صيغة صحيفة طعن بالتمييز (التعسف المتصل بالتعاقد) – نموذج كويتي هام

صيغة صحيفة طعن بالتمييز (التعسف المتصل بالتعاقد) – نموذج كويتي هام

صحيفة طعن بالتمييز – قبول الطعن شكلاً – إن تفسير العقود والمحررات للتعرف على مقصود عاقديها مما تحتمل عباراتها ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها في جملتها أو تشويها لحقيقة معناها، كل ذلك مرجعه لمحكمة الموضوع. وأنه متى كانت عبارات المحررات أو العقود واضحة ظاهرة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير إذ لا عبرة بالدلالة مقابل صريح النص – إن النزول عن الحق كما يكون صريحاً بأي تعبير عن الإرادة، قد يكون ضمناً يستخلص من ظروف الدعوى، فإذا كان ضمنياً تعين أن يستخلص من دلالة واقعية نافية لمشيئة التمسك به، إذ التنازل عن الحق لا يُفترض ولا يُؤخذ بالظن أو الاحتمال، ولا يُستفاد من مُجرد التراخي في التمسك به – لا تثريب على المحكمة إن هي لم تبين الضرر بنوعيه المادي والأدبي الذي حاق بالمدعى بالحقوق المدنية بصفته، لما هو مقرر من أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت بالتعويض المؤقت الذي طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذي سيطالبه به، بانية ذلك على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذي ارتكب الفعل الضار المسند إليه، فهذا يكفي لتقدير التعويض الذي قضت به، أما بيان مدى الضرر فإنما يستوجبه التعويض (النهائي) الذي قد يطالب به فيما بعد، وهذا يكون على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى به – إذا كان طلب التحقيق سواء بسماع الشهود أو بواسطة أرباب الخبرة جائزاً قانوناً، وأنه إذا كان هذا التحقيق هو الوسيلة الوحيدة للخصم في إثبات مدعاة، فلا يجوز للمحكمة رفضه بلا سبب مقبول. حيث إن إعراض الحكم عن تحقيق دفاع الخصم بالإحالة للتحقيق دون سبب مقبول هو مصادرة لحقه في وسيلته الوحيدة في الإثبات وهو دفاع جوهري قد يتغير بعد تحقيقه وجه الرأي في الدعوى مما يضحي معه الحكم مشوباً بالقصور – أنه وإن كانت الفرصة أمراً محتملاً إلا أن تفويتها أمر محقق يجيز للمضرور أن يطالب بالتعويض عنها، ولا يمنع القانون من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من فائدة وراء تحقق هذه الفرصة متى كان هذا الأمل قائماً على أسباب مقبولة من شأنها وفقا للمجرى العادي للأمور، ترجيح فائدة فوتها عليه العمل الضار المشروع … لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد والمكمل لحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بتعويض المطعون ضدهما الأولى والثاني عما أصابهما جراء وفاة ابنتهما على سند ما خلص إليه من فقد الأمل بوفاتها في أن تراعهما في الكبر وتفويت الفرصة في رعايتهما أمر محقق فإنه يكون قد طبق صحيح القانون – إن التعسف في استعمال الحق يدخل في نطاق المسئولية التقصيرية حتى ولو كان تعسفاً متصلاً بالتعاقد

إنـه في يوم الموافق / /2019م، الساعة:
بناءً على طلب السيد/ الممثل القانوني لشركة ” ” للمواد الغذائية (ذ.م.م.). ومركز إدارتها الرئيسي كائن في:
أنـــا/ مندوب الإعلان بوزارة العدل قد انتقلت في التاريخ المبين أعلاه إلى حيث مقر:
السيد

/

رئيس الإدارة العامة للطيران المدني، بصفته.
ويعــلن فــي

/

إدارة الفتوى والتشريع. الكائن مقرها في: الشرق – شارع أحمد الجابر – برج الفتوى والتشريع – بجوار مخفر شرق.
مُخاطباً مع

/

وأعلنته بالتمييز الآتي:
= الموضــــــوع =
بموجب هذه الصحيفة، وفي الميعاد المقرر قانوناً، يطعن الطالب بصفته بطريق التمييز، على الحكم الصادر في الاستئنافين رقمي 1048 ، 1149 / 2019 إداري عقود وطعون أفراد / 3 ، بجلسة 22/9/2019م، والقاضي في منطوقه بـ: “حكمت المحكمة:
بقبول الاستئنافين شكلاً.
وفي موضوع الاستئناف الأول : بإلغاء الحكم المستأنف، ورفض الدعوى.
وفي موضوع الاستئناف الثاني : برفضه، وألزمت الشركة المستأنفة المصروفات، وعشرين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة”.
هذا، وكان الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى المبتدئة رقم 742 / 2019 إداري / 5 ، بجلسة 29/4/2019م، قد قضي في منطوقه بـ: “حكمت المحكمة:
بقبول الدعوى شكلاً.
وفي الموضوع: بإلزام الجهة الإدارية، بأن تؤدي للشركة المدعية، مبلغاً مقداره ـ/3,000د.ك (فقط ثلاثة آلاف دينار كويتي لا غير)، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وعشرة دنانير مقابل أتعاب المحاماة”.
ولما كان هذا القضاء قد جاء مُجحفاً بحقوق الطالب بصفته، لذا فهو يطعن عليه بالتمييز الماثل.

= وقـائــع النــــزاع =
وهي جزء لا يتجزأ من أسباب الطعن
تتحصَّل واقعات الطعن الماثل في أن: الطاعن كان قد عقد الخصومة المبتدئة فيه، ضد المطعون ضده، بموجب صحيفة، موقعة من محام، أودعت إدارة كتاب محكمة أول درجة بتاريخ 12/11/2018م، وقيدت بجدولها العمومي تحت رقم 6093 / 2018 تجاري مدني كلي حكومة / 12 ، وأعلنت قانوناً، طلب في ختامها الحكم له:
“إلزام الجهة الإدارية (الإدارة العامة للطيران المدني/المطعون ضدها)، بأن تؤدي للمدعي (شركة للمواد الغذائية/الطاعنة)، مبلغاً مقداره ـ/5,001د.ك (خمسة آلاف وواحد دينار كويتي)، على سبيل التعويض المؤقت، مع إلزامها المصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية”.
وأورد المدعي (الطاعن) شرحاً لدعواه المبتدئة ولطلباته فيها، أنه: في نهاية عام 2016 أعلنت الجهة الإدارية المدعى عليها (المطعون ضدها) عن المزايدة رقم: (7-2016/2017) بشأن الترخيص بإدارة واستغلال عدد (6) ستة مواقع لمكائن المشروبات والحلويات في مطار الكويت الدولي، لمدة (3) ثلاث سنوات، تبدأ من تاريخ استلام الموقع؛ وحيث تقدمت الشركة الطاعنة (المدعية) بعطائها، بمبلغ ـ/90,000د.ك (تسعون ألف دينار كويتي)، وحيث تم ترسية المزايدة على الشركة الطاعنة (المدعية) في تاريخ 3/5/2017م، إلا أن الجهة الإدارية المدعى عليها (المطعون ضدها) لم تسلم الشركة المدعية (الطاعنة) “كتاب الترسية” إلا في تاريخ 18/1/2018م، أي بعد ما يزيد على ثمانية أشهر كاملة؟؟
ومنذ تاريخ ترسية المزايدة على الشركة الطاعنة (المدعية) وهي تحاول جاهدة مع جهة الإدارة (المطعون ضدها/المدعى عليها) لـ”توقيع العقد”، إلا أن الجهة الإدارية ظلت تماطل وتسوف بدون أي مسوغ قانوني مقبول، وبعد ما يزيد على سبعة أو ثمانية أشهر قامت الجهة الإدارية المطعون ضدها بمخاطبة إدارة الفتوى والتشريع لأخذ رأيها القانوني بشأن قرار ترسية المزايدة المذكورة على الشركة المدعية، فقامت إدارة الفتوى والتشريع (في 8/1/2018م) بالرد على الجهة الإدارية المطعون ضدها بما مفاده أنه: “سبق الرد على الجهة الإدارية بخصوص هذه المسألة في تاريخ 17/8/2017م؟! وإنه يتعين على الإدارة العامة للطيران المدني الرجوع إلى ذلك الكتاب المؤرخ في 17/8/2017م”؟؟!!
وفي تاريخ 4/2/2018م قامت الجهة الإدارية بتوقيع عقد المزايدة مع الشركة الطاعنة، والذي تضمن تخصيص عدد (6) ستة مواقع لمكائن المشروبات والحلويات بمطار الكويت الدولي، تقوم الشركة الطاعنة باستثمارها داخل صالة الترانزيت (وفقاً للشروط العامة والخاصة وصيغة المزايدة الواردة بوثائقها) لغرض توفير مأكولات خفيفة ومشروبات للجمهور والمترددين على تلك المواقع. وتحددت ذلك الترخيص بفترة ثلاث سنوات، تبدأ من تاريخ انتهاء فترة التجهيز المحددة بثلاثة أشهر، من تاريخ تسليم الموقع، وتكون القيمة الإيجارية “السنوية” مبلغ مقداره ـ/30,000د.ك (ثلاثون ألف دينار كويتي)، يتم سدادها على عدد (4) دفعات “ربع سنوية” كل ثلاثة أشهر.
وحيث منحت الشروط الخاصة للمزايدة الشركة المدعية (الطاعنة) الحق في وضع إعلانات (على مكائن المشروبات والحلويات الموردة منها)، وذلك بعد الحصول الموافقة المسبقة من الإدارة العامة للطيران المدني (المطعون ضدها) وفقاً للبند رقم (7) من المادة رقم (4). كما أكد البند رقم (10) من محضر الاجتماع التمهيدي المنعقد في 8/1/2018م على عدم وضع إعلانات على الشاشات الإلكترونية أو ملصقات على الأجهزة إلا بعد الحصول على موافقة الجهة الإدارية (المطعون ضدها) على أن يتم تحديد مبلغ مقابل ذلك الاستغلال (الإعلانات).
إلا أن الشركة الطاعنة لم تتسلم – حتى تاريخه – سوى عدد (3) ثلاث مواقع فقط أصل (6) ستة مواقع مخصصة لها بموجب عقد ترسية المزايدة سند التداعي.
وتم تسليم تلك المواقع الثلاثة في تاريخ 1/5/2018م (أي بعد ثلاثة أشهر كاملة من تاريخ توقيع عقد المزايدة؟؟!! وبعد عشرة أشهر من تاريخ رسو المزايدة على الشركة الطاعنة؟؟!!)، وذلك بموجب شهادة استلام وتسليم موقع، موقع عليها من طرفي التداعي (الجهة الإدارية والشركة الطاعنة)، وقد دونت الجهة الإدارية في بند “الملاحظات” في محضر التسليم المذكورة نص العبارة التالية:
“أما فيما يتعلق بالمواقع الأخرى، فسوف يتم تسليمها بعد مراجعة الإدارة المعنية بتحديد المواقع”.
ومن تاريخ 1/5/2018م حتى تاريخ قيد هذا الطعن، لم تقم الإدارة المعنية بتحديد المواقع، بتحديد المواقع الثلاثة الأخرى المنصب عليها عقد ترسية المزايدة سند التداعي؟؟!! على الرغم من المساعي الحثيثة المبذولة من الشركة الطاعنة وعلى الرغم من الوعود المتكررة والتي لم يتم تنفيذ وتحقيق أي منها حتى تاريخه.
وإزاء هذا الوضع لم تجد الشركة الطاعنة مناصاً من تقديم عدة شكاوى لرئيس الإدارة العامة للطيران المدني (المطعون ضدها)، تشتكي وتتضرر من عدم تسليمها المواقع الثلاثة الأخرى، ولكن من دون جدوى، حيث ذهبت تلك الشكاوى العديدة أدراج الرياح الواحدة تلو الأخرى.
بل زاد الطين بلة، ما فوجئت به الشركة الطاعنة من أن هناك مواقع متعاقد عليها (بموجب عقد المزايدة سند الدعوى) ما زالت مستغلة من قِبل مستثمرين آخرين بموجب مزايدة أخرى (برقم: 4-2014/2015)؟؟!!
وحيث قام مكتب التفتيش والتدقيق بإعداد تقرير لرئيس الإدارة العامة للطيران المدني، بناء على إحدى شكاوى الشركة الطاعنة، أثبت فيه صحة ما أوردته الشركة الطاعنة بشأن وجود عدد (2) موقع خلف مصاعد الترانزيت المحددة في المادة (13)، وأن هذه المواقع ستعيق حركة المسافرين، ويكون وضع المكائن غير مقبول، ومن ثم تعويض الشركة الطاعنة بمواقع بديلة مقابل مدخل صالة الترانزيت لوضع عدد (2) ماكينة بناء على رأي مدير الإدارة الهندسية. وفي تاريخ 4/4/2018م تم اعتماد الرأي الوارد بالتقرير من قِبل رئيس الإدارة العامة للطيران المدني (المطعون ضدها)، إلا أن المسئولين بالإدارة المطعون ضدها لم يقوموا مطلقاً بتسليم المواقع الناقصة (وعددها ثلاث مواقع) للشركة الطاعنة ؟؟!!
وفوق ذلك كله، فقد تقدمت الشركة الطاعنة بتاريخ 14/2/2018م بطلب إلى إدارة العمليات بالإدارة العامة للطيران المدني للحصول على الموافقة بوضع إعلانات على الشاشات الإلكترونية موضحاً به عدد الشاشات والمقاسات وأبدت استعدادها لسداد الرسوم المقررة مقدماً عن سنة كاملة، إلا أنها فوجئت بتاريخ 30/4/2018م بكتاب مدير إدارة العمليات بمطار الكويت الدولي يخطر الشركة الطاعنة بعدم الموافقة على طلبها بوضع تلك الإعلانات على المكائن محال عقد المزايدة ؟؟!!
ولما كان ما كابدته الشركة الطاعنة من معوقات ومماطلة وتسويف بدءاً من ترسية المزايدة عليها، ثم التأخير والتسويف في توقيع عقد المزايدة معها، ثم التأخير والتسويف في تسليم مواقع المكائن المتفق عليها، وعدم تسليم كامل تلك المواقع حتى تاريخه، وعدم الموافقة على قيام الشركة الطاعنة بوضع إعلانات على المكائن المستغلة في بعض المواقع التي تم تسليمها لها، كل ذلك ألحق أضرار بالغة بالشركة الطاعنة (مما لحق بها من خسارة، وما فاتها من كسب، وضياع الفرص – فضلاً عن الأضرار الأدبية التي لحقت بممثلي الشركة الطاعنة مما لاقاه من تعنت الجهة الإدارية معه بدون أي مسوغ قانوني)، لا سيما وأن الشركة الطاعنة وهي في سبيل تنفيذ عقد المزايدة قد تعاقدت بالفعل مع شركات متخصصة لتوريد وتسويق الشاشات لوضع الإعلانات، وهو ما فوت عليها مكسباً كان متوقعاً، مما حدا بها إلى إقامة دعوى “إثبات حالة مستعجلة” قيدت برقم 639 / 2018 مستعجل / 22 لإثبات تلك الحالة، وقد ثبت فعلياً بتقرير الخبرة (رقم: 1984/F/2018) مدى التعنت الغير مبرر مطلقاً من الجهة الإدارية مع الشركة الطاعنة (على الرغم من كونها قدمت لها أفضل العطاءات على الإطلاق؟؟!!).
مما حدا بالشركة الطاعنة إلى إقامة دعواها المبتدئة بغية القضاء لها بطلباتها سالفة الذكر.
وحيث تداولت الدعوى المبتدئة بالجلسات أمام محكمة أول درجة، على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 28/1/2019م قضت عدالة الدائرة: تجاري مدني كلي حكومة / 12 ، في الدعوى رقم 6093 / 2018، بـ:
“عدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى الدائرة الخامسة الإدارية لنظرها، وحددت لذلك جلسة 4/3/2019م، واعتبرت النطق بالحكم إعلاناً للخصوم به”.
ونفاذاً لهذا القضاء، فقد أحيلت الدعوى للدائرة الإدارية الخامسة بالمحكمة الكلية، وقيدت بجدولها العمومي تحت رقم 742 / 2019 إداري / 5 ، وتداولت الدعوى أمامها بالجلسات، على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 29/4/2019م قضت محكمة أول درجة في تلك الدعوى بقضائها الذي جرى منطوقه على النحو التالي: “حكمت المحكمة:
بقبول الدعوى شكلاً.
وفي الموضوع: بإلزام الجهة الإدارية (المطعون ضدها)، بأن تؤدي للشركة المدعية (الطاعنة)، مبلغاً مقداره ـ/3,000د.ك (فقط ثلاثة آلاف دينار كويتي لا غير)، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وعشرة دنانير مقابل أتعاب المحاماة”.
وحيث لم ترتضِ الجهة الإدارية (المطعون ضدها) بهذا القضاء، لذا فقد طعنت عليه بالاستئناف رقم 1048 / 2019 إداري عقود وطعون أفراد / 3 لأسبابه الواردة به، ونـُحيل إليها منعاً للتكرار.
كما لم ترتضِ الشركة المدعية (الطاعنة) بالمبلغ المقضي به في هذا القضاء، لذا فقد طعنت عليه بالاستئناف رقم 1149 لسنة 2019 إداري عقود وطعون أفراد / 3 لأسبابه الواردة به، ونـُحيل إليها منعاً للتكرار.
وحيث تداول الاستئنافين – بعد ضمهما – بالجلسات، على النحو الثابت بمحاضرهما، وبجلسة 22/9/2019م أصدرت محكمة الاستئناف قضائها الذي جرى منطوقه على النحو التالي: “حكمت المحكمة:
بقبول الاستئنافين شكلاً.
وفي موضوع الاستئناف الأول (رقم 1048 / 2019 ، المقام من الجهة الإدارية): بإلغاء الحكم المستأنف، ورفض الدعوى.
وفي موضوع الاستئناف الثاني (رقم 1149 / 2019 ، المقام من الشركة): برفضه، وألزمت الشركة المستأنفة المصروفات، وعشرين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة”.
وإذ جاء هذا القضاء مجُحفاً بحقوق الشركة الطاعنة، فضلاً عما شابه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، لذا فإن الشركة الطالبة تطعن عليه بطريق التمييز لهذه الأسباب، وللأسباب التالية:

= أسبـاب الطعـن بالتمييـز =
أولاً: قبــول التمييــز شكــــلاً
لما كان من المقرر بنص المادة (127) من قانون المرافعات المدنية والتجارية أنه: “لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه، ولا يجوز ممن قبل الحكم صراحة أو ضمناً أو ممن قُضي له بكل طلباته، ما لم ينص القانون على غير ذلك، ولا يجوز للمحكمة أن تسوئ مركز الطاعن بالطعن المرفوع منه وحده”.
وكان من المقرر بنص المادة (129) من القانون ذاته أنه: “يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك …”.
وكان من المقرر بنص الفقرة الأولى من المادة (152) من القانون ذاته أنه: “للخصوم أن يطعنوا بالتمييز في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف العليا في الأحوال الآتية:
1. إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله.
2. إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم”.
وحددت المادة 153 من ذات القانون المُعدلة بالقانون رقم 12 لسنة 2019م، ميعاد الطعن بـ: “ستون يوماً”.
وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 22/9/2019م؛ فإن آخر ميعاد لقيد الطعن هو 22/11/2019م.
وإذ قُيد هذ الطعن في الميعاد القانوني، وأُقيم ممن يملكه، وعن حكمٍ قابلٍ للطعن فيه، ومُوقع عليه من مُحامٍ مقبولٍ أمام محكمة التمييز، ومستوف لكافة أوضاعه الشكلية والقانونية المُقررة، ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
ثانياً: الأســـباب الموضوعــية للطعـــن
مخالفــــة الحكــــــم المطعون فيه للقانــــــون
والخطــــأ في تطبيقــــه وفي تأويله، وفساده في الاستدلال، ومخالفته للثابت بالأوراق، وذلك من عدة وجوه:
الوجه الأول:
لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضائه على سند وحيد مما ذكره وأورده في حيثياته بما نصه:
“… ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الشركة المستأنفة (الطاعنة) – في الاستئناف الثاني – قد قامت بتاريخ 1/5/2018م باستلام ثلاثة مواقع من أصل ستة مواقع المتفق عليها بموجب العقد سالف الذكر (عقد المزايدة، سند الدعوى)، وذلك وفق محضر التسليم الموقع من طرفي العقد، ومن ثم تكون إرادتها قد انصرفت إلى تعديل العقد والاقتصار على تسلم ثلاث مواقع فقط (؟؟!!) – الأمر الذي ينتفي معه ثبوت الخطأ في جانب الجهة الإدارية (؟؟!!) – هذا فضلاً عن أن الشركة لم تصب بثمة أضرار مادية محققة جراء عدم قيام الجهة الإدارية بتسليمها المواقع المتفق عليها كاملة، كما لم تقدم ما يفيد ذلك، وهو ما تضحى معه مطالبة الشركة بالتعويض مفتقدة صحيح سندها بعد أن انهارت أركان المسئولية الموجبة للتعويض (؟؟!!)”.
لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق، ومن مجرد مطالعة محضر التسليم المؤرخ في 1/5/2018م (والذي قام الحكم المطعون فيه بتفسير دلالته) قد نص صراحة – بعد أن أورد الثلاث مواقع التي تم تسليمها – في بند الملاحظات ما نصه:
“أما فيما يتعلق بالمواقع الأخرى، فسوف يتم تسليمها بعد مراجعة الإدارة المعنية بتحديد المواقع”.
ومن تاريخ 1/5/2018م حتى تاريخ قيد هذا الطعن، لم تقم الإدارة المعنية بتحديد المواقع، بتحديد المواقع الثلاثة الأخرى المنصب عليها عقد ترسية المزايدة سند التداعي؟؟!! على الرغم من المساعي الحثيثة المبذولة من الشركة الطاعنة وعلى الرغم من الوعود المتكررة والتي لم يتم تنفيذ وتحقيق أي منها حتى تاريخه.
كما إن الثابت بالأوراق كذلك قيام الشركة الطاعنة بتقديم عدة شكاوى لرئيس الإدارة العامة للطيران المدني (المطعون ضدها)، تشتكي وتتضرر من عدم تسليمها المواقع الثلاثة الأخرى، ولكن من دون جدوى، حيث ذهبت تلك الشكاوى العديدة أدراج الرياح الواحدة تلو الأخرى.
فكيف يتسق كل ذلك مع قيام الحكم المطعون فيه بتفسير محضر الاستلام المؤرخ في 1/5/2018م بأنه: (إرادة الشركة الطاعنة قد انصرفت إلى تعديل العقد والاقتصار على تسلم ثلاثة مواقع فقط)؟؟!!
لما كان ما تقدم، وكان من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، فإنه: “من المقرر أنه إذا كانت عبارة المحرر واضحة جلية في الكشف عن المراد منها، فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة محررها، إذ لا عبرة للدلالة في مقابل التصريح”.
[[ الطعنان بالتمييز رقما 93 ، 102 لسنة 2002 عمالي/1 – جلسة 2/6/2003م ]]
كما تواتر قضاء محكمة التمييز، على إنه: “المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن تفسير العقود والمحررات للتعرف على مقصود عاقديها مما تحتمل عباراتها ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها في جملتها أو تشويها لحقيقة معناها، كل ذلك مرجعه لمحكمة الموضوع. وأنه متى كانت عبارات المحررات أو العقود واضحة ظاهرة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير إذ لا عبرة بالدلالة مقابل صريح النص”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 143 لسنة 2002 أحوال شخصية – جلسة 27/4/2003م ]]
[[ والطعن بالتمييز رقم 70 لسنة 2004 تجاري/3 – جلسة 11/12/2004م ]]
وقضت محكمة التمييز، بأن: “العقد شريعة المتعاقدين فيعتبر بالنسبة إلى عاقديه بمثابة القانون أو هو قانون خاص بهما، وإن كان منشأة الاتفاق بينهما، فلا يجوز لأحدهما أن يستقل بنقضه أو تعديل أحكامه إلا في حدود ما يسمح به الاتفاق أو يقضي به القانون، وكان مفاد المادة 193/1 من القانون المدني أنه إذا كانت عبارات العقد واضحة في دلالتها على ما قصدته لإرادة المشتركة للمتعاقدين فإنها لا تكون في حاجة إلى تفسير ووجب على القاضي أن يأخذ بمعناها الظاهر دون أن ينحرف عنه لأنه لا مساغ للاجتهاد في مورد النص”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 980 لسنة 2007 تجاري/2 – جلسة 23/5/2010م ]]
[[ والطعن بالتمييز رقم 909 لسنة 2008 تجاري/3 – جلسة 21/12/2010م ]]
وفي سابقة قضائية أصدرت محكمة التمييز حكماً هاماً، أوردت فيه أنه: “المقرر -في قضاء هذه المحكمة-وفقاً لنص المادة 196 من القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين فيعتبر بالنسبة إلى عاقديه بمثابة القانون أو هو قانون خاص بهما وإن كان منشأه الاتفاق بينهما وتكون أحكامه تبعاً لذلك هي المرجع في تحديد حقوق والتزامات كل من طرفيه قبل الآخر، وأنه وإن كان لمحكمة الموضوع السلطة الكاملة في تفسير العقود واستخلاص النية الحقيقية للمتعاقدين آخذة في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها، إلا أنها تلتزم بألا تعتد في هذا التفسير بما تفيده عبارة معينة دون غيرها في العقد، بل يتعين عليها الأخذ بما تفيده العبارات كلها في مجموعها للوصول إليه هذه النية الحقيقية – وأنه إعمالاً لنص المادة 193/1 من القانون المدني أنه إذا كانت عبارات العقد واضحة في دلالتها على ما قصدته الإرادة المشتركة فإنها لا تكون في حاجة إلى التفسير ووجب على القاضي أن يأخذ بمعناها الظاهر دون أن ينحرف عنه لأنه لا مساغ للاجتهاد في مورد النص – وأنه يجب تنفيذ العقد طبقاً لما يتضمنه من أحكام على أن تتمشى طريقة التنفيذ مع ما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل وهو ما تقرره المادة 197 من القانون المدني – وأن مخالفة الثابت في الأوراق التي تبطل الحكم هي كما تكون -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات والأوراق بما يوصف بأنه مسلك إيجابي منها تقضي فيه على خلاف هذه البيانات، فإن مخالفة الثابت بالأوراق قد تأتي كذلك من موقف سلبي من المحكمة بتجاهلها هذه المستندات والأوراق وما هو ثابت فيها”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 1394 لسنة 2007 تجاري/3 – جلسة 9/2/2010م ]]
وكذلك تواتر قضاء محكمة التمييز، على أن: “النص في المادة 193/1 من القانون المدني على أن “إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين”، والنص في المادة 196 على أن “العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز لأحدهما أن يستقل بنقضه أو تعديل أحكامه إلا في حدود ما يسمح به الاتفاق أو يقضي بالقانون”، يدل على أن مبدأ سلطان الإرادة مازال يسود الفكر القانوني ولازم ذلك أن ما اتفق عليه المتعاقدان متى وقع صحيحاً لا يخالف النظام العام أو الآداب أصبح ملزماً للطرفين فلا يجوز لأيهما أن ينقض العقد أو يعدله على غير مقتضى شروطه ما لم يتفق على ذلك مع الطرف الآخر، كما يمتنع ذلك على القاضي لأنه لا يتولى إنشاء العقود عن عاقديها، وإنما يقتصر عمله على تفسير مضمونها، وهو ملزم عند وضوح عبارات العقد بعدم الخروج عنها باعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة المتعاقدين المشتركة، وذلك رعاية لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقاً لاستقرار المعاملات، فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤدى عبارات المتعاقدين الواضح إلى معنى آخر، وعليه إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك. كما أن المقرر أن العقد هو قانون المتعاقدين فالخطأ في تطبيق نصوصه أو مخالفتها خطأ في القانون يخضع لرقابة محكمة التمييز”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 868 لسنة 2007 تجاري/3 – جلسة 25/11/2008م ]]
[[ والطعنان بالتمييز رقما 695 ، 703 لسنة 2010 تجاري/5 – جلسة 16/6/2013م ]]
كما قضت محكمة التمييز، بأنه: “من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه وإن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والمحررات والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود عاقديها إلا أن ذلك مُقيد بأن يكون تفسيرها مما تحتمله عبارات العقد أو المحرر وألا تخرج فيه عن المعنى الظاهر له، فإذا ما أدى بها هذا التفسير إلى إعطاء العقد أو المحرر المطروح عليها -وأسست عليه قضاءها= تكييفاً قانونياً خاطئاً فإنها تخضع في ذلك لرقابة محكمة التمييز”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 700 لسنة 2003 تجاري/2 – جلسة 30/6/2004م ]]
فمن المستقر عليه في قضاء محكمة التمييز، أنه: “من المقرر -في قضاء هذه المحكمة-أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع سلطتها التقديرية في تفسير العقود والمحررات، واستخلاص ما تراه أوفى إلى نية العاقدين، إلا أن ذلك مشروط بأن لا يكون فيه خروج عما تحتمله عبارات المحرر أو تشويه لحقيقة معناها، مُستعينة في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها، اعتباراً بأن شروط العقد أو وقائعه تفسر بعضها بعضاً دون الوقوف عند المعنى الحرفي لعباراته أو ألفاظه أو بعضاً منها دون الآخر. فإذا خرجت عن ذلك واعتنقت تفسيراً خاطئاً فيكون حكمها خاضعاً لرقابة محكمة التمييز التي تصحح هذا الخطأ”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 161 لسنة 2002 عمالي/1 – جلسة 29/12/2003م ]]
[[ والطعن بالتمييز رقم 5 لسنة 2011 تجاري/5 – جلسة 25/4/2012م ]]
ومن المتواتر عليه في قضاء محكمة التمييز، أنه: “ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة في تفسير العقود والمحررات وتأويلها واستخلاص ما تراه أوفى إلى نية العاقدين مستعينة في ذلك بمجموعة وقائع الدعوى وظروفها اعتباراً بأن شروط العقد أو وقائعه يفسر بعضها بعضاً دون الوقوف عند المعنى الحرفي لعبارات العقد أو ألفاظه أو بعضاً منها دون الآخر لأن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني إلا أنه إذا كان التفسير الذي اعتنقته محكمة الموضوع خاطئاً فيكون حكمها خاضعاً لرقابة محكمة التمييز التي تصحح هذا الخطأ”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 1327 لسنة 2006 تجاري/4 – جلسة 31/1/2008م ]]
[[ والطعن بالتمييز رقم 1609 لسنة 2008 تجاري/5 – جلسة 23/12/2009م ]]
[[ والطعن بالتمييز رقم 1671 لسنة 2012 تجاري/4 – جلسة 20/2/2014م ]]
[[ والطعنان بالتمييز رقما 479 ، 484 لسنة 2010 تجاري/2 – جلسة 8/4/2012م ]]
[[ والطعنان بالتمييز رقما 530 ، 542 لسنة 2014 تجاري/5 – جلسة 15/4/2015م ]]
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق، ومن عقد المزايدة سند الدعوى، ومن محضر الاستلام، بعبارات واضحة صريحة لا لبس فيها ولا إبهام، اتفاق طرفي العقد على تخصيص عدد (6) ستة مواقع للشركة الطاعنة، وكان محضر الاستلام المؤرخ في 1/5/2018م (والذي بموجبه قد استلمت الشركة المدعية ثلاثة مواقع من إجمالي المواقع المخصصة لها)، فقد نص في هذا المحضر صراحة – في بند الملاحظات – ما نصه: “أما فيما يتعلق بالمواقع الأخرى، فسوف يتم تسليمها بعد مراجعة الإدارة المعنية بتحديد المواقع”.
ولما كانت عبارات العقد ومحضر الاستلام عبارات واضحة في دلالتها على ما قصدته لإرادة المشتركة للمتعاقدين، فإنها لا تكون في حاجة إلى تفسير، وإنه كان يجب على القاضي أن يأخذ بمعناها الظاهر، دون أن ينحرف عنه، لأنه لا مساغ للاجتهاد في مورد النص.
فضلاً عن أن سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود والمحررات، مشروط بأن لا يكون فيه خروج عما تحتمله عبارات المحرر أو تشويه لحقيقة معناها، مُستعينة في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها، اعتباراً بأن شروط العقد أو وقائعه تفسر بعضها بعضاً، فإذا هي خرجت عن ذلك واعتنقت تفسيراً خاطئاً فيكون حكمها خاضعاً لرقابة محكمة التمييز التي تملك تصحح هذا الخطأ.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأسس قضائه الطعين على سندٍ وحيد مما زعمه بأن: (… ولما كان الثابت من الأوراق أن الشركة المستأنفة (الطاعنة) – في الاستئناف الثاني – قد قامت بتاريخ 1/5/2018م باستلام ثلاثة مواقع من أصل ستة مواقع المتفق عليها بموجب العقد سالف الذكر، وذلك وفق محضر التسليم الموقع من طرفي العقد، ومن ثم تكون إرادتها قد انصرفت إلى تعديل العقد والاقتصار على تسلم ثلاث مواقع فقط، الأمر الذي ينتفي معه ثبوت الخطأ في جانب الجهة الإدارية ؟؟!!).
فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله، فضلاً عن مخالفته للثابت بالأوراق، وفساده في الاستدلال، بما يستوجب تمييزه.
الوجه الثاني:
إن الحكم المطعون فيه قد أسس قضائه الطعين على سندٍ وحيد مما زعمه بأن: (… ولما كان الثابت من الأوراق أن الشركة المستأنفة (الطاعنة) – في الاستئناف الثاني – قد قامت بتاريخ 1/5/2018م باستلام ثلاثة مواقع من أصل ستة مواقع المتفق عليها بموجب العقد سالف الذكر، وذلك وفق محضر التسليم الموقع من طرفي العقد، ومن ثم تكون إرادتها قد انصرفت إلى تعديل العقد والاقتصار على تسلم ثلاث مواقع فقط، الأمر الذي ينتفي معه ثبوت الخطأ في جانب الجهة الإدارية ؟؟!!).
فإن هذا المسلك من جانب الحكم المطعون فيه يفترض جدلاً أن الشركة الطاعنة (تنازلت عن حقها) في استلام عدد (6) ستة مواقع واكتفت فقط باستلام (3) ثلاثة منها.
لما كان ذلك، وكان “التنازل عن الحق”، لا يفترض جدلاً وإنما لا بد أن يثبت بالدليل المعتبر قانوناً.
حيث إنه من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، أنه: “النزول عن الحق كما يكون صريحاً بأي تعبير عن الإرادة، قد يكون ضمناً يستخلص من ظروف الدعوى، فإذا كان ضمنياً تعين أن يستخلص من دلالة واقعية نافية لمشيئة التمسك به، إذ التنازل عن الحق لا يُفترض ولا يُؤخذ بالظن أو الاحتمال، ولا يُستفاد من مُجرد التراخي في التمسك به”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 739 لسنة 2004 مدني/1 – جلسة 21/11/2005م ]]
كما تواتر قضاء محكمة التمييز، على أنه: “النزول عن الحق يكون صريحاً بأي تعبير عن الإرادة، وقد يكون ضمنياً يستخلص من ظروف الدعوى، فإذا كان ضمنياً تعين أن يكون استخلاصه بقول أو عمل أو إجراء دال بذاته على ذلك دلالة لا تحتمل الشك، إذ أن التنازل عن الحق لا يُفترض ولا يُؤخذ بالظن والاحتمال”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 364 لسنة 2008 تجاري/3 – جلسة 31/5/2011م ]]
ومن المقرر والمستقر في قضاء محكمة التمييز، أن: “من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن النزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه، لا يُؤخذ بالظن، ويجب أن يكون واضحاً لا غموض فيه، وهو قد يكون صريحاً بأي تعبير عن الإرادة يفصح عنه، وقد يكون ضمنياً، إلا أنه يشترط لصحة ذلك أن يستخلص من دلالة واقعية نافية لمشيئة التمسك به وتدل حتماً على النزول عنه، وهو لا يفترض عند الشك، لأن النزول عن الحق لا يُفترض”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 1419 لسنة 2005 تجاري/1 – جلسة 18/11/2008م ]]
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد افترض من عندياته تنازل الشركة الطاعنة عن حقها في استلام عدد (6) ستة مواقع، واكتفائها باستلام عدد (3) ثلاثة منها فقط، بالمخالفة لصريح نص محضر الاستلام نفسه الذي أثبت فيه أنه سيتم تسليم الـ (3) ثلاث مواقع المتبقية بعد مراجعة الإدارة المعنية، فإن هذا المسلك من جانب الحكم المطعون فيه تمثل مخالفة صارخة للقانون وخطأ جسيم في تطبيقه وخروج غير مقبول في تأويله، فضلاً عن فساده في الاستدلال ومخالفته السابق بالأوراق، مما يستوجب – والحال كذلك – تمييزه.
الوجه الثالث:
أما ما زعمه الحكم المطعون فيه – على خلاف الحقيقة والواقع – مما أورده في حيثياته من أن:
“… هذا فضلاً عن أن الشركة (الطاعنة) لم تصب بثمة أضرار مادية محققة جراء عدم قيام الجهة الإدارية بتسليمها المواقع المتفق عليها كاملة، كما لم تقدم ما يفيد ذلك، وهو ما تضحى معه مطالبة الشركة بالتعويض مفتقدة صحيح سندها بعد أن انهارت أركان المسئولية الموجبة للتعويض (؟؟!!)”.
وهذا الذي زعمه الحكم المطعون فيه مردود عليه بأمور ثلاثة:
أولها:
إن الدعوى المبتدئة في حقيقتها – وطبقاً للتكييف القانوني الصحيح لها، وعلى نحو ما ذهب إليه حكم محكمة أول درجة – هي دعوى مطالبة بتعويض “مؤقت”، وفي تلك الدعوى لا يُشترط تحديد الضرر تفصيلاً وبيان عناصره وتقدير قيمته، فذلك كله مجاله دعوى المطالبة بالتعويض “النهائي”.
حيث إنه من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض، أن:
“لا تثريب على المحكمة إن هي لم تبين الضرر بنوعيه المادي والأدبي الذي حاق بالمدعى بالحقوق المدنية بصفته، لما هو مقرر من أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت بالتعويض المؤقت الذي طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذي سيطالبه به، بانية ذلك على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذي ارتكب الفعل الضار المسند إليه، فهذا يكفي لتقدير التعويض الذي قضت به، أما بيان مدى الضرر فإنما يستوجبه التعويض (النهائي) الذي قد يطالب به فيما بعد، وهذا يكون على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى به”.
[[ نقض جنائي، في الطعن رقم 1869 لسنة 39 قضائية – جلسة 16/3/1970م مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 382 – فقرة 6 ]]
[[ ونقض جنائي، في الطعن رقم 6549 لسنة 53 قضائية – جلسة 18/12/1984م مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 907 – فقرة 2 ]]
ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز، أن: “الحكم بالتعويض المؤقت يقوم على مجرد ثبوت الضرر فقط دون بيان عناصر التعويض، ومهمة المحكمة في نطاقها تقتصر على التعرض للمسئولية بما يثبتها ولدين التعويض بما يرسيه، على إنه غير معين المقدار، فهي لا تحدد الضرر في مداه وعناصره”.
[[ الطعنان بالتمييز رقما 765 ، 768 لسنة 2011 مدني/2 – جلسة 11/11/2012م ]]
ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز أيضاً، أنه: “من المقرر أن الحكم بالتعويض المؤقت – متى حاز قوة الأمر المقضي – وإن لم يحدد الضرر في مداه والتعويض في مقداره، إلا أنه قد أحاط بالمسئولية بكافة أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية ويرسى دين التعويض في أصله ومبناه، كما تقوم بين الخصوم حجيته إذ به تستقر المساءلة وتتأكد المديونية إيجاباً أو سلباً. وليس من صحيح النظر أن يقتصر الدين الذي ارساه الحكم على ما جرى به المنطوق رمزاً له ودلالة عليه بل، يمتد إلى كل ما يتسع له محل الدين من عناصر تقديره، ولو بدعوى لاحقة يرفعها المضرور بذات الدين استكمالاً له وتعييناً لمقداره، فهي بهذه المثابة فرع لأصل حاز قوة الأمر المقضي وبات عنواناً للحقيقة”.
[[الطعن بالتمييز رقم 224 لسنة 2006 مدني/2 – جلسة 5/3/2007]]
[[والطعنان بالتمييز رقما 750 ، 797 لسنة 2004 تجاري – جلسة 2/4/2005]]
[[ والطعن بالتمييز رقم 437 لسنة 2002 مدني/1 – جلسة 19/1/2004]]
وثانيها:
إن الشركة الطاعنة قد طلبت من محكمة الموضوع بدرجتيها – وتمسكت بطلب الإحالة للخبرة الفنية لإثبات الضرر – على سبيل الجزم واليقين على نحو يقرع سمع عدالة محكمة الموضوع، إلا أن الحكم المطعون فيه تجاهل هذا الطلب جملة وتفصيلاً ولم يورده أو يرد عليه بأسباب خاصة، رغم كونه طلب جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى، بما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور المبطل في التسبيب.
حيث إنه من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض، أنه: “إذا كان طلب التحقيق سواء بسماع الشهود أو بواسطة أرباب الخبرة جائزاً قانوناً، وأنه إذا كان هذا التحقيق هو الوسيلة الوحيدة للخصم في إثبات مدعاة، فلا يجوز للمحكمة رفضه بلا سبب مقبول. حيث إن إعراض الحكم عن تحقيق دفاع الخصم بالإحالة للتحقيق دون سبب مقبول هو مصادرة لحقه في وسيلته الوحيدة في الإثبات وهو دفاع جوهري قد يتغير بعد تحقيقه وجه الرأي في الدعوى مما يضحي معه الحكم مشوباً بالقصور”.
[[ نقض مدني، في الطعن رقم 45 لسنة 44 قضائية – جلسة 4/1/1981م ]]
ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز، أنه: “ولئن كان طلب الإحالة إلى التحقيق ليس حقاً للخصوم بحيث يتحتم إجابتهم إليه، وإنما هو من الرخص التي تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليه، إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق، فإذا تمسك الخصم بدفاع جوهري قد يتغير به – إن صح – وجه الرأي في الدعوى، وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته، ولم يكن هناك سبيل لإثبات هذا الدفاع إلا بطريق التحقيق، فلم تستجب محكمة الموضوع إلى هذا الطلب، دون أن يكون في أوراق الدعوى ما يغني عن سلوك هذا الإجراء، فإنها تكون قد أخلت بحقه في الدفاع”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 610 لسنة 2004 أحوال شخصية – جلسة 27/11/2005م ]]
لما كان ما تقدم، وكان طلب الشركة الطاعنة من محكمة الموضوع على نحو جازم وصريح بإحالة الدعوى للخبرة الفنية لتحديد حجم الأضرار التي حاقت بها، وكان هذا الطلب هو وسيلة الشركة الطاعنة المتاحة لها لإثبات دعواها وبيان أحقيتها في طلباتها، إلا أن محكمة الموضوع بدرجتيها لم تستجب لهذا الطلب، رغم كونه طلب جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ولم يورده أو يرد الحكم المطعون فيه بأسباب خاصة، فإن الحكم المطعون فيه يكون موصوماً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الشركة الطاعنة في الدفاع، مما يستوجب تمييزه.
وثالثها:
إن الحكم المطعون فيه حينما ركز في قضائه على الضرر المادي المحقق وحده دون غيره من أنواع الضرر، مما أورده في حيثياته من أنه: “… هذا فضلاً عن أن الشركة (الطاعنة) لم تصب بثمة أضرار (مادية محققة) جراء عدم قيام الجهة الإدارية بتسليمها المواقع المتفق عليها كاملة …”.
في حين أن الضرر (المستقبل) – وعلى ما أورده وأثبته حكم محكمة أول درجة – يتم التعويض عنه أيضاً، وكذلك يتم التعويض عن (فوات الفرصة).
حيث إنه من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، أن: “المقرر أنه وإن كانت الفرصة أمراً محتملاً إلا أن تفويتها أمر محقق يجيز للمضرور أن يطالب بالتعويض عنها، ولا يمنع القانون من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من فائدة وراء تحقق هذه الفرصة متى كان هذا الأمل قائماً على أسباب مقبولة من شأنها وفقا للمجرى العادي للأمور، ترجيح فائدة فوتها عليه العمل الضار المشروع … لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد والمكمل لحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بتعويض المطعون ضدهما الأولى والثاني عما أصابهما جراء وفاة ابنتهما على سند ما خلص إليه من فقد الأمل بوفاتها في أن تراعهما في الكبر وتفويت الفرصة في رعايتهما أمر محقق فإنه يكون قد طبق صحيح القانون”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 286 لسنة 2006 مدني/2 – جلسة 2/4/2007م ]]
[[ والطعنان بالتمييز رقما 1278 ، 1283 لسنة 2007 تجاري/5 – جلسة 29/4/2009م ]]
وتواتر قضاء محكمة التمييز، على أن: “التعويض عن فوات الفرصة يتعين تقديره بالقدر الذي كان يحتمل معه تحقق الكسب من تلك الفرصة، ويقدره القاضي حسبما يراه من ظروف الدعوى وملابساتها، ويكفي في تقدير التعويض عن الضرر الأدبي أن يكون بالقدر الذي يواسي المضرور ويخفف عنه مشاعر الحزن والأسى التي انتابته بغير غلو ولا إسراف في التقدير وبما تراه المحكمة مناسباً ولا يعيب تقديره أن يكون ضئيلاً مادام أنه يرمز إلى الغاية منه ويحقق النتيجة المستهدفة به”.
[[ الطعنان بالتمييز رقما 483 ، 496 لسنة 2009 تجاري/3 – جلسة 18/1/2011م ]]
[[ والطعنان بالتمييز رقما 393 ، 422 لسنة 2010 تجاري/3 – جلسة 15/5/2012م ]]
ومن المقرر والمستقر عليه في قضاء محكمة التمييز، أنه: “يشترط للقضاء بالتعويض عن الضرر المادي، الإخلال بمصلحة مالية للمضرور، وأن يكون الضرر محققاً، بأن يكون وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، وإنه وإن كان فوات الفرصة أمراً محققاً إلا أن التعويض عنها مشروط بوقوع ضرر يتمثل في حرمان المضرور من كسب كان يأمل الحصول عليه، وكان لهذا الكسب أسباب مقبولة يترجح معها وقوعه وليس مجرد احتمال افتراضي، وأن الكسب الاحتمالي، سواء تمثل في تحقيق كسب أو تجنب خسارة، يجب أن يكون محتمل التحقق وأن يكون هذا الاحتمال بدرجة كافية إلى حد القول بترجيح وقوعه على عدم وقوعه “.
[[ الطعنان بالتمييز رقما 17 ، 36 لسنة 2002 مدني – جلسة 17/3/2003م ]]
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق، وبمدونات وحيثيات وأسباب الحكم الابتدائي (صـ 6 منه) ما نصه:
“… ولما كان تسليم المكائن المتعاقد عليها – ولا ريب – قد اتجهت إليه نية المتعاقدين لإنفاذ العقد المبرم بينهما، بل هو جوهر العقد والأساس الذي يقوم عليه، إذ أن الاستغلال مقتضاه التسليم ابتداءً، وإذ لم تقم الجهة الإدارية بتسليم الشركة المدعية (الطاعنة) ثلاثة مكائن من أصل الستة المتعاقد عليها حتى تاريخه، وهي فترة زمنية طويلة لا يجوز معها افتراض حُسن النية في مسلك الجهة الإدارية، وهو ما يثبت خطأ الجهة الإدارية التعاقدي المتمثل في عدم قيامها بتسليم بعض المواقع (نصف المواقع المتعاقد عليها) للشركة المدعية (الطاعنة) مما ألحق ولا ريب ضرراً بالشركة المدعية (الطاعنة) تمثل في تفويت فرصة الكسب المنتظر جراء استغلال تلك المكائن، وإنه ولئن كانت الفرصة أمراً محتملاً إلا أن تفويتها أمراً محققاً يدخل ضمن عناصر التعويض الذي يتعين تقديره بالقدر الذي كان يحتمل معه تحقق الكسب من الفرصة الفائتة، وكان لهذا الكسب أسباب مقبولة يترجح معها وقوعه وليس احتمال افتراضي، وأن الكسب الاحتمالي، سواء تمثل في تحقيق كسب أو تجنب خسارة، يجب أن يكون محتمل التحقق وأن يكون هذا الاحتمال بدرجة كافية على الحد القول بترجيح وقوعه على عدم وقوعه – وعلى نحو ما انتهى إليه قضاء محكمة التمييز سالف الإيراد – ولما كان كسب الشركة المدعية (الطاعنة) مرجح وقوعه في المستقبل وله أسبابه بحسب طبيعة ومكان النشاط المتعاقد عليه بمطار الكويت الدولي الذي يفده الآلاف يومياً (مغادرة وإياباً)، ومن ثم تكتمل عناصر المسئولية العقدية في جانب الجهة الإدارية …”.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر مدعياً أن الشركة (الطاعنة) لم تصب بثمة أضرار مادية محققة جراء عدم قيام الجهة الإدارية بتسليمها المواقع المتفق عليها كاملة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله وشابه الفساد في الاستدلال متعيناً – والحال كذلك – تمييزه.
الوجه الرابع:
أما ما زعمه الحكم المطعون فيه – على خلاف الحقيقة والواقع – مما أورده في حيثياته من أن التزام الشركة (الطاعنة) بعدم وضع أية إعلانات دون أخذ الموافقة المسبقة من الإدارة، ومن ثم إذا لم توافق الإدارة على قيام الشركة (الطاعنة) بوضع الإعلانات المطلوبة، فلا يكون ثمة خطأ يمكن نسبته إلى الجهة الإدارية يستوجب التعويض عنه.
وهذا الزعم من الحكم المطعون فيه مردود عليه بأن وضع الإعلانات – بحسب نصوص عقد المزايدة، ومحضر الاجتماع التمهيدي – على الشاشات الإلكترونية غير ممنوع بل ومسموح به (وهو من ضمن عناصر دراسة جدوى الدخول في المزايدة، بحسب الشروط المعلن عليها والقواعد المنصوص عليها في الموقع الإلكتروني لجهة الإدارة)، وإن كل ما هو مطلوب – لتنظيم عملية وضع الإعلانات – هو فقط صدور موافقة من جهة الإدارة على (نوعية الإعلانات، وحجمها، ومقاساتها، وهل هي ثابتة أم متحركة …الخ)، فإذا كانت الإعلانات المطلوب وضعها متفقة مع كافة اشتراطات الجهة الإدارية، فإن امتناع الجهة الإدارية عن إعطاء الموافقة على تنفيذها يعد تعسفاً من جانب الإدارة وهو الذي يمثل خطأً سبب ضرراً للشركة (الطاعنة) فتلتزم الجهة الإدارية (المطعون ضدها بتعويضها).
حيث إنه من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، أنه: “من المقرر أن التعسف في استعمال الحق يدخل في نطاق المسئولية التقصيرية حتى ولو كان تعسفاً متصلاً بالتعاقد”.
[[ الطعنان بالتمييز رقما 744 ، 761 لسنة 2004 تجاري/2 – جلسة 2/2/2005م ]]
وكان من المقرر في قضاء محكمة التمييز، أنه: “من المقرر أن المناط في مسئولية الادارة بالتعويض عن قراراتها هو الخطأ الذي يتمثل في اصدار قرار اداري غير مشروع أو كان يتعين عليها إصداره وفقاً للقانون، فإذا كان القرار مطابقاً للقانون وقصد به تحقيق مصلحة عامة وغير مشوب بإساءة استعمال السلطة فلا يجوز مساءلة الادارة عن الاضرار التي تنتج عن هذا القرار، واستخلاص الخطأ الموجب لهذه المسئولية او نفيه هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 502لسنة 1999 تجاري/1 – جلسة 20/11/2000م ]]
وكذلك، من المقرر في قضاء محكمة التمييز، أنه: “من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن جهة الإدارة في أدائها لوظيفتها إنما تعبر عن إرادتها بقرارات، إما تصدر بناء على سلطة تقديرية حيث يخولها القانون الحرية في أن تتدخل أو تمتنع، واختيار وقت التدخل، وكيفية وفحوى القرار الذي تتخذه، وإما أن تكون سلطتها في شأنه مقيدة، ويكون ذلك في المجال الذي لم يترك فيه المشرع لها حرية التقدير من حيث المنح أو الحرمان، فيفرض عليها بطريقة آمرة التصرف الذي يجب عليها اتخاذه متى توافرت الضوابط الموضوعة في خصوصه، وقرارها الصادر في هذا الشأن ليس قراراً إدارياً منشأ لمركز قانوني، وإنما هو مجرد قرار تنفيذي يقرر الحق الذي يستمده الفرد من القانون مباشرة وليس من القرار الذي يتعين على الجهة المختصة أن تصدره متى توافرت في صاحب الشأن الشروط المتطلبة قانوناً، ويقتصر دورها في التحقق من توافر تلك الشروط”.
[[ الطعنان بالتمييز رقما 656 ، 679 سنة 2008 مدني/2 – جلسة 27/4/2009م ]]
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان قرار جهة الإدارة (في أدائها لوظيفتها) بالموافقة على وضع الإعلانات ليس قراراً إدارياً، وإنما هو قرار تصدره بناءً على سلطتها المقيدة في شأنه، حيث ينحصر دورها في التأكد من مطابقة الإعلانات للشروط التي حددتها جهة الإدارة من قبل، فالمشرع لم يترك لها حرية التقدير من حيث المنح أو الحرمان، فيفرض عليها بطريقة آمرة التصرف الذي يجب عليها اتخاذه متى توافرت الضوابط الموضوعة في خصوصه، فقرارها الصادر في هذا الشأن ليس قراراً إدارياً منشأ لمركز قانوني، وإنما هو مجرد قرار تنفيذي يقرر الحق الذي يستمده الفرد من القانون مباشرة (وليس من القرار الذي يتعين على الجهة المختصة أن تصدره) متى توافرت في صاحب الشأن الشروط المتطلبة قانوناً، فيقتصر دور جهة الإدارة فقط في التحقق من توافر تلك الشروط الموضوعة.
فإذا امتنعت جهة الإدارة عن إعطاء الموافقة على وضع الإعلانات، رغم مطابقة تلك الإعلانات للشروط التي وضعتها جهة الإدارة نفسها، والتي استفسرت هي عنها من قبل من الشركة الطاعنة (على النحو المبين تفصيلاً أمام محكمة الموضوع)، فإن مسلكها هذا يُعد تعسفاً منها في استعمال الحق يوجب مسئوليتها.
لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد أثبت على وجه القطع واليقين أنه: ( … وإذ لم تقم الجهة الإدارية بتسليم الشركة المدعية (الطاعنة) ثلاثة مكائن من أصل الستة المتعاقد عليها حتى تاريخه، وهي فترة زمنية طويلة لا يجوز معها افتراض حُسن النية في مسلك الجهة الإدارية، وهو ما يثبت خطأ الجهة الإدارية التعاقدي … ).
فإن ذات المنطق يحكم واقعة رفض التصريح بوضع الإعلانات، رغم استفسار جهة الإدارة من قبل عن مواصفات تلك الاعلانات، ولما تم تقديم المواصفات مطابقة لجميع اشتراطات جهة الإدارة امتنعت الأخيرة عن إصدار الموافقة بدون أي مسوغ قانوني، وهذا المسلك من جانبها لا يجوز معه افتراض حُسن النية في مسلك جهة الإدارة، وهو ما يثبت خطئها التعاقدي، وتعسفها في استعمال الحق المخول لها مما تلتزم معه بتعويض الضرر الذي يترتب عليه للغير، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب تمييزه.
الوجه الخامس:
خالف الحكم المطعون فيه القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله حينما قضى بإلزام الشركة الطاعنة بمقابل أتعاب المحاماة لصالح جهة الإدارة، حيث مقابل أتعاب المحاماة لا تستحق ولا يقضى بها إلا في حالة استعانة الخصم بمحام مقيد بجداول جمعية المحامين الكويتيين، بينما جهة الإدارة حضرت عنها إدارة الفتوى والتشريع (وهي هيئة قضائية)، ومن ثم فلا تستحق مقابل أتعاب المحاماة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب تمييزه.
لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة محكمة التمييز من أسباب أصوب وأرشد.
­

= بنــــــاءً عليـــــه =
أنا مندوب الإعلان سالف الذكر، قد انتقلت إلى حيث محل ومقر النائب القانوني للمطعون ضده بصفته، وأعلنته، وسلمته صورة من صحيفة هذا الطعن بالتمييز، وكلفته بالحضور أمام محكمة التمييز الكائن مقرها في: قصر العدل، دائرة: تمييز إداري/ في الجلسة التي سوف يتم تحديدها ويخطر بها الأطراف، ليسمع المطعون ضده بصفته، الحكم ضده:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: وفي موضـــــوع الطعـــــن:
بتمييز الحكم المطعون فيه (الصادر في الاستئنافين رقمي 1048 ، 1149 / 2019 إداري عقود وطعون أفراد / 3)، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية عن جميع درجات التقاضي.
ثالثاً: وفي موضـــــوع الاستئناف الأول – رقم 1048 / 2019 المُقام من الجهة الإدارية:
برفضه، وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، ومقابل الأتعاب الفعلية للمحاماة عن درجتي التقاضي.
رابعاً: وفي موضـــــوع الاستئناف الثاني – رقم 1149 / 2019 المُقام من الشركة):
بتعديل الحكم المستأنف – وجعله القضاء:
1- بصفة أصلية: “بإلزام الجهة الإدارية (المستأنف ضدها)، بأن تؤدي للشركة المستأنفة، مبلغاً مقداره ـ/5,001د.ك (خمسة آلاف وواحد دينار كويتي)، على سبيل التعويض المؤقت، مع إلزامها المصروفات، ومقابل الأتعاب الفعلية للمحاماة عن درجتي التقاضي”.
2- وبصفة احتياطية: بإحالة الدعوى إلى إدارة الخبراء بوزارة العدل، لتندب بدروها أحد خبرائها المختصين قانوناً، تكون مهمته: الاطلاع على ملف الدعوى، وما به من مستندات، وما عسى أن يقدمه له الخصوم من مستندات أخرى، وللانتقال لمقر الشركة المستأنفة، ومقر الجهة الإدارية المستأنف ضدها، للاطلاع على ما لديهما من مستندات خاصة بموضوع الدعوى، لتحديد الأضرار التي لحقت بالشركة المستأنفة من جراء عدم تنفيذ الجهة الإدارية لالتزاماتها الناشئة عن عقد المزايدة سند التداعي، وتقدير قيمة تلك الأضرار (وما فاتها من كسب، وما لحقها من خسارة، وما ضاع عليها من فرص)، وتحديد قيمة التعويض الجابر لكافة تلك الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالشركة المستأنفة بسبب خطأ وتعنت الجهة الإدارية معها، لإلزام الجهة الإدارية المستأنف ضدها بما يُسفر عنه تقرير الخبرة”.
مع حفظ كافة الحقوق الأخرى للشركة الطاعنة، أياً ما كانت،،،
ومع حفظ حقها في الرجوع على الجهة الإدارية بالتعويضات النهائية الجابرة لكافة الأضرار المادية والأدبية التي حاقت ولحقت بالشركة الطاعنة،،،

ولأجـــل العلــــم/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *