مسألة مواجهة المتهم بالإحرازات والتحريات من قبل مأمور الضبط القضائي في وقت الضبط

مسألة مواجهة المتهم بالإحرازات والتحريات من قبل مأمور الضبط القضائي في وقت الضبط.

(١) لا يخلو محضر ضبط للمتهم سواء عند التلبس أو تنفيذا لاذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش وإلا ويذكر فيها رجل الضبط القضائي القائم بالضبط عبارة”وبمواجهه المتهم بما أسفر عنه الضبط والتحريات اقر بارتكاب الواقعة”.والمشاهد عملا انكار المتهم صدور هذا الإقرار منه أمام سلطتي التحقيق والمحاكمة. ولا خلاف في الفقه والقضاء علي هذه الإقرار ليس اعتراف بالواقعة إذ الاعتراف يجب أن يكون مفصلا اما هذا الاقرار فمجمل .وانما يدور الجدل حول قيمة هذا الاقرار في الإثبات الجنائي ومدي مشروعية؟

(٢)أما بالنسبة لقيمة هذا الاقرار في الإثبات فمذهب النقض ان إقرار المتهم للضابط في محضر الضبط بارتكابه الواقعة هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة ولكن لا يصح لها أن تؤسس عليه الإدانة بمفرده وإنما يجب تعزيزه بدليل أو قرينة أي انها تري مشروعيته.وقضت تطبيقا لذلك لماكان الحكم قد رد على الدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه في قوله :

” بأن الاعتراف الذي يسمى اعترافاً هو ذلك الذي يصدر من المتهم أمام سلطة التحقيق أو المحاكمة أما ما ينسب للمتهمين من أقوال بمحاضر ضبطهم أو بمحاضر جمع الاستدلالات فإنه لا يعد في صحيح القانون اعترافاً بل هو مجرد إخبار عن أمر يدونه مأمور الضبط بمحضره معزواً للسان المتهم ولمحكمة الموضوع الأخذ بما جاء بهذا الإخبار إذا اطمأنت لصدق مأمور الضبط فيما سجله من أقوال أدلى بها المتهم أمامه فنسبها إليه وبتطبيق ذلك على واقعة الدعوى الماثلة ،

فإن المحكمة تطمئن لصدق الضابط …… فيما سجله بمحضر الضبط المؤرخ ……. معزواً لما أخبره به المتهم الأول من أنه اعتاد على مصادقة الشواذ جنسياً وتعريفهم على أمثالهم لممارسة الشذوذ مقابل مبالغ مالية وأنه تعرف على الطفل الحدث وقص عليه هذا الأمر وزين له الاستفادة التي تعود عليه منه ثم قدمه للمتهم الثاني والقتيل لممارسة الشذوذ ثم قيامه بسرقة بعض منقولات مسكن القتيل ويؤيد يقين المحكمة فيما سلف ما أسفر عنه تفتيش مسكن ذلك المتهم

بناء على ما أخبره به حيث ضبط معه السكين المستخدم في الحادث والمنقولات التي سرقها من مسكن القتيل وما أسفر عنه تفتيش شخصه وضبط مبلغ ….. جنيه أقر أنها حصيلة بيعه للهاتف النقال الخاص بالقتيل وإرشاده عن الحانوت الذي باعه فيه حيث تعرف عليه مدير ذلك الحانوت وما قرره المتهم الثاني بتحقيقات النيابة العامة تأييداً لما أخبر به أيضاً من أنه والقتيل شاذان جنسياً وأن المتهم الأول اتصل به هاتفياً ليلة الحادث فذهب إليه فوجد بصحبته الطفل الحدث فضلاً عما جاء باعتراف ذلك الأخير بتحقيقات النيابة العامة عن المتهم الأول والحذاء الذي كان يرتديه لدى مثوله أمام النيابة العامة والذي ثبت أنه يخص القتيل يضاف إلى ذلك أن المتهم الأول لم يقل أمام النيابة العامة إنه عند ضبطه تعرض لثمة تعذيب مادي أو معنوي في الحال أو مستقبلاً كان وراء ما أخبر به ، ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الصدد لا يعدو إلا محاولة يائسة لتبرئة المتهم من عقاب الدنيا .

” وكان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اطراح الدفع ببطلان اعتراف المتهم الأول لصدوره تحت تأثير الإكراه وأوضح اطمئنانه إلى صحة ذلك الاعتراف وخلوه من أية شائبة ومطابقته للحقيقة والواقع . هذا فضلاً عن أن البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف مستقل من الطاعن أو المتهم …… بل استند إلى ما أقر به الأخير للضابط شاهد الإثبات بارتكابه الجريمة بمشاركة الطاعن ، وهو بهذه المثابة لا يعد اعترافاً بالمعنى الصحيح وإنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة ، فلا محل للنعي على الحكم إغفاله الرد على ما تمسك به الطاعن من دفاع في هذا الشأن

(الطعن رقم 5386 لسنة 82 جلسة 2014/01/09 س 65)

(3) واما عن مشروعية مواجهة المتهم بالمضبوطات عند ضبطه بمعرفة رجل الضبط القضائي؛ فينبغي ان يلاحظ ان هذا الاجراء ليس مواجهه تاخذ حكم الاستجواب المحظور علي رجل الضبط القضائي طبقا لنص الماده ١٢٤اجراءات اذ يقصد بتلك المواجهة وضع المتهم وجها لوجه مع غيرة من المتهميين أو الشهود لكشف الحقيقة بتضيق الخناق علي المتهم .وليس مجرد مواجهة المتهم باشياء مادية كالمضبوطات أو تحريات مجهولة المصدر. ونعتقد أن مواجهه المتهم بالمضبوطات والتحريات من قبل رجل الضبط القضائي ليس له في القانون سندا مهما اجتهدنا في انتحال المعاذير. اذ كل ما لرجل الضبط القضائي في أحوال التلبس من سلطات ازاء المتهم طبقا للمادة ٣٦اجراءات مجرد سماع أقوال المتهم المضبوط دون مواجهته.

واكثر ما يمكن تصورة من سلطات لرجل الضبط القضائي وفقا للماده ٥٥اجراءات هو عرض المضبوطات على المتهم وتدوين ملاحظاته عليها وليس مواجهته بها او بالتحريات. ولا يتغير الامر عند صدور اذن بضبط المتهم وتفتيشه من النيابة العامة اذ لا يملك رجل الضبط القضائي القائم بالتنفيذ سوي تحرير محضر بالاجراءات وعرض المتهم والمضبوطات على سلطه التحقيق التي سوف تقوم بدورها باستجواب المتهم.ولا يعترض بأن مواجهه المتهم بالمضبوطات والتحريات هو في حقيقته سؤال يملكه رجل الضبط القضائي وفقا للماده ٢٩ اجراءات اذ هذا السؤال لأ يتم إلا في مرحلة الاستدلال والمتهم مطلق السراح ويقتصر عن وقائع محل استدلالات وليست تحقيقات وبالتالي فلا ينصرف السؤال الى مواجهه المتهم بالمضبوطات والتحريات .

واية ذلك أنه عند ضبط المتهم في أحوال التلبس او نفاذا لاذن الضبط والتفتيش نكون قد تجاوزنا مرحله الاستلال ودخلنا مرحلة التحقيق التي تهيمن عليها النيابة العامة وسوف تقوم هي باجراء مواجهة المتهم بالمضبوطات والتحريات بل وبغيرة من المتهميين أو الشهود وفقا للمادة ١٢٤اجراءات. ومن ثم فإن ما جري عليه العمل من قيام رجل الضبط القضائي بتدوين أنه وبمواجهه المتهم بما أسفر عنه الضبط والتحريات اقر بارتكاب الواقعة يكون اجراء غير مشروع ولا يجوز الاستناد اليه في الادانه مطلقا ولو علي اساس أنه مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لأن من قام باجراء باطل لا تقبل منه الشهادة أو الأخبار به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *