صور القانون الأصلح للمتهم في القانون المصري

صور القانون الأصلح للمتهم في القانون المصري

 

المقصود بالقانون الأصلح للمتهم:

يكون القانون أصلح للمتهم إذا كان يرفع عن الفعل صفة التجريم أو يخفف من العقوبة المقررة للفعل .

صور القانون الأصلح للمتهم :

للقانون الأصلح للمتهم صورتان:

الصورة الأولى : قانون يجعل الفعل غير معاقب عليه :

ينتمي إلى هذه الصورة كل قانون يبيح الفعل الذي كان يشكل جريمة بأن يرفع عنه صفة التجريم . ولكن الأمر لا يقتصر على القانون الذي يبيح الفعل كلية ، بل إنه يشمل كل قانون من شأنه أن يجعل الفعل غير معاقب عليه بالنسبة لمتهم معين، وإن كان هذا الفعل معاقبا عليه بالنسبة لمتهم آخر. من ذلك أن يستحدث القانون الجديد شرطا مفترضا في الجريمة أو ركنا لم يكن متطلبا في ظل القانون الجديد، وكان هذا الشرط أو ذلك الركن لا يتوافر في حق متهم معين. عندئذ يُعتبر هذا القانون أصلح لذلك المتهم ، وإن لم يكن كذلك بالنسبة لمتهم آخر يتوافر في حقه هذا الشرط أو ذلك الركن .

ومن صور عدم العقاب على الفعل أن يستحدث القانون الجديد مانعا من موانع المسئولية أو مانعا من موانع العقاب وكان متوافرا في متهم معين بحيث يعتبر هذا القانون الجديد أصلح له.

ويتميز سريان هذا النوع من القانون الأصلح للمتهم بالخصائص التالية :

1- هذا النوع من القوانين يبيح الفعل بعد أن كان جريمة في القانون السابق عليه

2- إن المتهم يستفيد من هذا النوع من القانون الأصلح الذي يبيح الفعل سواء صدر هذا القانون عند محاكمة المتهم أو بعد انتهاء محاكمته وفي أثناء تنفيذ الحكم.

فتنص المادة (5) عقوبات على أنه ” وإذا صدر قانون بعد حكم نهائي يجعل الفعل الذي حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم وتنتهي آثاره الجنائية ” . وبناء عليه إذا صدر هذا النوع من القوانين قبل صدور الحكم النهائي ، فإن الدعوى الجنائية تنقضي ويتعين الحكم بالبراءة لعدم العقاب على الفعل. وإذا صدر هذا القانون بعد صيرورة الحكم نهائيا فإن تنفيذ العقوبة هو الذي يوقف ويتعين الإفراج عن المحكوم عليه .

الصورة الثانية : قانون يخفف العقوبة:

في هذا الفرض لا يرفع القانون عن الفعل صفة التجريم ، بل يظل الفعل مشكلا لجريمة أي معاقبا عليه ، ولكن القانون الجديد يخفف من العقوبة المقررة لذلك الفعل .

ويتميز هذا النوع من القوانين بالخصائص التالية:

ان هذا النوع من القوانين يخفف العقوبة دون أن يرفع عن الفعل صفة التجريم.

من صور ذلك التخفيف :

1- تنزيل العقوبة من عقوبة الجناية إلى عقوبة الجنحة .

2- تنزيل العقوبة المقررة للجناية في سلم العقوبات المقررة في المادة (10) عقوبات . فإذا قرر القانون الجديد عقوبة السجن المشدد ، فإنها أصلح للمتهم عن السجن المؤبد .

3- تنزيل العقوبة المقررة للجنح : إذا قرر القانون الجديد عقوبة للجنحة تأتي في ترتيب متأخر في سلم العقوبات التي تنص عليها المادة (11) عقوبات فإن تلك العقوبة هي أصلح للمتهم . فعقوبة الغرامة أصلح من الحبس .

4- جعل العقوبة تخيرية بعد أن كانت وجوبية : إذا كان القانون الجديد يجعل عقوبة معينة كالغرامة مثلا تخيرية بعد أن كان القانون السابق يجعلها وجوبية ، فإن القانون الجديد يكون أصلح للمتهم .

5- إذا كان يخفف من شروط العقاب كأن يسمح بوقف التنفيذ بينما لم يكن القانون القديم يسمح بذلك أو يدخل شرطا للعقاب لم يكن متوافرا أو يلغي شرطا مشدد للعقوبة .

 

الخصائص العامة للقانون الأصلح للمتهم :

يتميز القانون الأصلح للمتهم ، سواء أكان قانونا يبيح فعلا مجرما أم قانونا يخفف عقوبة كانت مقررة ، بالخصائص التالية :

(أ) العبرة فيه بالصدور :

يكفي صدور القانون الجديد لكي يمكن إعمال القانون الأصلح للمتهم ولا يلزم أن يتم نشره في الجريدة الرسمية وتمضي الفترة اللازمة لكي يصبح نافذا . فيكفي أن يتم صدور هذا القانون، ولا يلزم أن يتحقق له شرط النفاذ الذي يمثل القاعدة العامة في سريان القانون من حيث الزمان (أي تطبيق القانون).

(ب) تطبيقه من النظام العام:

إن تطبيق القانون الأصلح للمتهم يعتبر من النظام العام. ومؤدى ذلك أن على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها أي تحكم بتطبيق أحكام هذا القانون الجديد الأصلح للمتهم، حتى ولو لم يتمسك به المتهم. كما أنه يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.

(جـ) تحديده يتم بطريقة موضوعية وليست شخصية :

تحديد القانون الأصلح للمتهم أمر موكول إلى قواعد تحكمه وليس متروكا للاختيار الشخصي للمتهم . فقد يفضل المتهم أن يُحكم عليه بمبلغ كبير من الغرامة عن الحكم عليه بمبلغ قليل منها مع قفل المنشأة ، بل إنه قد يفضل الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ عن الحكم عليه بالغرامة مع قفل المنشأة أو الإزالة . ومع ذلك فإنه لا يؤخذ اختياره الشخصي في الاعتبار عند تقدير القانون الأصلح للمتهم .

حالات استبعاد القانون الأصلح للمتهم :

يرد على تطبيق القانون الأصلح للمتهم استثناءات مردها طبيعة القوانين التي تنص على معاملة عقابية أصلح للمتهم. هذه القوانين هي القوانين المؤقتة والقوانين الاستثنائية .

ويستند وجود استثناءات على قاعدة القانون الأصلح للمتهم إلى صريح نص المادة (5/3) من قانون العقوبات الذي يجري نصها على أنه ” غير أنه في حالة قيام إجراءات الدعوى أو صدور حكم بالإدانة فيها وكان ذلك عن فعل وقع مخالفا لقانون ينهي عن ارتكابه في فترة محددة فإن انتهاء هذه الفترة لا يحول دون السير في الدعوى أو تنفيذ العقوبات المحكوم بها ” .

وبناء عليه فإنه يتعين التمييز بين نوعين من القوانين المؤقتة :

الحالة الأولى : القوانين المؤقتة بنص صريح 5/3

– ويٌقصد بالقانون المؤقت على ما عرفته المادة5/3 عقوبات القانون الذي ” ينهي عن ارتكابه في فترة محددة “. وبالتالي فإن القانون لا يكون مؤقتا إلاّ إذا تضمن نصا باقتصار تطبيقه على مدة معينة .

و واضح أن العلة من تقرير ذلك الاستثناء هو صريح إرادة المشرع التي أفصح عنها في صلب القانون نحو تطبيق القانون المؤقت على من خالفه ، حتى ولو انقضت الفترة المحددة لتطبيقه .

ويرجع ذلك إلى رغبة المشرع أن يحرم المتهم الذي يتوصل إلى التهرب من العدالة في فترة معينة من مزية الاستفادة من القانون الأصلح ، بينما يسري القانون المؤقت على من يقوم بتسليم نفسه إلى السلطات.

الحالة الثانية : القوانين المؤقتة بطبيعتها

– ويقصد بها القوانين التي سنت لكي تسري في ظروف معينة تنتهي بانتهاء تلك الظروف مثل الظروف الطارئة . يتجه الرأي إلى أن انتهاء الظروف الاستثنائية الطارئة التي سُنت خلالها قوانين معينة تحول دون تطبيق تلك القوانين بعد انتهاء تلك الظروف نظرا لصراحة نص المادة (5) من قانون العقوبات .

وإلى هذا الرأي تتجه أحكام محكمة النقض. وقد أعملت المحكمة هذا الرأي بخصوص الأوامر العسكرية التي تصدر في ظل الأحكام العرفية ، وبصدد التسعير الجبري ، بما مؤداه أن إلغاء المشرع لتلك القوانين يعطي المتهم حقا في الاستفادة منه باعتباره قانونا أصلح للمتهم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *