مسألة الوصاية على الجنين.
ميز الفقه بين الولاية والوصاية ؛ فالولاية سلطة على شخص القاصر لتنشئته وتعليمه وسائر التصرفات المتعلقة بشخصه، أما الوصاية، فهي سلطة ادارية على مال القاصر لحفظه وادارته واستثماره .
وإختلف الفقهاء حول مسألة الوصاية على الجنين ؛ فبعضهم يرى عدم جواز تنصيبه وصي على الجنين، لانه لا ولاية لاحد على الجنين إلا بعد ولادته حيا، فمن باب اولى إلا يكون له وصي، وقد ذكر إبن عابدين “لو اقام الاب وصيا على الحمل، فإن ولايته لا تثبت إلا بعد ولادته…” ، “لان الجنين في حكم جزء من اجزاء الام، وكما لا يثبت للاب الولاية على الام، فكذلك على ما هو من اجزائها” .
يضاف إلى ذلك انه لا ملك للجنين حتى في الاموال المحجوزة له من ميراث أو وصية قبل ولادته حيا، ومن ثم ليس هناك من ضرورة للوصاية، اذ لا محل لها ما دام لا يوجد مال يكون محلا للوصاية . بينما يرى اخرون خلاف ذلك، فيقولون بصحة تعيين وصي على الجنين ما دام ليس له صلاحية الاوصياء من حيث الادارة والتصرف، بل تقتصر مهمته على حفظ مال الجنين حتى ولادته ويسمى بالامين .
وصحة تنصيب وصي على الجنين هو الرأي الراجح لانه يعد حيا حكما وتقديرا، وهو بذلك يثبت له ملك الحقوق التي تتسع لاكتسابها اهليته القاصرة من بدء تكوين فيما لو تحقق شرط استحقاقه لها، وهو ولادته حيا. وهذه الملكية تفتقر إلزاماً إلى من يحافظ عليها ويديرها، ويستثمرها لصالح مالكها المرتقب، إلى غير ذلك من الأمور الوقتية التي تقتضي السرعة، فتتفق الوصاية مع ما تقرر من أهلية وجوب.
وتجدر الاشارة إلى إن للوصي المختار إن يجعل الوصاية لغيره متى حضرته الوفاة، فيكون لهذا الاخير حينئذ الحكم نفسه تماما في جميع التصرفات التي يكون للوصي إن يقوم بها، وليس ذلك لمقدم القاضي، بل لهذا وحده حق اقامة مقدم اخر متى مات الأول أو عزل لسبب من الاسباب. وتكون تصرفات الوصي نافذة، ما دامت لم تخرج عن حدود الصلاحيات الممنوحة له قانونا. واذا ولد الجنين ميتا اعاد الوصي الاموال إلى اصحابها الورثة الذين كانوا يستحقونها حالة تحقق سببها.