حالات التلبس بجريمة هتك العرض

حالات التلبس بجريمة هتك العرض.

(1) حدد المشرع في المادة ٣٠من قانون الإجراءات الجنائية حالات التلبس علي سبيل الحصر لأ البيان والتمثيل فلا يصح استنتاج حالات أخري وهذه الحالات هي مشاهدالجريمة حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة.وتعتبر الجريمة متلبساً بها إذا تبع المجني عليه مرتكبها، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك.وعلى الرغم من تعدد حالات التلبس الا ان الجامع بينها جميعا-عدا الحالة الاوله- انها حاله عينيه تتعلق بالجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ومقتضى ذلك أن وقوع الجريمه يبيح للرجل الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه ولو لم يكن متواجدا في محل الواقعه لحظه ارتكابها كأن يكون غادر هذا المحل منذ برهه يسيرة مادام ان رجل الضبط القضائي قد شاهد الجريمة ذاتها أو اثر من اثارها ينبئ عن وقوعها وتوفرت بطبيعه الحال دلائل كافيه على نسبة الجريمة للمتهم كمشاهدة جثه تقطر دما واقراره الشهود لرجل الضبط القضائي عقب انتقاله لمحل الواقعه ومشاهدته آثارها بأن المتهم هو القاتل.وهذايقتضي أن تنصب المشاهده على ذات الجريمة بحيث ان كان فعلها قد تمت قبل المشاهده فلا اقل من ان تنصب المشاهده على اثر او مظهر يدل على وقوعها دلاله يقينيه لا تقبل الشك او التأويل كنار تشتعل أو فوارغ طلقات نارية أو دماء سائلة علي الأرض أو علي الجاني نفسه لأ المجني عليةومن ثم فانه لا يكفي لتوافر التلبس مجرد ادعاء المجني عليه او غيره او حتى رجل الضبط القضائي من خلال تحرياته-بل ولا اقرار المتهم-بوقوع جريمة والا فتح الباب للكيد والاختلا وانهارت بذلك الضوابط والضمانات التي تحط التلبس. وكان قضاء النقض مطرد علي ذلك بشكل طبيعي وسليم حتي وقت قريب
( على سبيل المثال الطعن رقم 53096 لسنة 74 جلسة 2012/11/19 س 63 ؛الطعن رقم 86743 لسنة 75 جلسة 2013/04/10) 10-4-2013
الطعن رقم 3316 لسنة 83 جلسة 2014/03/06 س 65 ص 148 ق 13)

ولكن لاحظنا في الفترة الأخيرة أن بعض احكام النقض تشذ عن هذا النظر وبخاصة في جرائم العرض التي يعترف فيها المتهم عقب ضبطه إذ تري النقض أن انتقال الضابط لمحل الواقعة عقب إبلاغه بجناية هتك عرض ومشاهدته آثار”مني”علي بنطال المجني عليه يجعله ازاء جريمه متلبس بها وبالتالى فأن بحثه عن الجاني وضبطه وتفيشه يعتبر صحيح في القانون وقضت أيضا بأن إلقاء الضابط القبض على المتهم بجريمة هتك عرض المجني عليها عقب إبلاغه بالواقعة من والدتها التي شاهدتها وانتقاله مباشرة لمكان ارتكابها صحيح اعتبارا بتوافر حالة التلبس ومن ثم فأن تعويل الحكم على أقوال الضابط في الادانة يكون صحيحا.

(2) فمن ناحية أولي ذهبت محكمة النقض إلي أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس – على خلاف ما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه – واطرحه فى منطق سائغ متفق وصحيح القانون مدللاً على توافر تلك الحالة ، وكان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ـــ وفق الوقائع المعروضة عليها ــــ بغير معقب مادامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها فى حكمها، كما أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وإذ كان ما رتبه الحكم – على الاعتبارات السائغة التي أوردها – من إجازة القبض على الطاعن لضبطه متلبساً بجناية هتك عرض إنسان بالقوة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة ومشاهدة آثارها – وجود مني على بنطال المجني عليها ــــ بما ينبئ عن ارتكاب تلك الجريمة ويبيح لمأمور الضبط القضائي القبض عليه إعمالاً للمادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون سديداً
(الطعن رقم 7706 لسنة 78 جلسة 2017/01/05)

هذا القضاء معيب ذلك أن الآثار التي تجعل الجريمة متلبسا بها هي الآثار التي تشاهد بالجاني وليس بالمجني عليه وهذا ما اكدته الماده ٣٠ إجراءات التي ابانت حالات التلبس علي سبيل الحصر بقولها “تكون الجريمه متلبسا بها حال ارتكابها…. أو إذا وجد مرتكبها(الجاني) بعد وقوعها بوقت قريب ……به آثار أو علامات تفيد انه فاعلا أو شريكا فيها. وبالتالي فإن قول النقض بأن جريمة هتك العرض بالقوه كانت متلبس بها لمشاهده الضابط آثار”المني”علي بنطال المجني عليه يعد استحداث لحاله جديده من حالات التلبس ما انزل بها القانون من سلطان وهو ما لا يملك القضاء تقريره بمحض تقديره .وترجع العله التي من أجلها رد المشرع التلبس الي الآثار التي تعلق بالجاني وليس المجني عليه الي منع ثبوت التلبس بالباطل إذ بوسع المجنى عليه افتعال اصابه بنفسه بمبادره شخصيه منه للكيد للمتهم أو بايعاز من رجل الضبط القضائي للايقاع بالمتهم وضبطه وتفتيشه. فضلا عن انه من المفروض في آثار الجريمة التي تخلع عليها وصف التلبس ان تنبيء بذاتها ودون دليل اضافي علي وقوعها وهو ما يتحقق في الاثار العالقه بالجاني نفسه وليس بالمجني عليه إذ احتمال اصطناعها وارد. ويبدوا أن الذي اورث اللبس لدي محكمة النقض خلطها بين الحاله الثانيه من حالات التلبس(عقب ارتكابها ببرهه يسيره) والحاله الرابعه للتلبس(مشاهد آثار الجريمه علي الجاني) ومن المعلوم أن الحاله الثانيه لا تتحقق الا اذا كانت الجريمه نارها لم تخمد بعد كمشاهده جثه لازالت تنزف دما .اما مشاهد ماده صفراء والاعتقاد بانها “مني” فلا يوفر التلبس لان كل ماده صفراء لا تعد بالضروره “مني ” لاسيما انها وجدت علي بنطال المجني عليه من الخارج وليس في منطقه عوره وهو مناطا اعتبار الجريمة هتك عرض.

(3) ومن ناحية ثانية ذهبت محكمة النقض إلي أنه لما كانت الوقائع الثابتة بالحكم تدل على أن والدة المجنى عليها ما إن شاهدت الطاعن حال اقترافه جريمة هتك عرض ابنتها حتى بادرت إلى إبلاغ الضابط فأسرع إلى مكان الواقعة وقام بضبطه ، فإن هذا القبض يعتبر حاصلاً في حالة تلبس ويكون صحيحاً في القانون ، مادام الثابت أنه بادر إلى الانتقال عقب علمه مباشرة ، ومادام قد شاهد أثار الجريمة بادية ، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو عول في الإدانة على أقوال الضابط .
(الطعن رقم 4881 لسنة 83 جلسة 2013/11/11)

وهذا القضاء بدوره محل نظر اذ لا يكفي لتحقق التلبس مجرد تلقي رجل الضبط القضائي نباء الجريمة عن الغير وانتقاله لمكانها فور إبلاغه بها وانما يلزم أن يشاهد الجريمة بنفسه في احدي حالات التلبس أو علي الاقل اثرا من آثارها ولا يعد اخطار والدة المجني عليها للضابط بوقوع الجريمة علي ابنتها من اثار الجريمة ذلك أن تلك الآثار تنبع من الجريمة ذاتها كمشاهده نار تشتعل ودم ينزف أو سماع طلق ناري وليس من امر خارجي عنها كشاهده شاهد .فضلا عن التعاقب المذكور في المادة 30 إجراءات(تكون الجريمة متلبس بها…عقب ارتكابها ببرهه يسيره) هو التعاقب بين وقوع الجريمةذاتها و مشاهدة آثارها وليس التعاقب بين ابلاغ رجل الضبط بالجريمة وعلمه بها وانتقاله لمكانها ومشاهدة آثارها حسبما خال لمحكمة النقض وبالتالي فلو حدث الإبلاغ بعد وقوع الجريمة بوقت طويل فإن حاله التلبس لا تكون قائمة ولو انتقل رجل الضبط القضائي فور إبلاغةوشاهد اثار الجريمة بادية. ثم ان محكمة النقض لم تفصح أو تبين آثار الجريمة التى شاهدها الضابط بعد انتقاله فور الإبلاغ وهل كانت عالقه بالجاني ام بالمجني عليه لاسيما وأن الآثار التي يعتد بها يجب أن تكون عالقه بالجاني.

(4) ولا ينبغي أن يفهم من نقدنا للاحكام المار ذكرها أننا نرغب افلات المتهم من العقاب ولكن ننبه فقط أنه كان يجب علي المحكمة أن تستبعد الدليل الناجم من ضبط الجاني وتفتيشه لعدم توافر التلبس وهذا الاستبعاد لو حصل كان لا يحول بين المحكمة وإدانة الجاني بناء علي اي دليل آخر مستقل عن القبض والتفتيش كشاهدة المجني عليها أو والدتها مادام أن كلاهما مستقل عن القبض والتفتيش الباطلين مادام المحكمة قد انست في أقوالهما الصدق وارتاح اليها ضميرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *