الحساب الجاري في ضوء قانون التجارة المصري
اعتبار الحساب جارياً مرده اتفاق طرفاه
” النص في المادتين 361/1 , 362 من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 يدل – وعلى ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية – على أن الحساب الجارى عقد يتفق بمقتضاه طرفان على أن يقيدا في حساب عن طريق مدفوعات متبادلة ومتداخلة الديون التى تنشأ عن العمليات التى تتم بينهما بحيث يستعيضان به عن تسوية هذه الديون تباعاً بتسوية واحدة تقع على الحساب عند قفله , فالحساب لا يعتبر جارياً إلا إذا كان مُعداً لقيد مدفوعات متبادلة أى من جهة طرفيه , والعبرة هى باستعداده قانوناً لاستقبال هذه المدفوعات ولو لم يحصل ذلك بالفعل بأن لم يقيد فيه سوى مدفوعات من أحد الجانبين دون الآخر ، ويجب أن تكون المدفوعات متداخلة , بمعنى ألا يعتبر حساباً جارياً الاتفاق على ألا تبدأ مدفوعات أحد الطرفين إلا حين تنتهى مدفوعات الطرف الآخر , بمعنى أنه يلزم أن تتخلل مدفوعات طرف مدفوعات الطرف الآخر , والعنصر الذى لا يقوم عقد الحساب الجارى بغيره هو قصد الطرفين إرجاء تسوية العمليات التى أنشأت المدفوعات إلى حين قفل الحساب بصفة نهائية أى تصفيته بمعنى انتهاء العمليات المتبادلة بين العميل والبنك وعدم الاستمرار فيها “.
قفل الحساب الجارى وأثره على استحقاق الرصيد
” المشرع قد خرج على الأصل العام بما نصت عليه المادة 370 من قانون التجارة سالف البيان من أن ” يستخرج رصيد الحساب الجارى عند قفله . ويكون دين الرصيد حالاَّ ما لم يتفق على غير ذلك أو كان بعض العمليات الواجب قيدها في الحساب لا يزال جارياً ، وكان من شأن قيدها تعديل مقدار الرصيد ، وفى هذه الحالة يكون دين الرصيد حالاَّ من اليوم التالى لآخر قيد تستلزمه تلك العمليات . ” والذى يدل – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون – على أنه متى قفل الحساب وجب استخراج الرصيد , ويكون دين الرصيد حالاً ما لم يتفق على غير ذلك , أو كان بعض العمليات الواجب قيدها في الحساب لا يزال جارياً تنفيذه وكان من شأن قيدها تعديل مقدار الرصيد , وهذه عملية تصفية الحساب , ويقتصر سير الحساب خلال فترة التصفية على انتقال المفردات من الجانب المؤجل إلى الجانب الحال دون استقبال مدفوعات , ومن ثم لا يكون دين الرصيد حالاً إلا من اليوم التالى لأخر قيد استلزمه تنفيذ تلك العمليات “.
أثر الاتفاق علي إعفاء البنك من إجراءات الرجوع علي المدين في الكمبيالات المحصلة ضمانا للتسهيلات الإئتمانية
” إذ كان الخبير المنتدب من هذه المحكمة قد خلص في تقريره إلى أن قيمة الكمبيالات التى ما زالت تحت يد البنك الطاعن والضامنة للتسهيلات الممنوحة للمطعون ضده تبلغ …… ، وأن جميع هذه الكمبيالات قد حل ميعاد استحقاقها وسقطت بالتقادم . وترى المحكمة أن الأوراق قد خلت من دليل يقينى على وجود كمبيالات أخرى لدى البنك خلاف ما تقدم ، لعدم تقديم حوافظ إيداع تلك الكمبيالات للتحقق من حقيقة ما قدم منها وحسم ما ثار من خلاف في هذا الشأن . ولما كان البنك الطاعن قد ترك الكمبيالات سالفة البيان حتى انقضت جميعها بالتقادم ، ولم يخطر المطعون ضده قبل ذلك حتى يتخذ ما يراه من إجراءات بشأنها للحفاظ على حقوقه الثابتة فيها ، فإن البنك لا يكون بذلك قد بذل العناية الواجبة في هذا الشأن ، دون أن ينال من ذلك الاتفاق في عقد فتح الاعتماد على إعفاء البنك من عمل البروتستو ومن رفع دعوى الرجوع على المدينين في الميعاد القانونى ، إذ أن الإعفاء مقصور على هذين الإجراءين وحدهما دون أن يمتد إلى التزام البنك باتخاذ ما يلزم من إجراءات للحفاظ على حقوق عميله لدى الغير وإخطاره بما لديه من أوراق تجارية أوشكت على التقادم قبل حلول أجل ذلك حتى يتخذ ما يراه بشأنها . وإذ لم يقم البنك بذلك وترك ما لديه من أوراق تجارية حتى تقادمت فإن ركن الخطأ يتوافر في حقه وتنعقد مسئوليته عما لحق المطعون ضده من ضرر بسبب ذلك وهو تعذر حصوله على حقوقه الثابتة في الأوراق التجارية سالفة البيان “.
رضائية عقد الحساب الجارى
” الحساب الجارى ينتهى بانتهاء العمليات المتبادلة بين العميل والبنك وعدم الاستمرار فيها وفقاً لما تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها إلا أن المشرع قد جعل العبرة بقفل الحساب– أى منع دخول مدفوعات جديدة فيه– إذ أكد رضائية عقد الحساب الجارى فأجاز قفله باتفاق طرفيه ولو كان محدد المدة وبإرادة أى منهما إذ لم تحدد له مدة على نحو ما ورد بنص المادة 369/1 , 2 من قانون التجارة “.
(الدوائر التجارية الطعن رقم 5884 /79 بتاريخ 24-5-2011)