الضمانات التي تكفل نفاذ مبدأ المشروعية

الضمانات التي تكفل نفاذ مبدأ المشروعية.

من مبادئ المسلم بها خضوع الدولة للقانون ولا يتحقق ذلك إلا بخضوع الحكام والمحكومين على حد سواء لأحكام القانون وذلك بان تتقيد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في جميع أعمالها بالقانون وبأحكامه،

حيث يكفل مبدأ المشروعية حماية جدية للأفراد في مواجهة الإدارة التي تملك من القدرات والسلطات ما قد يغريها بالاعتداء على حقوقهم وحرياتهم

وذلك بفضل ما يفرضه على الجهة الإدارية من التقيد في تصرفاتها بأحكام القوانين غير انه مهما كانت القيمة النظرية لهذا المبدأ

إلا انه يبقى عديم القيمة من الناحية العلمية إلا إذا وجدت ضمانات تكفل امتثال السلطات العامة المضمونة وتقيدها بحدودهم (37)

ومهما تعددت الضمانات التي تكفل احترام مبدأ المشروعية فان الضمان الأمثل يكون بتنظيم رقابة قضائية على نشاط السلطات العامة سواء كان هذا النشاط تشريعياً أم إدارياً

فهذه الرقابة القضائية تعد مبدأ متمماً ومكملاً لمبدأ المشروعية لأنها تحقق ضمانة أكيدة للأفراد لمواجهة السلطة العامة

وتمكنهم من الالتجاء إلى جهة مستقلة محايدة من اجل توقيع الجزاء الناتج عن اتخاذ الإجراءات الإدارية تصرفاً بالمخالفة لما تقضي به القواعد القانونية

ويتمثل هذا الجزاء في الحكم ببطلان التصرف المخالف للقانون أو التعويض عن الأضرار التي أحدثها وهنا تظهر فاعلية الرقابة القضائية باعتبارها من أهم ضمانات نفاذ مبدأ المشروعية

ذلك أن القضاء يمثل إحدى السلطات العامة يخضع في مباشرة وظيفته للقانون حكمه في ذلك حكم سائر السلطات العامة الأخرى

ويتم التحقق من ذلك عن طريق ما تتضمنه القوانين من طرق الطعن في الأحكام وإجراءات رد القضاة ومخاصمتهم غير أن مدى فاعلية هذا الضمان يتوقف على مدى استقلال السلطة القضائية وتمتعها بالضمانات الكافية لصيانة هذا الاستقلال

فمتى فقد رجال القضاء استقلالهم وكانت السلطة التنفيذية هي المهيمنة على اختيارهم وترقيتهم وممارستهم لاختصاصات وظائفهم فان الرقابة القضائية في هذه الحالة تفقد فاعليتها ويصبح مبدأ المشروعية غير قائم من الناحية العملية (38)

ويوجد إلى جانب هذا الضمان عدة ضمانات أخرى تكفل احترام مبدأ المشروعية ومن هذه الضانات مبدأ الفصل بين السلطات والرقابة البرلمانية على تصرفات الحكومة وفكرة جمود الدساتير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(37) د. احمد مدحت، مصدر سابق، ص 57.
(38) د. طعيمة الجرف، مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون،بلا مكان نشر، 1963، ص 14.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *