الاستئناف، وكلفتهـما بالحضور أمام محكمة الاستئناف الكائن مقرهـا بقصر العدل ــ الدائـرة: استئناف إداري/ 00 “أسواق مال”، بجلستها التي ستنعقد بها علناً في تمام الساعة الثامنة وما بعدهـا من صباح يوم 0000 الموافق 00/00/0000م ليسمع المعلن إليهما الحكـم ضدهما:

أولاً: بقبول هذا الاستئناف شكلاً.
ثانياً: وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجدداً:
أ) أصليـاً:
1- فـي الشـق المستعجـل: بوقف تنفيذ القرار الإداري الصادر عن مجلس مفوضي هيئة أسواق المال باجتماعه رقم 00/0000 والمعلن للمستأنفة بتاريخ 00/00/0000م بإلغاء إدراج أسهم الشركة المستأنفة في سوق الكويت للأوراق المالية، وذلك بصفة مؤقتة، لحين الفصل في موضوع الاستئناف الماثل.
2- وفي الموضوع: بإلغاء القرار الإداري المطعون عليه، كونه استند إلى القرار رقم 3 لسنة 2011 بشأن إصدار نظام الإدراج في بورصة الكويت للأوراق المالية، وهو قرار لائحي، لم يُنشر في الجريدة الرسمية، ومخالف – في مضمونه وجزاءاته – للقانون رقم 7 لسنة 2010 ولائحته التنفيذية.
ب) واحتياطياً: بإلغاء القرار الإداري الصادر عن مجلس مفوضي هيئة أسواق المال باجتماعه رقم 00/0000 والمعلن للمستأنفة بتاريخ 00/00/0000م بإلغاء إدراج أسهم الشركة المستأنفة في سوق الكويت للأوراق المالية، وذلك لبطلانه كونه صدر عن جهة غير مختصة.
ج) وعلى سبيل الاحتياط الكلي: (وعلى الترتيب التالي):
1- بإلغاء القرار الإداري الصادر عن مجلس مفوضي هيئة أسواق المال باجتماعه رقم 00/0000 والمعلن للمستأنفة بتاريخ 00/00/0000م بإلغاء إدراج أسهم الشركة المستأنفة في سوق الكويت للأوراق المالية، وذلك لبطلانه كونه صدر معيباً بعيب الشكل ومخالفة القانون.
2- بندب أحد خبراء وزارة العدل تكون مهمته: الاطلاع على أوراق ومستندات الدعوى وما قد يقدمه له الخصوم، وبيان ما قامت به الشركة المستأنفة نحو تقديم كافة البيانات المالية والمدققة خلال المواعيد المقررة سعياً منها لاستئناف تداولها، وعما إذا كان سبب عدم التداول يرجع إلى إخلال من الشركة المستأنفة بواجباتها، أم يرجع إلى المستأنف ضده الأول وتقصيره في أداء مهامه وبطء الإجراءات بهيئة مفوضي أسواق المال، وبيان سند المستأنف ضده الأول فيما زعمه في التظلم المرفوض منه بتاريخ 00/00/0000م بعدم إثبات الشركة المستأنفة أنها قد اتخذت الإجراءات اللازمة لاستئناف تداول أسهمها.
د) وفي جميع الأحوال: بإلزام المستأنف ضدهما بصفتيهما المصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية عن درجتي التقاضي”.
مع حفظ كافـة الحقوق الأخرى للشركة الطالبة، أياً ما كانت.

ولأجــل العلـــم/

نموذج استئناف حكم بإلغاء قرار إداري من هيئة أسواق المال الكويتية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *