الأثر الموقف للإستئناف في قانون المرافعات

الأثر الموقف للإستئناف في قانون المرافعات.

ان مجرد مراجعة طريق الطعن الاستئنافي بحق الحكم المودع للتنفيذ يؤدي الى تأخير تنفيذه الا اذا كان الحكم المستأنف مشتملاً على قرار بالتنفيذ المعجل ، اذ ان وقوع الطعن لا يمنع من ايداع الحكم لدى مديرية التنفيذ ولا يمنع من القول بان السند التنفيذي يؤخر التنفيذ .

ومن خلال تتبع موقف المشرع العراقي بصدد الاثر الموقف للاستئناف نجد ان الفقرة الاولى من المادة (53) من قانون التنفيذ العراقي النافذ قد نصت على انه ” يجوز تنفيذ الحكم خلال مدة الطعن القانونية الا ان التنفيذ يؤخر اذا ابرز المحكوم عليه استشهاداً بوقوع الاعتراض على الحكم الغيابي او الاستئناف او بوقوع التمييز اذا كان الحكم متعلقاً بعقار “.

ومن خلال تفحص هذه المادة نجد انها اجازت تنفيذ الحكم المستأنف خلال مدة الطعن ومع ذلك فقد وجد من الواقع العملي ان مديريات التنفيذ تشترط لتنفيذ الحكم المستأنف تبليغ المحكوم عليه بالحكم المستأنف قبل تنفيذه ، لذا فان قانون التنفيذ لم يشترط ان تكون الاحكام القضائية قطعية او نهائية لامكان قبول تنفيذها ضد المحكوم عليه ،

كما انه لم يفرق بين الحكم المكتسب للدرجة القطعية وغير المكتسب للدرجة القطعية ، سواء اكتسب الحكم هذه الصفة بمضي المدة القانونية ام بتصديق المحكمة(23) ، اما اذا وقع الاستئناف على الحكم البدائي فأن ذلك يؤدي الى تأخير تنفيذ الحكم وهذا ما اكدته المادة (194/ف1) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ بقولها

” استئناف الحكم يؤخر تنفيذه الا اذا كان مشمولاً بالنفاذ المعجل فيستمر التنفيذ ما لم تقرر المحكمة عند نظر الاستئناف الغاء القرار الصادر بالنافذ المعجل ”  وهكذا يتضح ان استئناف الحكم يؤخر تنفيذه في دائرة التنفيذ ، ولكن اذا كان الحكم المستأنف مشتملاً على قرار التنفيذ المعجل فأن دائرة التنفيذ تستمر بالتنفيذ الا اذا قررت محكمة الاستئناف الغاء القرار بالتنفيذ(24)،

من قبل محكمة البداءة بالنفاذ المعجل حسب تقديرها على وفق القواعد المعروضة امامها(25) ، واذا كان المحكوم له قد نفذ الحكم البدائي في دائرة التنفيذ ، وقامت دائرة التنفيذ ببعض الاجراءات التنفيذية ، ثم استأنف المحكوم عليه الحكم لدى محكمة الاستئناف وابرز استشهاداً بذلك فأن دائرة التنفيذ تقرر تأخير التنفيذ الى نتيجة الحكم الاستئنافي”(26).

وقد يتصور ان هناك تعارضاً بين نص المادة (194/ف1) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ والمادة (53) من قانون التنفيذ العراقي النافذ ، ذلك ان الاخيرة اجازت تنفيذ الحكم خلال مدة الطعن القانونية دون الحاجة الى النص فيه على انه مشمول بالنفاذ المعجل الا انها نصت على ان الاجراءات التنفيذية تتوقف ،

اذا طعن المحكوم عليه بالحكم المنفذ بطرق الاعتراض على الحكم الغيابي او بطريق الاستئناف او بطريق التمييز اذا كان الحكم المنفذ متعلقاً بعقار ، او صدر قرار من محكمة مختصة يوقف تنفيذ ذلك الحكم . والسؤال الذي يشير بوجود التناقض ، اذا نفذ المحكوم له الحكم المستأنف المشمول بالنفاذ المعجل ، وطعن المحكوم عليه بالاستئناف ، فهل تستمر مديرية التنفيذ بالاجراءات التنفيذية تطبيقاً لنصوص المواد (164 و 165 و 194) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ ام توقف الاجراءات التنفيذية تطبيقاً لنص المادة (53) من قانون التنفيذ؟ ذهب احد الفقهاء(27) ،

الى تغليب المادة (165) من قانون المرافعات المدنية بالنسبة للحالات المشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون ، وبإمكان من يطلب وقف تنفيذ الاجراءات التنفيذية عند الطعن بالاحكام المشمولة بالنفاذ المعجل بحكم القانون ، ان يتقدم بطلبه هذا الى المحكمة التي تنظر الطعن ، فهي التي تقرر وقف اجراءات التنفيذ او رفض الطلب حسب مقتضيات كل حالة.

ونعتقد بأن الرأي الاول الذي يشترط توقف الاجراءات التنفيذية تطبيقاً لنص المادة (53) من قانون التنفيذ العراقي النافذ ، جدير بالتأييد ذلك ان قانون التنفيذ هو قانون خاص بالنسبة لقانون المرافعات والخاص يقيد العام هذا من جهة .

أما من جهة اخرى فأننا نلاحظ ومن خلال متابعة موقف القضاء العراقي بصدد تلك المسألة أنه قد اخذ بأحكام المادة المشار اليها اعلاه ولم يشر الى المواد (164، 165 ، 194) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ في حالة اذا ما نفذ المحكوم له الحكم المستأنف المشمول بالنفاذ المعجل ، وطعن المحكوم عليه بالاستئناف ، ولو ضمناً .

وللقضاء العراقي قرارات عديدة انصبت جميعها على ان الطعن بطريق الاستئناف يؤخر تنفيذه سواء تعلق بعقار ام حقوق شخصية فقد قضت محكمة استئناف منطقة ذي قار بصفتها التمييزية في احد قراراتها والذي جاء في مضمونه : ” لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية قرر قبوله شكلاً ،

ولدى عطف النظر على القرار المميز وجد انه مخالف للقانون وذلك بعد ان ثبت بأن المدين طعن بالحكم المميز استئنافاً وان الطعن بالحكم المنفذ عن طريق الاستئناف يؤخر التنفيذ مطلقاً سواء كان ذلك متعلقاً بعقار ام بحقوق شخصية عملاً باحكام المادة (53) فقرة اولاً من قانون التنفيذ عليه قرر نقض القرار المميز واعادة الاضبارة الى مديرية التنفيذ لاتباع ما تقدم وصدر القرار بالاتفاق.. “(28).  اما عن موقف القوانين المقارنة فيما يخص الاثر الموقف للاستئناف ،

فنلاحظ ان القاعدة في القانون المصري ان قابلية الحكم للطعن فيه بالاستئناف مانعة من تنفيذه فيما عدا حالات النفاذ المعجل فتنفيذ الحكم يبقى موقوفاً ما بقى ميعاد الطعن فيه بالاستئناف ممتداً(29)، فأن رفع الاستئناف يبقي التنفيذ موقوفاً الى ان يفصل في الاستئناف بحكم في موضوعه او بحكم يزيل الخصومة في الاستئناف(30).‑

ويلاحظ ان المشرع المصري لم يورد نصاً قانونياً يتعلق بالاثر الموقف للاستئناف اسوة بالنص الذي اورده بشأن الاثر الناقل للاستئناف(31).

اما فيما يتعلق بموقف القانون الاردني ، فبموجب المادة (19) من قانون الاجراء الاردني النافذ ذي الرقم (31) لسنة 1952 اعطى المشرع الاردني لدائرة الاجراء صلاحية اصدار قرارها بتأخير تنفيذ الحكم المودع لديها للتنفيذ اذا ما ابرز لها ما يؤيد الطعن فيه عن طريق الاستئناف(32)، ويستثنى من ذلك الاحكام المعجلة واحكام النفقة(33).

في حين سار القانون اللبناني على نهج القوانين المقارنة ، حيث نص على جواز ايقاف التنفيذ المعجل عن طريق محكمة الاستئناف ، وفي جميع الاحوال فيما اذا أستؤنف الحكم المعجل للتنفيذ(34)..

ولمحكمة الاستئناف اللبنانية ايقاف ذلك التنفيذ أياً كان نوعه وسواء اكان وجوبياً ام اختيارياً وذلك بناءً على طلب الخصم صاحب المصلحة اذا كان واضحاً ان النتائج التي سترتب على التنفيذ تتجاوز الحدود المعقولة بالنظر الى ظروف القضية او اذا كانت اسباب الطعن في الحكم يرجع معها فسخه(35).

وتجدر الاشارة الى ان القوانين العربية المقارنة الاخرى قد عدت الاثر الموقف من اهم الاثار التي يرتبها رفع الطعن الاستئنافي(36)، وفيما يتعلق بموقف المشرع الفرنسي من ذلك الاثر فقد عده من اهم المبادئ التي نص عليها المرسوم الفرنسي الصادر عام 1972 وكذلك قانون الاجراءات المدنية الفرنسي النافذ(37)،

فالأصل في هذا القانون عدم امكانية تنفيذ القرار الصادر من محكمة الدرجة الاولى (باستثناء التنفيذ المؤقت) الا ان هذا الامر مشروطاً بعدم وجود أي اعتداء على حقوق المستأنف عليه الناشئة من الحكم البدائي(38). ويلاحظ ان الطعن الاستئنافي لا يكون له أي اثر موقف ضد قرار قاضي التنفيذ مع الاخذ بنظر الاعتبار ان وقف التنفيذ في القانون الفرنسي يقدم بطلب الى رئيس محكمة الاستئناف (39).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

23- د. سعدون ناجي القشطيني ، شرح احكام المرافعات ، ج1 ، مطبعة المعارف ، بغداد، 1976، ص379. 

24- صادق حيدر ، شرح قانون المرافعات المدنية ، محاضرات مسحوبة بالرونيو ، القيت على طلبة المعهد القضائي العراقي ، بغداد ، 1986 ، ص352؛ و د.آدم وهيب النداوي ، قانون المرافعات المدنية، مصدر سابق ، ص373. 

25- مدحت المحمود ، ج2 ، مصدر سابق ، ص96. 

26- ضياء شيت خطاب ، بحوث ودراسات في قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969، مطبعة الجيلاوي ، بغداد ، 1970 ، ص314؛ وعبد الرحمن العلام ، ج3 ، مصدر سابق ، ص427. 

27- مدحت المحمود ، ج2 ، مصدر سابق ، ص30. 

28- قرار محكمة استئناف منطقة ذي قار بصفتها التمييزية المرقم 203/ت/ تنفيذية / 2000 في 8/7/2000، مشار اليه في مجلة العدالة ، مجلة فصلية تصدرها وزارة العدل في جمهورية العراق ، العدد الثاني ، لسنة 2001 ، ص181. 

29- انظر المادة (287) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري النافذ. 

30- د. رمزي سيف ، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ط8 ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1968، ص835؛ ود. نبيل اسماعيل عمر ، الطعن بالاستئناف واجزائه في المواد المدنية والتجارية ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 1980، ص665 وما بعدها . 

31- انظر المادة (232) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري النافذ. 

32- د. سعيد عبد الكريم مبارك ، التنظيم القضائي واصول المحاكمات المدنية في التشريع الاردني، ط1 ، جامعة اليرموك الاردنية ، الاردن ، 1996، ص229. 

33- وذلك استناداً للمادة (152) من قانون اصول المحاكمات الشرعية الاردني النافذ ذي الرقم (31) لسنة 1959 . لمزيد من التفصيل . انظر : د. سعيد عبد الكريم مبارك ، شرح احكام قانون الاجراء الاردني، ط1 ، جامعة اليرموك الاردنية ، عمان ، 1996 ، ص85. 

34- المادة (577) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني النافذ . 

35- د. احمد ابو الوفا ، المستحدث في قانون اصول المحاكمات المدنية ، اللبناني الجديد ، الدار الجامعية ، بيروت ، 1986، ص69. 

36- المادة (210) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني النافذ ؛ والفصل (147) من قانون المسطرة المدنية المغربي النافذ .. هذا وان القضاء المغربي مستقر على ان الاستئناف يوقف التنفيذ ، انظر قرار المجلس الاعلى المغربي بتاريخ 1/6/1977 ، مشار اليه عند : حسن الفكهاني وسعيد الفكهاني ، التعليق على نصوص المسطرة المدنية المغربي ، ج3 ، ط1 ، الدار العربية للموسوعات ، القاهرة ، 1993 ، ص57 . 

37- المادتان (539 و 569) من قانون الاجراءات المدنية الفرنسي النافذ. 

38- Jean Larguier et philippe Conte، Op. Cit.، p. 141.

39- Jean Vincent et Serge Guinchard، Op. Cit.، pp. 961-964.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *