بحث واسع في العقود الإئتمانية

بحث واسع في العقود الإئتمانية

 

 

مقدمة:
بالرغم من مرور حوالي الخمسة عشر عاماً على صدور القانون رقم 520/96 الناظم لأحكام العقود الائتمانية في لبنان، ما زال مفهوم العقد الائتماني يبارح مكانه نظرية أكاديمية على مستوى التعامل به وفقاً للأحكام الناظمة له. وظلّت الجوانب التطبيقية العملية له من قبل البنوك والمؤسسات المالية غائبة عن الأسواق المالية في لبنان الى حدٍّ بعيد. ولكن على مستوى الأفراد راحت تتزايد العمليات الائتمانية بفعل تطوّر شبكات الاتصال والمعلوماتية، حيث ساهمت في الولوج الى أسواق البورصة العالمية والمضاربة فيها عن طريق شبكة الانترنت. وظهر جيلاً من المستثمرين المحليين على المستوى المذكور يقومون بالعمليات الائتمانية بعيداً عن التنظيم القانوني لهذه العمليات. ان أهمية هذا النوع من العقود على مستوى تطوير الاسواق المالية تبدّت فيما أشار اليه حاكم مصرف لبنان عندما اعتبر انه: “اذا أردنا للبنان أن يكون مركزاً مالياً اقليمياً، على كل مصرف أن ينشئ مؤسسة مالية وصندوق استثمار مالي وبالتالي يشعّب نشاطه، واما أن يتّقن النشاط من خارج الميزانية من خلال إتقانه المعرفة في العقود الائتمانية، موضوع هذا المؤتمر”(1).

أضف الى أهمية العقود الائتمانية المذكورة أعلاه، انها تأتي لتنظّم حالات شائعة من التعاملات المالية التي تتم خارج المصارف والمؤسسات المالية وعلى نطاق واسع، حيث وفي كثير من الأحيان تؤدي الى خسارة مدخرات المتعاملين بها لأسباب أبرزها غياب تنظيم قانوني خاص بها، فجاء قانون العقود الائتمانية ليقدّم حلولاً على المستوى المذكور ومن بينها ضمانات جزائية تساهم الى حدّ كبير في تقليص هامش الخسارة وحماية الادخار العام. وقد شهد لبنان وبعض الدول العربية ظاهرة “رجل الاستثمار البديل عن المصارف” الذي يتم اللجوء اليه من قبل جمهور لا يحبّذ التعامل مع المصارف لأسباب تتعلق بالمعتقد الديني الذي يحرّم الفائدة، أو لأسباب تتعلّق بثقتهم بسيرة ذلك الرجل وبنجاحاته في مجال الأعمال، فيسلّموه نقودهم ليستثمرها في مجالات نشاطه ثم يعيدها لهم مع نسبة معيّنة من عوائد أرباحه. وبالتالي فإن شرائح الجمهور هذه كانت تقوم بالعقود الائتمانية بأبعادها الاقتصادية وبحقيقة تقنياتها دون ان تعلم، كما وبمعزل عن وجود قانون ناظم لمثل هذه العقود.

1- مؤتمر “الندوة الدولية عن العمليات الائتمانية في لبنان” – فندق البستان – 1997.
وفي كثير من الأحيان كان هذا النوع من الاستثمارات يتعرّض لنكسات، تؤدي الى خسارة المتعاملين لمدخراتهم لأسباب أو لأخرى، أبرزها غياب الضوابط القانونية التي تركت لرجل الاستثمار البديل مساحة واسعة من الحرية للتحكم بالمدخرات. وفي تطور تشريعي بارز تضمّن القانون رقم 520/96 الناظم للعقود الائتمانية نصاً جزائياً خاصاً يعاقب به من يزاول العقود الائتمانية دون ان تتوفر فيه شروط قانونية معيّنة، ودون التزامه أثناء تنفيذ العقد موجبات مفروضة عليه قانوناً، وذلك ضمن اطار فريد من نوعه تتداخل فيه المسؤولية العقدية المحكومة بقانون الموجبات والعقود والمسؤولية الجزائية المحكومة بقانون العقوبات.

وقد تأخر صدور القانون الناظم للعقود الائتمانية في فرنسا الى العام 2007 مما يعكس حداثته على المستوى العملي وبالتالي الندرة في الاجتهادات الفرنسية المحيطة بتفسير نصوصه ويبرّر وجود حاجة الى التصدّي لهذا القانون بمزيد من الدراسات والأبحاث في لبنان.

وبالنظر الى حداثة هذه المسؤولية الجزائية واتّصالها بالحماية المقررة للعمل بالعقود الائتمانية، كان لا بدّ من اجلاء جوانبها وأركانها ووضعها في التداول الفقهي لفائدة الباحث القانوني، وتقديم رؤية تصلح للأخذ والردّ وتفتح سبيلاً لتشجيع العمل بالعقود الائتمانية، بالنظر الى أهمية هذه العقود على مستوى الاقتصاد الوطني حيث يجب اعطائها دورها المعوّل عليه والذي حمل المشترع اللبناني على تنظيمها وكان متقدّماً على غيره من الدول على هذا الصعيد.

القسم الأول: مفهوم العقود الائتمانية:
عُرفت العقود الائتمانية في المجتمعات القديمة، وتمّ التعامل بها الاّ أن عمليات صياغة النصوص الوضعية أسقطتها عند التدوين(1)، وقد عرّف الرومان الائتمانية بأنها ميثاق موثوق بتعهّد يلتزم بموجبه مَن اكتسب مالاً من أحد الأشخاص أن يعيده اليه في الأجل والشروط المتّفق عليها، والالتزام بالرد المذكور كان إلتزاماً أدبياً لا يخضع الإخلال به لأي عقاب، لذلك سمّى الرومان هذا الميثاق بالائتمانية. أما الفقهاء المسلمون فيعود لهم الفضل في إخراج و تأصيل الإئتمانية، من خلال دراستهم لأحكام الوكالة (2).

1- محمود مكية – العقود الائتمانية – دراسة مقدمة لمعهد الدروس القضائية 1998 – ص 8.
2- شمبور توفيق – الائتمانية والأدوات المالية الاسلامية (مؤتمر علمي – لبنان 1997) – ص 10.

ذلك أن ادارة المال بالمنظور الاسلامي تكون موزعة بين تسليم المال على سبيل نقل الملكية وبين تسليمه على سبيل الوكالة لإدارته على وجه يراعي حقيقة الدور المسؤولية العائدة لكل من الموكل صاحب المال ووكيله الذي عهد اليه بإدارة المال(1).

لذلك ظهرت الحاجة في إدارة المال الى تقنية الائتمانية كأداة قانونية تسمح بأن يختص الوكيل، طوال مدة إدارة المال، بجميع الحقوق القانونية للتصرّف بإسمه بالمال المسلّم اليه على أن تنسحب كافة آثار التصرّف الى الموكل صاحب المال الأساسي(2).

فإننا أمام ولادة عقود من نوع جديد وهي العقود الائتمانية التي لم تأخذ بالفائدة كرُكن أساسي لها مخالفة بذلك التوجه الاقتصادي التقليدي(3).

وبعد استعراض لمحة تاريخية عن الائتمانية سوف نعالج في الفصل الأول من القسم الأول التعريف بالعقودة الائتمانية أولاً، ثمّ ندرس خصائص هذه العقود ثانياً ونحلّل طبيعة عقد الائتمان ثالثاً.

الفصل الأول: التعريف بالعقود الائتمانية:
لقد جاء القانون رقم 520/96(4) مستمداً من قانون اللوكسمبورغ الخاص بالعقود الائتمانية(5).

1- محمود مكية – مرجع ذاته – ص 12.
2- محمود مكية – مرجع ذاته – ص 13.
3- محمود مكية – كتاب الفائدة.
4- راجع ملحق رقم (1).
5- كلمة حاكم مصرف لبنان – مؤتمر “الندوة الدولية عن العمليات الائتمانية في لبنان” – فندق البستان – 1997.

 

وقد عرّفت المادة 2 من النظام الدوقي الصادر في 19/07/1983 العقد الائتماني بأنه عقد يتّفق بمقتضاه شخص المستأمن، مع مؤسسة تسليف، المؤتمن، بأن تعود لهذا الأخيرة بعض حقوق الأول المالية، أصول إئتمانية وتقيد ممارسة المؤسسة المؤتمنة لهذه الحقوق بإلتزامات، خصوم إئتمانية محددة في العقد الائتماني(1).

ولم يخرج المشترع اللبناني عن هذا التعريف اللوكسمبورغي فنصت المادة 3 من قانون رقم 526/96 معرفة العقد الائتماني بأنه عقد يولي بموجبه شخص طبيعي او معنوي، يدعى المنشئ شخصاً يدعى المؤتمن حق الادارة والتصرف، لأجل محدّد بحقوق أو بأموال منقولة تدعى الذمّة الائتمانية. وتعرف المادة 2 قانون العقود الائتمانية في فرنسا، العقد الائتماني بأنه العقد الذي ينقل بموجبه شخص أمواله أو حقوقاً عائدة له أو جزء منها الى شخص آخر كي يقوم هذا الأخير بتحقيق هدف معيّن لمصلحة الأول أو مستفيدين آخرين. كما تعرّف المادة 5 من القرار الإجرائي للقانون المصرفي الصادر في 17/05/1972 التوظيفات والتسهيلات الائتمانية بأنها تلك التي يجريها المصرف بإسمه لكن لحساب ولمصلحة عملية بالإستناد الى أمر خطّي ويتحمّل هذا الأخير مخاطر القطع والتحويل وعدم ملاءة المدين ويعود له جميع عائدة العملية الائتمانية ولا يتقاضى المصرف سوى عمولة على تدخّله.

ويعرّف الأستاذ إيف مونتفور عقد الائتمانية بأنها الإتّفاقية التي ينقل بموجبها شخص المستأمن، الى شخص آخر، المؤتمن، حقوقاً وقيَماً وأشياء مع تكليف هذا الأخير مهمة حفظ وإدارة هذه الأشياء لمصلحة المستأمن ووفقاً لتوجيهاته والإلتزام بردّها الى هذا الأخير عند نهاية العلاقة الائتمانية.

1- Un contrat fiduciaire au sens du présent règlement est un contrat par lequel une personne, le fiduciant convient avec un établissement de crédit, la fiduciaire, que le fiduciaire sera rendu titulaire de droits patrimoniaux, l’actif fiduciaire, mais que l’exercice de ces droits patrimoniaux sera limité par des obligations le passif fiduciaire déterminé par le contrat fiduciaire.

 

ويعرّف الأستاذ كلود فيتز الائتمانية بأنها التصرّف القانوني الذي يلتزم بموجبه شخص هو المؤتمن بعد صيرورته صاحب حق في الذمة المالية للمستأمن، بعدد من الإلتزامات يرد من بينها عادة التزام بنقل الحق المذكور، بعد مضي بعض الوقت، إما الى المستأمن أو لغيره (1).

ويعرّف الأستاذ دانيال غوغينهام التصرّف الائتماني، من وجهة نظر القانون المدني، بأنه التصرّف الذي ينقل شخص يُدعى المستأمن، الى شخص آخر يدعى المؤتمن، حقوقاً فيلتزم هذا الأخير بممارستها بإسمه الشخصي لكن وفقاً لتعليمات أو توجيهات المستأمن وبإعادتها الى هذا الأخير أو الى الغير عند إنتهاء العلاقة الائتمانية.

ويعرّف المعجم القانوني العقود الائتمانية بالعقد الذي يلتزم بموجبه مَن اكتسب علانية حقاً من الحقوق بإعادته الى من تفرّغ اليه عن هذا الحق عند تنفيذ المتفرّغ لإلتزاماته تجاهه. إن التعريفات المشار اليها تشترك في تحديدها للعقد الائتماني بأنه العقد الذي ينطوي على تسليم مال الى شخص ليقوم الأخير باستثماره لأجل معيّن باسمه الشخصي ولكن على مسؤولية من سلّمه المال ولمصلحته لقاء عمولة أو نسبة من الأرباح يستوفيها ويعيد المال الى مالكه مع الربح. وبعد أن قدّمنا التعريف بالعقود الائتمانية لا بدّ لنا من دراسة خصائصها وما يميّزها عن سائر العقود الشبيهة بها وذلك للوقوف على حقيقة العمل القانوني المستهدف بالعقوبة الجزائية المنصوص عنها في القانون رقم 520/96.

الفصل الثاني: خصائص العقود الائتمانية:
لا بدّ من استعراض خصائص العقود الائتمانية وما يميّزها عن سائر الأعمال القانونية الشبيهة بها، ذلك أن أحكام العقد الائتماني قد تتشابه مع أحكام عقود أخرى وقد تختلف عنها لذلك لا بدّ من التمييز بين العقد الائتماني وبعض هذه العقود.

1- La fiducie est l’acte juridique par lequel une personne, le fiduciaire, rendue titulaire d’un droit patrimonial, voit l’exercice de son droit limité par une série d’obligation, parmi lesquelles figure généralement celle de transformer le droit au bout d’une certain période soit au fiduciant soit à un tiers bénéficiaire.

 

أولاً: التمييز بين عقد الوديعة والعقد الائتماني:
عرفت المادة 690 من قانون الموجبات والعقود الوديعة بأنها عقد بمقتضاه يستلم الوديع من المودع شيئاً منقولاً ويلتزم حفظه وردّه. ولا يحق للوديع أجر ما على حفظ الوديعة الا إذا اتّفق الفريقان على العكس. ويظهر وجه التباين بين العقد الائتماني والوديعة بكون المودع لديه ملزم بحفظ الوديعة لإبقائها عى الحال التي عليها عند استلامها. وحفظ الوديعة بالأصل هو من الأعمال المادية التي يتوخى منها عدم تعريض الوديعة لأية مخاطر تعرّضها للضرر، وإذا اضطرّ المودع لديه لإجراء أية أعمال قانونية على الوديعة كبيعها مثلاً حتى لا تخسر قيمتها فالعبرة تكمن في الحفاظ عليها دون أن يكون ملزماً بتحقيق أيّة أرباح للمودع.

بينما في العقد الائتماني فإن المؤتمن ملزم باستثمار الذمة الائتمانية المودعة لديه لغاية تحقيق ربح معيّن للمنشئ. وعليه فإن موجب المؤتمن بحفظ الذمة الائتمانية هو موجب تبعي وليس أصلي وهذا ما يميّز الوديعة عن العقد الائتماني.

ثانياً: بيع الوفاء (أو البيع مع اشتراط حقّ الإسترداد):
عرفت المادة 473 من قانون الموجبات والعقود بيع الوفاء كما يلي: “إن البيع مع إشتراط حقّ الإسترداد أو البيع الوفائي هو الذي يلتزم فيه المشتري بعد البيع التام أن يعيد المبيع الى البائع مقابل ردّ الثمن، ويجوز أن يكون موضوع البيع الوفائي أشياء منقولة وغير منقولة”.

وفي بيع الوفاء تنقل ملكية ما الى شخص متعاقد مؤقتاً أو على سبيل الإعادة أو التسليم. ولكنه يبقى بيعاً معلقاً على شرط واقف، وعند الإعادة يكون المشتري ملزماً بإعادة المبيع والبائع ملزماً بردّ الثمن، بينما في العقد الائتماني لا يكون المنشئ ملزماً بردّ أي مبلغ الى المؤتمن الذي يبقى وحده ملزماً بردّ الذمة الائتمانية.

ثالثاً: عقد الليزنغ (الإيجار التمويلي):
نصت المادة 1 من القانون رقم 160/99 على ما يلي: “يقصد بعمليات الإيجار التمويلي، عمليات تأجير معدّات وآليات على أنواعها مشتراة من المؤجر بهدف تأجيرها، مع الإحتفاظ بملكتها، شرط إعطاء المستأجر حقّ تملكها لقاء ثمن متفق عليه تحدد شروطه عند إجراء العقد مع الأخذ بالإعتبار ولو جزئياً الأقساط المدفوعة كبدلات إيجار”.

والذي يفرق الائتمانية عن الليزنغ هو أن المنشئ في الأول يتفرغ عن حقه دون ضمان لتملّك المؤتمن ذلك الحق في حين أنه في الليزنغ يكتسب المؤتمن هذا الحق بالاعلان عن ارادته بالتملك وهنا يمكن الفرق بين العقدين.

رابعاً: عقد القرض:
قرض الاستهلاك عقد بمقتضاه يسلم أحد الفريقين الى الفريق الآخر نقوداً أو غيرها من المثليات بشرط أن يرد اليه المقترض في الأجل المتّفق عليه مقداراً يماثلها نوعاً وصفة. ولا تجب الفائدة في قرض الاستهلاك الا إذا نصّ عليها. غير أنه في العمل التجاري يعتبر أن الفائدة متّفق عليها صراحة أو ضمناً طالما أنه لا مجانية في الأعمال التجارية. ولكن في عقد القرض يصبح المبلغ المُقترض ملكاً للمقترض وتكون مخاطره عليه، والأمر بعكس ذلك في العقد الائتماني حيث تعاد الذمة الائتمانية مع نتائجها للمنشئ عند حلول الأجل، وتكون مخاطرها على المنشئ.

خامساً: عقد الشركة:
الشركة عقد متبادل بمقتضاه يشترك شخصان أو عدة أشخاص في شيء بقصد أن يقتسموا ما ينتج عنه من الربح. وتتمتع الشركة بشخصية معنوية مستقلة، ويكون لها رأس مال خاص بها يتألف من مقدمات الشركاء. ويكون عقد الشركة لمدة محددة أو غير محددة.

أما العقد الائتماني فينشأ، كالشركة، بين شخصين على الأقل هما المنشئ والمؤتمن. ويجب أن يكون العقد خطياً تحت طائلة البطلان المطلق، ويتّفق المتعاقدان في هذا العقد على تحديد عناصر الذمة الائتمانية ويتولى المؤتمن استثمارها وإدارتها أو التصرف فيها على مسؤولية المنشئ. ولكن هذا العقد لا يكون شخصاً معنوياً مستقلاً عن أشخاص المتعاقدين، كما لا تكوّن الذمة الائتمانية وعمل المؤتمن رأس مال مستقل، ولا يلتزم المتعاقدان بنتائج استثمار الشركة من ربح أو خسارة بل تكون نتائج الاستثمار للمنشئ وعلى مسؤولية من ربح أو خسر.

سادساً: عقد الاستخدام:
إجارة العمل أو الخدمة عقد يلتزم بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يجعل عمله رهين خدمة الفريق الآخر وتحت إدارته مقابل أجر يلتزم هذا الفريق أداءه له. ويقوم عقد الاستخدام على رابطة التبعية بين الأجير ورب العمل التي تولي هذا الأجير سلطة التوجيه والرقابة. وإلتزام رب العمل بالمخاطر الناشئة عن العمل وعن تنفيذ عقد العمل ويخضع عقد الاستخدام الى نصوص خاصة هي قانون العمل والضمان الاجتماعي. وتكون موجبات رب العمل دفع الأجر، أما الأجير فيلتزم بأداء العمل تحت إشراف رب العمل ومسؤوليته وبناءً على تعليماته، كما يلتزم بأداء العمل في الوقت المتفق عليه والشروط المتفق عليها وبكل عناية وإخلاص ومحافظة على سرّ المهنة وغيرها.

ويمكن وجه شبه عقد الاستخدام مع العقد الائتماني في كون المؤتمن يعمل لمصلحة المنشئ ويتقيد بالشروط وبالمدّة المتفق عليها. ولكن ليس ثمة رابطة تبعية بينهما.

سابعاً: عقد المقاولة:
عقد المقاولة أو إجارة الصناعة هو عقد يلتزم المرء بمقتضاه إتمام عمل معيّن لشخص آخر مقابل بدل مناسب لأهمية العمل. والعقد الذي بموجبه يلتزم صاحب حرفة أو مهنة حرّة تقديم خدماته للذين يتعاقدون معه. المقاول يمكنه أن يكون أي شخص طبيعي أو معنوي وكذلك صاحب العمل، وبذلك يختلف العقد الإئتماني عن عقد المقاولة، على اعتبار أن المؤتمن لا يكون الا شخصاً معنويا وبالتحديد مصرفاً أو مؤسسة مالية، كما أن موضوع العقد الائتماني يختلف عن موضوع المقاولة، لأن الأول خاص والثاني عام يشمل أعمالاً متنوعة كالصناعة أو تأدية الخدمات أو الأعمال المادية والفكرية.

ثامناً: الوكالة:
عرّفت المادة 769 من قانون الموجبات والعقود الوكالة بأنها: “عقد بقتضاه يفوض الموكل الى الوكيل القيام بقضية أو بعدة قضايا أو بإتمام عمل أو فعل أو جملة أعمال أو أفعال. وبشترط قبول الوكيل”.

والمادة 778 من القانون ذاته نصّت بأن الوكالة العامة، لا تجيز للوكيل سوى القيام بالأعمال الإدارية بينما الوكالة الخاصة تختص بحق التعرف. ويتشابه العقد الإئتماني بعقد الوكالة، من حيث أنه بموجبه يولي المنشئ ويقابله الموكل شخصاً آخر هو المؤتمن ويقابله الوكيل حق الادارة والتصرف بحقوق أو بأموال منقولة تدعى الذمة الائتمانية. فكأن العقد الائتماني، والحالة هذه نوع من الوكالة موضوعها الذمة الائتمانية سواء لجهة الادارة (الوكالة العامة) أو التصرف (الوكالة الخاصة)(1).

1- ابراهيم نجار، العقود الائتمانية – بيروت 1997 – ص 37.

 

وبذلك يتبين أن عقد الائتمان هو بمثابة عقد توكيل لأجل محدد يتناول حقوقاً أو أموالاً منقولة تدعى الذمة الائتمانية. والمشاهد في الواقع ان ادارة المحافظ المالية تتمّ عن طريق عقد الوكالة في النظم التي لا تتضمّن تشريعات خاصة بالعقود الائتمانية.

ويمكن الشبه أيضاً بين العقدين في كون المؤتمن يعمل لحساب المنشئ وعلى مسؤولية هذا الأخير بحسب المادة الرابعة من القانون 520/96. غير أن المؤتمن يعمل بإسمه وبالتالي ويمنع عليه الإفصاح عن اسم المنشئ واكتفى القانون بإجباره على التصريح عن صفته الائتمانية عند التعاقد مع الغير في حين انه في عقد الوكالة على الوكيل ان يعلن صفته كوكيل واثباتها، وهنا مكمن الفارق الجوهري بين العقدين.

الفصل الثالث: الطبيعة الحقيقية لعقد الائتمان:
لقد حاول المشترع اللبناني الحفاظ قدر الامكان على مبدأ وحدة الذمة المالية بالرغم من نصّه على استقلال الذمة الائتمانية وتدوينها خارج ميزانية المؤتمن مؤثّراً عدم إدخال نظام التراست وتفكيك حق الملكية في النظام القانوني اللبناني ككل، وبالتالي أبقى المشترع العقد الائتماني في منطقة ما بين عقد وكالة تطبق أحكامها في كل ما يخالف أحكام القانون 520/96، وعقد تراست أنكوساكسوني يفترض تفكيكاً لحق الملكية. وإذا نظرنا الى الذمة الائتمانية من زاوية المنشئ، يتّضح أنها تبقى مندرجة في ذمته المالية اعتباراً الى كون المؤتمن بمثابة الوكيل بالنظر الى وجوب تطبيق احكام الوكالة عند انتفاء النص، وبالتالي، ويكون لدائني المنشئ الحقوق الممنوحة لهم عليها عن طريق الدعوى غير المباشرة والدعوى البوليانية بوجه المؤتمن ونعتقد انه من العبر المتوخاة في شرط الكتابة المطلوب لصحّة العقد هو ضمان حقوق دائني المنشئ. ويعتبر جانب من الفقه أن قانون اللوكسمبورغ الممزوج مع القانون الفرنسي حول الائتمانية La Fiducie يؤمّن تغطية للقانون اللبناني كي لا يدخل نظام التراست في النظام اللبناني، فإنه يبقى من الواضح كلياً إن هذا النمط في التشريع غريب الى حدّ ما عن نظام السرية المصرفية وعن النظامين الفرنسي واالوكسمبورجوازي في آن معاً، إذ يكفي في لبنان، أن يكون للحساب الذي من خلاله يفتح عقد الائتمان حساباً مشتركاً لكي تضيع معالمه الى غير رجعة بالنسبة لعلاقات مالكي الحساب أو أحدهما مع الغير.

وأنه كان من الأفضل اعتماد نظرة واضحة وصريحة تقول بجواز إنشاء العقد الائتماني بمعناه الأنكلوسوكسوني تقتصر مفاعيله على الأموال المنقولة وتبقى قائمة بين الأحياء عوضاً عن الدخول في متاهات نظام مزيج من الوكالة والتراست والعقد غير المسمى في آن معاً. ويرى هذا الفقه انه سرعان ما سوف يتبيّن أن انتقال ملكية المال والذمة الائتمانية الى المؤتمن شخصياً، والمسؤول شخصياً في العمليات المالية الدولية عن الأوامر وفي الصفقات الآجلة، إنما هو من الضرورات مهما كان المشترع اللبناني حريصاً على استعمال نظام الوكالة. خصوصاً أن الخسارات في هكذا مواضيع قد تتكون بشكل سريع ومثير(1).

القسم الثاني: النظام القانوني للعقود الائتمانية:
من تعريف العقد الائتماني يتبيّن انه يتمّ عندما يقوم شخص طبيعي أو معنوي، يدّعي المنشئ بنقل أمواله الى مصرف أو أية مؤسسة مالية أخرى مرخصة من قبل مصرف لبنان ويسمّى المؤتمن بهدف تكليف ذلك المصرف أو تلك المؤسسة بإدارة تلك الأموال كما لو كانت أمواله الخاصة.

ويهمّنا في معرض هذه الدراسة الاشارة الى أن نص المادة 17 من القانون رقم 520/96 قد عاقب على مزاولة مهمة المؤتمن دون أن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في المادة 2 من هذا القانون، وبالتالي فإن دراسة النظام القانوني للعقود الائتمانية تكون لغاية التحقق من قانونية مهمة المؤتمن وفقاً لنص المادة 2 من القانون رقم 520/96 أي أن يكون مرخصاً له من قبل مصرف لبنان لمباشرة نشاطه كمؤتمن.

ومن هنا لا بدّ من الوقوف على المظاهر القانونية الدالة على أن العمل الحاصل بين الجاني والضحية هو عقداً إئتمانياً وليس عملاً قانونياً آخر. وقد تناولنا في الفصل الأول معايير تمييز العقد الائتماني عن غيره من العقود التي تتشابه معه، ويبقى أمامنا ودراسة عناصر العقد الائتماني وأركانه وشروطه الموضوعية الخاصة الدالة على وجوده، وعليه سنعالج أولاً الشروط الموضوعية العامة والخاصة للعقد الائتماني وندرس ثانياً أطراف العقد والشروط القانونية المفروض توافرها لديهم.

الفصل الأول: الشروط الموضوعية للعقد الائتماني:
لا بدّ من توافر الشروط الموضوعية العامة والشروط الخاصة التي حدّدها القانون 250/96. لنشأة العقود الائتمانية مع بأن قانون الموجبات والعقود يشكّل النص العام الذي يقتضي العودة اليه للتفسير والاسناد لجهة المبنى القانوني للعقود عموماً.

أولاً: الشروط الموضوعية العامة:
كغيره من العقود، يشترط لانعقاد العقد الائتماني توافر الشروط الموضوعية العامة(1) من ضرورة توافر الرضى السليم والسبب المباح والموضوع الممكن والمشروع.

أ- سلامة الرضى:
ويقتضي أن يكون الرضى موجوداً وسليماً فلا يعطى عن غلط أو تدليس أو خداع أو غبن، ومن ذلك أن يعلم المتعاقد أنه يسلّم المال للمصرف للقيام باستثمار معيّن وليس على سبيل الوديعة المصرفية، وأن يكون المصرف على بيان أن الوديعة التي استلمها هي ذمة إئتمانية والا كان الرضى مشوباً بعيب الغلط.

ب- السبب المباح:
ولا بدّ أن يكون سبب العقد الائتماني موجوداً ومباحاً فلا يخفي العقد الائتماني مثلاً عمليات تبييض للأموال أو تهرّب من الدائنين أو التحايل على تدابير قانونية مفروضة على المنشئ والاّ عدّ السبب غير مباح والعقد باطل تبعاً لذلك.

ج- الموضوع الممكن والمشروع:
ويجب أن يكون موضوع العقد الائتماني ممكناً ومشروعاً ومن ذلك عدم جواز أن يكون محور استثمار الذمة الائتمانية مثلاً المضاربة في مجال تهريب الأسلحة أو تجارة الممنوعات والاّ اعتبر الموضوع غير مشروعاً. وكذلك لا يمكن أن يكون موضوع الاستثمار غير ممكن على الوجه المادي أو القانوني ومن ذلك مثلاً البناء على الأملاك العامة أو زراعة بعض المنتجات التي لا تنمو في البيئة الطبيعية المحلية.

1- المادة 177 موجبات وعقود نصت على أنه لا مندوحة:
1- عن وجود الرضى فعلاً.
2- عن شموله لموضوع أو لعدة مواضيع.
3- عن وجود سبب يحمل عليه.
4- عن خلوه من بعض العيوب.
5- عن ثبوته، في بعض الأحوال، بشكل معين.

ثانياً: الشروط الموضوعية الخاصة:
نصت الفقرة الأولى من المادة (14) من القانون 520/96 على أنه يجب أن تكون جميع عقود الائتمان وتعديلاتها خطية وصريحة تحت طائلة البطلان المطلق كما نصّت المادة الثالثة من التعميم رقم 6349 الصادر عن مصرف لبنان على وجوب أن تجري عمليات الائتمان بالاستناد الى عقد خطّي وصريح ومحرّر من المنشئ. ان التعريفات الملحوظة للعقود الائتمانية في مختلف التشريعات المقارنة تشير الى ارتباط عناصر العقد الائتماني بالدور الذي يلعبه في الحياة الاقتصادية وفقاً للأنظمة الاقتصادية المعتمدة في الدول التي تنبّت هذا النوع من العقود، ومن المنظور اليه بعين الحذر هو آثار النشاط الائتماني على الاستثمارات التي من شأنها استقطاب المدخرات لدى الأفراد وبعض القطاعات الصناعية أو التجارية أو حتى المصرفية التي سوف تندرج في إطار هذا النوع من العقود ولا يمكن ترك مثل هذه التفاعلات دون توجيه من قبل الأجهزة المعينة بالسياسة الاقتصادية للبلاد وهذا ما يدعو المشترع الى إيجاد فسحة أو مدخل لهذه الأجهزة تستطيع من خلاله التوصّل الى ضمانة ما لعدم الخروج عن توجّهاتها، إذاً فالمسألة المطروحة هي تجاوز المصلحة المراد حمايتها في هذا النوع من العقود نطاق أطراف العقد وشمولها نطاقاً يتضمّن مصلحة تعلو على مصلحة أطراف العقد حيث نراها عبارة عن مكنة تركها المشترع لبعض الأجهزة الرقابية هدفها الحرص على دورة الاستثمار في البلاد وحركة الادخار العام.

بيد أن التساؤل المطروح هو عن طبيعة الفسحة وسبل إيجادها ضمن عناصر العقد وكيفية إحداث التوازن بين المصالح الاقتصادية الخاصة بأطراف العقد من ناحية ومراعاة مصلحة أطراف العقد. فمن ناحية أولى يقتضي التسليم بصحّة العقود المبنية على توازن المصالح بين أطرافها والمنشأة وفقاً للقواعد القانونية التي تنظّمها حيث تكون عناصر العقد خاضعة في وجودها بشكلٍ يمكّن الأطراف من تقدير مصالحهم من خلالها ويعبّرون عن ارادتهم فيها بشكلٍ سليم بحيث عادة ما يكون وجود الرضى المتبادل منشئاً للعقد ومنتجاً لمفاعيله وهذا ما يتيح الاستناد الى مجمل القواعد المعمول بها تكريساً لمبدأ سلطان الارادة بما في ذلك أسباب بطلان تلك العقود أو الأسباب التي تحول دون نشأتها أصلاً. أما من ناحية ثانية فإن تقدير مصلحة تتجاوز نطاق مصالح أطراف العقد فإنه سيضعف حتماً من دور ارادة المتعاقدين الأمر الذي يدعو الى تقدير أسباب البطلان أو موانع نشأة العقود من قبل مراجع مستقلّة بكيانها عن أطراف العقد مع ما يستتبع ذلك من تأثير على الدورة الاقتصادية والحاجة الى السرعة فيها لا سيما إذا كان العمل القانوني عملاً تجارياً ومن جهة أخرى فإن المصلحة العليا المراد حمايتها يجب أن تكون داخله وواضحة بعلم المتعاقدين وواجبة الاحترام من قبلهم تحت طائلة بطلان العقود التي عقدت تجاوزاً أو تجاهلاً لها.

وعليه فإن تخلّف الشكل الكتابي في العقود الائتمانية ليس حائلاً دون نشأة العقد مراعاةً لمقتضيات السرعة التي تمليها حركة النشاط التجاري ولكنه لا يسري ولا يكون صحيحاً دون أتباع الشكل الخطّي مراعاةً للرقابة المفروضة على النشاط الائتماني.

وصوفة القول أن الشكل الكتابي مطلوب لصحّة العقد وليس لنشأته وهذه النتيجة طبيعية ومتماهية مع نص المادة 17 من القانون رقم 520/96 التي عاقبت على مزاولة النشاط الائتماني من شخص غير مرخّص له من قبل مصرف لبنان وبالتالي فإن الرخصة من مصرف لبنان هي من أجل صحّة العقد وليس من أجل نشأته والاّ لو كانت الرخصة من أجل نشأة العقد لأصبح انتفاء الرخصة حائلاً دون وجود العقد وبالتالي حائلاً دون الشرط المسبق الواجب توافره للقول بوجود جرم المادة 17 المذكورة وبالتالي تصبح دون أيّ مفعول. وبالتالي فإن الشكل الكتابي يكون لازماً للإستحصال على الرخصة من مصرف لبنان وفقاً لطبيعة التعامل مع الأجهزة الحكومية ومن هنا العلاقة الجدلية بين الرخصة والشكل الكتابي والمتماهية مع تحليلاتنا والخلاصة التي توصّلنا إليها.

الفصل الثاني: أطراف العقد الائتماني:
تنص المادة الثالثة من القانون رقم 520/96 على أن: عقد الائتمان عقد يولي بموجبه شخص طبيعي أو معنوي، يدعى المنشئ شخصاً يدعى المؤتمن حق الادارة والتصرف، لأجل محدد، بحقوق أو بأموال منقولة تدعى الذمة الائتمانية. ومن هذا التعريف يتّضح أن أطراف العقد الائتماني هما بالأصل طرفين: المنشئ والمؤتمن غير أنه يمكن كذلك أن يكون ثمّة طرف ثالث هو المستفيد على ما سيصار تبيانه فيما يلي:

أولاً: المنشئ:
والمنشئ يمكن أن يكون شخصاً طبيعياً من أشخاص القانون الخاص ولا يكتسب المنشئ صفة التاجر عموماً باعتبار أن من يدير الذمة الائتمانية هو المؤتمن الذي يخفي هوية الشخص المنشئ ويعمل باسمه الشخصي. ويمكن أن يكون كذلك المنشئ شركة أو جمعية أو حتى شخص من أشخاص القانون العام كالدولة أو المؤسسة العامة أو البلدية.

ويشترط في المنشئ أهلية الأداء ويمكن للقيّم على أموال القاصر أن يكون منشئاً ولكن الأمر يحتاج الى إذن المحكمة المختصة باعتبار أن العقود الائتمانية هي من الأعمال التي تتراوح بين النفع والضرر.

ثانياً: المؤتمن:
المبدأ هو أن المؤتمن من الأشخاص المرخّص لهم بمزاولة الأعمال الائتمانية وهم المصارف والمؤسسات المالية. غير أن الإختلاف في الرأي كبير فيما خصّ الفئات الأخرى. والبعض إعتبر أن الشركات المالية المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 520/96 يحق لها حكماً مزاولة العمليات الائتمانية بصفة “مؤتمن”. حيث يرى البعض(1) إن حصر العمليات الائتمانية بالشركات المالية لا يأتلف مع نصّ القانون المذكور الذي يشير في المادة الثانية منه الى “المؤسسات المالية” وليس الى “الشركات المالية” بمعناها الواسع.

في حين أن البعض الآخر ونحن منه يرى أن العبرة في مزاولة الأعمال الائتمانية متاحة لأي مؤسسة تحصل على الترخيص من مصرف لبنان. ويمكن أن تكون من غير المؤسسات المالية كمكاتب المحاماة مثلاً، ذلك أن العمليات الائتمانية يمكن لها أن تشمل مواضيع ليست بتجارية كالتوظيف في مجالات التنمية الزراعية والصناعية والاستشفائية والأكاديمية وغيرها. الأمر الذي لا يتعارض وقانون تنظيم مهنة المحاماة تبعاً لانتفاء الصفة التجارية عن الأعمال المذكورة.

ثالثاً: المستفيد:
أما المستفيد فهو الشخص الذي يمكن أن تكون الذمة الائتمانية معقودة لحسابه لقاء عوض أو بدون عوض، أكان ذلك على سبيل الملكية، أو على سبيل الضمانة. ويمكن للمستفيد أن يكون المنشئ نفسه، وذلك عندما تقتضي مصلحة المنشئ أن يفصل بين ذمته المالية العامة وبين الذمة المتكونة من الذمة الائتمانية بالتخصيص. وكذلك يمكن أن يكون المستفيد يمكن المؤتمن نفسه، عندما يكون الهدف من حساب الائتمان تخصيص الذمة الائتمانية كضمانة. ويمكن أن يتم تحديد المستفيد يوم إنشاء الذمة الائتمانية، أو أن يتم تحديده لاحقاً بعد إنشاء الذمة الائتمانية ويمكن كذلك إبداله.

1- محمود مكية – العقود الائتمانية – دراسة مقدمة لمعهد الدروس القضائية – 1998 ص 23.

الفصل الثالث: موضوع العقود الائتمانية:
المبدأ هو أن الموضوع الحقيقي للعقود الائتمانية هو إنشاء ذمة إئتمانية لدى المؤتمن ولا تدخل في ذمته المالية، فيقوم بتوظيفها باسمه الشخصي ولكن لحساب ومصلحة المنشئ. وبالامكان تصوّر أي مجال للاستثمارات المشروعة محوراً لتوظيفات الذمة الائتمانية، ومن ذلك المضاربة في أسواق الأسهم المالي والبورصة أو في مجال الاقراض بالفوائد أو في التجارة أو الصناعة أو الزراعة والسياحة وأعمال البناء والتنمية وغيرها…

وقد حدد القانون 520/96 في الفقرة الثانية من المادة 14 منه الحدّ الأدنى لما يقتضي أن يتضمنه عقد الائتمان كذلك فعل القرار رقم 6349/96 (1) الصادر عن مصرف لبنان في مادته الثالثة ولا سيما:
1- الاشارة الصريحة بأن العقد الائتماني منظّم وفقاً لأحكام القانون رقم 520 تاريخ 06/06/1996.
2- اسم ومحل إقامة ومهنة المتعاقد والمستفيد.
3- تحديداً دقيقاً ومفصّلاً لعناصر الذمة الائتمانية.
4- مجالات التوظيف والاستثمار التي يجوز استعمال الذمة الائتمانية فيها.
5- طبيعة وحدود صلاحية المؤتمن في استعمال الذمة الائتمانية، مع الاشارة بشكل خاص ما إذا كانت تنحصر بالادارة أم بالتصرف أم تشمل الأمرين معاً، وما إذا كان التفويض عاماً ومطلقاً، أو خاصاً ومقيداً بشروط معينة.
6- تصريحاً مفصّلاً وواضحاً يبيّن بشكل محدّد ما إذا كان المتعاقد يفوض توظيف الذمة الائتمانية في مجالات يكون المؤتمن هو أي من أعضاء مجلس إدارته أو القائمين على تسيير أعماله شريكاً فيها أو له مصلحة فيها، بشكل مباشر أو غير مباشر.
7- أجل العقد.
8- مقدار عمولات المؤتمن وأجرته وجميع المصاريف الأخرى التي يمكن أن يستحقّها مع كيفية تحديدها وتسديدها.

1- راجع ملحق رقم 2.

وذلك تحديداً دقيقاً ومفصّلاً لكل عنصر من عناصر الذمة الائتمانية. (مبلغها، ماهيّتها، وجودها) أما تحديد عناصر الذمة الائتمانية، فهو ضروري لأجل توضيح مهمة المؤتمن ودرجة المخاطر التي يتقبّلها المنشئ، ومن الممكن التصوّر مثلاً أن يحدّد المنشئ:
– الأموال النقدية (رأس مال، عائدات…) والقيم المنقولة (أسهم، سندات، ألخ…).
– الحقوق المالية المنقولة الجارية على أموال عقارية (حق بملية تجارية، وكالات غير قابلة للعزل، ألخ…).
– تحديد مهمة وصلاحيات المؤتمن بشكل يوضح عند الإقتضاء أنها تتضمّن حق التصرف بالذمة المؤتمن عليها (بيعها بالبورصة، استبدالها، الشراء…) أو أنها تقصر على الادارة فقط، أو تشمل الأمرين معاً. وما إذا كان التفويض عاماً أو مطلقاً يمنح المؤتمن صلاحيات إتّخاذ ما يراه من قرارات لأجل التوظيفات دون مراجعة المنشئ على مسؤولية هذا الأخير أو خاصاً مقيّداً بشروط معيّنة.

وبعبارة مختصرة لا بدّ من تحديد:
– درجة المخاطر وما إذا كان المنشئ يريد الاستثمار استثماراً عادياً وبدون مضاربة.
– نسبة الخسارة الممكن تحمّلها قبل تصفية المراحل المالية.
– نوعية العمليات المرغوب فيها أو غير المرغوب فيها.

1- مجالات التوظيف والاستثمار التي يجوز استعمال الذمة الائتمانية فيها، كاختيار الاستثمار في صناديق الاستثمار الجماعية أو المضاربة في أسواق العملات والسلع الاستهلاكية أو المضاربة والتوظيف في الصفقات الآنية أو الآجلة الحقيقية أو المتناولة مؤشرات مالية.
2- تصريحاً مفصّلاً وواضحاً يبيّن بشكل محدّد ما إذا كان المتعاقد يفوض المؤتمن توظيف الذمة الائتمانية في مجالات يكون المؤتمن هو أو أي من أعضاء مجلس إرادته أو القائمين على تسيير أعماله شريكاً فيها أو له مصلحة فيها، بشكل مباشر أو غير مباشر، فالمصرف أو المؤسسة المالية قد يكون معنيّاً بالمشروعات الاستثمارية التي يتم توظيف مال المنشئ فيها، والمثال على ذلك هو شراء أسهم المصرف المؤتمن في البورصة، أو شراء سندات إيداع يعلن عنها في السوق المال.

كما أضافت المادة الرابعة من القرار 6349 ما يلي: “لا يجوز للمؤتمن أن يستعمل الذمم الائتمانية ضماناً لأي موجب شخصي بما في ذلك الاستحصال على أية تسليفات لحسابه الخاص”. وكذلك نصت المادة الرابعة من القرار 6349/96 على أنه لا يجوز للمؤتمن أن يستعمل الذمم الائتمانية ضماناً لأي موجب شخصيّ بما في ذلك الاستحصال على أيّة تسليفات لحسابه الخاص. وهذا الحظر ليس سوى تأكيداً على مبدأ استقلالية الذمة الائتمانية عن ذمة المؤتمن، وبالتالي لا يمكن للذمة الائتمانية أن توظّف كضمانة لمصلحة المؤتمن في موجباته الشخصية.

إن البيانات المفروضة الآنف ذكرها تمثّل في جوهرها ضوابطاً حمائية من شأنها تحفيز التعامل بالعقود الائتمانية فهي تتضمن الأسس التي تبين للمنشئ المسار الذي يسلكه ماله أثناء التوظيف في العقود الائتمانية بمواجهة مؤتمن على درجة من الامتهان.

وبعد استعراضنا للنظام القانوني للعقود الائتمانية المنشأة على الوجه القانوني لا بدّ من الحديث عن النظام القانوني للعمليات الائتمانية الناجمة عن المفاعيل الواقعية والفعلية لعقود إئتمانية لم تتّسم بالصحة وشابتها عيوب البطلان لا سيما مخالفة المادة 17 من القانون رقم 520/96 حيث نطاق العقوبة الجزائية، الأمر الذي نبحثه في القسم الثالث…

القسم الثالث: جرائم العقود الائتمانية:
يشكل النص الجزائي الخاص بالقانون رقم 520/96 في حقيقته ضمانة جزائية للعمليات الائتمانية التي يزاولها البعض استغلالاً منه لواقع رغبة جمهور المدخرين الذين يناءون عن التوظيف بالمصارف لأسباب عقائدية، فيلجون العمليات الائتمانية دون أية ضوابط أو رقابة خلا الثقة التي يوحيها لهم ذلم المؤتمن بفعل نجاحاته الظاهرية أو الحقيقية في عالم الأعمال، الاّ أن تلك الثقة ليست كافية من وجهة المشترع لضمان مدخرات ذلك الجمهور. ومن ناحية ثانية يمكن التساؤل عمّا إذا كان نص المادة 655 من قانون العقوبات الذي يعاقب على جريمة الاحتيال كافياً ويغني بذات الوقت عن نص المادة 17 المذكور أعلاه، طالما أنه يعاقب على الاستيلاء على الأموال بالمناورات الاحتيالية وأن استلام الأموال من الجمهور دون أي ضمانات والتذرّع بفقدانها نتيجة خسائر دو من قبيل المناورات الاحتيالية، وبالتالي يقتضي بفقدانها نتيجة خسائر هو من قبيل المناورات الاحتيالية، وبالتالي يقتضي الوقوف على ما يميّز جرائم العمليات الائتمانية عن المناورات الاحتيالية وتحديد أركانها بعد البحث بطبيعة هذا الجرم.

إن دراسة هذه الجرائم يقتضي تحديد ماهيتها في فصل أول وتسليط الضوء على أركانها في الفصل الثاني

الفصل الأول: ماهية جرائم العمليات الائتمانية:
تنص المادة 17 من قانون تطوير السوق المالية والعقود الائتمانية على أنه: يعاقب بالعقوبات المحددة في المادة 655 من قانون العقوبات كل شخص طبيعي أو معنوي يزاول مهمة المؤتمن دون أن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في المادة 2 من هذا القانون. وكل شخص يخالف أو يتدخل أو يشترك بمخالفة أحكام الفقرتين (ب) و (ج) من المادة 4 والفقرة (ب) من المادة 7 والمادة 8 والمادة 12 من هذا القانون.

وبالتالي فالعقوبة الجزائية تتقرّر بموجب هذا النص لكلّ من يزاول مهمة المؤتمن دون أن تتوفر فيه شروط المادة 2 من ذات القانون التي تنص عل: “يحق للمصارف وللمؤسسات المالي، وسائر المؤسسات المرخص لها من مصرف لبنان والمسجلة لديه، مزاولة العمليات الائتمانية وفقاً لأحكام هذا القانون. بمعنى أن العقوبة تطال من يزاول مهمة المؤتمن دون ترخيص من مصرف لبنان.

وتتقرّر كذلك العقوبة لمن يخالف أو يتدخل أو يتدخل أو يشترك بمخالفة أحكام الفقرتين (ب) و (ج) من المادة 4، وتنص الفقرة (ب) من المادة 4 على أنه: “يجب على المؤتمن أن يصرح عن صفته هذه لكل شخص ثالث يتعاقد معه بشأن أي عنصر من عناصر الذمة الائتمانية دون أن يفصح عن إسم المنشئ”.

والفقرة (ج) من المادة 4 المذكورة تنص على أنه: “يجب إشهار صفة المؤتمن من دون الافصاح عن إسم المنشئ أو اسم المستفيد عند التعاقد على عمليات تدخل ضمن الذمة الائتمانية ويفرض القانون نشرها أو تسجيلها”.

وتتقرر كذلك العقوبة بمخالفة الفقرة (ب) من المادة 7 التي تنص على أنه: “يلزم المؤتمن بقيد كل ذمة إئتمانية في محاسبته بشكل يميزها عن أي حساب وعن أية ذمة إئتمانية أخرى”. وتتقرر كذلك العقوبة بمخالفة المادة 8 التي تنص على أنه: “لا يحق للمؤتمن إستعمال الذمم الائتمانية ضماناً لأي موجب شخصي بما في ذلك الاستحصال على أية تسليفات لحسابه الخاص.

كما لا يحق للمؤتمن توظيف الذمم الائتمانية في مجالات مهما كانت طبيعتها. يكون المؤتمن شريكاً فيها بشكل مباشر أو غير مباشر أو له مصلحة فيها ما لم يكن ذلك موضوع تفويض خطي واضح ومسبق ومحدد من قبل المنشئ لصالح المؤتمن”.

وأخيراً تتقرر العقوبة أيضاً بمخالفة المادة 12 التي تنص على أنه: “تكون باطلة بطلاناً مطلقاً عقود الائتمان التي تخالف الانتظام العام أو التي تعقد على ذمم إئتمانية تتضمن أية أموال أو موجودات ناتجة عن عملية عوقب فاعلها بعقوبة جنائية أو جناحية”.

إن العقوبة المقررة في نص المادة 17 هي عقوبة جريمة الاحتيال المنصوص عنها في المادة 655 من قانون العقوبات. فالمادة 17 قد عاقبت على بطلان العقد الائتماني لمجرد مخالفته للانتظام العام. وبالتالي يسمى البطلان بحدّ ذاته ركناً مادياً لجرم يعاقب عليه القانون.

وإستناداً الى ما تقدّم، من ملاحظات أولية يتبدّى أن جرائم العقود الائتمانية قد شرّعت لحماية التعامل بالعقود الائتمانية وبالتالي فإن المصلحة المحمية جزائياً لا تخصّ أحد أطراف العقد دون الآخر وإنّما شرّعت كضابط لهذا النوع من التعاملات، وهذا ما يدخل العقوبة المقررة لهذا الجرم ضمن خانة قانون العقوبات الاقتصادية مع ما يستتبع ذلك من النتائج القانونية المترتبة على هذا التصنيف وهو ما سندرسه تباعاً.

أ- الحماية المقررة وفقاً لقانون العقوبات الاقتصادي:
يعرف الفقه(1) قانون العقوبات الاقتصادي بأنه مجموعة القواعد الجزائية التي تحمي المصالح الاقتصادية العليا للبلاد، وتتحدّد المصلحة المحمية فيه من خلال ارتباطها بالاقتصاد الوطني. ويكفي العودة الى ما أشار اليه حاكم مصرف لبنان عندما اعتبر انه يمكن للبنان أن يكون مركزاً مالياً إقليمياً، عندما يتّقن النشاط من خارج ميزانية المصارف من خلال إتقانه المعرفة في العقود الائتمانية(2).

1- عبود السراج – قانون العقوبات الاقتصادي – ص 14.
2- رياض سلامة – مرجع سابق – مؤتمر البستان 1994.

فتظهر بالتالي أهمية العقود الائتمانية على مستوى المصالح الاقتصادية العليا للبلاد استناداً الى التركيبة الاقتصادية للبنان وتبوّء القطاع المصرفي فيها مركزاً متقدماً(1).

قد توخّى من نص المادة 17 ضمان حسن التعامل بالعقود الائتمانية لإضفاء الطابع الجزائي على عدم إحترام الشروط القانونية والقواعد الناظمة للعقود الائتمانية، وهو ما سنبيّنه بالتفصيل عند البحث في أركانه. أما فائدة تصنيف جرائم العقود الائتمانية من ضمن قانون العقوبات الاقتصادي فتكمن في وجوب إضعاف الركن المعنوي في هذا النوع من الجرائم، فالجرائم الاقتصادية تتحقّق بمجرّد ظهور ماديات الجريمة الى حيّز الوجود. وعادةً ما يتبيّن من نص قانون العقوبات الاقتصادي أن محور التجريم هو مخالفة شكليات معيّنة أو مجرد حصول الواقعة المعاقب عليها دون أي اعتبار للدوافع أو النوايا الجرمية. وبالفعل هذا ما سيتبيّن معنا عند دراسة ماديات جرائم العقود الائتمانية في الفصل الثاني من هذا القسم الثالث.

ب- الجهة المناط بها الملاحقة:
ومن النتائج المترتبة أيضاً على طبيعة تصنيف جرائم العقود الائتمانية، يكون لهذه السلطات الحق بملاحقة المرتكبين بمجرد تحقّق المخالفة وتحريك دعوى الحقبوجههم، ذلك أن المتضرر الأول هو السياسة الاقتصادية للبلاد وتنفيذ تلك السياسة وعادةً ما تكون الدولة نفسها أو المؤسسة العامة ذات الصلة.

1- تُظهر معطيات السنوات العشرين الماضية 1990 – 2010 أن تمويل الاقتصاد، العام والخاص، في لبنان يكاد يقتصر على التسليفات المصرفية التي تخطّت نسبتها 15% من الناتج المحلي الاجمالي مقارنةً مع مصادر التمويل غير المصرفي المتمثلة بأسواق الأسهم (31%) وسندات الدين (28%). هذا في عام 2010، أما في مطلع التسعينات من القرن الماضي، فكانت النسب المقابلة للتسليفات المصرفية 96% من الناتج للقطاعين العام (33%) والخاص (63%)، منشور على موقع جمعية المصارف اللبنانية – http: //www.abl.org.lb – دخول تموز 2011.

أما وجود متضرر من الأفراد بنتيجة الجرائم المذكورة فذلك يوليه الحق بمراجعة الهيئات الادارية التي يبقى لها تقدير وجود الجرم وبالتالي تحريك دعوى الحق العام، فيقتصر دور المتضرر الشخصي على المطالبة بحقوقه الشخصية وفقاً للقواعد العامة للمسؤولية التقصيرية.

ويكون مصرف لبنان الجهة التي يمكن لها إجراء الرقابة على نشاط العمليات الائتمانية وله أيضاً صلاحية توقيع العقوبات الادارية بحق المخالفين، هذا فضلاً عن دوره في الملاحقة أمام القضاء الجزائي. وكذلك أناط القانون 520/96 الرقابة على العقود الائتمانية بلجنة الرقابة على المصارف المنشأة بالقانون رقم28/67.

الفصل الثاني: الأركان المادية لجرائم العقود الائتمانية:
بعد أن استعرضنا في الفصل الأول من هذا القسم النصوص الخاصة بجرائم العقود الائتمانية الواردة في المادة 17، سنقوم في هذا الفصل بشرحها وتفصيلها على النحو التالي:

أولاً: مزاولة مهمة المؤتمن دون ترخيص من مصرف لبنان:
يعاقب لبنان الاحتيال المنصوص عنها في المادة 655 من قانون العقوبات كل من يزاول مهمة المؤتمن دون ترخيص من مصرف لبنان، وتعتبر هذه الجريمة الأكثر شيوعاً في التعاملات المالية. وأكثر من يتعرض لها هو جمهور المدخرين الذي ينأى عن التعامل مع المصارف لأسباب دينية عقائدية، فيلجأ البعض الى تسليم المؤتمن لمدخراتهم لإستغلالها في مشاريع معينة لقاء أرباح محددة. وفي هذه الحالة يتحقق جرم المادة 17 بمجرد قبول المؤتمن للمدخرات واستلامها دون أن يكون حائزاً على ترخيص من مصرف لبنان. أما في حال كتم الأموال عن الجمهور فيلاحق الفاعل على أساس جرم الاحتيال متى اكتملت عناصره.

ثانياً: مخالفة موجب التصريح عن صفة المؤتمن وعدم الافصاح عن اسم المنشئ:
وينطوي هذا الجرم على عنصر مادي يتمثّل بموجب ملقى على عاتق المؤتمن بضرورة التصريح والاعلان عن صفته هذه التي تفيد أنه لا يتعاقد بموضوع الذمة الائتمانية بصفته الشخصية. وذلك لحماية الغير من التأثير على ارادتهم التي قد تعوّل على المكانة المالية للمؤتمن الذي عادةً ما يكون مصرفاً أو مؤسسة مالية كبيرة، فيقع الغير بالغلط لجهة الضمانات التي توحى بها مكانة المؤتمن المالية، في حين أن الذمة الائتمانية هي المعوّل عليها بالأصل وقيمتها هي الضمان الممنوح للدائن من الغير. ويمكن أن تكون العبرة ذاتها كامنة خلف موجب عدم الافصاح عن هوية المنشئ الذي يمكن أن يوحي بضمانة يتمتع بها المنشئ بكامل ذمته المالية في حين أن الضامن هو الذمة الائتمانية التي خصصها للعقد، باعتبار أن الأموال والقيم الموضوعة بتصرف المؤتمن تعد مستقلة تماماً عن ذمته المالية وتدوّن خارج ميزانيته(1).

ثالثاً: مخالفة المؤتمن لموجب قيد كل ذمة ائتمانية في محاسبته بشكل يميزها عن أي حساب وعن أي ذمة ائتمانية أخرى:
عاقبت المادة 17 من القانون رقم 520/96 على مخالفة الموجب الملحوظ في الفقرة ب من المادة 7 منه والقاضي بضرورة قيد الذمة الائتمانية خارج الميزانية الخاصة بالمؤتمن وتمييزها كذلك عن أية ذمة ائتمانية أخرى. وذلك لتكريس استقلال الذمة الائتمانية عن ذمة المؤتمن بالصورة التي توفّر السهولة في اجراء المحاسبة بشأنها من جهة وفصلها من جهة أخرى عن الذمة الائتمانية للمؤتمن واخراجها من الارتهان العام الممنوح لدائني المؤتمن. فضلاً عن أن قيد الذمم الائتمانية وتمييزها عن بعضها من شأنه منع التلاعب والمفاضلة بين منشئٍ وآخر خصوصاً متى كان موضوع الاستثمار مشتركاً بين عدة ذمم ائتمانية. والارتقاء بالضمانة الجزائية الممنوحة للمنشئ هي ميزة خاصة بالقانون اللبناني ولا يقابلها أي نص في التشريعات المقارنة.

رابعاً: مخالفة موجب عدم استقلال الذمم الائتمانية ضماناً لأي موجب شخصي:
إن مبدأ استقلال الذمة الائتمانية عن ذمة المؤتمن يجعل من الأخير حائزاً عرضياً لها، وللغاية المستمدة من العقد الائتماني والرامية الى تحقيق المنفعة الاقتصادية للمنشئ من العقد. وبالتالي قد يلجأ المؤتمن بمناسبة حيازته للذمة الائتمانية الى استعمالها ضماناً لموجب شخصي ملقى على عاتقه، ليتحقق بذلك الجرم المعاقب عليه في المادة 17 من القانون رقم 520/96. وهنا يكون استعمال الذمة الائتمانية حاصلاً دون علم المنشئ. وهذه الضمانة الجزائية وضعت لضمان حسن استعمال الذمة الائتمانية من قبل المؤتمن فإنه لا يحق له توظيف الذمم الائتمانية في أي مجالات مهما كانت طبيعتها يكون المؤتمن شريكاً فيها بشكل مباشر أو غير مباشر أو له مصلحة فيها ما لم يكن ذلك موضوع تفويض خطي واضح ومسبق ومحدد من قبل المنشئ لصالح المؤتمن.

خامساً: البطلان المطلق لعقود الائتمان التي تخالف الانتظام العام:
جاء المشترع في القانون رقم 520/96 ليجعل من بطلان العقد الائتماني مظهراً مادياً لجرم جزائي، وكأنه لم يكتف بالجزاء المدني. وذلك متى كان البطلان مطلقاً لمخالفة النظام العام. ونرى أن المشترع قد توخّى من تجريم بطلان العقود الائتمانية لمخالفتها النظام العام دون الحؤول دون ادخال الأموال الناجمة عن الجرائم في الدورة الاقتصادية.

1- سامي منصور ومروان كركبي – الأموال والحقوق العينية العقارية الأصلية – الطبعة الثانية – 1999 – ص 94.

 

وبالتالي فإن النظام العام بمفهوم المادة 17 هو ذلك الذي يضمن عدم استغلال مؤسسة العقود الائتمانية لتصريف أموال ناجمة عن جرائم جزائية عوقب فاعلها أم لم يعاقب، فالعبرة تكمن في مصدر المال وعما إذا كان متأتياً عن الركن المعنوي للجريمة الاقتصادية، وان المصلحة التي أقرّ باستحقاقها للحماية الجزائية يجب أن تحمى ليس فقط ضد الاعتداءات العمدية، وايضاً ضد الاعتداءات العائدة للإهمال أو عدم الاحتياط أو غيرها من صور الخطأ غير العمدي، فالرغبة في توفير عقاب رادع للجريمة الاقتصادية تقود الى الاكتفاء بالخطأ غير العمدي(1). وبالنتيجة فإن الركن المعنوي في جرائم العقود الائتمانية يتحقق بالعلم المفترض للنص العقابي لدى الفاعل وإتيان الفعل المعاقب عليه عن قصد كقاعدة عامة، غير ان الركن المعنوي يبقى قائماً حتى لو كان الخطأ غير مقصود وذلك بالنظر الى خصوصية العقوبات الاقتصادية التي يتوخى منها حماية مصلحة اقتصادية عليا للبلاد.

1- غسان رباح – شرح قانون العقوبات الاقتصادي – 2002 – ص 67.

 

خاتمة:
ليس خافياً مقدار الصعوبة التي يواجهها الباحث القانوني في المسائل المتعلقة بالعقود الائتمانية وذلك بالنظر الى ندرة المراجع المتصلة به. ومرد هذه الندرة هو حداثة القانون رقم 520/96 كما وحداثة القانون الفرنسي الناظم للعقود الائتمانية والصادر في العام 2008، هذا فضلاً عن عدم جهوزية المصارف اللبنانية لإطلاق التعامل بالعقود الائتمانية والتسويق لها على نحوٍ واسع والسبب الأساسي كما تبيّن لنا هو غياب الكوادر القانونية التي من شأنها توجيه العاملين في المصارف الى أسس التعامل السليم في هذه العقود. من هنا كان لا بدّ من اغناء هذا الموضوع بالأبحاث القانونية التي من شأنها توضيح الجوانب المتعلقة بالعقود الائتمانية وتوضيح حدود التعامل بها. ولعلّ أبرز هذه الجوانب هو ذلك المتعلّق بالحماية الجزائية المقررة للتعامل بالعقود الائتمانية والتي جعلت من المصارف وغيرها من المؤسسات المالية تسير ببطء وبحذرٍ شديد جزاء الخشية من نص المادة 17 من القانون رقم 520/96 الذي نص على عقوبات الاحتيال عن أفعال تدخل بصلب النشاط الائتماني.

فوجدنا في ذلك حافزاً لإلقاء الضوء على جرائم العقود الائتمانية وهدفنا الى إجلاء ما أمكن من المسائل المتعلقة بها. فعرضنا في القسم الأول التعريف بالعقود الائتمانية، بحيث كان لا بدّ من شرح مفصل لهذا العقد بما يميزه عن غيره من العقود، وفي القسم الثاني الى النظام القانوني للعقود الائتمانية وتحديد أطرافه ومفاعيله بالنظر لأهمية هذه النواحي على مستوى تطبيق النص الجزائي. ثم تناولنا في القسم الثالث الافعال المجرمة في المادة 17 من قانون تطوير السوق المالية والعقود الائتمانية وفهم أركان هذه الجرائم المتّسمة بالطابع الاقتصادي الذي يدرجها ضمن الافعال المجرّمة في المفهوم المعبّر عنه بقانون العقوبات الاقتصادي.

وبالخلاصة جاء هذا البحث للنقاش القانوني الذي يفني موضوع العقود الائتمانية ويؤسس كلية الاجتهاد خصوصاً وأن القضاء لم يتصدى بعد لجرائم العقود الائتمانية، واعتقادنا ان السبب في ذلك يعود الى انتفاء المقاربات العلمية والفقهية لهذا الموضوع، ونأمل بوضعه في دائرة الاهتمام العملي نظراً الى أهميته على اكثر من صعيد.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

المراجع باللغة العربية:
– نجار ابراهيم – العقود الائتمانية في لبنان – الجامعة اليسوعية 1997.
– مكية محمود – العقود الائتمانية – دراسة مقدمة لمعهد الدروس القضائية 1998.
– سلامة رياض – الندوة الدولية عن العمليات الائتمانية (مؤتمر علمي – لبنان 1997).
– شمبور توفيق – الائتمانية والادوات المالية الاسلامية (مؤتمر علمي – لبنان 1997).
– رباح غسان – شرح قانون العقوبات الاقتصادي – 2002.
– سامي منصور ومروان كركبي – الأموال والحقوق العينية العقارية الاصلية الطبعة الثانية – 1999.
– عاليه سمير – مجموعة اجتهادات عالية – المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع – 1992.
– قانون الموجبات والعقود اللبناني.
– قانون العقوبات اللبناني.
– قرار محكمة استئناف بيروت رقم 418، تاريخ 16/03/1968، كجلة العدل، 1968، ص 265.
– قرار محكمة التمييز اللبنانية المدنية، تاريخ 03/03/1971، النشرة القضائية لعام 1971، ص 145.
– المراجع باللغة الأجنبية:
– Claude Witz – la fiducie en droit privée Français – Paris Economica, 1981.

– المواقع الالكترونية:
– www.bltagi.com
– www.ab;.org.lb
– www.alkhaleej.ae

الملاحق: (ملحق رقم 1)

تطوير السوق المالية والعقود الائتمانية
قانون رقم 520 – صادر في 06/06/1996
أقر مجلس النواب،
وينشر رئيس الجمهورية القانون التالي نصه:
مادة وحيدة – صدق مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 6807 تاريخ 20 ايار 1995 المتعلق بالسوق المالية والعقود الائتمانية كما عدلته لجنتي المال والموازنة والادارة والعدل.
يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية.

بعبدا في 6 حزيران 1996
الامضاء الياس الهراوي

صدر عن رئيس الجمهورية
رئيس مجلس الوزراء
الامضاء: رفيق الحريري

رئيس مجلس الوزراء
الامضاء: رفيق الحريري

قانون تطوير السوق المالية والعقود الائتمانية:

المادة 1:
أ- يقصد بالشركات المالية المنصوص عليها ادارة الأموال المنقولة وادارة التوظيفات والاستثمارات والوساطة المالية وادارة القروض المشتركة وادارة صناديق التوظيف المشترك واصدار وترويج صكوك المديونيات بمختلف انواعها وعمليات اعادة شراء وبيع الادوات المالية والتسليف والاقراض بصورة مهنية على مختلف انواعه وغيرها من العمليات المرتبطة بها.
ب- يمارس مصرف لبنان تجاه الشركات المالية اللبنانية والاجنبية المنشأة او التي ستنشأ في لبنان والمنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة، ذات الصلاحيات التنظيمية، بما في ذلك منح الترخيص المنصوص عليه في المادتين 128 و 131 من قانون النقد والتسليف. والصلاحيات الرقابية وصلاحيات فرض الغرامات والعقوبات الادارية المخول بها قانوناً، هو أو الهيئات المنشأة لديه، تجاه المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الصرافة المسجلة لديه وفقاً للأصول.
ج- تخضع الشركات المالية المشار اليها في الفقرة (ب) اعلاه لرقابة لجنة الرقابة على المصارف المنشأة بالقانون رقم 28/67.

المادة 2:
يحق للمصارف وللمؤسسات المالية، وسائر المؤسسات المرخص لها من مصرف لبنان والمسجلة لديه، مزاولة العمليات الائتمانية وفقاً لأحكام هذا القانون.

المادة 3:
عقد الائتمان عقد يولي بموجبه شخص طبيعي أو معنوي، يدعى المنشئ شخصاً يدعى المؤتمن حق الادارة والتصرف، لأجل محدد، بحقوق أو بأموال منقولة تدعى الذمة الائتمانية.

المادة 4:
أ- يعمل المؤتمن باسمه وانما لحساب المنشئ وعلى مسؤولية هذا الأخير.
ب- يجب على المؤتمن ان يصرح عن صفته هذه لكل شخص ثالث يتعاقد معه بشأن اي عنصر من عناصر الذمة الائتمانية دون ان يفصح عن اسم المنشئ.
ج- يجب اشهار صفة المؤتمن من دون الافصاح عن اسم المنشئ او اسم المستفيد عند التعاقد على عمليات تدخل ضمن الذمة الائتمانية ويفرض القانون نشرها او تسجيلها.

المادة 5:
أ- يمكن تكوين الذمة الائتمانية لحساب شخص ثالث، يدعى المستفيد، لقاء عوض او من دونه على سبيل الملكية او على سبيل الضمانة.
ب- يمكن تحديد المستفيد بعد انشاء الذمة الائتمانية يمكن ابداله قبل ان يقبل الاستفادة منها.
ج- يمكن ان يكون المؤتمن هو نفسه المستفيد عندما تخصص الذمة الائتمانية كضمانة.

المادة 6:

تعاد، عند حلول الاجل، الذمة الائتمانية مع نتائجها للمنشئ او، عند الاقتضاء، للمستفيد شرط ان يكون المؤتمن قد استوفى جميع حقوقه من عمولات واجور ومصاريف وسواها.

المادة 7:
أ- تشكل الذمة الائتمانية كتلة مستقلة ضمن ذمة المؤتمن المالية وتدون خارج ميزانيته.
ب- يلزم المؤتمن بقيد كل ذمة ائتمانية في محاسبته بشكل يميزها عن اي حساب وعن اية ذمة ائتمانية اخرى.

المادة 8:
لا يحق للمؤتمن استعمال الذمم الائتمانية ضماناً لأي موجب شخصي بما في ذلك الاستحصال على اية تسليفات لحسابه الخاص.

كما لا يحق للمؤتمن توظيف الذمم الائتمانية في مجالات مهما كانت طبيعتها. يكون المؤتمن شريكاً فيها بشكل مباشر او غير مباشر او له مصلحة فيها ما لم يكن ذلك موضوع تفويض خطي واضح ومسبق ومحدد من قبل المنشئ لصالح المؤتمن.

المادة 9:
لا تقبل الذمم الائتمانية الحجز من قبل دائني المؤتمن ولا يحق لهم ممارسة أي حق بسبب أي موجب لا يتعلق بها مباشرة.

المادة 10:
تبقى الذمم الائتمانية خارجة عن كتلة اموال المؤتمن في حال اعلان توقفه عن الدفع او افلاسه ولا تطبق في شأنها احكام ومفاعيل توقف المؤتمن عن الدفع او افلاسه باستثناء اسقاط الاجل التعاقدي.

المادة 11:
ان اعلان افلاس او توقف المنشئ او المستفيد عن الدفع يسقط اجل الذمم الائتمانية ويدخلها ضمن موجوداته ما لم يكن المستفيد قد قبلها على سبيل الضمانة او لقاء عوض فتطبق عندئذ بشأنها احكام المادتين 507 و 508 من قانون التجارة، عند الاقتضاء.

المادة 12:
تكون باطلة بطلاناً مطلقاً عقود الائتمان التي تخالف الانتظام العام او التي تعقد على ذمم ائتمانية تتضمن اية اموال او موجودات ناتجة عن عملية عوقب فاعلها بعقوبة جنائية او جناحية.

المادة 13:
تخضع عقود الائتمان لأحكام عقود الوكالة في كل ما لا يخالف احكام هذا القانون.

المادة 14:
1- يجب ان تكون جميع عقود الائتمان وتعديلاتها خطية وصريحة تحت طائلة البطلان المطلق.
2- يجب ان تتضمن عقود الائتمان العناصر الآتية على الأقل:
– الاشارة الصريحة بأن العقد منظم وفقاً لأحكام هذا القانون.
– اسم ومحل اقامة ومهنة كل متعاقد وكل مستفيد.
– تحديد كل عنصر من عناصر الذمة الائتمانية.
– تحديد مهمة وصلاحيات المؤتمن بشكل يوضح، عند الاقتضاء انها تتضمن حق التصرف.
– تصريحاً مفصلاً وواضحاً يبين بشكل محدد ما اذا كان المنشئ يفوض المؤتمن توظيف الذمة الائتمانية في مجالات يكون فيها للمؤتمن مصلحة مباشرة او غير مباشرة.
– مقدار عمولات واجور ومصاريف المؤتمن وسواها او كيفية تحديدها واستيفائها.
– تحديد الأجل.

المادة 15:
يمكن ان تشكل عقود الائتمان وعقود ادارة الاموال لحساب الغير الموضوع الاساسي للمصارف والمؤسسات المالية المسجلة او التي ستسجل لدى مصرف لبنان.

المادة 16:

يخضع مصرف لبنان، بعد استطلاع رأي لجنة الرقابة على المصارف، انظمة تنفيذ هذا القانون لا سيما نظاماً خاصاً للترخيص للمؤسسات غي المصرفية وغير المالية المشار اليها في المادة الثانية من هذا القانون، للقيود الحسابية المتعلقة بالذمم المالية ونظاماً خاصاً يحدد العمليات التي يمكن ان تدخل ضمن الذمم الائتمانية والشروط التي يجب ان تتوفر في المؤتمن وله ان يعدل هذه الانظمة بالطريقة نفسها.

المادة 17:

يعاقب بالعقوبات المحددة في المادة 655 من قانون العقوبات كل شخص طبيعي او معنوي يزاول مهمة المؤتمن دون ان تتوفر فيه الشروط النصوص عليها في المادة 2 من هذا القانون. وكل شخص يخالف او يتدخل او يشترك بمخالفة احكام الفقرتين (ب) و (ج) من المادة 4 والفقرة (ب) من المادة 7 والمادة 8 والمادة 12 من هذا القانون.

المادة 18:
تطبق على العقود الائتمانية احكام مشروع القانون الموضوع موضع التنفيذ المرسوم الرقم 5439 تاريخ 20 ايلول 1982 وتعديلاته.
تعفى من جميع رسوم التسجيل جميع العقود الآيلة الى تنفيذ العقود الائتمانية عند حلول اجل العقد.

المادة 19:
يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية.

(ملحق رقم 2)
امكانية مباشرة العمليات الائتمانية واكتساب صفة المؤتمن للمصارف والمؤسسات المالية: قرار رقم 6349 – صادر في 24/10/1996:
ان حاكم مصرف لبنان، بناءً على قانون النقد والتسليف لا سيما المادتين 26 و 174 منه،
وبناءً على القانون رقم 520 تاريخ 06/06/1996، المتعلق بتطوير السوق المالية والعقود الائتمانية.
وبعد استطلاع رأي كل من لجنة الرقابة على المصارف وجمعية المصارف،
وبناءً على القرار المتخذ من الجلس المركزي في جلسته المنعقدة بتاريخ 23/10/1996.
يقرر ما يأتي:
المادة 1:
معدلة وفقاً للقرار رقم 7818 تاريخ 18/05/2001. يمكن لأي مصرف اومؤسسة مالية مسجلة لدى مصرف لبنان مباشرة العمليات الائتمانية واكتساب صفة المؤتمن اذا توافرت فيه الشروط التالية:
1- ان لا تقل الأموال الخاصة الأساسية عن 10 مليارات ل.ل. اذا كان مصرفاً وعن 5 مليارات ل.ل. اذا كان مؤسسة مالية.
نص البند (2) الملغى:
2- ان يكون قد وقع على الاتفاقية المعروفة باتفاقية الحذر والحيطة convention de diligence والمبرمة بين جمعية مصارف لبنان وعدد من المصارف العاملة في لبنان.
3- ان يكون قد خصص للعمليات الائتمانية جهازاً خاصاً مستقلاً يعمل وفق نظام ضبط داخلي وهيكلية ادارية محددة.

المادة 2:
معدلة وفقاً للقرار الوسيط رقم 8898 تاريخ 26/11/2004 بإضافة الفقرتين الأخيرتين.
لا يجوز ان تقل، في أي وقت من الاوقات، مجموعة الأموال الخاصة الاساسية لأي مصرف او مؤسسة مالية مسجلة لدى مصرف لبنان اكتسب صفة المؤتمن، عن نسبة 10% من مجموع الذمم الائتمانية المنشأة. استثناء لما ورد في الفقرة الأولى من هذه المادة يمكن الطلب من مصرف لبنان تخفيض هذه النسبة الى 5% في حال كانت الذمم الائتمانية منشأة اجراء عمليات تسنيد انتمائي.
تعتبر عمليات تسنيد ائتماني، بمفهوم هذه المادة، العمليات المالية المتمثلة بقيام “المنشئ” بوضع موجودات عائدة له (الذمة الائتمانية) بتصرف “المؤتمن”، وفقاً لأحكام القانون رقم 520 تاريخ 06/06/1996 المتعلق بتطوير السوق المالية والعقود الائتمانية، بهدف قيام هذا الأخير باصدار ادوات مالية والعقود الائتمانية، بهدف قيام هذا الأخير باصدار ادوات مالية مرتبطة بهذه الموجودات.

المادة 3:
ينبغي ان تجري عمليات الائتمان بالإستناد الى عقد خطي وصريح محرر مع المنشئ ومتضمن العناصر التالية على الأقل.
1- الاشارة الصريحة بأن العقد الائتماني منظم وفقاً لأحكام القانون رقم 520 تاريخ 06/06/1996.
2- اسم ومحل اقامة ومهنة المتعاقد والمستفيد.
3- تحديداً دقيقاً ومفصلاً لعناصر الذمة الائتمانية.
4- مجالات التوظيف والاستثمار التي يجوز استعمال الذمة الائتمانية فيها.
5- طبيعة وحدود صلاحية المؤتمن في استعمال الذمة الائتمانية، مع الاشارة بشكل خاص ما اذا كانت تحضر بالادارة او بالتصرف ام تشمل الامرين معاً، وما اذا كان التفويض عاماً، او خاصاً ومقيداً بشروط معينة.
6- تصريحاً مفصلاً وواضحاً يبين بشكل محدد ما اذا كان المتعاقد يفوض المؤتمن توظيف الذمة الائتمانية في مجالات يكون المؤتمن هو او اي من اعضاء مجلس ادارته او القائمين على تسيير اعماله شريكاً فيها او له مصلحة فيها، بشكل مباشر او غير مباشر.
7- اجل العقد.
8- مقدار عمولات المؤتمن واجرته وجميع المصاريف الاخرى التي يمكن ان يستحقها مع كيفية تحديدها وتسديدها.

المادة 4:
لا يجوز للمؤتمن ان يستعمل الذمم الائتمانية ضماناً لأي موجب شخصي بما فيى ذلك الاستحصال على اية تسليفات لحسابه الخاص.

المادة 5:
يتعين على الجهاز المولج بالعمليات الائتمانية اجراء هذه العمليات وفقاً لنظام ضبط داخلي يتضمن احكاماً تتعلق، بصورة خاصة، بالتالي:
1- تحديد مجالات التوظيف والاستثمار للأموال التي أوكل المؤتمن صلاحية اجراء العمليات الائتمانية بشأنها من قبل لجنة متخصصة.
2- مسك السجلات المحاسبية المتعلقة بالذمم الائتمانية للعملاء ككتلة مستقلة تدون خارج ميزانية المؤتمن، على ان تقيد كل ذمة ائتمانية اخرى، وعلى ان تظهر وضعية العميل ضمن الحسابات الجديدة، التي يتعين ادخالها الى التصميم المحاسبي للمصارف ىوالمؤسسات المالية في خارج الميزانية، والمبينة في لاملحق هذا القرار.
3- تزويد المنشئ او المستفيد، وفقاً للطرق المختارة من قبلهما، بكشوفات دورية عن العمليات المجراة وبالبيانات الحسابية العائدة لهذه العمليات.
4- تكليف شخص مسؤول غير معني بإدارة العمليات الائتمانية بإجراء مطابقة يومية لحركة الموجودات الائتمانية.
5- تحديد الموجودات الائتمانية المقدمة كضمانة الى المؤتمن.
6- عدم اجراء عمليات ائتمانية تخالف الانتظام العام او تخص ذمم ائتمانية تتضمن اموالاً او موجودات ناتجة عن عمليات عوقب فاعلها بعقوبة جنائية او جنحة.

المادة 6:
ينبغي على قسم التدقيق الداخلي لدى المؤتمن ان يتثبت من تقيد الجهاز المولج بالعمليات الائتمانية بالأسس المذكورة اعلاه المتعلقة بنظام الضبط الداخلي وتوزيع الصلاحيات في الجهاز كما وان يجري تدقيقاً دورياً على الذمم والموجودات الائتمانية وارسال طلبات تأييد للمصارف وللمؤسسات المالية وللوسطاء الماليين وغيرهم من المعنيين الذين يجري التعامل معهم.

المادة 7:
على مفوضي المراقبة لدى المصارف والمؤسسات المالية المؤتمنة اجراء التدقيق على الذمم الائتمانية وفقاً للأسس والاجراءات نفسها المطبقة على الحسابات المدرجة في الميزانيات، وعليهم الاشارة الى نتائج الاجراءات المطبقة في التقرير السنوي المفصل وفي التقرير السنوي حول نظامى الضبط الداخلي وفي تقرير المتابعة المنصوص عنه في تعميم لجنة الرقابة على المصارف الى مفوضي المراقبة رقم 21.

المادة 8:
يبلغ هذا القرار حيثما تدعو الحاجة، وينشر في الجريدة الرسمية.

المادة 9:
يعمل بهذا القرار فور تبليغه او نشره.
بيروت في 24 تشرين الأول 1996
حاكم مصرف لبنان

الفهرس

العقود الائتمانية

مقدمة تمهيدية:

· القسم الأول: مفهوم العقود الائتمانية.

– الفصل الأول: التعريف بالعقود الائتمانية.

– الفصل الثاني: خصائص العقود الائتمانية.

أولاً: التمييز بين عقد الوديعة والعقد الائتماني.

ثانياً: بيع الوفاء أو البيع مع اشتراط حق الاسترداد.

ثالثاً: عقد الليزنغ “الأجار التمويلي”.

رابعاً: عقد القرض.

خامساً: عقد الشركة.

سادساً: عقد الاستخدام.

سابعاً: عقد المقاولة.

ثامناً: عقد الوكالة.

– الفصل الثالث: الطبيعة الحقيقية لعقد الائتمان.

· القسم الثاني: النظام القانوني للعقود الائتمانية.

– الفصل الأول: الشروط الموضوعية للعقد الائتماني.

أولاً: الشروط الموضوعية العامة.

أ- سلامة الرضى.

ب- السبب المباح.

ج- الموضوع الممكن والمشروع.

ثانياً: الشروط الموضوعية الخاصة.

– الفصل الثاني: أطراف العقد الائتماني.

أولاً: المنشئ.

ثانياً: المؤتمن.

ثالثاً: المستفيد.

– الفصل الثالث: موضوع العقود الائتمانية.

· القسم الثالث: جرائم العقود الائتمانية.

– الفصل الاول: ماهية جرائم العمليات الائتمانية.

أولاً: الحماية المقررة وفقاً لقانون العقوبات.

ثانياً: الجهة المنط بها الملاحقة.

– الفصل الثاني: الاركان المادية لجرائم العقود الائتمانية.

أولاً: مزاولة مهمة المؤتمن دون ترخيص من مصرف لبنان.

ثانياً مخالفة موجب التصريح عن صفة المؤتمن وعدم الافصاح عن اسم المنشئ.

ثالثاً: مخالفة المؤتمن لموجب قيد كل ذمة ائتمانية في محاسبته بشكل يميزها عن اي حساب وعن اية ذمة ائتمانية اخرى.

رابعاً: مخالفة موجب عدم استعمال الذمم الائتمانية ضماناً لأي موجب شخصي.

خامساً: البطلان المطلق لعقود الائتمان التي تخالف النتظام العام.

– الفصل الثالث: الركن المعنوي لجرائم العقود الائتمانية.

الخاتمة.

بقلم الدكتور وسام غياض

أستاذ محاضر في كلية الحقوق والعلوم السياسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *