جرائم القضاء العسكري والحبس الإحتياطي – دراسة قانونية

جرائم القضاء العسكري والحبس الإحتياطي – دراسة قانونية.

(١) الحبس الاحتياطي إجراء مكروه إذ يتضمن سلب لحرية المتهم بايداعه السجن لفترة من الزمن قد تطول لعده اشهر بل سنوات وهو ما يتعارض مع حق الفرد في الايودع السجن الانفاذا لحكم نهائي بإدانته. ولقد اضطر المشرع الي اجازه الحبس الاحتياطي علي كراهته وقد دعاه الي ذلك اعتبارات شتي احظاها قبولا لدينا الحيلولة بين المتهم والعبث بادله الجريمة. ونظرا لخطورة الحبس الاحتياطي وجب احاطته بضمانات تتكافي مع شدته ومنها تقييد مدته وإسناد سلطة الآمر به إلي جهه محايدة وهي القضاء وإيجاد آليات للرقابة علي سلطة استخدامة وتقرير حق للمتهم للطعن علي القرار الصادر بحبسه أو مده.

وقد اسند المشرع ولايه إصدار أوامر الحبس الاحتياطي الي القضاء العادي والنيابة العامة بوجه عام في كافة انواع الجرائم ولكن هناك جرائم خاصة تخضع لولاية القضاء العسكري فكأن بديهيا أن يختص القضاء العسكري بولاية الحبس الاحتياطي فيها وليس في ذلك إخلال بمبدأ المساواة مادام أن ذات ضمانات الحبس الاحتياطي مكفولة أمام القضاء العسكري لاسيما وأن اعضاء القضاء العسكري مستقلون وغير قابلين للعزل ولهم ذات ضمانات وحقوق القضاة بنص الدستور.

(٢)ولقد نظم المشرع العسكري سلطات الحبس الاحتياطي في الجرائم الداخلة في اختصاص القضاء العسكري في المواد ٣٣و٣٤و٣٥و٣٦.إذ نصت المادة (33)علي أن يجوز الأمر بحبس المتهم احتياطيا فى أي مرحلة من مراحل الدعوى ولا يصدر الأمر بالحبس إلا من النيابة العسكرية أو رؤساء المحاكم العسكرية كل في دائرة اختصاصه ونصت المادة (35) علي أن ينتهي الحبس الإحتياطى الصادر من النيابة العسكرية بمضي خمسة عشر يوما على حبس المتهم ، ومع ذلك يجوز لقاضى المحكمة العسكرية المركزية بعد سماع أقوال النيابة العسكرية والمتهم أن يصدر أمرا بمد الحبس مدة أو مددا أخرى لايزيد مجموعها عن 45 يوما ، فإذا لم ينته التحقيق يعرض المتهم على المحكمة العسكرية العليا المختصة لإستصدار قرار بإمداد حبسه أو بالإفراج عنه.

ونصت المادة (36) علي أن للنيابة العسكرية أن تأمر بالإفراج عن المتهم في أي مرحلة من مراحل التحقيق بما لايتعارض وأحكام هذا القانون ، والأمر الصادر بالإفراج عن المتهم لايمنع من إصدار أمر جديد بحبسه إذا وجدت ظروف تستدعى ذلك . ولكن القانون رقم ٢٥لسنه ١٩٦٦ ورغم للتعديلات الجوهرية التى لحقت نصوصه بموجب القوانيين ارقام ١٦لسنه ٢٠٠٧و١٢لسنه ٢٠١٤ والتي غيرت من ملامحة لا سيما في تشكيل المحاكم العسكرية وتعدد درجاتها وأنواعها المنصوص عليها في المادة ٤٣من هذا القانون ظلت نصوص الحبس الاحتياطي لاسيما المادة ٣٥ التي تبين مدد الحبس الاحتياطي والسلطة المختصه بمدة دون ثمه تعديل يذكر.

فمن ناحيه كانت المحاكم العسكرية طبقا للمادة٤٣هي المحكمة العسكرية العليا والمحكمة العسكريه لها سلطه العليا والمحكمة العسكريه المركزية ثم عدلت المواد ٤٣ و٤٤و٤٥و٤٦ بموجب القانون رقم ١٢لسنة ٢٠١٤ الذي نص في مادته الاولي علي أن يُستبدل بنصوص المواد أرقام (43)، (44)، (45)، (46) من قانون القضاء العسكري الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966، النصوص الآتية: المادة (43): المحاكم العسكرية هي:

1- المحكمة العسكرية العليا للطعون. 2- المحكمة العسكرية للجنايات. 3- المحكمة العسكرية للجنح المستأنفة. 4- المحكمة العسكرية للجنح. وتختص كل منها دون غيرها بنظر الدعاوى والمنازعات التي تُرفع إليها طبقا للقانون. المادة (44): تُشكل المحكمة العسكرية للجنايات من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من ثلاثة قضاة عسكريين برئاسة أقدمهم على ألا تقل رتبته عن عقيد، وبحضور ممثل للنيابة العسكرية. وتختص بنظر قضايا الجنايات. المادة (45): تُشكل المحكمة العسكرية للجنح المستأنفة من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من ثلاثة قضاة عسكريين برئاسة أقدمهم على ألا تقل رتبته عن مقدم، وبحضور ممثل للنيابة العسكرية.

وتختص بنظر الطعون المقدمة من النيابة العسكرية أو من المحكوم عليهم في الأحكام النهائية الصادرة من المحكمة العسكرية للجنح. المادة (46): تُشكل المحكمة العسكرية للجنح من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من قاض واحد لا تقل رتبته عن رائد، وبحضور ممثل للنيابة العسكرية. وتختص بنظر قضايا الجنح والمخالفات. ونصت المادة الثالثة من القانون رقم ١٢لسنه ٢٠١٤علي أن: تُستبدل عبارة “جهة قضائية، والمحكمة العسكرية العليا للطعون، والمحكمة العسكرية للجنايات، والمحكمة العسكرية للجنح المستأنفة، والمحكمة العسكرية للجنح” بعبارة “هيئة قضائية، المحكمة العليا للطعون العسكرية، والمحكمة العسكرية العليا، والمحكمة العسكرية المركزية لها سلطة عليا، والمحكمة العسكرية المركزية” أينما وردت في هذا القانون أو في أي قانون آخر.

وهكذا أصبح الاختصاص بمد الحبس الاحتياطي ٤٥ يوما لمحكمة الجنح الجزئية العسكرية ومدة بعد ذلك لمحكمة الجنح المستأنفة العسكرية ولكن فات المشرع العسكري تعديل المادة ٣٥ المشار اليه بوضع مدد للحبس الاحتياطي الذي يجوز لمحكمة الجنح المستأنفة العسكرية أن تآمر بها أو تمد الحبس اليها وسلطة الرقابة عليها وحق المتهم في إستئناف امر الحبس إبتداء أو مده أو وضع حد أقص لمجموع ممد الحبس الاحتياطي في جميع مراحل الدعوي الجنائية بالمخالفة للمادة ٥٤ من دستور ٢٠١٤ فظن البعض أن الحبس الاحتياطي في قانون القضاء العسكري حبسا مطلقا!

وما هو بذلك قطعا وهو الأمر الذي دعانا الي الاستعانة بالأحكام العامة في قانون الإجراءات الجنائية التي تنظم تجديد مدد الحبس الاحتياطي وحدها الاقص واستئناف أوامر الحبس الاحتياطي وتنوع المحاكم المختصه بمد الحبس في ضوء التعديلات التي أجريت على قانون القضاء العسكري في ٢٠١٤ وتجنبا لعدم دستورية فراغ قانون القضاء العسكري في هذا الشأن وذلك في مؤلفنا الحبس الاحتياطي علما وعملا طبعة ٢٠١٨ وذلك من خلال الاستعانه بالمادة (10) من قانون القضاء العسكري التي نصت علي أن تطبق فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون النصوص الخاصة بالإجراءات والعقوبات الواردة في القوانين العامة.

(٣)ويمكن القول بوجه عام أن المشرع في قانون القضاء العسكري نظم سلطه الحبس الاحتياطي كما حدد الجهات التي تملك الامر به في كل من النيابة العسكرية و رؤساء المحاكم العسكريه كلا في دائره اختصاص(الماده 33 من قانون القضاء العسكري) إذ خول المشرع للنيابه العسكريه سلطه الامر بالحبس الاحتياطي في اي مرحله من مراحل التحقيق الا انه لم يطلق سلطتها في الحبس من حيث المده وانما حددها بخمسه عشر يوما داخل في حسابها مده القبض السابقه على صدور امر الحبس طبقا للقواعد العامة

( د الدكتور مامون سلامة- قانون الاحكام العسكريه- 1984 ص 374)

فإذا رأت النيابة العسكرية مد الحبس الاحتياطي فعليها ان ترفع الامر قبل انقضاء مده ال 15 يوما الى قاضي المحكمه العسكرية للجنح لمد الحد الحبس والقاضي بعد سماع اقوال النيابه العسكرية والمتهم أن يصدر امره بمده الحبس مده او مدد اخرى لا يزيد مجموعها على 45 يوما ولا يدخل في حساب هذه المده وفقا لراي البعض ال 15 يوما الخاصه بالنيابه العسكريه

( د. محمود محمد سعيد-قانون الاحكام العسكرية- الجزء الاول في الاجراءات الجنائيه 1987- ص 137؛د.مامون سلامة- قانون الاحكام العسكريه المرجع السابق- ص 374)

ولا يملك القاضي وفقا لرينا يصدر امر مد الحبس لمده 45 يوم مره واحده و انما يتقيد بالقواعد العامه المنصوص عليها فى قانون الاجراءات والتي تقضي بان القاضي الجزئي لا يملك مد الحبس الاحتياطي الا لمده 15 يوما قابل للتجديد مده او مدد اخرى لا يزيد مجموعها 45 يوما وهذا ما يجرى عليه العمل.فان رأت النيابة العسكريه مد الحبس الاحتياطي لاكثر من المده المقرره لقاضي محكمه الجنح العسكريه وكان التحقيق لم ينتهي بعد فعلهيا ان تعرض أمر مد الحبس على محكمة الجنح العسكرية المستأنفة ولهذه المحكمه مد الحبس اذا رأت أن مصلحه التحقيق تقتض ذلك او الافراج عن المتهم

(الماده 35 من قانون القضاء العسكري)

ويلاحظ انه ولئن كان المشرع لم يحدد مده الحبس المقرره لمحكمه الجنح المستانفة العسكرية في مره يعرض عليها امر الحبس الا انه اعمالا لحكم الماده العاشره من قانون القضاء العسكري يجب الا تزيد المده في كل مره عن 45 يوما تطبيق للحد الاقصى لمده الحبس الاحتياطي في المره الواحده المقرره لمحكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشوره في قانون الاجراءات الجنائيه. وفي الجنايات لا يصح ان تزيد مده الحبس الاحتياطي عن 5 شهور الا بعد الحصول قبل انتهائها على امر من المحكمه العسكرية للجنايات المختصه بمد الحبس مده لا تزيد على خمسة واربعون يوما قابله للتجديد لمدد اخري ممثله طبقا للقواعد العامه في قانون الاجراءات الجنائيه والتي لا نرى مانع من تطبيقها في الجرائم التي يختص بها القضاء العسكري طبقا للاحالة الوارده في الماده العاشره من قانون القضاء العسكري.

وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا يتجاوز ستة أشهر في الجنح وثمانية عشر شهراً في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام.ومع ذلك فلمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة إذا كان الحكم صادرا بالإعدام أو بالسجن المؤبد أن تأمر بحبس المتهم احتياطيا لمدة خمسة وأربعين يوما قابلة للتجديد دون التقيد بالمدد المنصوص عليها في الفقرة السابقة. ويجو للمتهم استئناف امر الحبس إبتداء فإن رفض كان له أن يتقدم باستئناف جديد كلما انقضى ثلاثون يوما على رفض استئنافه رغم خلو قانون القضاء العسكري من حق الاستئناف عملا بالمادة العاشره من ذات القانون وتجنبا لعدم دستورية قانون القضاء العسكري في إغفال تنظيم التظلم من استئناف اوامر الحبس بالمخالفه للماده 54 من دستور 2014.

(٤)ونعتقد أنه متي باشرت النيابة العسكرية التحقيق في أحد جرائم آمن الدولة من جهتي الخارج أو الداخل كان لرئيس النيابة العسكريةأن يآمر بحبس المتهم ٤٥يوما بشرط ألا تزيد كل مره عن ١٥يوما وأن يجدد هذا الحبس لمدة أقصاها خمسة أشهر في الجنايات يتعين قبل انتهائها الحصول علي أمر بمد الحبس الاحتياطي من محكمة الجنايات العسكرية لمدة ٤٥يوما.وذلك عملا بالمادة ٢٠٦مكررا إجراءات جنائية والمادة ٢٨من قانون القضاء العسكري التي أعطت للنيابة العسكرية كافه اختصاصات النيابة العامة وقضاة التحقيق المنتدبة في القانون العام علي اعتبار انها جزء من القضاء العسكري. إذ نصت المادة ٢٠٦مكررا من قانون الإجراءات الجنائية على أن يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل – بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة – سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.

ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة المبينة في المادة (143) من هذا القانون في تحقيق الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه بشرط ألا تزيد مدة الحبس في كل مرة عن خمسة عشر يوماً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *