دراسة لتاريخ الشيك وأهميته القانونية – بحث قانوني هام

دراسة لتاريخ الشيك وأهميته القانونية – بحث قانوني هام

 

المقدمة:ـ
ـ تاريخ الشيك في القانون التجاري
1. خلو السند من تاريخ
2. إحتواء الستد على تاريخ صحيح
3. إحتواء السند على تاريخ مؤخر عن تاريخ إصداره
4. إحتواء السند على تاريخين.
ـ أهمية تاريخ إصدار الشيك في القانون التجاري
1. أهلية الساحب بتاريخ إصدار الشيك
2. قواعد تقديم وتزاحم الشيكات
3. ساحب الشيك وإفلاسه
4. تقادم الدعاوى بالشيك
ـ الخاتمة
ـ المراجع

المقدمة
إن ما يميز المعاملات التجارية عن غيرها من المعاملات هو سرعة إنجازها وسهولة إثبات قيامها بكافة الوسائل المتاحة، ولهذه السرعة والسهولة والمرونة في العمل التجاري ميزات خلقت وسائل وأوجدت بدائل لتحل محل العملات النقدية بمختلف العمليات وخاصة لأن أي تاجر لا يفضل الدفع نقداً خوفاً على الأكيد من مخاطر الدفع النقدي ومخاطر دفع نقوده فوراً وخوفاً على مصالحه التجارية ونشاطه التجاري، وقد يكون على عدم القدرة على الدفع الفوري أو الرغبة بتأجيل جزء من المبلغ حتى ينفذ باقي الإتفاق وخاصة كون التاجر يملك سيوله كبيرة لا يريد أن يصرفها نقداً على مشروع واحد فقط وإنما يتحرك بحرية بالسوق بواسطة بديل عن النقد كدفعات مستقبلية وبتواريخ محددة مسبقاً بدل عن دفعة واحدة.

لجميع ذلك ولإثبات الديون والحقوق المالية المترتبة لأي فرد بإتجاه غيره من الأفراد نتيجة تعاملهم فيما بينهم ومع بعضهم البعض بعلاقات تجارية فكان لا بد من خلق وسائل متمثله في الأوراق التجارية أو الأسناد التجارية كضمانات للحقوق بين الأفراد العاديون أو بين التجار.ولأن هذه المعاملات هي التي دفعت بالمشرعين للإتجاه نحو تشريع يهتم بالأوراق التجارية ووضعها لضوابط متعددة لضمان سير العمليات التجارية وعدم حدوث تجاوزات حيث قد إهتمت القوانين التجارية لمختلف البلدان بمعالجتها ووضعت تحت موضوع الأوراق التجارية وهي:ـ سند السحب، السند لحامله، والشيك.

من خلال ما سبق نلاحظ أهمية الأوراق التجارية لشيوعها بين الأفراد وبين التجار وذلك لأنها تحل بدل النقد. لذلك صدرت البيانات الواجب توفرها لكي يكتسب السند صفة الشيك وترتب على ذلك عدة آثار وحقوق للغير بمواجهة الساحب للشيك. وهناك قوانين حددت هذه البيانات ليكتسب السند صفة الشيك ورتبت آثار جزائية بمواجهة الساحب فيما إذا أخل في إستخدامه لهذه الورقة التجارية وإخراجها عن الإطار المرسوم لها كأداة وفاء لا إئتمان.

تاريخ الشيك وأهميته بالقانون التجاري
تاريخ الشيك بالقانون التجاري:ـ
بالنظر الى تاريخ الشيك قد تثار أربع مسائل جوهرية ومن أهمها:ـ

ـ أولاً:ـ خلو السند من تاريخ:ـ
حيث أن الفقه القانوني أجمع على أن تاريخ إصدار الشيك يعتبر من العناصر الأساسية المؤلفة للشيك، إلا أنه لم يتفق حول آثار إنعدام ذكر هذا التاريخ في متن السند.
وبنفس الوقت ذهب البعض الى أن خلو الشيك من تاريخ إنشاءه يفقده هذه الصفة، ويعتبر كأن لم يكن ويتحول الى سند دين عادي، يتضمن إعترافاً من جانب المدين بحق الدائن بالمبلغ المثبت بالسند
بالمقابل ذهب البعض الى أن السند لا يفقد صفة الشيك إن خلال من تاريخ الإنشاء، إذ أن إعطاء وتسليم الشيك من الساحب الى المستفيد يعني انه فوضه في وضع التاريخ المناسب قبل تقديمه للمسحوب عليه للحصول على مقابل الوفاء، أو كرأي البعض الآخر الى أنه يبقى السند محتفظاً بصفة شيك بهدف معاقبة الساحب الذي أساء إستخدام الورقة التجارية التي هي أداة وفاء وأراد تحويلها الى أداة إئتمان، حيث ان فقدان صفة الشيك يعني إفلات الساحب من دائرة العقاب لفقدان عنصر أساسي من عناصر جريمة إصدار شيك بدون رصيد.
أما بالنسبة لقانون التجارة الأردني فإنه إعتبر أن تاريخ إنشاء الشيك بيان إلزامي لا يستعاض عنه بأي بيان آخر، حيث إعتبره يفقد هذه الصفة هو بذلك يتحول لسند عادي(1) لايقبل التظهير ولا يجوز تداوله إلابإتباع إجراءات الحوالة المدنية المشترط لصمتها رضا المحيل والمحال عليه والمحال له.
حيث القانون قد عاقبل كل شخص يصدر شيك بدون تاريخ بغرامة مالية لا تتجاوز خمسة دنانير. أي أن المشرع هنا إعتبر الشيك الخالي من تاريخ إنشاءه شيكاً بالمعنى القانوني التام(2) وبنفس الوقت لا يخرجه عن دائرة الحماية الجزائية بل يبقى ضمن نطاقها ودعم لصحة هذا القول فيوجد آراء فقهية وقواعد قانونية ومنها:ـ
ـ إعمال الكلام أولى من إهماله وبحال تعدد اعمال الكلام يهمل
ـ إن المشرع لا يقول لغواً
ـ الأصل في الكلام الحقيقة
ـ المطلق يجري على إطلاقه إذا لم يقم دليل التقييد نصاً ودلاله
ـ ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكره كله
ـ إن النص القانوني اللآحق ينسخ النص القانوني السابق ما دام هناك تعارض بينهما.
وهنا من الجائز أن تدخل نصوص قانونية أخرى على أنه بحالة خلو الشيك من تاريخ فيجب أن يحل بدل عنه تاريخ تقديمه للمسحوب عليه للتمكن من الحصول على مقابل الوفاء على أساس أن الشيك أداة وفاء ومستحق الأداء لدى الإطلاع.(3)

ـ ثانياً:ـ إحتواء السند على تاريخ صحيح:ـ
طبيعة الشيك كأداة وفاء يقتضي أن يكون تاريخ السحب هو تاريح الوفاء وتاريخ الإصدار ذاته فإذا تضمن الشيك تاريخ إنشاءه بالإضافة الى البيانات الإلزامية الأخرى إحتفظ بهذه الصفة من وجهة نظر القانون التجاري ولا تثير هذه الحالة أية إشكاليات قانونية او قضائية أو فقهية. ويعتبر بجميع الأحوال أن التاريخ الموضوع على الشيك هو ذاته تاريخ اليوم المعطى فيه حيث لا يقبل من الساحب إثبات صوريه هذا التاريخ لأن العبرة بالحالة الظاهرية وحدها بغض النظر بحقيقة الواقع وعلى ذلك لا يقبل من ساحب الشيك القول بأنه أصدره في تاريخ سابق لعدم جواز إثبات صورية التاريخ المثبت عليه، لأن العبرة بالحالة الظاهرة وحدها.

يجب التنبيه الى ان الشيك المؤخر التاريخ هو شيك بالمعنى الكامل، ولا يجوز للساحب إثبات أن التاريخ الحقيقي لتحرير الشيك يختلف عن التاريخ المثبت عليه، ما دام أن الشيك لا يتضمن أكثر من تاريخ واحد،لأنه يعد عندئذ شيكاً بحسب ظاهره بالمعنى القانوني وأن تاريخ تحريره هو تاريخ إستحقاقه كما يبدو للمطلع عليه.

ـ ثالثا:ـ إحتواء السند على تاريخ مؤخراً عن تاريخ إصداره:ـ
بهذه الحالة التاريخ المثبت على الشيك يكون متأخراً عن تاريخ إنشاءه ويعرف بـ” الشيك مؤخر التاريخ”. وهو يعتبر بمثابة شيك ما دام أنه لا يتضمن إلا تاريخاً واحداً لأنه يعد عندئذ شيكاً بحسب ظاهر الحال بالمعنى القانوني، وان تاريخ تحريره هو تاريخ إستحقاقه يبدوا للمطلع عليه. ويكون واجب الأداء في مجرد الإطلاع عليه حتىلو كان تاريخ الإطلاع سابق على تاريخ يوم الإصدار. حيث لا يوجد مبادئ قانونية تأيد هذه القاعدة منها:ـ
ـ عدم جواز تفسير أي عبارة غامضة بشكل من شأنه يغير بالطرف الضعيف
ـ بحال العبارات واضحة فلا يجوز الإنحراف عنها
ـ من سعى في نقص ما تم من جهته فسعيه مردود عليه.
إذ نجد أن الشيك الذي يحمل تاريخ غير تاريخ إصداره يعتبر شيك بالمعنى القانوني بحيث لا يجوز للساحب أن يثبت أنه قام بتسليم الشيك وطرحه للتداول بتاريخ سابق على التاريخ المثبت عليه ليفلت من العقاب.
يجب الإشارة الى أنه بحال قدم المسحوب عليه شيكاً يحمل تاريخ غير صحيح أي تاريخ لاحق على التاريخ المقدم فيه له أي للمصرف (المسحوب عليه) أن يحصل على مقابل الوفاء، فإن المصرف (المسحوب عليه) الشيط ملزم بتسليم مقابل الوفاء للمستفيد أو الحامل ولو كان الشيك المقدم يحمل تاريخ مؤخراً على يوم الإصدار.

ـ رابعاً:ـ إحتواء السند على تاريخين:ـ
هنا يتضمن متن السند تاريخين لا تاريخ واحد، أحدهما تاريخ إصداره والثاني تاريخ إستحقاقه. هنا يثار سؤال هل ان السند يكتسب صفة الشيك أم لا يكتسبها؟
ذهب الفقه والقضاء الى أن الشيك يفقد صفته كشيك ويأخذ حكم المكبيالة لأنه يعتبر اداة إئتمان وليس أداة وفاء بحال إحتوى على تارييخ أول لإصداره وعلى تاريخ ثاني لإستحقاقه بنفس الوقت.
كما أن قانون الشيك المؤقت العثماني إعتبر الشيك بحالة وجود تاريخين كأن لم يكن.
نجد أن أهميه تاريخ إنشاء الشيك تكمن في هذه الأربع مسائل التي تطرقنا لها بعلاج موضوع تاريخ الشيك.

أهمية تاريخ إصدار الشيك في القانون التجاري
سيتم التطرق لأهمية الساحب بتاريخ تحريره للشيك وبيان قواعد التقديم وتزاحم الشيكات وتحديد إن أعطى الشيك في فترة الريبة عند توقف التاجر عن الدفع، وفي حساب مدد التقادم المقررة للوفاء ومرور الزمن ومعرفة إن كان هناك رصيد للساحب لدى المسحوب عليه بتاريخ وضعه بحركة التداول.

أولاً:ـ أهلية الساحب بتاريخ إصدار الشيك:ـ
الأهلية المقصودة هنا : صلاحية أو قابلية الشخص لإكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات والقيام بالأعمال والتصرفات القانوني (أهلية أداء وأهلية وجوب).
هنا لأن إصدار الشيك ووضعه بحركة التداول يعتبر عملاً من الأعمال القانونية فالأهلية المطلوبة أهلية الأداء لدى الساحب. حيث إذا كان الساحب بذلك التاريخ متمتعاً بكامل أهليته فإن له الحق في القيام بكافة التصرفات القانونية، وتصرفه يكون صحيح ومنتج لكافة أثاره القانونية ويتحمل كافة التبعات المترتبة على ذلك. أما إذا لم يكن الساحب بتاريخ إنشاءه الشيك كامل الأهلية لعدم بلوغه السن القانونية (18) عاماً أو كان مجنوناً، معتوه فكل تصرفاته تكون باطلة بطلان مطلق وإن أصدر أحد ليس بكامل الأهلية شيك بالتاريخ هذا فتصرفه غير صحيح وغير معقول من الناحية القانونية.
بحال إن لم يكن هناك تاريخ مدون في متن الشيك فيعتبر تاريخ تقديمه للمسحوب عليه كأساسا لتحديد ومعرفة إذا كان الساحب أهلية أم لا. فإن كان له بتاريخ التقديم أهلية الأداء فالشيك صحيح ومنتج آثاره.
أما لو كان الشيك يحمل تاريخاً متصرفاً (غير صحيح) فالعبرة بهذا التاريخ لتقديم الشيك للمسحوب عليه، كأساس لتحديد أهلية الساحب لإصداره إذ ليس من المقبول الإعتداد بالتاريخ الثابت في متن السند. وبحالة ما إذا حمل الشيك تاريخين أحدهما تاريخ الإصدار والثاني تاريخ الإستحقاق فالعبرة لتاريخ الإصدار.(4) فمثل هذه الحالة ينظر لتوافر أهلية الأداء لدى الساحب بتاريخ الإصدار بحال توفى هذه الأهلية يصبح التصرف صحيحاً ومنتج لكل أثاره القانونية. وبحال توافر أهلية الساحب أنشء الشيك ووضعه بحركة التداول.

ثانياً:ـ قواعد تقديم تزاحم الشيكات:ـ
يكون الشيك واجب الوفاء لدى الإطلاع عليه وكل بيان مخالف لذلك يعتبر كأن لم يكن (م245/1) ويلزم المسحوب عليه بالوفاء بقيمة الشيك. المهم أن التشريعات وضعت قواعد وألزمت المستفيد بتقديم الشيك في مواعيد محددة وبينت وفاء الشيكات إذا تعددت وقدمت بآن واحد.
أ. مواعيد تقديم الشيكات:ـ للمسحوب عليه للحصول على مقابل الوفاء يتضمن نقطتين رئيسيتين هما:ـ
1. التقديم في الميعاد المحدد وضمن المهملة القانونية
حيث القانون حدد الموعد الذي على حامل الشيك أن يقدم هذا الشيك للوفاء كي يحتفظ بحق الرجوع على الموقعين السابقين، وميز المشرع الأردني بين ثلاث حالات بهذه المواعيد وهي:ـ
· الحالة الأولى:ـ الشيك مسحوب بالأردن وواجب الوفاء به، فعلى المستفيد تقديمه للحصول على مقابل الوفاء خلال 30 يوم حسب المادة (245/1) من قانون التجارة.
· الحالة الثانية:ـالشيك المسحوب خارج الأردن وواجب النفاذ فيه فيجب على المستفيد أو لحامل تقديمه خلال ستين يوم إن تمت عملية سحبه في دولة إوروبية أو إحدى الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط حسب المادة (246/1) ق. التجارة(5).
· الحالة الثالثة:ـ إن كان الشيك مسحوب خارج الأردن وفي بلد غير مطل على البحر الأبيض المتوسط أو ليس أوروبياً فإن ميعاد تقديمه للوفاء تصبح 90 يوما (6)ً.
أما فيما يتعلق بتاريخ بدء سريان المواعيد المشار عليها أعلاه فإن المادة (246/3) تجاري حددته أنه من اليوم المبين في الشيك كتاريخ إصداره. لكن القضاء والفقه إستقر على أن اليوم الذي أصدر فيه الشيك لا يدخل في حساب ميعاد التقديم إن كان الشيك قد سحب في بلد تقويمه يختلف عن التقويم المتخذ بالأردن. ارجع تاريخ إصداره إلى اليوم المقابل بالتقويم الساري. وبحال قدم الشيك إلى إحدى غرف المقاصة في البنوك أو الأشخاص المرخص لهم التعامل بالشيكات يعتبر تقديماً للوفاء، وهو صحيح من الوجهة القانونية إذا قدم ضمن المهلة المعينة. وعليه وإن كان الشيك يحمل تاريخاً صحيحاً بدأ سريان المدد المشار إليها من اليوم الذي يلي التاريخ الثابت عليه. وإن كان الشيك يحمل تاريخاً غير صحيحاً (مؤجلاً) وقدم المسحوب عليه للحصول على مقابل الوفاء فإن بدأ سريان هذه المدد لا يثير أي جدل كون المصرف ملزم بحكم القانون الوفاء بقيمة الشيك دون النظر أو الإلتفات للتاريخ المثبت عليه.
أما لو حمل الشيك تاريخين أحدهما للإصدار والآخر للإستحقاق فإنه قد إستقر على أن تاريخ الإستحقاق يعتبر كأنه غير موجود، فإن بدأ سريان مدد التقديم يبدأ من اليوم التالي لتاريخ إصداره الذي يعتبر أنه الأساس المعتمد عليه. أما في حالة خلو الشيك من تاريخ الإنشاء وعدم وجود تفويض من الساحب للمستفيد يوضع التاريخ المناسب.

2. التقديم خارج الميعاد المحدد:ـ
م(249/1) تجاري نصت على أنه للمسحوب عليه أو يوفي قيمة الشيك ولو بعد الميعاد المحدد لتقديمه. فهل المسحوب عليه ملزم بالدفع إذا كان هناك رصيد للساحب أو لا؟ وهل الساحب ملزم بوضع شروحات على ظهر السند إذا لم يكن الساحب رصيد إذا لم يكن للساحب رصيد إذا قدم الشيك خارج الميعاد المحدد.
قد نجد أن عبارة المسحوب عليه الواردة في المادة (249) “يجوز للمسحوب عليه أن يختار أو جوازية بأن يوفي فيمة الشيك إذا كان مقابل الوفاء لا زال في حيازته أو أن لا يوفي هذه القيمة لو كان لديه رصيد.

ب. تزاحم الشيكات:ـ يقصد بها تعددها أو تعدد حامليها أو المستفيدين منها حيث م (252) من قانون التجارة الأردني ميزت بين حالتين:ـ
· الحالة الأولى:ـ حالة إذا ما كانت الشيكات المقدمة للمسحوب عليه قد قدمت دفعة واحدة للحصول على مقابل الوفاء، هنا يجب على المسحوب عليه أن يبدأ بدفع كامل قيمة الشيك الأقدم تاريخاً ثم الشيك الذي يليه بالتاريخ حتى يصل إلى شيك لا يمكنه دفع كامل قيمته أو عدم وجود رصيد له فيمتنع عن الوفاء ” م(252/1) إذا قدمت عدة شيكات بآن واحد وكان لدى المسحوب عليه من النقود غير كافٍ للوفاء بها جميعها وجب مراعاة تواريخ إصدارها”.

· الحالة الثانية:ـ حالة إذا ما كانت الشيكات المقدمة في آن واحد قد تم تظهيرها بدفتر شيكات واحد وتحمل تاريخاً واحداً وأرقام متسلسلة، فإن على المسحوب عليه أن يدفع قيم هذه الشيكات حسب تسلسل أرقامها وبنفس الترتيب الوارد في دفتر الشيكات. وبهذا فإن الشيكات المقدمة بآن واحد منظمة بدفتر واحد وتحمل أرقاماً متسلسلة إلا أنها لا تحمل تاريخ واحد بل أكثر من تاريخ خضع للوفاء بقيمتها إلى المادة (252/2) التي تنص على ” إذا كانت الشيكات المقدمة مفصولة من دفترة واحد يحمل تاريخ إصدار واحد فضل الشيك الأسبق رقماً”.
تجدر الإشارة إلى أن أحكام الفقرة الثانية تراعي إذا كان الشيك من الشيكات المقدمة لا يحمل تاريخاً والباقي يحمل نفس التاريخ.

ثالثاً:ـ ساحب الشيك وإفلاسه:ـ
يقصد بالإفلاس حالة التاجر الذي يصبح في حالة تعتبر عجز مالي لا يقوى معها على القيام بالوفاء بالديون والإلتزامات المترتبة في مواعيد إستحقاقها، لذلك تدخل المشرع التجاري بهدف التنفيذ الجماعي على اموال التاجر المدين وذلك من خلال قواعد تكفل للدائنين تحصل حقوقهم ضمن حدود الأموال التي يملكها المفلس. مثل هذه الإجراءات ترمي إلى تحقيق هدفين هما:ـ
· الأول:ـ حماية الدائنين من تصرفات المدين المفلس من محاولة تهريب أمواله أو أي جزء منها مما يلحق ضرراً بهم.
· الثاني:ـ حماية الدائنين أنفسهم من بعضهم البعض حتى لا يتزاحموا على إستيفاء حقوقهم للحصول على أوفر قدر ممكن من حقوقهم بغض النظر عما يلحق الدائنين الآخرين من ضرر.
تحقق لهذه الأهداف فقد قررت المادة (332 تجاري أردني) على أنه يجب أن يتضمن الحكم بشهر الإفلاس تعيين وقت التوقف عن الدفع وغايته هو إعتباراً من تاريخ التوقف عن الدفع يفقد التاجر أهليه إصدار الشيكات، حيث أن الدفعات التي تجري بشيكات يمكن أن تكون عرضه للبطلان أو الإبطال بسبب وقوعها بعد تاريخ التوقف عن الدفع. ورغبة من المشرع الأردني لتأمين حماية لدائني المفلس، فقد منح المحكمة إمكانية إرجاع تاريخ التوقف عن الدفع إلى ثمانية عشر شهراً سابقاً على صدور حكم الإفلاس. وبحال المفلس إن أصدر شيك أثناء فترة الريبة فإن تصرفه يكون قابل للإبطال خاصة إذا كان الدين غير مستحق الأداء. اما إذا كان مستحق الأداء وصدر الشيك فللمستفيد أو للحامل الحق بإستيفاء قيمته بمعزل عن تفليسه الساحب. وللحكم ما إذا كان الشيك قد حرر بفترة الريبة أم لا وبالتالي إمكانية إبطال الشيك الذي أصدره التاجر الذي حكم بإفلاسه فإن العبرة هي لتاريخ إصدار الشيك إن لم يكن له تاريخ. فلتاريخ تقديم الشيك للمسحوب عليه.

رابعاً:ـ تقادم الدعاوى بالشيك:ـ
التقادم: مرور فترة زمنية من الوقت يحددها القانون دون أن يتخذ خلالها إجراء أو ممارسة حق منحه القانون لشخص ما، والتقادم نوعان:ـ
ـ مسقط:ـ الذي تنقضي به الحقوق الشخصية والعينية إذا لم يستعمل صاحب الحق حقه خلال المدة المحددة بالقانون.
ـ مكسباً:ـ والذي يكسب به الحائز ما حازه من حقوق عينية بعد أن إستمرت حيازته لها خلال مدة حددها القانون.
بالنسبة الى الشيك بشكل عام والتقادم المتعلق بتاريخ إنشاء الشيك فقد عالجه المشرع التجاري بالمادة (371) والتي جاء فيها:ـ
1. تسقط بالتقادم دعاوى حاول الشيك بإتجاه المسحوب عليه بمضي خمس سنوات محسوبة من تاريخ إنقضاء الميعاد المحدد لتقديم الشيك للوفاء.
2. تسقط بالتقادم دعاوى الحامل على المظهرين والساحب والملتزمين والآخرين بمضي ستة شهور محسوبة من تاريخ إنقضاء ميعاد للتقادم.
3. تسقط بالتقادم دعاوى رجوع مختلف الملتزمين بوفاء الشيك بعضهم تجاه بعض بمضي ستة شهور محسوبة من اليوم الذي أدى الملتزم أو من اليوم الذي خوصم فيه بدعوى الرجوع.
4. ولا تسقط بمعنى المواعيد المتقدمة الدعوى على الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء أو قدمه ثم سحبه كلا أو بعض والدعاوى على سائر الملتزمين الذين حصلوا على كسب غير عادل.
نجد أن القانون التجاري قد ميز بين صورتين من التقادم المتعلق بتاريخ إنشاء الشيك وهما:ـ
أ‌. التقادم الخماسي الطويل:ـ (م271/1) لحامل الشيك الحق بالرجوع على المسحوب عليه ومطالبه بمقابل الوفاء خلال خمس سنوات من تاريخ إنقضاء الميعاد المحدد لتقديم الشيك للوفاء، إلا أن السؤل الذي يرد بهذا المقام هو متى يكون للحامل الحق التمسك بحقه هذا؟. ويجب معرفة أن كان تقادم الدعاوى الحامل على المسحوب عليه ومطالبته بمقابل الوفاء خلال خمس سنوات هي مرتبطة بمسألة هامة أساسية هي معرفة ما إذا كانت ملكية مقابل الوفاء تنتقل إلى المستفيد أو حملة الشيك الآخرين فور وضع الشيك في حركة التداول أم لا.
في حالة كون الملكية تنتقل للحامل أو المستفيد فور إنتقال حيازة الشيك من الساحب للمستفيد فهذا يعني أن الشيك ومبلغ المال الذي يملكه قد نقلت لكافة الحقوق الناشئة عن إصداره ووضعه بحركة التداول خاصة ملكية المؤونة أو مقابل الوفاء للمستفيد أو للمظهر له إن كان هناك عملية التظهير.
وبحالة كون ملكية مقابل الوفاء لا تنتقل للمستفيد عند إستلامه للشيك أو للمظهر عند التظهير له على الشيك، فإن ذلك يعني إن كافة المبالغ المتضمنة للشيك لا زالت مملوكة للساحب على الرغم من إصداره للشيك وتسليمه إياه للمستفيد ما دام المستفيد لم يتقدم للمسحوب عليه للحصول على مقابل الوفاء. وحول مدى إنتقال المؤونة للمستفيد أو للحامل فهناك إختلاف بين التشريعات الفقهية والقضائية حول ذلك حيث المشرع الأردني واللبناني والسوري لم يأخذوا صراحة مبدأ إنتقال ملكية المؤونة للمستفيد فور إستلامه للشيك أو للحامل عند عملية التظهير على الرغم من تبني التشريعات الثلاث لمبدأ ملكية المؤونة في السفتجة إلى حملة السفتجة أو السحب المتعاقبين وعندما عالجت أحكام الشيك الخاصة بمقابل الوفاء، لم تشير لحكم هذه الواقعة وهكذا فإن ملكية مقابل الوفاء أو المؤونة تبقى للساحب وغير قابلة للإنتقال إلى المستفيد أو الحاملين المتعاقدين للشيك. ويجوز للساحب أن يسحبها لعدة أسباب:ـ
· لو أراد المشرع بإعمال أحكام إنتقال ملكية المؤونة للمستفيد أو للحاملين المتعاقدين لنص على ذلك صراحة أو إحالة الأحكام القانون التجاري مثل باقي نصوص القانون.
· إن المبدأ القانوني مستقر على عدم جواز تحمل النص أكثر من طاقته عند التفسير خاصة المادة (232) تجاري.
· ونفس المادة نصها للمسحوب عليه التأشير على الشيك وبينت معنى التأشير أن لديه مقابل الوفاء بتاريخ التأشير فلو أراد المشرع الأخذ بمبدأ إنتقال المؤونة لنص صراحة على ذلك.

ب‌. التقادم القصير الأجل:ـ
كما ان المشروع الأردني ميز بين نوعين من الدعاوى للحامل التي تتقادم بسته شهور وهي:ـ
ـ الأولى:ـ متمثلة بالدعاوى التي من الحامل على المظهرين والساحب والملتزمين الآخرين بمضي مدة ستة شهور محسوبة من تاريخ إتفضاء الميعاد الواجب لتقديم الشيك فيه للحصول على مقابل الوفاء.
ـ الثانية:ـ تتمثل بدعوى رجوع كافة الملتزمين بالوفاء بالشيك كل منهم تجاه الآخر الذي ظهر له الشيك وتقدمها بمضي ستة أشهر وسريان هذه المدة يبدأ من اليوم الذي أوفى فيه الإلتزام (المدعي) أو من اليوم الذي خوصم فيه بدعوى الرجوع.

تجدر الإشارة إلى ان دعاوى التقادم الطويل أو القصير لا تتقادم بمواجهة الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء بالميعاد المحدد قانوناً. وكذلك لا تسقط هذه الدعاوى بمواجهة كافة الملتزمين الذي حصلوا على كسب غير مشروع. إذ أن هذه الدعاوى تصبح دعاوى مدنية تستهدف التعويض عن الضرر المادي والأدبي ويطلق عليها دعوى “الإثراء بلا سبب”. والدفع الغير مستحق ولها تقادم مدني وهو مرور خمس عشرة سنة.

الخاتمة
يمثل الشيك علاقة قانونية بين ثلاث أطراف هم الساحب والمستفيد والمحسوب عليه وهناك شروط موضوعية من محل ورضا وسبب وأهلية، وهناك شروط أخرى شكلية ليكتسب الشيك صفته كشيك بمعنى أداة وفاء هذه الشروط وغيرها تحكم علاقة الأطراف فيما بينهم وبهذه الشروط وتوافر البيانات اللآزمة به يخضع الشيك لحكم الأوراق التجارية ويخضعها لقواعده.
ونجد أن تاريخ إنشاء الشيك هو أحد البيانات الأساسية الإلزامية وبدونه لا يكتسب صفته كشيك مطلقاً وقد بينا ذلك سابقاً. وبينا حالات خلو الشيك من تاريخ وإحتواءه على تاريخين مختلفين وحالة إحتواءه على تاريخ مؤخر عن تاريخ إصداره وحالة إحتواء الشيك على تاريخ صحيح وشرحنا هذه الحالات ونرجو أن نكون قد وفقنا بشرح حالات الشيك وتاريخ إصداره.
فراس الحياري

—————-
(1) م (228) أحكام قانون التجارة رقم (12) لسنة 1966. كذلك المادة (229) من نفس القانون.
(2)
م (275/6) من القانون التجاري الأردني التي تعاقب كل من أصدر شيك بدون
تاريح بغرامة مالية مقدارها خمسة دناير قد قررت أن الشيك الخالي من تاريخ إنشاءه لا يفقد صفته كأداه وفاء.
(3) من كتاب تاريخ إصدار الشيك
وأهميته التجارية والجزائية صفحة (8ـ9) المحامي د. نائل عبد الرحمن صالح
(دراسة تحليلية مقارنة/ فقهاً وقضاءاً وتشريعاً).
(4) م(145/1) ق تجارة : يكون الشيك واجب الوفاء لدى الإطلاع وكل بيان عليه مخالف لذلك يعتبر كأن لم يكن.
(5) المشرع السوري واللبناني حدد المدة بـ 20 يوم.
(6) (5) المشرع السوري واللبناني حدد المدة بـ 70 يوم.

المراجع:ـ
1. قانون التجارة رقم (12) لسنة 1966 إعداد المكتب الفني ـ نقابة المحامين ـ عمان.
2. د.نائل عبد الرحمن صالح ـ الشيك. وأحكامه والجرائم الواقعة عليه ـ عمان ـ 1985م.
3. د.نائل عبد الرحمن صالح ـ الشيك. وأهميته التجارية والجزائية ـ عمان ـ 1985م.
4. د. محمود الكيلاني ـ القانون التجاري الأردني ـ الأوراق التجارية ـ عمان ـ 1990.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *