مفهوم الطلبات الختامية في الدعوي في ضوء القانون المصري

مفهوم الطلبات الختامية في الدعوي في ضوء القانون المصري

 

يقصد بالطلب بصفة عامة ما يقدمه المدعي إلى المحكمة بقصد الحكم له بحق يدعيه قبل المدعي عليه وعلى ذلك فإن ما يطرح في الدعوى من وقائع وأسانيد تأييداً لهذا الطلب لا يعد طلباً ، بل لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع .
(راجع نقض مدني ۳۰/٦/۱۹۹۹ طعن رقم ۱۱۸۷ ص ٦۰ق . مجموعة الأحكام س ٤۷ق ۱۹۸ ص۱۰۵۳)

والطلب الختامي كما حددته المادة ۳٦/۳ مرافعات : هو أخر طلبات الخصوم في الدعوى ومن ثم كان تقدير قيمتها طبقاً له ، وهذه الطلبات الختامية هى التي تعبر عن الرغبات الأخيرة للخصوم والتى تحدد نطاق الخصومة نهائياً .
(محمد محمود ابراهيم ، النظرية العامة للطلبات العارضة ، دار الفكر العربي ، ۱۹۸٤ ص٦٤)

وللخصوم أن يعدلوا في طلباتهم إلى ما قبل قفل باب المرافعة في الدعوى. ويمكن بعد ذلك تعريف الطلب الختامي بأنه هو : الطلب الذي يقدمه صاحب الشأن قبل حجز الدعوى للحكم وإقفال باب المرافعة فيها ، بقصد تعديل طلبه السابق سواء بالعدول عنه أو الزيادة فيه أو الإنقاص منه.

ويرى بعض الفقه (محمد محمود ابراهيم ، المرجع السابق ص٦٦) أن الطلبات الختامية بهذا المفهوم لا تعد طلبات عارضة، وعلى العكس قد يكون الطلب العارض طلباً ختامياً، فيما لو ثبت النزاع عند هذا الحد، وكان هذا الطلب العارض هو نهاية المطاف، يستوى أن يطرح من المدعي أو المدعي عليه أو الغير ففي هذه الحالة يكون الطلب العارض طلباً ختامياً بالمفهوم الفني لهذا الطلب، وتترتب كافة الأثار الإجرائية عليه.

وفى القانون الفرنسي ورد مصطلح الطلبات الختامية في المواد ۷۵۳ ، ۹۵٤ من قانون المرافعات الحديد بعد تعديلهما بمقتضى المرسوم رقم ۹۸ – ۱۲۳۱ الصادر في ۲۸ ديسمبر ۱۹۹۸ ، والذى خرج إلى حيز التنفيذ في الأول من مارس ۱۹۹۹ وطبقاً لهذه النصوص فإن مفهوم الطلبات الختامية هى : أخر ما يقدمه الخصوم بالنظر إلى تاريخ تقديمها، وليس فقط تلك السابقة على غلق باب المرافعة.

وطبقاً للتعديل الجديد الذي أورده القانون في المادتين ۷۵۳، ۹۵٤ من قانون المرافعات الجديد، فإنه يقع على عاتق الخصم أن يقدم طلباته الختامية مشتملة على كل ما سبق وأن أبداه من طلبات أو أثاره من أوجه دفاع في الدعوى، أو قدمه من مستندات وأدله فيها.

وعلى هذا يمكن القول طبقاً لما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية ذاتها – بأن الطلبات الختامية هى : كل ما قدمه الخصم من طلبات متعاقبة – سواء أثيرت هذه الطلبات في صورة طلب أو دفاع – والتى تقدم قبل قفل باب المرافعة، وتحديد موضوع النزاع أو تثير عارضاً من عوارض الخصومة من شأنه حسم هذه الخصومة. ويعرض الخصوم بموجب هذه الطلبات الختامية إدعاءاتهم والأسانيد التي تتأسس عليها هذه الإدعاءات ويرفق بها بيان لما يتمسكون به من مستندات وأدلة في الدعوى.

ومعنى هذا أن القانون الفرنسي قد اعتد بشكل معين الطلبات الختامية، فأوجب على الخصم أن يسترجع في طلباته الختامية كل ما قدمه من طلبات أو أثاره من أوجه دفاع، كما أن هذه الطلبات – وهذا أمر طبيعي – تأتي عقب وقائع النزاع، وما يثار أثناء المرافعة من طلبات ودفاع، وتقدم قبل إقفال باب المرافعة، كما أوجب على الخصم أن يرفق بطلباته الختامية قائمة بالمستندات التي يتمسك بها. غير أن هذا القانون لم يحدد صيغة أو شكلاً معيناً يمكن أن تتم به هذه الإستعادة ذاتها.

ولم يسلم التصور السابق الذي قدمته محكمة النقض لفكرة الطلبات الختامية من النقد. فبعض الفقه ذهب ينتقد محكمة النقض فيما ذهبت إليه.

فمن ناحية أولى : – فإن نصوص المادتين ۷۵۳ ، ۹۵٤ من قانون المرافعات الجديد لا تحتمل هذا المعنى السابق، فهي فقط قد ميزت بين الطلبات الختامية، والطلبات السابقة.

هذا بالإضافة إلى أن الطلبات الختامية – وهي موصوفة بهذا الوصف – يجب على الخصم طبقاً لهذه النصوص – أن يسترجع فيها كل ما سبق إبداؤه من إدعاءات وطلبات وأسانيد، بحسبان أن هذه الطلبات ختامية.

ومن ناحية ثانية : – فإن هذا التصور السابق يخلط بين الطلب والدفاع، حيث حدد الطلبات الختامية بأنها الطلبات التي تحدد موضوع النزاع. مجموع الإداعاءات التي تخضع لفحص القاضي وهذا التحديد لا يتضمن بالضرورة مثل هذا الخلط بين الطلب والدفاع، إلا إذا كان هناك تصور أكبر اتساعاً يتضمن الطلب والدفاع معاً في ذات الوقت، فيمكن أن يكون الطلب – إذا اتصل بوسيلة دفاع بصفة ما – محدداً لموضوع النزاع.

(وطبقاً للرأي الصادر من محكمة النقض الفرنسية في ۱۰ يناير ۲۰۰۰ فإن الإلتزام بالاستعادة يطبق على كل الطلبات المتعاقبة التي تدل على طلب أو دفاع، كما أن الطلبات الختامية في معني المادة ۹۵٤ هى تلك الطلبات الختامية في تاريخ تقديمها، كما أن الطلبات الختامية في معنى المادة ۹۵٤ هى تلك الطلبات الختامية في تاريخ تقديمها، كما أن الإلتزام بالاستعادة لا يختص إلا بالمذكرات أو الطلبات التي تحدد موضوع النزاع أو تثير عارضاً من شأنه حسم النزاع>

وبناء على ذلك فإنه يخرج من نطاق الإلتزام بالاستعادة المقررة بمقتضى المادتين ۷۵۳، ۹۵٤ من قانون المرافعات : –

۱- الطلبات التي يمكن أن تكون محلاً للإيداع بعد إقفال باب المرافعة م۷۸۳ مرافعات. وتلك التي تهدف إلى فتح باب المرافعة أو وقف الفصل في الدعوى.

۲- الطلبات التي تثار بهدف قطع التقادم.

۳- الطلبات التي تتضمن إثارة بطلان أو إلغاء الطلبات التي يثيرها الخصم بهدف التأخير وتعطيل الفصل في الدعوى.

٤- الطلبات التي تتعلق بإجراءات بحته مثل تلك التي تهدف إلى إلغاء مستند أو قطع تقادم ) .

ولم يقتصر التعديل الجديد الوارد بمقتضى المادتين ۷۵۳، ۹۵٤ من قانون المرافعات الجديد على مجرد وجوب استصحاب ما سبق ذكره من طلبات وأوجه دفاع وإداعاءات. وكذا الوقائع التي تتأسس عليها هذه الإدعاءات في الطلبات الختامية، وإنما أضاف إلى ذلك إلتزام يقع على عاتق أطراف الدعوى بأن يصحب هذه الطلبات الختامية بيان للوثائق والمستندات، والتى يتمسك بها الخصم تأييداً لدعواه، كما ألزم القانون بموجب هذا التعديل أن يقوم الخصم بعمل قائمة أو مذكرة شارحة للوثائق والمستندات التي يتمسك بها، وتلك التي تم تصديرها للطرف الأخر وأعلن بها.

ويعد أمراً طبيعياً أن يعفى الخصم من هذا الإلتزام، إذا لم يتمسك بأي وثيقة أو مستند، ويفضل في هذا الشأن ان يؤشر صاحب الشأن على الطلبات الختامية بعدم وجود مستندات، وأن يقوم بإلحاق قائمة بطلباته الختامية مؤشراً عليها بكلمة “لا يوجد” . كذلك فإنه ليس ثمة ما يحتم على الخصم إلحاق مذكرة شارحة للوثائق والمستندات بطلباته الختامية، إذا كان مدلول هذه الطلبات يخضع لنص المادة ۹۱۵ من قانون المرافعات.

فطبقاً لنص هذه المادة، فإن المستأنف إذا لم يودع طلباته خلال أربعة أشهر من تاريخ إعلان إستئنافه، فإن القضية تشطب من الجدول بقرار من المحكمة لا يقبل الطعن عليه.

ويهدف كل هذا إلى احترام مبدأ المواجهة بين الخصوم من ناحية، كما أنه يسهل مهمة القضاه في الفصل في الدعوى ويفترض ذلك أن يقوم الخصم بترقيم المستندات، ويعطي لكل مستند رقم ويشار إلى هذا الرقم في الطلبات الختامية…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *