دراسة للأعمال التجارية حسب الموضوع في ضوء القانون التجاري – قراءة قانونية

دراسة للأعمال التجارية حسب الموضوع في ضوء القانون التجاري – قراءة قانونية

 

مقدمــــــــة:

إن قواعد القانون التجاري عرفت تطورا مع الزمن لتأخذ حاجات التجارة و التي تتغير و تتوسع و كانت نتيجة حتميات اقتصادية حيث استلزم إصدار نصوص صريحة لتطبيقها على فئة معينة من الأشخاص هم التجار و على عمليات معينة هي الأعمال التجارية بغض النظر عن القائم بها تاجرا كان أو غير تاجر.

فاعتمد التشريع و الفقه في تحديد هاته الأعمال على معايير عدة : المضاربة من اجل الربح. المقاولة و غيرها من المعايير. فأعتمدها المشرع الجزائري في المادة 2 من القانون التجاري الجزائري. نذكر على سبيل المثال . الشراء لأجل البيع عملا تجاريا بحسب موضوعها.ترى ماهي هاته الاعمال وكيف اوردها هل على سبيل الحصر او على سبيل المثال

خطة البحث

المبحث الأول: ماهية الأعمال التجارية حسب الموضوع

المطلب الأول: مفهوم الأعمال التجارية حسب الموضوع

المطلب الثاني : أساس الأعمال التجارية حسب الموضوع وأهميتها

المبحث الثاني: أنواع الأعمال التجارية حسب الموضوع

المطلب الأول : الأعمال التجارية المنفردة

المطلب الثاني : المقاولات والمنشآت التجارية

خاتمــة

المراجـع

 

المبحث الأول : الأعمال التجارية بحسب الوضوع

المطلب الأول: مفهوم الأعمال التجارية بحسب الموضوع

الأعمال التجارية الموضوعية هي تلك الأعمال التي تعتبر تجارية بصرف النظر عن الشخص القائم بها ومعظم هده الأعمال تتعلق بتداول المنقولات : بضائع ، أوراق مالية ، وتصدر بقصد تحقيق الربح والبعض منها اعتبره القانون التجاري بالرغم من عدم تعلقه بالثروات ، ثم إن من هذه الأعمال ما يعتبر تجاريا ولو وقع منفردا والبعض منها لا يكون تجاريا إلا إذا صدر على شكل المقاولة.

 

المطلب الثاني: أساس الأعمال التجارية الموضوعية وأهميتها

الفرع الأول : أساس الأعمال التجارية الموضوعية

لو رجعنا إلى فقهاء القرن التاسع عشر لوجدنا أنهم كانوا يرون أن هذا التعداد أو السرد الذي تضمنه نص المادة 632 من التقنين التجاري الفرنسي قد جاء على سبيل الحصر على أساس أن القانون التجاري هو قانون استثنائي لا يجوز أن نمد مجاله خارج الحدود التي رسمها له القانون .غير أن فقهاء القرن العشرين رأوا أن هذا التعداد جاء على سبيل المثال، وان على المفسرين أن يختاروا الأنشطة أو الأعمال العصرية التي يمكن أن تدخل في إطار القانون التجاري أي بمعنى آخر. أن المشرع التجاري قد فتح على مصراعيه باب الاجتهاد والقياس لإثبات الأعمال التي تعد بمثابة أعمال تجارية مثل مؤسسات البناء، الأمن البري الفنادق وغيرها.

الفرع الثاني: أهمية الأعمال التجارية الموضوعية

تكمن أهمية تقسيم الأعمال التجارية حسب موضوعها في تمييزها عن بعض الأعمال التي تعتبر مدنية بغض النظر عن صفة القائم بها سواء كان تاجرا آو غير ذلك. فهنالك أعمال يقوم بها التاجر ولا تنصب عليها الصفة التجارية . وهناك أعمال تجارية يقوم بها شخص طبيعي ولا تنصب عليه صفة التاجر

فحاول الفقهاء الاستعانة بثلاث معايير أساسية المضاربة .معيار تداول الأموال و المقاولة لحصر الأعمال التجارية فأورد في القانون التجاري الجزائري عدة أنواع منها الأعمال التجارية الموضوعية و التي تنقسم بدورها إلى أعمال تجارية منفردة و أعمال لا تكون تجارية إلا إذا وردت بشكل مقاولة و كذلك الأعمال التجارية بحسب الشكل . و الأعمال المختلطة و الأعمال التجارية بالتبعية و ذلك للحكم على عمل معين.

 

المبحث الثاني: أقسام الأعمال التجارية بحسب الموضوع

المطلب الأول: الأعمال التجارية المنفردة

الفرع الأول: تعريفها

هي الأعمال التجارية التي يعتبرها المشرع تجارية بصرف النظر عن صفة القائم بها ، بحيث تعد تجارية حتى لو باشرها الشخص مرة واحدة ، وقد أوردها المشرع الجزائري في المادة 2 من القانون التجاري الجزائري .

الفرع الثاني: أقسامها

أ‌) الشراء لأجل البيع : نصت المادة 2 الفقرة الأولى من القانون التجاري الجزائري على مايلي : كل شراء للمنقولات لإعادة بيعها بعينها أو بعد تحويلها وشغلها يعتبر من الأعمال التجارية الموضوعية ونصت الفقرة 2 على أن ” كل شراء لعقارات لإعادة بيعها يعتبر أيضا من الأعمال التجارية الموضوعية ” ونستخلص انه لابد من توفر 3 شروط:

1) أن يكون هناك شراء.

2) أن يتعلق هذا الشراء على منقول أو عقار.

3) أن تتبعه نية المشتري إلى بيع ما أشتراه سعيا وراء الربح.

1 – الشراء:

كل تملك بمقابل سواء كان المقابل مبلغا ماليا أو عينيا. كما هي الحال في المقايضة ، فإذا تم تملك المنقول أو العقار بغير مقابل كالهبة والوصية ، فان بيعه لا يعتبر عملا تجاريا ، وحتى لو كان التملك تصحبه نية البيع ، فهناك أعمالا أو بالأحرى بيوعا كثيرة تخرج عن نطاق الأعمال التجارية ومثالها الإنتاج الزراعي ، ولذا بيع المزارع لمحصولاته الزراعية يعد عملا مدنيا ، فهي لم يسبقها شراء ، وبعد ظهور المشروعات الزراعية الكبيرة التي تلجأ إلى الأساليب والطرق التجارية كاستخدام طرق المحاسبة الحديثة والحصول على الائتمان من البنوك والاستعانة بالوسائل التجارية في توزيع المحصولات ، لذا نادى بعض الفقهاء بضرورة إدخال الزراعة في المجال التجاري ، وكذلك نفس الحكم يسري على استثمار الغابات الملاحات ، المياه المعدنية ، المحاجر ، المناجم وهذا ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 2 فقرة 7 من التقنين التجاري ” على انه يعد عملا تجاريا بحسب موضوعه كل مقاولة لإستغلال المناجم أو المنابع السطحية أو مقالع الحجارة آو منتجات الأرض الأخرى ” . أيضا الإنتاج الفكري والفني فكل من يقوم بالوساطة لبيع هذه الأعمال يعد عمله تجاريا كالنشر، العرض فهي تدخل ضمنها المضاربة، الوساطة في تداول الأفكار.

نلاحظ المهن الحرة فهي تتميز بأنها عملية ذهنية، والغرض منها لا ينحصر في جني الربح ومثالها المحاماة ، الطب التعليم …. فمن يقوم بهذه المهنة فهو يستثمر ملكاته الفكرية ، وما أكتسبه من علم وخبرة ومن مقابل الخدمات التي يقدمونها ، فهي ضمن الأعمال ذات الطابع المدني ، في حين مهنة الصيدلة فلقد اعتبرها القضاء الفرنسي من ضمن الأعمال التجارية فهي تنحصر في شراء الأدوية وبيعها.

2- ورود الشراء على منقول أو عقار :

لكي يعد الشراء لاجل البيع عملا تجاريا يستوي أن يقع الشراء على منقول أو عقار وان كانت بعض التشريعات تقتصرالشراء على المنقول فحسب دون العقار وتستبعد هذه الأخيرة استنادا إلى القاعدة التقليدية التي تقضي بان ” القانون التجاري ، قانون المنقولات والقانون المدني ، قانون العقارات ” وتقوم هذه القاعدة على أساس أن العقارات لا تتسم طبيعتها بروح السرعة والتبسيط التي يقوم عليها القانون التجاري غير ان المشرع الجزائري ساير التطور الاقتصادي الحديث .و يعرف المنقول بأنه كل شيء يمكن نقله دون تلف لأنه شيء غير مستقر وغير ثابت ، فيكون ماديا كالبضائع والسلع ومعنويا كبراءات الإختراع ، العلامات التجارية الصكوك . ويكون منقول بحسب المال كشراء المحصول والثمار قبل جنيها. أما العقار فهو ثابت ، وشراءه يقصد به شراء الحق العقاري ذاته كالملكية ، أما استئجار العقار بقصد إعادة تأجيره فلا يعتبر واردا على عقار لأنه ينصب على المنفعة وهي منقول وتعتبر عملا تجاريا . 3- لا يعتبر الشراء دون نية إعادة البيع عملا تجاريا رغم ما يتبعه من عملية البيع حتى لو حقق ربحا كبيرا كما إذا توافرت نية البيع أثناء الشراء فإن العمل يعتبر تجاريا ولو عدل المشتري عن بيعه .ولقد أثير خلاف فقهي حول اشتراط نية الربح من العمل التجاري ، فقد ذهب الفقيه تالير إلى القول بعدم لزومه لأن معيار العمل التجاري في نظره يكمن في فكرة التداول ، لا في فكرة المضاربة بقصد تحقيق الربح .

غير أن الرأي الراجح في فرنسا ومصر يقضي بان الشراء بقصد البيع لا يكتسب الصفة التجارية ، إلا إذا كان القصد من ورائه المضاربة وجني الربح سواء حقق فعلا أو لم يحققه ” إذن فكل شراء وارد على عقار أو على منقول يكون الغرض منه إعادة البيع لجني ربح أكبر يمثل عملا تجاريا حتى ولو وقع من الشخص مرة واحدة “

ب) أعمال الصرف والبنوك:
تعرضت الفقرتان 13-14 من المادة 2 من القانون التجاري الجزائري للأعمال المصرفية و الوساطة فنصت الفقرة 13 على أنه ” يعد عملا تجاريا بحسب موضوعه كل عملية مصرفية أو عملية صرف “

فعملية الصرف ( opération du change ) هي العملية التي ترمي إلى استلام عملة مقابل عملة أخرى فهو كل تبادل بين العملات الصعبة الحسابية و الدينار والعملات الصعبة فيما بينها ” فهي ترمي إلى حفظ أموال أي نقود أو سندات ومن الملاحظ أن المشرع الجزائري حاول في القانون الجديد المتعلق بالنقد والقرض تحديد مفهوم الأعمال التجارية فتنص المادة 110 من هذا القانون على أنه تتضمن الأعمال المصرفية تلقي الأموال من الجمهور وعمليات القرض ووضع وسائل الدفع تحت تصرف الزبائن و إدارة هذه الوسائل”

فالعمليات المصرفية هي الأعمال التي تقوم بها البنوك ، إذ تعد أعمالا تجارية وعمليات البنوك كثيرة ومتنوعة ، فتقوم بإصدار الأوراق المالية وتتوسط بين الجمهور الذي يكتسب في الأسهم والسندات ، وبين الشركة أو الدولة التي تصدر هذه الأوراق مقابل عمولة تتقاضاها عن هذه الوساطة أيضا تتوسط في الإدخار والاستثمار ، بقصد تحقيق الربح فتستقبل ودائع في إقراض الأفراد بفائدة أعلى كذلك تقوم بفتح حسابات جارية للمصرف ولو وقعت منفردة ، أما بالنسبة للعميل فتعتبر مدنية إلا إذا أصدرت عن تاجر لشؤون تتعلق بتجارته.

ج- أعمال السمسرة والوكالة بالعمولة
هي تقريب بين وجهات نظر شخصين من اجل إبرام عقد ما وذلك مقابل أجر هو عادة نسبة مئوية من قيمة الصفقة ، كالتقريب بين البائع والمشتري وبين المؤجر والمستأجر والمؤمن و المؤمن له …إلخ

السمسار وسيط وليس بوكيل عن أي طرف ولا يدخل في إبرام العقد فهي إذن عمل تجاري بالنسبة للسمسار ولو وقعت منفردة فهناك سمسار شحن . سمسار بحري ، سمسار تامين .اما الوكالة بالعمولة هي العملية التي يقوم بها وسيط بـإسمه لكن لحساب الغير ولذلك لا يعرف الطرف الثاني إلا الوسيط ، و لأنه يتصرف لحساب الغير ، سيطلب منه تسديد العمولة وكافة المصاريف ، أي التكاليف فنصت عليها المادة 2 في الفقرة 3 على أن الوكالة بالعمولة تعد عملا تجاريا بحسب موضوعه ولو وقع منفردا بصرف النظر عن طبيعة الصفقة تجارية كانت آو مدنية (يقع الالتزام على عاتق الوكيل )

د-الاعمال التجارية البحرية
ما نصت عليه المادة 2 في الفقرات (16-20) يعد عملا تجاريا حسب موضوعه ، الأعمال المتعلقة بالتجارة البحرية وكان التعداد على سبيل المثال ، وهذه الأعمال هي : كل شراء وبيع لعتاد أو مؤمن للسفن ، كل تأجير أو اقتراض أو قرض بالمغامرة كل عقود التامين والعقود الأخرى المتعلقة بالتجارة البحرية ، كل الاتفاقيات الاتفاقات المتعلقة بأجور الطاقم وإيجارهم ، كل الرحلات البحرية ، لذلك يجب أن يتعلق موضوع العمل بالتجارة البحرية و أن يكون الغرض منه المضاربة وتحقيق الربح ، أما إذا تعلق بشراء سفن نزهة آو تدريب آو بحث علمي فإنه مدني ، بسبب انتفاء المضاربة وتحقيق الربح .

 

المطلب الثاني : المقاولات والمنشآت التجارية

الفرع الأول : تعريفها

إلى جوار طائفة الأعمال التجارية المنفردة، هناك طائفة أخرى من الأعمال ذكرها المشرع في المادة 02 ولم يعتبرها تجارية إلا إذا تمت على وجه المقاولة ، أي أن العبرة هنا بشكل التنظيم الذي يتم به العمل ، و تكراره ، فهي هيئة غرضها تحقيق هذه الأعمال ، ويمتد هذا التكرار بوسائل مادية معنوية ، بشرية فاستعملها في المجال المدني . فنصتالمادة 549 القانون المدني الجزائري و التي تقابلها المادة 646 من التقنين المصري على أنها ” عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين بان يضع شيئا أو أن يؤدي عملا مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر”

في اعتقادنا أن المشرع الجزائري لم يحصر الصفة التجارية في المقاولات التي عددها فحسب ، بل مدها إلى كل نشاط يتخذ شكل مقاولة و أراد أن يخلع عليه الصفة التجارية .

عنصر التكرار : يشترط القانون لكي تكسب المقاولة الصفة التجارية أن تقوم بالعمل التجاري على سبيل التكرار والاحتراف والمعنى منه هو تكرار العمل التجاري بصور متصلة ومعتادة فمقاولة النقل مثلا تقوم بنقل الأشخاص متكررة متخذة من ذلك العمل التجاري حرفة معتادة لها .

عنصر التنظيم : لابد من أن تتوافر على وسائل مادية مثل الآلات وطاقة بشرية من العمال ، و أن تعمل المقاولة في إطار منظم وقانوني سعيا وراء الربح ، فمقاول النقل يلجا إلى إستغلال وسائل النقل و على استخدام العمال بشكل منظم مضاربا على عمل الإنسان وعمل الآلات بغية تحقيق الربح مخاطرا برؤوس امواله .

 

الفرع الثاني : أقسامها:

أ) مقاولات صناعية :
(إنتاج و تحويل ) : تعتبر مقاولة الإنتاج آو التحويل آو الإصلاح من المقاولات التجارية بنص الفقرة 4 من المادة 2 من القانون التجاري الجزائري ، والمقصود منها هي مقاولة الصناعة فهي تحويل المواد الأولية أو المنتجات إلى سلع صالحة لسد حاجات الإنسان كصناعة الأثاث من الخشب والملابس من القطن أو الصوف وصناعة السيارات من المواد الأولية المختلفة إلى غير ذلك من الصناعات .

أيضا هي تمتد إلى عملية إصلاح السلع المصنوعة ، كإصلاح السيارات والأجهزة الإلكترونية فهي تقوم على عنصر المضاربة وقصد تحقيق الربح فهي إذن أعمال تجارية موضوعية كما يعد الصانع تاجرا ، فلا فرق في ذلك إن كان صاحب المصنع قد اشترى السلعة لصنعها أو أنها سلمت اليه ليتولى صنعها أو تحويلها أو إصلاحها ويردها للعميل ، أي أن الأعمال أو المقاولة الصناعية التي أخذ به المشرع الجزائري التي ترد على عملية شراء أو بيع .كما يرد على نشاط الصانع والذي ينصب على مال الغير دون وجود شراء أو بيع من جانب الصانع فهي إذن تتطلب امتهان الأعمال الصناعية عن طريق التكرار في إطار مهني منتظم .

ب) مقاولات استخراجية :
(مناجم – مقالع) إن جميع المعادن الطبيعية من ذهب أو فضة أو بترول أو حديد أو ملح أو ماء أي استغلال المناجم و أي منتوجات أخرى كانت على سطح الأرض أو في باطنها كقلع الأحجار وتهيئتها للبناء أو صيد السمك و إقامة مصنع تصبير أو ما يشبه ذلك تعد عمليات صناعية استخراجية ، فإذا تمت في شكل منتظم أو مستمر أي في شكل مقاولة اعتبر العمل في نظر المشرع الجزائري تجاريا ، وقد ساير في هذا التعديل الذي جاء به المشرع الفرنسي في قانون 1919 الذي أدخل إستغلال المناجم ضمن الأعمال التجارية لكونها تقوم بالمضاربة بقصد تحقيق الربح

ج) مقاولات التأمين :
نصت الفقرة 10 من المادة 2 ق ت ج على أنه يعد عملا تجاريا فحسب الموضوع كل مقاولة للتامين وهو أن يتعهد شخص يسمى المؤمن بان يؤدي للمؤمن له مبلغا من النقود في حالة وقع الحادث آو تحقق الخطر للمؤمن منه وذلك في نظير قسط يؤديه المؤمن له للمؤمن ويفهم من نص المادة ان المشرع لم يفرق بين التامين التبادلي والتامين ذا الاقساط الثابتة إذ أن كلاها يكتب الصفة التجارية فالتأمين بأقساط ثابتة هو الذي تقوم به عادة شركة أموال تجارية تتعهد فيه لمؤمن له في الحدود المتفق عليها بينهما بتعويض الضرر الناتج من حوادث معينة كالحريق آو السرقة أما التامين التبادلي هو الذي يتفق فيه مجموعة من الأشخاص معرضين لأخطار مشابهة على تعويض الضرر الذي يحل بأحدهم عند وقوع الخطر من مجموع الاشتراكات التي يدفعونها سنويا والتي تشكل فيما بينهم صندوق ضمان كموظفي وزارة التعليم التي تجمعهم مهنة التعليم .

د) مقاولة تأجير المنقولات والعقارات:
إن تأجير المنقولات والعقارات إذا تم على سبيل التكرار واخذ شكل مقاولة تخلع عليه الصفة التجارية لأنه يرمي من خلال هذه العمليات إلى المضاربة وتحقيق الربح وأعتبر المشرع كل من يقوم بمثل هذه الأنشطة تجارا ومن ثم ألقي على عاتقهم التزامات التاجر حماية لكل من يتعامل معهم .

هـ) مقاولة البناء و الحفر وتمهيد الأرض
نصت الفقرة 5 من المادة 2 من القانون التجاري الجزائري أن كل مقاولة تقوم بأعمال البناء الحفر أو تمهيد الأرض تعد أعمالا تجارية ، فهي تشمل ترميم المباني ، رصف الطرق ، إقامة الجسور ، إنشاء الأنفاق وغيرها ، وعلى هذا الأساس يشترط لإعتبارها عملا تجاريا أن يكون قد تعهد بتوريد الأشياء اللازمة للبناء من آلات ومواد أولية وبتوريد العمال . فهو يقوم بدور الوسيط الذي يضارب على بضائعه أو على عمل عماله كذلك لا بد أن يتم على وجه الاحتراف فإذا قام المتعهد بعملية عارضة خاصة بإنشاء المباني فان عمله لا يعتبر تجاريا ، فلقد أثير خلاف فقهي حول حالة ما إذا اقتصر عمل المقاول على تقديم العمال فحسب فهل يعتبر عمله تجاريا؟

-الاستاد عمار عمورة.الوجيز في القانون التجاري الجزائري .دار المعرفة 2000 .ص 74

و- مقاولات تداول المنتجات والخدمات :

1- مقاولات استغلال المخازن العمومية : هي المقاولات التي تستلم البضائع للإيداع بمقابل سند لأمر يطلق عليه اسم سند الخزن الملحق بوصل إيداع هذه البضائع ، ويجوز لهذه المخازن قبول أية بضاعة شريطة أن تكون مشروعة طبقا للفقرة 11 من المادة 2

2- مقاولات استغلال النقل والانتقال : هي المقاولات التي يقصد بها نقل البضائع والحيوانات ويقصد بالانتقال ، انتقال الإنسان بوسائل النقل المختلفة ، فهي احد الدعائم الأساسية التي يرتكز عليها النشاط الاقتصادي في العصر الحديث الذي أصبحت فيه الحركة ضرورية ، فيقول الفقيه ” جوسترن ” انه يعد مقياسا لحضارة الأمم ، فيوجد النقل البري ، النهري ، الجوي ، البحري ويكون داخليا أو خارجيا (وطنيا) إذن يعد النقل عملا تجاريا متى تم على سبيل المقاولة بصرف النظر عن الشخص القائم به سواء كان فردا أو شركة تابعة للقطاع العام أو الخاص .

ي- مقاولات لتداول الإنتاج الفكري

1) مقاولات الملاهي العمومية : واعتبرت الفقرة 9 من نفس المادة السابقة مقاولة استغلال الملاهي العمومية على أنها من المقاولات التجارية هذا ويقصد بها المقاولات الخاصة بتسلية الجمهور مقابل اجر كالسينما ، الغناء ، المسرح ، ولا تكتسب صفة التجارة إلا إذا تمسكت بمباشرة عملها على شكل مقاولة مع تحقيق الربح و أن تضارب على عمل الغير .

2) مقاولات الانتاج الفكري ( النشر) : تتميز في كونها تختص بها دار النشر و يتمثل عملها في شراء حق التأليف من المؤلف قصد بيعه و تحقيق الربح و ما المقاول الا وسيط بين المؤلف و بين الجمهور فهي تكون على أساس المضاربة سعيا لتحقيق الربح فاذا ما قامت فرقة بالتمثيل حبا للفن من غير أن تسعى الى تحقيق الربح كما هو الحال في فرقة التمثيل في المدارس فلا يعتبر العمل تجاري و لو كان الدخول لمشاهدة التمثيل بأجر لانه وقع دون السعي لتحقيق الربح عن طريق الاحتراف.

نصت المادة 2 فقرة 12 على أنه يعتبر عملا تجاريا بحسب موضوعه كل مقاولة لبيع السلع الجديدة بالمزاد العلني و يقصد بمقاولة البيع للأمكنة أو المحلات المعدة لبيع المنقولات أو البضائع المملوكة للغير بطريق المناداة العلنية و التي تعمل الى بيع الأموال المنقولة بجملة اذا كانت جديدة أو بالتجزئة اذا كانت مستعملة لمن يقدم أعلى ثمن و يتلقى الوسيط أجر يكون في العادة نسبة مئوية من ثمن البيع على أن يكون البيع اراديا فلا يعتبر البيع بالمزاد العلني للأموال المحجوزة عليها بناء على طلب أحد الدائنين أن بيع دائرة الجمارك للأموال المتروكة أو المصادرة الا ما صدر على وجه المقاولة فضلا عن توافر المضاربة في عمله .

 

الخاتمـــــــــــــــــة

يتضح من استقراء أحكام المادة 2 من القانون التجاري الجزائري أن الأعمال التجارية بحسب موضوعها تحوي طائفتين من الأعمال و قد جاءت على سبيل المثال: أعمال تجارية منفردة و التي يعتبرها المشرع تجارية بغض النظر عن صفة القائم بها بحيث تعد تجارية حتى و لو باشرها الشخص مرة واحدة . و أعمال تجارية على شكل المقاولة أو منشات تجارية فهاته تعرض خدماتها بصفة مستمرة للجمهور . ولذلك تستلزم تنظيما معينا بهدف ممارسة مهنة معينة . غير أن المشرع حدد أعمالا تجارية أخرى تختلف عن الأعمال التجارية حسب الموضوع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجــــــــــــــــــع :
1 – حسيــن مبروك – الكامل في القانون التجاري – منشورات دحلب . الطبعة الثانية.
2 – فرحــة زراوي صالح – الكامل في القانون التجاري . نشر و توزيع ابن خلدون . النشر الثاني 2003.
3 – عمار عمورة – الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري دار المعرفة الجزائر 2000.
4 – علي بن غانم – الوجيز في القانون التجاري و قانون الأعمال . مرقم للنشر و التوزيع الجزائر 2003.
5 – نادية فضــيل – القانون التجاري الجزائري – ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر الطبعة الخامسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *