دعوى الحضانة والحق بدفع الطرف الأصلح للحضانة.
ان المشرع عرف الحضانة في قانون اﻷحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م بأنها حفظ الولد وتربيته وتعليمه ورعايته بما لا يتعارض مع حق الولي ومصلحة الصغير .
وبين في ذات القانون المشار إليه آنفا المستحقين للحضانة بترتيب معين وتأتي الأم ف المقدمة وتليها أم اﻷم وان علت ثم أم اﻷب وان علت …الخ الترتيب المشار اليه ف المادة 110 من القانون .
كما بين حضانة النساء ف المادة 115 من القانون المشار اليه آنفا وهي سبع سنين للذكر وتسع سنين للأنثي مع جواز امتداد حضانة النساء للصغير حتي البلوغ وللصغيرة الي الدخول ان تبين أن مصلحة المحضون تقتضي ذلك .
وبالرجوع لعنوان الموضوع نجد ان الدفع باﻷصلحية ف دعاوي الحضانة يكون ف اﻷحوال التالية :
1/ عند تجاوز المحضون سن حضانة النساء .
2/ عند زواج الحاضنة بأجنبي عن المحضون بشرط تمام الدخول بها .
وقبل ان نخوض ف شرح حالتي الدفع باﻷصلحية ينبغي علينا تعريف اﻷصلحية :
جاء في المادة 116 فقرة 2 من قانون اﻷحوال الشخصية لسنة 1991م ( يقتضي وجه اﻷصلحية أن للحاضنة من الصفات ما تزيد علي صفات العاصب ) .
وقد عرفت المحكمة العليا اﻷصلحية في قرار النقض بالرقم 25/1984م علي ص 7 من مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1984م باﻵتي ( اﻷصلحية التي يترتب علي ثبوتها استمرار حق الحضانة بالرغم من إنقضائه بالمدة المحددة شرعا تعني أمرا يتوفر لدي الحاضنة يحقق مصلحة للمحضون ولا يوجد عند اﻷب ) .
وبالبناء علي ما تقدم يتضح أن اﻷصلحية تعني ان للحاضنة من الصفات ما لا يوجد عند الحاضن أو يشتركان ف تلك الصفات ولكنها تتفوق عليه .
وينبغي علينا أن نشير الي أنه يجب علي الحاضنة أن توضح تلك الصفات عند دفعها دعوي الضم بموجب المادة 116(لتجاوز المحضون سن حضانة النساء) ، أو دعوي الاسقاط بموجب المادة 113 (زواج الحاضنة بأجنبي عن المحضون) يجب عليها ان تبين وجه تلك اﻷصلحية فلا يجوز ان يكون دفع أيآ من الدعويين باﻷصلحية إجمالآ والا كان الحكم مصيره الحتمي الإلغاء للقصور في التحقيق .
ويجوز للمحكمة بل ويجب علي المحكمة البحث عن اﻷصلحية لوحدها دون طلب من الحاضنة والا كان حكمها متعين اﻹلغاء .
فالمحكمة في قضايا الحضانة تعتبر طرفآ ثالثا تبحث عن مصلحة المحضون أينما وجدت .
نعود لتناول حالتي الدفع باﻷصلحية فإن تجاوز المحضون سن حضانة النساء المشار اليها آنفا أو تزوجت الحاضنة بأجنبي عن المحضون ودخل بها ههنا يقوم الحاضن برفع دعوي ضم محضون في الحالة اﻷولي أو دعوي اسقاط حضانة في الحالة الثانية عندها تدفع الحاضنة أيآ من الدعويين باﻷصلحية مع بيان وجهها فإن أنكر العاصب أصلحيتها كلفت بالبينة فإن أثبتتها حكم لها بإستمرار حضانتها وإن فشلت في إثباتها حلف العاصب اليمين بطلبها علي نفي أصلحيتها فإن حلف فيقضي له بالضم والا ترفض دعواه وكذلك الحال في دعوي اسقاط الحضانة بسبب زواج الحاضنة بأجنبي .
وكما أسلفنا فإن علي القاضي البحث عن اﻷصلحية ولو دون طلب بل نجد بعض السوابق ذهبت الي انه يجوز للقاضي توجيه اليمين للعاصب بدلا عن الحاضنة .
ونجد أن الأصلحية المتمثلة في الصفات التي تتوفر عند الحاضنة وتتفوق فيها علي العاصب غير محصورة
ويمكن ان نتناول عدد من الحالات علي سبيل المثال لا الحصر علي النحو التالي :
1/ أن تكون الحاضنة متفرغة لتربية المحضون ويكون العاصب كثير السفر وغير متفرغ للمحضون وليس لديه من يصلح للحضانة من النساء .
2/ أن يكون المحضون من ذوي اﻹحتياجات الخاصة ويحتاج لرعاية الحاضنة أكثر من العاصب .
3/ أن تكون الحاضنة تقطن ف مدينة تتوفر فيها الخدمات ويكون العاصب يقطن ف قرية لا تتوفر فيها الخدمات .
4/ أن تكون الحاضنة متعلمة ويكون العاصب جاهل وليس لديه من يراجع للمحضون دروسه .
5/ أن تكون الحاضنة غير متزوجة وأن يكون الحاضن متزوج بأجنبية عن المحضون .
6/ أن يكون العاصب مصابا بمرض يجعله مقعدآ وغير قادر علي رعاية المحضون مثال ذلك أن يصاب بالشلل .
توفر أي صفة من الصفات المذكورة أعلاه يحقق مصلحة للمحضون ويوجب بقاءه مع الحاضنة .
تطيقات قضائية :
1/ تعريف اﻷصلحية :
عرفت المحكمة العليا اﻷصلحية بأنها ( تعني أمرآ يتوفر لدي الحاضنة يحقق مصلحة للمحضون ولا يوجد عند اﻷب )
قرار النقض رقم 25/1984 المنشور بمجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1984م ص 7 .
2/ القاضي في دعاوي الحضانة طرف ثالث في الدعوي يبحث عن مصلحة المحضون :
ذهبت محكمة اﻹستئناف الي ان (القاضي حكم محايد بين الخصمين في كل الدعاوي الا دعاوي الحضانة فإنه طرفآ ثالث في الدعوي يبحث عن مصلحة المحضون ولهذا له أن يثير في تحقيقه ما لم يثره الطرفان عن حالهما بحثا عن مصلحة المحضون)
قرار الاستئناف بالرقم 307/1993م مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1993م ص 58
وذهبت المحكمة العليا في ذات الاتجاه وذكرت الآتي (مدار دعوي الحضانة هي مصلحة المحضونين وعلي القاضي ان يبحث عن هذه المصلحة وهي أمر تقدريري لا يخضع لمعايير جامدة ولا لقوالب وهذه المصلحة تتغير بتغير الزمان والمكان واﻷحوال سواء حال المدعي أو المدعي عليه أو حال المحضونين )
قرار النقض بالرقم 117/2003 المنشور بمجلة اﻷحكام القضائية لسنة 2003م ص 12 .
3/ ﻭﺟﻮﺏ ﺑﺬﻝ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﻓﻲ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻭﻣﺴﺒﺒﺎﺕ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ :
1 ) ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺃﻥ ﻳﺄﺫﻥ ﺑﺤﻀﺎﻧﺔ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻤﺤﻀﻮﻥ ﻟﺴﻦ ﺍﻟﺤﻀﺎﻧﺔ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺸﺮﻁ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻜﺎﻓﺊ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺍﻋﻤﺎﻻً ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺸﻮﺭ ﻧﻤﺮﺓ 34 ﻭﺍﻟﻨﺸﺮﺓ ﻧﻤﺮﺓ 6/1942 ﻭﻋﺪﻡ ﺗﻤﺤﻴﺺ ﺫﻟﻚ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻗﺼﻮﺭﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻘﺮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺃﻥ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻳﻔﺘﻘﺮ ﺇﻟﻰ ﻧﻈﺮ ﻭﺑﺬﻝ ﺟﻬﺪ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺳﺒﺒﻪ ﻭﻣﻘﺪﺍﺭ ﻣﺴﺒﺒﻪ .
ﺍﻟﻨﻘﺾ ﻧﻤﺮﺓ / 1/1972 ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ 15 ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺳﻨﺔ 1392 ﻫـ ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻖ
23/10/1972 ص 2
هذا المبدأ تم ايراده في نص المادة 116 من قانون اﻷحوال الشخصية لسنة 1991م .
4/ حكم إجمال الدفع باﻷصلحية :
عدم بيان وجه الدفع باﻷصلحية يوجب إلغاء الحكم وهذا ما ذهبت اليه المحكمة العليا حيث أرثت المبدأ التالي :
ﺑﻴﺎﻥ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺻﻠﺤﻴﺔ – ﺣﻜﻢ ﺍﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻷﺻﻠﺤﻴﺔ
1/ ﻓﻲ ﺩﻋﺎﻭﻯ ﺿﻢ ﺍﻟﻤﺤﻀﻮﻧﻴﻦ ﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﺳﻦ ﺣﻀﺎﻧﻪ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﺫﺍ ﺭﻋﺖ ﺍﻟﺤﺎﺿﻨﻪ ﺩﻋﻮﻯ ﺍﻟﻀﻢ ﺑﺄﺻﻠﺤﻴﺘﻬﺎ ﻭﻃﻠﺒﺖ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻓﺈﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺻﻠﺤﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻭﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺜﻠﻪ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﺏ – ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺎﺻﺐ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﺒﻴﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﺿﺤﺎًً ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
2/ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻷﺻﻠﺤﻴﺔ ﺍﺟﻤﺎﻻً ﺑﻐﻴﺮ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺗﻔﺼﻴﻠﻪ ﻻ ﻳﻌﺘﺪ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ ﻳﺮﻓـﺾ ﺩﻋﻮﻯ ﺍﻟﻀﻢ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﻤﺠﻤﻞ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺻﺮ ﻟﻘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ .
ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﻧﻤﺮﺓ 35/1987ﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ 9/4/1987 المنشور بمجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1987م ص 34 .
وفي الختام ولمزيد من الفائدة القانونية البحتة نشير الي عدد من مجلات اﻷحكام القضائية التي تحوي بين طياتها قضايا حضانة ما بين الضم واﻹسقاط وتلك اﻷعداد علي النحو التالي :
1/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1984م ص 7
2/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1993م ص 58
3/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1996م ص 6
4/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1991م ص 5
5/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 2000م ص 3 و 7
6/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 2005م ص 44 و 54
7/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 2009م ص 56
8/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 2003م ص 7 و 12 و 51
9/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 2013م ص 62 و 67
10/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 2014م ص 7
11/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1975م ص 16
12/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1976م ص 8 و 55
13/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1982م ص 17 و 92
14/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1995م ص 13
15/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1987م ص 34
16/ مجلة اﻷحكام القضائية لسنة 1972م ص 2 .
أ/ محمد خالد محمد