الإعفاء من عقوبة الرشوة وما يرتبه من آثار على الجرائم الأخرى المرتبطة بها

الإعفاء من عقوبة الرشوة وما يرتبه من آثار على الجرائم الأخرى المرتبطة بها.

من المعلوم أن المشرع اعفي في المادة 107 مكررا عقوبات الرأشى والوسيط في جريمة الرشوة من العقاب اذا ما أخبرا بالجريمة أو أعترفا بها. لحكمة حاصلها إثبات جريمة الرشوه علي الموظف المرتش وكشف اللثام عنها.

ولكن يدق الآمر حين ترتبط جريمة الرشوة بجريمة أخري كالاضرار العمدي بالمال العام أو التزوير أو الشروع في الاختلاس ارتباطا لا يقبل التجزئة ويعترف الرأشى بالرشوة فاعترافه هذا ولئن كان يعفيه من عقوبة الرشوة طبقا للمادة 107 مكرر عقوبات إلا أنه يقتضي التفصيل بشأن مدي إعفاءه من عقوبة الجرائم المرتبطة بالرشوه ارتباطا لا يقبل التجزئة؟

ولقد ذهبنا في هذا الصدد إلي التفرقة بين فروض ثلاثة :

أما الفرض الأول؛ أن تكون عقوبة الرشوة ذات وصف أخف وفي هذه الحالة فإن تحقق موجب الإعفاء في الرشوة لا يمنع من إنزال عقوبة الجريمة الأخري الأكثر شده لأن القاعده في الارتباط الذي لا يقبل التجزئة طبقا للمادة 32 عقوبات هو وجوب الاعتداء بالجريمة الأشد والحكم بعقوبتها دون غيرها.

والفرض الثاني؛ أن تكون عقوبة الرشوة مساويه لعقوبة الجريمة الأخري وفي هذه الحالة وطبقا لقضاء النقض لن توقع سوي عقوبة واحدة بغض النظر عن تحقق موجب الإعفاء في إحداهما ومن ثم فإن الموظف الذي يطلب لنفسه رشوة ويتوسط فى رشوة زميل له فإن اعترافه بالوساطة لا يحول دون عقابه علي الرشوة بحسبانه مرتش

(قضاء مستقر انظر علي سبيل المثال نقض 2005 /11/20 الطعن رقم 615510 لسنه 73 ق)

والفرض الثالت؛ اذا كانت عقوبة الرشوة ذات وصف أشد. هنا اضطرب قضاء النقض ففي حكم لها رأت أن تحقق موجب الإعفاء في الرشوة ذات الوصف الأشد لا ينسحب علي جريمة الاشتراك في الاختلاس ذات الوصف الإخف ولا يحول دون توقيع عقوبتها

(نقض 2003 /2/2 الطعن رقم 32866 لسنه 72 ق )

وفي حكم آخر ذهبت الي ان تحقق موجب الإعفاء في جريمة الرشوة ذات الوصف الأشد ينسحب بالضرورة علي جريمة دمغ المشغولات الذهبية بطريقة غير مشروعة ذات الوصف الاخف ويمنع من توقيع عقوبتها

(نقض 2003 /4 /23 الطعن رقم 30639 لسنه 72 ق )

والاتجاه الثاني هو الصحيح لأن أنصراف الإعفاء الي العقوبة الأشد يعني طبقا للمادة 32 عقوبات أن المتهم لا يتحمل سوي هذه العقوبة بحيث أن الحكم عليه بالعقوبة الاخف يصبح غير ممكن.

غير أنه طبقا لقضاء الهيئة العامة للمواد الجنائية فإنه لا محل لأعمال حكم المادة 32 عقوبات عند الإعفاء من العقاب في الجريمة الأشد (الرشوة )

(الهيئة العامة للمواد الجنائية 2009/4/14 الطعن رقم 43277 لسنه 77 ق ).

مما يعني لزوم توقيع عقوبة الجريمة المرتبطة بالرشوه رغم تحقق موجب الإعفاء في سائر الأحوال.

وهو قضاء محل نظر إذ أهمل حكم المادة 32 عقوبات في حين أن أعمال النص أولى من إهماله كما أن هذا القضاء من شأنه احجام الراش والوسيط عن الإعتراف بالرشوة مادام أنه ستوقع عليه عقوبة الجريمة الاخري المرتبطة بالرشوة مما يعطل نص الإعفاء ويفوت غرض الشارع في إماطة اللثام عن الرشوة واثباتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *