الأموال في قانون التنفيذ المصري بين جواز التنفيذ عليها وعدمه – بحث قانوني متكامل

الأموال في قانون التنفيذ المصري بين جواز التنفيذ عليها وعدمه – بحث قانوني متكامل

 

لا يكفي لإمكان إجراء التنفيذ الجبري أن يكون بيد طالب التنفيذ سند تنفيذي، وأن يكون التنفيذ اقتضاءً لحق توافرت فيه الشروط التي يتطلبها القانون، وإنما يجب ألا يكون المال المراد التنفيذ عليه من الأموال التي منع المشرع التنفيذ عليها.

ويحسن قبل بيان الأموال التي لا يجوز التنفيذ عليها أن نشير إلى بعض القواعد العامة التي يقوم عليها نظام التنفيذ في القانون المصري، من حيث الأموال التي يجوز التنفيذ عليها، وأهم هذه القواعد أربع:
القاعدة الأولى:
إن الأصل أن جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه، وينبني على ذلك أن الأصل هو جواز التنفيذ على كل أموال المدين وأن الاستثناء هو عدم جواز التنفيذ عليها فليس على الدائن المنفذ أن يثبت أن الأموال الحاصل التنفيذ عليها مما يجوز التنفيذ عليها، وإنما على من يدعي أن التنفيذ على مال معين غير جائز أن يقيم الدليل على أن هذا المال من الأموال التي منع المشرع التنفيذ عليها. وهذه القاعدة مستفادة من نص القانون المدني على أن (أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه) (م 234 فقرة أولى من التقنين المدني الجديد).

 القاعدة الثانية:
الأصل أن الدائن حر في أن يختار ما يشاء من أموال المدين لإجراء التنفيذ عليه، فله أن يبدأ بالتنفيذ على العقار قبل المنقول وأن يبدأ بمال ولو كان التنفيذ عليه أكثر كلفة على المدين من التنفيذ على غيره [(84)].

 القاعدة الثالثة:
ينبني على القاعدة المتقدمة أنه لا يشترط التناسب بين قيمة دين الدائن المنفذ وبين قيمة المال الحاصل التنفيذ عليه، وأن للدائن بدين مهما صغرت قيمته أن ينفذ على أي مال للمدين مهما كبرت قيمته، وأساس هذه القاعدة أن شروع الدائن في التنفيذ على مال من أموال المدين لا يمنع غيره من دائني المدين من التدخل في التنفيذ والاشتراك في قسمة ثمن المال الذي حصل التنفيذ عليه، كما أنه لا يعطي للدائن السابق في التنفيذ امتيازًا على غيره من الدائنين المنفذين اللاحقين، ولذلك لم يكن من المقبول أن يشترط المشرع التناسب بين قيمة دين الدائن المنفذ وبين قيمة المال الحاصل التنفيذ عليه ما دام لكل دائن آخر أن يتدخل في التنفيذ، وأن يشترك مع الدائن الذي شرع في التنفيذ أولاً، على قدم المساواة، في قسمة ثمن العين الحاصل التنفيذ عليها [(85)] وإذا كانت القاعدة المتقدمة قد اقتضتها رعاية مصلحة الدائن المنفذ في الحصول على كامل دينه، فقد حاول المشرع أن يخفف من وطأتها على المدين بوسائل شتى تختلف باختلاف طرق التنفيذ، وأهم هذه الوسائل الكف عن البيع في حجز المنقول (م 534 من قانون المرافعات الجديد)، والإيداع مع التخصيص في حجز ما للمدين لدى الغير (م 559، 560)، ونظام وقف إجراءات التنفيذ بالنسبة لبعض العقارات في التنفيذ على العقار (645).

 القاعدة الرابعة:
إذا كان الأصل أن الدائن حر في أن يبدأ بالتنفيذ على ما يشاء من أموال مدينه، فقد قيد القانون الجديد حريته هذه في حالة ما إذا كان للدائن ضمان خاص على بعض أموال المدين، فمنعه من التنفيذ على أمواله الأخرى غير ما خصص لوفاء حق الدائن إلا إذا كان ما خصص للوفاء به غير كافٍ، وعندئذ يكون التنفيذ على غير ما خصص بأمر على عريضة من قاضي الأمور الوقتية (م 489) [(86)]، ويستوي أن يكون عدم الكفاية قائمًا وقت نشوء الدين أو أن يكون طارئًا فيما بعد.
وعلة هذا القيد أنه وإن كان يحد من حرية الدائن فهو لا يضر بمصلحته، إذ المعقول أنه ما دام للدائن ضمان خاص على مال للمدين يكفي للوفاء بالدين فلا محل للتنفيذ على مال آخر ومزاحمة الدائنين العاديين مزاحمة غير مشروعة.

وتطبيقًا للقاعدة المتقدمة، إذا أراد دائن مرتهن، سواء كان الرهن مقررًا على منقول أو عقار، أن ينفذ على غير المال المقرر عليه الرهن فلا يجوز له ذلك إلا إذا كان المال المرهون لا يكفي للوفاء بدينه، بشرط الحصول على إذن بالتنفيذ من قاضي الأمور الوقتية، والحكمة من الإذن هي ضمان التأكد من عدم كفاية المال المخصص للوفاء بدين طالب التنفيذ.

على أنه من المفهوم أن لا حاجة إلى إذن قاضي الأمور الوقتية في حالة ما إذا بدأ الدائن المنفذ بالتنفيذ على المال المخصص ولم يفِ الثمن المحصل من التنفيذ للوفاء بكل الدين، لانتفاء الحكمة التي تبرر الإذن، بقيام الدليل على عدم كفاية المال المخصص للوفاء بدين طالب التنفيذ، فاستئذان قاضي الأمور الوقتية إنما يكون في حالة ما إذا أريد البدء بالتنفيذ على مال غير المال المخصص للوفاء بدين طالب التنفيذ، وقد تكون للدائن مصلحة في ذلك كما إذا كان دائنًا مرتهنًا متأخرًا في الترتيب بحيث أنه إذا بدأ بالتنفيذ على المال المخصص فلا يحتمل أن ينال من ثمن العين المرهونة نصيبًا يكفي للوفاء بدينه.

 بيان الأموال التي لا يجوز التنفيذ عليها:
لم ينص قانون المرافعات على كل الأموال التي منع المشرع التنفيذ عليها وإنما نص فقط على بعضها، ونصت على البعض الآخر التشريعات الخاصة، وذلك لاتصال فكرة عدم جواز التنفيذ بالأغراض التي استهدفتها هذه التشريعات، وإلى هذا أشارت المادة (490) من قانون المرافعات الجديد بقولها إن العمل بالأحكام الواردة في نصوصه لا يخل بالقواعد المقررة أو التي تقرر في القوانين الخاصة بشأن عدم جواز الحجز أو التنفيذ أو التنازل.

 ويرجع عدم جواز التنفيذ على الأموال التي منع المشرع التنفيذ عليها إلى فكرتين:
الأولى: أن بعض الأموال لا يجوز بيعها ولا التنازل عنها ولذلك لا يجوز التنفيذ عليها لأن التنفيذ ينتهي في الغالب ببيع المال.
الثانية: أن المنع من التنفيذ قصد به تحقيق أغراض خاصة، اقتصادية أو مالية أو اجتماعية أو إنسانية، وعدم جواز التنفيذ تحقيقًا لهذه الأغراض يرجع في بعض الحالات لإرادة الأفراد التي يقرها المشرع، ويرجع في بعض الحالات الأخرى إلى إرادة المشرع نفسه، ولذلك يمكن تقسيم الأموال التي لا يجوز التنفيذ عليها إلى ثلاث طوائف:
1/ الأموال التي لا يجوز التنفيذ عليها لعدم جواز التنازل عنها أو بيعها.
2/ الأموال التي يرجع عدم جواز التنفيذ عليها لإرادة الأفراد.
3/ الأموال التي لا يرجع عدم جواز التنفيذ عليها لإدارة المشرع.

1- الأموال التي لا يجوز التنفيذ عليها لعدم جواز التنازل عنها أو بيعها
1/ الحقوق المتصلة بشخص المدين: أخرج المشرع هذه الحقوق من الضمان العام الذي للدائنين على أموال مدينيهم بنصه على أن للدائن أن يستعمل حقوق مدينة إلا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصة [(87)] لأن هذه الحقوق روعي في تقريرها حاجات صاحبها الشخصية ولذلك لا يجوز التنازل عنها أو بيعها لغيره فهي كالرداء المفصل خصيصًا لشخص معين لا يصلح لغيره، ومثل هذه الحقوق حق الاستعمال وحق السكنى [(88)] وتذاكر الاشتراك في السكك الحديدية والترام ونحوها والشهادات الدراسية [(89)].
2/ المراسلات الخاصة: يعتبر الخطاب بتمام إرساله ملكًا للمرسل إليه ولكن لا يجوز اطلاع الغير عليه أو نشره بغير إذن مرسله، لذلك لا يجوز لدائني المرسل إليه أن ينفذوا عليه بغير إذن مرسله، وإذا كان لا يوجد نص قانوني يمنع من التنفيذ على المراسلات الخاصة فإن هذا المنع تقتضيه المحافظة على الآداب العامة التي قد تتأذى من إذاعة ونشر ما تتضمنه المراسلات الخاصة من أسرار [(90)].
3/ حق الملكية المعنوية: تشمل الملكية المعنوية الملكية الصناعية والأدبية والفنية، والعلمية، أما حق الملكية الصناعية ويقصد به ملكية إجازات الاختراع فيجوز التنفيذ عليه. أما الملكية الأدبية، والفنية، والعلمية ويقصد بها حق المؤلف في طبع ونشر نتاج تفكيره فيختلف حكمها باختلاف ما إذا كان المؤلف لم يسبق نشره، وفي هذه الحالة لا يجوز التنفيذ، أو كان قد سبق نشره وفي هذه الحالة يجوز التنفيذ بإعادة طبع المؤلف ونشره، ما لم يكن للمدين اعتراض مقبول من الناحية العلمية أو الأدبية على إعادة الطبع إذا كان في إعادة الطبع إساءة لسمعة المؤلف العلمية، أو الأدبية، أو الفنية [(91)].
4/ أعيان الوقف: لا يجوز التنفيذ على أعيان الوقف ما دامت موقوفة لأن الأعيان الموقوفة تعتبر محبوسة ما بقي الوقف، فإذا كان الوقف قد حصل إضرار بدائني الواقف فلهم أن يبطلوا الوقف فإذا أبطل جاز التنفيذ على الأعيان[(92)].
5/ حقوق الارتفاق والحقوق العينية التبعية: لا يجوز التنفيذ على حقوق الارتفاق مستقلة عن العقارات المرتفعة، ولا يجوز التنفيذ على الحقوق العينية التبعية كحق الرهق والامتياز مستقلة عن الحقوق الأصلية التي تتبعها، لأن هذه الحقوق وإن كانت تدخل ضمن الضمان العام إلا أنه لا يمكن بيعها بالمزاد لقلة عدد من يمكن دخولهم كمشترين في المزاد مما ينعدم معه التزاحم بين المشترين، وهو أهم مزايا البيع بالمزاد، فمشتري حق الارتفاق يجب أن يكون مالكًا لعقار مجاور للعقار المرتفق به يستفيد عقاره من حق الارتفاق وقد لا يوجد، كما أن مشتري الرهن أو الامتياز يجب أن يكون دائنًا للمدين في حاجة إلى ضمان لتأمين دينه وقد لا يوجد [(93)].
6/ الأموال العامة للدولة ولفروعها: لا يجوز التنفيذ على الأموال العامة التي للدولة أو التي للأشخاص الاعتبارية العامة، عقارات كانت أو منقولات لأن هذه الأموال لا يجوز التصرف فيها ولا يجوز تملكها ما دامت محتفظة بصفتها العامة بتخصيصها للمنفعة العامة، أما أموال الدولة الخاصة فيجوز التصرف فيها كما يجوز تملكها ولذلك فليس ثمة ما يمنع من التنفيذ عليها لهذا الاعتبار. ومع ذلك فمن المقرر أنه لا يجوز التنفيذ بالحجز والبيع على الأموال الخاصة للدولة لما هو معلوم من أن الدولة موثوق بيسارها، فضلاً عن تعارض الحجز والبيع مع قواعد الحسابات العمومية الحكومية، وبالرغم من عدم وجود نصوص في القانون المصري كما هو الحال في القانون الفرنسي، يقرر هذا المنع فقد جرى العمل في مصر على عدم جواز الحجز على الأملاك الخاصة للدولة [(94)].

2 – الأموال التي يرجع عدم جواز التنفيذ عليها لإرادة الأفراد
1/ المبالغ والأشياء الموهوبة أو الموصى بها لتكون نفقة:
تنص المادة (486) من قانون المرافعات الجديد على منع الحجز على المبالغ والأشياء الموهوبة أو الموصى بها لتكون نفقة. ويمتنع الحجز سواء كان لدين على الموهوب أو الموصى له سابق على الهبة أو الوصية أو لا حق لها، وذلك تحقيقًا لغرض الواهب أو الموصي في أن يصرف الموهوب أو الموصى به في النفقة على الموهوب أو الموصى له.

وإنما يجوز الحجز عليها وفاءً لدين نفقة سابق أو لاحق على الهبة أو الوصية، بشرط ألا يزيد القدر المحجوز منها على الربع. ودين النفقة الذي يجوز الحجز من أجله على المبالغ والأشياء الموهوبة أو الموصى بها للنفقة، لا يشمل إلا نفقات الأقارب والأزواج دون الديون الناتجة عن توريد ضروريات الحياة من مأكل وملبس، يدل على ذلك أن المشرع عبر عن هذه الديون بديون (النفقة المقررة) وهو تعبير جرى الاصطلاح باستعماله للدلالة على نفقات الأقارب والأزواج [(95)] وبذلك حسم المشرع الخلاف الذي قام حول تفسير المقصود بتعبير دين النفقة الذي ورد في نصوص القانون القديم [(96)].

ويقابل نص المادة (486) من القانون الجديد نص المادة 436 هـ/ 498 م من القانون القديم وإنما يختلف عنه في أمرين [(97)]:
الأول: أن القانون القديم لم ينص على جواز حجز المبالغ والأشياء الموهوبة أو الموصى بها للنفقة من أجل دين النفقة وإن كان البعض قد قال بجواز ذلك قياسًا على النفقات المحكوم بها [(98)].

الثاني: أن القانون الجديد نص صراحةً على أن الحجز على هذه الأموال لدين نفقة مقررة لا يجوز إلا بقدر الربع، بينما أباح القانون القديم الحجز لدين نفقة على كل الأموال الموهوبة أو الموصى بها للنفقة [(99)]. وحكم القانون الجديد أقرب إلى المعقول، لأنه إذا كانت حاجة الدائن المحكوم له بدين نفقة للمحكوم به لمعيشته قد حملت المشرع على إجازة التنفيذ على الأموال الموهوبة أو الموصى بها للنفقة، استثناءً من القاعدة العامة التي تقضي بعدم جواز التنفيذ عليها، فإن حاجة الموهوب أو الموصى له تقضي الإبقاء له على جزء من هذه الأموال للإنفاق منه عليه.

2/ المبالغ والأشياء الموهوبة أو الموصى بها مع اشتراط عدم جواز الحجز عليها: منع الشرع بنص المادة (487) الحجز على ما يوهب أو يوصى به بشرط عدم جواز الحجز عليه. وشرط عدم جواز الحجز صحيح في عقود التبرعات لأن المتبرع الذي كان في إمكانه أن يتبرع أو لا يتبرع، يمكنه أن يتبرع مقيدًا تبرعه بأي شرط لا يخالف النظام العام. وشرط عدم جواز الحجز على الموهوب أو الموصى به لا يخالف النظام العام وليس لدائني الموهوب أو الموصى له أن يتضرروا من ذلك إذ أنهم حينما تعاملوا مع المدين لم يعتمدوا على ما قد يوهب أو يوصى له [(100)]. وينبني على ذلك أن هذا الشرط إنما يحتج به فقط على الدائنين السابقين على الهبة أو الوصية، ولا يجوز أن يحتج به على الدائنين اللاحقين، لأن هؤلاء اعتمدوا في معاملاتهم مع المدين في استيفاء ديونهم على كل ثروته الظاهرة وقت التعامل ومنها ما هو موهوب أو موصى به له [(101)].

ولما كان شرط عدم جواز الحجز شرطًا مراعي في تقريره شخص الموهوب أو الموصي له فإن التمسك به يعتبر من قبيل الحقوق المتصلة بالشخص، والتي لا تنتقل لغيره، ولذلك لا يجوز لغير الموهوب أو الموصى له ممن تؤول له ملكية الموهوب أو الموصى به كالوارث أن يتمسك بشرط عدم جواز الحجز [(102)].

ويقابل نص المادة (487) من القانون الجديد نص المادتين 436 هـ/ 498 م، 438 هـ/ 500 م من القانون القديم، وإنما يختلف عنه في أمرين، أغفلهما القانون القديم، ونص عليهما القانون الجديد بنص أخذ فيه بالرأي الغالب فقهًا في تفسير نصوص القانون القديم وهما.
1/ أباح القانون الجديد الحجز على الموهوب أو الموصى به بشرط عدم الحجز لدين نفقة مقررة سابق على الهبة أو الوصية بشرط ألا يزيد القدر المحجوز عن الربع أسوة بالموهوب أو الموصى به للنفقة على تقدير أن مشترط عدم الحجز على ما تبرع به إنما قصد بذلك تخصيص ما تبرع به لنفقة الموهوب أو الموصى له [(103)].
2/ نص القانون الجديد على المبالغ (والأشياء) الموهوبة أو الموصى بها، فقطع بذلك كل شك في جواز شرط عدم الحجز في عقود التبرع إذا كان الموهوب أو الموصى به عقارًا أو منقولاً، وقد كان نص القانون القديم مقصورًا على المبالغ الموهوبة أو الموصى بها [(104)].
3/ الأموال المملوكة بشرط عدم التصرف فيها: لم يرد في قانون المرافعات القديم أو الجديد نص على عدم جواز التنفيذ على الأموال المملوكة بشرط عدم التصرف فيها، ولعل لواضعي القانون القديم عذرهم في ذلك فإن القانون المدني القديم لم يرد فيه نص يبين متى يصح هذا الشرط، ولذلك قام الخلاف حول جوازه وحول الشروط التي يصح بها [(105)]. ولقد قطع القانون المدني الجديد في ذلك بنصه في المادة (824) منه على صحة هذا الشرط إذا كان مقصورًا على مدة معقولة وكان مبنيًا على باعث مشروع، أي لحماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير [(106)].
وينبني على شرط عدم جواز التصرف كلما كان صحيحًا منع الحجز، أيًا كان الدين المراد التنفيذ وفاءً له، وسواء كان قد نشأ قبل التصرف المقترن بالشرط أو بعده، لأن التنفيذ على المال المشترط عدم التصرف فيه يترتب على بيعه مما يخالف شرط عدم جواز التصرف [(107)].

3 – الأموال التي يرجع عدم جواز التنفيذ عليها لإرادة المشرع
1/ أجور الخدم والصناع والعمال ومرتبات المستخدمين:
منع المشرع بنص المادة (488) من القانون الجديد، التنفيذ على أجور الخدم والصناع والعمال وعلى مرتبات المستخدمين إلا بقدر الربع، أما الباقي من الأجر أو المرتب فلا يجوز التنفيذ عليه ليبقى للخادم أو الصانع أو العامل أو المستخدم للإنفاق منه على معيشته، ويلاحظ على نص المادة (488) ما يأتي:
1/ أن المشرع حدد القدر الجائز التنفيذ عليه بربع الأجر أو المرتب أيًا كان مقداره، فالقدر الجائز التنفيذ عليه بالنسبة للأجر أو المرتب لا       يختلف باختلاف قيمة الأجر أو المرتب كما كان الحال في القانون القديم (434 هـ/ 496 م) [(108)] وبذلك سوى القانون الجديد بالنسبة للقدر الجائز الحجز عليه، بين موظفي الشركات، والمصالح الأهلية وبين موظفي المصالح الحكومية وإن كان لا يزال هناك فرق بالنسبة للديون التي يجوز الحجز من أجلها على القدر الجائز حجزه (راجع ما سنذكره في بند (107)).
2/ أن القدر الجائز التنفيذ عليه وهو الربع يجوز التنفيذ عليه لأي دين سواء كان دين نفقة أو كان دينًا آخر، ولكن عند التزاحم بين الدائنين بديون نفقة مقررة وبين غيرهم من الدائنين يخصص نصف القدر الجائز التنفيذ عليه لديون النفقة المقررة والنصف الآخر لما عداها من الديون وهذا التخصيص استحداث من جانب التشريع الجديد لا نظير له في القانون القديم.
3/ لا يطبق النص المتقدم على موظفي ومستخدمي الحكومة وفروعها الذين يطبق عليهم قانون خاص بهم، فنص المادة (488) يطبق على الخدم والصناع والعمال والمستخدمين الذين يعملون في هيئات غير حكومية كالمحلات التجارية والشركات والبنوك [(109)].
2/ ماهيات موظفي الحكومة وفروعها ومعاشاتهم ومكافآتهم ومعاشات ومكافآت ورثتهم: ينص القانون الصادر في 26 فبراير سنة 1890 بالنسبة للموظفين والمستخدمين في الحكومة، والقانون الصادر في 2 أكتوبر سنة 1918 بالنسبة للموظفين والمستخدمين في مجالس المديريات والمجالس البلدية والمحلية وبلدية الإسكندرية، على عدم جواز الحجز على ماهيات الموظفين وعلى ما يستحقونه من مرتبات إضافية كالمكافأة على أداء عمل إضافي، أو بدل للسفر إلا إذا كان الحجز وفاءً لدين مطلوب للحكومة، أو لأحد فروعها على الموظف أو المستخدم بسبب يتعلق بأداء الوظيفة، أو لدين نفقة محكوم بها من الجهة القضائية المختصة، بشرط ألا يزيد ما يحجز من مرتب الموظف الأصلي أو مرتبه الإضافي في كلتا الحالتين عن الربع.
كذلك تحرم القوانين السابقة الحجز على المعاشات وعلى ما يقوم مقام المعاش من مكافأة أو حق في صندوق التوفير، المستحقة للموظفين السابقين أو لورثتهم إلا إذا كان الحجز وفاءً لدين مستحق على الموظف بسبب يتعلق بأداء وظيفته، أو لدين نفقة محكوم بها من الجهة القضائية المختصة بشرط ألا يزيد القدر الذي يحجز في هاتين الحالتين عن ربع المبالغ المستحقة [(110)].

ويلاحظ بالنسبة لعدم جواز الحجز على المبالغ المتقدم ذكرها ما يأتي:
1/ أن الحجز لغير دين الحكومة المستحق بسبب يتعلق بأداء الوظيفة أو دين النفقة المقررة لا يجوز إطلاقًا، وفي هذا يختلف حكم مرتبات ومعاشات موظفي الحكومة عن حكم مرتبات المستخدمين في الشركات والمصالح الأهلية (راجع ما سبق ذكره بند (106)).
2/ أن أساس عدم جواز الحجز بالنسبة للماهيات والمرتبات ليس رعاية مصلحة الموظف الشخصية، وإنما أساسه المصلحة العامة في حسن سير العمل الحكومي وما تقتضيه من تمكين الموظف أو المستخدم من الاستفادة بمرتبه، أما أساس عدم الحجز بالنسبة للمعاشات وما يقوم مقامها فأساسه اعتبار إنساني محصله الرحمة والشفقة بالموظفين السابقين وورثتهم.
3/ أن المنع الوارد في القوانين المذكورة ليس مقصورًا على الحجز وإنما يشمل أيضًا عدم التنازل عن المبالغ التي لا يجوز الحجز عليها حتى لا يتحايل الدائنون على نصوص القانون الخاصة بعدم جواز الحجز، عن طريق التنازل لهم عن المبالغ الممنوع الحجز عليها.
4/ أن المنع من الحجز إذا كان يشمل المرتبات والمعاشات وما يقوم مقامها، فلا يشمل التعويض الذي قد يحكم به للموظف أو لورثته على الحكومة أو أحد فروعها.
3/ مكافآت أعضاء البرلمان: لا يعتبر أعضاء البرلمان من موظفي الحكومة فلا تسري على مكافآتهم نصوص القوانين المتقدمة، وإنما يسري عليها نص المادة (4) من القانون الصادر في 15 يونيه سنة 1936 الذي ينص على عدم جواز الحجز على مكافآت أعضاء البرلمان إطلاقًا أيًا كان الدين المراد الحجز وفاءً له.
4/ المحكوم به للنفقة أو للصرف في غرض معين: منعت المادة (486) الحجز على ما يحكم به القضاء من (المبالغ المقررة أو المرتبة للنفقة أو للصرف منها في غرض معين) والمقصود بالمبالغ المقررة للنفقة نفقات الأقارب والأزواج، وبالمبالغ المرتبة مؤقتًا ما يحكم به مؤقتًا للدائن على مدينه من نفقة حتى يفصل في أصل النزاع القائم بينهما، والمبالغ التي يحكم بها للصرف في غرض معين، ما يحكم به على والد مثلاً لجهاز ابنته، أو لمهر ولده، أو لتعليمه، أو لعلاجه، أو غير ذلك من المبالغ التي يحكم بها لتصرف في مصرف معين.

ويقابل نص المادة (486) من القانون الجديد نص المادتين 436 هـ/ 498 م و437 هـ/ 499 م من القانون القديم، ويتضح من مقارنة نص القانون الجديد بنصوص القانون القديم
والفوارق الآتية:
1/ أن القانون الجديد يبيح الحجز على المبالغ المتقدمة لدين النفقة المقررة [(111)] بشرط ألا يزيد ما يحجز عليه عن الربع، أما القانون القديم فيبيح الحجز عليها لدين النفقة إطلاقًا، والإطلاق فيه ينصرف إلى معنى دين النفقة الجائز الحجز من أجله كما ينصرف إلى ما يمكن الحجز عليه من المبالغ المتقدمة، بمعنى أن الحجز كان جائزًا لديون النفقة بمعناها المطلق الذي يشمل فضلاً عن نفقات الأقارب والأزواج ثمن ما يورد من ضروريات الحياة من مأكل وملبس، ويقصر القانون الجديد جواز الحجز على ما يكون مستحقًا على المدين من نفقات الأقارب والأزواج، كما أن الحجز لديون النفقة كان جائزًا بغير تحديد لما يجوز حجزه فقصره القانون الجديد على الربع فقط.
2/ إن القانون الجديد لم يستعمل عبارة (المصاريف المحكوم بها قضاء)، التي استعملها القانون القديم وإنما استبدل بها عبارة (المبالغ التي يحكم بها للصرف في غرض معين) فحسم بذلك الخلاف الذي قام بشأن المقصود بعبارة (المصاريف المحكوم بها قضاءً) بترجيح المعنى الذي قدمناه [(112)].
5/ الاستحقاق في الوقف: يقصد بالتنفيذ على الاستحقاق في الوقف، التنفيذ على نصيب المستحق من غلة الوقف ولا يقصد بذلك التنفيذ على الحق في الاستحقاق فهذا الحق مما لا يجوز التنفيذ عليه، لأنه من قبيل الحقوق المتصلة بشخص صاحبه التي لا يجوز التنازل عنها.
يحكم التنفيذ على الاستحقاق في الوقف بالمعنى المتقدم الآن القانون رقم (122) الصادر في 13 أغسطس سنة 1944 الذي حل محل القانون رقم (60) سنة 1942 المعدل لأحكام القانون رقم (38) سنة 1934.

وطبقًا لأحكام القانون المتقدم ذكره يفرق بين الدائنين الذين نشأت ديونهم بعقود أو اتفاقات سابقة على أيلولة الاستحقاق للمستحق [(113)]، وبين الدائنين الذين نشأت
ديونهم بعد أيلولة الاستحقاق والتي نشأت قبلها ولكن غير عقد أو اتفاق.
أما الدائنون الذين نشأت ديونهم بعقود أو اتفاقات سابقة على أيلولة الاستحقاق للمستحق فلا يجوز لهم التنفيذ على الاستحقاق في الوقف، وحكمة منع التنفيذ بالنسبة لهم حماية المستحقين من التورط في الاستدانة اعتمادًا على ما سيؤول إليهم من استحقاق، وليس لهؤلاء الدائنين أن يتضرروا من عدم جواز التنفيذ لأنهم حينما تعاملوا مع المدين لم يكن مستحقًا، فلم يعتمدوا في استيفاء ديونهم على ما آل إليه بعد ذلك من استحقاق في الوقف، ولكن لا تسري القاعدة المتقدمة على ما يكون قد آل من استحقاق لصاحبه قبل صدور القانون المتقدم ذكره (م 5) [(114)].

أما الدائنون الذين نشأت ديونهم بعد أيلولة الاستحقاق للمستحق، أو قبلها ولكن بغير عقد أو اتفاق فيجوز لهم التنفيذ على حصة المستحق في وقف أو أكثر فيما زاد على الثلث بشرط ألا يقل المبلغ الذي يتناوله هذا الحظر في جميع الأحوال عن مائة وثمانين (180) جنيهًا ولا يزيد عن تسعمائة (900) جنيه من مجموع استحقاقه السنوي (م 1) [(115)].

طبقًا للقاعدة المتقدمة ينظر إلى مقدار الثلث من الاستحقاق، فإن كان يتراوح بين مائة وثمانين جنيهًا وبين تسعمائة جنيه فلا يجوز التنفيذ عليه وإنما يجوز التنفيذ على ما زاد على الثلث، وإن قل ثلث الاستحقاق عن مائة وثمانين جنيهًا فإن الحظر يشمل مائة وثمانين جنيهًا من الاستحقاق ولو استغرقت المائة وثمانون جنيهًا كل الاستحقاق، وإن زاد الثلث على تسعمائة جنيه فإن الحظر لا يشمل إلا تسعمائة جنيه ويجوز التنفيذ على ما زاد على ذلك ولو جاوز ثلثي الاستحقاق.

وتنص المادة الثانية من القانون المذكور على جواز الحجز على القدر الممنوع الحجز عليه بحسب ما تقدم، في الحالات الآتية:
1/ للوفاء باستحقاق أحد المستحقين إذا أراد الحجز على استحقاق الناظر.
2/ للوفاء بما يكون على المستحق من دين للوقف أو من تعويض ناشئ عن جريمة.
وفي هاتين الحالتين يجوز الحجز على كل الاستحقاق بغير قيد.
3/ للوفاء بديون النفقة المقررة على المستحق، وجواز الحجز وفاءً لديون النفقة المقررة على المستحق يختلف حكمه باختلاف الصورتين الآتيتين.
( أ ) إذا لم يكن قد حكم للمستحق بنفقة على الناظر جاز الحجز على القدر الممنوع الحجز عليه من الاستحقاق وفاءً لدين النفقة المقررة على المستحق في حدود النسب المنصوص عليها في المادة 434 هـ/ 496 م من قانون المرافعات (القديم).
(ب) إذا كان المستحق محكومًا له بنفقة على الناظر، فلا يجوز الحجز إطلاقًا، وفاءً لدين نفقة على كل النفقة المحكوم بها للمستحق إذا كانت لا تزيد على مائة وثمانين جنيهًا، فإن زادت على ذلك فلا يجوز الحجز على مبلغ مائة وثمانين جنيهًا منها، على تقدير أن مبلغ المائة والثمانين جنيهًا سنويًا هو أقل ما يجب تركه للمستحق للصرف منه على نفقته، وما زاد على ذلك يجوز الحجز عليه في حدود النسب المنصوص عليها في المادة 434 هـ/ 496 م من قانون المرافعات (القديم) [(116)].

إلى أي حد عدل قانون المرافعات الجديد الأحكام المتقدمة:
تعتبر الأحكام المتقدمة أنها قد عدلت فيما أشارت فيه إلى النسب المنصوص عليها في المادة 434 هـ/ 496 م من قانون المرافعات [(117)]، فقد حل محل هذه المادة نص المادة (488) من قانون المرافعات الجديد الذي استبدل بالنسب المنصوص عليها في المادة 434 هـ/ 496 م من القانون القديم نسبة واحدة هي نسبة الربع، بمعنى أن القدر الجائز الحجز عليه هو الربع فقط أيًا كان مقدار المال غير الجائز الحجز عليه بحسب الأصل. وينبني على ذلك أنه في حالة الحجز على الاستحقاق في الوقف لدين نفقة مقررة، فإن القدر غير الجائز الحجز عليه لسائر الديون (ثلث الاستحقاق بشرط ألا يقل عن 180 ج ولا يزيد على 900 ج سنويًا) يجوز الحجز على ربعه فقط وفاءً لدين النفقة المقررة، كما أنه إذا حكم بنفقة للمستحق على الناظر فإنه لا يجوز الحجز وفاءً لدين النفقة إلا على ربع ما زاد من النفقة المحكوم بها للمستحق على مائة وثمانين جنيهًا سنويًا.

ولإيضاح ما تقدم نضرب الأمثلة الآتية:
1/ مستحق في وقف يبلغ استحقاقه السنوي في غلة الوقف ستمائة (600) جنيه، يراد الحجز على استحقاقه وفاءً لديون عليه منها دين نفقة مقررة يجوز الحجز لسائر الديون على مبلغ أربعمائة جنيه قيمة ثلثي الاستحقاق، أما مبلغ المائتين (200) قيمة الثلث فلا يجوز الحجز عليه إطلاقًا لسائر الديون، وإنما يجوز الحجز. على ربعه فقط لدين النفقة المقررة.

2/ مستحق يبلغ استحقاقه السنوي من غلة الوقف مائة وستين جنيهًا (160)، لا يجوز الحجز وفاءً لسائر الديون على كل استحقاقه لأنه يقل عن مائة وثمانين جنيهًا، وإنما يجوز الحجز على ربع الاستحقاق، (40 جنيهًا) وفاءً لدين نفقة مقررة.

3/ مستحق يبلغ استحقاقه السنوي في غلة الوقف ثلاثة آلاف جنيه (3000)، يجوز الحجز ما زاد عن تسعمائة جنيه (900) أي على مبلغ ألفين ومائة جنيه (2100) [(118)] وفاءً لسائر الديون، أما مبلغ التسعمائة جنيه فلا يجوز الحجز إلا على ربعه وفاءً لدين نفقة مقررة.

4/ مستحق حكم له بنفقة على الناظر قدرها ثلثمائة جنيه (300)، لا يجوز الحجز على هذا المبلغ لسائر الديون إطلاقًا، ولا يجوز الحجز على مائة وثمانين جنيهًا منه ولو كان الحجز وفاءً لدين نفقة مقررة، وإنما يجوز الحجز على ربع ما زاد عن المائة وثمانين أي على ثلاثين جنيهًا فقط وفاءً لدين نفقة مقررة على المستحق.

6/ الفراش والملابس: منع المشرع بنص المادة (484) الحجز على الفراش اللازم للمدين وزوجه وأقاربه وأصهاره على عمود النسب المقيمين معه في معيشة واحدة ولا على ما يرتدونه من الثياب ويشترط لعدم جواز الحجز شرطان:
1/ أن يكون الفراش لازمًا للمدين أو لزوجه أو أقاربه أو أصهاره على عمود النسب هم أصوله وفروعه وأصهاره على عمود النسب هم أصول الزوج وفروعه أما من عدا هؤلاء فلا يشمل الحظر ما يلزم لهم من الفراش. والمنع من الحجز مقصور على القدر اللازم لمن تقدم ذكرهم، أما ما يكون موجودًا بمنزل المدين من فراش مملوك له غير القدر اللازم فيجوز حجزه وتقدير ما يلزم من الفراش للأشخاص المتقدم ذكرهم يختلف باختلاف حالتهم الاجتماعية.
أما الملابس الممنوع الحجز عليها فيشترط بالنسبة لها أن يكون الأشخاص المتقدم ذكرهم مرتدين لها وقت الحجز ولكن لا يشمل الحظر غير الثياب كالمجوهرات من مثل الساعات والخواتم وغيرها.
(2) أن يكون الأشخاص المتقدم ذكرهم مقيمين في معيشة واحدة مع المدين لو تصادف وجود بعضهم عنده للزيارة مثلاً فيجوز الحجز على الفراش المخصص لهم [(119)].
ويلاحظ بالنسبة لنص المادة (484) ما يأتي:
1/ إن المشرع تدارك في المادة (484) من القانون الجديد بنصه على زوج المدين نقصًا واضحًا كان يشوب نص المادة 454 هـ/ 517 م من القانون القديم، فإن زوج المدين أولى الحماية من غيره من الأقارب والأصهار [(120)].
2/ إن المنع من الحجز على الأشياء المتقدم ذكرها منع مطلق يسري بالنسبة لكل الديون، لأن المنع مبني على اعتبار إنساني وثيق الصلة بالآداب العامة بحيث لا يقوى عليه أي اعتبار آخر من شأنه تبرير جواز الحجز [(121)].
3/ إن الحجز الممنوع والذي يقتضي الشروط المتقدمة هو الحجز على ما يكون من الفراش والثياب مملوكًا للمدين، أما ما يكون مملوكًا لزوج المدين أو أقاربه أو أصهاره سواء من الأشياء المتقدم ذكرها أو من غيرها، فبديهي أنه لا يجوز الحجز عليه وفاءً لدين على المدين.

7/ الكتب والآلات والمأكولات ونحوها: منعت المادة (485) الحجز على الأشياء الآتية:
( أ ) الكتب اللازمة لمهنة المدين وأدوات الصناعة التي يستعملها بنفسه في عمله، ويشترط لعدم الحجز بالنسبة للكتب أن تكون لازمة لمهنة المدين كالكتب اللازمة للمحامي لمباشرة عمله سواء من كتب القانون أو غيرها ككتب الاجتماع والطب الشرعي مما يتصل بعمل المحامي [(122)]. ويشترط بالنسبة لأدوات الصناعة أن تكون مما يستعمله المدين بنفسه في عمله ولذلك لا يشمل الحظر الآلات التي يستعملها عمال يعملون تحت إدارته.
ونص القانون الجديد يتسع لأدوات الصناعة أيًا كانت مهنة المدين صانعًا أو فنانًا أو صاحب حرفة راقية كالجراح وطبيب الأسنان والمصور والموسيقي [(123)].
(ب) العتاد الحربي المملوك للمدين إذا كان من العسكريين مع مراعاة رتبته: ويقصد بذلك ما يلزم الرجل العسكري من ملابس وأسلحة وغيرها، والفرض أن هذه الأشياء مملوكة للمدين، أما إذا كانت مملوكة للدولة فلا شبهة في عدم جواز الحجز عليها لدين على المدين، لأنها فضلاً عن أنها غير مملوكة للمدين فإنها تكون من الأموال العامة التي لا يجوز التنفيذ عليها.
(ج) الحبوب والدقيق اللازمين لقوت المدين وأفراد عائلته لمدة شهر: يشمل النص الحبوب والدقيق اللازمين لقوت المدين وأفراد عائلته لمدة شهر، ولا يشمل غير ذلك من المأكولات كالخضر واللحم والطيور، على أنه إذا لم يكن لدى المدين حبوب أو دقيق وكان لديه نقود ترك له من هذه النقود ما يعادل ثمن الحبوب والدقيق اللازمين للمدين وعائلته لمدة شهر [(124)].
(د) جاموسة أو بقرة أو ثلاث من الماعز أو النعاج مما ينتفع به المدين وما يلزم لغذائها لمدة شهر: يجب أن يترك من المواشي التي ينتفع بها المدين جاموسة أو بقرة أو ثلاث من الماعز أو النعاج بحسب اختيار المدين.
ونص القانون الجديد بالنسبة للمواشي المتقدم ذكرها يختلف عن نص القانون القديم في أمرين [(125)].
1/ أن النص الجديد ذكر الجاموسة بينما أغفلها النص القديم بالرغم من انتشار اقتناء الفلاحين في مصر للجاموس.
2/ أن النص الجديد أوجب أن يترك للمدين فضلاً عن المواشي المتقدم ذكرها ما يلزم لغذائها لمدة شهر، ولم يرد ذكر ذلك في القانون القديم، والمقصود بذلك ما يلزم لغذائها من تبن وعلف وغيره، فإن لم يوجد، ووجد لدى المدين نقود ترك منها ما يعادل ثمن ما يلزم لغذاء المواشي لمدة شهر.
ويجيز نص المادة (490) من القانون الجديد الحجز على جميع الأشياء المتقدم ذكرها في حالتين:
( أ ) لاقتضاء ثمنها أو مصاريف صيانتها، والنص على جواز الحجز على الأشياء المتقدم ذكرها لاقتضاء ثمنها أو مصاريف صيانتها مستحدث لا نظير له في القانون القديم.
(ب) للوفاء بدين نفقة مقررة [(126)].
ولكن نص القانون الجديد، خلافًا لنص القانون القديم، لا يبيح الحجز على الأشياء المتقدمة لاقتضاء أجر السكن أو الأرض، لما رُئي من ألا يُمَكَّن المؤجر من حرمان المستأجر مما يقتات به هو وعائلته ومما بدونه يصبح عاجزًا عن الكسب وعالة على المجتمع.
ويؤخذ على نص القانون (القديم والجديد)، فيما يختص بالحبوب والدقيق اللازمين للمدين وعائلته لمدة شهر، سماحه بالحجز عليهما في الحالتين السابقتين وكان الأولى منع الحجز عليهما إطلاقًا، فإن ما يلزم لقوت المدين لمدة شهر من حبوب ودقيق أولى بالحماية من الفراش اللازم له، فأولى أن يترك للمدين ما يقتات به هو وأولاده من أن يترك لهم فراش ينامون عليه، وإذا كان المشرع قد منع الحجز على الفراش اللازم للمدين منعًا مطلقًا لأن المنع يقوم على اعتبار من القوة بحيث لا يقوى عليه أي اعتبار آخر يبرر جواز الحجز على قوت المدين يقوم على اعتبار أقوى. وغريب من المشرع أن يبقي للمستحق في وقف المحكوم له بنفقة على الناظر، مائة وثمانين جنيهًا لا يجيز الحجز عليها ولو لدين نفقة، ويبيح الحجز لدين النفقة على ما يلزم لقوت المدين من حبوب ودقيق لمدة شهر. لكل ما تقدم نرى أنه كان الأولى أن ينص على عدم جواز الحجز على الحبوب والدقيق اللازمين للمدين ولمن يعولهم لمدة شهر في المادة (484) بدلاً من النص عليهما في المادة (485) حتى يسري عليها حكم المادة (484) من عدم جواز الحجز لأي دين أيًا كان سببه.

8/ الديون العامة: لا يجوز الحجز، طبقًا للقانون رقم (17) سنة 1904، تحت يد مصالح الحكومة والبنوك المكلفة بالدفع، على قيمة سندات الديون العامة وكوبوناتها. والحكمة من عدم جواز الحجز تحقيق مصلحة عامة بتشجيع الأفراد على الإقبال على شراء سندات الديون العامة مما يترتب عليه رفع قيمتها والحجز الممنوع هو حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد مصالح الحكومة أو البنوك المكلفة بالدفع، ولذلك يجوز الحجز على السندات نفسها باعتبارها منقولات، إن وجدت في حيازة المدين.

9/ المبالغ المودعة في صندوق التوفير: لا يجوز الحجز، طبقًا للقانون رقم (8) سنة 1905، تحت يد مصلحة البريد، على المبالغ المودعة في صندوق التوفير، تشجيعًا للأفراد على الادخار وذلك بجعل ما يدخرونه بعيدًا عن متناول أيدي الدائنين.

10/ الديون الثابتة بأوراق تجارية إذنية: يمنع قانون التجارة بنص المادة 148 هـ/ 155 م الحجز على الديون الثابتة بالكمبيالة تحت يد من سحبها أو من سحبت عليه، لأن جواز الحجز على قيمة الكمبيالة تحت يد الساحب أو المسحوب عليه يتنافى مع ما هو مقرر من أن ملكية الدين الثابت بالكمبيالة تنتقل بمجرد تحويله بالتظهير إلى الغير بغير توقف على رضاء المدين. كما أن السماح بتوقيع الحجز على الدين الثابت بالكمبيالة تحت يد المدين به يفسح المجال للتواطؤ بين الحاجز وبين المحجوز لديه لتأخير دفع قيمتها وقت الاستحقاق مما يضعف الثقة الواجبة للكمبيالة والتي يقتضيها تنشيط المعاملات التجارية.
وإنما يجوز الحجز على الكمبيالة كسائر الأوراق التي تنتقل ملكيتها بالتظهير transmissibles par voie d,endossement إذ وجدت في حيازة المدين المحجوز عليه، ويلحق بالكمبيالة بالنسبة لما تقدم السند الإذني.

11/ السفن المتأهبة للسفر: يمنع قانون التجارة البحري (م29) التنفيذ على السفن المتأهبة للسفر إلا إذا كان التنفيذ لدين متعلق بالسفرة المزمع عملها، كما إذا كان الدين المراد التنفيذ اقتضاءً له ثمنًا لما ورد من مأكل أو وقود لازم للسفرة التي تأهبت السفينة لعملها، ومع ذلك يمنع من التنفيذ على السفينة في هذه الحالة الأخيرة تقديم الكفالة عن الدين. وتعتبر السفينة أنها متأهبة للسفر إذا كان قبطانها قد حصل على جوازات السفر اللازمة لها.

12/ الأملاك الزراعية الصغيرة: منع المشرع بالقانونين رقم (31) سنة 1912 ورقم (4) سنة 1913 المعدلين بالقانون رقم (11) سنة 1916 [(127)]، التنفيذ على الأملاك الزراعية الصغيرة التي يملكها الزراع. وحكمة المنع حماية صغار الزراع من استغلال المرابين لجهلهم وسذاجتهم حتى لا يؤدي هذا الاستغلال إلى تجريدهم من جميع أملاكهم إذ لا يتفق هذا مع صالح بلد زراعي كمصر [(128)].
والأملاك الزراعية الصغيرة بحسب التشريع المتقدم هي التي لا تزيد على خمسة أفدنة ولذلك عرف هذا التشريع في العمل بقانون خمسة الأفدنة.

ويشترط لعدم جواز التنفيذ بحسب التشريع المتقدم الشروط الآتية:
الأول: أن يكون المدين المراد التنفيذ عليه وقت الاستدانة ووقت التنفيذ عليه زارعًا، فإن لم يكن زارعًا وقت الاستدانة جاز التنفيذ عليه ولو أصبح وقت التنفيذ زارعًا، لأن الدائن حينما أقرضه إنما أقرضه باعتباره غير زارع وفي ذلك تقول المادة الأولى من القانون (ولا يصح التمسك بهذا الحظر إذا كان المدين وقت نشوء الدين.. غير زارع) كذلك إذا لم يكن وقت التنفيذ زارعًا جاز التنفيذ عليه ولو كان وقت الاستدانة زارعًا إذ لا يجوز له وقت التنفيذ التمسك بعدم جوازه استنادًا إلى قانون خمسة الأفدنة لأن هذا القانون إنما يحمي الزارعين وحدهم والمدين لم يعد زارعًا، وفي ذلك تقول المادة الأولى من القانون (لا يجوز توقيع الحجز على الأملاك الزراعية التي يملكها الزارع). والزارع هو (من كانت حرفته الأصلية الزراعة، سواء كان يزرع في أرضه أو في أرض الغير ولو تقاعد لمرض أو شيخوخة أو عاهة. ومن كانت حرفته الأصلية الزراعة وضم إليها حرفة أخرى فهو زارع، وكذلك أرملة الزارع ما دامت تزرع أرضها بنفسها أو بواسطة غيرها.) [(129)].
وفي هذا المعنى قالت محكمة النقض في أحد أحكامها (يعتبر من الزراع من كانت حرفته الأصلية الزراعة ولو كان قد تقاعد عنها لمرض أو شيخوخة أو عاهة وسواء أكان يزرع في أرضه أو في أرض غيره كثر عمله في الزراعة أو قل) [(130)].
وعلى ذلك لا يعتبر زارعًا يستفيد من الحماية التي قررها قانون خمسة الأفدنة من يشتغل في تجارة الأقطان [(131)]، ولا من يشتغل في تجارة الحبوب والأسبخة [(132)]، ولا من يستأجر مساحات واسعة من الأراضي ويؤجرها للغير [(133)]، ولا من يعقد مع الغير صفقات تجارية. على أن من المفهوم أن العمل التجاري الذي يفقد الشخص حماية قانون خمسة الأفدنة هو الذي يتفرغ فيه الشخص لجملة عمليات تجارية ذات أهمية [(134)]. كذلك لا يطبق قانون خمسة الأفدنة على الرجل الذي يقوم بأعمال المضاربة في شراء أقطان وبيعها بربح، أو الرجل الذي يقوم بأعمال التوسط لدى الغير لبيع أقطانهم بعمولة، وكذلك من يستأجر أطيانًا ويؤجرها للغير طمعًا في الربح، فإن مثل هذا الرجل إذ يتعامل مع الناس ظاهرًا بهذا المظهر يولونه ثقتهم المالية ويقرضونه اعتمادًا على هذا المظهر [(135)].

وتعتبر زارعة تستفيد من حماية هذا القانون أرملة الزارع، وقد قضت محكمة النقض في أحد أحكامها الحديثة بأن كون أرملة الزارع تزرع أرضها بواسطة ولدها أو أحد أقاربها لا يكفي لاعتبارها زارعة تستفيد من حماية قانون خمسة الأفدنة، وإنما يجب أن يثبت أنها تتخذ الزراعة حرفة لها وتعتمد عليها في رزقها والتعيش منها [(136)].
وكون المرأة متزوجة لا يمنع من اعتبارها زارعة تستفيد من هذا القانون إذا ثبت أنها تحترف الزراعة بمعنى أن الزراعة هي عملها الأساسي ومورد رزقها الأصلي الذي تعتمد عليه في معيشتها، ولا يمنع من ذلك وجوب نفقتها شرعًا على زوجها، فإن الشريعة الإسلامية تمنح المرأة المتزوجة من الحقوق في مالها ما تمنحه للرجل سواء بسواء، فلها إن كانت تملك أرضًا زراعية أن تزرعها بنفسها أو بواسطة غيرها أو أن تؤجرها، وقد تكون المرأة، وهي متزوجة، قائمة بالإنفاق على بيتها وأولادها من كسبها من الزراعة [(137)].

كما أن اشتغال الزارع بحرفة أخرى يتساعد بها على معاشه، في أوقات فراغه، لا يفقده صفة الزارع التي تخول له الاستفادة من قانون خمسة الأفدنة متى ظلت الزراعة حرفته الأصلية، وكان العمل الآخر الذي يزاوله في أوقات فراغه عملاً إضافيًا، فالعبرة إذن بالصفة الأصلية أو الحرفة الأصلية التي يتخذها الشخص لنفسه [(138)].
وإذا كان للزارع مورد آخر غير ما يحصل عليه من غلة أطيانه التي لا تتجاوز خمسة أفدنة، كما لو كان مستحقًا في وقف، فالعبرة في هذه الحالة بالصفة الغالبة لأي الموردين في معاشه، فإن كان جل اعتماده في معاشه على غلة أرضه وكان المورد الآخر ثانويًا اعتبر زارعًا واستفاد من القانون وأما إن كان جل اعتماده على ما يصيبه من المورد الآخر فلا يعتبر زارعًا ولا يسري عليه القانون [(139)].
وقد حكمت محكمة النقض بأن تحصيل المحكمة أن المالك من الزراع الذين ينطبق عليهم حظر التنفيذ على أملاكهم طبقًا لقانون خمسة الأفدنة أو ليس منهم، أمر متعلق بفهم الواقع في الدعوى ولا يدخل في رقابة محكمة النقض [(140)].

الثاني: ألا يكون المدين مالكًا، وقت الاستدانة ووقت التنفيذ عليه، لأكثر من خمسة أفدنة، فإن كان مالكًا وقت الاستدانة أكثر من خمسة أفدنة فلا يجوز له التمسك بعدم جواز التنفيذ [(141)] ولو كان وقت التنفيذ لا يملك أكثر من القدر المذكور، لأن الدائن إنما أقرضه معتمدًا على أنه ليس من صغار الزراع، وعلى أن التنفيذ على أملاكه جائز، وحتى لا يتحايل المدين على جواز التنفيذ عليه بالتصرف في بعض ما يملكه بحيث يصبح الباقي أقل من خمسة أفدنة، وفي ذلك تقول المادة الأولى من القانون (ولا يصح التمسك بهذا الحظر إذا كان المدين يملك وقت نشوء الدين أكثر من خمسة أفدنة). وهذا الاحتياط فضلاً عن كونه في ذاته عادلاً، فإنه من مصلحة المدين نفسه، إذ بغيره يمتنع الدائن عن إقراض مدينه ما لم يقرر له تأمينًا على كل ما يملكه دون الاكتفاء بالقدر الكافي لحفظ حقه كذلك إذا كان يملك وقت التنفيذ أكثر من خمسة أفدنة فلا يجوز له التمسك بقانون خمسة الأفدنة ولو كان وقت الاستدانة مالكًا لخمسة أفدنة فأقل، لأن التمسك بقانون خمسة الأفدنة إنما يجوز فقط لصغار الزراع والمدين لم يعد بعد من صغار الزراع (راجع المادة الأولى من قانون خمسة الأفدنة).
إذا كان المدين يملك وقت التنفيذ أكثر من خمسة أفدنة فلا يستفيد من أحكام هذا القانون ويكون من حق دائنيه أن ينفذوا على جميع ما يملكه بغير أن يتركوا له شيئًا. ويرى البعض أن هذه نقطة ضعف في القانون، وكان أولى بالشارع أن يبقي للزارع المالك لأكثر من خمسة أفدنة هذا القدر من ملكه، وبهذا يتحقق الغرض الذي قصد إليه المشرع من سن هذا القانون.

ولا يعتبر من صغار الزراع الذين يجوز لهم الاستفادة من الحماية التي قررها قانون خمسة الأفدنة من كانت ثروته العقارية تزيد على خمسة أفدنة ولو كان القدر الذي انتقلت ملكيته إليه يقل عن خمسة أفدنة كما لو كان بعض ملكه مشترى بعقود بيع غير مسجلة [(142)].
ولا يعول قانون خمسة الأفدنة، فيما يقرره من حماية، على قيمة الأرض، وإنما يعول فقط على مساحتها فمن كان يملك أكثر من خمسة أفدنة فليس من صغار الزراع، ومن كان يملك خمسة أفدنة فأقل فهو من صغار الزراع، بقطع النظر عن قيمة الأرض التي يملكها كل منهما، وهذا المعيار محل نظر، ويؤثر البعض عليه معيار قيمة الأرض التي تقدر على أساس ضريبتها [(143)].
وقد جرى القضاء بالنسبة للوارث، على أنه يشترط لكي تجوز له الاستفادة من الحماية التي يقررها قانون خمسة الأفدنة، أن يكون الوارث والمورث كلاهما ممن ينطبق عليهما قانون خمسة الأفدنة، بمعنى أنه يجب أن يستوفي كل منهما الشرطين المتقدمين [(144)].

الثالث: يجب أن يتمسك المدين بعدم جواز التنفيذ عليه باعتباره من صغار الزراع في الميعاد المناسب وإلا سقط حقه. وينص قانون خمسة الأفدنة على أن للمدين أن يتمسك بذلك حتى صدور حكم نزع الملكية في القانون الأهلي، وحتى فوات ميعاد المعارضة في قائمة شروط البيع في القانون المختلط، والغرض من تحديد ميعاد للتمسك بالحماية التي يقررها قانون خمسة الأفدنة يسقط بفواته الحق في التمسك بها، منع المدين سيء النية من ترك الدائن ينفذ عليه حتى آخر مرحلة من مراحل التنفيذ ثم التمسك بعدم جواز التنفيذ عند البيع، لما في ذلك من تطويل للإجراءات وزيادة في المصاريف بغير طائل.

ويلاحظ أن قانون المرافعات الجديد ألغي من إجراءات التنفيذ على العقار دعوى نزع الملكية وأخذ، بالنسبة لإعداد العقار للبيع، بالنظام المقرر في القانون المختلط، وبناءً على ذلك يسقط حق المدين في التمسك بعدم جواز التنفيذ عليه، عملاً بقانون خمسة الأفدنة، بفوات ميعاد الاعتراض على قائمة شروط البيع.
ولكن لا يمنع المدين من التمسك بالحظر الوارد في قانون خمسة الأفدنة سبق تنازله عن هذا الحق سواء عند التعاقد المنشئ للدين أو بعده وإنما يسقط حقه فيه بفوات الميعاد المتقدم.

إذا توافرت الشروط المتقدمة امتنع التنفيذ واستفاد المالك الذي توافرت فيه الشروط من الحماية التي يقررها قانون خمسة الأفدنة. ومن رأى محكمة النقض أن هذه الحماية تتناول كل مدين تتوافر فيه الشروط والقيود التي نص عليها سواء أكان مدينًا أصليًا أو ضامنًا، فضامن المستأجر يتمتع بهذه الحماية بالنسبة لدين الأجرة المطلوبة من المستأجر [(145)]. وإذا كان هناك مدينون متضامنون فإن العبرة في جواز التنفيذ عليهم بما يملكه كل منهم فإذا كان كل منهم لا يملك سوى خمسة أفدنة أو أقل امتنع التنفيذ ولو كان مجموع ما يملكون أزيد من خمسة أفدنة [(146)].

ولقد اختلفت أحكام المحاكم فيمن يقع عليه عبء الإثبات إذا قام النزاع بين الدائن طالب التنفيذ وبين المدين حول جواز التنفيذ. فمن رأي البعض أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدين فهو الذي عليه أن يثبت أن الشروط اللازمة للاستفادة من الحماية التي ينص عليها قانون خمسة الأفدنة متوافرة فيه [(147)].
ومن رأي البعض أن عبء الإثبات يقع على الدائن وحجة هذا الرأي أن الدائن هو المهاجم والمطالب وأن حقه في التنفيذ يتوقف على كون مدينه يملك أكثر من خمسة أفدنة [(148)].
وعندنا أن الرأي الأول أدنى إلى الصواب لأن الأصل، كما قدمنا، جواز التنفيذ على جميع أموال المدين، وعلى من يدعي عدم جواز التنفيذ على مال معين أن يثبت ما يبرر عدم جواز التنفيذ.

 يشمل المنع من التنفيذ، إذا توافرت شروطه، الأموال الآتية:
1/ ما يملكه المدين من صغار الزراع من أراضٍ زراعية، أما الأملاك غير الزراعية كالأراضي المعدة للبناء سواء كانت في المدن أو في القرى فيجوز التنفيذ عليها [(149)].
2/ مساكن الزراع وملحقاتها، ويقصد بالمسكن المكان المعد لإيواء الزارع وأفراد عائلته وإن تعدد [(150)]، ولكن يجوز التنفيذ على ما يملكه الزراع من بيوت لا يسكنونها، ويقصد بملحقات المساكن ما يتبع المسكن من مرافق كالأماكن التي يضع فيها الزراع مواشيهم ومحاصيلهم وأدوات زراعتهم.
والمنع من التنفيذ على المساكن تابع للمنع من التنفيذ على الأراضي الزراعية فإذا كان الزارع لا يملك أرضًا ما، صح توقيع الحجز على مسكنه [(151)].
3/ الآلات الزراعية اللازمة لاستثمار الأطيان التي يملكها الزراع والممنوع التنفيذ عليها، والمراد بالآلات الزراعية العدد والأدوات التي تلزم للزارع كالمحراث والنورج، والقدر الممنوع التنفيذ عليه هو القدر اللازم لما يمتنع التنفيذ عليه من الأراضي الزراعية، أما ما زاد عن ذلك فيجوز التنفيذ عليه.
4/ دابتين من الدواب المستعملة للجر، ويلاحظ أن المنع من الحجز على دابتين من الدواب المستعملة للجر لا ينفي حق المدين في التمسك بعدم جواز الحجز على ما هو منصوص عليه في المادة (485) (بقرة أو ثلاث من الماعز أو النعاج)، فعلة عدم الحجز في الحالتين ليست واحدة، إذ الغرض من منع الحجز على الدابتين خدمة الأرض، وعلة المنع المنصوص عليه في المادة (485) مساعدة المدين على ضرورات الحياة.
على أن المنع من التنفيذ على أموال المدين السابقة لا يمنعه من التصرف فيها بمثل البيع أو الرهن وإن كان المرتهن لا يجوز له التنفيذ عليها طالما كان المدين متمتعًا بالحماية التي يقررها له قانون خمسة الأفدنة، وإنما تظهر فائدة الرهن إذا ما زالت عنه هذه الحماية لتخلف شرط من شروطها كأن يصبح المدين مالكًا لأكثر من خمسة أفدنة.

وقد حكمت بعض المحاكم بأنه لا يجوز للدائن طلب تعيين حارس قضائي على أموال مدينه التي حظر القانون نزع ملكيتها، لأن هذا يؤدي إلى نتيجة مناقضة لروح القانون ومخالفة لحكمة مشروعيته من حماية صغار المزارعين، ولأنه لو صح القول بغير ذلك لترتب عليه تعطيل الحماية التي قصدها المشرع من قانون خمسة الأفدنة [(152)].

والأصل أن المنع من التنفيذ يحتج به في مواجهة جميع الدائنين، عاديين كانوا أو مرتهنين أو أصحاب حق اختصاص، ويستثنى من الدائنين الذين يجوز الاحتجاج عليهم بعدم جواز التنفيذ، بعض الدائنين رعى القانون حقوقهم رعاية خاصة فأباح لهم التنفيذ على أموال مدينيهم مهما قل مقدارها، وهم:
1/ أصحاب الديون الممتازة الذين يكون لهم امتياز عيني على الأملاك التي يراد التنفيذ عليها.

2/ الدائنون بديون محكوم بها بسبب جناية أو جنحة، لأن المدين الذي يرتكب جناية أو جنحة، لا يستحق حماية المشرع بحفظ أمواله له، ولا ينبغي للمشرع أن يسهل له الهروب من النتيجة المدنية لسيئاته [(153)]. ويقصد بهذه الديون التعويضات المدنية عن جناية أو جنحة.
وقد قام الخلاف بالنسبة للغرامات التي يقضي بها على الزارع بسبب جناية أو جنحة، هل يجوز التنفيذ بها على ملكه ولو لم يتجاوز خمسة أفدنة باعتبارها مبالغ محكوم بها بسبب جناية أو جنحة، أم أنه لا يجوز؟

فثمة رأي يرى أصحابه أن الغرامات التي يحكم بها على الزارع بسبب جناية أو جنحة لا تدخل ضمن الاستثناء من الحظر من التنفيذ، بمعنى أن الحظر من التنفيذ يشملها فلا يجوز التنفيذ بها على أملاك الزارع الذي يملك خمسة أفدنة فأقل. وأساس هذا الرأي أنه وإن كان الاستثناء من الحظر جاء خاصًا بالمطالبة (بمبالغ محكوم بها بسبب جناية أو جنحة [(154)]) مما يمكن أن يستفاد منه أن يشمل الغرامات لأنها ليست إلا مبالغ محكوم بها بسبب جناية أو جنحة، فإنه يستفاد من المذكرة الإيضاحية المرفوعة مع القانون إلى مجلس شورى القوانين أن المقصود من هذه المبالغ التضمينات المدنية وحدها [(155)].
وهذا الرأي هو الغالب في أحكام القضاء، وقد أخذت به محكمة النقض [(156)].

وثمة رأي آخر يرى القائلون به أنه يجوز التنفيذ بهذه الغرامات لأن الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قانون خمسة الأفدنة نصت على أن الحظر من التنفيذ لا يصح التمسك به بالنسبة للمبالغ المحكوم بها بسبب جناية أو جنحة، والغرامات مبالغ محكوم بها بسبب ما ارتكبه المدين من جناية أو جنحة، كما أن الحكمة التي من أجلها قرر الاستثناء متوافرة بالنسبة للمبالغ التي يقضي بها كغرامة كما هي متوافرة بالنسبة للمبالغ التي يحكم بها كتعويض مدني، ألا وهي أن المشرع أراد حرمان الشخص الذي يرتكب جريمة تبلغ مبلغ الجناية أو الجنحة من الحماية التي قررها قانون خمسة الأفدنة ولا محل للرجوع إلى ما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون لأن المذكرات الإيضاحية إنما يرجع إليها إذا كان نص القانون في حاجة إلى توضيح أو بيان بسبب ما فيه من غموض أو إبهام، ونص القانون في هذه الحالة صريح واضح الدلالة [(157)].

3/ الدائنون بديون نفقة مترتبة على الزوجية: أو أجرة حضانة، أو رضاع أو مسكن أو بما هو مستحق من المهر، وذلك لحاجة أصحاب هذه الديون لها لمعيشتهم، فهم أجدر بالحماية من المدينين بها [(158)].

4/ الدائنون بديون مقيدة سنداتها أو مسجلة أو ثابتة التاريخ قبل العمل بقانون خمسة الأفدنة.

5/ الديون المستحقة لبنك التسليف الزراعي (مادة (8) من القانون رقم (50) سنة 1930 الصادر في 18 نوفمبر سنة 1930).

 مدى تعلق الخطر الوارد في قانون خمسة الأفدنة بالتظلم العام:
إذا توافرت الشروط التي ينص عليها قانون خمسة الأفدنة امتنع التنفيذ، ولكن هل يتعلق هذا المنع بالنظام العام بحيث يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، أم أنه لا يتعلق بالنظام العام فيجب أن يتمسك به المدين الحاصل التنفيذ على أملاكه الزراعية؟ من رأي البعض أن المنع يتعلق بالنظام العام لأن المشرع قصد به تحقيق مصلحة عامة، كما أن القانون نفسه لا يجيز للزارع الصغير أن ينزل عن حقه في التمسك بعدم جواز التنفيذ واعتبر هذا النزول باطلاً، إذا كان هذا حكم النزول الصريح فمن باب أولى يمتنع النزول الضمني المستفاد من عدم تمسك المدين بعدم جواز التنفيذ، وأخيرًا فإنه يستفاد من المذكرة الإيضاحية للقانون أن المنع من التنفيذ المقرر بهذا القانون متعلق بالنظام العام [(159)]، ومن رأي البعض الآخر أن المنع من التنفيذ لا يتعلق بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ويجب على المدين أن يتمسك به لأنه مقرر لمصلحته، خصوصًا وأن المفروض أن القاضي لا يعلم إن كان المدين يملك خمسة أفدنة أو أقل أو أكثر [(160)]. وعندنا أن هذا الرأي الأخير أدنى إلى الصواب بدليل أن المشرع أوجب التمسك بعدم جواز التنفيذ قبل صدور حكم نزع الملكية، أو قبل فوات ميعاد المعارضة في قائمة شروط البيع وإلا سقط الحق فيه، مع أن الدفوع المتعلقة بالنظام العام يجوز التمسك بها في أية مرحلة من مراحل التنفيذ.

ملاحظات على منع التنفيذ على بعض الأموال:
نختم دراسة الأموال التي منع المشرع التنفيذ عليها بالملاحظات الآتية:
أولاً: يتضح من بيان الأموال التي لا يجوز التنفيذ عليها، أن القانون منع التنفيذ في بعض الحالات على بعض الأموال المحددة بوصف معين، وهذا المنع يبقى قائمًا ما بقيت هذه الأموال متصفة بهذا الوصف الذي يميزها عن غيرها من أموال المدين، فإن زال عنها هذا الوصف واختلطت بسائر أموال المدين زال المنع وجاز التنفيذ عليها، فماهيات الموظفين ومعاشاتهم ومكافآتهم هم وورثتهم وأجور العمال والصناع ومكافآت أعضاء البرلمان والاستحقاق في الوقف مثلاً، التي منع المشرع التنفيذ عليها، يبقى التنفيذ عليها ممنوعًا ما بقيت هذه الأموال متميزة عن سائر أموال المدين بالأوصاف المتقدمة، فإن زال هذا التمييز جاز التنفيذ عليها ولذلك يمتنع التنفيذ عليها بطريق حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد الحكومة أو رب العمل أو البرلمان أو ناظر الوقف قبل أن يتسلمها المدين، فإن تسلمها فاختلطت بسائر أمواله جاز التنفيذ عليها.
ثانيًا: إن التنفيذ على مال من الأموال التي منع المشرع التنفيذ عليها يترتب عليه بطلان التنفيذ إن حصل، ويكون للمدين أن يبطله بالوسيلة المناسبة لطريقة التنفيذ التي سلكها الدائن، فإن كان التنفيذ بطريق حجز المنقول كان للمدين أن يعترض عليه على طريق الاستشكال في التنفيذ، وإن كان التنفيذ بطريق حجز ما للمدين لدى الغير كان للمدين أن يتمسك ببطلان الحجز في أثناء نظر دعوى صحة الحجز في الحالات التي ترفع فيها هذه الدعوى أو بدعوى بطلب رفع الحجز، وإن كان التنفيذ بطريق التنفيذ العقاري كان الاعتراض عليه بالاعتراض على قائمة شروط البيع.

ثالثًا: إن الأصل أنه على المدين، لكي يضمن حقه في الأموال الحاصل التنفيذ عليها، أن يتمسك ببطلان التنفيذ قبل تمام إجراءاته، فقد يترتب على تمام إجراءات التنفيذ ضياع حقه في الأموال الحاصل التنفيذ عليها إذا كان لمشتريها بالمزاد أن يتمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية كما هو الحال في التنفيذ على المنقول، وفي هذه الحالة لا يبقى للمدين إلا حقه في الرجوع على الدائن بالتعويض.
كما أن الأصل أن على المدين، الذي حصل التنفيذ على مال له لا يجوز التنفيذ عليه، أن يتمسك بعدم جواز التنفيذ، وأن يتمسك به في الميعاد المناسب وإلا سقط حقه إذا كان المشرع قد حدد للتمسك به ميعادًا معينًا كما هو الحال في التنفيذ على الأملاك الزراعية الصغيرة إذ يسقط الحق في التمسك بعدم جواز التنفيذ عليها بفوات ميعاد الاعتراض على قائمة شروط البيع.
ومع ذلك فإذا عرضت إجراءات التنفيذ على القضاء وكان عدم جوازه متعلقًا بالنظام العام كان لكل ذي شأن أن يتمسك بعدم جواز التنفيذ وكان للمحكمة أن تقضي ببطلانه من تلقاء نفسها [(161)].
________________________________________
[(84)] لم يأخذ المشرع بما اقترحه واضعو القانون المدني الجديد من ضرورة البدء بالتنفيذ على المال الذي يكون التنفيذ عليه أقل كلفة على المدين، ومقتضى الاقتراح المتقدم إلزام الدائن في الغالب، بالبدء بالتنفيذ على المنقول، راجع نص المادة 256/ 2 من مشروع القانون المدني المقدم للبرلمان في سنة 1948 ونص المادة (2206) من القانون المدني الفرنسي.
[(85)] وإنما لا ينفي هذا جواز تمييز بعض الدائنين على البعض الآخر لسبب آخر غير الأسبقية في التنفيذ كأن يكون دين البعض ممتازًا ودين البعض الآخر عاديًا (راجع المادة (234) من التقنين المدني).
[(86)] ورد هذا النص في مشروع القانون المدني المقدم من الحكومة ثم رُئي نقله من مشروع القانون المدني والنص عليه في قانون المرافعات. ولهذا النص نظير في التشريعات الأجنبية (راجع المادة (2209) من التقنين المدني الفرنسي والمادة (2080) من التقنين المدني الإيطالي).
[(87)] راجع المادة (235) من التقنين المدني الجديد.
[(88)] راجع المادة (998) من التقنين المدني الجديد.
[(89)] إن عدم جواز الحجز على حق الاستعمال مقصور على الحق نفسه فلا يشمل الثمار الناتجة من الاستعمال ما لم يمتنع الحجز عليها لسبب آخر غير كونها ناتجة من الانتفاع بحق لا يجوز الحجز عليه – راجع سيزار برى صفحة 35.
[(90)] راجع سيزار برى ص 34 وكيش بند (39).
[(91)] ولكن لا نزاع في جواز الحجز على النسخ التي يكون المؤلف قد سلمها للناشر لبيعها كما يجوز الحجز تحت يده على ثمنها – راجع سيزار برى بند (38)، وكيش بند (40).
[(92)] راجع في التنفيذ على الاستحقاق في الوقف الطائفة الثالثة من الأموال التي لا يجوز التنفيذ عليها.
[(93)] راجع كيش بند (30) وسيزار برى بند (36).
[(94)] راجع أبو هيف 281.
[(95)] راجع نص المادة 436 هـ/ 498 م من القانون القديم.
[(96)] راجع نصوص المواد 437 هـ/ 499 م، 455 هـ/ 518 م وراجع في تفصيل هذا الخلاف جلاسون الجزء الرابع ص 124 وما بعدها وأبو هيف رقم 312 وهامش 2 ص 193 وقمحة وعبد الفتاح السيد رقم 129، 151، ومحمد حامد فهمي بند (158) وهامش 1، 2 من صفحة 122 وحكم محكمة الاستئناف المختلطة في 16 ديسمبر سنة 1891 مجلة التشريع والقضاء سنة 4 ص 49.
[(97)] نص المادة 436 هـ/ 498 م من القانون القديم (لا يجوز وضع الحجز على النفقات المقررة والمرتبة مؤقتًا ولا على المصاريف المحكوم بها قضاء ولا على المبالغ الموهوبة أو الموصى بها للنفقة أو المشترط فيها عدم جواز الحجز عليها ولا على غير ذلك من الأشياء التي ينص القانون بعدم حجزها).
[(98)] راجع محمد حامد فهمي رقم 163.
[(99)] ورد النص على ذلك في المادة 437 هـ/ 499 م بالنسبة للنفقات المحكوم بها وقبل بتطبيقه من باب القياس على الموهوب والموصى به للنفقة، محمد حامد فهمي بند (163).
[(100)] راجع مختصر كيش، الطبعة الخامسة سنة 1943 ص 28.
[(101)] يتفق في هذه المسألة نص القانون الجديد مع نص المادة 438 هـ/ 500 م من القانون القديم.
[(102)] راجع مختصر كيش ص 28، وجارسونيه ج 4 بند (90) وأبو هيف بند (297).
[(103)] كان من رأي بعض الشراح في ظل القانون القديم جواز الحجز على المبالغ الموهوبة أو الموصي بها بشرط عدم الحجز لدين النفقة ولو كان سابقًا على الهبة أو الوصية، ومبنى رأيهم أن ما هو مخصص للنفقة أولى بالحماية مما هو مقرر عدم حجزه بغير بيان لسبب عدم حجزه. راجع جارسونيه جزء 4 رقم 71 وأبو هيف بند (296).
[(104)] راجع نص المادة 436 هـ/ 498 م من القانون القديم، وراجع جارسونيه جـ 4 رقم 69 وجلاسون جـ 4 ص 34 وكيش رقم 33، وأبو هيف رقم 295 وقمحة وعبد الفتاح السيد رقم 184 ومحمد حامد فهمي ص 127.
[(105)] راجع جلاسون جـ 4 ص 133 وما بعدها ومحمد حامد فهمي بند (165).
[(106)] راجع المذكرة الإيضاحية لمشروع تنقيح القانون المدني، الجزء الرابع المادة (1191).
[(107)] راجع محمد حامد فهمي بند (165).
[(108)] تنص المادة 434 هـ/ 496 م من القانون القديم على أنه (لا يجوز وضع الحجز على أجر الخدمة وشهرياتهم ولا على ماهيات المستخدمين ومرتبات أرباب الوظائف وأرباب المعاشات إلا بقدر الخمس إذا كانت الماهية في كل شهر ثمانمائة قرش ديواني فأقل وبقدر الربع مما زاد على الثمانمائة قرش إلى أن تبلغ الزيادة ألفي قرش وبقدر الثلث فيما زاد على المبلغين المذكورين).
[(109)] راجع محمد حامد فهمي بند (161).
[(110)] لا يشمل المنع من الحجز ما يودعه بعض الموظفين من مبالغ وأوراق تحت يد الحكومة على سبيل التأمين مدة قيامهم بأعمالهم في الحكومة. مذكرة لجنة المراقبة القضائية في 29 إبريل سنة 1896، مجلة القضاء سنة 3 ص 162، محمد حامد فهمي ص 117 هامش (2).
[(111)] راجع في معنى النفقة ما سبق ذكره عند الكلام على الموهوب أو الموصى به ليكون نفقة بند (106).
[(112)] اختلف الشراح المصريون في تفسير المقصود بعبارة (المصاريف المحكوم بها) التي وردت في نص المادة 436 هـ/ 498 م من القانون القديم فمن قائل إنه يقصد بها ما تكلف المحكمة أحد الخصوم بإيداعه من مبالغ على ذمة خبير أو شاهد أو نحوهما مما تقتضيه حالة الدعوى، (راجع عبد الفتاح السيد وقمحة رقم 131 ) ومن قائل إنه يقصد بها المبالغ المحكوم بها لتصرف في مصرف معين كالمبالغ التي يحكم بها على والد لجهاز ابنته أو لمهر ولده (راجع أبو هيف رقم 318 ومحمد حامد فهمي رقم 162) وقد أخذ القانون الجديد بهذا المعنى الثاني.
[(113)] يقصد بأيلولة الاستحقاق للمستحق صيرورته مستحقًا بتحقق شرط الواقف الذي يصبح بمقتضاه الشخص مستحقًا، ففي الوقف على شخص ومن بعده على ابنه، يؤول الاستحقاق للابن بوفاة الأب.
[(114)] المادة (5) (لا يجوز الحجز على حصة مستحق في وقف أو أكثر ولا النزول عنها بسبب اتفاقات أو عقود سابقة على أيلولة الاستحقاق إليه، وكل حجز أو تنازل بقع على خلاف ذلك يكون باطلاً من تلقاء نفسه وبدون حاجة إلى صدور حكم ويسري هذا على كل استحقاق لم يؤول لمستحقه وقت صدور هذا القانون).
[(115)] المادة (1) (لا يجوز الحجز على حصة مستحق في وقف أو أكثر ولا النزول عنها إلا فيما زاد على الثلث بشرط ألا يقل المبلغ الذي يتناوله هذا الحظر في جميع الأحوال عن 180 جنيهًا مصريًا، ولا يزيد عن 900 جنيه مصري من مجموع استحقاقه السنوي وكل حجز أو تنازل يقع على خلاف ذلك يكون باطلاً من تلقاء نفسه بدون حاجة إلى صدور حكم).
[(116)] المادة (2) (ليس لناظر الوقف ولو بعد عزله من النظر أن يتمسك بأحكام المادة السابقة عند الحجز على استحقاقه بناءً على طلب أحد المستحقين وفاءً لاستحقاقه في الوقف.
كما أنه ليس للمستحق أن يتمسك بها فيما يكون عليه من ديون للوقف ولا في التعويضات الناشئة عن جريمة، أما بالنسبة للنفقات المقررة على المستحق فلا يصح الحجز أو النزول بسبب النفقات المذكورة إلا في حدود النسب المنصوص عليها في المادتين (434) من قانون المرافعات الأهلي، (496) من قانون المرافعات المختلط).
المادة (3) (الأحكام السابقة لا تمنع المحاكم من أن تقضي للمستحق بنفقة تزيد على المبلغ الذي لا يجوز الحجز عليه ولا النزول عنه تطبيقًا للمادة الأولى، وفي حالة ما إذا كان المستحق مدينًا بنفقة تطبق أحكام المادتين (434) من قانون المرافعات الأهلي، (496) من قانون المرافعات المختلط على كل مبلغ يتجاوز مائة وثمانين جنيهًا في حدود النسب المشار إليها في المادة السابقة).
[(117)] هذه النسب هي الخمس بالنسبة لثمانية الجنيهات الأولى شهريًا، والربع بالنسبة لما زاد على ثمانية جنيهات شهريًا حتى عشرين جنيهًا والثلث بالنسبة لما زاد على عشرين جنيهًا شهريًا.
[(118)] ولو أن هذا المبلغ يزيد على ثلثي الاستحقاق السنوي لأن الثلث الذي يمتنع الحجز عليه لا يجوز أن يزيد بأي حال على تسعمائة جنيه.

[(119)] نص المادة (484) (لا يجوز الحجز على الفراش اللازم للمدين وزوجه وأقاربه وأصهاره على عمود النسب المقيمين معه في معيشة واحدة ولا على ما يرتدونه من الثياب).
[(120)] كان من رأي بعض الشراح العمل بنص المادة 454 هـ/ 517 م من القانون القديم في شأن فراش وملابس الزوجة بالرغم من أن القانون القديم قد أغفل ذكرها فيمن ذكر من أقارب المدين وأصهاره، راجع محمد حامد فهمي هامش (1) صفحة 120.
[(121)] راجع أبو هيف رقم 310.
[(122)] قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن القانون لا يمنع الحجز على كل كتب المحامي وإنما يمنع الحجز فقط على الكتب الضرورية، ومقتضى هذا أن يكون ما يمنع الحجز عليه من الكتب بالنسبة للمحامي الكبير أكثر بطبيعة الحال مما يمتنع الحجز عليه بالنسبة للمحامي المبتدئ، وعلى كل فإن الحكم في تقدير ما هو ضروري ليس من شأن قاضي الأمور المستعجلة لأنه أمر موضوعي وكل ما لهذا الأخير أن يعين حارسًا على الكتب لحين الفصل من محكمة الموضوع في هل الكتب ضرورية كلها أم جزء منها فقط، استئناف مختلط في 11 فبراير سنة 1920، جازيت سنة 10 ص 142، وأبو هيف هامش (4) ص 193.
[(123)] جاء نص المادة 455 هـ/ 518 م من قانون المرافعات القديم مقصورًا على (الآلات والعدد اللازمة للصناع) ومع ذلك قيل بتطبيقه على أصحاب الحرف الراقية. راجع أبو هيف بند (313) ومحمد حامد فهمي بند (157).
[(124)] راجع جارسونيه جـ4 رقم 88 وأبو هيف رقم 315 وقمحة وعبد الفتاح السيد رقم 147 ومحمد حامد فهمي رقم 157.
[(125)] نص المادة 455 هـ/ 518 م من القانون القديم (لا يجوز حجز الأشياء الآتية إلا إذا كان لتأدية إيجار مسكن أو أرض أو لإيفاء دين نفقة.
أولاً: الكتب الضرورية لحرفة المدين والآلات والعدد اللازمة للصناع لأعمال صناعتهم.
ثانيًا: ما يملكه المدين العسكري من ملبوسات العساكر وأسلحتهم وغير ذلك من تعلقات العسكرية.
ثالثًا: الغلال والدقيق اللازمة لمؤونة المدين وعياله مدة شهر.
رابعًا: بقرة واحدة أو ثلاثة من الماعز أو النعاج بحسب اختيار المدين إن كان الحجز واقعًا على مواشي في حيازته أو منتفع بها وقت الحجز).
نص المادة (485) من القانون الجديد (لا يجوز الحجز على الأشياء الآتية إلا لاقتضاء ثمنها أو مصاريف صيانتها أو نفقة مقررة:
1 – الكتب اللازمة لمهنة المدين وأدوات الصناعة التي يستعملها بنفسه في عمله.
2 – العتاد الحربي المملوك له إذا كان من العسكريين مع مراعاة رتبته.
3 – الحبوب والدقيق اللازمين لقوته هو وعائلته لمدة شهر.
4 – جاموسة أو بقرة أو ثلاث من الماعز أو النعاج مما ينتفع به المدين وما يلزم لغذائها لمدة شهر والخيار للمدين).
[(126)] راجع في معنى دين النفقة المقررة ما سبق ذكره في بند (106).
[(127)] استمد المشرع أحكام هذا القانون مما جرى به العمل في بعض ولايات الهند – راجع تقرير المستشار القضائي عن سنة 1912 صفحة 26.
[(128)] راجع تقرير المستشار القضائي السابق الإشارة إليه.
[(129)] عرف الزارع هذا التعريف مندوب الحكومة في مجلس شورى القوانين – راجع مقال الأستاذ سامي مازن في قانون خمسة الأفدنة في مجلة القانون والاقتصاد السنة الخامسة العدد السابع صفحة 802.
[(130)] حكم نقض في 5 نوفمبر سنة 1936، مجموعة قواعد أحكام محكمة النقض المدنية الجزء الثاني صفحة 1.
[(131)] استئناف مصر في 14 إبريل سنة 1924 محاماة سنة 4 رقم 701، 8 يناير سنة 1931 محاماة سنة 11 رقم 476، استئناف مختلط في 15 نوفمبر سنة 1934 مجلة التشريع والقضاء سنة 47 صفحة 27.
[(132)] استئناف مصر في 21 مايو سنة 1925 محاماة سنة 6 رقم 396.
[(133)] استئناف مصر 21 مايو سنة 1931 المحاماة سنة 12 رقم 257، 15 ديسمبر سنة 1932 محاماة سنة 13 رقم 432، 7 مارس سنة 1933 محاماة سنة 14 رقم 176، استئناف مختلط في 31 أكتوبر سنة 1929 جازيت سنة 21 رقم 28، أول مايو سنة 1930 جازيت سنة 21 رقم 30، 8 مايو سنة 1930 جازيت سنة 21 رقم 29.
[(134)] استئناف مصر في 4 مارس سنة 1935 محاماة سنة 16 العدد الأول.
[(135)] مصر الابتدائية في 9 يونيه سنة 1930 محاماة سنة 11 رقم 384.
[(136)] نقض في 22 فبراير سنة 1945، مجموعة قواعد محكمة النقض المدنية الجزء الرابع رقم 211 صفحة 571.
[(137)] استئناف مصر في 5 مارس سنة 1935 محاماة سنة 16، العدد الأول رقم 31.
[(138)] راجع استئناف مصر في 4 مارس سنة 1935 محاماة سنة 16، العدد الأول رقم 30.
[(139)] راجع مقال الأستاذ سامي مازن السابق الإشارة إليه صفحة 806.
[(140)] نقض مصري في 3 يونيه سنة 1937 مجموعة قواعد محكمة النقض المدنية الجزء الثاني رقم 62 صفحة 171.
[(141)] راجع حكم مغاغة الجزئية في 22 يوليو سنة 1924 محاماة سنة 5 رقم 571 الإسكندرية المختلطة في 13 إبريل سنة 1917 جازيت سنة 7 رقم 339، استئناف مختلط في 13 إبريل سنة 1933 جازيت سنة 23 رقم 228.
[(142)] قارن المنصورة الابتدائية في 21 أكتوبر سنة 1931 محاماة سنة 11 رقم 159، وحكم الدوائر المجتمعة لمحكمة الاستئناف الأهلية في 3 ديسمبر سنة 1927 ومقال الأستاذ سامي مازن صفة 809، 810.
[(143)] راجع شرح قانون خمسة الأفدنة لأحمد قمحة بك صفحة 15.
[(144)] راجع استئناف مصر في 23 أكتوبر سنة 1929 محاماة سنة 10 رقم 72، طنطا الابتدائية في 8 يناير سنة 1930، المجموعة الرسمية سنة 31 رقم 116 وراجع في نقد هذا القضاء سامي مازن في مقاله السابق الإشارة إليه صفحة 811، 812.
[(145)] نقض مصري في 5 نوفمبر سنة 1936، مجموعة قواعد محكمة النقض المدنية الجزء الثاني رقم 1 صفحة 2.
[(146)] استئناف مختلط في 28 يناير سنة 1932 تشريع وقضاء سنة 44 صفحة 153.
[(147)] استئناف مختلط في 31 أكتوبر سنة 1929، جازيت 21 رقم 28، والإسكندرية المختلطة في 12 مارس سنة 1918 جازيت 8 رقم 205 وراجع سامي مازن في المرجع السابق صفحة 718.
[(148)] استئناف مختلط في 28 يناير سنة 1932 جازيت 23 رقم 227.
[(149)] راجع تقرير المستشار القضائي عن سنة 1912 صفحة 270.
[(150)] مغاغة الجزئية 22 يوليه سنة 1924 محاماة سنة 5 رقم 571.
[(151)] راجع سامي مازن المرجع السابق صفحة 813 وراجع الأحكام العديدة التي ذكرها في هامش 4 الصفحة 813.
[(152)] ملوى الجزئية في 15 سبتمبر سنة 1926 المجموعة الرسمية 28 رقم 59.
[(153)] راجع المذكرة الإيضاحية.
[(154)] راجع نص الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم (4) سنة 1913 وقد جاء فيها (لا يصح التمسك بهذا الحظر (الحظر من التنفيذ) في الدعاوى التي لا ترفع بالمطالبة بمبالغ محكوم بها بسبب جناية أو جنحة).
[(155)] جاء في المذكرة الإيضاحية ما يأتي (وقضت الفقرة الأخيرة من هذه المادة (المادة الأولى) بأنه لا يجوز لصغار الزراع أن يتمسكوا بهذا المنع تخلصًا من التضمينات المدنية الناشئة عن جناية أو جنحة ارتكبوها، إذ من البديهي أن الحماية التي أرادها القانون للفلاح لا ينبغي أن تسهل له الهروب من النتيجة المدنية لسيئاته).
[(156)] حكم استئناف أسيوط في 23 يونيه سنة 1935، وحكم محكمة النقض في 28 مايو سنة 1936 وقد جاء فيه أن تعبير (مبالغ محكوم بها بسبب جناية أو جنحة هو ما جرى به الاصطلاح للدلالة على التعويضات المدنية المترتبة على وقوع جناية أو جنحة سواء أقضى بها للحكومة أو لفرد من الناس، وإذن فلا يجوز نزع ملكية أحد صغار المزارعين الذين لا يملكون من الأطيان إلا خمسة أفدنة أو أقل من أجل غرامة محكوم بها عليه في جناية ارتكبها) مجموعة قواعد محكمة النقض المدنية الجزء الأول رقم 370 صفحة 1136، 1137.
[(157)] راجع سامي مازن في المرجع السابق الإشارة صفحة 820.
[(158)] حكم طنطا الابتدائية في 8 يناير سنة 1935 في المجموعة الرسمية سنة 31 رقم 116 صفحة 300.
[(159)] راجع أحمد قمحة وعبد الفتاح السيد بند (176)، حكم محكمة أسيوط الجزئية في 3 يونيه سنة 1924 المحاماة سنة 5 رقم 44.
[(160)] راجع أبو هيف صفحة 207.
[(161)] راجع جارسونيه الجزء الرابع بند (106)، جلاسون الجزء الرابع بند (1059).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *