توضيح للأجل الواقف في القانون المدني المصري

توضيح للأجل الواقف في القانون المدني المصري

 

 

إذا كان نفاذ الالتزام هو المترتب على الأجل ، كان الأجل واقفاً ، إذ هو يقف الالتزام عن أن ينفذ وعن أن يصبح مستحق الأداء إلى حين انقضاء الأجل.
وإذا قام شك فيما إذا قصد المدين ضرب أجل للوفاء أو أراد تعليق الوفاء على شرط ، فالمفروض أنه قصد الأجل لا الشرط ، لأن العقد يفسر عند الغموض بما يعطيه الأثر الأقوى…

 

ما هو الأجل الواقف:

أن الفقرة الأولى من المادة 271 مدني تنص على أن
” يكون الالتزام لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتبا على أمر مستقبل محقق الوقوع ” .
فإذا كان نفاذ الالتزام هو المترتب على الأجل ، كان الأجل واقفاً ، إذ هو يقف الالتزام عن أن ينفذ وعن أن يصبح مستحق الأداء إلى حين انقضاء الأجل ([1]) .
والامثلة على الأجل الواقف كثيرة . فالمقترض يقترن التزامه برد القرض إلى المقرض بأجل واقف . وكل من المستأجر والمستعير والمودع عنده يقترن التزامه برد العين المؤجرة أو المعارة أو المودعة بأجل واقف ، غير أن الأجل في الوديعة لمصلحة الدائن وهو في العارية لمصلحة المدين وفي الإيجار لمصلحة الاثنين معاً . والمرتهن حيازة يقترن التزامه برد العين المرهونة إلى الراهن بأجل واقف هو الوفاء بالدين المضمون بالرهن ([2]) .
وإذا تعهد المشتري بدفع الثمن على أقساط ، كان التزامه مقترناً بآجال واقفة متعاقبة . وكذلك إذا تعهد المقاول أن يسلم ما تعهد بعمله إلى رب العمل في وقت معين ، كان التزامه هذا مقترناً بأجل واقف . وقد سبقت الإشارة إلى كل ذلك .

 

التزام المدين بالوفاء عند الميسرة أو عند المقدرة التزام مقترن بأجل واقف:

أن المادة 272 مدني تنص على أنه :
” إذا تبين من الالتزام أن المدين لا يقوم بوفائه إلا عند المقدرة أو الميسرة ، عين القاضي ميعادا مناسبا لحلول الأجل ، مراعيا في ذلك موارد المدين الحالية والمستقبلة ، ومقتضيا منه عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه ([3]) ” .
والمفروض في الحالة التي نحن بصددها أن المدين إنما ضرب أجلاً للوفاء بدينه ، ولم يجعل الدين معلقاً على شرط . ذلك أنه يحتمل أن يكون قد قصد تعليق الوفاء بالدين على شرط الميسرة أو المقدرة ، وعند ذلك يصبح الوفاء بدينه معلقاً على شرط واقف ، وهو أمر غير محقق الوقوع ، فإذا أيسر وتحققت مقدرته على الوفاء ، تحقق الشرط ووجب أن يفي بالدين . أما إذا لم يوسر ولم تتحقق مقدرته على الوفاء طول حياته ، فقد تخلف الشرط وسقط عنه الالتزام بالوفاء ([4]) . كما يحتمل أن يكون المدين قد قصد أن يضرب أجلاً للوفاء بدينه ، هو ميسرته أو مقدرته على الوفاء . وفي هذه الحالة يكون المدين قد قصد أن يفي بدينه على كل حال ، أما عند الميسرة أو المقدرة ، وأما عند الموت إذا لم يواته اليسار حال حياته . فالأجل هنا أجل غير معين ، وهو أقرب حادثين غير معينين ، اليسار أو الموت .
وإذا قام شك فيما إذا قصد المدين ضرب أجل للوفاء أو أراد تعليق الوفاء على شرط ، فالمفروض أنه قصد الأجل لا الشرط ، لأن العقد يفسر عند الغموض بما يعطيه الأثر الأقوى ([5]) . فإذا ادعى المدين أنه أراد الشرط لا الأجل ، فعليه هو إثبات ذلك .
ومتى تبين أن المدين إنما أراد الأجل لا الشرط ، كان للدائن الحق في أن يطالب بتحديد موعد للوفاء . ولما كان الموعد هو ميسرة المدين أو مقدرته على الوفاء بدينه ، فإن لم يتفق الطرفان على موعد معين لذلك ، جاز للقاضي أن يتلمس من ظروف القضية وملابساتها موعداً يحدده ، هو الموعد الذي يقدر فيه أن المدين أصبح موسراً أو قادراً على الوفاء بدينه ([6])
وقد أمدته المادة 272 مدني ببعض عناصر التقدير، فذكرت من بين هذه العناصر :
( 1 ) موارد المدين الحالية ، أي ما عند المدين من مآل موجود فعلا وقت النظر في الدعوى .
( 2 ) موارد المدين المستقبلة ، أي ما يتوقع القاضي أن يكون عند المدين من مآل في المستقبل، فإن كان له إيراد يكسبه من عمل أو وظيفة أو مهنة ، قدر القاضي هذا الإيراد في المستقبل مسترشداً بالماضي .
( 3 ) أن يقتضى من المدين عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه ، وهذا عنصر معنوي بخلاف العنصرين المتقدمين فهما من العناصر المادية . وهو بالرغم من أنه معنوي عنصر موضوعي لا ذاتي ، فالقاضي لا يقتضى من المدين عنايته الذاتية ، بل يقتضيه عناية الرجل الحريص على الوفاء بما عليه من الديون . ويكون ذلك بان يقدم المدين وفاء الدين على كثير من مطالبه ، فإن لم يقدمه على حاجياته الضرورية ، فلا أقل من تقديمه على حاجياته الأخرى ([7]) . فإذا عجز القاضي في أي وقت من حياة المدين ، عن تحديد موعد الوفاء بتعيين اليوم الذي يصبح فيه المدين موسراً أو قادراً على الوفاء بدينه ، تربص به حتى الموت ([8]) . فإذا مات المدين حل دينه حتما ، وقد مات معسراً فيشارك الدائن سائر الدائنين في استيفاء حقه من التركة مشاركة الغرماء ([9]) .وتعيين ميعاد يصبح فيه المدين موسراً أو قادراً على الوفاء بدينه مسألة واقع لا يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض ، ولكن حلول الدين عند أقرب الأجلين – الميسرة أو الموت – مسألة قانون تخضع لرقابة المحكمة العليا (محكمة النقض) …

—————————————————————————————————————————————————-

[1]  وقد نصت المادة 101 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي : ” الموجب المؤجل التنفيذ أو ذو الأجل المؤجر هو الذي يكون تنفيذه موقوفاً إلى إني حل الأجل . وإذا لم يكن ثمة أجل منصوص عليه أو مستنتج من ماهية القضية فيمكن طلب التنفيذ حالا ” .
[2]  وهذا مع ملاحظة أن الرهن ينقضي، فيزول الالتزام بالرد، إذا نفذ الدائن المرتهن بحقه على العين المرهونة. ولكن يصح أن يقال، من جهة أخرى، أن الوفاء بالدين المضمون بالرهن هو أمر غير محقق الوقوع ، فيكون شرطاً لا أجلا ، ولكن ليس له أثر رجعي لاستعصاء طبيعة التعامل على هذا الأمر .

[3]  وهذا النص مأخوذ من المادة 193 من تقنين الالتزامات البولوني . أنظر أيضاً المادة 743 / 2 من التقنين المدني البرتغالي ، والمادة 654 من التقنين المدني الارجنتيني ، والمادة 904 من التقنين المدني النمساوي ، والمادة 117 / 2 من المشروع الفرنسي الإيطالي . وانظر بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 999 ، و المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 27 .

[4]  أنظر في هذا المعنى محكمة الإسكندرية الوطنية في 5 يناير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 524 ص 1063 – شبين الكوم في 8 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 344 ص 905 .

[5]  ديمولومب 25 فقرة 577 – لوران 17 فقرة 175 – أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 124 – ص 125 – بودري وبارد 2 فقرة 969 .
ويخلص من ذلك أن المدين إذا أبرأه دائنه من الدين ، فتعهد على أثر هذا الإبراء أن يفي بالدين لدائنه إذا تمكن من ذلك في المستقبل ، فإن دلالة هذه الظروف تتوجه إلى أن يحمل تعهده هذا على أنه تعهد مدني – مبني على التزام طبيعي – وقد جعله المدين ، لا مقترناً بأجل ، بل معلقاً على شرط التمكن من وفاء الدين ( قارب بودري وبارد 2 فقرة 148 هامش رقم 3 ) .

[6]  استئناف مختلط 10 يونيه سنة1 928 م 40 ص 437 – منوف 16 ديسمبر سنة 1928 المحاماة ) رقم 459 ص 902 .

[7]  فإذا كان هناك ما يؤمن الدائن على استيفاء حقه ، اكتفى القاضي بذلك . وقد قضت محكمة طهطا بأن الشرط الذي ينص فيه ، في عقد غاروقة ، على أن المدين يقوم بسداد الدين عند اقتداره هو بمثابة اشتراط أجل لمصلحته ، فلا يمكن إجباره على الدفع قبل حلول الأجل ما لم يكن قد اضعف التأمينات ( طهطا في 15 أغسطس سنة 1904 المجموعة الرسمية 6 ص 147 : أي لا يحل أجل الدين ما دامت الغاروقة في يد الدائن ولم تضعف أو يضعفها المدين ) .

[8]  ومثل تعهد المدين بوفاء الدين عند الميسرة أو المقدرة تعهده بوفاء الدين عندما يشاء ، غير أن تعهد المدين بالوفاء عندما يشاء يختلف عن التعهد الأول في أمرين ( أولاً ) في تعهد المدين بالوفاء عندما يشاء لا يحل الدين إلا إذا شاء المدين دفعه حال حياته ، فإن لم يشأ لم يستطيع القاضي تحديد ميعاد للوفاء ، ولا يحل الدين إلا بموت المدين ( بودري وبارد 2 فقرة 970 ) . ( ثانياً ) قد يفسر تعهد المدين بالوفاء عندما يشاء أنه إنما أراد أن يلتزم التزاماً أدبياً لا التزاماً مدنياً ، ففي هذه الحالة لا يجبر على الوفاء حياً ولا يؤخذ الدين من تركته بعد موته ( ديمولومب 25 فقرة 576 – بودري وبارد 2 فقرة 971 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 999 ) .

[9]  استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 14 – 15 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 29 – 20 يونيه سنة 1928 م 40 ص 437 – الصف 3 مارس سنة 1917 الشرائع 4 ص 367 – الموجز للمؤلف فقرة 484 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 670 ص 502 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 167 . 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *